ادب الطف الجزء الثامن ::: 1 ـ 15

جواد شبر
ادب الطف
أو
شـعراء الحسيـــن ( عليه السلام )
من القرن الاول الهجري حتى القرن الرابع عشر
الجزء الثامن


(5)
المقدمة
    منذ سنوات عشر كنت كلما واتتني الفرصة ووجدت متسعاً من الوقت طرت الى بيروت وعكفت في احدى المطابع وواصلت السهر على إخراج جزء من أجزاء هذه الموسوعة ( أدب الطف ) فلا يمرّ شهر واحد حتى يكون الكتاب قد نجز ، وبيروت يومئذ قائمة على قدم وساق تصل الليل بالنهار بمواصلة العمل ، أما اليوم وقد هبطت اليها لنفس الغرض وبتاريخ 27/5/1977 والمصادف 8 جمادي الثانية من سنة 1397 ه‍ وإذا هي موحشة الجوانب خاوية على عروشها فذكرت قوله تعالى ( أو كالذي مرّ على قرية وهي خاوية على عروشها قال أنى يحيي هذه الله بعد موتها ).
    ايه يا عروس الشرق كيف ابيح حماك وصار عرضة للسلب والنهب.
    هل تؤمنين بأن الأرض تشقى وتسعد ، وهل تؤمنين أن المعاصي تزيل النعم ( وضرب الله مثلاً قرية آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغداً فكفرت بأنعم الله فاذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون ).
    استغرقت في تفكيري ورددت ما خطر ببالي من الوقوف على الاطلال ومخاطبة الديار. ثم هيأ الله بعد اللتيا والتي من يستجيب لتحقيق أمنيتي ، فنجز الجزء السابع واتبعته بالجزء الثامن والحمد لله. وهذا الجزء يتضمن البقية من شعراء القرن الثالث عشر وقسماً من الرابع عشر.
المؤلف        


(6)
أهـاشم لا يـوم لك ابـيضَّ أو ترى طـوالـع في لـيل القتام تـخالـهـا بنـي الغالبيين الألـى لـست عالـماً إلـى الآن لـم تجـمع بك الخيل وثقة هـلمي بهـا شعـث الـنواصي كأنها وإن سئلتـك الخـيل ايـن مـغـارها فـان دماكـم طحـن في كـل معشر ولا كــدم فـي كـربلا طـاح منكم غـداة أبـو السجـاد جـاء يـقودها عليهـا مـن الـفتيان كل ابن نثـرة أشـمّ إذا مـا افتض للـحرب عـذرة من الطاعني صدر الكتيبة في الـوغى هـم الـقوم اما اجـروا الخيل لم تطأ إذا ازدحـموا حشداً على نقع فيـلق كمـاة تـعـد الحيّ منهـا إذا انبرت جيادك تزجي عارض النقـع أغـبرا وقـد سدّت الافـق السحاب المسخرا أأسمـح في طـعن اكـفك أم قـرى كـأنـك ما تـدرين بالطف ما جرى ذئاب غضاً يمرحن بالقـاع ضمـرا فقولـي ارفعي كـل البسيطة عـثيرا ولا ثار حتى لـيس تبقيـن مـعشرا فـذاك لأجـفـان الحميـة أسهـرا أجـادل للهيجـاء لـحمـلن أنـسرا يعـدّ قتيـر الـدرع وشـياً محـبرا تنشقّ من أعـطافهـا النقـع عنـبرا إذا الصف منهـا مـن حديد توقـرا سـنابـكـهـا إلا دلاصاً ومغـفـرا رأيـت عـلى الليل النهـار تكـورا عن الطعن من كان الصريع المقطرا


