ادب الطف الجزء السابع ::: 16 ـ 30
(16)
    رأيت شهادته بوقفية بستان في سنة 1216 ونعته غيره بقوله : كان رحمه الله قوام الاسرة الطريحية ورئيسها وعيلمها ومن الاتقياء الافاضل والفقهاء الاماثل. وقال في ( الكرام البررة ) : والظاهر أنه من تلامذة السيد مهدي ابن السيد مير علي صاحب الرياض وكتب بخطه رسالة السيد مهدي في اصالة البراءة في الشك في الجزئية والشرطية ثم كتب تلميذه وهو الحاج مولى محمود التفريشي في سنة 1250 نسخة الرسالة عن خط الشيخ صافي مصرحا بأنه بعض مشائخه.
    كان من العلماء الشعراء والفضلاء الادباء ، وقفت له على بعض المقاطيع والابيات في المواعظ في مجموع عيسى بن حسين كبة ـ مخطوط في مكتبة كاشف الغطاء رقم 79 قسم الادب. فمن شعره :
يا من يروم لنفسه أعلى الرتب ودع المطامع كلها فلكم غـدت فاغنم علوما زانها حسن الادب تزري بصاحبها وتدنيه العطب
    توفي في حدود سنة 1250 هـ وأعقب ولدا واحدا وهو الشيخ حسين. أما هذا الولد فقد أعقب أربعة أولاد وهم : الشيخ جعفر وهو أكبرهم ، والشيخ علي الذي توفي في ( الشنافية ) ـ ناحية في الفرات الاوسط ، والشيخ صافي ، وكل من هؤلاء الثلاثة له أولاد. والرابع عباس قتل في كربلاء قبل أن يتزوج.


(17)
    جاء في شعراء القطيف : الاديب الفاضل عبد المحسن الملهوف من أفراد قبيلة في القطيف تعرف بهذا اللقب ، أديب شاعر وعبقري فذ ولو لم يكن مما يدل على ذلك الا هذه القصيدة العصماء لكفى بها فهو أحد الشعراء المجيدين والادباء الورعين في القرن الثالث عشر المزدهر بالعلم والادب. تغمده الله برحمته ترجم له صاحب انوار البدرين من شعره هذه الرائعة في الحسين عليه السلام.
دعـها تـجدد عـهدهـا بالـوادي بـل تـذرع الـفلـوات تحسب أنها زيافـة تـهـوى الـذمـيل وشأنها لا تستـطيب الـظـل الا انـهــا لا تهتوي المرعى الخصيب ولا الى ما وكـلت بالنـجـم الا واغتـدت مـا أنـكرت قفرا أتته ولا ادعـت ولعـت بـقطع الـبيد حتى أنـهـا وتـمـزق الـبيداء بـالآسـاد قـد وكـلت بالـذرع والتعـداد قطـع المفاوز مـن ربى ووهاد تهـوى شموس هـجيرها الوقاد الماء البـرود تـهش في الوراد تعطي المفاوز من وراها الحادي عسـرا ولا آلـت من التبعادي أمـنت بمسراها عـلى الاجيـاد


(18)
دعها الـعراق تـؤم لا تـشأم بها فـهناك مأوى الآمـلين بـمربـع ربـع به جدث الحسين ونفس أحمد مـن حوله فـئة تقاسمت الـردى من كل من رضعت لـه العليا فمن أو كـل عالي هـمة لـو شاء أن أسد ضراغمة متى ما استصرخوا خطبوا الوغى مهر النفوس وزوجوا قوم متى وجدوا فخارا فـي الردى فـي الـجو كالانوا وكالاطواد في حـدث ولا حـرج علـيك فانـما فـوبيـعة وفـوا لـها وبـنعمـة لـو أنـهم شـاءوا الـبقاء بـهذه ولـو أنهـم شاؤا القضا مـدوا له لكـن تـجردت النفـوس وعافت أفمـا عـلمت استشهدوا وتغابطوا هـذا بقـرب الـعهـد للمولى وذا كانوا فرادى في المـلا فاستشهدوا فبـكتهـم الـعليـا بـدمـع ثاكل وبقى الصبور على البلا وحمـول بالنـبل يـرمي والـرماح وبالظبا وانصاع يخطب في الوغى بمحجة وتـجاف للاغـوار والانجاد هـي كعـبة العافين والـوفاد والـزكية والـوصي الهـادي من كـل قـرم أشوس ذواد فـياض مكرمة وغـوث مناد يرقى رقى من فوق سبع شداد لـجلاء نازلـة عدوا بعوادي البـتار يـوم الـروع بالمياد ركـضوا بأكباد اليه صوادي البلوى وفي الاقـدام كالآسـاد تـروى لـنا متواتر الاسـناد فازوا بها من واهـب جـواد لم يتركوا وغدا من الاوغـاد نظـرا ورد بـدهشة الارعاد الاكـدار وارتاحت الى الانداد متقـدمـا وأخـيرهـم للبادي بالسـبق للـجنات والاخـلاد طـرأ كـأنهـم على مـيعاد أنـى وهم من أنـجب الاولاد كــل الابتـلا لاسنة وحـداد بأحــر أفـئدة مـن الـحقاد بيضا عـلى هـام من الاشهاد


