أدَبُ الطّفّ ـ المجلد الثالث ::: 241 ـ 255
(241)
أبوالغنائم نجم الدين محمد بن علي بن فارس الواسطي الشاعر المشهور ، أحد من سار شعره وانتشر ذكره ، وبينه وبين ابن التعاويذي تنافس ، حكي عنه قال : كنت ببغداد فاجتزت يوماً بموضع رأيت الخلق مزدحمين ، فسألت بعضهم عن سبب الزحام فقال هذا ابن الجوزي الواعظ جالس ، فزاحمت وتقدمت حتى شاهدته وسمعت كلامه وهو يعظ حتى قال مستشهداً على بعض إشاراته : ولقد أحسن ابن المعلم حيث يقول :
يزداد في مسمعي تكرار ذكركم طيباً ويحسن في عيني تكرره
    فعجبت من اتفاق حضوري واستشهاده بشعري ولم يعلم بحضوري لا هو ولا غيره من الحاضرين. توفي بالهرث سنة 592. والهرث ـ بضم الهاء وسكون الراء ـ قرية بينها وبين واسط نحو عشرة فراسخ وكانت وطنه ومسكنه الى ان توفي بها. انتهى عن الكنى للشيخ القمي.
    وقال ابن خلكان ج 2 ص 29 :
    أبو الغنائم محمد بن علي بن فارس بن علي بن عبدالله بن الحسين بن القاسم المعروف بابن المعلم والواسطي الهرثي الملقب نجم الدين الشاعر المشهور ، وكان شاعراً رقيق الشعر لطيف حاشية الطبع يكاد شعره يذوب من رقته ، وهو أحد من سار شعره ، واشتهر ذكر ونبه بالشعر قدره ، وحسن به حاله وأمره ، وطال في نظم القريض عمره ، وساعده على قوله زمانه ودهره ، وأكثر القول في الغزل والمدح وفنون المقاصد ، وكان سهل الألفاظ صحيح المعاني يغلب على شعره وصف الشوق والحب وذكر الصبابة والغرام ، فعلق بالقلوب

أدب الطف ـ م (16)


(242)
ولطف مكانه عند اكثر الناس ومالوا اليه وحفظوه وتداولوه بينهم واستشهد به الوعاظ واستحلاه السامعون. سمعت من جماعة من مشايخ البطائح يقولون ما سبب لطافة شعر ابن المعلم إلا أنه كان اذا نظم قصيدة حفظها الفقراء المنتسبون الى الشيخ أحمد بن الرفاعي وغنوا بها في سماعهم وطابوا عليها فعادت عليه بركة أنفاسهم ورأيتهم يعتقدون ذلك اعتقاداً لا شك عندهم فيه. وبالجملة فشعره يشبه النوح ولا يسمعه من عنده أدنى هوى إلا افتتن وهاج غرامه ، وكان بين ابن المعلم المذكور وبين ابن التعاويذي المذكور قبله تنافس ، وهجاه ابن التعاويذي بأبيات جيمية لا حاجة الى ذكرها ، ولابن المعلم قصيدة طويلة أولها :
ردّوا عـليَّ شـوارد الاظعان ولكم بذاك الجـذع من متمـنع أبـدى تلوَّنه بـاول مـوعـد فمتى اللقاء ودونـه مـن قومه نقلوا الـرماح وما أظـن أكفهم وتقلدوا بيض السيوف فما ترى ولئن صددت فمن مراقبة العدا يا ساكـني نعمان أيـن زماننا ما الدار إن لم تغن من أوطاني هزأت مـعاطـفه بغصن البان فمن الـوفي لنا بـوعد ثـاني أبنـاء مـعركة وأسد طـعان خلقـت لغـير ذوابـل المرّان في الحي غيـر مـهند وسنان ما الصد عـن ملل ولا سلوان بطـويلع ، يـا ساكني نعـمان
    وله من أخرى :
أجـيراننا إن الـدموع التي جرت اقيموا على الوادي ولو عمر ساعة فكـم ثمَّ لي مـن وقفة لو شريتها رخاصا على أيدي النوى لغوالى كـلوث أزار أو كـحل عـقّال بنفسي لم أغـبن فكيف بـمالي