(7)
ومَن يخترم حيـت الرماح تظافرت فما عبـروا إلا عـلى ظهر سابح مضوا بالوجوه الزهر بيضاً كريمة فـقـل لـنـزار ما حنينك نافـع حـرام علـيك الماء ما دام مورداً وحجر على أجفانك الـنوم عن دم أللهاشمي المـاء يـحلـو ودونـه وتهـدأ عـين الطالبي وحـولـها كأنك يا أسياف غـلمان هـاشـم هبي لبسوا في قتـله الـعار أسوداً ألا بكـر الـناعي ولـكن بهـاشم فـما للـمواضي طائل في حياتها ثوى اليوم أحماها عن الضيم جانباً وأطعمها للوحش مـن جثث العدى قضى بعد ما ردّ السيف على القنا ومات قريب العهد عـند شبا القنا فـإن يـمس مغبّر الجبين فطالما وإن يقـض ظـمآناً تفـطر قلبه وألقحها شعواء تشقى بها الـعدى فظاهر فيهـا بين درعيـن نـثرة سطا وهو أحمى من يصون كريمة فرافده في حـومة الضب مرهف تعثّر حتى مات في الهـام حـده فـذلك تـدعـوه الـكريم المظفرا إلى الموت لما ماجت البيض ابحرا عـليها لـثام النقع لاثـوه اكـدرا ولومـتّ وجـداً بـعدهـم وتزفرا لأبناء حرب أو ترى الموت مصدرا شبا السيف يـأبـى أن يطل ويهدرا ثوت آله حـرى القلوب على الثرى جفـون بني مـروان ريّا من الكرى نسيت غـداة الـطف ذاك الـمعفرا أيشفي إذا لم تلبسوا الموت أحمـرا جـميعاً وكـانـت بالـمنية أجدرا إذا باعها عجزاً عن الضرب قصرا وأصدقها عـند الحفيظـة مخـبرا وأخضبها للـطـير ظفـرا ومنسرا ومـرهفه فـيها وفي المـوت أثرا يـواريه منها مـا علـيه تكسـرا ضحى الحرب في وجه الكتيبة غبرا فقـد راع قلـب الموت حتى تفطرا ولود المنايا ترضع الـحتف ممقـرا وصبر ودرع الصبر أقواهما عـرى وأشجع من يقتاد للحـرب عسكـرا على قلّـة الأنـصار فيـه تكـثرا وقائمـه فـي كفـه مـا تـعثـرا


(8)
كأن اخـاه السـيف أُعـطي صبره له الله مفـطور مـن الصـبر قلبه ومـنعطفـاً اهـوى لتقـبيل طفـله لقـد ولـدا في ساعة هـو والردى وفي السبي مما يصطفي الخدر نسوة حمـت خدرها يقضى وودت بنومها مشى الدهر يوم الطف أعمى فلم يدع وجشـمها المـسرى ببيـداء قفـرة ولـم تـر حتى عينها ظل شخصها فاضحت ولا مـن قومها ذو حفيظة فلـم يبرح الهيـجاء حـتى تكسرا ولـوكان مـن صم الصفا لتفطرا فقـبل مـنه قبـله السـهم منحرا ومن قبله في نـحره السـهم كبرا يعـز عـلى فتـيانهـا أن تسيـرا ترد عليه جـفنها لاعـلى الـكرى عـماداً لـهـا إلا وفـيـه تعـثرا ولم تدر قبل الطف ما البيد والسرى إلى أن بـدت في الغاضرية حسرى يقـوم وراء الخـدر عنـها مشمرا
    ولد السيد حيدر في الحلة وينتهي نسبه الى الامام أبي عبد الله الحسين عليه السلام ـ كان مولده ( 15 ) شعبان سنة 1246 ه‍ الموافق سنة ( 1830 م ) وقبل أن يكمل عامه الثاني من عمره فقد والده فعاش يتيماً وتولى تربيته عمه السيد مهدي وكانت وفاته بالحلة يوم التاسع من ربيع الثاني وحمل إلى النجف فدفن في الصحن الشريف امام الرأس الشريف. كان شاعراً مجيداً من أشهر شعراء العراق أديباً ناثراً جيد الخط نظم فأكثر ولا سيما في رثاء الحسين عليه السلام فقد حلّق ، بالرغم من أن معاصريه من فحول الشعراء وأكابر الادباء فقد فاقهم حتى اعترفوا له بالفضل. قال السيد في الاعيان : وكان لغوياً عارفاً بالعربية شهماً أديباً ، وقوراً تقياً عليه سمات العلماء الأبرار كثير العبادة والنوافل كريم الطبع. في الطليعة اخبرني السيد حيدر الحلي قال رأيت في المنام فاطمة الزهراء عليها السلام فأتيت اليها مسلماً عليها مقبّلا يديها فالتفتت إلي وقالت :
أناعيَ قتلى الطف لا زلتَ ناعيا تهيج على طول الليالي البواكيا


