ادب الطف الجزء الثامن ::: 16 ـ 30
(16)
    وقال الشريف الرضي :
وهل ينفع المكلوم عضّ بنانه ولو مات من غيض الأسد الوردي
    وقال السيد حيدر :
فعضضت البنان غيظاً ولكن لا يفيد المكلوم عضّ البنان
    وقال الشريف الرضي :
إنما قصّر من آجالنا أننا نأنف من موت الهرم
    وقال السيد حيدر :
عهدي بهم قصر الأعمار شأنهم لا يهرمون وللهيّابة الهرم
    وقال الشريف الرضي :
وترى خفافا في الورى فاذا انتدوا وتلاغط النادي رأيت ثقالا
    وقال السيد حيدر :
ان دعوا خفّوا إلى داعي الوغى وإذا النادي احتبى كانوا الثقالا
    وقال الشريف الرضي :
متأوهاً تحت الخطوب تأوّه الجمل العقير
    وقال السيد حيدر :
عججنا اليك من الظالمين عجيج الجمال من الناحر
    وقال الشريف الرضي :
إن الجياد على المرابط تشتكي طول المقام
    وقال السيد حيدر :
الخيل عندك ملّتها مرابطها والبيض منها عرا أغمادها السأمُ
    وقال الشريف الرضي :
بضوامر مثل النسور وغلمة مثل الصقور
    وقال السيد حيدر :
غداة ابو السجاد جاء يقودها أجادل للهيجاء يحملن أنسرا


(17)
    وقال أبو الطيب المتنبي في أبي العشائر :
افرسُ مَن تسبح الجياد به وليس إلا الحديد امواه
    وقال السيد حيدر :
فما عبروا إلا على ظهر سابح إلى الموت لما ماجت البيض أبحرا
    وقال المهيار الديلمي :
إذا راق صبح فالحصان مصاحب وإن جنّ ليل فالحسام ضجيع
    وقد أحسن السيد حيدر في أخذه حيث قال :
وله الطرف حيث سار أنيس وله السيف حيث بات ضجيع
    وقال المهيار :
نعم هذه يا دهر أّمّ المصائب فلا توعدّني بعدها بالنوائب
    وقال السيد حيدر :
يا دهر ما شئت فاصنع هان عظما هذا الذي للرزايا لم يدع ألما
    وقال ابن هاني الاندلسي :
لا يأكل السرحان شلوطعينهم مما عليه من القنا المتكسّر
    وقال السيد حيدر :
ومات كريم العهد عند شبا القنا يواريه منها ما عليه تكسرا
    وقال الحاج هاشم الكعبي المتوفى سنة 1231 يصف سبايا أهل البيت :
عبراتها تحيي الثرى لو لم تكن زفراتها تدع الرياض همودا
    وقال السيد حيدر :
فدمعها لو لم يكن محرقاً عاد به وجه الثرى معشبا
    أقول ذكر الشيخ اليعقوبي في ( البابليات ) ترجمة السيد مهدي السيد داود الحلي ـ عم السيد حيدر الحلي ـ تربية هذا الشاعر لابن أخيه السيد حيدر وكفالته له وتهذيبه إياه وتثقيفه ثم قال :


(18)
    فمن ثمة تجد السيد حيدر قد اقتبس كثيراً من معاني عمه وأودعها في قوالب من الألفاظ تفوق فيها على عمه في قوة التراكيب وجمال الأساليب واليك قسماً مما سجلناه من ذلك أثناء مطالعاتنا لديوانيهما.
    1 ـ قال السيد مهدي :
يلقى الكتائب مفرداً بهياجها فكأنما هو في الهياج كتائب
    وقال ابن أخيه :
فتلقى الجموع فرداً ولكن كل عضو في الروع منه جموع
    2 ـ وقال السيد مهدي :
لقد وقفوا موقفاً لو به نصبن الجبال لأضحت هباءا
    وقال ابن اخيه :
وقفوا والموت في قارعةٍ لو بها أرسي ثهلان لزالا
    3 ـ وقال السيد مهدي :
بالقضب زوجت النفوس وطلّقت في الله دون إمامها أزواجها
    وقال ابن أخيه :
ووفت بما عقدت فزوجت الطلى بالمرهفات وطلقت حوباءها
    4 ـ وقال السيد مهدي :
وإذا شدوا حباهم لست تدري أرجال أم جبال في حباها
    وقال ابن اخيه :
ولم تدر إن شدوا الحبا أحباهم ضممن رجالا أم جبالا رواسيا
    5 ـ وقال السيد مهدي :
من تحتهم لو تزول الأرض لانتصبوا على الهوا هضبا أرسى من الهضب
    وقال ابن اخيه :
دكوا رباها ثم قالوا لها وقد جثوا نحن مكان الربى


