|
|||
(136)
المعلوم بين الحصتين الموجب لعدم جريان الاستصحاب فيه بعين ما التزم في المنع عن استصحاب الفرد المردد كما أشرنا إليه سابقا ( وحينئذ ) فالعمدة في المنع عن استصحاب الكلى في هذا القسم هو ما ذكرناه ( هذا كله ) في استصحاب الوجه الأول والثاني من القسم الثالث من استصحاب الكلى.
( واما الوجه الثالث ) من القسم المزبور ، وهو ما كان الشك في البقاء لأجل احتمال بقاء مرتبة من المستصحب بعد اليقين بارتفاعه بمرتبة أخرى ، كالسواد الشديد الذي علم بورود الماء عليه فشك في زواله بالمرة أو بقائه بمرتبة أخرى دونه ، فقد عرفت كونه على وجهين من حيث إن المرتبة التي تحتمل بقائها تارة تكون في الضعف بمثابة يحسبها العرف مبائنة مع الموجود السابق ، وأخرى بمثابة تعد كونها عرفا من مراتبه ( اما الوجه ) الأول ، فجريان الاستصحاب فيه مبني على كفاية وحدة القضية المتيقنة والمشكوكة بالمداقة العقلية في جريان الاستصحاب ، والا فعلى ما سيأتي من عدم كفاية ذلك واعتبار وحدتهما بالأنظار العرفية ، فلا يجرى فيه الاستصحاب ( واما ) الوجه الثاني ، فيجرى فيه الاستصحاب بلا كلام لاجتماع أركانه فيه من اليقين بالوجود والشك في البقاء واتحاد القضيتين بالمداقة العقلية والانظار العرفية ، حيث إنه بعد عدم اقتضاء تبادل الحدود اختلافا في ذات المحدود ، كان الموجود السابق بذاته وهويته محفوظا في جميع المراتب المتبادلة شدة وضعفا ، لان التبادل انما كان ممحضا في خصوص الحدود الموجبة لتشخص المرتبة وتميزها عما عداه ، لا في ذات المحدود المحفوظ في جميع المراتب ( فإذا ) احتمل بقاء المستصحب ولو بمرتبة ضعيفة ، فلا جرم يجرى فيه الاستصحاب الكلى لصدق البقاء في مثله على كل من النظر الدقى والعرفي ( بل إن تأملت ) ترى اندراج مثل الفرض في القسم الأول من اقسام استصحاب الكلى الجاري فيه استصحاب كل من الشخص والكلي ، لانحفاظ الموجود الأول بهويته وشخصيته في جميع المراتب المتبادلة وعدم كون الحدودات المختلفة الا من الحدودات العارضة على الفرد فارغا عن فرديته للطبيعي لا من الحدودات المقومة لفردية الفرد فتأمل. (137)
( تذنيبان )
( الأول ) لو كان هناك اثر بسيط للجامع بين الفردين المتفقين في الحقيقة بنحو الطبيعة السارية ، لا صرف الوجود ، وقد علم بوجود فرد للكلي المزبور في زمان وارتفاعه في زمان فشك في وجود فرد آخر للكلي في حال وجود الفرد المعلوم أو حدوثه مقارنا لارتفاعه بلا تخلل عدم بينهما ، فبالنسبة إلى السبب لا شبهة في أنه لا يجري فيه الاستصحاب ، لما تقدم من انتفاء الشك في البقاء ( واما ) بالنسبة إلى المسبب فالظاهر أنه لا قصور في استصحابه لاجتماع جميع أركانه فيه من اليقين بالوجود والشك في البقاء واتحاد متعلق الوصفين ، حيث يصدق انه كان على اليقين من وجود الأثر فشك في بقائه بارتفاع الفرد المعلوم الحدوث ، لاحتمال قيام فرد آخر مقام الفرد المعلوم حدوثه وارتفاعه ، نظير استصحاب بقاء هيئة الخيمة بحالها عند احتمال قيام عمود آخر مقام العمود الأول ( واما الاشكال ) عليه باستلزامه المصير إلى الاستصحاب في نظائره من الأسباب والمسببات الشرعية في أبواب التكاليف والأوضاع ، كالزوجية والوكالة والولاية ونحوها ، ( كما لو علم ) انه تزوج زيد هندا بعقد الانقطاع إلى مدة قد علم بانقضائها فشك في بقاء زوجيتها بعد ذلك ، لاحتمال تزويجها ثانيا مقارنا لانقضاء
الأول بعقد جديد ، أو علم بوكالة زيد لعمرو في التصرف في ما له في زمان محدود فشك بعد انقضاء الزمان في بقاء وكالته ، لاحتمال انشاء وكالة جديدة له مقارنا لانقضاء الأول ( وكذا ) لو علم بوجوب الصوم عليه إلى مدة معينة بنذر وشبهه فشك في حدوث نذر آخر منه متعلق بصومه من حين انقضاء المدة إلى مدة أخرى إلى غير ذلك من الأمثلة ( حيث ) ان لازم البيان المزبور هو الالتزام بجريان الاستصحاب في نحو الأمثلة المزبورة ، وهو كما ترى لا يظن التزامه من أحد ( فمدفوع ) بالفرق بين ما ذكرناه وبين تلك الأمثلة ، فان الاستصحاب الجاري فيها
(138)
