كتاب الاثر الخالد في الولد والوالد ::: 61 ـ 70
(61)
وأمه وابيه وصاحبته وبنيه ) من هم ؟ فقال عليه السلام : قابيل يقرمن هابيل ، والذي يفر من أمه موسى ، والذي يفر من ابيه ابراهيم على نبينا وآله وعليه السلام، والذي يفر من صاحبته لوط عليه السلام ، و الذي يفرمن ابنه نوح ، يفرمن ابنه كنعان.
     قال الصدوق رحمه الله تعالى انما يفر موسى من أمّه خشية أن يكون قصّر فيما وجب عليه من حقّها. وابراهيم عليه السلام انما يفرمن الأب المربي المشرك لامن الأب الوالد وهو تاريخ ... الخصال ، باب الخمسة ، ص 259 ، الحديث 102.
     اقول : ان الفرار يشمل الجميع حسب ما يتصور لان القرآن الكريم وان كان له شأن نزول ، او خصوصية مورد ، الاّ أنه يعّم الموارد ويشمل الجميع. نعم يمكن أن يكون أول من يفرهم هؤلاء الذين عدّهم أمير المؤمنين علي عليه افضل الصلاة السلام. ودليلنا : ان لفظ ( المرء ) اسم جنس ، و ( ال ) يفيد العموم.


(62)
اللّعن
     اللعن هو الطرد من رحمة الله تعالى ، وأي شيء أمّر وأنكى من الطرد ، نعوذ بالله من تلكم الأعمال التي توجب ذلك ، وهي كثير، منها واهمها ما جاء في الحديث الشريف المتعلّق بالولد ووالديه ، والولد والوالدة والتفرقة بينهما ، فهذه اشد موارد اللعن ، لعن الله آل اميّه كيف فرّقوا بين الأمهات وأبنائها. فهذه المخدّرة أم القاسم ابن الحسن المجتبى عليه السلام ترى ولدها بين حوافر الخيول. وهذه المصونة أم علي الاكبر ابن الحسين الشهيد عليه السلام تراى ولدها مقطّعا بالسيوف اربا اربا وقد فارق امّه. وهذه التقيه أم الرضيع ترى ولدها يتلظى من العطش ثم عند طلب الماء يرمي بسه من حرمله لعنه الله فبذبح من الوريد الى الوريد وهو على يدّ المظلوم أبي عبدالله روحي فداه ، وهكذا امّهات أخرى في كربلاء تثكل وتفارق أولادها ، كل ذلك ليحكم يزيد بن معاوية عليه وعلى آله لعائن أهل السموات والارضين ، لعائن الله والملائكة والناس اجمعين آمين.
     1 ـ قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم : لعن الله من فرّق بين الوالدة وولدها ... غوالى الدرر ، حرف اللام ، ص 143.
     2 ـ قال ايضا صلى الله عليه وآله وسلّم : لعن الله من لع ـ ن والديه ... المصدر السابق.


(63)
الممقوت
     كل شيء في الدنيا يكون ممقوتا في بعض الأوان والحالات ومن بعض الوجوه ، كما يكون ممدوحا ومستحسنا في الحالات والوجوه المعاكسة للوجوه والحالات والاوقات الأول.
     ومن الاشياء المهمّة التى تؤخذ بنظر الاعتباء الكلّي هي الاموال والاولاد ، وهذه تارة تكون زينة الحياة الدنيا ، وأخرى تكون فتنة و امتحانا ، ثالثه تكون وزرا ووبالا ، حيث يمقته العقلاء ، وحتى تمقت في بعض الآيات والروايات.
     1 ـ ( قول النبي صلى الله عليه وآله ) يا أبا ذر : انّي قد دعوت الله جلّ جلاله أن يجعل رزق من يجبني الكفاف ، وأن يعطي من يبغضني كثرة المال والولد ... پندهاى گرانمايهء پيغمبر گرامى ، ص 30 ، الحديث 56.


