|
|||
(406)
منها ، وبدون ذلك لا يكاد يصح ان يتعلق به الإرادة الفعلية من الآمر ، والمصالح والملاكات الكائنة في متعلقات التكاليف من هذا القبيل ، حيث إنها بنفسها لا تكون مقدورة للمكلف ، ولا كانت أيضا من قبيل المسببات التوليدية لفعل المكلف بحيث يصح ان تستند إليه كالقتل والاحراق « لعدم » كون الفعل الصادر من المكلف سببا توليديا لتلك الآثار بنحو العلية التامة أو الجزء الأخير منها حتى يصح بذلك وقوعها تحت إرادة الآمر وتكليفه ، وانما يكون ذلك من المقدمات الاعدادية المحضة لحصول الأثر ، فيتوسط بين الفعل الصادر عن الفاعل والأثر أمور اخر خارجة عن قدرة الفاعل كصيرورة الزرع سنبلا والبسر تمرا ، حيث إن الفعل الصادر من الفاعل لا يكون الا حرث الأرض ونثر البذر وهو بنفسه غير كاف في حصول السنبل ، بل يحتاج حصوله إلى مقدمات أخرى خارجه عن تحت قدرة الفاعل واختياره « وبذلك » لا يصلح شيء من المصالح والاغراض التي هي مناطات الاحكام لان يتعلق به إرادة الآمر وتكليفه ، بل ما يتعلق به الإرادة الفعلية حينئذ انما هي نفس الافعال الصادرة عن المكلف ، فيندفع الاشكال المزبور من رأسه في المركبات الارتباطية ( لان ) المأمور به فيها انما هي الافعال الصادرة عن المكلف ، دون الملاكات والمصالح والاغراض ، وانما هي من الدواعي والعلل التشريعية لإرادة الآمر ( بخلاف ) العناوين التوليدية لفعل المكلف ، فإنها من جهة كونها تحت قدرة المكلف واختياره ولو بالواسطة أمكن ان يتعلق الامر بتحصيلها ، ومع الاشتغال بتحصيلها ودوران محققها بين الأقل والأكثر لابد فيها من الاحتياط بالاتيان بالأكثر ( وفيه ما لا يخفى ) فان غاية ما يقتضيه البيان المزبور انما هو عدم وقوع المصالح والملاكات تحت الامر والتكليف بوجودها الطارد لجميع الاعدام من جهة خروجها كذلك عن تحت قدرة المكلف ، واختياره ( لا مطلقا ) حتى بحفظ وجودها من قبل الافعال الصادرة من المكلف ، فإنه بعد أن كان للأفعال الصادرة من المكلف دخل في حصول الملاكات ولو بنحو الاعداد المستتبع للانتفاء عند الانتفاء لا محيص من وقوعها بهذا المقدار تحت إرادة الآمر وتكليفه كما أوضحناه في مبحث مقدمة الواجب ، ومرجعه إلى ايجاب حفظ الغرض وسد باب عدمه من قبل ما يتمشى منه من المقدمات الاختيارية ( وعليه )
(407)
يتوجه الاشكال المزبور ، حيث يكفي هذا المقدار في المنع عن جريان البراءة عند الشك وتردد المأمور به بين الأقل والأكثر ، لان ما هو الموجب لعدم جريان البراءة في صورة الشك في حصول العنوان ، موجب لعدم جريانها عند الشك في حصول الملاك أيضا ( وتوهم ) عدم امكان تعلق الإرادة الآمرية بالاغراض وملاكات الاحكام رأسا حتى يحفظ وجودها من قبل المأمور به ، لان الإرادة الآمرية انما تتعلق بما يمكن ان تتعلق به الإرادة الفاعلية ، والآثار المترتبة على الأفعال الاختيارية انما تتعلق بها الإرادة الفاعلية إذا كان الفعل الاختياري علة تامة لحصولها أو جزء أخيرا منها ( وإذا ) لم يكن كذلك بان كان في البين واسطة غير اختيارية في ترتبها ، يستحيل تعلق الإرادة الفاعلية بنفس تلك الآثار ، فيستحيل تعلق الإرادة الآمرية بها أيضا ، بل لو كان هناك إرادة آمرية لابد وان تتعلق بالمقدمات الاختيارية ليس الا ( مدفوع ) بما ذكرناه من أن المستحيل انما هو تعلق الإرادة الفاعلية بوجود الأثر على الاطلاق الطارد لعدمه من جميع الجهات ( واما ) تعلق الإرادة الفاعلية بوجوده الطارد لعدمه من الجهة التي هي تحت اختياره فهو في غاية الامكان ونظائره كثيرة لا تحصى ( كما في ) الحجر الكبير المتوقف حركته على تحريك شخصين أو أزيد وكالبيع بمعنى اسم المصدر المتوقف على ايجاب البايع وقبول المشترى ( فإنه ) مع خروج وجوده الطارد لعدمه على الاطلاق عن حيز قدرة البايع واختياره ، يقصد البايع ويريد بانشاء ايجابه التوصل إلى وجود الملكية للمشتري في الخارج مع علمه بعدم كون ايجابه علة تامة لحصول الملكية ولا جزء أخيرا منها ( وكما ) انه يصحح ذلك ويقال ان مرجع قصده إلى التوصل إلى وجود الملكية في الخارج من قبل انشاء ايجابه الذي هو فعل اختياري له ويصحح بذلك أيضا صحة التكليف بايجاد ملكية شيء لزيد بمثل قوله ملك زيدا كذا وأوجد ملكية دارك لزيد ، بارجاع التكليف بايجاد الملكية لزيد في الخارج إلى ايجاب حفظ وجود الملكية من قبل ما يتمشى منه وسد باب عدمها من ناحية ايجابه ( كذلك ) في المقام حرفا بحرف ، فيتوجه الاشكال بان اشتغال العهدة بتحصيل ملاك الواجب وحفظ وجوده من قبل المردد بين الأقل والأكثر يقتضى الفراغ اليقيني عنه ، وبالاتيان بالأقل يشك في تحقق الحفظ المزبور فلابد من الاتيان بالأكثر تحصيلا