انما هو من استصحاب الوجه الأول والثاني من القسم الثالث من اقسام استصحاب الكلي ، لان المعلوم السابق فيها فرد من الزوجية والوكالة وهو مما علم بارتفاعه بانقضاء اجله ، وما شك فيه فرد آخر من الزوجية والوكالة احتمل حدوثه بسبب جديد ، فلا يكون المشكوك في الزمان المتأخر عين الفرد المعلوم السابق ، بل مقتضى الأصل فيها هو عدم حدوث ما شك في وجوده في الزمان المتأخر ( وأين ذلك ) وما ذكرنا من استصحاب المسبب في نحو مثال هيئة الخيمة ، فان المستصحب فيه امر وحداني شخصي لا يتغير عما هو عليه من الوحدة الشخصية ولا يتعدد وجوده بتبادل أعمدة الخيمة ( مع أن ) بين مفروض الكلام والأمثلة المزبورة فرق آخر ، وهو ابتلاء الأصل الجاري فيها بالأصل الحاكم عليه وهو استصحاب عدم وجوب السبب الجديد ، فإنه يترتب على استصحابه بضم الوجدان السابق عدم وجود المسبب شرعا ( بخلاف ) ما فرضناه من نحو مثال الخيمة ، فإنه من جهة كونه من الأسباب والمسببات الخارجية لا يجري فيه الأصل في السبب حتى يقدم على استصحاب المسبب أو يعارضه ، لعدم كون الترتب في مثله الا عقليا محضا ، بخلاف الأمثلة المزبورة ، فإنها من جهة كونها من قبيل الأسباب والمسببات الشرعية يكون الترتب فيها شرعيا لا محالة ، وبذلك يجري فيها الأصل في السبب وبانضمام ذلك مع الوجدان السابق يترتب انتفاء المسبب فتدبر.
( التذنيب الثاني ) قد جرى ديدن الاعلام على التمثيل لاستصحاب القسم الثاني من الكلى باستصحاب الحدث المردد بين الأكبر والأصغر عند خروج البلل المردد بين البول والمني ( وحيث ) ان للفرض المزبور شقوق متعددة ، من حيث الجهل بالحالة السابقة على خروج البلل ، أو العلم بها من حيث الطهارة أو الحدث من الأكبر أو الأصغر ( فالحري ) هو التعرض لتلك الشقوق وافراد كل واحد منها بالبحث من حيث كونه مجرى للاستصحاب وعدمه ( فنقول ) : أما إذا لم يعلم بالحالة السابقة أو علم بها وكانت هي الطهارة ، فالأشبهة في كونه مجرى لاستصحاب الحدث ، بل هو المتيقن من مورد كلماتهم ، فإنه حين خروج البلل المردد يعلم بتحقق طبيعة الحدث والحالة المانعة عن صحة الصلاة ، وبعد فعل الوضوء يشك في ارتفاع الحدث فيجرى فيه (139)
الاستصحاب بلحاظ آثار الجامع و القدر المشترك بين الفردين من نحو المانعية عن الصلاة وعدم جواز مس كتابة القرآن ، وان لم يترتب عليه آثار خصوصية الحدث الأكبر ، كحرمة دخوله في المسجد ومكثه فيه ، وحرمة قرائة العزائم ( واما ) إذا كانت الحالة السابقة هي الحدث ( فان ) كان الحدث المعلوم هو الأكبر اي الجنابة ، فلا شبهة في عدم كونه مجرى للاستصحاب الكلى ، بل هو خارج عن فرض كلامهم في المقام الذي هو فرض الشك في بقاء الحدث بعد فعل الوضوء قطعا ، بداهة عدم كون مثل الفرض من موارد العلم بالحدث المردد بين الزائل والباقي ، فلا محيص حينئذ من الغسل ، وبدونه يقطع تفصيلا ببقاء الحدث السابق ولو مع الاتيان بالوضوء ، من غير فرق بين القول بعدم تأثير الحدث بعد الحدث أو القول بتأثيره كما هو واضح ( واما ان كان ) الحدث السابق هو الأصغر ( فان قلنا ) بعدم المضادة بين الحدثين وامكان اجتماعهما في زمان واحد في محلين بحيث عند طرو الأكبر يكون المتحقق شخصان من الحدث ، غاية الامر انه مع اجتماعهما لا تأثير للأصغر في ايجاب الوضوء ، لانحصار الرافع حينئذ بما يقتضيه الأكبر وهو الغسل ، فلا مجال أيضا لاستصحاب الكلى ، لأنه من استصحاب الوجه الأول من القسم الثالث من اقسام الكلى الذي كان الشك في بقائه لأجل الشك في مقارنة فرد آخر للفرد المعلوم وجوده سابقا ، فإنه حين صدور البلل المشتبه يقطع بوجود شخص حدث ويشك في حدوث شخص حدث آخر ، فاستصحابه بعد الوضوء يكون من استصحاب القسم الثالث الذي قلنا بعدم جريانه فيه ( فيكتفي ) حينئذ بصرف الوضوء في فعل كل ما اشترط في صحته أو جوازه بالطهارة ، ولا اثر للعلم الاجمالي حين خروج البلل المشتبه ، إذ لا يعلم بتوجيه خطاب جديد من قبل البلل الحادث بعد تردده بين ما له الأثر وما ليس له الأثر ، واحتمال كونه منيأ شبهة بدوية مدفوعة بالأصل ، حيث تجري أصالة عدم حدوث سبب الجنابة ، ولا يعارضها أصالة عدم صدور البول ، لأنه لا اثر له بعد كونه محدثا بالحدث الأصغر ( وكذلك ) الامر فيما لو احتملنا عدم المضادة بين الحدثين ، فإنه وان علم حين خروج البلل بالحدث المردد بين الوجودين أو وجود واحد مردد بين الأصغر والأكبر بلا علم تفصيلي بما يوجب
