جواد شبر
ادب الطف او شـعراء الحسيـــن ( عليه السلام )
من القرن الاول الهجري حتى القرن الرابع عشر
الجزء السابع دار المرتضى
(5)
المقدمة
اجتازت الموسوعة بهذا الجزء ـ السابع ـ أشواطها السبعة وعبرت ثلاثة عشر قرنا بعد ما خبرت هذه القرون وسبرتها وسجلت بغيتها منها ، وكل شاردة وواردة عنها ، وكان ذلك بعد عناء مرير وصعوبات في أثناء المسير ، ولكني ما دمت لا أطلب الا وجه الله وخدمة الحق واعلاء كلمته فكل ما عانيته فهو هين ، وقد قيل : لا يتعب من يعمل بقلب راض ، وكان نصب عيني قول القائل :
ان ختم الله بغفرانه
| |
فكل ما لاقيته سهل
|
يتضمن هذا الجزء شعراء القسم الثاني من القرن الثالث عشر الهجري وسنلتقي بعون الله ـ في الجزء الآتي ـ مع شعراء القرن الحالي وهو الرابع عشر وسيكون حديثنا عنهم أو عن أكثرهم دراية لا رواية وسنصور انطباعاتنا عنهم ونسجل آراءنا فيهم والله من وراء القصد.
المؤلف
(6)
قال رزق الله بن عبد الوهاب بن عبد العزيز الحنبلي :
اجتمعت بملحدة المعرة ـ يعني أبا العلاء المعري ـ فقال لي : سمعت في مراثي الحسين بن علي رضي الله عنهما مرثية تكتب ، فقلت : قد قال بعض فلاحي بلادنا أبياتا تعجز عنها شيوخ تنوخ ، فقال : ما هي قلت قوله :
رأس ابن بنت محمد ووصيـه
والمـسلمون بمنظر وبمسـمع
أيقظت أجفانا وكنت لها كـرى
كحلت بمصرعك العيون عماية
ما روضـة الا تمـنت أنـها
| |
للمسـلميـن عـلى قنـاة يرفـع
لا جـازع منـهـم ولا متـفجـع
وأنمت عينا لم تكن بـك تهـجـع
وأصـم نعـيك كـل أذن تسمـع
لك مضجع ولخط قبرك مـوضع
|
فقال المعري : ما سمعت أرق من هذه (1)
1 ـ تمام المتون في شرح رسالة ابن زيدون ص 208 ورواها ابن الاثير في الكامل وقد تقدمت هذه الابيات في الجزء الاول / 305 وأنها من شعر دعبل الخزاعي كما رواها الحموي في معجم الادباء.
أورد ابن عساكر في تاريخ دمشق (1) لبعض الشعراء قوله في الحسين عليه السلام :
لقد هـد جسمي رزء آل محـمد
وأبكت جفوني بالفرات مصارع
عظام بأكنـاف الفرات زكيـة
فكـم حـرة مسبـية فاطميـة
لآل رسـول الله صلت عليهـم
أفاطم أشجاني قتيل ذوي العـلا
وأصبحت لا ألتذ طيب معيشـة
يقولون لي صبرا جميلا وسلوة
فكيف اصطباري بعد آل محمد
| |
وتلك الرزايا والخطوب عظـام
لآل النبي المصطفى وعظــام
لـهن علينـا حرمـة وذمــام
وكم من كـريم قد علاه حسـام
ملائكـة بيـض الوجوه كـرام
فشـبت وانـي صـادق لـغلام
كـأن علـي الطيبـات حـرام
وما لي الى الصبر الجميل مرام
وفي القلب منـهم لوعة وسقـام
|
1 ـ ابن عساكر هو علي بن الحسن بن هبة الله الدمشقي الشافعي المحدث الحافظ المشهور صاحب كتاب تاريخ دمشق ، توفي سنة 571 هـ بدمشق وحضر جنازته بالميدان للصلاة عليه الملك الناصر صلاح الدين يوسف ابن ايوب ودفن بمقبرة باب الصغير.
(9)
تركت الخيزرانة من يميني
أأحمل عودة مـن خيزران
| |
وأكره أن أشاهدها أمامي
بها نكتت ثنايا ابن الامام
|
من نظم عثمان الهيتي كاتب الوالي في بغداد داوود باشا في حوالي سنة 1240.
جاء في كتاب ( شعراء بغداد وكتابها في أيام وزارة داود باشا والي بغداد ) ذلك في حدود سنة 1200 الى سنة 1246 للهجرة ، والكتاب تأليف عبدالقادر أفندي الخطيب الشهراباني. ان عثمان بيك كان والدا لوالي الموصل وهو محمد أمين باشا وان عثمان بيك كان عمره ثمانين عاما. وفي بعض الكتب ينسب هذا الشعر للشاعر عمر رمضان والله أعلم.
