ادب الطف الجزء العاشر ::: 16 ـ 30
(16)
    قال قدس الله نفسه الطاهرة عندما زار مرقد مسلم بن عقيل سلام الله عليه :
ان جئت كوفان يوما زر مسلم بـن عقيل تـفز بما تـرتجـيه وطفت تلك المغاني وحي مرقد هـاني من المنى والاماني
    اسرة آل ياسين عريقة بالعلم والفضل وتعتبر الاسرة الموجهة للناس الى الخير والكمال وقد توارثت الزعامة الروحية وتولت القيادة الدينية فأحسنت القيادة ، وشيخنا المترجم له كان بركة الارض بتقواه وورعه وقداسة ذاته وطيب أعراقه.
    ولد في الكاظمية ضحوة الاربعاء سابع ربيع الاول 1297 ه‍ من ابوين كريمين فكان مثال الوداعة في طفولته واشتغل بالدراسة منذ نعومة اظفاره وتفرست الناس فيه النبوغ والعبقرية وعقدوا عليه الآمال وما كاد يتخطى العقد الثاني حتى شهد له اعلام


(17)
عصره بالاجتهاد ، واستوطن النجف عام 1336 ه‍ فكان فيها من شيوخ الفقه وملتقى رجال الفكر وابطال العلم وعرف بتحقيقه وغزارة فقهه ، ما جلست اليه مرة الا وتملكتني الهيبة فقد كان أضوء من المصباح لصباحة وجهه وما أحلى تلك الشيبة البهية يجلله الوقار والعظمة وافضل مميزاته زهده في الدنيا وانصرافه عنها. رجع اليه الناس عن عقيدة صميمة واحبه الخاص والعام وتوافدت عليه وجهاء الاقطار.
    وفي كل ذلك يحاول أن يزوي نفسه ويفسح لمن يرغب في الشهرة ومع كل ذلك فقد طبعت رسالته ( بلغة الراغبين في فقه آل ياسين ) مرارا كثيرة ، ولقد دعيت مرة إلى مأتم يختص بالسيد الجليل السيد محمد بن الإمام علي الهادي سلام الله عليه وبعد الفراغ من الحديث انشدنا رحمه الله من نظمه :
يا أبا جـعفر اليك لـجأنا فعسى تنجلي لنا آي قدس ولمغناك دون غيرك جئنا فنرى بالعيان ما قد سمعنا
    وقل ما رأيت مرجعا من المراجع يخلو من ناقم عليه أو ناقد له ولحاشيته ولكن شيخنا المترجم له أكاد ان اقول اجمع الناس على حبه والثقة به.
    توفي بالكوفة يوم السبت في الساعة السابعة والنصف عصرا 28 من رجب سنة 1370 وكان يوما مشهودا ونعته الاذاعة وعطلت الاسواق وحمل النعش للنجف بأعلام مجللة بالسواد والاناشيد المحزنة ترددها مختلف الطبقات رحمه الله رحمة واسعة وقد اصدر صاحب مجلة البيان النجفية عددا خاصا حافلا بالشعر والنثر.


(18)
    من قصيدة طويلة للشيخ محمد السماوي وقد تضمنت الابيات المعروفة لجعفر بن ورقاء (1).
كم دمع عينك يهـمع وتوثب الحقد الحسين حتى رمـاه بـكربلا والمـشرفيـة شـهر والنبل قد ملأ الفضـا أفما تـكف الادمـع فسار فـيه يجعـجع حيث الجيوش تجمـع والسمهريـة شــرع ء مخـطف أو وقـع