(9)
    فجعلت أبكي وانتبهت وأنا اردد هذا البيت وجعلت أتمشى وأنا أبكي ففتح الله علي أن قلت :
أعد ذكرهم في كربلاء إن ذكرهم ودع مقلتي تحمر بعد ابيضاضها ستنسى الكرى عيني كأن جفونها وتعطي الدموع المستهلات حقها واعضاء مجد ما توزعت الضبا لئن فـرقتها آل حـرب فلم تكن ومـما يـزيل القلب عن مستقره وقوف بنات الوحـي عند طليقها لقد الـزمت كف البـتول فؤادها وغودر منها ذلك الضلـع لـوعـة أبا حسن حرب تقاضـتك دينـها مضوا عطري الأبراد يأرج ذكرهم غـداة ابن ام الموت اجرى فرنده واسـرى بهم نحـو العراق مباهياً تـناذرت الأعداء منـه ابن غابة تـساوره افـعى من الـهم لم يجد واظمأه شـوق إلى العـز لم يزل فصـمم لا مسـتعدياً غيـر همة واقـدم لا مسـتسقياً غـير عزمة بـيوم صبغن البـيض ثوب نهاره ترقـت به عن خطة الضيم هاشم طـوى جزعاً طـيّ السجل فؤاديا بعـد رزايا تـترك الدمع دامـيا حلـفن بمن تنـعاه ان لا تـلاقيا محاجر تبـكي بالغـوادي غواديا بتـوزيعـها إلا الندى والمـعاليا لتجـمع حتى الحـشر إلا المخازيا ويترك زند الغيظ في الصدر واريا بحال بها يشجـين حـتى الأعاديا خطوب يطـيح القلب منهن واهيا على الجمر من هذي الرزية حانيا إلى أن أسائت في بـنيك التقاضيا عبـيراً تـهاداه اللـيالي غـواليا بعزمـهم ثم انتـضاهم مـواضيا بأوجهـهم تحـت الظلام الدراريا على نشرات الغـيل اصحر طاويا لسورتها شيئاً سـوى السيف راقيا لورد حياض الموت بالصيد حاديا تفل له العـضب الجـراز اليمانيا تعيد غرار السـيف بـالدم راويا على لابـسي هيجاء أحـمر قانيا وقد بلغـت نفس الجـبان التراقيا


(10)
لقد وقفـوا في ذلك اليـوم موقفاً هم الراضعون الحرب اول ـا بكل ابن هيـجاء تـربى بحجرها طويل نجاد السيف فالدرع لم يكن يرى السمر يحملن المنايا شوارعاً هم القـوم اقمار النـدي وجوههم مـناجـيد طـلاعين كـل ثنـية ولـم تدر ان شـدوا الحبا احباهم إلى الحشر لا يـزداد إلا معاليا ولا حلم يرضـعن إلا العـواليا عليه ابوه السـيف لا زال حانيا ليلبـسه إلا مـن الصبر ضافيا إلى صدره ان قد حملن الأمانيا يُضئن من الآفاق ما كان داجيا يبيـت عليها مُلبد الحتف جاثيا ضمّن رجالاً أم جـبالاً رواسيا
    قال : ثم أوصى أن تكتب وتوضع معه في كفنه ترجم له الكثير وقرضوا شعره إذ هو الشاعر الذي لم يزل يحتفظ بمكانته السامية في نفوس الشعراء والعلماء والادباء ولم تضعضع الأيام ولا مرّ السنين من رفعته وجلالته وتقديره ، وما رأيت شاعراً من شعراء الحسين عليه السلام تتذوقه النفوس وتهوى تكرار قصائده كالسيد حيدر في جميع الأقطار الشيعية فهو مضرب المثل في هذه الصناعة. قال الزركلي في ( الاعلام ) : السيد حيدر شاعر أهل البيت في العراق أديب إمامي شعره حسن ، وكان مترفعاً عن المدح والاستجداء موصوفاً بالسخاء له ديوان شعر سماه ( الدر اليتيم ) وأشهر شعره حولياته في رثاء الحسين عليه السلام وترجم له الخطيب الأديب الشيخ اليعقوبي في البابليات فقال : ولد رحمه الله في الحلة ليلة النصف من شعبان سنة 1246 ه‍ ومات أبوه سنة 1247 فاقترن السيد مهدي ـ عم المترجم له ـ بزوجة اخيه السيد سليمان وعمر ولدها حيدر أقل من عامين فنشأ في حجر عمه وربيب نعمته وخريج مدرسته ، قال : وقد وقفت يوم كنت في الحلة على نسخ كثيرة من قصائد عمه ورسائله النثرية التي كان يبعث بها لآل كبة وغيرهم وهي بخطة المترجم له وفي آخرها يقول : وحضر كاتب الحروف ولدنا حيدر يهديكم عاطر التحيات.


