ادب الطف الجزء العاشر ::: 301 ـ 317
(301)
انت يا مفـخرة الدهر ومن أكما قـيل على رغم الهدى من طغام ضرجت تاريخها سنة خطـت لكم من سابق رمتم الاخرى فلم تتـخذوا قد توطأت من المجد السناما بيد الجـور تجرعت الحماما بدم الحق مـضاعا ومضاما كيفـما متم فـقد متم كراما لكم مـن متع الـدنيا حطاما
* * *
أمة العرب احفـظيها ذمة جددي الذكرى له واحتفلي واهتفي باسم امام الحق لو لابـي كان لـم يخـفر ذماما واجعلي عـندك ذكـراه لزاما صح ان لا تجعلي النوح ختاما


(302)
الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن محمد المغربي
المتوفى سنة 418
    قال وقد لجأ الى مشهد الحسين بن علي بن ابي طالب عليهم السلام
تحصنت من كـيد العدو وآله ودون يد الجبار من أن تنالني ألح على مـولى كـريم كأنما ليسلمني من بعد أن أناجـاره بمجنبة مـن حـب آل محمد جواشن أمـن صنتها بالتهجد يباكر مـني بالغـريم اليلندد وقد علقت احدى حبائله يدي (1)
    ترجم له العماد الحنبلي في ( شذرات الذهب ) فقال : ابو القاسم بن المغربي الوزير واسمه حسين بن علي الشيعي ، لما قتل الحاكم بمصر أباه وعمه واخوته هرب وقصد حسان بن مفرج الطائي ومدحه فأكرم مورده ثم وزر لصاحب ميافارقين احمد بن مروان الكردي ، وله شعر رائق وعدة تآليف عاش ثمانيا واربعين سنة وكان من ادهى البشر وأذكاهم.
    وترجم له الحموي في معجم الادباء قال : ابو القاسم المعروف بالوزير المغربي الاديب اللغوي الكاتب الشاعر ، ولد فجر يوم الاحد ثالث عشر ذي الحجة سنة سبعين وثلثمائة وحفظ القرآن وعدة كتب في النحو واللغة وكثيرا من الشعر ، وأتقن الحساب والجبر والمقابلة ولم يبلغ العمر أربعة عشر ربيعا وكان حسن الخط سريع البديهة في النظم والنثر. ولما قتل الحاكم العبيدي اباه وعمه وأخويه هرب من
1 ـ طبقات المغربي للداودي ج 1 / 154.

(303)
مصر فلما بلغ الرملة استجار لصاحبها حسان بن الحسن بن مفرج الطائي ومدحه فأجاره وسكن جأشه وأزال خوفه ووحشته ، أقول وذكر له جملة من المنظوم.
    وترجم له الداودي في طبقات المفسرين وقال : اختصر كتاب اصلاح المنطق في اللغة وابتدأ في نظم ما اختصره قبل استكماله سبع عشرة سنة ، وصنف كتاب ( الايناس ) وهو مع صغر حجمه كثير الفائدة وكتاب ( الالحاق بالاشتقاق ) وكتاب ( ادب الخواص ) وكتاب ( الشاهد والغائب ) بين فيه اوضاع كلام العرب والمنقول منه واقسامه تبيانا يكاد يكون أصلا لكل ما يسأل عنه من الالفاظ المنقولة عن أصولها الى استعمال محدث وكتاب ( فضائل القبائل ) وكتاب أخبار بني حمدان واشعارهم واملاءات عدة في تفسيرالقرآن العظيم وتأويله.
    وروى موطأ مالك وصحيح مسلم وجامع سفيان وقارض ابا العلاء المعري بمكاتبات أدبية كثيرة الغريب ، وقال الشعر الجيد ، وبرع في الترسل وصار اماما في كتابة الانشاء وكتابة الحساب وتعرف في فنون من علم العربية واللغة.
    قتل مسموما بميافارقين في ثالث عشر شهر رمضان سنة ثماني عشرة واربعمائة وحملت جثته الى الكوفة فدفن بتربة كانت له بجوار قبر علي بن أبي طالب عليه السلام وله ديوان شعر ومن شعره قوله :
أقول لها والعيس تحدج للسرى سأنفـق ريـعان الشبـيبة آنفا أليـس مـن الخسران أن لياليا أعدي لفقدي ما استطعت من الصبر على طلب العلـياء أو طـلب الاجر تمر بلا نفـع وتحسب مـن عمري
    اقول أخذ المعنى من شاعرنا محمد مهدي الجواهري بقوله :
خليلي مـن ظلم اللـيالي بأنها هلما نبع عمرا ونشري مسرة تمر على رغمى وتحسب من عمري فلـيس بعـدل أن نبيـع ولا نشري