(243)
    وله من أخرى :
قسما بـما ضمت عليه شفاهـهم ان شارف الحادي العذيب لأقضين لـو لم يكن آثـار ليلى والـهوى من قرقف فـي لؤلؤ مكنون نحبي ومن لى أن تبرّ يميني بتلاعه ما رحـت كالمجنون
    قال : وكان سبب عمل هذه القصيدة ان ابن المعلم المذكور والابله وابن التعاويذي المذكورين قبله لما وقفوا على قصيدة صر در المقدم ذكره في حرف العين التي اولها :
اكذا يجازى ودُّ كل قرين أم هذه شيم الظباء العين
    وهي من نخب القصائد أعجبتهم فعمل ابن المعلم من وزنها هذه القصيدة وعمل ابن التعاويذي من وزنها قصيدة أبدع منها وأرسلها الى السلطان صلاح الدين رحمه الله تعالى وهو بالشام يمدحه بها وأولها :
ان كان دينك في الصبابة ديني فقف المطيَّ برملتي يبرين
    وعمل الابله قصيدة اخرى ، وأحسن الكل قصيدة ابن التعاويذي. وفي وقعة الجمل على البصرة قبل مباشرة الحرب ارسل علي بن ابي طالب رضي الله عنه ابن عمه عبدالله بن العباس رضى الله عنهما الى طلحة والزبير برسالة يكفهما عن الشروع في القتال ، ثم قال له : لا تلقين طلحة فانك إن تلقه تجده كالثور عاقصا أنفه يركب الصعب ويقول هو الذلول ولكن القى الزبير فانه ألين عريكة منه وقل له يقول لك ابن خالك : عرفتني بالحجاز وانكرتني بالعراق فما عدا مما بدأ. وعلي رضى الله عنه أول من نطق بهذه الكلمة فأخذ ابن المعلم المذكور هذا الكلام وقال :
منحوه بالجذع السلام وأعرضوا بالغور عنه فما عدا مما بدا


(244)
    وهذا البيت من جملة قصيدة طويلة ورسالة نقلها في كتاب نهج البلاغة ولابن المعلم في أثناء قصيدة أيضاً.
يوهي قوى جلدي من لا ابوح به قسما فمـا في لساني مـا يعاتبه ويستبيح دمـي من لا اسمـيّه ضعفا بلى في فؤادي ما يقاسيه
    ولا حاجة الى الاطالة بذكر فرائده مع شهرة ديوانه وكثرة وجوده بايدي الناس ، وكانت ولادته في ليلة سابع عشر جمادي الاخرة سنة احدى وخمسمائة وتوفي رابع رجب سنة اثنتين وتسعين وخمسمائة بالهرث رحمه الله تعالى والهرث بضم الهاء وسكون الراء بعدها ثاء مثلثة وهي قرية من أعمال نهر جعفر بينهما وبين واسط نحو عشرة فراسخ وكانت وطنه ومسكنه الى ان توفي بها رحمه الله.


(245)
    قال أحمد بن عيسى الهاشمي ـ والد الواثق ـ يعتذر من الكحل في يوم عاشوراء.
لم أكتحل في صباح يوم إلا لحـزني وذاك أنـي أريـق فيه دمُ الحسيـن سوّدت حى بياض عيني


(246)
    عن كتاب :
    تراجم رجال القرنين السادس والسابع والمعروف بالذيل على الروضتين للحافظ المؤرّخ شهاب الدين أبي محمد عبد الرحمن بن اسماعيل المعروف بأبي شامة المقدسي الدمشقي. المطبوع بالقاهرة ـ ص 11.
    قال : وفي سنة 593 هـ توفي أحمد بن عيسى الهاشمي والد الواثق بالله ويعرف بابن الغريق من أهل الحريم الظاهري ، وكان شاعراً فاضلاً فمن شعره ما اعتذر به عن الاكتحال يوم عاشوراء.
لم أكتحل في صباح يوم إلا لحـزني وذاك أنـي أُريق فـيه دم الحسيـن سوّدت حتى بياض عيني
    وكانت وفاته في ذي القعدة عن ثمانين سنة ودفن بباب حرب.
    قال سبط بن الجوزي في تذكرة الخواص ، وأنشدنا ابو عبدالله النحوي بمصر قال : كحّل بعض العلماء عينيه يوم عاشوراء فعوتب على ذلك فقال :
وقائل لم كحلَّتَ عينا فقلت كفّوا أحقُّ شيء يوم استباحوا دم الحسين تلبس فيه السـواد عيني
    ولقد نظم الشعراء بهذا المعنى كثيراً من بكاء السماء والأرض والأحجار