1 ـ جعفر بن ورقاء الشيباني هو ابو محمد كان فاضلا اديبا مصنفا وكان أمير بني شيبان وتقلد عدة ولايات للمقتدر ، وكان شاعرا جيد البديهة يأخذ القلم ويكتب ما يريد من نثر ونظم كأنما هو محفوظ له ، وله مع سيف الدولة مكاتبات ، ذكره النجاشي والعلامة وغيرهما. ولد بسامراء سن مائتين واثنتين وسبعين وتوفي في رمضان سنة ثلثمائة واثنتين وخمسين كما في فوات الوفيات. انتهى عن الطليعة من شعراء الشيعة للشيخ السماوي كما نسب له الابيات المشهورة والتي أولها :
رأس ابن بنت محمد ووصيه للناظرين على قناة يرفع
    وقد تقدم في الجزء الأول من هذه الموسوعة ان هذه الابيات للشاعر دعبل بن علي الخزاعي كما يقول الحموي في معجم الادباء.


(19)
والنقـع يـدجـو والـبوا فثنى على القربوس رجلا وهـداهـم وعـظـا فلم فاستـل صارمـه فـهام مهما مـحا جـمعا تكتب ضاق الفـضاء وسيـفه غرثان لا يـروى بغـير صـافي الحديدة لا يزال مـما يـكـونـه الالـه حـتــى دعـاه الله واز فـأجـاب داعـي ربـه ورمى الحـسام فعـاد و صلـت علـيه المرهفات وتـشابـكت فـيه النـبا وتناكصـت عنه الحـجا فاقـل رأس بالســنان يـا للـرجـال لـحادث ( رأس ابـن بنـت محمد ) ( والجسم منه على الثرى ) ( والمسلـمون لـهم هنا ) ( لا منتكـر فيـهـم ولا ) ( كحلت بمنظرك العيون ) ( وأصم رزؤك في البر ( أسـهرت اجـفـانـا ) ( وأنمت أخرى لم تكن ) نم كيـفما شـاؤا فأنت يخشى وثوبك في الحيا مـا بقـعة الا تمـنت رق فـي دجـاه لمع وانثنى يتطلع يصـغوا اليه ولم يعوا لا تـــعــد وأذرع آخـر مــتـجـمـع ان ضـاق فيـهم يوسع دمـائـهـم أو يشـبع فـرنـده يـتشـعشـع لـه ومـما يـصـنـع دهـى المقـام الارفـع لبـيك هـا أنـا طـيع هو الى المواضي مرتع فـسـجــد أو ركـع ل فـخر وهـو مدرع رة ليس فـيه مـوضع لـه وديسـت أضلـع مـنه الجـبال تـصدع فـوق الاسـنة يرفـع ثـاو هـناك مـبضـع لك مـنظر أو مـسمـع منهـم لـه مـتـوجـع عـمـايـة لا تـقـلـع يـة ) كـل اذن تـسمـع وكنت لها كـرى يتـمتع من خـوف بأسك تهـجع الـضيـغم المـستـجمع ة وفي المـمات ويفـزع أنــهـا لك مـوضـع