(140)
انحلاله ( ولكن ) بعد احتمال اجتماعهما وجودا وبقاء الأصغر بحده الخاص لا يجري الاستصحاب الكلى ، لعدم احراز كون المشكوك الباقي بعد الوضوء عين المتيقن السابق ، لاحتمال كون المعلوم السابق غيره ، فيكتفي بموجب الحدث الأصغر وهو الوضوء في فعل كل ما اشترط فيه الطهارة ، باستصحاب بقاء الأصغر بحده الخاص إلى حين خروج البلل المشتبه بضميمة أصالة عدم صدور الحدث الأكبر ( وان قلنا ) بالمضادة بين الحدثين ، فتارة تكون المضادة بينهما في خصوص حديهما لا في ذاتيهما بحيث يكون الأصغر عند طرو الأكبر محفوظا بذات في ضمنه لا بحده ، نظير السواد الضعيف المندك في ضمن الشديد منه ( وأخرى ) تكون المضادة حتى بالقياس إلى ذاتيهما ، نظير ارتفاع لون بطرو لون آخر مضاد له ( فعلى الأول ) لا قصور ظاهرا في استصحاب الكلى بعد الاتيان بالوضوء ، إذ حين طرو البلل يعلم اجمالا بوجود الحدث المردد بين الحدين ، وبعد الوضوء يشك في ارتفاعه ، فيستصحب بقائه ، بل ويجري فيه الاستصحاب الشخصي أيضا ، بناء على عدم ارتفاع الأصغر المقرون مع الأكبر الا بالغسل ، واختصاص رافعية الوضوء له بحال انفراده عن الحدث الأكبر ، إذ حينئذ مع الشك في وجود الأكبر لأجل البلل المردد يشك في ارتفاعه بالوضوء فيستصحب بقائه ( نعم ) لو قلنا برافعية الوضوء للأصغر مطلقا ولو في ظرف وجود الأكبر ، مؤيدا ذلك بما ورد من مشروعية الوضوء للحائض في أوقات الصلوات والنوم الجنب لا يجري استصحب الشخص للقطع بارتفاعه بالوضوء على كل حال ، فينحصر مجرى الاستصحاب حينئذ في الكلى والقدر المشترك بين الأصغر والأكبر ، ولازمه هو الجمع بين الطهارتين وعدم الاكتفاء بصرف الوضوء في رفع مانعيته للصلاة ( اللهم ) الا ان يمنع عن هذا الأصل بكونه من استصحاب القسم الثالث الذي كان الشك في بقاء الكلى لأجل الشك في مقارنة فرد آخر مع الفرد المعلوم سابقا ، لمكان العلم التفصيلي حين طرو البلل بثبوت الحدث الأصغر ولولا بحده الخاص ، والشك في حدوث الأكبر ، فأصالة عدم حدوثه محكمة ومقتضاها عدم الحاجة إلى الغسل وجواز الاكتفاء بصرف الوضوء في صحة الصلاة ( واما على الثاني ) من فرض تضاد
(141)
الحدثين ذاتا وحدا ، فيجري فيه استصحاب الكلى في الحدث المعلوم المردد وجوده حال خروج البلل بين الأصغر والأكبر لكونه من استصحاب القسم الثاني من اقسام الكلى ( حيث إنه ) باتيان الوضوء يشك في ارتفاع الحدث المعلوم وجوده اجمالا والأصل يقتضى بقائه ، ولازمه وجوب الغسل وعدم جواز الاكتفاء بصرف الوضوء في رفع اثر المانعية ( وأصالة ) عدم حدوث الأكبر غير مجدية ، لعدم كونها رافعة للشك في بقاء الكلى والقدر المشترك ، ولا لرفع اثره من مانعيته للصلاة الا على القول بالأصول المثبتة ، كما أن أصالة بقاء الأصغر بحده الخاص حال خروج البلل المردد غير مجدية أيضا لرفع الشك الوجداني عن بقاء الجامع ، ولا لرفع اثره ، بل ولا للاكتفاء بصرف الوضوء في صحة الدخول في الصلاة ( لوضوح ) ان رافعية الوضوء للحدث في هذا الحال انما هو من لوازم انحصار طبيعة الحدث بالأصغر وجدانا ، والا فشأنه ليس الا رفع الحدث الأصغر بخصوصه ، واثبات هذه الجهة من الانحصار خارج عن عهدة الأصل المزبور ، الا على فرض القول بالمثبت ( وحينئذ ) فيجري استصحاب كلي الحدث المعلوم بالاجمال حال خروج البلل المشتبه ، ولازمه بحكم العقل هو الجمع بين الطهارتين تحصيلا لليقين بارتفاع الحدث ، هذا ( ولكن ) الظاهر هو عدم التزامهم بذلك ، حيث إن بنائهم على الاكتفاء بالوضوء محضا لمن كان محدثا بالأصغر واحتمل طرو الجنابة عليه لأجل البلل المردد بين البول والمنى ، نظرا منهم إلى قاعدة الاستصحاب ( فلا بد ) حينئذ اما من الكشف