(64)
الوأد
     (( واذا الموؤده سئلت * بأي ذنب قتلت )) ( التكوير ـ 8 ) كانت المظالم ـ في زمن الجاهلية ـ علت فوق الهامات ، فلا رادع ولامانع ، وكان من جملتها وأو البنات ، كي لايؤسروا في الغزوات ، لأن الغزو كان من شيمة الأعراب ، فهذه الطائفة تغزوا تلك ، وذي القبيلة تغزوا ذي ، ونيران الحرب والجهل قد أحرق الطريّ واليابس ، فأنجاهم الله برجل منهم ، هو أشرف الخلائق من الأولين والآخرين ، أبي القاسم الأمين ، محمد الهاشمي العربي المكي المدني الابطحي التهامي ، الذي قلب صفحة الشرك ، والظلم ، والكفر ، والنفاق ، الى التوحيد ، والعدل ، والايمان ، والسلام ، والاسلام ، فلاجهل ، ولاغزو ، ولاوأد فالعلم حل مكان الجهل ، والاستفرار حلّ مكان الغزو ، والدّلال والمحبّة حلّت مكان الوأد ، فجزاك الله يا رسول الله عنّا خيرا ، صلّى عليك مليك السماء.
     1 ـ الوشّاء عن أحمد بن عائد ، عن أبي خديجه عن أبي عبد الله عليه أفضل السلام ، قال :جاء رجل الى النبي صلّى الله عليه وآله وسلم ، فقال:اني قد ولدت بنتا ، وربيتها ، حتى اذا بلغت ، فألبستها ، وحلّيتها ، ثم جئت بها الى قليب فدفعتها في جوفه ، وكان آخر ما سمعت منها ، وهي تقول : يا أبتاه !‍ فما كفّارة ذلك ؟ قال صلى


(65)
الله عليه وآله : ألك أمّ حيّة ؟ قال : لا قال الله عيله وآله وسلّم : فلك خالة حيّة ، قال : نعم ، قال صلى الله عليه وآله وسلّم : فأبررها ، فانها بمنزلة الأم ، يكفّرعنك ما صنعت ، قال أبو خديجه : قلت لأبي عبد الله صلوات الله عليه :متى كان هذا ؟ فقال عليه السلام :كان في الجاهليّة ، وكانوا يقتلون البنات مخافة أن يسبين ، فيلدون في قوم آخرين .... . الكافي ، ج 2 ، ص 130 ، باب البر ، الحديث 8.


(66)
موجبات الرحمة على الوالد
     ان الانسان مهما كانت له حسنات ومهما عمل الخيرات فانه مع ذلك محتاج كل الاحتياج الى رحمة الله تعالى. ولاينبغي ان يكتفي الانسان بما قدّم ايام حياته لآخرته ، صحيح أنّ السراج يوضع أمام المرء ليرى طريقه ولكن الاحتياج اكثرمما يتصور ، فعليه ينبغي للرجل النبيه أن لايقصّر في تربية ولده كي ينشأ نشأة صالحة حتى يكون بعده سببا لغفران ذنوب والديه بطلب المغفرة والدعاء ولاينقطع الثواب بعد الوفاة.
     1 ـ قال رسول الله صلى الله عليه وآله : سبعة اشياء يكتب للعبد ثوابها بعد وفاته : منها : وخلّف ولداً صالحا يستغفر له بعد وفاته.. معدن الجواهر ، باب ذكر ما جاء في سبعة ، ص 59.
     2 ـ روي عن العالم عليه السلام أنه قال: ثمانية اشياء من كن فيه أدخله الله تعالى الجنة ونشر عليه الرحمة : منها : وأحسن تربية ولده .... معدن الجواهر ، باب ذكر ما جاء في ثمانية ص64.
     3 ـ قال نبي الرحمة صلى الله عليه وآله وسلّم : رحم الله ولدا اعان ولده على برّه ... غوالي الدرر ، حرف الراء ، ص 77.


(67)
     4 ـ وفي الخصال عن امير المؤمنين عليه الصلاة والسلام قال : ما من الشيعة عبد يقارف نهيناه عنه فيموت حتى يبتلى ببلية تمحص بها ذنوبه ، اما في مال واما في ولد ، وامّا في نفسه ، حتى يلقى الله عزوجل وماله ذنب ، وانّه ليبقى عليه الشيء من ذنوبه فيشدّد عليه عند موته ... تسليه الفوآد ، في سكرات الموت ، ص 47.
     5 ـ وعن الصادق عليه السلام ، عن آبائه عليهم السلام ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم : مرّ عيسى بن مريم بقبر يعذّب صاحبه ، ثم مرّ به من قابل فاذا هو ليس يعذب ، فقال على نبينا وآله وعليه السلام : يا ربّ مررت بهذا القبر عام أول فكان صاحبه يعّذب ، ثم مررت به العام فاذا هو ليس يعذّب ، فأوحى الله عزّوجل اليه : يا روح الله أنه اردك له ولد صالح ، فأصلح طريقا ، وآوى يتيما فغفرت له بما عمل ابنه .... تسلية الفوآد ، في احوال البرزخ ، ص 86.
     6 ـ في الخصال ابواب الستة ص 263 ، الحديث 9. مسندا عن الصادق عليه السلام قال: ست خصال ينتفع بها المؤمن بعد موته : ولد صالح يستغفر له ، ومصحف يقرأ فيه ، وقليب يحفره ، وغرس يغرسه ، وصدقة ماء يجريه ، وسنة حسنة يؤخذ بها من بعده .... تسلية الفوآد فيما يلحق الرجل بعد موته ص 134.
     7 ـ وفي البحار مسندا عن الصادق عليه السلام قال: ليس يتبع الرجل بعد موته الى يوم القيامة من الأجر الاّ ثلاث خصال : صدقة أجراها في حياته فهي تجري بعد موته الى يوم القيامة صدقة موقوفة لا


