ادب الطف الجزء السادس ::: 1 ـ 15

    جواد شبر
ادب الطف
او
شـعراء الحسيـــن عليه السلام
من القرن الاول الهجري حتى القرن الرابع عشر
الجزء السادس
دار المرتضى


(4)

(5)
بسم الله الرحمن الرحيم


(6)
دعاء وثناء
    انهالت علينا مجموعة من رسائل الأصدقاء الأعلام وفيها عواطف صورت عن طريق النقد والتقريظ ، آثرنا إرجاء نشرها. واعتزازاً بواحدة من هذه الرسائل هي ما تفضل به سيدي الوالد ـ قدس سره ـ فكتب دعاء ضمنه الثناء ، وإني اعتبرها ذكرى له بها تذكرة وإليكم النص :
    ولدي السيد جواد :
    أملي من الأولاد ، وذخري من أفلاذ الأكباد ، مفخرة الأعواد ، ولدي الجواد ، دام مثالاً للصلاح والسداد ، ومحفوظاً برب العباد.
    ها هي هديتك الثمينة ، عليها الإهداء بيدك الأمينة ، وهو الجزء الرابع من موسوعة ( أدب الطف أو شعراء الحسين ) وها أنا أقرأه بإمعان وأقف عند مدلوله ومنقوله ، وأتمشى مع أبوابه وفصوله ، فجزاك الله خير جزاء المحسنين ، على ما أسديت من خدمة لسادتنا الميامين الهداة المهديين ، وفي طليعتها بل على جبهتها تلمع الأشعة من أنوار الحسين أبي الأئمة التسعة.
    يسرني أن أراك أرتقيت مرتقي يصعب على غيرك ارتقاؤه ، وتسنمت منبراً لا يليق لغيرك اعتلاؤه ، إذ أن هذا المجهود لا ينال بغير السهر والتعب ، والإحاطة ، بدواوين العرب ، فمرحى لك مرحى لقد استخرجت منها اللباب ، وأتيتنا بما لد وطاب ، فطب نفساً ، وقر عيناً ، فعملك مذكور مشكور ، وباق مع الدهور.
    وكل ما أتمناه لموسوعتك ، وأوصيك بمتابعته ومواصلته ، هو التصميم على إكمالها دون ملل وضجر ، إذ قل ما يحرم الصبور الظفر.
    « وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون ».
    3 شهر رجب 1393
والدكم
علي شبر الحسيني


(7)
تقديم
    ما أكثر ما تقع عليه العين من الشعر في الدواوين المنتشرة وفي الكتب النادرة من المطبوعة والمخطوطة ، ولما كان هدفنا وموضوعنا من موسوعتنا هذه هو الشعر المقول في أهل البيت عليهم السلام وبالأخص الإمام الحسين عليه السلام إذ تعني بشعراء الحسين خاصة الذين تحسسوا بنهضة وأشادوا بثورته وما أكثر هؤلاء وقد قيل ـ والحق فيما قيل ـ إنه رثي بكل لسان في كل جيل وفي كل عصر بمختلف اللغات وعلى جميع الألسن فإن يوم الحسين الخالد استخدم المشاعر وشحذ الأذهان واستهوى القلوب.
    أما العقبة التي تواجه موسوعتنا ( أدب الطف ) فهي الكثرة من هؤلاء الشعراء فليس من السهل الوقوف على تراجمهم ومعرفة أسمائهم أو العصور التي عاشوا فيها ، سيما وهم ليسوا من قطر واحد أو من دين واحد فقد نظم في يوم الحسين المسلم وغير المسلم واحتفل بيومه كل إنسان وكل من يحب الخير للانسان ذلك لأن هدف الحسين لم يك هدفاً خاصاً يقتصر على طائفة دون طائفة أو على أمة دون أمة بل الحسين للجميع ولكل من يتحسس بالإباء والكرامة والنخوة والشهامة ولكل من يكره الجور والطغيان والظلم والعدوان. يقول الأديب المسيحي بولس سلامة في ملحمته ( عيد الغدير ) :


(8)
سيكون الدم الزكي لواءاً لشعوب تحاول استقلالا
    وهذا هو الجزء السادس من ( أدب الطف ) يتضمن القسم الأول من شعراء القرن الثالث عشر وتتلوه أجزاء نستمد العون من الله وحده لإنجازها ، وإن الله مع من أحسن عملا.
المؤلف