(19)
ورداه مسـرود الـحديــد بكفـه مـا زجـه في الجيش الا واغتدى ومـهند أدنى مـواهـبـه الـردى ومثـقـف لـدن ولـيس مـقـره يتـدفع الـجيش اللـهـام كـأنـه فكأنـه موسى ومخذمـه الـعصى بـطل تـولع في الـنزال بنهـبه يمحو لـدائرة الـصفوف بسيـفه حتى غدوا كـالعصف تنسفه الصبا ما زال هـذا دأبـه حتى انقضت فانهار كالطود الاشـم على الثرى عـدم الـنظير فما يـمثل حـاله ان قلت مـوسى حـين خر سماله هـذا استكن بـدوحـة حذرا وذا لـكـنه مـتـبتل لـمـا قـضى يـوم ثـوى فيـه الـحسين ويوم فدعوت مورى يا جبال تصدعـي يا شمس فانخفضي ويا شهب اقلعي وعـليه يا سبـع الـشداد تـهيلي لولا بقيته وخـازن علـمه السجاد واسمـع بشاويـة الضلوع مصيبة أضحت كمـرتاع القطا من بعـدما لـدن ومـنبـره سنام جـواد كالسيل صادفـه غشاء الوادي فـي حالة الاصـدار والايراد الا بساحـة مـهجـة وفـؤاد يم خضـم مـد بـالازبـادي بل أيـن موسى منه يوم جلاد هـام الكمـاة وخلسـة الاكباد محـو المـهندس فاسد الاعداد فوق التلال وفي خفيض وهاد منـه الحياة وآذنـت بنفــاد جلت معانيـه عـن الاطـواد اذ مال عن ظهر الجواد العادي أو قـلت يحيـى فاقـه بجهاد لمـا أفاق بليـت ظـل ينـاد فرضا هوى شكرا بغير تمادي عزرائيل يقبض طينة الاجساد وبحـار غـوري وأذني بنفاد وعليـه يا بـدر ادرع بحـداد هـد العمـاد وعلـة الايجـاد لا انبعثـت صواعــق عـاد الخفـرات بعــد كفيلهن بواد وقعـت بوسـط حبالة الصياد


(20)
قـد المصـاب قلوبهـا أو ما ترى فقـدت أعزتهـا وجـل مراتهـا لبســت مـن الارزاء أبهـى حلة بأبـي وبـي أم الرزايـا زيـنبـا تطوي الضـلوع علـى لظى حراتها تدعو الحسين ومـا لـها مـن منعم أوهـى قوى جلـدي فبان تجـلدي سفن اصـطباري قـد غرقن بزاخر وتعـج تهتف في الذميـل بـعولـة أمؤمـل الجـدوى بساحـة ربعهم يـا ضيـف بيت الجود أقفر ربعه قـد كان كعبـة أنعـم واليـوم لا وتـرقـرق الـدمع الهتون تصونه فـكأنهـا نظـرت وراء زجاجـة وتـخط في وجـه الفلا ببـنانهـا يا راكبا كـوما تهش الى السـرى عـرج لطيبة قاصـدا جـدثا بـه وقـل السـلام عليك مـن مزمل يا مظـهر الاسلام جئتـك مخبرا خـلفته غـرضا هناك ومـركزا والطيبات اللائي كنـت تحـوطها غرثى وعطشى غيـر أن شرابها تهمي الدموع دما كسيل غوادي ومـلاذ هيبتهـا وخيـر سنـاد لكـنهـا مـن صفـرة وسـواد مسـجـورة الاحـشاء بالايقـاد مهما دعـت نفثـت كسقط زناد يـا كافلي قـدح المصاب فؤادي أيـن التجلـد والفقيـد عـمادي من يـم أحـزاني وريـح نكـاد عظمـى تمـزق قـلب كل جماد خـف القطين وجف زرع الوادي فاشدد رحـالك واحتفـظ بالـزاد مـن عاكف فيهـا ولا من بادي خجـلا وخـوف شماتة الحسـاد كي تبـصر القتلى على الابـعاد صـونا لرفع الصـوت بالانشـاد عـزت عـن الاشباه والاضـداد سـرالـوجود ومـظهر الارشـاد مـدثـر بـردى الفـخار الـبادي ان الحسـين رمـي بسهـم عـناد وضـريـبة بـل حـلـبة لطـراد أمسـت غنيـمة غـادر ومـعادي مـن دمـعها والـوجد أطـيب زاد