(20)
ولسر عـلمك مـدفن ءأبـا عـلي لا يـزل ويذوب قلب من مصا والهـفتاه تقـطع الا ما ان يبـرد اصـبع كـلا ولا اللـبات تلد ان الاسى ذاك الاسى ولطيب جسمك مضجع يجـري لـرزئك مدمع بك ذا وتـخفق أضلـع حـشا وليـست تقطع تـدمى وسـن يـقرع م والـجـبـاه تبـضع معها فـماذا نـصنـع
    الشيخ محمد ابن الشيخ طاهر بن حبيب بن الحسين بن محسن الفضلي السماوي كان أبوه عالما فاضلا والمترجم له ولد في السماوة بتاريخ 27 ذي الحجة عام 1292 ه‍ ونشأ بها وبعد عشر سنوات من ولادته توفي ابوه فهاجر الى النجف لطلب العلم فقرأ المبادئ على العلامة الشيخ شكر البغدادي والشيخ عبد الله بن معتوق القطيفي ودرس الرياضيات على الشيخ آغا رضا الاصفهاني وأصول الفقه على الشيخ علي ابن الشيخ باقر صاحب الجواهر كما درس على الشيخ آغا رضا الهمداني والسيد محمد الهندي والشيخ حسن المامقاني وشيخ الشريعة وممن زوده باجازة الاجتهاد الحجة السيد حسن الصدر والشيخ علي الشيخ باقر ثم عين قاضيا في المحكمة الشرعية الجعفرية في النجف الاشرف طيلة زمن الاحتلال وعامين من الحكم الوطني ثم نقل الى كربلاء فبقي سنتين ومنها الى بغداد فبقي عشر سنين بين القضاء والتمييز الشرعي وأخيرا طلب نقله الى النجف وبقي يشغل منصب القضاء سنة واحدة ثم استقال على أثر خلاف بينه وبين فخامة السيد محمد الصدر ونظم الخطيب محمد علي اليعقوبي :
قـل للـسـمـاوي الـذي النـاس تـضـربها الـذيو فـلك القـضــاء بـه يـدور ل وأنت تضـربـك الـصـدور
    يقول صاحب شعراء الغري : والسماوي مارس الصحافة واشتغل كمحرر في صحيفة ( الزوراء ) الرسمية والتي كانت ببغداد باللغتين : التركية والعربية مدة سنتين وذلك في أواخر العهد التركي


(21)
حتى سقوط بغداد ومن النوادر الادبية أنه دخل على مدير المال وعنده كاتب يهودي يرتاح الى كماله وجماله فأنشد الشيخ السماوي مرتجلا ـ واسم اليهودي ( يعقوب ).
يا آل موسى ان يعقـوبكم حـكم لحظـيه وأردافـه مال مدير المال من لحظه جارت مـعانيه على العالمين فأفسدت محـكمة المسلـمين واتخذ الارداف صندوق أمين
    ومن غزله قوله :
أبدلي مـم احـورار المقل بت منها وهي سكرى ثملا تلفت نفـسي أما يرأف بي ثغـره الاشـنب لو عللني جائر الاعطاف كم قد هزها أهو من كحل بـها أم كحل هـل سمعتم ثـملا من ثمل ساحر الاجفان أو يعطف لي لـشفى لي عللي أو غـللـي فأسال النـفس فـوق الاسل
    ترجم له الزركلي في ( الاعلام ) فقال :
    الشيخ محمد بن طاهر السماوي بحاثة كبير وأديب لبيب وفقيه بارع شغل منصب القضاء الشرعي ردحا من الزمن ، ولد ونشأ بالسماوة على الفرات شرقي الكوفة ، وهي غير السماوة القديمة ، وتعلم بالنجف ، اكثر في شبابه من نظم الغزل والاخوانيات وانقطع في كهولته الى المدائح النبوية وما يتصل بها من مدح الحسين السبط والائمة الطاهرين وهو عضو من أعضاء المجمع العلمي العراقي ، صنف كتبا منها ( ابصار العين في انصار الحسين ) انتهى ، الكواكب السماوية ، عنوان الشرف في تاريخ النجف وهو أرجوزة في 500 بيتا ، تأريخ الطف أرجوزة في 1250 بيتا ، صدى الفؤاد في تاريخ الكاظم والجواد ارجوزة في 1120 بيتا ، وشائح السراء في تاريخ سامراء ارجوزة في 700 بيتا وهذه الاربعة طبعت في كتاب واحد ، ظرافة الاحلام فيمن نظم شعرا في المنام ، بلوغ الامة في تأريخ النبي والائمة ارجوزة في 120 بيتا ، رياض الازهار فيما نظمه في النبي وآله الاطهار ، الترصيف في التصريف ، مناهج الوصول الى علم الاصول ، فرائد الاسلاك في الافلاك ، الطليعة من شعراء الشيعة وغير هذه كثير


