ادب الطف الجزء العاشر ::: 1 ـ 15
    جواد شبر
ادب الطف
او
شـعراء الحسيـــن ( عليه السلام )
من القرن الاول الهجري حتى القرن الرابع عشر
الجزء العاشر


(4)

(5)
بسم الله الرحمن الرحيم
    والحمد لله على ما وهب ، ما خط قلم وما كتب ، والصلاة على محمد وآله زينة العجم والعرب.
    بهذه الحلقة تكون موسوعة ( أدب الطف ) قد اجتازت العاشرة من خطواتها فـ ( تلك عشرة كاملة ).
    وكنت أتمنى أن أصل بهذه الموسوعة إلى الاعلام الذين عاصرتهم وعاشرتهم حتى أكتب ما شاهدت منهم لا ما سمعت عنهم ، وقد حقق الله أمنيتي وأعطاني رغبتي فله الشكر والفضل ما كر الجديدان انه ولي الاحسان.
المؤلف


(6)

(7)
    قال يندب حجة آل محمد الامام المهدي عليه السلام :
طالت بغيـبتك الاعـوام والحجج ماذا اعتذارك للـدين الحنـيف اذا الدهر جـرد فيـنا مـن مـصائبه وقام يـشمت مـنا كل ذي حـنق حتى متى الصبر والدنيا قد امتلأت نهضا فركن الهدى مـن بعد رفعته هـذي امـية ظـلـما دك بيـنهم غـداة طبقـت الـدنيا بـمارقـة فداك نفسي متى يأتي لنا الـفرج وافاك يشكو الرزايا وهو منزعج عضبا غدت فيه منا تسفك المهج جمر العـداوة فـي أحشاه معتلج جورا وقـد زاد في آفاقها الهرج قد هدمته رعـاع الـناس والهمج من طـود مجدكم في كـربلا ثبج في ظلمة الغي بعد الرشد قد ولجوا
    وقال في هلال شهر المحرم :
حسـدت أمـية هـاشما بنـبيها ويزيدهـا قـد رام يمـحو ذكره وبنهضة السبط الشـهيد وقتـله فعلى جميع بني الهدى أن يلبسوا خـير البرية سيـد الامجاد ويـبدل التوحـيد بالالـحاد قام الهدى واسم النبي الهادي في يوم مصرعه ثياب حداد


(8)
    الشيخ جعفر ابن الحاج محمد بن عبد الله بن محمد تقي بن الحسن بن الحسين بن علي التقي الربعي المعروف بالنقدي عالم خبير متبحر وأديب واسع الاطلاع ومؤلفاته تشهد بذلك لقد طالعت كتابه ( منن الرحمن في شرح قصيدة الفوز والامان ) بجزئيه فوجدته مشحونا بالادب والعلم وفيه ما لذ وطاب ولو لم يكن له الا هذا المؤلف لكان أقوى شاهد على سعة اطلاعه. ولد في مدينة العمارة ـ ميسان ـ ليلة 14 رجب 1303 ه‍ نشأ على أبيه الذي كان من المثرين وذوي اليسار فعني بتربيته واحس منه الرغبة الكاملة بالعلم فبعثه الى النجف الأشرف للتحصيل العلمي فنال الحظوة الكافية ودرس دراسة جدية وحضر في الاصول على الشيخ محمد كاظم الخراساني وفي الفقه على السيد محمد كاظم اليزدي ولمع نجمه واشتهر بين أقرانه فوفد اهالي بلدته يطلبونه للاقامة عندهم وذلك عام وفاة أبيه سنة 1332 وألزمه العلماء بذلك فأجاب طلبهم وسار إلى هناك مرشداً مصلحا وكانت حكومة الاحتلال تكلفه بملاحظة الدعاوى الشرعية التي كانت ترد عليها فكان الواجب يقضي عليه بالنظر فيها وفي خلال ذلك آثار حسنة منها بناء جامع لم يزل يعرف باسمه ورشحته حكومة الاحتلال للقضاء الشرعي فامتنع لكن الزام العلماء ووجهاء البلد اذ قرروا عدم قبول غيره فقبل وذلك سنة 1337.
    واستمر في القضاء الى سنة 1343 ه‍ ونقل الى بغداد ثم الى عضوية التمييز الشرعي الجعفري وكان لا يفتر عن الكتابة والتأليف والتوفيق يحالفه بكل ما يكتب فمنها :
    1 ـ مواهب الواهب في ايمان ابي طالب طبع في النجف.
    2 ـ الانوار العلوية والاسرار المرتضوية طبع في النجف.
    3 ـ وسيلة النجاة في شرح الباقيات الصالحات للعمري ، طبع في ميسان.
    4 ـ الحجاب والسفور طبع أكثر من مرة ببغداد.