(304)
    وترجم له ابن حجر العسقلاني في ( لسان الميزان ) كما ترجم له اليافعي في ( مرآة الجنان ) وترجم له من المعاصرين الشيخ محمد السماوي في مخطوطه ( الطليعة من شعراء الشيعة ) قال : وقوله في غلام حلق شعره.
حلقـوا شعـره ليكسوه قبحا كان قبل الحلاق ليلا وصبحا غيرة منهم علـيه وشحا فمحوا ليله وأبقوه صبحا
    وذكر له من الشعر قوله
صلى عليك الله يا من دنا اخوك قد خولفت فيه كما هل برسول الله من اسوة مـن قاب قـوسين مقام النبيه خولف في هارون موسى أخيه لم يقـتد القـوم بما سـن فيه
    وقوله :
أيا غامـضين المـزايا الجليلة ويا غامضين عن الواضحات اذا كان لا يعـرف الفاضلين من المرتضى والسجايا الجميلة كـأن العـيون لـديها كلـيلة الا شبـيههم فـي الفـضيلـة
    من ابيات تزيد على العشرة ذكرناها ونقلناها عنه في مخطوطنا ( ما تشتهي الانفس ) ج 3 / 278.


(305)
    كتب الدكتور عبد السلام الهراس مقالا عنوانه ( مأساة الحسين في الادب الاندلسي ) ونشر هذا المقال في مجلة ( المناهل ) المغربية والتي تصدرها وزارة الشؤون الثقافية في الرباط. وفي العدد 14 من السنة السادسة.
    وذكر شعر أبي عبد الله محمد بن ابي الخصال الشقوري المتولد سنة 465 ه‍ والمتوفى 540 ه‍ وقال : هو الكاتب المرابطي البليغ وقد استحيى مأساة الحسين وجدد ذكرى كربلاء ، ولا شك انه انشأ عدة قصائد وقطع نثرية في الموضوع ، لان الرجل كان غزير الانتاج جياش العاطفة ، يمتح من نفس مليئة بالاحزان تنفجر من اغوار عميقة ، لكن لم نسمع من ذلك الانتاج الا بعض الابيات خلال قصائد نبوية ، وقصيدتين رواهما ابن خير عن الشاعر نفسه كما نص على ذلك في كتابه المفيد ( الفهرست ) (1) والقصيدتان حسب ما وصل عن ابن خير احداهما على قافية النون المردفة بالاف ، والثانية على قافية التاء بعد الالف. والى حدود السنتين الاخيرتين كان البحث يعتبرهما مفقودتين الى ان وفقنا أخيراً الى اكتشافهما ، فوقعنا بذلك لاول مرة على بداية واضحة صادقة لعشر بكاء الحسين في قصائد مستقلة.
    يقول في الاولى :
عرج على الطف ان فاتتك مكرمة وابك الحسـين ومـن وافى منيته يا ليت اني جريح الطـف دونهم اني لاجعل حـزني فيهـما ترفا لله عيـن بكـت ابـناء فاطـمة واذر الدمـوع بها سـحا وهتانا في كربلاء مضوا مثنى ووحدانا أهين نفـسا تفيد العز مـن هانا يكون للذنـب تكـفيرا وغفرانا ترى البـكا لهم تقـوى وايمانا

1 ـ فهرست ابن خير ص 421.