(408)
للقطع بالفراغ عما ثبت الاشتغال به في العهدة جزما ( فالأولى ) حينئذ في دفع الاشكال المزبور ان يقال ان حكم العقل بلزوم تحصيل الجزم بالفراغ تابع لمقدار ثبوت الاشتغال بالتكليف الفعلي بالغرض ، والمقدار الثابت من فعلية الإرادة بالنسبة إلى الملاك والغرض انما هو فعليتها بمقدار حفظه من قبل الأقل ( فان الطريق ) إلى استكشاف فعلية الإرادة بالنسبة إلى الملاكات والاغراض لا يكون الا الامر والبعث الفعلي نحو الافعال المحصلة لها ، وبالمقدار المعلوم من البعث الفعلي نحو الافعال الصادرة عن المكلف يستكشف فعلية الإرادة بحفظ الغرض من قبلها ، والا فليس الغرض بنفسه تحت خطاب مستقل كي يستكشف من اطلاقه فعلية الإرادة بالنسبة إلى الغرض أو حفظه على الاطلاق ( وحيث ) انه مع تردد المأمور به بين الأقل الأكثر لم يعلم الا التكليف بالأقل ، فلم يعلم فعلية الإرادة بحفظ الغرض أزيد مما علم ارادته من العمل ، ومعه لا ملزم للعقل بالاحتياط فيرجع إلى البراءة وقبح العقاب بلا بيان ( هذا ) كله في صورة دوران الامر بين الأقل والأكثر من جهة الشبهة الحكمية.
وأما إذا كان دوران الامر بين الأقل والأكثر الارتباطي في الشبهة الموضوعية ، فالذي يظهر من الشيخ ( قده ) هو القول بالاحتياط بارجاع الشبهة الموضوعية في الأقل والأكثر إلى ما يرجع إلى الشك في المحصل ( وتحقيق الكلام في ذلك ) هو ان الشبهة في المصداق ، تارة يكون من جهة الشك في اتصاف الموجود بعنوان الكبرى كالشك في اتصاف زيد بعنوان العالمية في مثال أكرم العالم ، وأخرى يكون من جهة الشك في وجود ما هو المتصف بعنوان الكبرى ( وعلى الأول ) تارة يكون الخطاب مبهما من جهة حدود موضوع الحكم بحيث يكون قابلا للانطباق على القليل والكثير كما في مثال أكرم العالم ، وأخرى يكون معينا من هذه الجهة بلا ابهام فيه من ناحية نفس الخطاب كما في الامر باكرام عشرة عالم وأمثاله ( فعلى الأول ) لا شبهة في أن الشك في المصداق موجب للترديد في مقدار إرادة المولى من حيث شمولها للمشكوك فيه وعدمه ( فإنه ) بعدما يختلف دائرة الحكم سعة وضيقا بازدياد افراد موضوعه ومتعلقه وقلتها في الخارج ، فلا محالة يكون الشك في اتصاف فرد بعنوان العالمية يستتبع الشك في (409)
الحكم وضيقه من ناحية نفس الخطاب ( فإذا ) علم بمقدار من افراد العلماء وشك في عالمية زيد فالاكرام الواجب في قوله أكرم العلماء يتردد بين الأقل والأكثر ( ويكون ) المرجع في مثله هي البراءة عن وجوب اكرامه ( من غير فرق ) في ذلك بين ان يكون لحاظ العلماء في قوله أكرم العلماء على نحو العام الاستغراقي أو على نحو العام المجموعي ( فإنه ) على كل تقدير يرجع الشك في الموضوع الخارجي في اتصافه بعنوان موضوع الكبرى إلى الشك في سعة الحكم وضيقه من ناحية الخطاب ( غايته ) انه في الأول تكون الشبهة من الأقل والأكثر الاستقلالي ، وفى الثاني من الأقل والأكثر الارتباطي مع كون منشأ الشبهة في الصورتين هي الأمور الخارجية ( ولكن الظاهر ) هو خروج هذا الفرض من الشبهة في المصداق عن فرض كلام الشيخ قده سره ( فان ) محط كلامه على ما يظهر من تمثيله ببين الهلالين والشك في المحقق انما هي صورة تعين مقدار دائرة الحكم من ناحية نفس الخطاب بحيث كان الشك في وجوب الأقل والأكثر ممحضا بكونه في عالم التطبيق ليس الا بلا ابهام في ناحية دليل الكبرى ، فينحصر فرضه حينئذ بمثل