(9)
    5 ـ الاسلام والمرأة طبع مرات ببغداد.
    6 ـ الدروس الاخلاقية طبع ببغداد.
    7 ـ خزائن الدرر شبه الكشكول في ثلاث مجلدات.
    8 ـ ذخائر العقبى.
    9 ـ تاريخ الكاظمين.
    10 ـ اباة الضيم في الاسلام.
    11 ـ الروض النضير في شعراء وعلماء القرن المتأخر والاخير.
    12 ـ ذخائر القيامة في النبوة والامامة.
    13 ـ الحسام المصقول في نصرة ابن عم الرسول.
    14 ـ غرة الغرر في الائمة الاثني عشر.
    أما شعره فهو من الطبقة الممتازة وأكثره في مدح أهل البيت عليهم السلام ، وكتب في الصحف كثيرا ونشر في مجلات وجرائد العراق ومصر ولبنان وسوريا ففي مجلة ( العرفان ) والمرشد والهدى والاعتدال والاستقلال والنجف وغيرها. ترجم له الشيخ محمد السماوي في الطليعة فقال : فاضل مشارك في جملة من العلوم واديب حسن المنثور والمنظوم فمن قوله متغرلا :
لحاظـك أم سيـوف مرهفات أتنـكر فتك طرفك بي وهذي جفونك قـد رمت قلـبي نبالا فديتك هـل تصدق لي الاماني تسلسل في هواك حديث دمعي وقدك في الـغلالة أم قـناة خدودك من دماي مضرجات فـيا لله مـا فعـل الـرماة وان قيل الامـاني كـاذبات فاسنـده عن البحر الـرواة


(10)
اشبب في ربي نجـد وقصدي اسكان الحـمى رفـقا بـصب فلا بـرق سوى نيران شوقـي ومن عجب تخاف الاسد بأسـي ربوعك لا الطلول الدارسات تغـنت في صـبابته الـحداة وليس سوى جفوني معصرات وتسفك مهجتي الـريم المهـاة
    وقوله :
أشمـس الرصافة لا حجبت مدحت الحجاب الى أن رأت غيـوم الحيا من محياك نورا خدودك عيني مدحت السفورا
    ومن نظمه وعنوانه ـ الحياة.
واني لاختار الحـياة الـتي بها فان لـم تبلغني الحـياة ماربي ولي همة شماء لم ترض منزلا يقـلب بالآمـال قلـبي وتنثني فـوائد منها يستفـيد بـنو جنسي تخـيرت موتا فيه يسترني رمسي لها في العلى الا على هامة الشمس تنافسـني فـي كل مكـرمة نفسي
    وقال أيضا :
مونسي العلم والـكتاب الجليس يا نفوس الورى دعيني ونفسي حبـذا وحـدة بها لـي تجلى علمـتني ان الحـياة كـتاب نلت فيها ما لـم ينله رئيـس لـم يرقني مـن الانام انـيس انـما آفـة النفـوس النفـوس من زماني المعقول والمحسوس خطه الكـون واللـيالي دروس حـل في دستـه ولا مـرؤوس
* * *
يا رئيسا ذلت لديه نفـوس كل نفس ما قدستها المزايا يا عقولا بالجهل يعبث فيها فيك قد أشرقت أشعة قدس رغبة وانحـنت اليه رؤوس لم يفـدها من غيرها التقديس من بني الدهر سائس ومسوس وأضاءت كما تضيء الشموس
    ومن عرفانياته قوله وقد نشرتها مجلة الاعتدال النجفية :