(19)
    6 ـ وقال السيد مهدي :
وان غيّر الخطب ألوانها ترى وجهه في الخطوب طليقا
    وقال ابن أخيه :
تزيد الطلاقة في وجهه إذا غيّر الخوف ألوانها
    7 ـ وقال السيد مهدي :
فتوردها في طلاهم ظماءاً وتصدرها من دماهم رواءاً
    وقال ابن اخيه :
فيصدرها ريانة من دمائهم ويوردها ظمأنة تتلهف
    8 ـ وقال السيد مهدي :
وعليه عجّ كبارهم عجّة البازل من مُدية نحره
    وقال ابن اخيه :
عججنا اليك من الظالمين عجيج الجمال من الناحر
    9 ـ وقال السيد مهدي :
دفنوا كتب النبيين به أم به قد دفنوا علم الإمامه
    وقال ابن اخيه :
دفنوا النبوة وحيها وكتابها بك والامامة حكمها وقضاءها
    وبالرغم من اعترافنا للسيد حيدر الحلي بأنه مجدد في الشعر ، وأنه المجلّي بين أقرانه فان لنا عليه مؤخذات منها قوله في قصيدته التي مطلعها :
ان لم أقف حيث جيش الموت يزدحم عندي من العزم سرٌ لا أبوح به فلا مشت بي في طرق العلى قدم حتى تبوح به الهندية الخذم
    وهذا المعنى أخذه من الشاعر أبي فراس الحمداني إذ يقول في قصيدته الشهيرة :
يصان مهري لأمر لا أبوح به والدرع والرمح والصمصامة الخذم


(20)
    ويقول السيد حيدر في قصيدته التي مطلعها :
تركت حشاك وسلوانها فخلٌ حشاي وأحزانها
    إلى أن يقول في مصرع الحسين بن علي عليه السلام :
عفيراً متى عاينته الكماة يختطف الرعب ألوانها
    وقد أخذ هذا المعنى من السيد الرضي في مرثيته للحسين عليه السلام :
تهابه الوحش ان تدنو لمصرعه وقد أقام ثلاثاً غير مقبور
    وجاء في ( المنتخب ) للشيخ فخر الدين الطريحي المتوفي 1085 وهو من رجال القرن الحادي عشر الهجري قوله في الحسين :
ألاعـج يوم الطف لا زلتَ واربا كم انصدعت أمـعاء مهجة أنفس وما زال زند الغيظ للوجد مضرماً بك انطـمست آثـار ديـن محمد وهـدّ مـن المـجد الأثيـل قوامه وفـاضت عيون المـكرمات كآبة وقـامت لحـشر الأنبـياء قيامة بها صورً صَعق الخلق حرّك للفنا ألا أيها اليوم المـشوم على الورى ضربت بسيف الجور كيوان عزها سرت منك في جنـح الظلام قوائم وسعّرن نيران الحروب فزعزعت قضت فيك جوراً آل حرب ذحولها وشقّت عـلى آل النـبي ستورها لقد أثكل الـدنيا لـواعـجك التي وللقلب لم تبرح على الصعب لاويا فليس لها مـن جـرحك الدهرآسيا وضلعي على جمر الغضامنه حانيا وأصبح فيك الكون بالحـزن داجيا فقـوّض للعلـيا قـبابـاً رواسـيا وجفن العـلا ما أنفك بـالدمع جاريا ترى الكل فيـها للجـريمة جـاثيا فـأصـبح فيـها حجـة الله ثاويا تركـت جفون المـكرمات دواميا فغودر فيها العـدل أجـرد ضاحيا فكورن في ضـوء النهار الدراريا قوى العرش حتى قد برحن الثوانيا وساءت بآل الاكـرمين الـتقاضيا وثجّـت لها بحراً مـن الدم ساجيا صببن عـلى كل الانـام الدواهيا


