ادب الطف الجزء الثامن ::: 31 ـ 45
(31)
غـداة ثـنايا الغـدر منـها اليهم بعثـتم عليـهم كلّ سـوداء تحتها ولا مـثل يوم الطف لـوعةُ واجدٍ تباريـحُ أعطـينَ القـلوب وجيبَها غداة ابنُ بنتِ الوحي خـرّ لوجهه درت آل حـرب أنها يـوم قـتله لعمري لئن لـم يَقضِ فوق وساده وإن أكلت هـندية البـيض شـلوَه وإن لم يـشاهد قتـله غـير سيفه لقد مـات لـكن ميـتةً هاشـميةً كريـم أبـى شمّ الـدنـيّة أنـفه وقال قـفي يا نفـسُ وقفةَ واردٍ أرى أن ظهر الـذلّ أخشنُ مركباً فآثر أن يسعى على جمرة الوغى قضى ابنُ عليّ والحـفاظ كلاهما ولا هاشـميّاً هاشـماً أنـف واترِ لقـد وضعت أوزارها حربُ هاشم إمام الهدى سمـعاً وأنـت بمسمع فـداؤك نفسي ليس للصبر موضعٌ أتـنسى وهـل ينسى فـعال أميّةٍ تـطالعتـموا من أشـئم إثر أنـكدِ دفعتـم اليـهم كـلّ فقـماء مـؤيد (1) وحـرقة حـران وحـسرة مُكـمدِ وقلن لها قومي من الـوجد واقعدي صريعاً عـلى حـرالثـرى المتوقّد أراقت دم الإسلام فـي سيف مُلحد فمـوتُ أخي الهـيجاء غيرمـوسّدِ فلـحم كـريم القـوم طعم المهـنّدِ فذاك أخوه الصدق في كـلّ مشهد لهم عُرفـت تحـت القـنا المتقصّد فأشمـَمه شـوك الـوشيـج المسدّد حـياض الـردى لا وقـفة المتردّدِ من الموت حيث الموت منه بمرصد برجـلٍ ولا يُعطي المقادة عن (2) يدٍ فلسـت ترى ما عشـتَ نهضة سيدِ لـدى يـوم روع بالحـسام المـهنّدِ وقالت قـيامَ القـائم الطـهر موعدي عـتابَ مثـيـر لا عـتاب مُـفـندِ فتُغـضي ولامـن مسـكـةٍ للتـجلّدِ أخـو ناظر مـن فعلـها جـدّ أرمدِ

1 ـ المؤيد : الامر العظيم.
2 ـ وفي نسخة : من.


(32)
وتقـعد عن حـرب وأيّ حـشاً لـكم فقم وعليـهم جـرّد السـيف وانتصف وقـم أرهـم شـهـبَ الأسـنّة طلـّعاً فـكم ولجـوا منـكم مـَغـارة أرقـِم وكـم هتـكوا منـكـم خـباءً لـحرةٍ فلا نصف حتى تنضحوا من (1) سيوفكم ولا نصـفَ حتى توطـؤا الخيل هامهم ولا نصـف إلا أن تقـيموا نـساءهـم وأخـرى إذا لـم تفعـلوهـا فلـم تزل تبيـدونـهم عطـشى كـما قـتلوكـم عليهم بـنار الغـيظ لـم تـتوقـدِ لنفـسك بالعـضب الجراز المجرّد بغاشـيةٍ مـن ليل هيـجاء أربـدِ وكـم لكم داسـوا عـرينة مُلـبدِ عناداً ودقـوا منـكم عنقَ أصـيدِ على كل مرعىً من دماهم وموردِ كـما أوطـؤها منـكم خـير سيّدِ سبايا لكم فـي محـشدٍ بعد محشدِ حزازات قلـب المـوجع المتـوجد ضماءَ قلـوب حـرّها لـم يُـبرّد
    اما باقي حسينياته فاليك مطالعها :
1 ـ كـم ذا تطارح في مـنى ورقاءها 2 ـ أهاشـم تيمٌ جـلّ منك ارتـكابها 3 ـ يا آل فـهـر أيـن ذاك الـشـبا 4 ـ كم توعد الخيل في الهيجاء أن تلجا 5 ـ يـا دار جـائـلـة الـوشــاح 6 ـ نعى الروح جبريل بأن ذوي الغدر 7 ـ لا تـحـذرنّ فـما يقـيك حـذار 8 ـ الله يـا حـامـي الـشـريـعـه 9 ـ على كل واد دمـع عينـيك ينطف خفـض عليك فليس داؤك داءها حـرام بغـير المرهـفات عتابها ليست ضباك اليـوم تلك الضـبا ما آن في جريها أن تلبس الرهجا حـيتـك نـافـحـة الـريـاح أراقـوا دم المـوفيـن لله بالنذر ان كان حتـفك ساقـه المقـدار أتـقـر وهـي كـذا مـروعـه وما كل واد جزت فيه المـعرّف