(247)
والأشجار على شهيد كربلاء عليه السلام ، ومما تقدم تستشعر أن العناية بيوم مقتل الحسين والحزن يوم عاشوراء كان ولم يزل منذ أكثر من ألف عام بل من يوم مقتل الحسين وحتى يومنا هذا ، هكذا حدثنا أبو الفداء في تاريخه والمقريزي في خططه قال :
    وفي يوم عاشوراء من سنة ست وتسعين وثلثمائة جرى الامر فيه على ما يجري كل سنة من تعطيل الاسواق وخروج المنشدين الى جامع القاهرة ونزولهم مجتمعين بالنوح والنشيد ثم جمع بعد هذا اليوم قاضي القضاة عبد العزيز بن النعمان سائر المنشدين الذين يتكسَّبون بالنوح والنشيد ، وقال لهم لا تلزموا الناس أخذ شيء منهم اذا وقفتم على حوانيتهم ولا تتكسبوا بالنوح والنشيد ومن أراد ذلك فعليه بالصحراء.
    وقال المقريزي في الخطط : كانوا ـ يعني الفاطميين ـ ينحرون في يوم عاشوراء عند القبر ، الابل والغنم والبقر ويكثرون النوح والبكاء ويسبّون من قتل الحسين ولم يزالوا على ذلك حتى آخر دولتهم وحتى زالت.
عاشوراء في دولة بني بويه
    وفي تاريخ المؤيد أبي الفداء في حوادث سنة 352 في عاشر المحرم أمر معز الدولة الناس أن يغلقو دكاكينهم وأن يظهروا النياحة وأن يخرج النساء منشرات الشعور مسوَّدات الوجوه قد شققن ثيابهن ويلطمن وجوههن على الحسين بن علي ففعل الناس ذلك ولم يقدر السنّية على منع ذلك لكثرة الشيعة والسلطان معهم.
    وقال ابن كثير في البداية والنهاية كان في عصر آل بويه في حدود الاربعمائة وما حولها تضرب الدرادل ببغداد ونحوها من البلاد ، في يوم


(248)
عاشوراء ويذرى الرماد والتبن في الطرقات وتعلق المسوح على الدكاكين ويظهر الناس البكاء والحزن ، وكثير منهم من لا يشرب الماء ليلتئذ موافقة للحسين عليه السلام حيث قتل عطشانا ، حتى قال السوسي محمد بن عبد العزيز (1).
أأذوقُ طعم الماء وابنُ محمد لا عذر للشيعيِّ يرقى دمعه لم يرو حتى للمنون أذيـقا ودم الحسين بكربلاء أريقا
    ويقول السيد حيدر الحلي (2) من قصيدة طويلة :
أللهاشميِّ الماء يحلو ودونه وتهدأ عين الطالبي وحوله ثوت آله حرىَّ القلوب على الثرى جفون بني مروان ريَّا من الكرى
    اقول ويذكر المؤرخان الشهيران ياقوت الحموي في معجمه وابن خلكان في وفياته قضية الناشي الاصغر علي الشاعر المشهور.
1 ـ هو من شعراء القرن الرابع وقد تقدمت ترجمته.
2 ـ من شعراء القرن الرابع عشر ، وتأتي ترجمته بعون الله.


(249)
أمـرنــة ســجعت بعود أراكِ أجفـاكِ إلـفك أم بليـت بفـرقة لو كان حقاً مـا ادَّعيت من الجوى أو كـان روّعك الفـراق اذاً لـما ولما ألـفت الروض يأرج عرفـه ولما اتخذت من الغصـون منصة ولما ارتديت الريش بـرداً معلمـاً لـو كنـت مثلي ما أنفت من البكا إيـه حـمامـة خـبريني ، إننـي أبـكي قتيـل الـطف فـرع نبينا ويـل لـقـوم غـادروه مضرّجاً متعفّراً قـد مــزَّقـت أشـلاءه أيزيد لـو راعيت حـرمة جــده إذ كنت تـصغي إذ نـقرت بثغره أتروم ويك شفـاعـة مـن جَـّده ولسـوف تنبـذ في جهنـم خالداً قـولي مـولّهة علام بكـاك أم لاح برق بالحمـى فشجاك يوماً لمـا طرق الجفون كراك صنـّت بماء جفونهـا عيناك وجـعلت بين فروعـه مغناك ولمـا بـدت مخضـوبة كفاك ونظمت من قزح سلوك طلاك لا تحسبي شكـواي من شكواك أبكـي الحسين ، وأنت ما أبكاك أكـرم بـفـرغ للنبـوّة زاكي بدمائـه نـضواً صريع شكاك فـريـاً بـكـل مـهنَّد فتـاك لـم تقتنص ليث العرين الشاكي قرعت صماخك أنـّه الـمسواك هيهـات ، لا ومـدّبر الأفـلاك ما الله شاء ولات حـين فكـاك