(9)
المتوفي قبل سنة 1168
هي الطفوف فـطـف سـبعاً بمغناها أرض ولكنمـا الـسبـع الشـداد لها هـي المبـاركـة الميمـون جانبـها وصفوة الأرض أصفى الخلق حل بها مـنزه في الـمزايـا عـن مـشابهة وكيف لا وهـي أرض ضـمنت جثثاً فـيهـا الحسين وفتيـان لــه بذلوا إذ القنا بينهـم كـالرســل بينـهـم أنسى الحسين وسـمر الـخط تشجره أنساه يخطـب أحزاب الضلال وقـد فحين أعـذر أعطى البيض حاجتهـا إن كر فرت كأسراب الـقطا هربـاً فلت حدود سيوف الهنـد ما صنعت ولم تكن كفـه هـزت مـواضـيها لـو عاينت يومـه عينـا أبي حسن أو كان يـشهـده فـي كربلا حسن فـما لبـكـة معنـى دون مـعناهـا دانـت وطأطأ أعـلاهـا لأدنـاهــا ما طـور سينـاء إلا طـور سيناهـا صفـاه ذو العرش إكرامـاً وصـفاها ونـزهت عن شبيه فـي مـزايـاهـا مـا كان ذا الكون ـ لا والله ـ لولاها فـي الله أي نـفوس كـان زكــاها والبيض تمضي مواضيها قضايـاهـا إذاً فمـا انتفعـت نفسـي بـذكـراها أصمهـا الشـرك والشيطان أعمـاها والسمـر في دم أهــل الغـي رواها حـتـى تـعثر أولاهـا بـأخراهــا كأنه ما قــراهــا يــوم هيـجاها ولـم يكن كلمـا اسـتسقته أسـقاهـا قضـى مـآرب حـق قـد تـمنـاها رأت أمـية مــنه سـوء عـقباهـا


(10)
يا باذل النـفس في الله العظيـم ولولا الأرض بعدك نظـت ثـوب زينتـها والشـمس لولا قضـاء الله ما طلعت تبكـي عـليك بقان فـي مـدامـعها واهتـزت الـسبع والعرش العظيم ولولا الإنـس تبكي رزايـاك التي عظمت رزيـة حل في الإسـلام مـوقعهـا وكيف تـنسى مـصاباً قد أصيب به خطب دهى البضعة الزهراء حين دهى فـأي قلب لـهـذا غـير مـنفـطر آل النبي عـلى الأقــتاب عاريـة ورأس أكرم خـلـق الله يـرفـعـه فـيالـه من مـصـاب عـم فادحه تبـكي لـه أنبيـاء الله مـوجـعـة وتستهـيج له الأمـلاك بـاكـيــة فأي عــذر لعيـن لـم تجـد بـدم تـالله تبـكي رزايا الطف ما خطرت تبكي مـصـارع آل الله لا بـرحت حتى يـقـوم بـأمـر الله قـائـمنا بـقيـة الله من بـالسيـف يملؤهـا إليـك يا ابـن رسـول الله سائـرة بايـعت مـجدك فـيهـا وهي واثقة وأشهـد الله أني سـلـم مـن سلمت برئت من معشر عمي بصائـرهــا ولا تـزال عـلـى الأيـام باقـيـة الله بـارؤهـا مـا كـان أغـلاهـا وجداً وشوه بـعـد الحسن مـرآهـا حـزنـاً عـليك ولا كـنـا رأينـاها ومـا بـكـت غيـر أن الله أبـكاهـا الله أصـبحـت الـعليــاء سفلاها والجـن تحـت طبـاق الأرض تنعاها تنسـى الـرزايـا ولـكن ليس تنساها الطهر الوصى وقلـب المصطفى طاها رزء جرت بنجيع مـنـه عـيـناهـا وجـداً فذلـك أشـجـاهـا وأقـساها كـيمـا يــسـر يزيـد عند رؤياها علـى الـسنـان سنـان وهـو أشقاها كل البـريـة أقصـاهـا وأدنـاهــا وما بـكـت لـعـظيـم مـن رزاياها ومـا البـكـاء لـشيء مـن سجاياها لـو جـف مـن جـريان الدمع جفناها وكـلمـا يقــرع الأسماع ذكـراهـا عليهــم مـن صــلاة الله أزكاهـا فنشـحـذن ســيوفـاً قـد غـمدناها عدلا كمـا ملئت جــوراً ثـنايـاهـا مـن الـقوافـي ترجـي مـنك قرباها أن لا تـرد إذا مـــدت بيـمنـاهـا لـكـم مـودتـه حـرب لمـن تـاها والـت أنـاسـاً إلــه العرش عاداها عـلـيكـم مـن صـلاة الله أسناهـا