الامر باكرام عشرة مساكين ونحوه مما لا ترديد في مقدار الإرادة من جهة نفس الخطاب ( والا ) فلا وجه لعدم تمثيله لفرض تردد الواجب بين الأقل والأكثر لأجل الشبهة في المصداق بنحو ما ذكرناه من الأمثلة الواضحة وتمثيله له بمثل بين الهلالين والشك في المحقق الذين لا يخلوان عن المناقشة أيضا كما ستطلع عليها فإنه ـ من البعيد جدا خفاء ذلك على أصاغر الطلبة فضلا عن مثل الشيخ ـ قده ـ الذي هو أستاذ هذا الفن ، فلا ينبغي حينئذ نسبة الغفلة عن ذلك أو تخيل عدم امكان فرض الشبهة الموضوعية في الأقل والأكثر إلى مثله ( قده ) فإنه إساءة للأدب وجفاء عليه « قده » « واما على الثاني » وهو فرض كون الشك في وجوب الأقل والأكثر ممحضا من جهة التطبيق واتصاف الموضوع الخارجي بعنوان موضوع الحكم مع تبين حدوده المأخوذة في موضوع الكبرى وتعين مقدار الإرادة من ناحية نفس الخطاب بلا ابهام فيه من طرف الزيادة نظير عنوان عشرة مساكين أو العلماء في قوله أكرم عشرة مساكين أو العلماء ( فيشكل ) فرض تردد التكلف بين الأقل والأكثر لأجل الشبهة في المصداق ، بل الظاهر عدم
(410)
تصوره ( لان ) الشبهة المصداقية لعنوان العشرة مثلا ، اما ان يكون مع انحصار الامر بالمشكوك عالميته والتسعة الأخرى ، أولا مع الانحصار بذلك ، وعلى التقديرين لا مجال لتصور تردد التكليف بين الأقل والأكثر « وذلك » على الأول ظاهر ، فإنه مع الانحصار بالمشكوك عالميته يشك في القدرة على الاكرام العشرة لأجل الشك في تحقق موضوع الحكم ، فيشك في أصل التكليف بالاكرام ، فلا يتصور حينئذ أقل معلوم الوجوب وأكثر مشكوك ( وعلى الثاني ) وان أمكن تصور الشك في الأقل والأكثر من هذه الجهة ، الا ان المشكوك حينئذ طرف الشك في الايجاب التخييري في مقام الامتثال لا الوجوب التعييني ومثله خارج عن فرض البحث في الأقل والأكثر ، فان فرض الكلام فيه انما هو الشك في وجوب المشكوك فيه بالوجوب التعييني « وكذلك » الكلام في الشبهة الموضوعية لأجل الشك في وجود ما اتصف بعنوان موضوع الكبرى ، فإنه مع الشك في أصل الوجود لا يكون في البين أقل معلوم الوجوب وأكثر مشكوكه ومع الاتيان بمقدار من المأمور به والشك في وجود بقية الاجزاء واتيانه في الخارج لا يكون الأقل معلوم الوجوب بل حينئذ يقطع بسقوطه وكان الشك في سقوطه عن البقية « واما » ما أورده الشيخ « قده » من المثالين ، فالأول منهما وهو بين الهلالين يكون مبهما من حيث الحد نظير كلي العالم في قوله أكرم العالم ، حيث يكون مرجع الشك في كونه ثلاثين أو أقل إلى الشك في سعة دائرة الحكم وضيقه في قوله صم بين الهلالين والمرجع فيه عند عدم قيام دليل في البين أو أصل محرز يقتضي وجوب الصيام هي البراءة ( واما الثاني ) وهو الشك في المحقق ، فبالنسبة إلى السبب تكون الشبهة حكمية لا موضوعية ، وبالنسبة إلى المسبب تكون الشبهة موضوعية لأمر بسيط ، ولا تردد فيه بين الأقل والأكثر الا إذا كان الامر البسيط مما له مراتب متفاوتة بالشدة والضعف كالنور مثلا ( ولكن ) الشبهة حينئذ ترجع إلى كونها حكمية بالنسبة إلى المأمور به لا موضوعية * فعلى كل حال » لا يتصور في هذه المقامات الشك في وجوب الأقل والأكثر من جهة مجرد الشك في المصداق زائدا على الشك من ناحية الكبرى ، ـ وبهذه الجهة ـ ارجع الشيخ « قده » الشبهة الموضوعية في الأقل والأكثر الارتباطي إلى ما يرجع إلى الشك في المحصل فتدبر
(411)
بقى الكلام في حكم الشك في القواطع والموانع ( وتحقيق الكلام ) في ذلك يستدعى تمهيد مقدمة لبيان المائز بين القاطع والمانع ـ فنقول ـ الظاهر أن مرجع كون الشيء قاطعا في المركبات الاعتبارية انما هو إلى كونه بوجوده مفنيا لما هو الشرط المأخوذ في المركب المأمور به وهو الجزء الصوري المعبر عنه بالهيئة الاتصالية ، الحادثة بالتكبيرة والمستمرة إلى آخر التسليمة من غير أن يكون لعدمه دخل في المأمور به * فان « معنى القطع عبارة عن الفصل الذي هو نقيض الوصل أو ضده ، ولا يصدق ذلك الا إذا كان للمركب جزء صوري وهيئة إتصالية لها دخل في ملاك المركب ( والا ) فبدونه لا مجال لتصوير كون الشيء قاطعا للمأمور به ولا للنهي عن ايجاده بعنوانه الخاص ( وهذا بخلاف المانع ) فان مرجع مانعيته إلى قيدية عدمه للمأمور به قبال الشرائط الراجعة إلى دخل وجودها في المأمور به ( وحينئذ ) فالمانع والقاطع وان كانا يشتركان في الاخلال بالمأمور به ، الا ان المايز بينهما هو ان في المانع يكون حيث