ادب الطف الجزء الثامن ::: 331 ـ 347
(331)
أوجـهـاً يشـرقـن بشـراً كلمـا تتجلـى تحـت ظلـماء الـوغـى أرخصـوا دون ابن بنت المصطفى فقضـوا صبـراً ومـن أعطافهـم لـم تـذق مـاءً سـوى منبعـثٍ أنهـلـت مـن دمـهـا لـو أنـه أعـريت فهـي على أن تـرتـدي وتـبقّــوا أجـدلاً مـن عــزّه يـتلقـى مـرسـل النبـل بصـد فقـضى لكـن عـزيـزاً بعـدما ثـاوياً مـا نقمـت منـه العـدى ونـواعيها مـدى الدهـر شجـى وآ صـريعاً نهبـت منـه الضبـا يتـلظى عـطشـاً فـوق الثـرى هـدموا فـي قتلـه ركـن الهدى بكـت البيـض عليـه شجـوهـا أيّ يـوم مـلأ الـدنـيـا أسـىً يــوم أضحـى حـرم الله بـه أبـرزت منـه بنـات المصطفى أيهـا المـدلـج فـي زيـافـة فـإذا جئـت الغـريـيـن أرح صل ضريح المرتضى عني وخذ قــل له يـا أسـد الله استمـع كلـح العـام ويقـطـرن سماحـا كالمصابيـح التماعـاً والتمـاحـا أنفسـاً تـاقـت إلـى الله رواحـا أرج العـز بثـوب الدهـر فاحـا مـن دم القلب به غصت جـراحا كان من ظامي الحشا يطفي التياحا بنسيـج التـرب تمتـاح الرياحـا لسوى الرحمـن لـم يخفض جناحا رٍ وسـع الخطب وقـد سدّ البطاحا حطـم السمـر كما فـلّ الصفاحا صرعة قـد أفنـت الشعر امتداحا يتـجـاوبـن مسـاءً وصبـاحـا مهجـة ذابـت من الوجـد التياحا والـروى مـن حوله ساغ قـراحا واستطاحـوا عمـد الدين فطاحـا والمـذاكـي يتصاهلـن نيـاحـا طبـّق الكون عجيجـاً وصياحـا للمغـاويـر على الطـف مباحـا حائـرات يتقـارضـن المـناحا تنشـر الأكـم كما تطوي البطاحا فلقـد نلـتَ بمسـراك النجاحـا غـرب عتـب يملأ القلب جراحا نفثـةً ضاق بهـا الصـدر فباحا


(332)
كم رضيع لك بالطفى قضى أرضعته حُلُـم النبـل دمـاً ولكـم ربـة خـدر ما رأى أصبحت ربـّة كـور وبـها سلبـت أبرادهـا فالتحفـت واكتسـت برداً من الهيبة قد لو تراها يوم أضحت بالعرى حيـث لا من هاشم ذو نخوة عاطشاً يقبض بالراحـة راحا مـن نجيع الدم لا الدرّ القراحا شخصها الوهم ولا بالظن لاحا تـرقل العيس غـدواً ورواحا بوقار صانها عـن أن تباحـا ردّ عنها نظـر العيـن التماحا جـزعاً تنـدب رحلاً مستباحا دونها في كربلا يدمي السلاحا
    السيد عبد المطلب الحسيني ، ابن السيد داود بن المهدي بن داود بن سليمان الكبير. علم من أعلام الأدب ، كريم الحسب والنسب ، فجدّه لأبيه السيد مهدي بن داود وقد مرت ترجمته وعمّه السيد حيدر بن سليمان الذائع الصيت ، تجد مسحة حيدرية على شعره اكتسبها منه ، يقول الشيخ اليعقوبي في ترجمته : كان فصيح البيان جري اللسان كثير الحفظ ذكي الخاطر خصب القريحة مرهف الحس ، كان يعرض شعره على عمّه في حياته ورثاه بعد وفاته بثلاث قصائد ، وقد أطراه الشيخ محمد الجواد الشبيبي ـ شيخ الأدب في العراق ـ واليك نص ما قاله :
    وقد أغرب مذ أعرب سيد بطحائها ( عبد المطلب ) عن رثاء لو وعته الخنساء لأذهلها عن صخر. ولد المترجم في الحلة حوالي سنة 1280 ونشأ فيها وكان جلّ تحصيله الادبي من عمه السيد حيدر وخاض المعارك السياسية وكان صوته يجلجل بشعره وخطبه داعياً لجمع الكلمة والوحدة الإسلامية وأثار حماسة العشائر الفراتية بنظمه باللغتين الفصحى والدارجة حتى احرقت داره بعد ما نهبت ، وهذه قصائد الوطنية المنشورة يومذاك في صحف بغداد تشهد بذلك.