(11)
    جاء في الذريعة ـ قسم الديوان ـ :
    السيد أحمد بن السيد مطلب بن عليخان بن خلف بن عبدالمطلب المشعشي الحويزي.
    كان معاصراً للسيد عبد الله بن نور الدين بن نعمة الله الجزائري. وكان عالماً ورعاً أديباً لم يتداخل في شيء من أمر أخوته ولاة الحويزة. وفي جواب مسائله كتب السيد عبد الله ( الذخيرة الأبدية ) كما كتب السيد عبد الله ( كاشفة الحال في علم القبلة والزوال ) باسم أخيه السيد علي خان الصغير ابن مطلب بن عليخان بن خلف. وترجمه السيد عبد الله في أجازته الكبيرة التي كتبها سنة 1168 ويظهر منها وفاته قبل التاريخ.
    وقال السيد الأمين في الأعيان : السيد أحمد بن خلف بن المطلب بن حيدر الموسوي المشعشي ، أخو السيد علي خان حاكم الحويزة.
    عالم ورع كامل أديب زاهد ، لم يدخل في شيء من أمر أخوته وعصبته ولاة الحويزة بل كان يمتنع من أخذ جوائزهم ويكتفي بغلة زرعه ، جاور أئمة العراق عليهم السلام إلى أن مات في المشاهد المشرفة ، له مسائل أجاب عنها السيد عبد الله بن نور الدين الجزائري. وله ديوان شعر.


(12)
المتوفي سنة 1186 هـ
بـرق تـألق بالـحمى لـحـماتـها وعـبير نـد عـطـر الأكـوان أم أكريـمـة الـحسين هـل من زورة شـاب الـعذار ولـم تشوبوا هجركم جودوا ولـو بـالـطيف إن خـيالكم قـم يـا خـليل فـخل عن تذكارهم يـاهـل رأيـت مـتيمـاً تمت لـه وأعـد عـلي حـديـث وقعة نينوى لله أيــة وقـعـة لـمـحـمــد ضربت عران الذل فـي أنف الهدى للـه مــن يــوم بـه قد نكست أم لامع الأنوار في وجنـاتهـا (1) ذا عنبر أهدتـه مـن نفـحاتها تشفـي المعنى من عنا حسراتها منها بـشيء لا ولا بعـداتـها يطفي من الاحـشا لظى لهباتها واحبس سخين الدمع من عبراتها في هـذه الـدنـيا سوى نكباتها ولـواعـج الأشجان في ساحاتها في كـربـلا أربت على وقعاتها فـغـداً يـقـاد بـه بنو قاداتها تلك الكماة الصيـد عن صهواتها

1 ـ عن أنيس المسافر ج 2 ص 51 للشيخ يوسف البحراني.

(13)
لله أنــصـار هـنـاك وفتـية فـوق الخيـول تـخـالها كأهلة وإذا سـطت تخشى الأسود لكرها شربت بكأس الحتف حـين بدا لها الجسم مـنـها بالعـراء وروحها نـفسي لآل مـحمد فــي كربلا ترنـو الفـرات بغلـة لا تنطفي أطفالها غـرثى أضر بها الطوى يـا حـسرة لا تنقضي ومصيبة دار الـنبي بـلاقـع مـن أهلها تبكـي مـعـالمـها لفقد علومها وديـار حـرب بالملاهي والغنا معمـورة بخــمورها وفجورها وحريم آل مـحمـد مـسبيــة نـفسي لـزينب والسبايـا حسرا تستعطـف الـقوم اللئام فلا ترى فلذاك خاطبـت الزمـان وأهـله قد قلت للزمـن المضـر بـاهله إن كـان عنـدك يـا زمان بقية يـا للرجال لوقعـة مـا مثلـها يا للرجال لـعصـبة عـلويـة من مخبر الزهراء أن حسينهـا سادت بما حفظته في سادتها وبدور حسن لجن في هالاتها في الحرب من وثباتها وثباتها في نصر خيرتها سنا خيراتها في سندس الفردوس من جناتها محروقة الأحشاء مـن كرباتها عطشاً وما ذاقت لطعـم فراتها وهداتها صرعى على وهـداتها تـترقص الأحشاء من زفراتها للبـوم نـوح في فنا عرصاتها أسفاً وحـسن صلاتها وصلاتها قد شيدت وبهـا شـدا قينـاتها وبغاتها نشوى علـى نغمـاتها بين العدى تقتاد فـي فلـواتها تبكي ومنظرها إلى أخـواتـها إلا وجيع الضرب من شفراتها بشكـاية الشعـراء في ابياتها ومغيـر السادات عـن عاداتها مما تـهين بـها الكرام فهاتها أذكت بقلب المصطفى جذواتها تبعت أمـية بعد فقـد حـماتها طعم الردى والـعز من سادتها