(11)
    وطفق من أول نشأته يحفظ الشعر ويعالج النظم كأنه مطبوع عليه حتى أحرزت قصائده استحساناً عظيماً في أندية الأدب ، وتفاءل قراء شعره بنبوغه في الفن ، كما أنه في نثره لا يقل عن نظمه فصاحة وبلاغة حتى قال فيه شيخ ادباء بغداد عبد الباقي العمري :
لقـد أبـدع السيد المـرتقى وفاه بما فيه ـ لافظ فوه ـ وبـرّز فـي حـلبة غـيره بتسميطه ذروة الابلق لبيد الفصاحة لم ينطق اليها وإن طار لم يسبق
    وقد كان أبيّ النفس ، واسع الجاه عظيم القدر يتمتع بمكانة سامية في الأوساط العلمية والأدبية بحيث يحتفى به حجة الاسلام الشيرازي إذا استزاره إلى سامراء ذكر الشيخ الأميني في ( الغدير ) ان السيد حيدر قصد سامراء لزيارة الإمامين العسكريين عليهما السلام وبعد أداء الزيارة قصد السيد المجدد الشيرازي ، فعزم السيد المجدد على ردّ الزيارة له وحمل معه مائة ليرة ذهبية ودفعها له بكل إجلال وتقدير ، ثم قبّل يد السيد حيدر حيث أنه شاعر أهل البيت عليهم السلام ، وهذا منتهى التقدير.
    وكان من أوعى رجال الأدب صدراً لمادته لغة وعلوم عربية ومن اكثرهم حفظاً للفوائد واستظهاراً للشوارد وأشدهم مزاولة لأشعار العرب وخطبهم ، جزل الألفاظ رقيق المعاني حسن الروية جيد الطبع فجاء شعره في الغالب متين التأليف عربياً فصيح المفردات والتراكيب ، وحسبك منه ( حولياته ) التي لم يقصر فيها عن شأو زهير في البلاغة وصحة اللفظ والمعنى وهي مرثياته للسبط الشهيد أبي عبد الله الحسين ؟ التي خلدته خلوداً يبقى مع الزمن ، فلا شك أنه شقّ فيها غبار الشريفين الرضى والمرتضى ومهيار وكشاجم وكل من تعاطى رثاء الامام الشهيد عليه السلام من فحول شعراء الشيعة المتقدمين والمتأخرين وجاء باللون الجديد في الرثاء وتفنن فيه ما شاء له أدبه ومقدرته في الألفاظ والمعاني والأساليب ما هزّ المشاعر واستمطر الدموع.