(22)
فقد كتب عشرات الكتب وكان شديد الشغف بالاستنساخ والتأليف كنت اسأله واستفيد منه ودخلت عليه مرة فرأيته يكتب تفسير القرآن استنساخا فقال لي اني كتبت وجمعت من الدواوين لشعراء لم يجمع شعرهم مما يربو على الخمسين شاعرا ، أما من التفاسير فهذا التفسير السادس الذي اكتبه بخطي ، واذكر ان التاجر السيد حسن زيني قال لي مرة : يوجد ديوان جدنا السيد محمد زيني في مكتبة الشيخ السماوي ولعلك تستطيع شراءه لي ، ولما أبديت ذلك للشيخ قال لي هاك الديوان فاسرته أولى به ولما سألته عن الثمن ، قال : خذ منه ما تجود به يده ، وكانت مكتبة السماوي مضرب المثل وأمنية هواة الكتب واذكر أنه حاول ان تشترى منه وتوقف وقفا محبسا حتى ولو تنازل عن بعض ثمناها وقال : اتمنى ان تقدر هذه المكتبة وأتبرع بثلث قيمتها اذا حصل من يوقفها وقفا خيريا ، واعتقد انه لو كان يملك القوت لاوقفها هو ولكنه كان مملقا ، وبعد وفاته باعها الورثة وتفرقت في عشرات من المكتبات اخص المخطوطات التي تنيف على الالفي مخطوط ، ومن ذكرياتي انه لما أصدر كتبه الثلاثة ( عنوان الشرف ) ظرافة الاحلام ، الكواكب السماوية قرضتها بقطعة شعرية نشرتها جريدة ( الهاتف ) في سنتها الثامنة عدد 306 ومنها :
الا هـكذا فلـيك المنتـجون وهذا الـذي يستـحق الثناء جـديـر اذا قـيل بـحاثة لـه طـرف فـي أحـاديثه وان راح يعرب عـن نطقه لقـلت هـو البـحر لكـنه ومقتـطفات لـه كالهلال وفي مثل هذا يكون الشغف وعنوانـه يستـحق الشرف له بالكمال الكـمال اعترف ظرافتـها تزدري بـالطرف ويـروي نـوادره والنـتف لئاليه فاقـت لئالي الـصدف وقل ما الهلال وما المقتطف
    يقول الكاتب المعاصر في شعراء الغري : كتب السماوي بخطه أكثر من مأتي كتاب مضافا إلى انه ينتقي الكتب القيمة وطبعاتها القديمة : الصحيحة حتى ارتفعت طبعات بولاق بسبب كثرة طلبه لها وكتب عن مكتبته جرجي زيدان في كتابه ( تاريخ آداب اللغة العربية ) أما مؤخذاتنا عليه رحمه الله فقد كان ينتحي القوافي


(23)
الصعبة فتعوزه السلاسة كما انه لو اتحفنا بتاريخ النجف وكربلاء والكاظمية وسامراء نثرا لكان أنفع من نظمه في أرجوزة واليكم قصيدة في مدح النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقد التزم فيها بالحروف المهملة دون المعجمة.
أهواه سمح الوعود أمرد هلال سعد ودعص رمل أطال صدا وحـال عهدا سطا وعود الاراك رمح أما لاهـل الهـوى محام أعطى مرام الورود أم رد حلاهـما عـوده الـمؤود ومـل ودا وواصل الـعد عـدلـه والسـهام سـدد وهل لصرعى الوداد عود
    الى أن يقول :
وصائم الـوصل لو رآه الاطهر المرسل الموطى ملك سـما للسـماء لما راء لصلى عـلى محمد طاها عماد العلى الموطد أوحى لـه الله عد واصعد
    وهي طويلة نكتفي منها بهذا ، وله من قصيدة في الامام الحسين عليه السلام.
كم طلـعة لك يلا هـلال مـحرم ما انـت الا القـوس في كبد السما ذكرتهم يوم الطـفوف ومـا نسوا يوم به زحف الضلال على الهدى بعـثت بنو حـرب كـتائب تقتفي ونحت بها عزم ابن حيدر فاستوى سدت بـها صدرالفـضا فـأزالها وأعاضت الـماء الفـرات بوردها كم من خمـيس جال في أوساطـه قـص الجـناح لـه وأنـشب قلبه تتقصف الاصلاب في يوم الـوغى وتهـافت الارواح مثـل فـراشها أتـرى أمـية يـوم قادت جيـشها هيـهات ما أنـف الابي بـضارع قد غيبت وجه السرور بمأتم ترمي قلوب المسلمين بأسهم لكن تجـدد ذكره المـتصرم وبه تميز جاحـد مـن مسلم بكـتائب وعرمـرما بعرمرم منـها يلـف مؤخـرا بمقدم منه بصاعقة الحـسام المخذم فأفاضها بـندى يديـه وبالدم فـدعاه ملقـى لليـدين وللفم بمخالب البازي وظفر الضيغم ما ان يقول انا الحسين وينتمي دفعا ببارق سيـفه المتـضرم ظنته يعطـيها يـد المستـسلم للحادثات من الخـطوب الهجم