1 ـ وفي نسخة : في.

(33)
10 ـ لتلوي لوي الجيد ناكسة الطرف 11 ـ تـروم مـقام العزّ والذل نازل 12 ـ عثر الدهـر ويـرجو أن يقالا 13 ـ حلولك فـي محل الضـيم داما 14 ـ إن ضاع وترك يابن حامي الدين 15 ـ أقائـم بيـت الهـدى الطـاهر 16 ـ أنـى يخـالط نفـسك الانـس فهاشمها بالطف مهشومة الأنف ولم يك في الغبراء منك زلازل تربت كـفك مـن راجٍ مـحالا وحدّ السـيف يأبـى أن يضاما لا قال سيـفك للمـنايا كـوني كم الصـبر فتّ حـشا الصابر سفـها ودهرك سـعده نحـس


(34)
أيقـعدني عـن خطة المـجد لائـم سأركبـهـا مرهـوبة سـطـواتهـا عليّ لـربـع المـجد وقـفة ماجـد وأمطر مـن سحـب البوارق هاطلا وأبسـم مهـما أبـرقـت باكـامـه وارتـاح ان هـبّت بـه ريح زعزع فيا خاطـب العلـياء والـموت دونها بخـلـت عليـها بـالحـياة وإنـها إذا علـقت نفـس امـرء بـوصالها فخاطبـها الهـنديّ والمـوت عاقـدٌ لذاك سمت نحـو المـعالي نفـوسنا فـأي قبـيل مـا أُقيـمت بـربـعه سل الطف عن أهلي وإن كنت عالماً غداة ابن حرب سامها الضيم فارتقت وقاد لـها الجـيش اللـهام ضـلالة قصـير الخطى مَـن أقعدتـه اللوائم تـطـير خـوافيها بـها والقـوادم تناشـده مني السـيوف الصـوارم مـن الـدم لا ما أمـطرته الغـمائم ولا برق حزوى إن سرى وهو باسم مـن المـوت لا ماروّحـته النسائم رويدك قـد قاومـت ما لا يـقاوم لأكـرم مَـن تـُهدى اليـها الكرائم ورام مـرامـا دونـه حـام حـائم وعمرك مهـرٌ والنـثار الجـماجم وهانت عليها القـارعات العـظـائم فـأما عـلـيه أو عليـنا الـمآتـم فكم سـائل عـن أمـره وهو عالم بها للمـعالي الغـرّ أيـد عـواصم متى روعـت اسـد العرين البهائم