(12)
    قال الشيخ اليعقوبي : وحدثني المغفور له السيد هادي القزويني أن عمه السيد ميرزا جعفر كان يقترح على خطيب الذكرى الحسينية في المحفل الذي يعقده بداره في الحلة طيلة العشرة الاولى في المحرم أن لا ينشده غير المراثي الحيدرية ، ومجموع قصائد السيد حيدر الحسينية ( 23 ) عدا المقاطيع وكلها من الشعر المختار ، وقد جمعت وطبعت مستقلة عن ديوانه غير مرة في الهند والنجف وقد أحجم عن مجاراته فيها كثير من الشعراء المعاصرين له والمتأخرين عنه.
    وأنبأني الأديب الحاج عبد المجيد الشهير ب‍ ( العطار ) قال : دخلت على السيد يوماً وطلبتُ منه قصيدته النونية التي مطلعها :
إن ضاع وترك يابن حامي الدين لا قال سيفك للمنايا كوني
    فاستدعى بمحفظة خشبية أخرج منها أكثر من ثمان نسخ من القصيدة نفسها ، وكل واحدة تختلف عن سابقتها في التقديم والتأخير والتنسيق حتى دفع إلي آخر نسخة كان قد أعاد النظر في تهذيبها وهي التي ارتضاها بعد إجهاد الفكر ، والى مراثيه هذه أشار المجاهد السيد السعيد الحبوبي بقوله في قصيدته التي رثاه فيها وهي أبلغ قصيدة رثي بها المترجم له :
أجوهرة الدنيا التـي قد تزينت فمن للقوافي الغـر بعدك حيدرٌ فكم لك إذ تدعو ابن أحمد ندبة أطلتَ ولـم تملل بكـاك عليهم به واكتست من بشره اللمعانا يساجـل فيـها دائنا ومـدانا تزلزل رضوى أو تزيل أبانا فطال ولم نملل عليـك بكانا
    ولا تظن أن إبداعه يقتصر على مراثي أهل البيت عليهم السلام فإن شعره في شتى النواحي مزدان بالإبداع مرصوص الجوانب كالسلاسل الذهبية فاستمع إلى قطعة من قصيدته التي قالها في رثاء الميرزا جعفر القزويني والتي مطلعها :
قد خططنا للمعالي مضجعا عقـدنا للمـساعي مـأتما ودفنّا الدين والدنيا معا ونعينا الفخر فيه أجمعا


(13)
صاحب النعش الذي قد رفعت بركات الأرض لما رفعا
    وقوله من قصيدة يرثي بها علامة عصره الشيخ مهدي حفيد الشيخ الأكبر كاشف الغطاء :
يا مـن أضاء بنـوره أفق الهدى أبكـيك للاحـسان غاض نمـيره رفعوك والبركات عن ظهر الثرى دفنـوك وانصرفوا بأعـظم حيرة أعلـمتَ بعـدك كـل افق أظلما قـسراً وللآمـال بعـدك حـوّما وطووك واللمعات عن وجه السما فكأنما دفـنوا الكـتاب المحـكما
    ولشاعرنا السيد حيدر آثار أدبية :
    1 ـ كتاب دمية القصر في شعراء العصر ، جمع فيه ما قاله شعراء عصره في المرحوم الحاج محمد صالح كبة وأولاده وأحفاده وهو يقع في 556 صفحة ، لا توجد غير نسخة الاصل وهي في مكتبة الشيخ محمد مهدي كبة.
    2 ـ العقد المفصل يجمع المحسنات البديعة والطرف الأدبية والنوادي والفكاهات واللغة والأدب ، طبع ببغداد في جزئين كبيرين سنة 1332.
    3 ـ الاشجان في خير انسان يتكون من 95 صفحة جمع فيه ما قيل في رثاء السيد ميرزا جعفر القزويني وعدد الشعراء الذين ترجم لهم 23 شاعراً.
    4 ـ ديوان شعره ، ولم يكن مجموعاً في حياة الناظم وإنما جمعه ابن اخيه السيد عبد المطلب باقتراح من الحجة السيد حسن الصدر قدس سره. وقد طبع في الهند سنة 1312 ه‍ ثم أُعيد طبعه مرة ثانية بنفس الطباعة الحجرية فكانت كالاولى بكثرة اغلاطها النحوية والاملائية ، وفي سنة 1368 ه‍ قامت مطبعة ( الزهراء ) بالنجف الأشرف بطبع الجزء الأول من ثلاثة أجزاء بتحقيق الاستاذ اللامع صالح الجعفري مدرّس الأدب العربي في ثانوية النجف بعدما قابله بعدة نسخ مخطوطة وأجودها نسخة الشيخ السماوي المخطوطة بقلم الشيخ حسن مصبح سنة 1306 ه‍ كما قام