(24)
فقضى بحكم حسامه ، أجسادها في فـتية يتـلـونه فـكأنـه لاوابد ، ونفوسـها لجهنم من بينهم قمر يحف بأنجم
    ويستمر في نظمه الى رثاء الحسين ومصرعه.
    وله قصيدة في علي الاكبر شهيد الطف منها :
يا أشبه النـاس بنفس المصطفى بمن اذا اشـتاقوا النبي أبصروا لله مـن ظـام ولـكن سـيفه يرشف من ثـغر أبيه بضـعة ثـم يعـود للـقـتال جـاهدا يستقـبل البيـض بوجه ويرى حتى هوى على الثرى موزعا يستـحمل الريـح سلاما لاب يا زهرة الدنيا على الدنيا العفا ونبـعة ريـانـة مـن دوحة فمن نـحاك بالحـسام ضاربا وأي سـيف حـز منك منحرا خلـيقـة وخلـقا ومنـطـقا وجـها له يجـلو سناه الغسقا من الـدما راو يمـج العـلقا لاتستطيع بالظـما أن تنـطقا يقـط كـشحا ويقـد مـفرقا ان الفـنا خير لـه من البـقا بـين المواضي والقـنا مفرقا بـر فيـنقض علـيه صـعقا وزهـرة الافق ولـيت أطبقا بـها النبي والـوصي اعتنقا جسـما تغذى بالتقى وما اتقى جـرى به دم الهـدى مندفقا
    وللشيخ السماوي شعر كثير في الامام الحسين يجده المطالع في كتاب ابصار العين وغيره وتحس بلوعته لفاجعة أهل البيت بأبياته التي صدر بها كتابه بقوله :
فـاجـعة ان أردت اكتـبهـا جرت دمـوعي فـحال حائلها وقـال قلـبي بقـيا عـلي فلا بكت لـها الأرض والسماء وما مجـملة دكـرة لمـدكـر ما بين لحظ الجفون والزبر والله ما قد طبعت من حجر بينـهما في مـدامع حـمر
    وقوله مخمسا بيتا واحدا من قصيدة الشيخ كاظم الازري السالفة الذكر :