(306)
ما سرني ببكائي ملك قاتـلهم آليت بالله لا أنـسى مصائبهم فيا محـمد قـم لله معـترفا لم يفرغ الله في جنبيك حبهم ومثله معه لو صح أو كانا حتى أضمن اطباقا واكفانا فان ربك قد أولاك احسانا الا لتلقى به فوزا ورضوانا (1)
    قال وهي تبلغ عندنا ثلاثة عشر بيتا :
    اما الثانية فتبلغ تسعة وعشرين بيتا ، يقول فيها :
لهف نفسي على الحسين ومن لي يا جنـوني بـرئت منـك اذا لم لهف نفـسي على قتـيل يعزى اي عيـش يطـيب بعـد قتـيل حرمـوه مـاء الفـرات ولـوا وثووا في قـصوره واطـمأنوا ان في كـربلاء كـربا سقـيما فاتني نصركـم بنصلي فنصري وقـواف مـوسـومـة بدموع ما بـقاء الـدمـوع بعد حسين أتكون الدمـوع فيه وفي الناس هون الله بعـدهـم كـل خطب ان يقضي حقـوقه عبراتي تغرقي في بحورها نظراتي عنه خير الآبـاء والامهات مـات بالمرهفات اي ممات جده ماسقـوا بـماء الفرات وبنات الرسـول في الفلوات فتن المؤمنـين والمـؤمنات بفـؤاد مجـدد الـزفـرات قدحت في تـوقد الجـمرات فخذي من صميم قلبي وهات سواء كـلا وهـادي الهـداة وحلت لي علاقم الـحادثات
    ولابن ابي الخصال عدة قصائد نبوية منها قصيدته الشهيرة المسماة بمعراج المناقب ومنهاج الحب الثاقب عارض بها قصائد حسان بن ثابت ، وقد خمسا ابو عبد الله محمد بن الحسن بن جيش المرسي ، وبفضل هذا التخميس استطعنا التقاط ابيات من شعر ابي الخصال في هذا المجال ، يقول في الموضوع الذي يهمنا :
1 ـ مصورة لمخطوط يملكها الاستاذ مصطفى الطاهري الذي يهيئ رسالته لنيل دبلوم الدراسات العليا في موضوع ( ابن أبي الخصال حياته وأدبه ).

(307)
ويلحقهم فضل الشفاعة بالرضى سوى أن قوما جعجعوا بابن بنته وانحوا على أوداجه كل مرهف كأنهـم لـما أباحـوا حـريمه كلوا واشربوا من خير أكل ومشرب وحفوا بـه مـن قـاتـل ومـؤلب طـريـر وحـزوا رأسـه لتـتوب أبـاحوا حـريم الديلمي المحرب (1)
    ويقول في احدى الحسينيات :
ولو حـدثت عـن كربلاء لابصـرت وثـاني سبـطي احـمد جعجـعت به ولـم يـرقـبـوا الا لآل مـحـمـد وان عـليـهـم في الـكـتاب مـودة فيا سرع ما ارتدوا وصدوا عن الهدى ويا كبـدي ان انـت لـم تتـصدعي فيـا عبـرتي ان لم تفـيض علـيهم أتـنـتـهـب الايـام فـلـذة احـمد أيضـحى ويـظـمى احـمد وبـناته ومـا الـدين الا ديـن جدهم الـذي ينـام النـصارى واليهـود بأمنـهم ومــا هــي الا ردة جـاهـلـية حسـينا فتـاها وهـو شلو مقدد رعاة جفاة وهو في الارض أجرد ولـم يـذكروا أن القـيامة موعد بقـرباه لا ينـحاش عنـها موحد ومالوا عن البيت الذين بـه هدوا فانت مـن الصفوان اقسى وأجلد فنفـسي أسخـى بالحيـاة وأجود وافـلاذ مـن عـاداهـم تتـودد وبنـت زيـاد وردهـا لا يـصرد به أصدروا في الصالحين وأوردوا ونومـهم بالخـوف نـوم مـشرد وحقـد قـديـم بالحـديث يؤكـد
    ان ابن ابي الخصال يلح على مأساء كربلاء ويقدمها في صور شتى ويكرر افكاره خلال قصائده وهو أول شاعر اندلسي ـ فيما نعلم ـ يعتبر قتل الحسين ردة جاهلية ذلك القتل الذي كان بدافع حقد قديم يضمره بنو عبد شمس لبني هاشم قبل الاسلام وأكده الحديث ، كما أبرزته الاحداث بعد الدعوة الاسلامية ويؤكد كفر القتلة نثرا في بعض رسائله بقوله : وما يلقاها الا كل خارج عن الاسلام ومارق ، كلا ان ملائكة العذاب لتدخل عليهم بالمقامع من كل باب ، فأي وسيلة بينهم وبين شفاعة جده يوم الحساب (2).
    أدرك ابن أبي الخصال مكانة عالية على عهد المرابطين كما يتبين ذلك من انتاجه الادبي الغزير لكنه نشب في ثورة فاشلة
1 ـ ازهار الرياض مخطوط بالخزانة العامة بالرباط.
2 ـ رسائل ابن أبي الخصال ، توجد لدى الاستاذ الطاهري مصطفى.