(11)
يا من سكن القـلب وما فيـه سواه شـوقا لمحياك الى الـبدر صبوت في اثـر محبـيك للقياك عـدوت في مدرسة الحـب تلقـيت دروسا كم أبصرت العـين بدورا وشموسا ما أسرف في نعتك من قال وغالى من مظهر معناك تـصورت خيالا اشتاق الى قـربك والقـرب منائي ما انظر في الـكون أمامي وورائي في المسجد والدير وفي البيعة أمسى من نافذة الـكون بهم تهـتف همسا رفقا بمحـب بك قـد طـال عناه وجدا ودجى الليل بـذكراك لهوت في بادية العشق وقـد تهت وتاهوا أحيـيت من الدارس فيـهن نفوسا لم تحـك محـياك ولا لمـع سناه بل قصر اذ مثلك قـد عز جمالا فاعتل به القلب وما الطـرف رآه لا صبر على البعد وقد عز عزائي من يعقـل الا وأرى أنـت مـناه عشاقك يلقون عـلى العالـم درسا أوصافك كـفوا فلقـد جـل علاه
    ومن نوادره قوله :
شوقي اليك عظيم ان كان عندك شك لا شيء أعظم منه فاسأل فؤادك عنه
    وقال :
يا منية القلب رفقا هواك أضرم نارا ان كان عندك شك كفاك هـذا التجني بين الجـوانح مني فاسأل فؤادك عني
    وقال :
ما بال نشوان بـماء الدلال مهفـهف القـد لـه وجـنة ديباجـة الحـسن لعـشاقـه نقطة مـسك فـوق كافورة قد خفـقت اقـراطـه مثلما تسبي لحاظ الظـبي الحاظه والشعـر داج كليـالي الجفا الا صبا قـلـبي الـيـه ومـال تـشرق كـالبـدر بأوج الكـمال قد أوضحت عنوان شرح الجمال يخالها الجاهـل فـي الخـد خال يخفـق قلبي ان مـشى باخـتيال وجيـده يفـضح جـيد الغـزال والوجـه زاه كصـباح الوصال


(12)
عهدي بفـيه وهـو ياقوتة من ذاق مـن ريقته شهـدة جالت وشاحاه على خصره لك العنايا واصـفا خصره فـمن بـه نظم هـذي اللئال بشراه قد ذاق الرحيق الزلال وكلما جالت بها القـلب جال اكفف فقد رمت بلوغ المحال
    ومن روائعه في الاخلاق :
اذا رزق الانسان في الجسم صحة وعـاشره فـي بيـته مـن يحبه وكان قنوعا بالذي حل في اليد فذاك الغنى لا كنز تبر وعسجد
    وله شعر كثير لو جمع لكان ديوانا يجمع القصائد المطولة وبعضها في مدح الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب والتشوق إلى النجف ـ موطن دراسته ـ ومن قوله في الإمام المهدي عليه السلام :
أمـا وعينـيك ان الـقـلب مكـمود ما العـيد الا بـيوم فـيه انـت ترى وتـملأ الأرض قسطا بعـدما ملئـت يا صاحب العصران العصر قد نقصت وصارم الغـدر في اعـناق شيعـتكم الله أكبـر يا ابـن العسكـري مـتى فديت صبرك كم تغضي وأنت تـرى وذي نـواظـرنـا تـجري مـدامعها تالله مـا انعقـدت يـوما مـحافـلنا من ساءني رزؤكم ما سرني عيد تلـقى الـيك مـن الـدنيا مقاليد جـورا وقد حل في أعداك تنكيد أخياره وبن و الأشـرار قد زيدوا قد جردته الاعادي وهـو مغمود تبـدو فيـفرح ايـمان وتـوحيد شمل الزمان به قـد حـل تبديد وملؤهـن مـن الارزاء تسهـيد الا بهـا مـأتم للسبـط معقـود
    وروى له الشيخ السماوي في ( الطليعة ) قصيدة في الامام الحسين عليه السلام وأولها :
سرى يخبط البيدا بهم ذلك الركب وسار من المشتاق في اثرهم قلب
    ومنها :
هوى للثرى من سرجه فتزلزلت له السبعة الافلاك وارتجت الحجب


(13)
قضى نحبه ظامي الحشا بعدما ارتوى وما انكشفت من قبله الحرب عن فتى بفيض دماء القوم صارمه العضب بمصرعه منه العـدى نابها الرعب
    كنت مشغولا بالكتابة عن المترجم له في يوم 17 ـ 10 ـ 1977 وهو يوم "تعداد العام لسكان العراق فدخل الشاب المحامي محسن الشيخ جواد الشيخ محمد حسن سميسم ليقوم بتسجيل افراد العائلة ولما رأى الترجمة قال : ان المترجم له أرخ ولادتي بقوله :
بشرى الجواد بمولد ولد بتاج العز وال‍ آل السـميسم داركم فقدومه بالخـير معلن ‍علياء توجه المهيمن ارختها ضاءت بمحسن
    وفي مخطوطاتي قصيدة من نظم المترجم له يرثي بها السيدة زينب الكبرى بنت أمير المؤمنين علي وشريكة الحسين في النهضة وأولها :
ما جف دمع المستهام المغرم بعد الوقوف ضحى بتلك الارسم
    وفي أواخرها :
أشقيقة السبطين دونك مدحـة تمتاز بالحق الصريح لو أنهـا بيمين اخلاصي اليك رفعتهـا وعليك صلى الله ما رفعت له قس الفـصاحة مثلها لـم ينظـم قيـست بشعر البحـتري ومسلـم ارجو خلاصي من عذاب جهنـم أيـدي محل بالـدعاء ومـحرم
    وهي 53 بيتا ما زلت احتفظ بها وبخطه والتوقيع : نظم عبد ذوي الولاء جعفر نقدي :
    توفي رحمه الله فجأة في اليوم التاسع من محرم الحرام 1370هـ في حسينية آل الياسين بالكاظمية في المأتم الحسيني فارتجت الكاظمية لفقده وحمل الى النجف فدفن يوم تاسوعا في الصحن العلوي الشريف ، وكان قد سبقه البحاثة الشيخ محمد السماوي الى دار البقاء بخمسة ايام كما ذكر الشيخ الطهراني في النقباء.