(68)
تورث ، أو سنة هدى سنّها فكان يعمل بها وعمل بها في بعده غيره او ولد صالح يستغفرله .... تسلية الفوآد : نفس المصدر.
     8 ـ وعن الصادق عليه السلام ، قال : خير ما يخلفه الرجل بعده ثلاثة : ولد باّر يستغفر له ، وسنّة خير يقتدي به فيها ، وصدقة تجري من بعده .... تسلية الفوآد ، نفس المصدر.

سخط الله ورضاه
     جاء في تاج العروس : السخط : ضد الرضا : وهو الكراهة للشيء وعدم الرضا به. وقد سخط : كفرح. يسخط سخطا وتسخط ، اي كره وتكرّه ، والمسخوط المكروه. وتقول كلما عملت له عملا تسخطه أي تكّرهه ولم يرضه. وهناك اعمال تصدر من العبد لم يكن لله فيها رضا فيسخطها بل ويسخط العبد كذلك. منها الولد يسخط والديه
     1 ـ عن الراوندي ، عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم أنّه قال : من أسخط والديه فقد اسخط الله ، ومن اغضبهما فقد اغضب الله (( تعالى )) ... ذرايع البيان ص 200 ، تكملة.


(69)
جند العقل
     انّ للعقل جنودا يحرسونه من الآفات ، ويساعدونه في الملمّات ، ولقد منّ الله تعالى على العقل بهذه الجنود المجنّدة كي لاتبقى عليه حجة ، وله الحجة البالغة تبارك ، وتعالى وفي هاتيك الجنود ـ وقد ذكرها المسعودي في كتابه اثبات الوصيّة ـ
     1 ـ هو البر بالوالدين :
     ( اقول ) ثم بلغ عدد الجنود كما عدّها ( 81 ) جنديا كل منهم يكفي لأن يقود الانسان الى شاطئ الخير والسلامة والسعادة.


(70)
الشّكر
     من الواجب على كل ذي لبّ شكر المنعم وقد اوجبه العقل والنقل. أما العقل : لاشك ولاريب أنه يحكم بوجوب الشكر عند اسدآل النعمة ، ومن لم يشكر المنعم فقد ظلمه. وأما النقل : فقد جاء في الأخبار الكثيرة ما يدل على وجود شكر المنعم ، وأنّ هل جزاء الأحسان الاّ الاحسان ، وأن من لم يشكر المخلوق لم يشكر الخالق. ثم من يستحق الشكر بعد الله سبحانه وتعالى اكثر من الوالدين ، فانهما السبب الظاهري في وجود الانسان وأي نعمة هي أولى واكبر وأفضل من نعمة الوجود وكان الانسان معدما لولا اقتضاء حكمه الله عزّو جل جعل الابوين جزء علة ايجاده ، فعليه يجب الشكر للوالدين كما يجب لله تعالى. وهو القائل تعزّز وتقدس : أن اشكر لي ولوالديك الىّ المصير ( لقمان ـ 14 ).
     1 ـ حدثنا محمّد بن علي ما جيلويه ( رض) قال: حدّثني أبي عن احمد ين أبي عبد الله البرقي ، عن السياري ، عن الحارث بن ولهاث ، عن ابيه ، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: ان الله عزّ وجلّ أمر بثلاثة ، مقرون بها ثلاثة أخرى : أمر بالصلاة والزكوة فمن صلى ولم يزكّ لم تقبل منه صلاة ، وأمر بالشكر له وللوالدين فمن لم يشكر والديه لم يشكر الله ، وأمر باتقاء الله وصلة الرحم فمن لم يصل رحمه لم يتق الله عزوجّل ... الخصال باب الثلاثة ، ص 123 الحديث
الاثر الخالد في الولد والوالد ::: فهرس