(21)
    وقد اقترح عليه نظم هذه القصيدة الوزير علي رضا باشا على أن تتضمن قصة مقتل الحسين عليه السلام (1).
أما ان تركى مـوبقـات الجرائم وأجـعـل لله العـظـيم وسيلـة وأخـتم أيـامـي بـتوبة تائـب ومن لم يلم يوما على السوء نفسه على أنني مسـتمطر غزر صيب فكـم بين منقـاد الـى شر ظالم وان كنت مـمن لا يفيء لـتوبة سأمـحو بدمعـي في قتيل محرم قتـيل تعـفى كـل رزء ورزؤه قتيـل بكاه المصطفى وابن عمه وقل بقـتيل قد بكـته السـما دما وتنزيه نفـسي عـن غـوي وآثم بها لي خلاص مـن ذنوب عظائم يـذود بـها عقـبى نـدامـة نادم فـلم تغـنه يـومـا ملامـة لائم من العفو يهمي عن غزير المكارم منيـبا ومنقـاد الى خـير راحـم ولا لطـريق الـرشد يوما بشائـم صحائـف قد سودتـها بالمـحارم جديد عـلى الايـام سامي المـعالم ( علي ) واجـرى من دم دمع ( فاطم ) عبيطا فما قـدر الـدموع السواجم

1 ـ ديوان التميمي.

(22)
وناحت عـليه الـجن حتى بـدا لها اذا مـا سقى الله الـبلاد فـلا سقى أتـت كتـبهـم في طيهـن كتـائب لخـير امام قـام في الامر فـانبرت اذا ذكـرت للطـفل حـل بـرأسه أن أقدم اليـنا يا بن أكـرم من مشى فـكم لك أنـصار لـديـنا وشيـعة فـودع مـأمون الرسالـة وامتطي وجـشمها ( نـجد ) الـعراق تحـفه قـساورة يـوم الـقراع رمـاحـهم مقـلـدة عـن عـزمها بصـوارم أشـد نزالا مـن ليـوث ضراغـم وأزهي وجـوها من بـدور كوامل يلبون مـن للحرب غيـر مـحارب كـمي ينحـيه عن الضيـم معطس ومد أخـذت في ( نينوى ) منهم النوى غـدا ضاحـكـا هـذا وذا متبـسما ومـا سمـعت أذني من الناس ذاهبا كأنـهـم يـوم ( الطـفوف ) وللضبا أجـادل عـاثـت بالبـغاث وانـها حنـين تحـاكـيه رعـود الغـمائـم مـعاهـد كوفـان بـنـوء الـمرازم ومـا رقـمـت الا بـسـم الاراقـم لـه نـكبات أقـعـدت كـل قـائـم بـياض مشـيب قـبل شـد التـمائم عـلى قـدم نم عـربها والاعـاجـم رجـالا كـراما فـوق خـيل كـرائم مـتون المراسيـل الهـجان الـرواسم مصاليت حرب مـن ذوابـة ( هاشـم ) تـكفـلن أرزاق النسـور القـشاعـم لدى الروع أمضى من حدود الصوارم وأجرى نـوالا مـن بحـور خضارم وأوفـى ذمـامـا مـن وفي الـذمائم كـمـا انـه للـسلـم غـير مـسالم عـلـيه ابـاء الضـيم ضربـة لازم ولاحت بـها للغـدر بعـض الـملائم سـرورا وما ثغـر المـنون بـباسـم الـى المـوت تعـلـوه مـسـرة قادم هـنالك شغـل شـاغــل بالجـماجم أشـد انقـضاضا من نجـوم رواجـم