(21)
وقـدّ لها طـود الهـداية قـلبه غداة قضى سبـط النبي محـمد حمى حوزة المجد المؤثل وانثنى وأصبح من ثـكل لـرزئك واهيا على سغب طاوي الحشاشة ضاميا يجلّي عنا لدين الحنيف الغـواشيا
    وقد جاراه السيد حيدر بقصيدته التي مرّت وذلك بعد وفاة الشيخ فخر الدين الطريحي بأكثر من مأتي عام فقال :
أناعيَ قتـلى الطف لا زلـت ناعيا أعد ذكرهمه في كربلا ، إن ذكرهم ودع مقلتي تحمر بعد ابيـضاضها تهيج على طول الليالي البواكيا طوى جزعاً طي السجل فؤاديا بعـدّ رزايا تترك الـدمع داميا
    وقال الشيخ عبد الحسين الاعسم المتوفى سنة 1247 ه‍ سن قصيدة حسينية :
صرخن بلا لبٍّ وما زال صوتها يغضّ ولكن صحن من دهشة الرعب
    وجاء السيد حيدر بعد 58 عاماً يقول في الموضوع نفسه وإن يكن البس المعنى ثوباً أجمل :
وقد كان من فرط الخفارة صوتها يُغضّ فغض اليوم من شدة الضعف
    كما قال الشيخ الاعسم في القصيدة نفسها يصف سبايا آل الرسالة يوم عاشوراء :
فأبرزنَ من حجب الخدور تودّ لو قضت نحبها قبل الخروج من الحجب
    فقال السيد حيدر في نفس القصيدة الحسينية :
ويا لوعه لو ضمني اللحد قبلها ولم أبد بين القوم خاشعة الطرف
    ونظم الشيخ ابراهيم صادق العاملي المتوفي سنة 1284 ه‍ أي قبل وفاة السيد حيدر بعشرين سنة فقال من قصيدة حسينية :
وأجلّ يوم راح مفخر هاشم يوم به تلك الفواطم سُيّرت فيه أجب الظهر والعرنين أسرى تلفّ أباطحا بحزون
    فأخذ هذا المعنى السيد حيدر فقال من قصيدة حسينية أيضاً :
وأجلّ يوم بعد يومك حلّ في الاسلام منه يشيب كل جنين


(22)
يوم سرت اسرى كما شاء العدى فيه الفواطم من بني ياسين
    ويقول الشيخ سالم الطريحي المتوفى سنة 1295 في قصيدته التي قالها :
امية قد جاوزت حدها فقم فالظبا سئمت غمدها
    وفي آخرها :
لان ضاع وتربني هاشم إذاً عدمت هاشم مجدها
    ويقول السيد حيدر الحلي المتوفي 1304 ( اي بعد الشيخ سالم ب‍ 13 سنة :
إن ضاع وترك يابن حامي الدين لا قال سيفك للمنايا كوني
    وذكر الشيخ السماوي في ( الكواكب السماوية ) ان السيد حيدر دخل على العلامة السيد ميرزا جعفر القزويني فقال له : قد قارب شهر المحرم فهل نظمت في الامام الحسين (ع) على عادتك ، قال نعم ثم أنشده :
قد عهدنا الربوع وهي ربيع أين لا أين انسها المجموع
    حتى إذا بلغ الى قوله منها :
سبق الدمع حين قلت سقاها فتركت الحيا وقلت الدموع
    قال له السيد : كلا ، انك من معشر لا يتركون الحيا فاستحيا ، السيد حيدر ثم أبدل لفظة ( الحيا ) بالسما وجعل البيت هكذا :
سبق الدمع حين قلت سقتها فتركت السما وقلت الدموع
    نموذج من مراثي السيد حيدر للامام الحسين :
    سجّلت حوليات الشاعر وهي كما قلت سابقاً 23 رائعة كلها من الشعر العالي الرصين القائم بنفسه ووددت أن اذكرها بهذه الموسوعة ، لكن ذلك خلاف ما صممنا عليه من الاختصار فاكتفينا بهذه القصائد الآتية :
قد عهدنا الربوعَ وهي ربيعُ درج الحـيّ أم تتـّبع عنها أين لا أين أُنسـها المجموع نجع الغيث أم بدهياءَ ريعوا