(308)
عليهم مع عامل قرطبة ابن الحاج الذي كان ملازما له بالاندلس والمغرب ، وقد نجا من هذه الورطة ليعتزل الحياة السياسية ويزهد في المناصب ، سيما وقد شاهد من الفتن والقلاقل والتمردات ما زهده في تلك الحياة ، فلزم داره خائفا من تلك الاحقاد القديمة ولم يسلم المترجم له حتى ذبحه بعض الجنود الاجلاف واقتحموا داره ونهبوها وكان ذلك يوم السبت 12 ذي الحجة سنة 540 ه‍ ولما توفي الرجل كان العلماء والادباء يقصدون قبره ويزورونه ويجيبونه بقولهم : السلام عليك يا زين الاسلام.


(309)
أميلـوها الى ذات اليمـين ركائب حملت وجدا وشوقا الى بلـد بـه خلفت روحي ذكرت بها الاحبة حين أودى على آجـام آساد العـرين وما يسمو على الدر الثمين تحن حنـين فاقدة القـرين بهم في كربلا ريب المنون
    الحاج محمد عجينة النجفي من الاسرة التي اشتهرت بالتجارة وسعة الحال ولقب الشاعر نفسه بالهمداني ـ بسكون الميم ـ نسبة الى القبيلة اليمانية المعروفة لانه كان دائما يتمثل بالابيات المنسوبة الى الامام عليه السلام في قبيلة همدان.
دعوت فلباني من القوم عصبة فوارس من همدان غير لئام
    وكان يقول : انا همداني بالولاء والسبب لا بالاصل والنسب فتغلب هذا اللقب عليه ، وكان أبوه الحاج صالح وجماعة آخرون يترددون للتجارة بين العراق ونجد والحجاز كآل الحبوبي وآل شكر وآل زيني ، وقد اختار والده الحاج محمد صالح سكنى مدينة الرسول ومجاورة سيد العالم فتوفي بالمدينة المنورة وعلى اثر ذلك هاجر ولده المترجم له من النجف في ريعان شبابه واستوطن قاعدة الامارة الرشيدية في نجد ( جبل حائل ).