(333)
    آثاره الادبية :
    1 ـ جمع ديوان عمه السيد حيدر ووضع له مقدمة ضافية طبعت مع الديوان سنة 1313.
    2 ـ جمع ديوان جده السيد مهدي في جزئين كبيرين.
    3 ـ ديوانه الذي يجمع مجموعة أشعاره.
    4 ـ شرح ديوان المهيار الديلمي بثلاثة أجزاء ، وهو من أسمى شروح ديوان المهيار.
    اليك نبذة من روائعه فهذه قصيدته التي أنشأها سنة 1331 في الحرب الايطالية :
أيهـا الغرب منك مـاذا لقينـا تظهـر السلـم للأنـام وتخفي أجهلتـم بـأننـا مـذ خلقنـا ولنا نبعـة مـن العـزّ يأبـى قـد قفـونا آبـاءنا للمعالـي علّمونا ضرب الرقـاب دراكا نحن قـوم إذا الوغى ضرستنا وإذا ما رحى الحروب استدارت مـا شربنا على القذا مذ وردنا لانـدي الوتـر للعدا إن وترنا وإذا مـا نسبتنـا يـوم روع شمـل الجـور شعبنا فـائتلفنا قـل لايطاليـا التـي جهلتنـا كيف ترجو كلاب ( رومة ) مـنا دون أن تفلـق الجماجم والهام كل يـوم تثير حرباً طحـونا تحت طيّ الضلـوع داء دفينا عـرب ليس ينزل الضيم فينا عـودها أن يليـن للغامزينـا واليهـا أبنـاؤنـا تـقتفيـنا وعلى الطعن في الكلى درّبونا لـم نبـدّل بشـدة البأس لينا نحـن كنـا أقطابهـا الثابتينا وسوى الصفو لم نكن واردينا وعلى الوتر لا نغضّ الجفونا لـوغىً فهـي أمّنـا وأبونـا لدفـاع العـدو متـحـدينـا بثبات الاقـدام هـل عرفونا أن تـرانا لحكمها خاضعينـا بضرب يـأتي على الدارعينا


(334)
نـبحـونا مـهـوّليـن فـلـمـا حـيث لـم تجدها المناطـيد نفعاً سائلـوهـا بنا غــداة التـقينـا كيـف رعناهـم الغداة بضـرب زاحفـونـا بجـيشهم فزحـفنـا كشلما صلّت القواضـب خـروا مـلأوا البرّ بالجـيوش كما قـد كلما صاحت المـدافـع ثُـبـنا ونقـضـنا صفـوفهـم بطعـان أنكـرونـا أنا بـنو تلـكم الأسد سـل ( طـرابلسا ) التي نـزلوها كلـما بالفـرار جـدّوا تـرانـا يـا رسـولي للمسلمين تحمّـل وتعمـّد بـطحاء مكة واهتـف وعلى الحي مـن نزار وقحطان الحراك الحـراك يـا فـئة الله أبـلغا عـني الخـليفـة قـولاً أبـجدٍّ بالصلح نـرضى فنمسي كيف ترضى على ( الهلال ) نراهم فارفض الصلح يابن مَن دوخوها يا بـن ودي عـرّج بإيران فينا قـف لنبكي استقلالهـا بعيـون وعلى مشهـد الرضا عج ففيه تـركوا المسلمين فيه حصيـداً لا تحدّث بما جـرى فيه إعلا ان زأرنـا عـاد النباح أنينـا كلما حلّقـوا بهـا معـتدينـا والمنايـا يخطرن فيهـم وفينا جعـل الشـك في المنايا يقينا وقلبنـا على الشمـال اليميـنا للضبا لا لـربهـم سـاجدينـا شحنـوا مثلهـا البحـور سفينا بصليل الضبـا لهـا مسكتيـنا لـم يـدع للطليان صفاً مكينـا فلما ثـرنا لهـا عـرفـونـا كيف ذاقوا بها العـذاب المهينا بالضبا فـي رؤوسهـم لاعبينا صرخـة تملأ الـوجود رنينا ببنـي فـاطم ركينـا ركينـا فعـج وامـزج الهتـاف حنينا إلى الحرب لا السكون السكونا غثـّه فـي المقال كان سمينا نقـرع السن بعـده نـادمينـا وهُـم فـي صليبهـم باذخونا بشبـا المرهفات روماً و ( صينا ) إنهـا اليـوم نهـزة الطمعينـا ننزف الدمع في الخدود سخينـا فَعـلَ الروس ما أشـاب الجنينا واستباحوا منه الرواق المصونا ناً فإن الحديث كـان شجـونـا