(35)
فشمّـر للـحـرب العـوان شمـردلٌ رمـاهـا بـأساد الكـريهـة فـتيـة مساعير حـرب فـوق كـل مضمـر مناجيـد لا مستـدفـع الضيم خائـب فما العـيش إلا مـا تنيـل أكفـهـم سرت كالنجوم الزهر حفّت بمشـرق وزارت عـراص الغاضرية ضحوة بيـوم كـظل الرمـح مـا فيه للفتى تراكم داجـي النقـع فيه فأشرقـت أبا حسن يهـنيك مـا أصبحـوا بـه لأورثتهـم مجـداً وان كان حـبـوةً مشوا في ظـلال السمر مشيتك التي فلاشك مـن نالته أطراف سمـرهم وما برحـوا حتى تفانوا ، ومن يقف وراحوا وما حلـّت حُبا عزّهـم يـد عطاشى على الـبوغا تمـجّ دماءها رعوا ذمـة المجد الـرفيع عـماده تُشال بأطـراف الـرماح رؤسهـا وتبقـى ثلاثاً بالصعيـد جسومـها تجـرّ عليها الـعاصفـات ذيـولها وتـستاق أهـلوهـا سبـايا أذلّـة أسـارى على عجف النياق نوائحا تداولـها أيـدي العـلـوج فشامتٌ نـديماه يـوم الـروع رمح وصارم نماها إلى المجـد المـؤثل هـاشـم مديـد عـنان لـم تخنـه الشكائـم لديهـم ولا مسترفـد الـرفد نـادم وما الموت إلا ما تنـال الصـوارم هـو البـدر لا ما حجبتـه الغمائـم ( ومـوج المنايا حـولها متلاطـم ) سوى السيف والرمح الرديني عاصم وجـوه وأحساب لـهـم وصـوارم وان كـان للقـتلـى تقـام المآتـم ولكـن نصفـاً فـي بنيـك المكارم لها خضعـت أُسد العرين الضراغم بأنـك قـد أرديـتـه وهـو آثـم كمـوقفـهـم لا تتبعنـه اللوائـم وما وهنـت في الروع منها العزائم فتنهـل منهـا الماضيات الصوارم وما رعيت للمجـد فيهـم ذمائـم كزهر الدراري أبرزتهـا الغمائـم فتعـدوا عليها العاديات الصـلادم وتنتابهـا وحـش الفلا والقشاعـم فتسـري وأنف العـز إذ ذاك راغم كما ناح مـن فقـد الأليف الحمائم بمـا نـالها منهـم وآخـر شاتـم


(36)
وتُهـدى لمذموم العشيات أهـوج على حين لا من هاشم ذو حفيظة دعيّ طليق لـم تلـده الكرائـم وهل بقيت بعد ابن أحمد هاشم
    وقصيدته التي يرويها خطباء المنابر الحسينية والتي اولها :
طريـق المعالي فـي شـدوق الأراقم أمط عنك أبـراد الكرى وامتط السرى من الضيم أن يغضي على الضيم سيد هـم شرعوا نظـم الفـوارس بالقنـا إذا نازلـوا احمـرّ الثرى من نزالهم فلهفـي عليهـم ما قضى حتف أنفه ونيل الأماني في بروق الصوارم فما في اغتنام المـجد حظ لنائـم نمتـه أبـاة الضيم من آل هاشم كما شرعوا بالبيض نثر الجماجم وإن نزلوا اخضرّ الثرى بالمكارم كريـم لهـم إلا بسـمّ وصـارم
    وهي 48 بيتاً.
    السيد ميرزا صالح القزويني مثال العلم والأدب وقرة عين العجم والعرب ثاني أنجال العلامة معز الدين السيد المهدي وأحد أركان النهضة العلمية والحركة الادبية في الشطر الأخير من القرن الثالث عشر في الحلة وفي النجف ، ترجم له كثير من الباحثين والمترجمين وذكروا روائع من فضائله وفواضله وكرم أخلاقه وخلائقه ، قال العلامة البحاثة الشيخ علي آل كاشف الغطاء في موسوعة ( الحصون المنيعة ) إنه كان مجازاً من والده ومن غيره من علماء عصره ، واستقل بالزعامة بعد أبيه وأخيه ، وكان عالي الهمة كريم الطبع والأخلاق ، وسكن قضاء ( طويريج ) برهة من الزمن في حياتهما. كانت دراسته في الفقه واصوله على شيخ الطائفة الشيخ مرتضى الانصاري ثم استفاد كثيراً من دروس خاله العلامة الشيخ مهدي آل كاشف الغطاء كما وقد أجازه بالاجتهاد العالم الرباني ملا علي الخليلي المتوفى 1297 ه‍ ولما وردت اليه الاجازة من شيخه المذكور أنشأ الاديب الشيخ علي عوض الحلي أبياتاً يهني بها السيد المترجم له ويمدحه ، ومنها :