(23)
لا تقل : شملها النوى صـدعته كيف أعـدت بلسعة الهـمّ قلبي سبق الـدمع حـين قلت سقـتها فـكأني في صحـنها وهو قعبٌ بـت لـيلَ التمام أنـشد فيـها وادّعت حولي الشجا ذات طوقٍ وصفـت لي بجـمرتي مُقلتيها شاطـرتني بزعمها الداءَ حزناً يا طـروبَ العشيّ خلفـك عني لم يَرُعـني نؤي الخلـيط ولكن قد عذلت الجزوعَ وهـو صبور عجباً للعـيون لـم تـغد بيضاً وأسـاً شابـت اللـيالي علـيه أيّ يـوم بشـفرة البغـي فـيه يوم أرسى ثقلُ النبي على الحتف يوم صكّت بالطـف هاشم وجه بسيوفٍ في الحرب صلّت فللشو وقفـت موقفاً تضـيّفت الطـير موقف لا البصـير فيـه بصير جلّل الأفـق منه عـارض نقع فلشـمس النهار فيـه مَغـيبٌ أينـما طارت النفـوس شعاعاً إنما شـمل صـبري المـصدوع يا ثـراهـا (1) وفيك يُرقى اللسيع فتركـت السـما وقلـت الدموع أَحلِبُ الـمزن والجفـون ضُروع هَل لماضٍ مـن الـزمان رجوع مات منـها على النـياح الهجوع ما علـيه انحـنين مني الضلوع حيـن أنّت وقـلـبي المـوجوع مـا حنـينـي صَبابـةٌ وولـوع من جوى الطف راعني ما يروع وعذرت الصـبورَ وهـو جزوع لمـصابٍ تحـمرّ فـيه الدمـوع وهو للحـشرفي القـلوب رضيع عاد أنف الاسـلام وهـو جـديع وخفّـت بالـراسـيات صـدوع الموت فالموت مـن لقاها مروع س سجـود مـن حَـولها وركوع قِـــراه فـحــوّمٌ ووقــوع لانـدهـاشٍ ولا السـميع سمـيع من سنا البيـض فيه بـرق لموع ولشمـس الحديـد فـيه طـلوع فلـطير الـردى علـيها وقـوع

1 ـ وفي نسخة : يا تراها.