(25)
ان يقتلوك على شاطي الفرات ظما وقد بكـتك دما حـتى العدى ندما فقد تزلزل كرسي السما عظما أي المحاجر لا تبكي عليك دما
أبكيت والله حتى محجر الحجر
    وله في رثاء الحسين عليه السلام قصيدة ، مطلعها :
أدموع عين أم مخيله هطلت على تلك الخميلة (1)
    واخرى في أبي الفضل العباس بن أمير المؤمنين (ع) أولها :
بكرت تصب اللوم مزنه لما رأت قلبي وحزنه
    وثالثة في ( عيد الغدير ) أولها :
أضئ يا أيها البرق التماعا لعلي ان أرى تلك الرباعا
    وقال في رثاء الامام أمير المؤمنين عليه السلام :
تـذكـر بالـرمـل جـلاسه وأفـرده الـوجد حـتى انثنى فـصار اذا رمقـته العـيون ولـيل دجوجي بـرد الصبا أقـام فـخـيم فـي أعيـني تململت فـيه أناجي الجـوى أيا وحـشة ما وعاهـا امرئ تمـثل ليـلـة غـال الـشقي وأرصـده في ظـلام الدجى أتاه وقـد اشغـلته الصـلاة عـلى حين قد عرجت روحه فلـو أنـه داس ذاك العرين لفر الى المـوت من نـظرة ولـكـنه جـاءه سـاجـدا فـهاج التـذكر وسـواسه يـعاقر مـن حـزن كاسه يـطأطئ مـن ذلة راسـه تولـت هـمومي الـباسـه وسـد بقـلـبي أمـراسـه وأدرس يـا ربـع أدراسـه وآنـس في الـدهر ايـناسه بها عـلم القـسط قسـطاسه بحـيث العـدى آمنت باسه وأهـدأت النفـس أنـفـاسه ولـم تودع الجـسم حراسـه بحـيث يرى الليث من داسه وألقـى الحـسام وأتـراسه وقـد وهـب الله احـساسه

1 ـ المخيلة جمعها مخائل : السحب المنذرة بالمطر.

(26)
فـقوى عـزيـمـته واجـترى وهـد مـن الـديـن أركـانـه وغـيـض للـعـلـم تـيـاره فيا طالب العـلم خـب فالكتاب ويـا وافد العرف عـد بالسحاب ويا رخم الطــير سد فـالعقاب فـمن للعـلـوم يـرى فـكره ومـن للـيتـيم ومن للعـديـم قضى الـمرتضى بعدما قد قضى قـضى حيـدر العـلم فالعالمون أعـني على النـوح يا صـاحبي ألسـنا فـقـدنا امـام المهـدي أتـبـكـي الاوزة في وجـهـه فشـق بصارمـه راسـه وجذ من العـدل أغـراسه وأطـفأ للحـق نـبراسـه قد مزق الكفر قـرطاسـه غـب وغـيب رجـاسـه قـد مهد الـموت أرمـاسه ومـن للحـروب يرى باسه يـبـدل عـن ذاوذا ياسـه ذمـام القضا بالـذي ساسه أضاعوا الصواب بمن قاسه فقـد جاوز الـحزن مقياسه وبـدر الفـخار ومقـياسـه واصـبر ان فلقـوا رأسـه
    وقال في مدح الحسين الشهيد :
أدهق ساقي الـهوى له قدحه بات يجن الهـوى ويسـتره ترثي لـه الناس رقـة وهم ثل الجوى عزمه بحب رشا جؤذر رمـل ومهـر سابقة حاز مـن الزبرقـان لمحته خطا قـناة وما خطى كبدي دعاه قلبي للحزن لازمه ذاك لان الفـؤاد هـام بـه رق لمن لـم يرق سواك له زايلت وصفيك ثم عدت الى سبـط النبي الهادي وبهجته شاد عـماد الهـدى وأطلعه صرف فـي دين جده فكرا فـشب زنـد الجوى بـما قدحه لكـن صوت البـكاء قد فضحه لـم ينـظروا قلـبه ولا قـرحه لو مر عذب الصـبابه جـرحه ألا تـرى جـيـده ومتـشـحه وبـاع من مشـتري السما ملحه ومال صفحا سـيفا وما صفحه فـلم يـزل هـمه ولا تـرحه ولم يطـع فيه قول مـن نصحه وارث لمن لا تـزال مقـترحه ( الحسين ) أجلو من وصفه مدحه وثقـله الاكبـر الـذي طـرحه بدرا يوازي بدر السـما وضحه له وأوحـى الى الـهدى لمـحه