(37)
وافـت اليك مـن الغري إجازة والاجتهاد اليـك ألقـى أمـره مذ آنست منك الشريعة رشدها أنعم بها عيشاً برغـم معاطس أفضت اليـك بأصدق الأنباء يا منتهـى الأحكام والافتـاء جـاءتك خاطبة على استحياء وجـدتهـم ليسوا من الأكفاء
    تصدى للبحث والتدريس بعد والده المهدي فكان يحضر درسه الأفاضل من طلاب العلم ويزداد العدد يوماً بعد يوم ، وقد بذل عنايته لاتمام ما كان ناقصاً من مؤلفات والده ولكن القضاء لم يمهله وكتب رسالة عملية كبيرة في العبادات بطلب جماعة رجعوا اليه بالتقليد بعد وفاة والده لا تزال مخطوطة عند أحفاده ، وله كتاب ( مقتل أمير المؤمنين ) ألّفه ليقرأ خاصة بالمأتم الذي يعقد في دارهم ليلة 21 من رمضان بمناسبة وفاة الإمام عليه السلام وقد تصدى أخيراً الشاب المثقف السيد جودت السيد كاظم القزويني لتحقيقه ونشره جزاه الله خير الجزاء ووفقه لإحياء مأثر السلف. والسيد المترجم له كان خصب القريحة طول النفس رصين اللغة والاسلوب ولولا اشتغاله بالعلوم الدينية لكان أشعر الاسرة القزوينية ، وله في أخيه السيد ميرزا جعفر عدة مراث كلها نفثات وحسرات وشجون وعبرات وله مطارحات شعرية ونثرية ذكر الشيخ اليعقوبي في ( البابليات ) بعضها. وله في الإمام الحسين عليهم السلام ما تقرأه خطباء المنابر الحسينية ، منها قصيدته التي أولها :
وقائلة ماذا القـعود وفـي الحشا فقم أنت واضرب بالحسام وبالقنا تلـهب ناراً جـمرهـا قـد تسعرا وقدها اسوداً واملأ الأرضين عثيرا
    38 بيتاً.
    كان مولده في الحلة أوائل سنة 1257 ه‍ وتوفي في النجف سنة 1304 ه‍ وعمره 48 سنة كما ضبطه معاصره المؤرخ الشهير السيد البراقي في كتابه ( اليتيمة الغروية ) أو ( تاريخ النجف ) في جملة ما ضبطه من تاريخ وفيات علماء عصره


(38)
حيث قال : ومنهم السيد الأروع الحبر الضرغام مصباح الظلام السيد ميرزا صالح القزويني فانه توفي ليلة الثلاثاء في العشرين من المحرم من سنة اربع وثلثمائة والف في النجف ودفن مع أبيه. وقد رثاه شعراء عصره وفي طليعتهم السيد حيدر فقد بكاه بقصيدتين عامرتين هما في طليعة الشعر العربي. مطلع الاولى :
ومجدك ما خلت الردى منك يقرب لأنك في صدر الردى منه أهيب
    ومطلع الثانية :
أفعى الأسى طرقت وغاب الراقي فأنا اللديغ وأدمعي درياقـي
    ورثاه العلامة الحبوبي بقصيدتين رائعتين ، مطلع الاولى :
نحى اليوم غاضت بالندى نجعة النادي لفقد الهدى لا بل لفقد أبي الهادي
    ومطلع الثانية :
تضعضع جانب الحرم انصداعا أحقاً ركـن كعبتـه تـداعى
    ورثاه الشاعر الشهير السيد جعفر الحلي بقوله :
فلّ الزمان لهاشم صمصاما بل جبّ منها غارباً وسناما
    ورثاه السيد ابراهيم الطباطبائي بقصيدة مثبتة في ديوانه ، كما رثاه الشيخ حسين الدجيلي.