(14)
لقد هـاج فـي قلـب الشـجي غرام سروا فأذلـت الـدمـع اثر مسيـرهم وقد قـوض الصبر الجـميل لبيـنهم ظللت أنـادي في الـربوع فـلم يجب أأحبابنا هـل مـن سبـيل لـوصلكم وهل نلتـقي بعـد الفـراق سـويعة فيا سعد دع عـنك الصبـابة والهوى وحـي كـراما مـن سلالـة هـاشم بنفـسي افـدي اســرة هـاشمـية رأت ان ديـن الله بـيــن أمـيـة فقامت لنصر الـدين فـرسان غالب وقد جردت عضبا من الحزم لو رمت الى أن ثـووا في الـترب بين مبضع فجـاءهـم سبـط الـرسـول مناديا رضيـتم بـأن ابقـى وحـيدا وانـتم الى أن قضى حـق العـلى بمـواقف فـأردوه بالبيـض الـصفاح وبالقـنا فـخر على وجـه الثرى عـن جواده فـأقبـلن ربات الـخـدور حـواسرا لركب بجـرعاء الغمـيم أقاموا دما والحـشا منى عـراه سقام وشب عليهم في الفـؤاد ضرام ندائـي وأنـى للـربوع كـلام فيحـيى فـؤاد لـج فيه هـيام فيطفى من القلب الشـجي أوام وعرج على من بالطفوف أقاموا نمتها الى المجد الاثيـل كـرام لها قد سما فـوق السماك مقام تلاعب فيـه مـا تشاء طـغام عليها من البأس الشـديد وسام شماما بـه لا نهد منـه شمام ومنعـفر مـنه تـطاير هـام احـباي هبوا فالمـنام حـرام ضحايا على وجه الصعيد نيام بها قام للدين الحـنيف دعـام ولـم يـرع فيه للنـبي ذمـام وفيه احاطـت بالسـيوف لئام وليـس لهـا الا الـعفاف لثام


(15)
أحطـن به مستصرخـات كأنها واعظـمها وجـدا عقـيلة حيدر علي عزيز أن أراكم على الثرى حمام على أوكارهـن حيام تنادي أخاها والدموع سجام تداس لكم بالصافنات عظام
    خطيب توارث الخطابة عن اب عن جد من أسرة عربية تعتز بخدمة المنبر الحسيني فهو الشيخ حسين ابن الشيخ محمد خطيب الحلة الفيحاء ابن الخطيب الشيخ عبد الحسين وكذلك جد والده الشيخ شهيب. ولد في الحلة حوالي سنة 1322 ه‍ ونشأ في كنف والده فكان عونا له في أداء مهمته الخطابية كما مرنه اخوه الدكتور محمد مهدي البصير على تعاطي الادب ونظم الشعر. توفي فجأة بالحلة بالسكتة القلبية وحمل نعشه الى النجف ودفن بها سنة 1370 وجزع ابوه لفقده جزعا شديدا حتى ذهب بصره ، وأقام له الاستاذ السيد علي القزويني المحامي معتمد فرع حزب الاستقلال بالحلة حفلا اربعينيا في مقر فرع الحزب حيث كان من أعضائه وأبنه جماعة من شعراء اللغتين الفصحى والدارجة. ترجم له الشيخ اليعقوبي في البابليات والخاقاني في شعراء الحلة قال وله شعر كثير في السياسة والاجتماع وهو من النوع المقبول.
ادب الطف الجزء العاشر ::: فهرس