(335)
    وشعره بهذا المستوى العالي سواءاً نظم في السياسة أو في الغزل أو المدح والرثاء ، ودّع الحياة بضواحي الحلة يوم 13 ربيع الأول سنة 1339 وعمره قد قارب الستين ونيران الثورة العراقية لم تخبو بعد في الفرات الأوسط. وحمل نعشه إلى النجف ودفن بوادي السلام ، كتب عنه السيد محمد علي كمال الدين في كتابه ( الثورة العراقية الكبرى ) وذكر قصيدة عبد الكريم العلاف في رثائه وهنا نورد رائعة اخرى من روائعه في رثاء جده الإمام الحسين (ع) :
أيقظتـه نخـوة العـزّ فثـارا مستميتاً للوغـى يمشي علـى يسبـق الطعنـة بالمـوت الى ساهـراً يـرعى ثنايـا غـزّه مفـرداً يحمي ذمار المصطفى منتضٍ عـزماً إذا السيف نبـا ثـابت إن هـزت الأرض به طمعت أبناء حرب أن تـرى حاولت تصطاد منـه أجـدلاً ورجت للخسـف أن تجذبـه كيف يعطي بيـد الهـون إلى فأبـى إلا التـي إن ذكـرت تخلـق الأيـام فـي جـدّتها فـأتى مـن بأسه في جحفل وليوث من بني عمـرو العلى كـل مطعام إذا سيـل القرى وطليـق الـوجه يندى مشرقاً هـو ترب الغيث إن عامٌ جفا أشعـروا ضرباً بهيجاء غـدا يـمـلأ الكون طعانـاً ومغـارا قدم لم تشك فـي الحرب عثـارا أنفس الأبطال في الـروع ابتدارا بعيـون تحتسي النـوم غـرارا وأبـيّ الضيم مـن يحمي الذمارا كان أمضى من شبا السيف عرار قـال قِـريّ تحـت نعليّ قرارا فيه للضيـم انعطافـاً وانكسارا نفض الـذل على الوكر وطارا أرقماً قـد ألـف العزّ وِجـارا طاعة الرجس عن الموت حذارا هـزّت الكون اندهاشاً وانذعارا وهـي تـزداد علاءً وفخـارا زحفه سـدّ على الباغي القفارا لبسوا الصبرَ لدى الطعن دثارا يـوم محل نَحرَ الكوم العشارا كلما وجه السما جفّ اغبرارا وأخـو الليث إذا ما النقع ثارا لهم في ضنكها الموت شعارا


(336)
غامروا في العـز حتى عبروا وعلى الأحساب غاروا فقضوا فقضوا حـق المعالي ومضوا قصرت أعمارهـم حين غدا عقـدوا الاخرى عليهـم ولها جعلـوا أنـفسهـم مهـراً لها والمصابيـح التي تجلى بهـا يا له عقـداً جرى في كربلا أقدموا في حيث آساد الشرى وتـدانوا والقنـا مُشـرعة بـذلوهـا أنفسـاً غـاليـة أنفساً قـد كضّها حرّ الظما تاجـروا لله بـها في ساعة أيهـا المرقل فيها جسـرة صل إلى طيبة وأعقلها لدى وأنخهـا عنـده مـوقـرةً وله لا تعلـن الشكـوى وإن حـذراً مـن شامت يسمعها فلقـد أضـرم قـدماً فتنـة قل له عن ذي حشاً قد نفذت يـا رسول الله مـا أفضعها كـم لكم حـرّ دم في كربلا يـوم ثار الله في الأرض به والذي أعقب كسراً في الهدى حـرم التنزيل والنـور الذي للعلى مـن لجـج المـوت غمارا بالضبا صبراً لـدى الهيجا غيارى طاهري الأعراض لم يدنسن عارا لهـم القتـل على العـزّ قصـارا فـارقوا الدنيـا طلاقـاً وظهـارا والـرؤوس الغـالـبيـات نثـارا صيـروهـنّ رمـاحـاً وشفـارا بجـزيل الأجر لـم يعقب خسارا نكصت عن موكب الضرب فرارا يتـلمظـنّ إلى الطعـن انتظـارا كبرت بالعـز أن ترضى الصغارا فاسالـوها عـن الطعـن حـرارا لـم تـدع فيـه لـذي بيع خيارا كهبـوب الـريح تجتاب القفـارا أمنـع الخلـق حـريماً وجـوارا بالشجـا قـد خلعت عنها الوقارا كبـر الفـادح أن يغـدو سـرارا كان بالرغم لخيـر الـرسل جارا كـربلا منهـا غدت تصلى شرارا أدمـعاً سال بهـا الوجد انهمـارا نكبـةً لـم تبـق للشهم اعتـذارا ذهبـت فيـه المبـاتـير جُبـارا آلُ حـربٍ أدركـت بالطف ثارا ليس يلقـى أبـد الدهـر انجبـارا بسنـاه غاسـق الشـرك استنارا