(10)
كان حيا 1233
أرى هـمـما مـكنـونة لا يقـلها
تـقطع أمـعاء الـزمان بـحـملها
بهـا طالـبا وترا من الدهر لا أرى
أدك بهـا شم الـجبال الى الـثرى
سـتدري اللـيالي مـن أنا ولطالما
بها لـست أرضى أن قـيصر خادم
بسطـوة من جـبريل تـحت لوائه
وصاحب موسى والمسيح وحـوله
اذا ما رنا نـحو السماء بطـرفـه
ولـو شـاء نسفا للجبال لاصبحت
امام تـولـى كـل آيـة مـرسـل
امام يـعــيد الله شـرعـة جـده
كـأن عـليه الـتاج رصـع وشيه
اذا ما رأى الرائي به الهدي والهدى
| |
فضا هـذه الاولى اتساعا ولا الاخرا
اذا ذكرت عندي خطوب بني الزهرا
شفـاء لـه ما لا أزيـل لـه الدهرا
وأبني لنـا فيهـا على زحـل قصرا
تـجاهـلن بي علما وأنكرنني خـبرا
لـدي ولا أرضى بـذلك من كسرى
وقـد جـل ذا قـدرا وما زاده قدرا
مـلائكـة الافـلاك تنتظـر الامرا
تمـور بـمن فيها السماء لـه ذعرا
ولا شيء منها حيـث شاء ولا قدرا
مـن الله مـنا فـهو آيتـه الكـبرى
بـه غـضـة ايـام دولتـه الـغرا
بضوء سنى المريخ نـورا وبالشعرى
رأى من عظيم الامر ما يدهش الفكرا
|
(11)
بـه الـدهـر مبيـض هدى واستنارة
متى يطـرب الاسماع صـوت بشيره
متى تقبل الرايات مـن أرض مـكـة
وأهـتف ما بيـن الـكتـائب مـعلنا
دمـاؤكـم طلـت لـديهـم كـدينكم
وآلـكـم مـن عـهـد احمـد بينهم
وهـم تـركونا مـطعـما لسيوفهـم
الى م الـتمادي يـا بن أكرم مـرسل
ألـم تـر أن الــظلـم أسدل لـيله
فـما الصبـر والبلوى تفاقـم أمـرها
أما كان فـعـل القـوم مـنك بكربلا
أفـي كـل يـوم فجعة بـعد فـجعة
الى كم لنا بألطف شـنعاء ما رقـت
وما فجعـة بألـطـف الا تـفاقمـت
فهـا كـربلا هـذا ذبيح كمـا تـرى
اذا لـم يـغث في سوحكم مستجيرها
يـطل لـديها مـن دمـاء ولاتـكـم
وكم من مصونات عفات تـروعـت
وانـت خبـير بالـرزايا وما جـرى
أجل ربما في الشرق والغرب من عما
مصائـب أنسـتها بـكر طرادها ـ
ألـم تـرنا كـشاف كـل مـلـمـة
| |
على أهله والارض مشحونة ذكـرا
وأنى لسمعي قـوله لـكم البـشرى
أمامهـم نـور يحيل الدجى فـجرا
بيـال أبي آبـاؤكم قـتلوا صبـرا
وفيئـكم نـهب ونـسوتكم أسـرى
قلوبهـم قـرحى وأعينهم عـبرى
وهم غـصبونا فيء آبائنا قـهرا
وحـتام فـيها أنـت متخذ سـترا
على الافق والاقطار قد ملئت كـفرا
فمـن مقلـة عبرا ومن كبد حـرا
بمرئ أما كنت المحيط بها خـبرا
لدى كربلا تذكارها يصدع الصخرا
لهـا عـبرة الا ألـمـت بنا أخرى
علينا ولـم تـبقي لسابقـة ذكـرى
وهـذي وقـاك الله مسلوبة خـدرا
فأين سـواها المستجار ومن أحرى
ألوف ومـا عـدى وأنت بها أدرى
وكم من دم يجرى وكم حرة حسرى
مـن القوم مـما لم يدع بعده صبرا
عـواديه لا تـخشى أثاما ولا وزرا
عليـنا وأن لا مستجار لنا ـ شمرا
نـعاني الـرزايا من غوائلهم غدرا
|
(12)
أحاطوا بنا من كل فج وأرهبوا
| |
فما أضيق الغبرا وما أبعد الخضرا
|
يظهر من مجرى هذه الابيات ان القصيدة نظمت على اثر غارة الوهابيين سنة 1216 على كربلاء وانتهاكهم لقدسية حرم سيد الشهداء أبي عبد الله الحسين عليه السلام وسفك دماء الابرياء من رجال ونساء فثارت حمية هذا العلوي الغيور فاندفع مستجيرا بصاحب العصر الامام الغائب حجة آل محمد صلوات الله عليه.