(24)
قد تواصت بالصبرفيه رجالٌ سكنت منهم النفوس جـسوماً سـدّ فيـهم ثغر المنيّة شـهم وله الطِرفُ حـيث سار أنيسٌ لم يقف موقـفاً من الحزم إلا طمعت أن تسومه القوم ضيماً كيف يلـوي على الدنيّة جيداً ولديه جـأشٌ أردّ من الـدرع وبه يـرجعً الحـفاظ لـصدرٍ فأبـى أن يعـيشَ إلا عـزيزاً فتلقّـى الجمـوعَ فـرداً ولكن رمحـه مـن بَنانه وكـأن مِن زوّج السـيف بالنفـوس ولكن بأبي كـالئاًعلى الطـف خدراً قطـعوا بعده عـُراه ويا حب‍ وسروا في كرائم الوحي أسرى لـو تراها والعيسُ جشّمها الحا ووارهـا العَفافُ يـدعو ومنه يا تـرى فـوقه بقـية وجـدٍ فـترفـق بـها فـما هـي إلا لا تسمها جذب البرى أو تدري قـوّضي يا خـيامَ علـيا نزارٍ في حشى الموت من لِقاها صدوع هـي بـأسـاً حـفائـظ ودروع لثـنايا الثغـر المـخوف طَلـوع وله السيـف حيـث بات ضجيع وبـه سـنّ غـيـره المـقروع وأبـى الله والـحـسام الصنـيع لسـوى الله ما لـواه الخـضوع لضـمأى القـنا وهـنّ شـروع ضاقت الأرضُ وهي فيه تضيع أو تجـلّى الكفاح وهـو صريع كلّ عضو في الروع منه جموع عـزمه حـدّ سيـفه مطـبوع مهرُها الموت والخضابُ النجيع هـو في شفـرة الحـسام منيع ‍لَ وريدِ الاسلام أنـت القطيع وعـداكَ ابـنَ امـها التـقريع دي من السـير فوق ما تستطيع بـدم القـلبِ دَمـعُه مـَشفوع ملء أحـشائها جـوى وصدوع ناضـرٌ دامـعٌ وقـلبٌ مـروع ربّة الخـدر ما البرى والنسوع (1) فلـقد قـوّض العـماد الـرفيع

1 ـ البرى : حلقات توضع في انف الناقة. النسوع : حبال طوال تشد بها الرحال.

(25)
واملأي العينَ يا أمية نوماً ودعي صكّة الجـباهِ لويٌ أفلطـماً بالراحتـين فهلا وبكاءً بالـدمع حزناً فهلا قلّ ألا قراع ملمومة الحتـ فحسينٌ على الصعيد صريع ليس يجديك صكّها والدموع بسـيوف لا تتقـيها الدروع بدم الطـعن والرماح شروع ـف فواهاً يافِهرُ أين القريع
    وقال :
إن لم أقف حيث جيش الموت يزدحم لا بـدّ أن أتـداوى بـالـقـنا فلقـد عنـدي مـن العـزم سرٌ لا أبوحُ به لا أرضعت لي العلى ابناً صفو درّتها إليّـةً بضـبا قومـي الـتي حـَمَدت لأحلِـبنّ ثـديّ الـحـرب وهـي قناً مـالي أُسالـم قـوماً عندهـم ترتي من حامـلٌ لـوليّ الأمـرِ مـألـكة يابن الأولى يُقعدون الموت ان نهضت الخـيلُ عـنـدك ملّتـها مرابطـها هـذي الخـدور الأعـدّاء (1) هـاتكة لا تطهر الأرض من رجس العدى أبداً بحـيث مـوضـع كلٍّ منهم لك فـي اعيذ سيـفك أن تصـدى حـديدتـه قـد آن أن يمـطرَ الـدنيا وساكنـها حـرّان تدمـغ هـامَ القـوم صاعقةٌ نهـضاً فمن بظـباكم هـامة فلقـت فلا مشت بي في طـرق العلا قـدم صبرتُ حـتى فـؤادي كـله ألـم حتى تـبوحَ بـه الهـندية الخـذم إن هـكذا ظلّ رمـحي وهو منفطمُ قـدماً مواقعـها الهيـجاءُ لا القمم لِبانها من صـدور الشوسِ وهو دم لا سالمتنـي يـدُ الأيـام إن سلِموا تطوى عـلى نفـثات كلـها ضرم بهم لدى الروع في وجه الضبا الهمم والبـيضُ منها عَرى أغمادَها السأم وذي الجـباه ألا مـشـحوذة تـسم ما لم يَـسِل فوقها سيـل الدم العرم دماه تغـسله الصـمصامة الخـذم ولـم تـكن فيه تجـلى هذه الغـِمم دمـاً أغرّ علـيه النقـع مـرتـكم من كفّه وهـي السيف الـذي علموا ضرباً عـلى الدين فيه اليومَ يحتكم

1 ـ العداء : شديد العدو.