(310)
    واتصل هناك بالعلامة السيد محمد سعيد الحبوبي واستوحى منذ بعض الخواطر الادبية وملكاته الشعرية قال الشيخ اليعقوبي : رايت له بعض المطارحات المرتجلة مع السيد الحبوبي رحمه الله بلغة أهل البادية وهو الشعر الذي يسمى عندهم ب‍ ( القصيد ) ولقد قربته مواهبه الادبية لدى اميري نجد وهما : محمد بن عبد الله الرشيد وابن أخيه عبد العزيز بن متعب فكانت له عندهما حظوة ومنزلة سامية ومدحهما بقصائد جمة وما وردت على القصر الرشيدي قصائد هجائية من شعراء آل سعود الا وانتدب من قبل الاميرين المذكورين للرد عليها حتى اذا اتفقت له خصومة مع احد الاكابر في المدينة استعدى فيها الامير الثاني على خصمه فلم يجد منه أية عناية فسافر على أثر لك من نجد متجها نحو المدينة ومكة والطائف وأقام في تلك العواصم برهة ثم عاد الى نجد مؤكدا صلاته مع امرائها مرة ثانية فرضي عنهم ورضوا عنه.
    قال الشيخ اليعقوبي : وقفت على مجموعة من شعره كان قد جمعها بقلمه في حياته عند أحد أبناء عمه وجل ما فيها لم يتعد الاساليب القديمة مدح وهجاء وحماس ورثاء وغزل وتشبيب واليك بعض ما اخترناه منها. قال يمدح امير نجد ويذكر بعض مغازيه :
سر على اسم الله فالسـعد تجلى لك جنـد الله والحـزب الـذي فالق من شئت ولا تخش العدى وبنـو وائـل لما أن عـصوا يـوم هاجت للشـقا اقـرانها كـم بهم غـادرت مـن نائحة طلع الفـجر علـيها بالـردى وربيـع الخـلق ان اسغـبهم واذا يعـرب يـوما فاخـرت حكم السـيف بهـامات العدى لك من قبل ونجم النحس ولى بلظى هيجـائه الاعداء تصلى قد كـسا الله بـك الاعداء ذلا وتمادوا في سبيل الغـي فعلا فسـقاها حتفـها عـلا ونهلا تندب الاهـل بشجو فهي ثكلى فغدت كالليل بالصبح اضمحلا عام جدب ترك الارجاء محلا كنـت أحماها جـوارا وأجلا ان غير السيف لا يحكم عدلا
    وله فيها ايضا :
أيـا ملك المـلوك ومـن بيـوم وحين غزا العـتاة بأرض نـجد جررت على العصاة جيوش عز النـدى قد كان أرحمـهم جنانا هـوت لوجوهـها ولوت رقابا تدك الارض بالزحف اضطرابا


(311)
اذا ما الخيل بالابـطال جالت سرايا عزمه لـو صادمتها فكم من نار حـرب اخمدوها ومهـدت البـلاد كـأنما قد وكم اوضحت فيها من سبيل مـلات مسامـع الايام هولا تراهم فوقـها اسدا غـضابا جبال تهامـه عـادت سرابا وكم خاضوا لها بحرا عبابا ضربت على جوانبها حجابا تعفى رسـمـه وغـدا يبابا لـو ان الطفل يسمـعه لشابا
    وهناك الوان من شعره لا حاجة لذكرها. اما حادثة اغتياله فانه قد قفل راجعا للعراق حوالي سنة 1325 ه‍ وبقي يتعاطى التجارة في الكوفة ، وكانت له قطعة أرض زراعية في ضواحي قضاء الشامية وقد وقع بسببها نزاع بينه وبين بعض مجاوريه فخرج اليها يوما ولم يعد وانقطعت اخباره وعميت على أهله وظهر بعد التحقيق أنه اغتيل وقتل خنقا ودفن سرا على مقربة من تلك الارض فنقل جثمانه الى النجف وكان وقوع الحادث أيام الفوضى خلال الحرب العامة الاولى سنة 1334 ه‍ وكان عمره يوم قتل نيفا وستين سنة رحمه الله. انتهى عن مجلة البيان النجفية السنة الاولى.
    وترجم له الاخ الخاقاني في ( شعراء الغري ) ترجمة وافية وقال : انه ولد في النجف عام 1275 ه‍ ونشأ بها على ابيه الحاج محمد صالح ، واتصاله بآل رشيد ومدحه لهم وذكر نماذج من شعره فمن قوله في أهل البيت عليهم السلام :
الى طيبة العـليا وبهجـتها الغرا وقـلب عراه لاعـج الهم والاسى عـلى سادة بالحـق لله سبـحوا أئمتنا باب الـرجا معـدن الحجى بفضـلهم الـدنيا تبـارك جـدها اذا ما سـألنا الله يـوما بحقـهم بهم كشف الله الكروب عن الورى وفـرج عـنا كـل هـم وغـمة بهم قامت الـدنيا ولـولا رضاهم تشـوقني نفـسي ولي كـبد حرى وخـد لينبوع الدمـوع به مجـرى أجل الـورى شـأنا وأرفـعهم قدرا كرام الـورى أبنـاء فاطـمة الزهرا ونلـنا بها حظا تـضيء له الاخرى أجاب لنا الدعـوى ووفى لنا الاجرا وأمطرت الخضراء واخضرت الغبرا وأبد لـنا عـن عـسرنا بهـم يسرا لما خـلق الرحـمن بـرا ولا بحرا


