ادب الطف ـ المجلد الرابع ::: 1 ـ 15

جواد شبر
أدب الطف
أو
شعراء الحسين عليه السلام
من القرن الأول الهجري حتى القرن الرابع عشر
الجزء الرابع
دار المرتضى


(5)
بسم الله الرحمن الرحيم
    وهذا هو الجزء الرابع يتضمن أدباء القرن السابع والثامن والتاسع من شعراء الحسين بن علي بن أبي طالب ، وهناك طائفة منهم بعد لم يتسن لنا الوقوف على شعرهم حيث غطت على آثارهم يد العصبية المقيتة وأخفتها النفوس المريضة.
    لقد كان من الأولى أن اسجل في هذه الموسوعة كل من نظم وقال الشعر في يوم الحسين ، سواءً وجدت أشعاره أم فقدت ، لكني قد نويت يوم شرعت بتأليف هذا الكتاب أن أجمع الرائق من الشعر الذي جاء في سيد الشهداء لذا أطلقت عليها اسم ( أدب الطف ). وإليك انموذجاً من الشعراء الذين عدوا من هذه الحلبة وإن لم يكتب لهم الجري في الميدان.
    1 ـ ابراهيم بن هرمة من أهل المائة الثانية ، كان حياً سنة 146 هـ.
    قال الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد : هو شاعر مفلق ، فصيح مسهب ، مجيد محسن القول ، سائر الشعر.
    ادرك الدولتين : الاموية والعباسية ، وكان ممن اشتهر بالانقطاع إلى الطالبيين.


(6)
    قال السيد الامين في الجزء 5 من اعيانه : ويكفي دليلاً واضحاً على تشيعه أن يكون مشهوراً بالانقطاع إلى الطالبيين في العصر الاموي والعباسي عصر الملك العضوض واكثاره من مدائح الطالبيين ورثائهم منها قصائد كثيرة في عبدالله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب ، وزيد بن الحسن بن علي ، ومراث في الحسين عليه السلام. وله قصائد تعرف بالهاشميات يرويها الرواة.
    ومن شعره ما رواه ابن عساكر في تاريخه.
ومهما الام على حبهم بني بنت من جاء بالمحكمات ولست أبالي بحبي لهم فإني أحبُّ بني فاطمه وبالدين والسنن القائمة سواهم من النعم السائمة
    2 ـ محمد بن وهيب الحميري البصري البغدادي ، من شعراء القرن الثالث. قال الصفدي في الوافي بالوفيات ج 5 ص 179 : وكان يتشيع وله مراث في آل البيت ولد بالبصرة ، وتوفي سنة مائتين ونيف وعشرين ببغداد.
    قال أبو الفرج في الاغاني : حدثني علي بن الحسين الوراق حدثنا ابو هفان قال : كان محمد بن وهيب يتردد إلى مجلس يزيد بن هارون فلزمه عدة مجالس يملي فيها فضائل الخلفاء الثلاثة ، ولم يذكر شيئاً من فضائل علي عليه السلام فقال فيه ابن وهيب.
آتي يزيد بن هارون أدالجه فليت لي بيزيد حين أشهده أغدو إلى عصبة صمت مسامعهم لا يذكرون علياً في مشاهدهم إنـي لأعلم اني لا احبهم لو يستطيعون من ذكرى أبا حسن في كل يوم ومالي وابن هرون راحاً وقصفاً وندماناً يسليني عن الهدى بين زنديق ومأفون ولا بنيه بني البيض الميامين كما هموا بيقين لا يحبوني وفضله ، قطعوني بالسكاكين