(26)
وتلك أنـفالكم في الغاصـبين لـكم جـرائـم آذنـتهم أن تـعاجـلـهم وان أعـجـب شــيء أن أبثـكّها ما خـلت تقعد حـتى تستـثارَ لهم لم تبقِ أسيافهم مـنكم على ابن تقىً فلا وصفـحك إنّ القـوم ما صفحوا فحـمل امـك قـدما أسقطوا حنـقاً لا صبرَ أو تضع الهيجاء ما حـملت هذا المحرّم قـد وافتـك صارخـة يمـلأن سمعـكَ من أصوات ناعية تنعـي اليك دمـاءَ غاب نـاصرها مسفوحـة لـم تجـب عند استغاثتها حنّـت وبـين يـديها فتـيةٌ شربت موسدين على الرمـضاءِ تنـظرهم سقياً لثاويـن لـم تبـلل مضاجعهم أفناهم صبرهم تحـت الضـبا كرماً وخائضـين غـمار المـوت طافحة مشوا الى الحرب مشي الضاريات لها ولا غـضاضة يوم الطـف أن قتلوا فالحرب تعلـم إن ماتـوا بـها فلقد أبكيـهم لعوادي الخـيل إن ركـبت وللسيـوف إذا الـموت الـزؤام غدا وحـائرات أطـار القـوم أعيـنهـا مقـسـومـة وبـعـين الله تُقتـسـم بـالانتـقـام فـهـلا أنـت مـنتـقم كـأن قـلـبك خـالٍ وهـو محـتدم وأنـتَ أنتَ وهـم فيـما جنوهُ هـم فكـيف تبـقى عـليـهم لا أبـاً لـهم ولا وحلـمكَ إن القـومَ مـا حلـموا وطفل جـدك في سهم الـردى فطموا بطـلقةٍ مـعـها مـاءُ المـخاض دمُ مـما اسـتحـلوا بـه أيـامه الـحرم في مسـمع الدهـر من إعـوالها صمم حتـى اريقـت ولـم يخفق لكـم علم إلا بـأدمـع ثـكـلى شـفّـها الألـم من نحرها نصب عينيها ، الضبا الخذم حرى القلوب على ورد الردى ازدحموا إلا الـدمـاء وإلا الأدمـع الـسـجـم حـتى قـضوا ورداهـم ملـؤه كـرم أمواجـها البيـض بالهـامات تلتـطم فـصارعوا المـوت فيـها والقنا أجم صـبراً بهـيجاء لـم تثـبت لها قـدم ماتـت بها منـهم الأسـياف لا الهـمم رؤوسـها لم تكفكـف عـزمـها اللجم فـي حـدّها هـو والأرواح يخـتصم رعباً غـداء عليـها خـدرها هجـموا