التقيد بعدمه مأخوذ في المأمور به ، وكان له دخل في في ملاكه بخلاف القاطع فإنه ليس مما لعدمه دخل في المأمور به وانما هو مفني لما هو المعتبر فيه وهو الجزء الصوري المعبر عنه بالهيئة الاتصالية هذا ( وقد يفرق ) بينهما بوجه آخر وهو جعل المانع عبارة عما يمنع وجوده عن صحة المأمور به إذا وقع في خصوص حال الاشتغال بالاجزاء والقاطع عبارة عما يمنع وجوده عن صحته عند وقوعه في أثناء المأمور به مطلقا حتى في حال السكونات المتخللة بين الاجزاء « ولكن فيه نظر » فإنه كما يمكن ثبوتا كون المانع مانعا عن صحة المأمور به في خصوص حال الاشتغال بالاجزاء ( كذلك ) يمكن كونه مانعا عن الصحة مطلقا حتى في حال السكونات المتخللة في البين كما * ان الامر * في طرف القاطع كذلك * حيث * يتصور فيه ثبوتا كونه قاطعا مطلقا أو في خصوص حال الاشتغال بالاجزاء ، لأنه تابع كيفية اعتبار الشارع إياه * واما في مقام الاثبات فيحتاج استفادة كل من الاعتبارين في كل من المانع والقاطع إلى قيام الدليل عليه ، ويختلف ذلك باختلاف كيفية لسان الأدلة الواردة في باب القواطع والموانع ولا يبعد استفادة المانعية والقاطعية المطلقة مما ورد بلسان النهى عن ايقاع شيء في الصلاة بنحو جعل الصلاة ظرفا لعدم وقوع المانع أو القاطع فيها
(412)
لولا مزاحمة الجهات الاخر المقتضية بالتخصيص المانعية أو القاطعية بحال الاشتغال بالاجزاء ( ومع الشك ) وعدم استفادة أحد الامرين من الأدلة ، يندرج في الأقل والأكثر ، فان المتيقن من المانعية أو القاطعية حينئذ انما هو في خصوص حال الاشتغال بالاجزاء والمرجع في الزائد هي أصالة العدم ( ثم انه بعدما ظهر ) ثبوتا وجه الفرق بين المانع والقاطع من رجوع القاطع إلى كونه قاطعا للجزء الصوري والهيئة الاتصالية القائمة بمواد الاجزاء من غير أن يكون لعدمه دخل في المأمور به وفى حصول الملاك والمصلحة ، بخلاف المانع فان مرجعه إلى دخل عدمه في ملاك المطلوب ومصلحته ( يبقى الكلام ) في مقام الاثبات في أن للمركبات الاعتبارية جزء صوري يكون له دخل في المأمور به وراء مواد الاجزاء الخارجية أم لا ( ولكن الظاهر ) عدمه ، لانتفاء الدليل عليه بالخصوص في المركبات المعهودة كالحج والوضوء والصلاة ونحوها ( فان ) غاية ما يقتضيه دليل المركب في كل واحد منها انما هو كونه عبارة عن عدة أمور معهودة متباينة في الوجود ، واما ان لهذه المركبات جزء صوري آخر قائم بمواد الاجزاء الخارجية فيحتاج ثبوته فيها إلى قيام دليل عليه بالخصوص ( نعم ) في خصوص الصلاة يستفاد من التعبير بعنوان القاطع في بعض النواهي الواردة في باب القواطع ان لها وراء الاجزاء الخارجية جزء صوري آخر قائم بمواد الاجزاء من جهة ملازمة مثل هذا العنوان مع اعتبار هيئة إتصالية وجزء صوري قائم بمواد الاجزاء يكون هو المطلوب ( واما توهم ) المنع عن ثبوت ذلك حتى في باب الصلاة نظرا إلى دعوى انه لا يكون في الأدلة الا النهي الغيري عن عدة أمور كالالتفات إلى الوراء ونحوه ولا يدل مثله على أن وراء الاجزاء الخارجية امر وجودي آخر يسمى بالجزء الصوري لامكان ان يكون النهى عنها من جهة كونها مانعا قد اعتبر عدمها في الصلاة ( فمدفوع ) بأنه كذلك لولا تعنون تلك النواهي بعنوان القاطعية « واما مع تعنونها » بذلك فلا محالة بعد امكان وجود الجزء الصوري لها ثبوتا يكشف مثلها عن أن للصلاة هيئة إتصالية وجزء صوري قد اعتبرها الشارع فيها ، لما ذكرنا من ملازمة العنوان المزبور المأخوذ في حيز تلك النواهي مع اعتبار الهيئة الاتصالية في الاجزاء الخارجية ، وبذلك يستكشف أيضا عن
(413)