(39)
نسيـم الصبا خـلّ الفـؤاد المعـذّبا فلا أم لـي ان لـم أثرهـا عجاجـة وأوردهـا دون المحـامـد علقـمـا وابني بها بيتاً مـن المجـد لا يـرى رفيعـاً عليه العـز أرخـى سدولـه ولا مجـد حتى تأنـف النفس ذلّهـا كما شنّها يـوم الطفـوف ابن حيدر وحين رحى الحرب استدارت بقطبها كريم أبـت أن تحمـل الضيم نفسه أتنبـو بـه عـما يـروم امـيـة وناضل عنـه كـل أروع لـو سطا تقـول وقـد عام الهياج رماحهـم فلله كـم سنوا مـن الحق واضحاً ودع مهجتي ترتاح مـن لوعة الصبا تحجـب وجـه النيـريـن ولا أبـا رأته بعقـباهـا مـن الشهـد أطيبـا لـدى غيره الداعـون اهلاً ومـرحبا وخيـّم فـي الأكنـاف منـه وطـنبا وتخـتار دون الضيم للحتف مشربـا فأروى صدور السمر والبيض خضبا مشى للمنايـا مشيـة الليـث مغضبا وأن يسـلك النهـج الـذليل المـؤنبا وفي كفه ماضي الغـرارين مـا نبا على الدهـر يوم الروع للدهر أرعبا لاسيـافهـم لا كان بـرقك خـلّبـا وشقـوا بهـا من ظلمة الغي غيهبا
    الشيخ عباس زغيب ابن الشيخ محمد بن عباس ، ولد في يونين من أعمال بعلبك وتوفي فيها سنة 1304 ه‍ وله من العمر حوالي الثلاثين عاماً ، وكان في أول عمره سافر إلى النجف للدراسة ولضعفه ومرضه عاد راجعاً إلى لبنان. وله شعر رائع ومعاني بديعة.


(40)
دهى هـاشمـاً ناع نعـى فـي محرم بـيـوم جـليل رزوه جـلـل السمـا بيـوم أحال الـدهـر ليـلاً مصابـه مــصاب عـلـى آل النبـي محمـد وخطـب كسا الـدنيا ثياباً مـن الأسى عـشيـة جـادت عـصبـة هاشميـة إلـى أن قضـوا والمـاء طام ضواميا وأضحى فريداً سبـط أحمـد لا يـرى وصـال بوجـه مشـرق وبعـزمـة إلــى أن دعــاه الله جـلّ جـلاله قضوا دون حجب الطاهرات فأصبحت وكانت بخـدر سجفـه البيض والقنـا وكم ليـث غاب دونها خاض غمـرة فتلـك رزايا تصـدع الصم والصفـا بيـوم على الإسـلام اسـود مظلم وشمس الضـحى فيه بـأغبر أقتم وأجـج أحشاء العـبـاد بمـضرم عظـيم مـدى الأيام لـم يتـصرم وطـبق آفـاق الـبـلاد بـمأتـم بأنفسـهم عـن خير مـولى مقدم يرون المـنايا دونـه خـير مطعم نصيراً سـوى عضب ولدن مقوّم تفـلل ملتـف الخمـيس العرمرم فألـوى عنان العـزم غـير مذمم حـواسر تسبى بيـن طاغ ومجرم محـاط بجـرد فوقهـا كل ضيغم إلى الموت حتى غادروها بلا حمي ويهمى لها رجـع العيون من الدم
    الشيخ موسى ابن الشيخ أمين العاملي الشهير بشرارة عالم كبير وشاعر


(41)
شهير ، ولد عام 1267 في جبل عامل ونشأ هناك وقرأ القرآن وهو ابن خمس سنين بخمسة أشهر ثم درس النحو والصرف فكان موضع اعجاب وتفوق حيث كان حاد الذهن وقاد الفكر وهاجر إلى النجف وهو ابن اثنتي عشرة سنة فدرس على أساطين عصره وحضر درس الشيخ الأخوند والسيد كاظم اليزدي وتلمذ عليه جملة من الفضلاء ذلك مما دعى السيد محمد سعيد الحبوبي أن يخصه بموشحة من موشحاته التي يقول فيها :
قل لمن جاراه يبغى القصبا فإذا ما البـزل وافت خببا وإذا البرذون جارى سلهبا حازها موسى فلا تسـتبق قصّرت عن شأوهنّ الحقق ردّ مجراه حضـيض زلق
    وكان جبل عامل يتطلع اليه وينتظر قدومه اليه فتوجه واستقبله الوجوه والأعيان فكان قرة عين الجميع ذكره البحاثة الطهراني في ( نقباء البشر ) فقال :
    العلامة الفقيه الجامع للفنون الإسلامية ، أصله من ( بنت جبيل ) ، أطرى في الثناء عليه سيدنا الصدر في التكملة فقال : انه كتب رسالة في اصول الدين من دون مراجعة كتاب ، وكان لا ينسى ما حفظه ، كثير الاستحضار للتواريخ وأيام العرب ، قرأ على الملا كاظم الخراساني ونظم مطالب الشيخ نظماً جيداً لطيفاً ، وكان يحضر بحث الشيخ محمد حسين الكاظمي والشيخ محمد طه نجف حتى فاق أقرانه وعند رجوعه الى لبنان اشتغل بترويج الدين وتعليم المسلمين ، وله منظومة في المواريث بديعة في فنها تقع في 248 بيتاً ، ورسالة في تهذيب النفس ، كتب عنه وعن حياته العلمية الكاتب كامل شعيب في مجلة العرفان م 11 صفحة 45. كانت وفاته في بنت جبيل ليلة الخميس 11 شعبان عام 1304 ه‍ عن عمر 37 سنة ودفن هناك ورثاه جمع من الشعراء منهم السيد نجيب فضل الله بقصيدة أولها :
هل يعلم الدهر مَن أودت فوادحه أو يعلم الرمس من وارت صفائحه