(337)
وصفـايـاك اللـواتي دونهـا أبرزت حاسـرةً لكـن علـى لا خمـارٌ يستـر الوجهَ وهل لا ومـن ألبسها مـن نـوره لـم تدع أيدي بني حرب لها لـو تراهـا يوم فرّت وعلى يتسابقـن إلى الحامي وهـل تربط الأيدي من الرعب على تتـوارى بثرى الرمضا أسىً وهـو ملقـى بثـرى هاجرة كلما صعـّدت الوجـدَ أبـى لـم تجد مـن كافـل إلا فتى بالظما أعينها غـارت ومـا تحـرق البوغاء منهم أرجلاً أفـزعتها هجمة الخيل فـرا كل مـذعور كبا رعباً على كلما كضّ الظمـا أحشاءها كلما يلـذعها حـرّ الثـرى يـا لها فاقرة قـد قصمت بكر خطبٍ كل آنٍ ذكرهـا ضرب الله مـن الحجـب ستـارا حالـةٍ لـم تبـق للجلـد اصطبارا لكريمات الهـدى أبقــوا خمـارا أُزراً مـذ سلبـوا عنـهـا الأزارا مـن حجاب فيـه عنهم تتـوارى خـدرها في خيله الرجس أغـارا يملك الثاوي على الترب انتصارا مهجٍ طارت مـن الرعب انذعارا لقـتيـل بالعـرا ليـس يـوارى يصطلى مـن وهج الرمضا أوارا دمعهـا مـن لوعـةٍ إلا انحدارا مضّه السقـم وأطفـالا صغـارا ذاقـت الماء فليـت الماء غـارا أنعلتهـا أرؤوس النجـم فخـارا حت تتعادى بثرى الرمضا فرارا حـرّ وجـهٍ كسنا البـدر أنـارا ألصقـت بالترب أكبـاداً حراراً راوحـت فيهـا يميناً ويسـارا مـن نبـيّ الله ظهـراً وفقـارا للـورى يبتكر الحـزن ابتكـارا
    وله مرثية من غرر الشعر جاء في أولها :
لتبـق الضبا مغمـودة آل هاشـم وتلقي القنا منزوعة النصل عن يد فما هي بعد الطف منها لقائم ستقرع منها حسرة سنّ نادم
    ومجموعها 77 بيتاً.


(338)
حتـى مَ هاشـم لا يـرف لـواهـا والخيل من طوال الوقوف قد اشتكت سل اسرة الهـيجاء من عمرو العلى مـا نومـها عن كربـلا وعمـيدها فـي يوم حـرب فـيه حـرب ألّبت واستنفرت جيش الضـلال وقصدها وسـرت بـه للطـف حتى قـابلت وعلى الـشريعة خيّمت بجموعهـا ظـنت بعـدة جيـشـها وعـديدها يلوي الحسـين عـلى الـدنية جيده فأبـى أبيّ الضـيم أن يعـطي يداً وسـطا بعزم ما السـيوف كـحدّه وترى الكماة تساقـطت من سيـفه وأمـات شـمس نـهارها بقـتامها وثنـى الخـيول على الرجال ولفّها يسطـو ونـيران الظـما فـي قلبه حـتـى دعـاه الله أن يغـدو لـه فهـوى على وجـه الثرى لرماحها ومضى الجـواد إلى المـخيم ناعياً فالسـيل قدبلغ الـزبى وعلاها فبأي يـوم هـاشم تـرقاهـا مَن يوقد الحرب العـوان سواها نهـبته بـيض امـية وقـناها أو غادها واستنهـضت حلفاها يـوم النفـير تذكـرت آبـاها فيه الحسين وضاق فيه فضاها كي لا تذيق بني النـبي رواها والماء في يـدها بلـوغ مناها لطلـيقها خـوف الردى ولقاها للذل أو يهـوي صـريع ثراها يوم اللقا هو في الطلى أمضاها فـوق البسيطةقـبل أن يغشاها وبسيفه ليـل القـتام ضـحاها ورجالها فـوق الخـيول رماها ما بين جـنبيه تـشبّ لـظاها ويجيـب داعـيه لأمر قضاها وسهامها نهباً وطـعم ظـباها لبنات فـاطم كهفـها وحماها