(250)
    وقوله معارضاً قول الحريري ( خلِّ ادكار الاربع )
أومض ببرق الاضلع واحزن طويلا واجزع وانثر دمـاء المـقلتين وابك بدمـع دون عين قـضى لهيفا فقـضى ريحـانة الهادي الرضا واسكب غمام الادمع فهـو مكان الجـزع تـألمأ على الحسـين إن قـلَّ فيض الادمع من بعده فصل القضا وابـن الوصي الانزع


(251)
    أبو بحر صفوان بن ادريس بن عبدالرحمن بن عيسى بن ادريس التجيبي المرسي.
    ولد سنة 560 وتوفي سنة 598
    كان كاتباً بليغاً وشاعراً بارعاً من أعيان أهل المغرب كما في الطليعة.
    قال لسان الدين بن الخطيب انفرد برثاء الحسين وقال ابن الأبار له قصائد جليلة خصوصاً في الحسين. رحل الى مراكش فقصد دار الخلافة مادحاً فما تيسر له شيء فقال : لو مدحت آل البيت لبلغت أملي فمدح ، وبينما هو عازم على الرجوع طلبه فقضى الخليفة مأربه فعكف على مدح آل البيت عليهم السلام ورثائهم.
    ومن شعره :
قلنا وقد شام الحسام مخـوّفاً هل سيفه من طرفه أم طرفه رشاً بعادية الضراغم عابث من سيفه أم ذاك طرف ثالث
    وقوله :
يا قمـراً مطلعـه أضلعي وربما استوقـد نـار الهوى عندي من حبك ما لو سرت له سواد القـلب فيها غسق فناب فيها لـونها عن شفق في البحر منه شعلة لاحترق


(252)
    وفي فوات الوفيات ج 1 ص 392.
    صفوان بن ادريس ، ابو بحر ، الكاتب البليغ :
    كان من جلَّه الادباء ، وأعيان الرؤساء ، فصيحاً جليل القدر ، له رسائل بليغة ، وكان من الفضل والدين بمكان ، توفي وله سبع وثلاثون سنة.
    ومن شعره :
يا حسنه والحسن بعض صفاته بدر لو أن البدر قيل لـه اقترح والخال ينقط في صحيفة خـدّه وإذا هلال الافق قابل وجـهه عبـثت بقلب محـبّه لحـظاته ركب المآثم في انتهاب نفوسنا ما زلت أخطب للزمان وصاله فغـفرت ذنب الدهر منه بليلة غفل الرقيب فـنلت منه نظرة ضاجعـته والليل يـذكى تحته بتنا نشـعشع والعفاف نـديمنا حـتى إذا ولع الكرى يجفونـه أوثـقتـه في ساعـدى لأنـه فضمـمته ضـمَّ البخيل لماله عـزم الغرام عليَّ فـي تقبيله وأبى عـفافي أن أقـبل ثغره فاعجب لملتهب الجوانـح غلة والسحر مقصور على حـركاته أمـلاً لقال أكون مـن هـالاته ما خط حبر الصدغ من نونـاته أبصرتـه كالشكل فـي مـرآته يارب لا تعبـث على لحظاته فـالله يجعلـهنَّ مـن حسنـاته حتى دنا والبعـد مـن عاداتـه غطت على ما كان مـن زلاته يا ليته لـو دام فـي غـفـلاته نارين من نفـسي ومـن جناته خمرين : من غزلي ومن كلماته وامتدّ في عُـضديّ طوع سناته ظـبي خشيت عليه مـن فلتاته يحنو عليه مــن جميع جهاتـه فنقضت أيدي الطوع من عزماته والقـلب مطـوّيٌ على جمـراته يشكـو الظما والمـاء في لهواته