(312)
أثـرهـا تعـج بـأصـواتـها وقـدهـا عـرابـا ألفن الفـلا تخـايل من تـحـت فـرسانها عليـها مـن الصـيـد غـلابة طـلايع هـاشـم يـقـتادهـا حنانـيك يا خـلف الـسالفـين أعــدتـك آل لـوي لـمـن فحـتى م تغـضي وانت الغيور أمثـل ابن ... يمـيت البتـول ومثـل امـيـة تـلك الـتـي تغـالب مـثل بـني غـالـب لــذاك أبـى ذاك رب الابـا ودك مـن الطـف أطـوادهـا كماة يـهـاب الـردى بطـشها وقد اقبـلـت زمـر الـظالمين دعاهـا الى الحـرب محـبوبها وهـبـت وناهـيك فـيمن تهب ترى ان في النقـع نـشر العبير جلتها مـن العزم بيض الصفاح صحـائـف تـقرأ منها الكـماة فتـبغي الفـرار وكيـف الفرار لقـد تاجرت ربـها في النفوس ومذ أرخـصت سـومها للهدى بـرأد الضحى نـزلـت كربلا تهـاوت وليـس تعاب النـجوم وباتت على الارض مثل البدور ألا يـا لفـهر وثـاراتـها كأن العـنا في استـراحاتها تخايـلهم فـي أريـكاتـها تصـيد الاسـود بغاباتـها الى الحـرب خـير بقياتها ووارثـها فـي كراماتـها لـواها وسـود رايـاتهـا على هضمها واغتصاباتها بـفادح خطـب رزياتـها تبـيت نشـاوى بـحاناتها وتدفـعها عـن مـقاماتها فـأرسى على غاضرياتها بـآساد فـهر وسـاداتـها ويخشى القضا من ملاقاتها بآسـاد فـهر وسـاداتـها فخاضـته قبل اجـاباتـها لترضي الحـبيب بهـباتها ومـا ذاك الا شـذى ذاتها كـأحـسابـها وكـنياتـها ( انـا فـتحـنا ) وآيـاتـها وارجلها فـوق هامـاتـها وقد ربـحت فـي تجاراتها أراهـا المـنى في منـياتها وفـي اللـيل باتت بجناتها اذا مـا تـهاوت كـعاداتها عراهـا الخـسوف بهالاتها