(339)
فبكت بنات المصـطفى مذ جاءها وفررن للسجاد مـن خوف العدى ( دع عنـك نهباً صيـح في أبياتها ) لـكن لزيـنب والنـساء تلهـفي أُبرزن من حجب النـبوة حاسراً لهفي لـربة خـدرها مـذعورة إن تبكـي أطفال لـها أو تشتكي مَن مخبر عني بني عمرو العلى نهضاً فآل الـوحي بـين عداكم تحـدو حـداة اليعـملات بثقلكم وإلى أبن هند للشـئام سروا بها ويزيـد يهـتف تارة فـي أهله وبـكت مـلائـكة السـما لبكاها تشكو فـصدّعت الصفا شكـواها والـنارلـما أضـرمت بخـباها من خدرها من ذا الـذي أبـداها ( وتناهـبت أيـدي العدو رداهـا ) أنى تفـرّ إذ العـدى تـلـقاهـا بالسوط زجر فـي المتون علاها أيـن الـشهامة يا لـيوث وغاها لا كـافل من قـومها يـرعـاها للـشامتـين بـها وهـم طـلقاها أفهل علـمتم كـيف كـان سراها ويسب اخـرى قـومها وأبـاها
    السيد مرزه ابن السيد عباس مشهور بشرف النسب والحسب ، ولد حوالي سنة 1265 بالحلة وتدرج على الكمال والأدب ، واسرة آل سليمان الكبير يتوارثون الشعر والنبوغ. كان ابوه العباس من وجوه هذه الاسرة وأعيان ساداتها ، وأبو السيد عباس هو السيد علاوي ـ جدّ المترجم له ـ زعيم مطاع في الحلة وأطرافها ، ترأس فيها بعد عمه وأبيه السيدين : علي والحسين ولدي السيد سليمان الكبير. وله مكانة سامية عند حكام الحلة وولاة بغداد وخاصة في عهد الوزير داود باشا ، وشاعرنا الذي نتحدث عنه نبعة من تلك الدوحة فهو أبو مضر مثال الاباء والسيادة حيث أنه من تلك القادة ، محترم الجانب له مكانة عالية في الأوساط ، يسحرك بحديثه ويعجبك بطلعته وهندامه ، شديد المحافظة على تقاليده ومعتقداته ، ساهم مساهمة كبرى في الثورة العراقية وجاهد الانكليز بيده ولسانه ، في طليعة الثوار المحاربين ، وعندما تدرس الثورة العراقية تعرف الموقف البطولي للسيد ميرزا حتى احرقت داره ونهب


(340)
ما فيها وهو يواصل الهتاف بخطابه وبشعره باللغتين الفصحى والدارجة فقد كان فيهما وفي الخطابة المنبرية له القدح المعلّى ، يقول الشيخ اليعقوبي : وله باللغة العامية مطولات في أهل البيت بأوزان شتى من البحور الدارحة التي لا يكاد يجاريه فيها احد من معاصريه فقد كان يجيد فيها إجادة ابن عمه السيد حيدر الحلي في الفصحى. مدحه الحاج عبد المجيد المشهور بالعطار بأبيات يهنيه فيها بولادة ولده الأصغر محمد سنة 1329 ويؤرخ ذلك العام ، قال :
أبا مـضر لا يلحق اللـوم من دعا لأنت وإن طـالت قـصار معاصم وأمنـعها جـاراً وأبـذلـها نـدى من الآل آل المصطفى خير معشر تهـنّ بـه شبلاً نمـته ضـراغم وفـرحاً أصاب المجد أيمن طائر سلالـة فـخر الكائـنات محـمد فما جهلت أعـوامه حين أَرخـوا أبا مضر عـند الحـفيظة والنـدا لأطـولها باعـاً وأبسـطها يـدا واقـربها رحـماً وأبعـدها مدى جلت ظلمات الغي بالبأس والهدى تخرّ له الاساد فـي الحرب سجدا بميلاده مذ جاور النـسر مصعدا وأكرم مَن في الكون يدعى محمدا وليلة مـيلاد الـرسول تـولـدا
    تغيب المترجم له عن وطنه وكان أكثر سكناه في ( الحصين ) قرب الحلة ولما عاد وذلك سنة 1339 علم بوفاة ابني عمّيه : السيد عبد المطلب الحلي الحسيني والسيد حسين ابن السيد حيدر جزع لفقدهما فاختار الله له اللحاق بهما فودّع الحياة وعمره 74 سنة على التقريب. وتأتي في جزء آتٍ من هذه الموسوعة ترجمة ولده السيد مضر ، وكل آتٍ قريب.