(7)
    وفيه : اخبرني محمد بن خلف بن المرزبان حدثني اسحق بن محمد بن القاسم ابو يوسف قال : كان محمد بن وهيب يأتي أبي ، فقال له أبي يوماً انك تأتينا وقد عرفت مذاهبنا فنحب أن تعرفنا مذهبك فنوافقك أو نخالفك ، فقال له في غد أبين لك أمري ، فلما كان من غد كتب إليه.
أيها السائل قد بينت أحمد الله كثيراً شاهد أن لا إلهاً وعلى أحمد بالصد ومنحت الود قربا إن كنت ذكيا بأياديه عليا غيره ما دمت حيا ق رسولاً ونبيا ه وواليت الوصيا
    3 ـ شاعر يحدثنا عنه الثعالبي وقد نظم في أهل البيت عليهم السلام خمسين قصيدة ، ولم نعثر على واحدة من الخمسين ، وإليك القصة كما رواها في ( اليتيمة ) ج1 ص422.
    في ترجمة أبي القاسم علي بن بشر الكاتب قال .. قال لي الزاهر : أخبرني ابن بشر أنه كان له جد لأم يعرف بكولان ، وكان هو من أهل الأدب والكتابة ، وحسن الشعر والخطابة ، قال لي : حججت سنة من السنين ، وجاورت بمكة حرسها الله فاعتللت علة تطاولت بي وضاق معها خلقي ثم صلحت منها بعض الصلاح ففكرت في أنني عملت في أهل البيت تسعاً وأربعين قصيدة مدحاً فقلت : أكملها خمسين ثم ابتدأت فقلت :
    بني أحمد يا بني أحمد
    ثم أرتج على ، فلم أقدر على زيادة فعظم ذلك علي واجتهدت في أن أكمل البيت فلم أقدر فحدث لي من الغم بهذة الحالة ما زاد على همي بإضاقتي وعلتي


(8)
فنمت اهتماماً بالحال فرأيت النبي صلي الله عليه واله فجئت إليه فشكوت إليه ما أنا فيه من الأضافة وما أجده من العلة وأخرى من القلة فقال لي : تصدق يوسع عليك وصم يصح جسمك فقلت له : يا رسول الله وأعظم ما شكوته إليك أنني رجل شاعر أتشيع وأخص بالمحبة ولدك الحسين وتداخلني له رحمة لما جرى عليه من القتل وكنت قد عملت في أهل بيتك تسعاً وأربعين قصيدة فلما خلوت بنفسي في هذا الموضع حاولت أن أكملها خمسين فبدأت قصيدة قلت فيها مصراعاً وارتج على إجازته ونفر عني كل ما كنت أعرفه فما أقدر على قول حرف قال : فقال لي قولاً نحا فيه إلى أنه ليس هذا إلي ؛ لقول الله تعالى : ( وما عملناه الشعر وما ينبغي له ) ثم قال لي : اذهب إلى صاحبك وأومأ بيده الشريفة إلى ناحية من نواحي المسجد وأمر رسولاً أن يمضي بي إلى حيث أومأ فمضى بي الرسول على ناس معهم علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقال له الرسول : أخوك وجه اليك بهذا الرجل ، فاسمع ما يقوله قال : فسلمت عليه : وقصصت عليه قصتي كما قصصت على النبي صلي الله عليه واله فقال لي : فما المصراع ؟ قلت :
    بني احمد يا بني احمد
    فقال للوقت : قل :
بني أحمد يا بني أحمد بيثرب واهتز قبر النبي وأظلمت الأفق أفق البلاد ومكة مادت ببطحائها ومل الحطيم بأركانه وكـان وليكم خاذلا بكت لكم عمد المسجد أبي القاسم السيد الأصيد وذرَّ على الأرض كالأثمد لإعظام فعل بني الاعبد وما بالبنية من جلمد ولو شاء كان طويل اليد


(9)
    قال : ورددها علي ثلاث مرات ، فانتبهت وقد حفظتها.
    أما مازال به القلم ، والإنسان معرض للخطأ والنسيان. فهو ما يلي :
    1 ـ جاء في الجزء الأول من أدب الطف في ترجمة مصعب بن الزبير هذا البيت :
وإن الأولى بالطف من آل هاشم تأسوا فسنوا للكرام التأسيا
    وقد تحقق لدينا أنه لسليمان بن قتة كما ذكره أبو الفرج في الأغاني وليس لمصعب كما روى ذلك الطبرسي في مجمع البيان ج1 ص507 طبع صيدالبنان.
    2 ـ وجاء في الجزء الأول أيضاً عند ذكر النجاشي وأبياته في الحسين وأخيراً وقفت على تاريخ ابن كثير ج 8 ص44 والمسعودي في مروج الذهب ج2 ص427 ان الأبيات في الإمام الحسن السبط عليه السلام وهي أنسب بالمقام لأن النجاشي مات قبل مقتل الحسين على الأكثر ولم يدرك وقعة الطف ولا يوم الحسين (ع) ولا أدري كيف رواها مصعب الزبيري في الحسين وهو مؤرخ قديم توفي سنة 236 هـ.
    على أن الدكتور عمر فروخ في تاريخ الأدب العربي ج1 ص313 يقول أنه أدرك مقتل الحسين.
    3 ـ ذكرنا في الجزء الثالث لشعراء القرن السادس الشاعر ( صردر ) المتوفي سنة 465 كما ذكر ابن خلكان فكان من الواجب عده في شعراء القرن الخامس ، وقد أوقعنا في ذلك السيد الأمين رحمه لله إذ عده من شعراء القرن السادس حيث ذكر وفاته سنة 565.
    4 ـ ترجمنا في الجزء الثالث للشاعر صفوان المرسي ، وليس لدينا من