تعلق الطلب والبعث بالجزء الصوري على نحو تعلقه بالاجزاء الخارجية ، وان النهي عن ايجاد القاطع في الأثناء انما هو لأجل النهى عن قطع الهيئة الاتصالية الذي هو عين النهى عن نقيض الاتصال المطلوب ، لا ان ذلك لخصوصية فيه أوجبت النهى عنه « وحينئذ » فما عن بعض من المنع عن تعلق الطلب بالجزء الصوري المستكشف من النواهي الواردة في باب القواطع * منظور فيه * فإنه مع الاعتراف بكشف تلك النواهي عن وجود جزء صوري للصلاة لا محيص من كونه متعلقا للطلب أيضا ، ومعه لا يكون النهى عن ايجاد القاطع الا من جهة كونه علة لرفع الجزء الصوري والهيئة الاتصالية المعتبرة في المطلوب ، لا من جهة تقيد المأمور به بعدم نفسه كي يحتاج إلى رفع الشك عن جهة نفسه في مقام الحكم بالصحة كما هو ظاهر ـ وبعد ما عرفت ـ ذلك نقول ان الشك في القاطع يتصور على وجوده ـ فإنه ـ تارة يكون الشك فيه من جهة دوران المشكوك بين القاطع والمانع وهذا اما مع العلم بعدم خلوه في الواقع منهما ، واما لا مع العلم بذلك ، بل مع احتمال عدم كونه منهما ـ وأخرى ـ يكون من جهة الشك في أصل اعتبار الجزء الصوري للمأمور به شرعا مع القطع بأنه لو كان له جزء صوري لكان ذلك قاطعا بلا كلام ـ وثالثه ـ يكون من جهة الشك في كونه مصداقا للقاطع كالشك في كون التبسم مصداقا للضحك واما حكمها ـ ففي الصورة الأولى لا اشكال في وجوب التحرز عن المشكوك ـ لأنه ـ مع دورانه بين القاطع والمانع يقطع بكونه مضرا بصحة المأمور به ، اما لكونه مانعا قد اعتبر عدمه قيدا للمأمور به ، واما لكونه رافعا للجزء الصوري المعتبر فيه ـ من دون فرق ـ في ذلك بين احراز وجود الجزء الصوري للمأمور به وعدمه ـ وذلك ـ على الأول ظاهر ، وكذلك على الثاني ،
فإنه وان كان الشك بالنسبة إلى الجزء الصوري من الأقل والأكثر ، الا انه مع العلم بتعلق النهي عن ايجاد مشكوك المانعية والقاطعية ولزوم الاحتراز عن المعلوم المردد بينهما ، لا مجال لجريان البراءة عنه لعدم ترتب سعة على جريانها حينئذ بعد العلم بلزوم التحرز عن المشكوك ـ واما في الصورة الثانية ـ وهي صورة دوران المشكوك بين القاطع والمانع بالشبهة البدوية ، فمع الشك في اعتبار الجزء الصوري للمأمور به لا اشكال في جريان البراءة لرجوع الشك المزبور حينئذ بالنسبة إلى
(414)
كل واحد من جزئية الهيئة الاتصالية وقيدية عدم المشكوك فيه للمأمور به إلى الأقل والأكثر ، بل وكذلك الامر مع احراز الجزء الصوري للمأمور به ، فإنه بالنسبة إلى احتمال المانعية ترجع الشبهة إلى الأقل والأكثر ، فتجري فيها البراءة ، وبالنسبة إلى احتمال القاطعية يرجع إلى استصحاب بقاء الهيئة الاتصالية ( وهكذا الكلام ) في الصورة الثالثة والرابعة ، فإنه في الصورة الثالثة تكون الشبهة بالنسبة إلى اعتبار جزئية الهيئة الاتصالية من صغريات الأقل والأكثر الجاري فيها البراءة ( وفى الصورة ) الرابعة التي تكون الشك فيها في كون المشكوك قاطعا من جهة الشبهة الحكمية أو الموضوعية يكون المرجع فيها استصحاب بقاء الجزء الصوري والهيئة الاتصالية ، فإنه بعد ما لا يجرى الأصل في السبب الذي هو مشكوك القاطعية ، اما لعدم احراز الحالة السابقة فيه أو لعدم اجدائه لرفع الشك عن مسببه الذي هو بقاء الهيئة الاتصالية ولو على تقدير وجود الحالة السابقة فيه باعتبار كون ترتب بقاء الهيئة عليه عقليا لا شرعيا ، فلا محالة ينتهى الامر إلى الأصل المسببي وهو الأصل الجاري في نفس الجزء الصوري والهيئة الاتصالية ، وبجريانه فيها تترتب صحة الصلاة الواقع فيها مشكوك القاطعية من دون احتياج في الحكم بالصحة إلى رفع الشك عن مشكوك القاطعية أيضا ، كي يقال انه بالاستصحاب المزبور لا ترتفع الشبهة من هذه الجهة لعدم كون الأصل الجاري في الشك المسببي رافعا للشك السببي ( فإنه ما لابد منه ) في الحكم بالصحة انما هو رفع الشك عما اعتبر في المأمور به على نحو الشرطية أو الشطرية ، وهو لا يكون الا نفس الجزء الصوري والهيئة الاتصالية القائمة بمواد الاجزاء ، دون القاطع نفسه ، ومع احراز الجزء الصوري بالأصل يترتب عليه قهرا صحة الصلاة ( واما النهى ) عن القاطع فهو كما عرفت انما يكون من جهة سببيته للقطع المنهى عنه بالنهي الذي هو عين النهى عن نقيض الاتصال المطلوب ، لا انه من جهة تقيد المأمور به بعدم نفسه كما في الموانع حتى يحتاج في الحكم بالصحة إلى رفع الشك عن قاطعية الموجود أيضا كما هو ظاهر ( ولعمري ) ان تمام المنشأ للتوهم المزبور انما هو تخيل ان النهي عن القطع غير النهي عن نقيض الجزء الصوري والهيئة الاتصالية ، أو عدم كفاية النهي عن نقيض الشيء لاستصحاب وجوده ، وكلا الامرين كما ترى ( واما المنع )
(415)