عن بنائهم على عدم التضاد بين الحدثين رأسا ، أو يكون التضاد بينهما في خصوص حديهما لا في ذاتيها ، كما لعله هو الظاهر المستفاد من الأدلة أيضا من مثل قوله (ع) الوضوء نور وان الوضوء بعد الوضوء نور على نور ، وقوله (ع) اي وضوء أنقى من الغسل ، حيث إن المستفاد منها هو ان الوضوء والغسل ولو باعتبار الأثر الحاصل منهما وهو النورية والنظافة المعنوية من نسخ الحقايق التشكيكية التي لها مراتب متفاوتة شدة وضعفا ، فيستفاد بقرينة المقابلة ان الحدث الذي هو من القذارة المعنوية والكسالة الروحية أيضا من الحقايق التشكيكية المختلفة حدا ومرتبة ، كما يومي إليه قوله (ع) في المرأة التي ترى الدم وهي جنب قد اتاها
(142)
ما هو أعظم من ذلك ( واما ) من دعوى ان موضوع وجوب الوضوء على ما يستفاد من الأدلة عبارة عن المركب من امر وجودي وهو النوم مثلا ، وامر عدمي وهو عدم الجنابة ، فيندرج المثل في الموضوعات المركبة التي يحرز بعضها بالوجدان وبعضها بالأصل ،
فان النائم الذي احتمل جنابته من جهة البلل المردد بين البول والمنى ، قد أحرز جزئي الموضوع لوجوب الوضوء ، أحدهما وهو النوم بالوجدان ، وثانيهما عدم الجنابة بالأصل فيحب عليه الوضوء ويكتفى به في صحة صلوته ، كان هناك استصحاب حدث أم لا ( ولكن ) دعوى الأخير مبنى على أن لا يكون الطهارة شرطا للصلاة ولا الحدث مانعا ، بل كان الشرط هو نفس الوضوء عند تحقق موجبه وهو النوم ونحوه ، ونفس الغسل عند تحقق الجنابة ( والا ) فعلى فرض شرطية الطهارة للصلاة كما هو مقتضى قوله (ع) : لا صلاة الا بطهور ، أو مانعية الحدث عن صحة الصلاة ، فلا يجدي هذا التقريب للاكتفاء بصرف الوضوء في صحة الصلاة ، نظرا إلى الشك في مؤثرية الوضوء في هذا الحال في الطهارة ورافعيته للحدث المعلوم وجوده باجمال فتأمل.
( تذييل ) الذي يظهر من كلمات الأصحاب قدس اسرارهم هو التسالم على جريان أصالة عدم التذكية عند الشك في تذكية الحيوان واثباتهم بها حرمة لحمه ونجاسته ( وقد خالف ) في ذلك جماعة منهم الفاضل التوني قده ، حيث أورد على المشهور في حكمهم بنجاسة الجلد المطروح باستصحاب عدم التذكية ، بان عدم المذبوحية لازم لامرين الحياة ، والموت حتف الانف ( والموجب ) للنجاسة ليس هذا اللازم من حيث هو ، بل ملزومه الثاني وهو الموت حتف الانف ، فعدم المذبوحية لازم أعم لموجب النجاسة ( فعدم ) المذبوحية اللازم للحيوة مغاير لعدم المذبوحية اللازم للموت حتف الانف والمعلوم ثبوته في الزمان السابق هو الأول ، لا الثاني الخ ( وقد استدل ) عليه أيضا بوجهين آخرين ( الأول ) ان الموضوع لكل من حرمة لحم الحيوان ونجاسته وحليته وطهارته امر وجودي ، فموضوع الحرمة والنجاسة هي الميتة التي هي عبارة عن الحيوان الذي مات حتف أنفه ، كما أن موضوع الحلية والطهارة عبارة عن المذكى ، فهما أمران وجوديان ولابد من احرازهما ، وأصالة عدم (143)
التذكية بعد ما لم يثبت عنوان الميتة ، بلحاظ عدم اقتضاء نفي أحد الضدين بالأصل لاثبات الضد الاخر الا على المثبت ، فلا جرم يجري استصحاب العدم من الطرفين ، وبعد تساقط الأصلين بالمعارضة يرجع إلى أصالة الحل والطهارة في الحكم المشكوك ( الثاني ) انه على تقدير ان يكون الموضوع للحرمة والنجاسة هو نفس عدم التذكية لا عنوان الميتة التي هي امر وجودي ( فلا شبهة ) في أنه ليس الموضوع للحرمة والنجاسة مطلق عدم التذكية وعدم المذبوحية ، بل هو العدم المقيد في حال خروج روح الحيوان ، فلعنوان الحالية أيضا دخل في موضوع الحكم ( وواضح ) انه ليس لهذا العنوان المقيد حالة سابقة حتى يستصحب ( لان ) خروج الروح اما ان يكون عن تذكية ، واما لا عن تذكية ، فلم يتحقق زمان كان فيه خروج روح الحيوان ولم يكن عن تذكية حتى يجري فيه الأصل ( واما ) عدم التذكية في حال حياة الحيوان بمفاد ليس التامة فهو وان كان على يقين منه سابقا ، ولكن الأصل فيه لا يثبت العدم الخاص الا على القول بالأصول المثبتة فينتهي الامر حينئذ إلى أصالة الحل والطهارة ، هذا ( ولكن ) لا يخفى ما في هذين الوجهين.