(10)
شعره غير قصيدة واحدة ، أما وقد عثرنا على محاضرة الأديب المغربي عبد اللطيف السعداني من مدينة ( فاس ) وقد نشرها في مجلة العرفان م 59 فكان في ثنايا محاضرته القيمة قصيدة لشاعرنا المرسي ، وقد اقتطفنا جزءً من المحاضرة مع القصيدة.
    وكان عنوان المحاضرة : حركات التشيع في المغرب ومظاهره.
    وبعد أن أتى على ما يقوم به المغربيون من مظاهر شعائر الحسين عليه السلام في شهر المحرم والرواسب القديمة منذ العصور المتقدمة قال :
    ان أحد أعلام الفكر والمفكرين في القرن الثامن الهجري هو لسان الدين ابن الخطيب أتحفنا باشارة ذات أهمية كبرى. والفضل في ذلك يعود إلى إحدى النسخ الخطية الفريدة من مؤلفه التأريخي ( إعلام الأعلام فيمن بويع بالخلافة قبل الاحتلام ).
    التي حفظتها لنا خزانة ( جامعة القرويين ) بمدينة فاس من عاديات الزمن (1) وبهذه الإشارة تنحل العقدة المستعصية وينكشف لنا ما كان غامضاً من قبل مما أغفل الحديث عنه المؤرخون مما كان يجري في الأندلس من أثر التشيع. ذلك ان ابن الخطيب عند حديثه عن دولة يزيد بن معاوية انتقل به الحديث إلى ذكر عادات الأندلسيين وأهل المغرب خاصة في ذكرى مقتل سيدنا الحسين من التمثيل بإقامة الجنائز وانشاد المراثي.
    وقد أفادنا عظيم الفائدة حيث وصف إحدى هذه المواسيم وانشاد المراثي وصفاً حياً شيقاً حتى ليخيل اننا نرى أحياء هذه الذكرى في بلد شيعي. وذكر
1 ـ يعود.

(11)
أن هذه المراثي كانت تسمى الحسينية وإن المحافظة عليها بقيت مما قبل تاريخ عهد ابن الخطيب إلى أيامه. ونبادر الآن إلى نقل هذا الوصف على لسان صاحبه :
    « ولم يزل الحزن متصلا على الحسين والمآتم قائمة في البلاد يجتمع لها الناس ويختلفون لذلك ليلة يوم قتل منه بعد الأمان من نكير دول قتلته ولا سيما بشرق الأندلس فكانوا على ما حدثنا به شيوخنا من أهل المشرق ( يعني مشرق الأندلس ) يقيمون رسم الجنازة حتى في شكل من الثياب يستخبى خلف سترة في بعض البيت وتحتفل الأطعمة والشموع ويجلب القراء المحسنون ويوقد البخور ويتغنى بالمراثي الحسنة ».
    وفي عهد ابن الخطيب كان ما يزال لهذه المراثي شأن ايضا فانه في سياق حديثه السابق زادنا تفصيلا و بيانا عن الحسينية و طقوسها فقال :
    « والحسينية التي يستعطها الي اليوم المستمعون فيلوون لها العمائم الملونه ويبدلون الاثواب في الرقص كانهم يشقون الاعلي عن الاسفل بقية من هذا لم تنقطع بعد وان ضعفت ومهما قيل الحسينية او الصفة لم يدر اليوم اصلها. وفي المغرب اليوم ما يزال اولئك المسمعون الذين اشار اليهم ابن الخطيب يعرفون بهذا الاسم وينشدون وكثرت في انشادهم على الاخص الامداح النبوية. كما ان الموسيقي الاندلسيه الشائعه اليوم في بلاد المغرب تشتمل في اكثرها علي الامداح النبوية ايضا.
    كما أفادنا ابن الخطيب بنقله نموذجاً لهذه المراثي مدى عناية الشعراء بهذا الموضوع وعرفنا باحد شعراء الشيعة في الأندلس الذي اشتهر برثاء سيدنا الحسين وهو أبو البحر صفوان بن ادريس التجيبي المرسي ( 561 ـ 598 ). وهذه القصيدة كانت مشهورة ينشدها المسمعون وهي كما يلي :