(27)
ضاقت يد المسلمين عن رجل طـلاب حـق ركاب مخطرة ظلوا حيارى بـه فـلم يجدوا عـاذ بـه خائـفا فـآمنـه غدا يـشيد الهـدى ويرفع ما فـكم دريـس أعـاد رونقـه قاتل عنه بـصاحـب خـذم كهم بيـض الظـبى بـموقفه لما انثنى في الكـفاح مبتسما ماز الهدى وانـجـلت حقائقه نال المنى في وقـوفه ومضى ورد ضوء الكـتاب منتـشرا هدى به الله مـن أضل هدى يقصر وصفـه الطـويل ثنا يقـيم للمسلـمين منـفـسحـه حيي وجـه بالسيف مـنه قحه سواه يعطي الاسلام ما اقترحـه ومـستـمـيحا فبـثه منـحـه كان أبـوه النـبي قـد فتـحـه وكم مـشوب قـد رده صرحه لو صـادم الطود حـده نفـحه الحرج وأنسى عن قـوسه قزحه كأن في حومـة الـوغا فرحـه و عدن سـبل الاسـلام متضحه لله ذبـحا فـويح مـن ذبـحـه يجلو على مسمع الهـدى فصحه ومن للإسـلام صـدره شرحـه فقـل بمثـن يقـيم منـسرحـه


(28)
رجـعي يـا بلابـل الاغـصان رددي لـي بكـل لـحن شـجي انت مثـلي في عالم الشـجو الا والشجي الجـهول فيـما شـجاه كم كتمت الهوى لـذات صـدود لـي بـحـبي لها الـذ نعـيـم قـدحـباني بـها الالـه ولـكن ذكرتني بهـجرها لـي هـجري اغـفلـتني بـزهوهـا وكـأني كنـت أصبو الى السـعادة لكن جـرأتـني على التمـرد نفسي بالرقيبـين قـد علـمت ولـكن لست أدري اذا استـطار فؤادي ما اعتذاري لدى الحساب اذا ما ما اعتـذاري وقد جنـيت ذنوبا ما اعـتذاري اذا دعيت وخفت مااعـتذاري اذا سئـلت بـماذا ما اعتذاري اذا نشرت وعـدت وأقيـمت عـلي مـني شهـود لهف نفـسي اذا أخـذت كتابي واستثيري بلابـل الاشـجان واستـجيدي مهـيج الاحزان أنـني عالـم بما قـد شجاني كالمعزي وجـدا من الثكلان قد شجاني فـراقها وبـراني وعـذابي بها النعـيم الـثاني قـد رماني بهـجرها وابتلاني واجـتوائي لمنـهج الرضوان ما احتسبت المعاد في حسباني فرط جهلي على الشقا أغواني فـي هواها وقـادني شيطاني سوء حظي عن الهدى أعماني يـوم بعـثي بجسمي العريان نشرا ما اقترفت طـول زماني أثقـلتـني وسـودت ديـواني حـسـناتي بكفـة الـمـيزان قد تقضى بك الـزمان الفانـي ماجـنته يـداي والـرجـلان باجترامي جـوارحي ولـساني بشـمالـي وأبـت بالخـسران