( اما الوجه الأول ) ففيه أولا منع كون الميتة هي خصوص ما مات حتف الانف ، بل هي في عرف الشارع عبارة عن مطلق ما لم يقع عليه التذكية بشرائطها المقررة من الذبح بالحديد وكونه مع التسمية ومستقبل القبلة مع اسلام الذابح ، فمتى اختل أحد هذه الأمور كان الحيوان ميتة وان لم يزهق روحه حتف أنفه ( وعلى فرض ) ان تكون الميتة خصوص الموت حتف الانف ، فلا ريب في عدم اختصاص موضوع الحرمة والنجاسة بالعنوان المزبور ، فان الحكم بالحرمة والنجاسة كما رتب في الأدلة على عنوان الميتة ، كذلك رتب على عدم المذكى في قوله سبحانه : « ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه » وقوله تعالى : « وكلوا مما ذكيتم » فيكفي أصالة عدم التذكية في المشكوك لاثبات الحرمة بل النجاسة ، وان لم يثبت بها عنوان الميتة ( ومع ) الاغماض عن ذلك أيضا لاوجه للرجوع إلى أصل الحل والطهارة فيما شك في تذكيته عند تعارض الأصلين ، بل اللازم حينئذ هو الرجوع إلى أصالة الحرمة (144)
والطهارة الثابتتين للحيوان في حال حياته لحكومتهما على قاعدتي الحلية والطهارة والتفكيك بين الطهارة والحلية في الظاهر غير ضائر ، لأنه غير عزيز في الاحكام الظاهرية ، فيمكن التعبد بطهارة ما شك في تذكيته وحرمة اكله ، وان لم يمكن ذلك بحسب الواقع ( وهذا ) أيضا بناء على تلازم الحكمين في غير المذكى في نفس الامر والواقع ، والا فعلى احتمال اختصاص موضوع النجاسة بعنوان الميتة والموت حتف الانف فالامر أظهر.
( واما الوجه الثاني ) ففيه أيضا منع دخل الإضافة الحالية في المقام في موضوع الحرمة بل الموضوع لها عبارة عن الجزئين المجتمعين في زمان واحد أعني زهوق روح الحيوان وعدم تذكيته والتعبير بعنوان الحالية انما هو لمجرد الظرفية واجتماعهما في الزمان ، لا من جهة دخل تلك الإضافة في موضوع الحكم ، فيمكن حينئذ اثبات موضوع الحرمة والنجاسة باستصحاب عدم تذكية الحيوان إلى زمان خروج روحه ، لكونه كسائر الموضوعات المركبة المحرزة بعضها بالوجدان وبعضها بالأصل ( وكون ) عدم تذكية الحيوان في حال حياته مما لا اثر له شرعا غير ضائر بعد كونه في ظرف خروج الروح ذا اثر شرعي ( وعلى فرض ) ان يكون لإضافة الحالية دخل في ترتب الحكم ، نقول : ان المقصود من عنوان الحال في نحو هذه المقامات انما هو مجرد إضافة الشيء المشروط إلى شرطه وقيده الأعم من الواقع والظاهر ، نظير الصلاة في حال الطهارة وغيرها من المشروطات والمقيدات ، فيمكن اثباتها باستصحاب عدم التذكية إلى حين زهوق الروح ، فإنه كما أن بوجود القيد واقعا يعتبر العقل الإضافة بين الشيئين ، كذلك يعتبرها باحراز وجوده ظاهرا وتعبدا ، ولا يرتبط ذلك بباب المثبت ( ولذا ) لم يستشكل أحد في الحكم بصحة الصلاة عند الشك في الطهارة باستصحابها إلى حين الدخول في الصلاة بمثبتية الأصل المزبور ، ولا يكون ذلك الا من جهة كون مثل هذه التقيدات من لوازم الأعم من وجدان القيد واقعا أو تعبدا وتنزيلا ( وان ) شئت قلت إن اعتبار مثل هذه الإضافات تابع تحقق طرفيها فمتى تحقق طرفاها بالوجدان أو التعبد يعتبر العقل تلك الإضافة الخاصة بينهما ولا يكون ذلك مرتبطا بباب المثبت ( نعم ) انما يكون كذلك فيما كان الموضوع هو الذات المتصف بالوصف العنواني (145)
بان كان القيد مأخوذا نعتا لموضوع الحكم لا مجرد كونه طرف اضافته ( ولكن ) اني باثباته في نحو المقام فتأمل.