(23)
لقد صبروا صبر الكرام وقـد قضوا الى أن غدت أشلاؤهـم في عراصها فلـهفي لـمولاي الحسـين وقـد غدا يرى قـومه صرعى وينـظر نسوة هناك انتضى عضبا من الحزم قاطعا أبـوه عـلي أثبـت الناس فـي اللقا يـكر عليـهـم مثلـما كـر حـيدر ولـمـا أراد الله انــفــاذ أمـره أتـيـح لـه سهـم تـبـوأ نـحره فهدت عروش الدين وانطمس الهدى وأعـظم خـطب لا تقـوم بحـمله عـويل بنات المـصطفى مذ أتى لها فـوا حـر قلـبي للنـساء بحـرقة على رغبة منـهم حقوق المكارم كأشلاء قيس بين تـبنا وجـاسم (1) فريدا وحيدا في وطيس الملاحم تجلببن جلـباب البـكا والـمآتم وتلك خطوب لم تدع حزم حازم وأشجع ممن جاء من صلب آدم على أهل بدر والنفير المـزاحم بأطوع منقـاد الى حـكم حاكم تبـوأ نحـري ليته وغـلاصمي وأصبح ركن الحق واهي الدعائم متون الجـبال الراسيات العظائم جواد قتـيل الطف دامي القوائم يحمن عليه في قـلوب حـوائم

1 ـ ذكر الحموي في معجم البلدان : تبنى بالضم ثم السكون وفتح النون ، بلدة بحوران من أعمال دمشق قال النابغة :
فلا زال قبر بين تبنى وجاسم عليه من الوسمي جود ووابل

(24)
ينـحن كـما نـاح الحـمـام وبالبـكا فـيا وقعـة كـم كدرت مـن مشارب بني المصطفى ما عشت أو دمت سالما لكي لا تـزول الارض عـن مستقرها فلـو أن لي حـظ عظـيم تـقـدمت وصلـت عـلى أعـدائـكم بفـوارس وان فات نصر السـيف سوف أعينكم ومـا صالـح ان لـم تعـينوه صالح عليـكم سلام الله مـا هبـت الـصبا لا غزر شجوا من نواح الحمائم لنا مثل ما قد رنقت من مطاعم فصبري على ما نابكم غير سالم والا فأنـتم فـوق هـام النعائم حياتي بعـصر سالـف متـقادم أشداء في الهيـجاء من آل ( دارم ) بنظم كبا مـن دونه نظـم ناظم وما عد الا مـن بغاة المـظالم وما حرك الاغصان مر النسائم
    وللشيخ صالح التميمي :
مـا بال جفـني مغـرم بسهـاده لا في سعاد صبا فؤادي في الصبا كـلا ولا أطـلال برقة منـشد لكـن مصارع فتـية فـي كربلا قتلى وفيـهم مـن دؤابة ( هـاشم ) يا للرجال لطـود ( أحمد ) مذ ثوى يا للرجال لنكـبة ( الزهراء ) فـي أبكـي القتيل أم النـساء حواسرا أم أندب ( العباس ) لـما أن مضى يبغي الوصول الى الفرات ودونها فأتى دوين الماء فاعـتاق الردى أبكي لمقطوع اليـدين وقد قضى وغـزير دمعي لـم أفز بنفاده فأقـول قـلبي قد لـها بسعاده برقت مـدى الايـام في انشاده سلبت بسيف الحزن طيب رقاده أسد سـعى للمـوت فـي آساده قـدما وريع الـدين في أطواده أبـنائـها والطـهر فـي أولاده يـندبـنه ويلـذن في ( سـجاده ) والبر قد غص الفـضا بصعاده بـيض كساها فيـلـق بسواده همم سمت للمجـد فوق مـراده ضـمأ ونار الـوجد ملء فؤاده