عن استصحاب بقاء الهيئة الاتصالية ، بان الهيئة الاتصالية بقيامها بالاجزاء المتدرجة الوجود ، تكون أيضا متدرجة الوجود ، فلا مجال لاستصحاب بقائها لأنها بين ما هي متصرمة بتصرم الاجزاء السابقة وبين ما هي لم تحدث ( فمدفوع ) بأنه لا مانع من استصحاب الأمور التدريجية كما سيأتي تحقيقه في محله انشاء الله تعالى ( هذا كله ) فيما يتعلق بالشك بالقاطع من جهة الشبهة الحكمية أو الموضوعية ( واما الشك في المانع ) فالحكم فيه أيضا هي البراءة كما تقدم لرجوع الشك فيه إلى الشك في تقيد المأمور به بعدمه فيرجع إلى الأقل والأكثر ، والمرجع فيه هي البراءة ، من دون فرق بين ان تكون الشبهة حكمية أو موضوعية ، ولابين ان يكون المانع مأخوذا على نحو الطبيعة السارية الموجب لانحلال تقيد المأمور به بعدمه حسب تعدد افراد المانع في الخارج إلى تقيدات متعددة ، أو مأخوذا على نحو صرف الوجود ( واما توهم ) لزوم الاشتغال في الفرض الأخير ، بدعوى ان اشتغال الذمة بعدم الطبيعي الذي هو نقيض صرف وجوده يقتضى الفراغ اليقيني عنه ولا يحصل ذلك الا بالاجتناب عن جميع ما يحتمل كونه من افراد المانع ومصاديقه ( فمدفوع ) بأنه انما يتم إذا كان الفرد مقدمة لوجود الطبيعي في الخارج ، فإنه حينئذ يكون عدم الطبيعي أمرا واحدا بسيطا متحصلا من اعدام فرده ، وبالاشتغال بمثله المبين موضوعا وحكما ينتهى الامر إلى مقام تحصيل الفراغ ، فلابد من الاجتناب عما يشك كونه من افراد المانع ومصاديقه ، واما على ما هو التحقيق وعليه المحققون من عينية وجود الطبيعي مع وجود فرده ، فلا يتم ذلك ( إذ لا شبهة ) في أنه بعدما تتسع دائرة انطباق صرف الطبيعي وتتضيق بكثرة الافراد وقلتها ( كذلك الامر ) في طرف نقيضه ، فإذا كان عدم الطبيعي الذي هو نقيض صرف وجوده عبارة عن العدم المتحقق في ضمن تمام اعدام الافراد فلا محالة يختلف دائرة العدم المزبور سعة وضيقا بازدياد الافراد وقلتها ( فلو علم ) حينئذ بمطلوبية عدم الطبيعي الذي هو نقيض صرف وجوده وشك في انطباق الطبيعي على فرد فقهرا يندرج في الأقل والأكثر الارتباطي حيث إنه يشك في مقدار دائرة المأمور به من أنه بمرتبة يكون المشكوك خارجا عنه أو بمرتبة يكون المشكوك داخلا فيه ، فتجري فيه البراءة العقلية والشرعية لعدم احراز اقتضاء الخطاب
(416)
تكليفا بالنسبة إلى المشكوك فيه ( وحينئذ ) فلا فرق بين القسمين من هذه الجهة ( نعم ) بينهما فرق من جهة أخرى ، وهي لزوم تقليل المانع مهما أمكن عند الاضطرار إلى ايجاده في الجملة ( فإنه ) على الأول وهو كون المانع هو الطبيعي بوجوده الساري في ضمن الافراد لابد عند الاضطرار من تقليل المانع مهما أمكن والاقتصار على ما يدفع به الاضطرار كما في الاضطرار إلى لبس النجس أو الحرير ونحو ذلك في الصلاة ( بخلافه ) على الثاني فإنه لا يجب تقليله عند الاضطرار إلى صرف الطبيعي لسقوط النهي عنه بالاضطرار المزبور ( ولكن ) الذي يسهل الخطب هو عدم وجود القسم الثاني في باب النواهي لا في النواهي النفسية ، ولا في النواهي الغيرية حيث لم نظفر فيها بمورد يكون النهى متعلقا بصرف وجود الشيء نعم قد يتصور ذلك في النواهي العرضية كما في باب النذر والحلف فيما لو نذر أو حلف ان لا يشرب الشاي أو التتن بنحو كان من قصده صرف وجودهما المنطبق على أول وجود الافراد ( كما أن ) الامر في باب الشرائط بعكس ذلك حيث يكون مورد التكليف فيها هو صرف الوجود ( نعم ) في الواجبات النفسية يوجد فيها كلا القسمين كما في الصلاة واكرام المؤمن وان كان الغالب فيما لا تعلق له بموضوع خارجي هو كونه على نحو صرف الوجود.
( بقى الكلام ) في أنه هل يمكن استصحاب صحة العبادة عند الشك في طرو مفسد لها لفقد ما يشك في اعتبار وجوده في العبادة أو وجود ما يشك في اعتبار عدمه فيها ، أولا ، حيث إن فيه خلافا مشهورا ( والذي ) اختاره الشيخ قده هو المنع عنه ( ومحصل ) ما افاده قده في تقريب المنع هو ان المراد من الصحة المستصحبة اما ان يكون هي الصحة الفعلية أو هي الصحة الشأنية التأهلية ( والأول ) مما لا سبيل إلى استصحابه لعدم كون الصحة بهذا المعنى مما له حالة سابقة لأنها انما تكون في ظرف اتيان المأمور به بماله من الاجزاء والشرائط ( ومع الشك ) في مانعية الموجود لا يقين بالصحة الفعلية بمعنى المؤثرية الفعلية للاجزاء السابقة حتى يستصحب واما الصحة بالمعنى الثاني فهي وان كانت ثابتة للاجزاء السابقة لكنها لا شك في بقائها ، إذ الصحة بهذا المعنى عبارة عن كون الاجزاء السابقة على نحو لو انضم إليها بقية الاجزاء والشرائط لالتأم الكل في (417)