(12)
سلام كأزهار الربى يتنسم على مصرع للفاطميين غيبت على مشهد لو كنت حاضر أهله على كربلا لا أخلف الغيث كربلا مصارع ضجت يثرب لمصابها ومكة والاستار والركن والصفا وبالحجر الملثوم عنوان حسرة وروضة مولانا النبي محمد ومنبره العلوي للجذع أعولا ولو قدّرت تلك الجمادات قدرهم وما قدر ما تبكي البلاد وأهلها لو أن رسول الله يحيى بعيدهم وأقبلت الزهراء قدّس تربها تقول أبي هم غادروا ابني نهبه سقوا حسناً للسم كأساً رويّة وهم قطعوا رأس الحسين بكربلا فخذ منهم ثاري وسكّن جوانحاً أبي وانتصر للسبط وأذكر مصابه وأسر بنيه بعده واحتمالهم ونقر يزيد في الثنايا التي اغتدت إذا صدق الصديق حملة مقدم وعاث بهم عثمان عيث ابن مرة وجبَّ لهم جبريل أتعك غارب على منزل منه الهدى يتعلم لأوجههم فيه بدور وأنجم لعاينت أعضاء النبي تقسم وإلا فان الدمع أندى وأكرم وناح عليهن الحطيم وزمزم وموقف جمع والمقام المعظّم ألست تراه وهو أسود أسحم تبدّى عليه الشكل يوم تخرّم عليهم عويلا بالضمائر يفهم لدكَّ حراء واستطير يلملم لآل رسول الله والرزؤ أعظم رأى ابن زياد أمّه كيف تعقم تنادي أباها والمدامع تسجم كما صاغه قيس وما مجَّ أرقم ولم يقرعوا سنّاً ولم يتندموا كأنهم قد أحسنوا حين أجرموا وأجفان عين تستطير وتسجم وغلّته والنهر ريان مفعم كأنهم من نسل كسرى تغنّموا ثناياك فيها أيها النور تلثم وما فارق الفاروق ماض ولهذم وأعلى عليٌ كعب من كان يهضم من الغي لا يعلى ولا يتسنم


(13)
ولكنها أقدار رب بها قضى قضى الله أن يقضى عليهم عبيدهم هم القوم اما سعيهم فمخيب فيا أيها المغرور والله غاضب ألا طرب يقلى ألا حزن يصطفى قفوا ساعدونا بالدموع فإنها ومهما سمعتم في الحسين مراثياً فمدوا أكفاً مسعدين بدعوة فلا يتخطى النقض ما هو يبرم لتشقى بهم تلك العبيد وتنقم مضاع وأما دارهم فجهنم لبنت رسول الله ابن تيمم ألا أدمع تجري ألا قلب يضرم لتصغر في حق الحسين ويعظم تعبر عن محض الأسى وتترجم وصلوا على جد الحسين وسلموا (1)

1 ـ أعلام الأعلام فيمن بويع بالخلافة قبل الاحتلام ، ابن الخطيب نسخة خطية ص 38 ـ 37.

(14)

(15)
سنة الوفاة            
شعراء القرن السابع
ابن سناء الملك القاضي السعيد هبة الله بن جعفر 608
الشيخ ابراهيم بن نصر 610
أبو الحسن المنصور بالله عبدالله بن حمزة بن سليمان 614
علي بن المقرب الاحسائي 629
عبد الرحمن الكتاني 635
كمال الدين الشافعي محمد بن طلحة 652
عبد الحميد بن ابي الحديد المعتزلي 655
محمد بن عبد الله القضاعي الشهير بابن الابار 658
احمد بن صالح السنبلي 664
أبو الحسين الجزار يحى بن عبد العظيم 672
شمس الدين محمد بن عبيد الله الكوفي الواعظ 675
عبد الله بن عمر بن نصر الوزان 677
نجم الدين الربعي جعفر بن نجيب الدين محمد 680
علي بن عيسى الاربلي 693
البوصيري محمد بن سعيد الصنهاجي 694
سراج الدين الوراق 695
ادب الطف ـ المجلد الرابع ::: فهرس