قد يستشكل في جريان الاستصحاب في الأمور التدريجية غير القارة ، كالزمان والزمانيات المبنية على التجدد والانصرام ( بتوهم ) ان مورد الاستصحاب كما يقتضيه تعريفه ويستفاد من أدلته انما يكون في فرض الشك في بقاء ما كان ، ولا يتصور البقاء في مثل الزمان ، ولا في الزمانيات من الموجودات التصرمية التي توجد وتنصرم شيئا فشيئا على التدريج كالحركة والتكلم ونحوهما حتى يشك في بقائها ، فيجري فيها الاستصحاب ( لان ) بقاء الشيء عبارة عن استمرار وجود الشيء بجميع حدوده في الآن الثاني بعين وجوده في آن حدوثه وهو غير متصور في الموجودات التصرمية زمانا كانت أو زمانية ، فإنها بقطعتها الموجودة سابقا كانت منعدمة في الآن الثاني وبقطعتها الأخرى تكون مشكوكة الحدوث ، فلا يجرى فيها الاستصحاب ، بل ولا في القار الذي كان الزمان قيدا له ( ونظير ) هذا الاشكال ، الاشكال المعروف في مبحث المشتق في نحو أسماء الزمان كالمقتل وغيره. حيث قيل بخروجها عن محل النزاع بلحاظ ان الذات المتلبسة بالمبدء فيها بنفسها متقضية مع المبدء لا ان الانقضاء مختص باتصافها بالمبدء ، فلا يصدق على الزمان الفعلي الموجود انه ذات انقضى عنها المبدء كي يجري فيها النزاع ( ولكن ) التحقيق صحة الاستصحاب فيها كغيرها من الأمور القارة ( تنقيح ) المرام يستدعى عقد الكلام في مقامات. ( المقام الأول ) في استصحاب الزمان وما يعرضها من العنوان الطارئ كاليوم والليل والشهر ونحوها من العناوين المنتزعة من مجموع الأزمنة المتعاقبة المحدودة بين الحدين والمحصورة بين الحاصرين ( ولا ينبغي ) الاشكال في جريان الاستصحاب فيها (146)
فان الآنات والأزمنة المتعاقبة وان كانت في الحقيقة وجودات متعددة متحدة سنخا ، ولكنها لما كانت على نهج الاتصال ولم يتخلل سكون بينها ، كان الجميع بنظر العرف موجودا واحدا مستمرا ، وبهذا الاعتبار يعد الموجود اللاحق بقاء لما حدث أولا ، فيصدق عليه الشك في بقاء ما حدث وتتحد القضية المتيقنة مع القضية المشكوكة ، وان لم يكن كذلك بحسب الحقيقة والدقة ( وحينئذ ) إذا صدق الموجود الواحد المستمر على الوجودات المتعاقبة على نعت الاتصال ، وكان مدار الوحدة في متعلق الوصفين على الأنظار العرفية لا على المداقة العقلية ، فلا جرم يجرى فيها الاستصحاب كجريانه في الأمور القارة لتمامية أركانه جميعا من اليقين السابق بالوجود والشك اللاحق في البقاء ( بل ) يمكن ان يقال : انه ليس لعنوان البقاء اثر في أدلة الاستصحاب ، فان الموجود فيها هو النهي عن نقض اليقين بالشك ، ولا ريب في أن دائرة صدق النقض عرفا أوسع من البقاء الحقيقي والمسامحي ، فيكون رفع اليد عن ترتب الأثر على الامر التدريجي الذي ينعدم ويوجد على التعاقب بالشك في انقطاع سلسلة وجوداته ، نقضا لليقين بالشك عرفا ( مع أن ) الانصرام والتجدد المانع عن الاستصحاب كما افاده المحقق الخراساني انما هو في الحركة القطعية في الأين وغيره المنتزعة من الأكوان المتعاقبة على نهج الاتصال الموافية للحدود الواقعة بين المبدء والمنتهى ، وهي الصورة الممتدة المرتسمة في الوهم المجتمعة الاجزاء في مرحلة الخيال والمتفرقة في الخارج ، كحركة الجوالة الموجبة لارتسام دائرة في الخيال ، فهي باعتبار منشأ انتزاعها الذي هي الأكوان
المتعاقبة المتفرقة في الخارج تدريجية ، فيأتي فيها الاشكال المزبور ( واما الحركة ) التوسطية وهي الكون بين المبدء والمنتهي والآن السيال في الزمان ، فلا قصور في جريان الاستصحاب فيها ( إذ هي ) بهذا الاعتبار من الأمور القارة ، فيصدق عليها البقاء حقيقة لا مسامحة ، هذا ( ولكن ) الانصاف انه لا سبيل إلى دعوى صدق القار على الحركة بمعنى التوسط كي يتصور فيها البقاء الحقيقي ، لما عرفت من أن البقاء الحقيقي للشيء عبارة عن استمرار وجوده في ثاني زمان حدوثه بما له من المراتب والحدود المشخصة له في آن حدوثه ( ومثله ) غير متصور في الحركة التوسطية في مثل
(147)