قبال الجزء الفاسد وهو الذي لا يلزم من انضمام بقية الاجزاء والشرائط إليه وجود الكل وهذا المعنى مما يقطع باتصاف الاجزاء والسابقة به ولو مع القطع بعدم ضم بقية الاجزاء والشرائط الباقية فضلا عن الشك في ذلك ( وكذا ) الكلام في الصحة بمعنى الموفقة للامر ، حيث إن موافقة الاجزاء السابقة للامر المتعلق بها متيقنه سواء فسد العمل أم لا ( وفيه ) ان ما أفيد من الاشكال الأول على استصحاب الصحة بمعنى المؤثرية الفعلية انما يتم إذا كان الأثر المترتب عليها دفعي الحصول والتحقق عند تحقق جزء الأخير من المركب ( وأما إذا كان ) الأثر مما يتدرج حصوله شيئا فشيئا من قبل الاجزاء بحيث يكون كل جزء مؤثرا في تحقق مرتبة منه إلى أن يتم اجزاء المركب فيتحقق تلك المرتبة من الأثر الخاص المترتب على المجموع ، فلا قصور في استصحاب صحة العبادة فإنها بهذا المعنى مما تم فيه أركانه من اليقين السابق والشك اللاحق ، حيث إنه باتيان جزء الأول من المركب تتحقق الصحة ويتصف الجزء المأتى به بالمؤثرية الفعلية وبوقوع مشكوك المانعية في الأثناء يشك في بقاء الصحة وانقطاعها فتجري فيها الاستصحاب كسائر الأمور التدريجية ( ومنه ) يظهر الحال بناء على تفسيرها بموافقة الامر ، حيث إنه يمكن المصير إلى جريان استصحاب الصحة فيها ، من دون فرق بين القول بامكان المعلق والالتزام بفعلية التكليف المتعلق بالجزء الأخير من المركب في ظرف الاتيان بالجزء الأول منه بالتفكيك بين فعلية التكليف المتعلق بالاجزاء وفاعليته ، وبين القول بعدم امكانه والمصير إلى تدريجية فعلية التكليف المتعلق باجزاء المركب بجعل فعلية التكليف بكل جزء في ظرف فاعليته الذي هو ظرف الفراغ عن الاتيان بالجزء السابق عليه ( وهذا ) على الأول ظاهر ، فإنه باتيان جزء الأول من المركب يتحقق الموافقة الفعلية للامر وبعد ايجاد مشكوك المانعية أو ترك مشكوك الشرطية في الأثناء يشك في بقاء الموافقة فيستصحب ( وكذلك الامر ) على الثاني ، فإنه بتبع تدريجية فعلية التكليف المتعلق بالاجزاء يتدرج الموافقة أيضا فيجرى فيها الاستصحاب ( واما توهم ) عدم شرعية المستصحب حينئذ لكونه أمرا عقليا ( يدفعه ) كونه مما امر رفعه ووضعه بيد الشارع ولو بتوسيط منشئه الذي هو
امره وتكليفه ، إذ لا نعنى من شرعية الأثر الا ما كان امر رفعه ووضعه بيد
(418)
الشارع ولو بتوسيط منشئه فتدبر ( إزاحة شبهة ) قد يقال في الفرض المزبور بوجوب الاحتياط بالجمع بين اتمام هذه الصلاة واعادتها ، بدعوى انه بايجاد مشكوك المانعية في الصلاة أو ترك مشكوك الشرطية فيها يحصل العلم الاجمالي بوجوب أحد الامرين عليه اما اتمام هذا الفرد من الصلاة أو اعادتها باتيان فرد آخر من الصلاة مباين مع هذا الفرد ( وبعد ) رجوع العلم الاجمالي المزبور إلى المتبائنين لا الأقل والأكثر لابد من الاحتياط بالجمع بين الاتمام والإعادة ، ولا اثر لأصالة البراءة الجارية في مشكوك المانعية والشرطية قبل طروه في الصلاة مع وجود هذا العلم الاجمالي واقتضائه وجوب الاحتياط بالجمع بين الاتمام والتمام ( ولكنك ) خبير بما فيه ) إذ بعد أن كان مقتضى أصالة البراءة عن مشكوك الشرطية والمانعية هو الترخيص في ايجاد مشكوك المانعية وترك مشكوك الشرطية في الصلاة ووجوب اتمام الصلاة الواقع فيها الخلل المشكوك فيه ، فلا محالة لا يبقى معه مجال التأثير للعلم الاجمالي الحادث المزبور ، لقيامه حينئذ بما تنجز أحد طرفيه سابقا بالعلم التفصيلي بوجوب اتمام هذه الصلاة الواقع فيها مشكوك المانعية ( وحينئذ ) فإذا كانت نتيجة الشك البدوي السابق هو وجوب اتمام هذا الفرد من الصلاة في ظرف ايجاد مشكوك المانعية فيها وعدم العقوبة على ترك اعادتها في الفرض المزبور كيف يمكن دعوى تأثير العلم الاجمالي الحادث في وجوب الإعادة والعقوبة على تركها فتدبر.