السيد علي آل السيد سلمان النجفي كان حيا سنة 1233. كذا ذكره صاحب الحصون ج 2 ص 453 فقال : كان فاضلا كاملا شاعرا بليغا أديبا معاصرا للشيخ محمد حسين ابن الشيح محمد علي الاعسم ، وكانا خليطين وبينهما مراسلات ومكاتبات ومن شعره يشكو دهره قوله :
وقائـلة خفـظ عـليك فـما الهـوى
ومـا الـدهـر الا منجنونا بأهـلـه
وما من فتى في الدهر الا وقد غـدا
فكن رجلا ما خانه الصبر في الردى
وان كـنت منـه طالبا صفو مشرب
ديـار بهـا لا انـس لـي غير أنني
هـجرت الـحمى لا عن ملال وانما
| |
عقـار ولـكن قـد تخيل شاربه
يـرى فـيه أنواع التقلب صاحبه
يسالمه طـورا وطـورا يحاربـه
كما سيف عمرو لم تخنه مضاربه
سفهت فأي الناس تصفو مـشاربه
يـجاوبني فيها الصدى وأجـاوبه
يـجاذبني عـنه الـعنا وأجـاذبه
|
عن مجموعة للسيد مهدي الخراسان.
(13)
تلك الدماء أراقتها أمية بعد العلم
سيعرضون بـيوم لا خلاق لهم
| |
فاستوجبوا التخلـيد في النـار
فيه وحاكمه الهادي عن الباري (1)
|
احمد بن محمد بن محسن بن علي بن محمد بن احمد الربعي المحسني الاحسائي الدورقي الفلاحي. قال الشيخ محمد حرز في ( معارف الرجال ) :
هو علامة زمانه ، محقق ورع ، زاهد عابد ، قال في وصفه سبطه الشيخ موسى : العالم العابد جامع شتاب المفاخر والمحامد ، الى آخر ما قال. وقال صاحب أنوار البدرين : وقفت له على رسالة حسنة في الجهر والاخفات بالبسملة والتسبيح في الاخيرتين وثالثة المغرب ورسالة في حجية ظواهر الكتاب الكريم وحواشي على تهذيب الاحكام وبعض الفوائد والنوادر ، ومن جملة تلك
1 ـ أنوار البدرين.
(14)
الفوائد بخط سبطه الشيخ موسى فائدة تحريم الدم مما علم بالضرورة من الدين ولكن حيث قد شربه الحجام متبركا بدم النبي (ص) ولم يكن عالما بالتحريم على هذا الوجه لم يخطاه النبي صلى الله عليه وآله وسلم بل جعل ذلك سببا لنجاته من النار ففيه دلالة على ما أشرنا اليه في بعض كتبنا ، ان الجاهل معذور وانما تكون المعصية معصية اذا قصد المخالفة.
توفي قدس سره سنة 1247 هـ سبع وأربعين ومائتين وألف هجرية وكان المترجم له من قبيلة آل محسن وهم بطن من ربيعة ابن نزار كان مسكنهم في المدينة المنورة الى سنة 1210 ولما وقعت حادثة عبدالعزيز وولده سعود وجار فيها على علماء الشيعة ومنهم الشيخ احمد هاجر الى الاحساء وأقام فيها ثلاث سنين تقريبا ، ثم توطن الدورق في أواخر عمره سنة 1214 وتوفي فيها سنة 1247 ، وترجم له السيد الامين في ( الاعيان ) وفي بعض ما قال : ولما كان شيخنا ومولانا المهذب العالم العامل الخبير بالبراهين والدلائل المتتبع العارف بالادلة والاقوال والرجال الشيخ احمد نجل الشيخ محسن الى آخر ما قال.
مؤلفاته : وقاية المكلف من سوء الموقف في الصلاة والعقائد الخمس. وكتاب منهل الصفا في الفقه استدلالي لم يتم ، وشرح النافع لم يتم ، ورسالة فيما يغفر من الذنوب وما لم يغفر الى غيرها.
وترجم له الشيخ محسن الطهراني في ( الذريعة ) ج 3/13 وج 16/90.
(15)
الاكـل رزء فـي الانـام لـه حـد
فـلا زالـت الارزاء تأتي وتنتهـي
وكيف مصاب السبط يسلوه مؤمـن
أأنسـاه اذ وافـته بـالـزور كتبها
ان اقدم اليـنا فالـجميـع مسـاعد
فلـما أتـاهـم ضيعوا الحق بينهم
تجـنب عنهم اذ بـدا الغدر منهـم
الى أن أتى أرض الطفوف فلم يسر
| |
ورزء بني الهادي الى الحشر يمتد
ورزؤهم غض متى ذكره يــبدو
موال له في القلب قد أخلص الود
رسائل غدر ليس يحصرها عـد
وكـل فـتى مـنا لنصرك معتد
كأن لم يكن منهم له سبق الـوعد
يسير بجد حيـن لا ينفـع الـجد
بـه فـرس ما كان أتعبه جـهد (1)
|
الشيخ صافي ابن الشيخ كاظم الطريحي من رجال العلم والفضل موسوم بالتقوى والصلاح ، كان معاصرا للشيخ جعفر الكبير ومن علماء ذلك العصر ، ذكره السيد في التكملة وقال :
1 ـ عن مجموع الشيخ صافي بن سيف الدين الطريحي ، كان يسكن العتائق.
|