(25)
ألذاك أبكي أم ( سكينة ) اذ دعت هذا أبي ملـقى وأذيـال الصبا يا آل بيـت محمد حـزني لكم أنا ( صالح ) ان أنـتم أنعـمتم يا عمتا كهفي هـوى بعماده عزمت له ما سل من أبراده متحـكم والـهم مـن أوتاده بقبول ما قصرت في انشاده
    وله أيضا :
ألا مـن مبـلغ الشـهداء أني رجال طلقـوا الـدنيا ومن ذا رأوا خـمر الفناء الذ طـعما دعاهـم نجل فاطـمة بـيوم دعاهـم دعوة والحرب شبت فقل من سـيد نادى عـبيدا أسـود بالهـياج اذا الـمنايا كأن رماحـهم تتـلو اليـهم اذا ما هـز عسال تـصابوا بنفسي والـورى أفدي كراما بنفسي والورى أفدي جسوما بنفسي والورى أفدي رؤوسا كأني يابن ( عـوسجة ) ينادي هلموا عانقوا بيض المواضي فـليس يصافح الحـوراء الا رأوا في كـربلا يوما مشوما وكدر عيشهـم حرب فجادت نهضت لشكر هم بعد القعود صبا لطلاق كاعـبة النهود غداة الطف من طعم الخلود يشيب لـذكره رأس الـوليد لظى من دونها ذات الوقود عراة الـذات من شيم العبيد رمت ظـفرا ونابا بالاسود لصدق الطعن أوفوا بالعقود كما يصبى الى هز القـدود تجنب حزمهم نقض العهود مجـزرة على حر الصعيد تشال على الرماح الى ( يزيد ) وريح الموت يلعب بالبـنود ولا كعـناقكم بيض الخدود فتى يهوى مصافحة الحديد ففازوا منه في يـوم سعيد لهم عقباه في عيـش رغيد


(26)
ألا يا سادتـي حزنـي عليكم أحاذر أن يقال هـل امتلأتي أعيذوا ( صالحا ) منها وكونوا منعتم مـن ورد الماء قسرا نفي عن ناظري طيب الهجود فكان جـوابها هـل من مزيد له شفـعاء في يـوم الخـلود وفـزتم بالهنا وقـت الورود
    ابو سعيد الشيخ صالح بن درويش بن علي بن محمد حسين ابن زين العابدين الكاظمي النجفي الحلي البغدادي المعروف بالشيخ صالح التميمي الشاعر المشهور.
    ولد في الكاظمية سنة 1218 وتوفي ببغداد لاربع عشرة ليلة بقيت من شعبان بعد الظهر سنة 1261 ودفن في الكاظمية ، كان من بيت علم وأدب ربي في حجر جده الشيخ علي الزيني الشهير في مطارحاته مع السيد بحر العـلوم وغيـره فـي النجف ، انتقل مع جده من الكاظمية الى النجف فأقام برهة ثم سكن الحلة وبقي بها مدة حتى استقدمه والي بغداد داود باشا. أقول : هو في عصره كأبي تمام في عصره. وقد تولى رئاسة ديوان الانشاء في بغداد سنة 1235 ، وله شعر كثير مدح به الامراء والاعيان والزعماء وله مؤلفات ذكرت بأسمائها وفي ديوانه المطبوع عدة مراسلات ومساجلات ، ورثاه العالم الشيخ ابراهيم صادق العاملي والشيخ عبد الحسين محي الدين وعبد الباقي العمري وأعقب ولدين : محمد سعيد ومحمد كاظم. وكتب عنه الدكتور محمد مهدي البصير في ( نهضة العراق الادبية في القرن التاسع عشر ) وجمع له مساجلاته ونوادره.


(27)
    وقال عنه : أما صفاته فانها من أجمل وأفضل ما يتحلى به انسان ـ كان رحمه الله خفيف الطبع عذب الروح حلو المعاشرة حاضر النكتة غزير الحفظ واسع الرواية قيل له : كم تحفظ من بدائع الشعر وروائعه فأجاب : لو لا أن شيخي أبا تمام جمع محاسن الجاهليين والاسلاميين في حماسته المشهورة لجمعت أنا لكم من حفظي هذه الحماسة. وكان يجل أبا تمام كثيرا ويعجب به اعجابا شديدا ويـعده اماما له ، والغريب انه رثاه على بعد ما بينهما من الزمن بقصيدة بليغة يقول فيها :
يا راكـبا وجـناء عيـديـة (1) ان جئت للحدباء قف لي بها وقل له بشراك يا خـير من فضلك أحياك كأن لـم تبت لم يتـرك الوخد لها مـن سنام وأبلـغ أبا تـمام عـني السلام سام القوافي الغر من نسل سام بالخلد هاتـيك العـظام العظام
    ومن غرر الشعر قصيدته في الامام أمير المؤمنين علي عليه السلام وهذا المقطع الاول منها :
غاية الـمدح في عـلاك ابتداء يا أخا المصطفى وخير ابن عم ما نرى مـا استطال الا تناهى فـلك دائـر اذا غـاب جـزء أو كـبدر ما يعـتريـه خـفاء يحذر البحر صولة الجزر لكن ليت شعري ما تصنع الشعراء وأمـير ان عـدت الامـراء ومـعاليك مـا لهـن انتهاء من نـواحيه أشرقـت أجزاء من غـمام الا عـراه انجلاء غـارة المـد غارة شعـواء

1 ـ عيدية نسبة الى فحل شهير من فحول الابل.