الزمان ونحوه بداهة انها ليست بحقيقتها الا عين التجدد والانقضاء والخروج من القوة إلى الفعل ، فالموجود المتحقق منها في الخارج انما هو الحصول في حد معين وهو أمر آني لا قرار له ، فهي بهذا الاعتبار عين الوجودات المتعاقبة والحصولات المتدرجة الموافية للحدود المعينة ، لان كل واحد منها كون واقع بين المبدء والمنتهي وفرد للحركة التوسطية ومرتبة من مراتب وجودها خارجا ( ومعه ) كيف يمكن التفكيك بين الحركتين وجعلها بمعنى التوسط من القار الذي يتصور له البقاء الحقيقي ( فلا محيص ) حينئذ من دفع شبهة البقاء بما ذكرناه من كفاية الوحدة العرفية الناشئة من كون الوجودات المتعاقبة على نعت الاتصال وعدم تخلل السكون بينها ، في صدق البقاء الحقيقي أو دعوى كفاية كون الوجودات التصرمية على نهج الاتصال في صدق النقض عرفا على رفع اليد عن الامر التدريجي بالشك في انقطاع سلسلة الوجودات ، لا وسعية صدق النقض عرفا من البقاء الحقيقي والمسامحي ( وعلى كل ) من التقريبين لا فرق بين الحركة بمعنى القطع أو التوسط ( فان ) المصحح للاستصحاب حقيقة انما هو الاتصال المزبور الموجب لصدق البقاء الحقيقي أو العرفي ، وهو كما يجدى في الحركة بمعنى التوسط ، كذلك يجدى في الحركة بمعنى القطع ( وعليه ) فلا اشكال في جريان الاستصحاب في نفس الزمان ( وكذا ) الكلام فيما يعرضه من العناوين الطارية المنتزعة من مجموع الأزمنة المتعاقبة المحدودة بين الحدين كاليوم والليل ونحوهما ، فإنه بهذا الاعتبار يكون كل آن جزء من الليل والنهار فيكون وجود الليل والنهار عرفا بوجود أول جزء منهما وبقائهما بتلاحق بقية الآنات المحدودة كونها بين الحدين ، فإذا شك في بقائهما يجري فيهما الاستصحاب لاجتماع أركانه من اليقين بالوجود والشك في البقاء واتحاد القضيتين ، هذا إذا كان الشك في البقاء من جهة الشبهة المصداقية ( واما ) لو كان الشك فيه من جهة الشبهة المفهومية ، كالشك في أن النهار ينتهى حده إلى آن غروب الشمس أو إلى ذهاب الحمرة المشرقية بعد القطع بغيبوبة الشمس فلا يجري فيه استصحاب ، لكونه من استصحاب العنوان الاجمالي الذي لا يكون مثله موضوعا لاثر شرعي ، لان ما له الأثر انما هو المحدود بأحد الحدين ، ولا شك فيه في البقاء
(148)
لكونه مقطوع البقاء على تقدير ومقطوع الارتفاع على تقدير آخر.
( ثم إن ) ما ذكرناه من جريان الاستصحاب عند الشك في حدوث الزمان أو بقائه من الليل أو النهار أو الشهر ونحوها انما هو إذا كان الأثر الشرعي مترتبا عليه بنحو مفاد كان أو ليس التامة ( واما ) إذا كان الأثر مترتبا عليه بمفاد كان أو ليس الناقصة ، ككون الزمان الحاضر من الليل أو النهار أو من رمضان ، ففي جريان الاستصحاب اشكال ، ينشأ من أن المتصف بمفاد كان أو ليس الناقصة ليس له حالة سابقة حتى يستصحب ، لان الزمان الحاضر الذي شك في ليليته أو نهاريته حدث اما من الليل واما من النهار ، فلا يقين باتصافه بكونه من الليل أو النهار ( واستصحاب ) بقاء الليل والنهار بمفاد كان التامة لا يثبت نهارية الزمان الحاضر أو ليليته حتى يترتب عليه اثره الخاص من وقوع متعلق التكليف أو موضوعه في الزمان الذي اخذ كونه ظرفا لامتثاله ( ولأجل ) ذلك يشكل الامر في كلية الموقتات كالصلوات اليومية والصوم في رمضان ونحوهما ، نظرا إلى أن غاية ما يقتضيه استصحاب الليل أو النهار بمفاد كان التامة في مثل تلك الموقتات انما هو اثبات بقاء التكليف بالموقتات ووجوب الاتيان بها ( واما ) اثبات وقوعها في الليل أو النهار أو رمضان الذي اخذ ظرفا لها ليترتب عليه الامتثال والخروج عن العهدة فلا ( لان ) صدق كون العمل واقعا في الوقت المضروب له شرعا مبني على اثبات نهارية الزمان الحاضر أو ليليته أو رمضانيته ، ( وبعد ) عدم اثبات الأصل المزبور نهارية الزمان الحاضر أو ليليته ، فلا يترتب عليه الامتثال والخروج عن عهدة التكليف بالموقت ( وبذلك ) تقل فائدة استصحاب الوقت والزمان ، لان الأثر المهم فيه انما هو في الموقتات. ( ولكن ) يمكن دفع الاشكال ، ( اما شبهة ) استصحاب مفاد كان الناقصة فبان يقال : ان ذوات الآنات المتعاقبة كما تكون تدريجية ، كذلك وصف الليلية والنهارية الثابتة لها أيضا تدريجية ، تكون حادثة بحدوث الآنات وباقية ببقائها ، فإذا اتصف بعض هذه الآنات بالليلية أو النهارية وشك في اتصاف الزمان الحاضر بالليلية أو النهارية ، فكما يجري الاستصحاب في نفس الزمان ، ويدفع شبهة الحدوث فيما كان (149)