(29)
واسـتـتمت عـلي حـجة حـق من مجـيري من العـذاب اذا ما من مجيري على الصراتط اذا ما عقـبات وربـما كـنـت ادري ان عـدتـني بـهاحـسان فعال وأذيـق العـصاة حـر عـذاب فنـجاتي بـسـيدالـرسل طـه أظمأته عـصابةالـشرك ظـلما مـنعـوه مـن الـورود لـماء وأثـاروا علـيه حـربا عـوانا فاسـتدارت علـيه سبـعون ألفاً ألبـوها علـيه مـن كـل فـج واستـخفـوا لحـربـه بـثلاث حـر قلبي لـه وروحـي فـداه بفـؤاد مـؤجـج يـتـلـضى مـستـغـيـثا بـجـده وأبيـه ويـنادي مـذكرا وهـو نور الله قـائـلا فيـهم أنـا ابن عـلي وابـن طـه محمد خـير خلق فلـماذا دمـي يحـل ولحـمي فأتاه مـن العـدى سهم حـتف وانتـحى قلـبه فـرن صـداه فهـوى للصعـيد خيـر امـام ضـارعا للالـه فيـما ابتـلاه ونـحاه القـضا بضـربة سيف ورقى الشـمر صـدره بحـسام ومضى يقـطع الـوريد بعضب فاكـتسى الـكون بالظلام حدادا ونعاه الـوجود والـعرش أن قد قتلوه ومـا رعـوا فـيه حـق تــركـوه مـرمـلا بـدمـاء عـن قـضاء المهيـمن المنان قـيدتـني سلاسـل الخـذلان أرعشتني عـواقب العصيـان ما الاقي بـها ومـا يلـقانـي وتخوفت ضيـعتي وهـوانـي واستـحقـوا المصـيـر للنيران وبـكائي لسـبطـه الظـمـآن وسقـته الـردى يـد العـدوان وبكفـيه يلتـقـي البـحـران واستـثاروا كوامـن الاضغـان وتـنادت علـيـه بـالخـذلان من شآم تـجري الى كـوفـان بين سهـم وصـارم وسـنـان من وحـيد يجول فـي الميدان بيـن حر الظـما وحر الطعان مفـردا بينـهم بـلا أعــوان أجـلى مـذكرا فـي بـيــان المرتضى وابن خـيرة النسوان طــرا وآيـة الـرحــمـن مـن نبي الهـدى نـما بلـبان ليـته شـق مهـجتي وجـناني في حـشى الدين صـرة الآذان ساطـع الـنور طـيب الاردان في سبـيل التسـليم والاذعـان من خـولى وطـعنة مـن سنان هد ركـن الهدى وصرح الأماني سـله البغي فـي يـدي شيطان لمـصاب بــكت لـه الثـقلان فل عـضب الهـدى مع الايمان المـصطفى لا ولا عـلي الـشان فـوق حـر الثـرى بـلا أكفان


(30)
فابك شجـوا لـه بحر فؤاد واجر حزنا عليه دمعك لكن وزفير بأنة الثـكلان من نجيع بمدمع هتان (1)
    الشيخ ابراهيم ابن العالم الجليل الشيخ عبد الرسول حموزي فقيه فاضل ومن رجال الفضل والكمال لا زلت اتصوره جيدا وأذكر أحاديثه العذبة في ديوان الحاج عباس دوش ، كان بعدما نفرغ من تلاوة قصة الحسين عليه السلام يسترسل فيتحدث عن مواقف الاسلام وبطولات اعلام الاسلام ساعات من الليل والكل يصغي اليه بشوق ولهفة لحسن بيانه وفصاحة لسانه.
    ولد في النجف الاشرف سنة 1315 ه‍ ونشأ بها على أبيه الشيخ الوقور فعني بتربيته وكان فطنا ذكيا ثم درس على فريق من الاعلام ونمت ملكاته العلمية والادبية مضافا الى خلقه العالي وتمسكه بآداب الاسلام وكنت أتذكره والابتسامة لا تفارق شفتيه وقد حباه الله بوجه مقبول تقرأ عليه اللوذعية والوداعة معا. كانت وفاته فجأة بدون سابق مرض وذلك في الثامن من شهر الله المبارك شهر رمضان عام 1370 ه‍ خارج مركز بلد الناصرية ـ محافظة ذي قار ـ وكان هناك من أجل التبليغ والارشاد في شهر الصيام. فحمل الى النجف ودفن واقيمت له الفاتحة ثلاث ليالي في اقرب جامع الى داره وهو جامع الشيخ الطريحي رحمه الله رحمة واسعة.
1 ـ سوانح الافكار ج 3.
ادب الطف الجزء العاشر ::: فهرس