(14)
الاستاذ البحاثة على الخاقاني بتحقيق ونشر الديوان على نسخ مضبوطة محققة وأخرجه بأجمل اخراج في مطابع النجف أقول وقد ترجم له الشيخ عبد الرزاق البيطار في مؤلفه ( حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر ) جزء 1 صفحة 566 وأسماه ب‍ السيد حيدر الحلبي تصحيف ( حلي ) مع أن الكتاب طبع بمطبعة الترقي بدمشق بتحقيق الاستاذ محمد بهجة البيطار عضو مجمع اللغة العربية بدمشق سنة 1380 ه‍ 1961 م.
    كما جاء في كتاب ( نفس المهموم ) للمحدث الشيخ عباس القمي رحمه الله قصيدة تزيد على 20 بيتاً أولها :
أتربة وادي الطف حياك ذو العرش وروّت رباك المزن رشاً على رشّ
    ونسبها للسيد حيدر الحلي ، والصحيح انها للشيخ حسن مصبح.
    وجاء في ( اعيان الشيعة ) للسيد الأمين ج 29 عند ترجمة السيد حيدر ، هذه المقطوعة الغرامية التي مطلعها :
إلى م تسرّ وجدك وهو باد وتلهج بالسلوّ وانت صبّ
    والصحيح انها للشيخ عباس بن الملا علي النجفي ، وهي مثبتة في ديوانه.
    توفي السيد حيدر في مسقط رأسه ـ الحلة ـ عشية الاربعاء في الليلة التاسعة من ربيع الثاني وعمره 59 سنة ودفن في النجف الاشرف في الجهة الشمالية من الصحن الحيدري أول الساباط بين مرقدي السيد ميرزا جعفر القزويني والشيخ جعفر الشوشتري ، ورثاه فريق من الشعراء كالسيد الحبوبي والسيد ابراهيم الطباطبائي ، والشيخ حمادي نوح ، والحاج حسن القيم ، والشيخ حسون العبدالله والشيخ محمد الملا ، وولده السيد حسين وابن اخيه السيد عبد المطلب ، وعقد له العلامتان السيد محمد القزويني وأخوه السيد حسين مأتم العزاء بدارهما في النجف ، ولذلك تخلص الحبوبي إلى مدحهما في آخر قصيدته التي مطلعها :
أبن لي نجوى إن أطقتَ بيانا ألست لعدنان فماً ولسانا


(15)
    عندما ندرس السيد حيدر الحلي قدس سره نجد له صلة اكيدة بعبقرية الشاعرين الشريف الرضي والمهيار الديلمي وان لهما تأثيراً قوياً على شاعريته وذلك لأنه درس شعر الرضي دراسة تحليلية ودوّن معظم قصائده والمختار من ديوانه في مجاميعه الأدبية ونسخ ديوان مهيار بكامله في أربعة أجزاء بالقطع الكبير. كتبه وهو ابن 25 سنة وكتب في آخره :
    تمّ الجزء الرابع من ديوان مهيار الديلمي على يد المحتاج إلى ربه الغني حيدر بن سليمان الحسيني يوم الاثنين وهو اليوم السابع عشر من شوال 1271 ه‍.
    ومن ثمة تجده قد ألمّ بكثير من معاني الشريف ومهيار وأودعها في قصائده بقوالب من الألفاظ ربما تكون أحيانا أقوى وأجزل من الأصل ، وها نحن نثبت أمثله منها : (1)
    قال الشريف الرضي :
ودعي الأعنة من أكفك إنها فقدت مصرفها ليوم مغار
    وقال السيد حيدر :
لتلق الجياد السابقات عنانها فليس لها بعد الحسين مصرّف
    وقال الشريف الرضي :
إلى جده تنمى شمائل مجده وهل ترجع الأشبال إلا إلى الأسد
    وقال السيد حيدر :
كفى خلفاً عنه بأشبال مجده وهل تخلف الاساد إلا شبولها
    وقال الشريف الرضي :
كالغيث يخلفه الربيع وبعضهم كالنار يخلفها الرماد المظلم
    وقال السيد حيدر :
وبعضهم كالنار لا يخلفها منها سوى ما كان من رمادها

1 ـ عن البابليات للشيخ اليعقوبي في ترجمة سيد حيدر الحلي.
ادب الطف الجزء الثامن ::: فهرس