اسما لمجموع ما بين الحدين ، كذلك يجري الاستصحاب في وصف الليلية أو النهارية الثابتة للزمان ، لان صدق البقاء في الزمان كما يكون بتلاحق بقية الآنات بالآنات السابقة ولحاظ المجموع من جهة كونها على نعت الاتصال وجودا واحدا ممتدا ، كذلك بقاء وصف ليلتها يكون بتلاحق القطعة من الوصف الثابت للزمان الحاضر بقطعات الوصف الثابت للآنات السابقة ، فلو شك حينئذ في ليلية الزمان الحاضر ، فلا قصور في استصحاب الليلية الثابتة للآنات السابقة وجرها إلى زمان الحاضر ، لرجوع الشك المزبور بعد اليقين باتصاف الآنات السابقة بالليلية أو النهارية إلى الشك في البقاء لا في الحدوث فيقال : بعد الغاء خصوصية القطعات ولحاظ مجموع الآنات من جهة اتصالها أمرا واحدا مستمرا ، ان هذا الزمان الممتد كان متصفا بالليلية أو النهارية سابقا والآن كما كان ، فيثبت بذلك اتصاف الآن المشكوك ليليته أو نهاريته بالليلية أو النهارية ( والا ) فلو فتحنا باب هذا الاشكال يلزم سد باب الاستصحاب في الزمان في مثل الليل والنهار ولو بمفاد كان التامة ، لجريان الاشكال المزبور فيه أيضا من حيث عدم تصور اليقين بالحدوث في مثل الليل والنهار الذي هو اسم لمجموع ما بين الحدين من حيث المجموع وكون القطعة الحاضرة من الزمان غير القطعة الموجودة سابقا ، ( وكما يصح ) استصحاب الليل والنهار بمفاد كان التامة ، وتدفع شبهة عدم اليقين بالحدوث ، بكفاية اليقين بوجود أول جزء من الليل عرفا في احراز وجود الليل ، كذلك يصح استصحاب اتصاف الزمان الشخصي الممتد إلى زمان الحاضر بالليلية أو النهارية :
( واما ) شبهة المثبتية في استصحاب الزمان بمفاد كان التامة في الموقتات ، فتندفع أيضا بما سيتضح لك من بيان كيفية اخذ الزمان في أدلة الموقتات ( فنقول ) : ان صور اخذ الزمان في أدلة الموقتات بنحو القيدية أو المقارنة : والمعية أربعة ، لأنه اما ان يكون راجعا إلى الهيئة والوجوب بناء على ما حققناه في محله من امكانه ( واما ) ان يكون راجعا إلى المادة ( وكل ) منهما باعتبار القيدية أو الظرفية ، أو المقارنة والمعية ينقسم إلى قسمين ، فتكون الصور أربعة ( بعد ذلك ) نقول : اما ما كان راجعا بحسب ظاهر الدليل إلى الهيئة والوجوب بنحو القيدية أو المقارنة والمعية ، فلا شبهة (150)
في صحة استصحابه عند الشك في بقائه وانه يترتب عليه الوجوب بلا كونه مرتبطا بباب المثبت ، لأنه من قبيل استصحاب الموضوع واثبات الحكم الفعلي به.
( واما ) ما كان راجعا إلى الموضوع والمادة ، فان كان على نحو المقارنة والمعية ، كما لعله الظاهر في أكثر أدلة التوقيت في الموقتات ، من نحو قوله (ع) : إذا دخل الوقت وجب الطهور والصلاة ، وقوله سبحانه أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل ، حيث كان المستفاد منها مجرد لزوم وقوع المأمور به صلاة أو صوما عند تحقق أوقاتها ، بلا اقتضائها لكون الوقوع في الوقت المضروب لها شرطا شرعيا ، فلا اشكال في جريان الاستصحاب ، فإنه باستصحاب بقاء الليل أو النهار أو رمضان يترتب وجوب الاتيان بالصوم أو الصلاة ، ويترتب عليه تحقق الامتثال والخروج عن عهدة التكليف عقلا باتيان المأمور به في الوقت المستصحب ، لكونه من اللوازم العقلية المترتبة على الأعم من الواقع والظاهر ، وان لم يتحقق معنى الظرفية والقيدية ولا يصدق على المأتي به عنوان وقوعه في أزمان الذي كان من الليل أو النهار أو رمضان ( إذ لا يحتاج ) إلى اثبات هذا العنوان بعد عدم اخذ عنوان الظرفية قيدا لموضوع التكليف شرعا. ( واما ) إذا كان الزمان مأخوذا في المأمور به على نحو القيدية أو الظرفية بحيث اعتبر عنوان وقوع الفعل في الوقت المضروب شرطا شرعيا وفيمكن تصحيحه أيضا بما بيناه من صحة استصحاب الليلية والنهارية للآنات التدريجية ( إذ حينئذ ) يصدق وقوع الفعل في زمان كان ذلك الزمان ليلا أو نهارا ، فإنه لا نعنى من القيدية المزبورة الا إضافة الفعل إلى زمان متصف بالليلية أو النهارية ، فوقوع أصل الفعل في زمان كان محرزا بالوجدان واتصاف ذلك الزمان بالليلية أو النهارية كان محرزا بالأصل فيترتب عليه الامتثال والخروج عن عهدة التكليف ( ويمكن ) اجراء الاستصحاب أيضا في نقص العمل المظروف أو المقيد ، بتقريب ان هذا العمل الشخصي لو اتى به سابقا قبل الآن المشكوك ليليته أو نهاريته لوقع متصفا بعنوان كذا والآن كما كان ، |
|||
|