(253)
    وقال رحمه الله من قصيدة :
حكمتم زمناً لـولا اعــتـدالـكـم فـإنـمـا أنتــم في أنـفـه شمم يرى اعتناق العوالي في الوغى غزلا في حكمكم لم يكن للحكم يعتدل وإنما أنتم في طـرفه كـحـل لانّ خرصانها من فوقها مقـل
    وقال أيضاً رحمه الله تعالى :
أحمى الهوى خـدَّه وأوقد وقال عنه العـذول سالٍ وباللوى شــادن عليـه علله ريقــه بـخمــر لا تعجبوا لانهزام صبري أنــالـه كـالذي تـمنىَّ لــه علـيَّ امتثـال أمر إن سلـمت عـينه لـقتلي فهو على أن يـموتُ أوقد قلـده الله مـا تـقـلَّـد جيـد غزال ووجـه فرقد حتى انثنى طرفـه وعربد فجيش أجفـانـه مــؤيد عبـد ، نعـم عبـده وأزيد ولي عليه الجفاء والصـدَّ صلَّى فـؤادي على محمد
    وعارضها شيخ الشيوخ شرف الدين عبدالعزيز الأنصاري بقصيدة بديعة ، وهي :
ويلاه من غمضـي المشرَّد يا كامل الحسن ليس يطفي يـا بـدر تـمٍّ ، إذا تـجلى أبديت من حالي الـمورَّى رفـقـا بـولهان مستهـام فيك ومـن دمعى المردّد ناري سوى ريقك المبرَّد لم يبق عذرا لمن تـجلد لما بـدا خـدك المورد أقـامـه وجـده وأقعـد


(254)
مجتهداً في رضـاك عنه ليس له منـزل بـأرض قيدته في الـهـوى فتمم بان الصبا عنه فالتصابي من لي بطفل حديث سحر شتت عنـي نـظام عقلي لــو اهتدى لاثمي عليه ألبسني نشـوة بـطـرف لا سهم لي في سديد رأي غصن نقاحلَّ عقد صبري فمن رأى ذلك الوشاح الـ خـير نبي نبيــهُ قـدرٍ وأنـت فـي إثمه المقلد عنك ولا في السماء مصعد واكتـب علـى قـيده مخلد أنشأ أطـرابـه فــأنـشد بابل عن نـاظريـه مسنـد تشتيـت ثـغـر له منصد نـاح علـى نـفسـه وعدد سـكـرت من خمره فعربد يـحرس مـن سهمه المسدد بليـن خـصر يـكاد يـعقد ـصائم صلى علـى محمـد عودي إلى المـدح فيه أحمد
    ومن ههنا خلص إلى مدح رسول الله صلّى الله عليه وآله :
    ومن شعر صفوان :
والسرحة الغناء قد قبضت بها وكأن شكل الغيم منجل فضة كـف النسيم على لـواء أخضر يرمي على الأفاق رطب الجوهر
    وقال أيضاً رحمه الله تعالى :
وكـأنمـا أغصانهـا أجيادها ما جاءها نفس الصبا مستجدياً قد قلّـدت بلآلىء الأنوار إلا رمت بدراهم الأزهار


(255)
    وقال في مليح يرمى نارنجا في بركة :
وشـادن ذي غنـج دلّه يقذف بالنارنج في بركة كأنـها اكبـاد عشاقـه يروقنا طوراً وطوراً يروع كلاطخ بالدم سرد الدروع يقذفها في لجِّ بحر الدموع
    وقال أيضاً رحمه الله :
أولع من طرفه بحتفى تهيبوا بالحسام قتلـى هل يعجب السيف للقتيل فاخترعوا دعوة الرحيل
    وقال ابن سعيد في كتابه ( المغرب ) : هو أنبه الاندلس في عصره ، له كتاب زاد المسافر. قصر إمداحه على أهل البيت عليهم السلام واكثر من تأبين الحسين (ع).
    وفي معجم الأدباء : صفوان بن ادريس بن ابراهيم بن عبدالرحمن بن عيسى التجيبي أبو بحر ، كان أديباً كاتباً شاعراً سريع الخاطر ، أخذ عن أبيه والقاضي ابن ادريس وابن غلبون وأبي الوليد ، وهو أحد أفاضل الأدباء المعاصرين بالاندلس. ولد سنة ستين وخمسمائة ، وتوفي بمرسية سنة ثمان وتسعين وخمسمائة ولم يبلغ الاربعين. وله تصانيف منها : كتاب زاد المسافر وراحلته وكتاب العجالة ، مجلدان يتضمنان طرفاً من نثره ونظمه ، وديوان شعر ، ومن شعره :
قد كان لي قلباً فلمـا فـارقوا وجرت سحاب للدموع فأوقدت ومن العجائب ان فيض مدامعي سوَّى جناحاً للـغرام وطارا بين الجوانج لوعـة وأوارا ماءً يمرُّ وفي ضلوعي نارا
أدَبُ الطّفّ ـ المجلد الثالث ::: فهرس