(313)
مغـسلة في جـراحـاتـهـا ولـما رأى السـبط انـصاره رقى ضامـرا ونضى صارما وحين انـبرى نحـو هـاماتها ينـادي بـآجـالـهـا سيـفه كـأن الجـماجم مشـغـوفة ترى الارض ترجف من تحته لك الوهن يا أرض عن ثابت ولمـا رأى أن هـذي النفوس فشاقـته منـزلة الصالحيـن قـضى ابـن عـلي فيا هاشم لمن انت مـن بعـده للـورى الطما على الصـدر من بعدما حرام عـلى غـالب أن تـبل وتلك يـتامـاهـم تشـتـكي ويا آل فهـر لـقـد حـق أن فتلك الحـرائر فـي كـربلا لمن ترفعون الخـدور وقـد وجـاءت لـكافلهـا تستغيث مكـفـنـة فـي شهـاداتها سقـتها الحـتوف بكـاساتها فقرب أشـراط سـاعاتـها براها ابـن خيـر بريـاتها فـتأتيه مـن قـبل اوقاتها به فهي تأتـيه مـن ذاتـها بـاحيـائها وبـأمـواتـها يـزلزل سـبع سـماواتها جمـيعا رهائـن ميـقاتها فـتاق رواحـا لـغاياتـها قـعي بعـده في مذلاتـها لارائـها أم لـحاجـاتـها غدا صدره رهـن غاراتها بالماء حـر حـشاشاتـها وفي الماء جل شـكاياتها تميـطوا خـبا عـلوياتها سترن الوجـوه بـراحاتها ثكـلن الخـدور بـرباتها وتبكي العدى لاستـغاثاتها
    الشيخ مهدي بن داود بن سلمان بن داود الشهير بالحجار عالم فقيه وأديب شهير ، ولد عام 1318 ه‍ وكان والده اميا وكذلك جده اما والده فكان ينقل الحجارة من أنقاضها غير أن الولد المترجم له نشأ ميالا للعلم والادب فدرس المقدمات وهو ابن عشر سنوات ونظم الشعر في الخامسة عشرة من العمر وبرع فيه ، واختلف على مشاهير العلماء وتتلمذ على الزعيم الروحي الشيخ احمد كاشف الغطاء كما حضر على المرجع الديني الميرزا حسين النائيني في الاصول ولمعت مواهب الشيخ الحجار وراح يغذي الشباب بالعلوم الدينية والدروس العربية الاسلامية مضافا الى حلقة أدبية تضم العشرات من الشباب الذين كانوا يعرضون عليه نتاجهم الادبي ويعتدون برأيه اذ كان أبرع اقرانه يومذاك ونشرت المطابع قصيدته الشهيرة الطويلة المسماة ب‍ ( البلاغ المبين ) في العقائد فكان المتأدبون يحفظونها


(314)
ويتداولونها ويتدارسون معانيها ومضامينها وله غير هذه مجموعة اراجيز منها ارجوزته المسماة ( فوز الدارين في نقض العهدين ). ويوم كتب السيد محسن الامين كتابه ( التنزيه ) للشعائر الحسينية ثار العلماء الاعلام وأئمة الاسلام بوجهه وكتبوا مفندين ومنتقدين ما كتب وكنت اتصور ـ وانا في مقتبل العمر ـ ان المساندين لفكرة السيد الامين والمؤيدين له هم المتجددون والذين يميلون للتحلل من أوامر الدين ، وكان المترجم له قد استخدمت افكاره موجة الشباب فراح ينظم بوحي منهم كقوله من قصيدة مطلعها :
يـا حـر رأيـك لا تحـفل بمنـتقد وما على الشمس باس حيث لم تراها سـيروا شبيبـتنا لـكن على خطط انـا لـنامـل فـيـكم ان شعبـكم وبالخـتام لكم اهـدي التحـية مـن ان الحقيقة لا تخـفى عـلى احد عين أصيبت بداء الجهل لا الرمد قد سنها الديـن في منهاجه الجديد يعود ملتـئما فـي شمـله البـدد قلب بغـير ولاكـم غير معتـقد
    ويوم بلغت الخصومة أشدها بين المرجعين الكبيرين السيد ابو الحسن الاصفهاني والشيخ احمد كاشف الغطاء حول شخصية الخطيب السيد صالح الحلي فقد حرم الاول الاستماع الى خطابته وأحلها الثاني وعقد له مجلسا في بيته ، وكان المترجم له ـ كما قلنا ـ تلميذا للشيخ احمد كاشف الغطاء فأنشد قصيدته التي يقول فيها :
انت العـميد لهـم برغـم انـوفهم رات الـشريـعة منك اكـبر قائد والعلم مثـل البـحر هـذا غائص والعرب تعـلم ان تـاج فـخارها سلـها غـداة تصفـحت قرآنـها فخر البيوت بأهلـها فافـخر على واذا روي عن آل جعفر في العلى انـي وان كنـت البعـيد قـرابة بل انـت سـيدها وكلهم سـدى فرمـت اليك زمامـها والمـقودا فـيه وهـذا مـنه ما بـل الصدا بسـوى شريعة ( احـمد ) لن يعقدا أفهل رأت ( بيغمـبرا او يا خـدا ) بأبي الرضا والمرتضى علم الهدى خبر فمن كف ( الحسـين ) المـبتدا منـكم فشـعري عنـكم لـن يبعدا
    وشاءت الارادة السماوية والحكمة الربانية والحمد لله على