(28)
ربما عالـج مـن الرمل يحصى يا صراطـا الى الهـدى مستقيما بـني الـدين فـاستـقـام ولولا أنـت للـحق سلـم مـا لـراق معدن الناس كـلها الارض لكن شبه الشكل ليس يقضي التساوي شرف الله فـيك صلـبا فصلبا فـكأن الاصلاب كانت بروجا لـم تلد هـاشـمية هـاشمـيا وضعـتـه ببـطن أول بـيت أمـر النـاس بالـمـودة لـكن يا ابـن عـم النبي ليس ودادي فالورى فـيك بين غـال وقال وولائـي ان بحـت فيه بشيء أتـقي ملـحدا وأخـشى عدوا وفـرارا مـن نسـبة لـغلـو لم يضق في رماله الاحـصاء وبـه جـاء للصـدور الشـفاء ضرب ماضيك ما استقام البناء يـتـأتى بغـيـره الارتـقـاء أنت مـن جوهر وهـم حصباء انـما في الحـقائـق الاسـتواء أزكـيـاء نـمـتـهم أزكـياء ومن الشـمس عمـهن البـهاء كـعـلـي وكـلهـم نجـبـاء ذاك بـيت بفـخره الاكـتفـاء منهم أحسـنوا ومنـهم أسـاؤا بـوداد يـكون فيـه الـريـاء ومـوال وذو الـصواب الولاء فبنـفـسي تخـلـفت أشـياء يتـمارى ومـذهـبي الاتـقاء انـما الـكفر والغـلو سـواء
* * *
ذا مبيت الفراش يـوم قريش فـكأني أرى الصناديـد منهم صاديـات الـى دم هـو للما دم من ساد في الانـام جميعا قصرت مذرأوك منهم خطاهم شـكر الله منك سعـيا عظيما كفراش وانت فـيه ضياء وبايـديهم سيـوف ظماء ء طهور لو غيرته الدماء ولديه احـرارها ادعـياء ولديهم قـد استبان الخطاء قصرت عن بلوغه الاتقياء


(29)
عميت أعين عن الرشد منهم يستغيثون في يغوث الى ان لك طول عـلى قريش بيوم كم رجال اطلقتهم بعـد أسر يردع الخصم شاهدان حنين ان يوم النفير والـعير يوم سل وليدا وعتبة ما دعاهم وبـذات الفـقار زال العـماء منك قد حل في يغوث القضاء فيـه طول وريحـه نـكـباء أشـنع الاسـر أنـهم طـلقاء بعد بـدر لـوقال هـذا ادعاء هو فـي الدهـر راية ولـواء لفـناء عـدا عـليـه الفـناء


(30)
    قال بمناسبة مولد الامام الحسين عليه السلام في الثالث من شهر شعبان :
فـدت شهر شعـبانها الاشهر لثـالثـه فـي رقـاب الانام وباب النـجاة الامـام الـذي وغـصن الامـامة فيـه سما وروض النـبوة مـن نـوره لتـهـن بـمـيلاده شيـعـة غـذاه الـنـبي بـابـهـامه بـه الله رد عـلى ( فـطـرس ) أكان مـن النصف مثل الحسين ومـن هو ريـحان قلب النبي تعادى علـيه جـموع ابن هند بمـيلاده بشـر المـصـطفى ومـا زال يـؤلمـه ان بـكى فـكـيـف اذا مـا رآه لـقى بنفـسي الـذي يستغيث العداة فمـن بينها يمـنه الاشهر أيـاد لعـمرك لا تـنكر ذنوب العـباد بـه تغفر جـني هـدايتهـا يثـمر سني ومـن نوره مزهر لهم طاب في حبه عنصر فما زال عن ريها يصدر مقاما بـه في السما يذكر شفيع الخلايـق اذ تحشر ثلاثا عـلى الترب لا يقبر بأسيافـهم جـهرة ينـحر وفي قتله حـرب تستبـشر وكـان بتسكيـته يـأمـر وفي الترب خديه قد عفروا ويدعو النصير فلا ينـصر
ادب الطف الجزء السابع ::: فهرس