(27)
كانـت بحـيت عليها قومـها ضربت يكـاد من هيـبةٍ أن لا يطـوفَ بـه فغـودرت بين أيـدي القوم حاسـرةً نعـم لـوت جـيدَها بالعـتب هاتفةً عجـّت بهم مـذ على أبرادها اختلفت نـادت ويـا بُعـدهم عنـها معاتـبةً قـومي الأولى عُقـدت قـدماً مآزرهم عهـدي بهم قـصر الأعـمار شـأنهم ما بالُـهم لا عَفـت منـهم رسـومهم يـا غـادياً بمـطايـا العـزم حمّـلها عرّج على الحي من عمرو العلى وأرح وحـي منـهم حـماة ليـس بـابنـهم المشبـعين قِـرىً طـيرَ السما ولـهم والهاشـمينَ وكـلّ الـناس قـد علموا كـماة حـربٍ تـرى فـي كل باديـةٍ كـأن كـل فـلا دار لـهـم وبـهـا قـف منهم مـوقفاً تغـلي القـلوب به جفّـت عـزائم فـهرٍ أم ترى بـردت ام لـم تجد لـذع عتـبي في حُشاشتها أيـن الشـهامـة أم أيـن الحـفاظ أما تسـبى حـرائرهـا بالطـف حـاسرةً لمن أُعـدت عـتاق الخـيل إن قعدت فـما اعتـذراك يا فـهرٌ ولـم تثـبي سـرادقا أرضـه مـن عزهم حرم حـتى المـلائك لـولا أنهـم خـدم تُسبى ولـيس لها مَـن فيه تَعـتصم بقومـها وحـشاهـا ملـؤه ضـَرمُ أيـدي العـدوّ ولكن مـَن لـها بهم لهـم ، ويا ليتـهم مـن عتـبها أمم على الحميّة ما ضيموا ولا اهتضموا لا يـهـرمـون وللهــيّابة الهـرم قروا وقـد حملـتنا الأنـيقُ الـرسم همّاً تضـيق بـه الأضـلاع والحزم منـهم بحيث اطـمأن البأس والكرم مَـن لا يرفّ عـليه في الوغى العلم بمنـعة الـجار فيـهم يشـهدُ الحرم بأن للضـيف أو للسـيف ما هشموا قتلى بأسـيافهم لـم تـحوها الـرجم عيالها الوحش أو أضـيافها الرخـم من فورة العـتب واسأل ما الذي بهم منها الحـمية ام قـد مـاتت الشـيم فقد تَساقـط جمراً مـن فـمي الكلم يأبى لها شـرفُ الأحـساب والكرم ولـم تـكن بغـُبار المـوت تلتـئم عن مـوقف هُتـكت منها به الحرم بالبيـض تثـلم أو بالسـمر تنحطم


(28)
أجل نساؤك قد هزتك عاتبةً فلتلفت الجيد عنك اليوم خائبة وأنت من رقدة تحت الثرى رهم فما غـناؤك حالت دونك الرجم
    وقال في اخرى مطلعها :
تركتُ حَشاك وسلوانها فخلّ حشايَ وأحزانها
    ومنها :
كفاني ضناً أن تُرى في الحسين فـأغـضـبت الله فـي قتـله عـشـيّة أنـهـضها بغـيـُها بجمع من الأرض سـدّ العروج وطا الـوحشَ إذ لم يـجد مهرباً وحفـت بمن حيث يلقى الجموع وسامـته يركبُ إحـدى اثنتين فإمّا يُـرى مـذعناً أو تـموت فقال لـها اعتـصمي بالإبـاءِ إذا لم تجد غـير لبس الهـوان رأى القتل صـبراً شعار الكرام فشـمّر للـحرب فـي مـعركٍ وأضـرمـها لعـنـان السـماء ركـينٌ وللأرض تحـت الكماة أقرّ عـلى الأرض من ظـهرها تـزيـد الطـلاقة فـي وجـهه ولـما قـضى للعُـلى حـقّـها تـرجّـل للمـوت عن سـابقٍ شفت آلُ مـروان أضغانها وأرضـت بذلك شيـطانها فجاءته تركـبُ طغـيانها وغطّى النجود وغيـطانها ولازمـت الطـير أوكانها يثـني بماضـيه وحـدانها وقد صرّت الحرب أسنانها نفسٌ أبى العـزّ إذعـانها فنـفسُ الأبيّ ومـا زانها فبالمـوت تنزعُ جُـثمانها وفـخراً يُزينُ لها شـانها به عرك الموتُ فرسـانها حمـراء تلفـح أعـنانـها رجـيفٌ يزلزل ثـهلانها إذا مَلمل الرعب أقـرانها إذا غـيّر الخوفُ ألـوانها وشيّد بـالسـيف بُنـيانها له أخلت الخـيل ميـدانها