(42)
    ترجم له البحاثة المعاصر علي الخاقاني في ( شعراء الغري ) فأورد جملة من مساجلاته ومراسلاته ومراثيه لاخوانه فمن شعره يعاتب بعض أصدقائه :
كم ذا يقاطـعني مـن لا اقاطعه ان مـال عني لأوهـام ووادعني ليس التلوّن من خيمي ومن شيمي ولا اصانـع اخـوانا صحـبتهم وتشرب اللوم جهلاً بي مسامعه فانـني وذمـامـي لا اوادعـه إذا تلون مـن ساءت صـنايعه فما خلـيلك يوماً مـن تصانعه
    ومن مرثية يرثي بها أخاه الشيخ محمد عندما وصل اليه نبأ وفاته في النصف من شعبان سنة 1303 :
ما لنفسي ذابت وطارت شعاعا ذهب الصبر والأسى يوم بانوا ولقلبي أثر الضعائن ضاعا وتنادوا فيه الوداع الوداعا
    وجاء في ترجمته ان السيد محمد سعيد الحبوبي كتب رسالة للمترجم له وكان من جملة عبارات الاطراء : قطب دائرة الفضل المستديرة الأفلاك ، وسر الحقيقة المتعالية عن حضيض الادراك ، قدوة الفضلاء الذي على أمثلته يحتذون ، والاستاذ الذي ترجع اليه المهرة في سائر الفنون ... وكان في آخر الرسالة قطعة شعرية :
كم يحتذيني الغيث غيث الأدمع كيف المنام ودون من أنا صبّه وأروح يوحشني الأنيس كأنني يا نازحاً عـني ومنزله الحشى والصبر بعدك شرعة منسوخة وتشـبّ نار البين بيـن الأضلع خـرط القتاد وشوقه في مضجعي وحدي وإن مارست حاشد مجمعي القلب معـك ونار لاعـجه معي والوجد بـعدك شرعـة المتشرع
    إلى قوله :
لو كنت بعد البين شاهد موقفي ( موسى ) لما شاهدت إلا مصرعي


(43)
وتأتي ترجمة الشيخ علي شرارة المتوفى 1335 وهو من الاسرة نفسها ، ولا يفوتنا أن نذكر مؤلفات المترجم له وتراثه العلمي :
    1 ـ منظومة في الاصول واسمها ( الدرة المنظمة ) الحاوية لقوانين الاصول المحكمة وقد شرحها ولده الشيخ عبد الكريم.
    2 ـ منظومة في المواريث تقع في 248 بيتاً.
    3 ـ رسالة في تهذيب النفس.
    4 ـ ديوانه المخطوط يضم العشرات من القصائد الحكيمة والفلسفية.
    وهناك رسائل فقهية وعقائدية لم تتم.