(341)
    قال من قصيدة :
وأصبح قطب دائـرة المعالي إذا رعدت همت هام الأعادي ولـما للـقـضا داع دعـاه ثلاثاً بالعـرى عـار عفـيراً واعـظم ما دهى علـياء فهر عقائلـها الحرائر حـين فرّت قد استـلبوا ملاحفـها ولـكن عليه محيط هيجاها استدارا فتحسبها إذا انهلّت قـطارا هوى صعقاً ولـبّاه ابتدارا فديتك من عفـير لا يُوارى رزايا زدن أحشاها استعارا من الأطناب ذاهلة حيارى كساها نور هيبـتها أزارا
    الشيخ عباس ابن الشيخ عبود الشهير ب‍ ( قفطان ) أديب خطيب هاجر من النجف في شبابه وسكن الحيرة وكانت الحيرة يومئذ ولم تزل تعتز بخطباء المنبر الحسيني فامتزج الشيخ عباس بأبناء المنطقة وصار ينظم ويخطب بأكثر المناسبات وجمع ديوانه ومحاضراته الدينية في مجموع بخطه. كتب عنه البحاثة المعاصر علي الخاقاني في شعراء الغري. توفي سنة 1339 تقريباً ودفن بالنجف ونعاه عارفوه.


(342)
    ضاق نطاق الكتاب عن استيعاب المواد التي أعددناها له فاكتفينا بالاشارة والاختصار فذلك اولى من الاهمال ثم الاعتذار وموعدنا مع القراء الجزء التاسع ، وسيمتاز عن الاجزاء السابقة بتصاوير الشعراء الذين يضمهم الكتاب :
    الشيخ محمد الزهيري : المتوفى سنة 1329 من شعراء القطيف ، ترجم له صديقنا الشيخ علي المرهون فقال : الفاضل الشيخ محمد بن عبد الله بن حسن بن عبد الله بن عبد الحسين آل زهير. وآل زهير اسرة كريمة من قطان سيهات من قرى القطيف ، وطائفة منهم تسكن قرية الملاحة وبها تولد الشاعر الزهيري ، ونشأ ميالاً لحب العلم ومجالسة العلماء والادباء وسكن البصرة مدة من الزمن ثم انتقل إلى الكاظمية إلى أن توفي بها في شهر جمادى الاولى سنة 1329 وخلف ولده الشهم الحاج عبد الجليل وهو شخصية لامعة محترمة. له ديوان شعر في أهل البيت يوجد عند بعض الادباء. وللشاعر المترجم له قصيدتان في الرثاء في كتاب ( شعراء القطيف ) اقتطفنا منهما البعض فمن الاولى قوله :
غداة أبيّ الضيم ألوى على الردى ظهـيرة قالـوا تحت مشتبك القنا وقام أبو السـجاد يجلـو بسيـفه فأحجمت الصيد الصناديـد خيفة ونادت حواديه بحـيّى عـلى الوخد تباركت من حتف وبوركت من ورد ظلام ظـلال كان في الأرض ممتد المنية حتـى جاء جـبريل بالـعهد
    ويقول في اخرى :
يا عين جودي بانسكاب وحـشاي ذوبي حـرقة وعجبت ممن حاولـت أو بعـد وقعة كـربلا لمـصاب آل أبي تـراب لقتـيل سيف ابن الضبابي صبري على عظم المصاب يصبو المحب إلى التصابي
    الشيخ محمد صالح آل طعان : الشيخ محمد صالح ابن الشيخ أحمد ابن الشيخ صالح آل طعان القديحي. توفي سنة 1333 ه‍ وكان رحمه الله علامة ثقة عند جميع الطبقات وهو كأبيه علماً وعملاً واخلاقاً وأدباً ، وأول تلمذته على يده وكانت ولادته 1281 قال صاحب شعراء القطيف : وله آثار ومآثر علمية


(343)
وأدبية فمنها ديوانه الذي جاء أكثره تخاميس في اهل البيت ، وذكر تخميسه لقصيدة السيد حيدر الحلي. وسبق أن ترجمنا في الجزء السابق من هذه الموسوعة لجده الشيخ صالح بن طعان بن ناصر بن علي الستري المتوفى بالطاعون في مكة المكرمة 1281. كما ترجمنا بهذا الجزء لوالده الشيخ أحمد بن صالح المتوفى سنة 1315 ه‍ وهذه ترجمة مختصرة للحفيد الشيخ محمد صالح الشيخ أحمد الشيخ صالح تغمدهم الله جميعاً برحماته الواسعة.