(315)
جميل صنعه ان تنحصر الزعامة الدينية في الآية الكبرى السيد ابو الحسن بعد وفاة المرحوم الحجة الشيخ احمد كاشف الغطاء فيكون الشيخ الحجار من تلاميذه ومخلصيه ويراسله على سبيل المداعبة يستجديه ويستميح نيله وفضله فيقول :
عجـبت وكل زماني عجب ولكن اشـير وانت الخـبير ( زقسم عجم را نمعدود شدم ) ولست أصرح مـاذا السبب ولا استحي منك اذ انت أب فـهلا اعـد قسم العـرب
    فيغدق السيد عليه بكرمه المعهود ويجعله ممثلا عنه في جانب ( معقل ) البصرة ويقوم الشيخ بأداء وظيفته الدينية كما يأمر به الشرع الشريف ولكن لم يطل عهده وعاجله القدر فتوفي ليلة السبت 8 شعبان 1358 ه‍ فنقل نعشه بموكب فخم الى النجف ودفن بوادي السلام.


(316)
المصادر المطبوعة
أعيان الشيعة السيد محسن الامين
نقباء البشر الشيخ محسن الطهراني
المراجعات الريحانية الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء
الذخيرة الشيخ سليمان ظاهر
الحالي والعاطل الدكتور عبد الرزاق محيي الدين
لماذا اختار هؤلاء مذهب أهل البيت القبيسي
العراق في الشعر العربي والمهجري الدكتور محسن جمال الدين
شعراء الغري علي الخاقاني
شعراء من كربلاء سلمان هادي الطعمة
المقبول في آل الرسول ديوان الشيخ قاسم محيي الدين
ديوان الشيخ حميد السماوي
ديوان الشيخ محمد جواد الجزائري
حل الطلاسم الشيخ محمد جواد الجزائري
ديوان الشيخ عبد الحسين الحويزي
ديوان الشيخ كاظم آل نوح
مع رجال الفكر في القاهرة السيد مرتضى الرضوي
الحان الالم عبد القادر رشيد الناصري
صوت فلسطين عبد القادر رشيد الناصري
معارف الرجال الشيخ محمد حرز الدين
أعلام العراق باقر أمين الورد
سفينة الحق ديوان الشيخ حسن آل صادق
ديوان محمد رضا الشبيبي
أساطير بدر شاكر السياب


(317)
رباعيات محمود الحبوبي
الباقيات وأنفع الزاد الشيخ باقر الخفاجي
مجلة الاعتدال محمد علي البلاغي
مجلة الاصلاح عبد الحسين الازري
مجلة الغري شيخ العراقين
مجلة البيان علي الخاقاني
جريدة الهاتف جعفر الخليلي

المصادر المخطوطة
الطليعة من شعراء الشيعة الشيخ محمد السماوي
مجموع الشيخ كاشف الغطاء
سمير الخاطر وأنيس المسافر الشيخ علي كاشف الغطاء
المجموع الرائق الشيخ مهدي اليعقوبي
ديوان الشيخ قاسم الملا
ديوان الشيخ محمد الخليلي
ديوان الشيخ كاظم السوداني
ديوان الشيخ محمد رضا المظفر
الاعلام العوامية الشيخ سعيد ابي المكارم
ديوان جواد شبر
سوانح الافكار جواد شبر
الضرائح والمزارات جواد شبر
ادب الطف الجزء العاشر ::: فهرس