(14)
أترى درت أن الـحسين علـى الثرى ورؤوس أبناها علـى سـمر الـقنـا يا فاطم الزهـراء قومـي وانـدبـي يـا عين جـودي بــالبكاء وساعدي نفـس تـذوب وحـسرة لا تـنقضي هذي المصائـب لا يـداوى جرحـها إني إذا هــل الـحـرم هـاج لـي يا يوم عـاشـوراء كـم لك لـوعـة يـا أمة ضاعـت حـقوق نــببـها فـي أي ديـن يـا أمــيـة حـللت زعـمـت بـأن الدين حـلل قـتلها ضربت بسـيف مــحمـد أبـنـاءه فمتى إمام العـصـر يظهر في الورى ومتى نـرى الـرايات تشرق نـورها يا سعـد حـظي فـي الورى إن سـاعد لأري الـعدى طعــم الردى بصوارم يـا رب عـجل نـصره وانصربـه يا سادة قرنت سـجايـا جهـودهـا واليتكـم وبرئت مـن أعـدائـكـم ما لابــن أحمـد يـوسـف لذنوبه وإليــكـم أهـدي عروسـاً غـادة قد زفها والمـهر حسن قبـولـكـم وعلـى الـنبـي وآلـه صـلواتـه بيـن الورى عـار على تلعاتها وبناتهـا تـهـدى إلـى شاماتها أسراك في أشــراك ذل عداتها ست النساء علـى مصاب بناتها وجوى عراها مـد فـي سنواتها إلا بسكب الدمع مـن عـبراتها حزنـاً يذيـق النفس طعم مماتها تتفتت الأكباد مـن صـدمـاتها وبنيه بين طـغاتهـا وبـغاتـها لكــم دمـاء مـن ذوى قرباتها أو ليس هذا الدين من أبيــاتهـا ورأت لـه الأغماد مـن هامـاتها يحيي الشريعة بـعد طول مـماتها وكتــائب الأمـلاك في خدماتها التوفيق في نصري لدين هداتها ولأروين الأرض مــن هـاماتها أشيـاعـه اللهفـا وخـذ ثـاراتبا لوجودهـا فالنجـح من عـاداتهـا أبغي بذاك الفــوز فـي درجاتها إلا كـم يـرجـوه في شـداتـها في الـحسن قد فاقت على غاداتها يــا سـادتي والـعفو عن زلاتها مـا غــرد القـمري في باناتها


(15)
    الشيخ يوسف البحراني
    الفقيه الكبير والمحدث الشهير ، ناشر راية العلم ذو اليراع الجوال في مختلف العلوم.
    هو يوسف بن أحمد بن ابراهيم بن أحمد بن صالح بن أحمد بن عصفور الدرازي البحراني ، صاحب الحدائق. توفي بكربلاء ظهر يوم السبت 4 ربيع الأول سنة 1186 ـ من أفاضل علمائنا المتأخرين ، جيد الذهن ، معتدل السليقة ، بارع في الفقه والحديث ، قال في حقه أبو علي صاحب الرجال : عالم فاضل متبحر ماهر محدث ورع عابد صدوق دين من أجله مشايخنا المعاصرين وأفاضل علمائنا المتبحرين.
    كان أبوه الشيخ أحمد من أجلة تلامذة شيخنا الشيخ سليمان الماحوزي وكان عالماً فاضلاً محققاً مدققا مجتهداً صرفا كثير التشنيع على الإخباريين كما صرح به ولده شيخنا المذكور في إجازته الكبيرة ، وكان هو قدس سره أولاً إخبارياً صرفا ثم رجع إلى الطريقة الوسطى وكان يقول إنها طريقة العلامة المجلسي صاحب البحار انتهى.
    وترجم له السيد الخوانساري في روضات الجنات فأثنى عليه ثناءاً عاطراً وقال في ترجمة نفسه في اجازته الكبيرة أنه ولد في السنة السابعة بعد المائة والألف في قرية الماحوز بالبحرين ، واشتغل وهو صبي على والده طاب ثراه ثم على العالم العلامة الشيخ حسن الماحوزي ، واشتغل أيضاً على الشيخ أحمد بن عبد الله البلادي وغيرهما. ودفن في الرواق عند رجلي سيد الشهداء مما يقرب من الشباك المبوب المقابل لقبور الشهداء.
    له مؤلفات نافعة نذكر في مقدمتها موسوعة ( الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة ) طبع أخيراً بمطابع النجف.
ادب الطف الجزء السادس ::: فهرس