    الحاج محمد البراهيم : هو الوجيه الحاج محمد بن أحمد البراهيم ـ قبيلة من القبائل العربية المعروفة بالخير والصلاح ، اشتهرت بالتجارة مضافاً إلى الكمال والأدب والأعمال الخيرية ، يسكن الكثير منهم بلاد صفوي ، والكويكب ، والمسعودية ، يقول صاحب شعراء القطيف وكلهم من الأخيار وأماثل الرجال ، وجدهم المغفور له الحاج محمد كان على جانب عظيم من حبّه للخير ، وما في الاباء ترثه الأبناء ، توفي رحمه الله سنة 1335 وخلّف مدائحه لأهل البيت ، وذكر الشيخ جملة من رثائه للامام الحسين (ع).

    الشيخ محسن بن خميس : هو الشيخ محسن بن علي بن سلمان بن رضا بن خميس. المتوفى سنة 1335 وآل خميس قبيلة عربية تتحلى بسمعة طيبة في الأوساط التجارية والأدبية يسكنون قلعة القطيف ـ البلدة القديمة العهد البعيدة الأثر ، فقد دلّت الاثار والوثائق التاريخية على تأريخ تأسيس سورها وأنه كان في سنة 216 ه‍ ومن آل خميس في عصرنا رجال أخيار يتحلّون بالدين والأدب ورثوا الخصال الطيبة عن سلفهم كابراً عن كابر ، وجدهم الشاعر المشار اليه مشهور بالتفى والفضل والأدب وخلف من تراثه الروحي روائع في أهل البيت عليهم السلام منها قصيدة يرثي بها علي الأكبر ابن الحسين (ع) ويذكر جهاده بين يدي أبيه يوم كربلاء.

    الشيخ عبد علي الماحوزي : هو ابن محمد بن علي بن محمد بن عبد علي ابن حسين بن جعفر الماحوزي ، المتوفى سنة 1337 ه‍ أحد أعلام القرن


(344)
الرابع عشر الذين خدموا خدمة روحية وأدّوا رسالتهم كما يجب ، تحدّر من اسرة شريفة عريفة في النسب ، وآل الماحوزي قبيلة نزحت من البحرين قبل قرنين تقريباً إلى القطيف ، ونبغ منهم علماء وادباء وشعراء وحتى اليوم تتمتع هذه الاسرة بالسمعة الطيبة ويسكنون قرية الدبابية والكويكب. والمترجم له نظم في أهل البيت فأجاد ، وذكر المعاصر الشيخ علي المرهون له أرجوزة في حديث الكساء غير أنه فقد أكثرها ولم يعثر إلى على 33 بيتاً فقط ، أقول وسبق أن ذكرنا منظومة جليلة في حديث الكساء من نظم المرحوم العلامة الجليل السيد محمد القزويني وسنذكر بعون الله في الجزء الآتي أرجوزة في هذا الحديث الشريف من نظم العلامة التقي السيد عدنان البصري ، واليكم مقتطفات من نظم الماحوزي أسكنه الله جنته :
أفتتـح الكلام باسـم الخالق وآله الأطهار سادات الورى مصلّياً عـلى النبي الـصادق ما حلّ في السماء نجم وسرى
* * *
روى الثـقاة مـن رواة الخبر عن أفضل النساء ذات المحن قالت علـيها أفـضل السلام في منزلـي إذ النبي قد دخل خير حديـث مسند معتبر فاطمة الزهراء أمّ الحسن بينا أنا يـوماً مـن الأيام فأشرق البيت بخاتم الرسل
* * *
فقال يا فاطم يا ستّ النسا بلا تـوانٍ وبـه غطـيني فقالت الـزهراء ثـم جئته وصرت نحوه اكرر النظر مسرعة قومي وهاتي لي الكسا ثم اسالـي الله بـأن يشفـيني بـمـا اراد وبـه غـطـّيته ووجهه كالبدر في رابع عشر
    ومن أجمل الصدف أن يختتم الكتاب بحديث الكسا ، الحديث الذي يشتمل على آية كريمة يرتلها المسلمون آناء الليل وأطراف « إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً » هذه الآية نزلت في النبي وعلي وفاطمة