(44)
    في رثاء الحسين :
علـمتم بمـسراكم أرعتـم فـؤاديـا ألا يـا أحـبائي أخـذتم حـشاشـتي فـيا ليـتني قدمـت قبـل فـراقكم إذا ما الهوى العذري من نحو ارضكم ظـللت أبـثّ الوجـدَ حـتى كـأنني تناسيتم عصر الشـباب بـذي الغضا فـدع عنـك يا سعـد الديار وخلّـني لخـطب عرا يوم الطـفوف وفـادح غـداة قـضى سبط النـبي بـكربلا وقته لدى الحـرب الـزبـون عصابة كماة إذا ما الشوس في الحرب شمّرت اسود إذا ما جرّدوا البيـض في الوغى وقـد قارعـوا دون ابـن بنت نبيهم وعـاد ابن خير الخلق بالطـف مفرداً يـرى آله حرّى القلـوب مـن الظما وأجـريتم دمعي فـضاهـى الغـواديا وخلّفـتم جـسمي مـن الشـوق باليا وذاك لأنـي خفـت أن لا تـلاقـيـا سـرى فغـدا للقـلب ريّـاً وشـافيا لـشجـوي علّـمـتُ الـحـمام بكائيا وكـم قد سـررنا بالـوصال لـياليـا أُكـابـد وجـداً في الأضالـع ثـاويا أمـادَ السـما شـجواً ودك الـرواسيا خميص الحشا دامى الوريديـن صاديا تخـالهم في الحـرب اسـداً ضواريا أبـاحـوا القـنا أحـشائهم والتـراقيا غـدت مـن دم الأبطال حـمراً قوانيا إلى أن ثووا في الترب صرعى ظواميا يـكابـد أهـوالاً تـشيب النـواصـيا وأسـرتـه فـوق الـرغـام دوامـيا


(45)
فيدعو ألا ، هل مـن نصير فلم يجد هناك انثـنى نحـو الكفـاح بمرهف وأُقسمُ لـولا ما الـذي خـطّه القضا إلى أن رمي في القلـب سهـم منيّةٍ بنفـسي بـدراً منه قـدغـاب نوره أأنسى حسـيناً بـالطـفوف مجـدلاً ووالله لا أنـسـى بـنـات محـمد إذا نظرت فـوق الصعـيد حـماتها هناك انثنت تدعو ومن حرق الجوى انادى ولا مـنكم أرى مـن مجاوب ولم أنسَ حول السبط زينب إذ غدت أخي لم تـذق من بـارد الماء شربة أخي لو ترى السـجاد أضحى مقيداً أخي صرت مرمىً للحوادث والأسى علـيّ عـزيـز أن أراك مـعـفراً أحاشيـك أن ترضى نروح حواسراً بـلا كـافـل بـين الأنـام نـوادباً عـليّ عـزيـز أن أروح وتـغـتدي أيسـترُ قلـبي أم تجـفّ مـدامـعي فهيهات عيني بعـدكم تطـعم الكرى لـه نـاصراً إلا حـساماً يـمانـيا أقـام على الأعـداء فيـه النـواعيا لغـادر ربـع الشـرك إذ ذاك عافيا فـهـدّم أركان الـهـدى والمـعاليا وفـرعا ًمن التوحـيد أصبـح ذاويا عـلى ظـمأ والـماء يلمـع طاميا بقين حيـارى قـد فقـدن المحاميا وأرؤسـها فـوق الرمـاح دواميا ضـرام غدا بين الجـوانح واريـا فما بالـكم لا ترحـمون صـراخيا تنادي بصوت صـدع الكون عاليا وأشرب ماء الـمزن بعدك صافيا أسيراً يقاسي مـوجع الضرب عانيا فليتك حـياً تنـظر الـيوم حـاليا عليك عـزيز أن ترى اليـوم مابيا سباياً بنا الأعـداء تطـوي الفيافيا خـواضع ما بيـن الطغام بـواكيا لقـىً فوق رمضاء البسيطة عاريا وانظر ربـع المـجد بعـدك خاليا وأن يألـف الأفـراح يـوماً فؤاديا
    هو الشيخ حسون ( حسين ) بن عبد الله بن الحاج مهدي الحلي من مشاهير الخطباء في عصره. أديب شاعر معروف.
    ولد في الحلة عام 1250 ه‍ ونشأ بها وعرف بالخطابة فكان من أشهر
ادب الطف الجزء الثامن ::: فهرس