« بقى التنبيه على أمور متعلقه بالجزء والشرط »
( الأول ) إذا ثبت جزئية شيء للمأمور به وشك في ركنيته فهل الأصل يقتضى الركنية فيبطل العمل بالاخلال به أو بزيادته ولو سهوا أو لا ( وقبل الخوض في المرام ) لا بأس بتمهيد مقدمة ( وهي ) ان الركن وان لم يكن له ذكر في الاخبار ، ولكن المراد به على ما يظهر من كلماتهم هو ما أوجب الاخلال به سهوا بطلان المركب ، فيكون غير الركن هو الذي لا يوجب الاخلال السهوي به بطلان العمل والمركب ( نعم ) يظهر من جمع آخر الحاق الزيادة بالنقيصة ، حيث فسروه بما أوجب نقصه وزيادته بطلان المركب ولعله من جهة دعوى
(419)
الملازمة بان كلما أوجب بطلان العمل بنقصه أوجب بطلانه بزيادته ( وعليه ) يكون الفرق بين الجزء الركني وغيره من طرفي الزيادة والنقيصة السهوية جميعا ( ولكن ) التفسير الأول أقرب إلى معناه اللغوي ، بل لعله من مقتضيات نفس الجزئية ( بخلاف ) التفسير الثاني فان مجرد الجزئية لا يقتضى قادحية الزيادة العمدية فضلا عن السهوية ، الا إذا كان الجزء مأخوذا بشرط لا من جهة الزيادة فيرجع حينئذ إلى الاخلال من طرف النقيصة ( وكيف كان ) فتحقيق الكلام يقع في مقامين ( الأول ) في حكم الاخلال السهوي بالجزء في طرف النقيصة وما يقتضيه الأصل في ذلك من البطلان وعدمه ( الثاني ) في حكم الاخلال به في طرف الزيادة السهوية والعمدية ( اما المقام الأول ) فالكلام فيه يقع من جهات ( الأولى ) في امكان تكليف الناسي ثبوتا بما عدى الجزء المنسى من سائر الأجزاء ( الثانية ) في أنه على فرض امكان ذلك فهل هناك في مقام الاثبات ما يقتضى التكليف بما عدى الجزء المنسى في حال النسيان من دليل اجتهادي أو أصل عملي أو لا ( الثالثة ) في أنه على فرض عدم امكان تكليف الناسي ثبوتا بما عدى المنسى أو عدم قيام دليل أو أصل يقتضى التكليف به اثباتا على فرض امكانه ثبوتا ، فهل هناك ما يقتضى الاجتزاء بالمأتي به حال النسيان من دليل اجتهادي أو أصل عملي وان لم يكن مأمورا به حتى لا يجب عليه الإعادة بعد زوال النسيان ( اما الجهة الأولى ) فلا اشكال في عدم امكان التكليف والبعث الفعلي بالنسبة إلى الجزء المنسي حال نسيانه * واما بالنسبة * إلى ما عدى المنسي من سائر الأجزاء ، فالذي يظهر من جماعة منهم الشيخ قده هو عدم امكانه أيضا * بتقريب * انه من المستحيل توجيه التكليف الفعلي إلى الناسي حال نسيانه بما عدى الجزء المنسي على وجه يؤخذ الناسي عنوانا للمكلف ويخاطب بذلك العنوان بمثل أيها الناسي للسورة يجب عليك الصلاة بدونها * بداهة * انه لغفلته عن نسيانه لا يرى نفسه واجدا لهذا العنوان ومخاطبا بمثل هذا الخطاب ، فلا يمكن حينئذ انبعاثه عن مثله ، لان الالتفات إلى ما اخذ عنوانا للمكلف مما لابد منه في الانبعاث عن التكليف ، وعلى فرض التفاته إلى نسيانه يخرج عن عنوان الناسي ويدخل في عنوان المتذكر ، فعلى كل حال يكون الخطاب المزبور * لغوا مستهجنا لعدم انتهائه إلى مقام الداعوية والمحركية نحو المأمورية في حال من الأحوال « أقول » الظاهر عدم ابتناء هذا الاشكال بصورة اخذ النسيان في موضوع
(420)
الخطاب عنوانا للمكلف ، بل الاشكال يتأتى حتى في صورة اخذ عنوانه قيدا للتكليف أو للمكلف به ولو كان الخطاب بعنوان عام شامل للمتذكر والناسي كعنوان المكلفين أو المؤمنين كقوله يا أيها الذين امنوا يجب عليكم الصلاة بدون السورة ان نسيتم السورة فيها ، أو ان الصلاة المنسى فيها السورة واجبة بدونها * فإنه * بعد أن كان الالتفات مر والتكليف مما لابد منه في الانبعاث عن التكليف لا يكاد يفرق في امتناع توجيه البعث والتكليف الفعلي إلى الناسي بما عدى الجزء المنسى بين اخذ النسيان عنوانا للمكلف في موضوع الخطاب ، وبين اخذه قيدا للتكليف أو للمكلف به * فلا وجه * حينئذ لتخصيص الاشكال بصورة اخذه عنوانا للمكلف كما هو ظاهر هذا * ولكن * يمكن التفصي عن الاشكال بأنه من الممكن ان يكون المكلف به في حق كل من الذاكر والناسي هي الطبيعة الجامعة بين الزائد والناقص التي يتصورها القائل بالصحيح في مقام اخذ الجامع بين المصاديق المختلفة ، وان دخل النسيان انما هو في خصوصية الفرد المتقوم بها فردية صلاة الناسي للطبيعة المأمور بها على نحو يكون الاختلاف بين الذاكر والناسي من جهة المصداق محضا من حيث إن المتمشي من كل طائفة حسب طرو الحالات المختلفة مصداق خاص غير ما يتمشى من الاخر ، لا في أصل المأمور به فإنه على هذا البيان لا محذور ثبوتا في تكليف الناسي بما عدى الجزء المنسى ضرورة امكان التفات الناسي حينئذ إلى الطبيعة المأمور بها وانبعاثه كالذاكر عن الامر المتعلق بالطبيعة المأمور بها غايته انه من جهة غفلته عن نسيانه يعتقد بان المصداق المتمشي من قبله هو المصداق المتمشى من الذاكر ولكنه بعد خروج المصاديق عن حيز الامر والتكليف لا يضر مثل هذه الغفلة والخطأ في التطبيق في عالم المصداق بمقام انبعاثه عن الامر والتكليف ، فتمام الاشكال حينئذ مبنى على اختصاص الناسي حال نسيانه بتكليف خاص مغاير لتكليفه في حال ذكره ( والا فعلى ) ما بيناه لا وقع أصلا للاشكال المزبور ( مع أنه على فرض ) تعلق التكليف بالمصداق واختلافه بحسب الحالتين نقول انه بعد أن كانت المغايرة المتصورة بين التكليفين من جهة الحدود محضا لا بحسب ذات التكليف بان كان التكليف المتوجه إلى الناسي حال نسيانه بعينه هو التكليف المتوجه إليه حال ذكره غير أنه في حال النسيان يكون بحد لا يشمل الجزء
|