(345)
والحسنين عليهم السلام خاصة لا يشاركهم فيها غيرهم. روتها كتب السنة بطرق كثيرة عن ام سلمة وعائشة وأبي سعيد الخدري وسعد وواثلة بن الأسقع وابي الحمراء وابن عباس وثوبان مولى النبي وعبد الله بن جعفر وعلي والحسن بن علي في قريب من أربعين طريقاً.
    إن كثيراً من هذه الروايات ـ وخاصة ما رويت عن ام سلمة ـ وفي بيتها نزلت الآية تصرح باختصاصها بهم. في ( الدر المنثور ) قال : أخرج الطبراني عن أم سلمة أن رسول الله قال لفاطمة ائتيني بزوجك وابنيك فجاءت بهم فألقى رسول الله (ص) عليهم كساء فدكّيا ثم وضع يده عليهم ثم قال : اللهم إن هؤلاء أهل محمد ـ وفي لفظ ، آل محمد ـ فاجعل صلواتك وبركاتك على آل محمد كما جعلتها على آل ابراهيم إنك حميد مجيد. قالت أم سلمة فرفعت الكساء لأدخل معهم فجذبه من يدي وقال : إنك على خير.
    وفي الدر المنثور أخرج ابن مردويه عن أبي سعيد الخدري قال لما دخل علي بفاطمة جاء النبي أربعين صباحاً إلى بابها يقول : السلام عليكم أهل البيت ورحمة الله وبركاته. الصلاة رحمكم الله إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً. أنا حرب لمن حاربتم ، أنا سلم لمن سالمتم.
    وفيه أخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال شهدنا رسول الله تسعة اشهر يأتي كل يوم باب علي بن أبي طالب عند وقت كل صلاة فيقول : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أهل البيت ( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً.
    والروايات في ذلك كثيرة من طرق أهل السنة ومن أراد الاطلاع عليها فليراجع غاية المرام للبحراني.


(350)
المصادر المخطوطة
الحصون المنيعة في شعراء الشيعة للشيخ علي كاشف الغطاء
سمير الحاظر وأنيس المسافر للشيخ علي كاشف الغطاء
الكشكول للشيخ هادي كاشف الغطاء
المجالس الحيدرية في النهضة الحسينية للسيد حيدر العطار
المآتم المشجية لمن أراد التعزية للسيد عباس البغدادي
ترجمة السيد عبد الله شبّر للسيد محمد معصوم
الدر المنظوم في الحسين المظلوم للسيد حسن البغدادي
معجم شعراء الطالبيين للسيد مهدي الخرسان
ترجمة السيد مهدي القزويني للسيد حسين القزويني
الروض الخميل للسيد جودت القزويني
الخبر والعيان للسيد رضا الخطيب
الرائق للشيخ مهدي اليعقوبي
الرحلة للشيخ محمد شرع الاسلام
مخطوطة للسيد عبد الرحمن الالوسي
الاسرة الطريحية للشيخ عبد المولى الطريحي
مجموع للشيخ جواد الشرقي
مجموع للشيخ صافي الطريحي
مجموع للسيد هادي طعمة
مجموع الشيخ كاظم سبتي محمد زكي سبتي
ديوان الشيخ حمادي نوح
ديوان الشيخ محسن أبو الحب
ديوان السيد حسين الطباطبائي
ديوان اللؤلؤ النظيم والدر اليتيم للسيد باقر القزويني


(351)
نجوم السماء في تراجم علماء وادباء الاحساء للشيخ حسين علي القديحي
سوانح الأفكار في منتخب الأشعار للمؤلف
الضرائح والمزارات للمؤلف
شواهد الأديب للمؤلف
المقتطفات أو المختارات للمؤلف

المصادر المطبوعة
الكنى والألقاب للشيخ عباس القمي
الغدير في الكتاب والسنة والأدب للشيخ عبد الحسين الاميني
شهداء الفضيلة للشيخ عبد الحسين الاميني
شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد
ظرافة الأحلام في النظام المتلو في المنام للشيخ محمد السماوي
مجالي اللطف بأدب الطف للشيخ محمد السماوي
اليتيمة الغروية أو تاريخ النجف للسيد حسون البراقي
المنتحب للشيخ فخر الدين الطريحي
القمقام الزخار فرهاد ميرزا ابن نائب السلطنة
الدر النضيد في مراثي السبط الشهيد للسيد محسن الأمين
جلاء العيون للسيد عبد الله شبّر
الحسين عيرة المؤمنين جواد شبر
أحسن الوديعة للشيخ الكاظمي
مجلة البلاغ للشيخ محمد حسن آل ياسين
مجلة العرفان احمد عارف الزين
مجلة الاعتدال محمد علي البلاغي
مجلة العدل الاسلامي محمد رضا الكتبي
ادب الطف الجزء الثامن ::: فهرس