(29)
ثوى زائد البـشر فـي صرعة كـأنّ الـمنـية كانـت لـديـه جلتها لـه البيـض فـي موقف فبات بها تحـت ليـل الكـفاح وأصـبح مشتـجراً للـرمـاح عفـيراً متى عـاينـته الكـماة فما أجلـت الحـرب عـن مثله تريـبَ المـحيا تظـنّ السـماء غريباً أرى يـا غريب الطفوف وقتلك صـبـراً بـأيـد أبـوك أتقضي فـداك حـشا العالمـين ألـستَ زعـيـمَ بنـي غـالبٍ فلِـم أغـفـلت بـك أوتـارها وهـذي الأسـنّة والبـارقـات وتلك المـطهـّمة المـقربـاتُ أجُبناً عن الحـرب يا من غدوا أتـرضى اراقـمـكم أن تـُعدّ وتـنصـِب أعـناقـها مثـلها يمـيناً لئـن سـوّفت قطعـَها وإن هـي نامت عـلى وترها تـنام وبـالطـف علـياؤهـا وتلك على الأرض من أُخدمت ثلاثـاً قـد انتـبذت بالعـراء له حبّب العـزّ لقـيانها فتاة تواصـل خلصانها به أثكلَ السمرَ خرسانها طروب النقـيبة جذلانها تحلّي الدمـا منه مُرّانها يختطف الـرعب ألوانها صريعاً يجبّن شجـعانها بأنّ على الأرض كيوانها تـوسدَ خـدك كثـبانها ثـناها وكـسّر أوثـانها خميصَ الحشاشة ضمآنها ومطعـامَ فهرٍ ومطـعانها وليـست تعاجـل امكانها أطالت يد المطل هجرانها تجر على الأرض أرسانها على أول الدهـر أخدانها بنـو الوزغ اليـوم أقرانها بحيـث تطاول ثعـبانـها فلا وصل السيف أيمـانها فـلا خالط النـوم أجفانها أميـة تنـقـضُ أركـانها ورب السـماوات سـكانها لها تنـسج الريح أكـفانها


(30)
مصابٌ أطـاش عقول الأنام عليكم بني الوحي صلى الإله جميعاً وحـير أذهانها ما هزّت الريح أفنانها
    وقال يرثي الامام الحسين عليه السلام ويهجو قاتليه :
أميّة غوري فـي الخمول وانجدي هبـوطاً إلى أحسابكـم وانخفاظها تطـاولتموا لا عن عُلاً فتراجعوا قـديمـكم ما قـد علمتم ومثـله فماذا الذي أحـسابكم شـَرفت به صلابـة أعلاكِ الـذي بللُ الحيا بني عبد شمسٍ لا سقى الله حفرةً ألمّا تكـوني من فجـورك دائماً وراءكَ عنـها لا أبـاً لك إنـما عجبت لمن فـي ذِلّة النعل رأسُه دعوا هاشماً والفخر يعـقد تاجه ودونكموا والعار ضُـمّوا غشاءَه يرشـّحُ لكن لا لشيء سوى الخنا وتـترف لـكن للبـغاء نساؤكـم ويسـقى بماءٍ حـرثكم غيرُ واحدٍ ذهبتم بها شنعاءَ تبـقى وصـومها فسل عبد شمس هل يرى جرم هاشم وقل لأبـي سفـيان ما أنـت ناقم فكيف جزيتـم أحمداً عن صنيـعه فـما لك في العلـياء فـوزة مَشهدِ فـلا نـسبٌ زاك ولا طيب مـولدِ إلى حـيث أنتم واقعـدوا شرّ مقعدِ حـديثـكم فـي خـزيه المـتجددِ فأصعـدكم في الملك أشرف مصعد به جـفّ ، أم في لين أسفلك الندي تضمّك والفحـشاء في شـر مَلحدِ بمشغـلةٍ عن غـصب أبـناء أحمدٍ تقـدّمتِـها لا عـن تقـدم سـؤدد بـه يـَترآى عـاقـداً تـاج سـيدِ على الجبـهات المستينرات في الندي إليكم إلـى وجـه مـن العار أسود وليـد كـم فـيما يـروحُ ويغـتدي فيدنس منها في الـدجى كـل مرقدِ فكيف لكـم تـُرجى طـهارةُ مـولدِ لأحسابـكم خزياً لـدى كل مشـهد اليه سـوى مـا كان أسـداه من يدِ أأمنـكَ يـوم الفـتح ذنـبُ محـمدِ بسـفكِ دم الأطـهار مـن آل أحمد
ادب الطف الجزء الثامن ::: فهرس