(21)
العباد هي الواسطة التي أثبتها الإمامية ، وسائر الفرق من المسلمين الذين أثبتوا للنبي الشفاعة المطلقة ، بل أقول : إن النكتة في العدول من الخطاب إلى الغيبة هي الإشارة والدلالة على أن هذا المقام الكريم ، وغفران الله باستغار الشفيع غير مختص بشخصية النبي. وإنما هو عام لكل سفير ، ومن له جهة القرب من الله. المقتضية للأهلية للشفاعة.
     ومنها : قوله تعالى ـ حكاية من أولاد يعقوب ـ : ( يا أبانا استغفر لنا ذنوبنا إنا كنا خاطئين ) ، وقول يعقوب : ( سوف أستغفر لكم ربي ) ، فإنه صريح في سؤالهم وتوسلهم بأبيهم إلى الله في الاستغفار وطلب العفو ، ونزول الرحمة في الدنيا قبل الآخرة.
     ومنها : ما تضمن الأمر باستغفار النبي صلى الله عليه وآله وسلم للمؤمنين من قوله تعالى : ( واستفغر لذنبك وللمؤمنين ) وقوله سبحانه : ( وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم ) ومن المعلوم أن الأمر به يلازم جواز الاستشفاع بالنبي لأنه لا يأمر بالشرك والكفر ، أيأمركم بالكفر بعد إذا أنتم مسلمون ؟
     وقول ابن عبد الوهاب : « إن الله أعطى نبيه الشفاعة ، ولكن نهاك عن الاستشقاع به ! » كلام شعري ، مبناه الخيال ، فإنه مثل أن يقول : إن الله تعالى أعطى نبيه صلى الله عليه وآله وسلم يوم القيامة سقاية الحوض ، ولكن نهى الناس من الورود عليه والاستسقاء منه !
     أو يقول : إن الله تعالى أكرم العباس ( عم النبي ) بسقاية الحاج ، ولكن نهى الحاج عن الوفود عليه !! فهل يجد الإنسان لمثل هذا الكلام معنى وأنه إذا راجع وجدانه يرى أنه إذا قال السلطان لبعض غلمانه : ( إني فوضت إليك


(22)
تولية أمور رعيتى ، ولكن نهيت الرعية عن المراجعة إليك في أمورهم ) عد كلامه هذا سفهاً ولغواً. جواز الاستشفاع بالنبي والأئمة
     ومنها : قوله تعالى : ( من يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب منها ) دلت. على جواز وقوع الشفاعة الحسنة من المؤمنين ، بعضهم في حق بعض ، ومتى جاز التوسل بالشفيع ولو كان ذلك شركا لما صح الإذن في الشفاعة لا عقلا ولا سمعاً ، مع أنها مأذون فيها ، ومرغب إليها بقوله سبحانه : يكن له نصيب منها.
     والوجه في ذلك : أن الشفاعة عبارة عن اجتماع الشفيع مع المشفوع له في الدعاء والمسألة ، إذ الشفاعة مشتقة من الشفع وهو أن يصير الإنسان نفسه شفعاً لصاحب الحاجة ، كي يجتمع معه على المسألة من الله تعالى ، فهي دعاء وطلب من الله تعالى ، وطلب لدعاء الشفيع إلى الله ، لا دعاء مع الله ، والآية دالة على حرمة الدعاء مع الله ، لا الدعاء من الله تعالى ، وأين من ذاك ؟
     ومن السنة : ما في البخاري ـ في باب : إذا استشفعوا إلى الأمام ليستسقي لهم لم يرهم ـ وباب : إذا استشفع المشركون بالمسلمين عند القحط ـ فراجع.
     فإن قلت : إن الله حكم بكفر عبدة الأوثان ، وشركهم ، لأجل قولهم هؤلاء شفعاؤنا عند الله. قلت : نعم ، إن الله حكم بكفر هؤلاء. لكن منشأ كفرهم أحد الأمرين : إما بغيهم وعتوهم على الله بجعلهم من لا أهلية له من جانب الله شفيعاً ووسيلة يتوسلون بها إلى الله.


(23)
     وإما عبادتهم لذلك الشفيع ، حيث قالوا : ( وما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى. ) وأين هذا من جعل الأنبياء شفعاء ، لا شركاء معه في الدعاء ، فإن الاستشفاع بهم لا يكون كفراً ولا شركا لوجهين ؛ بين مجمل ومفصل :
     أما الوجه الأول فهو أن للإمامية ـ بل وقاطبة المسلمين الذين يجوزون الاستشفاع ـ سؤالا من ابن عبد الوهاب ، وهو أنه هل ثبتت الشفاعة في الشريعة أم لا ؟. فإن قال : لا. أنكر ما أقر به أولا : من أن الشفاعة أعطاها الله غير النبي أيضاً وأنكر على الله ما في القرآن ، وإن قال : نعم. قلنا له هل الشفيع شريك مع الله في المغفرة ؟ أو أنه شريك مع المشفوع له في طلب المغفرة ، فإن قال بالأول فقد أثبت لله سبحانه الشريك ، وصار إلى ما فر منه ، وإن قال بالثاني أقر بالحق الذي عليه المسلمون ، وإن قال بالفرق بين الدنيا والآخرة قلنا له : إن ما يكون شركا في الدنيا لا يكون طاعة في الآخرة ، وإن الشرك شرك وقبيح في الدنيا والآخرة.
     وأما الوجه التفصيلي الثانوي فهو أنه لو كان التوسل بالشفيع عبادة له لما جاز الأمر بالتوسل في قوله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا اليه الوسيلة ) فإن المراد بالوسيلة ما يتوسل به إلى الله تعالى ، ولا يختص بالأفعال العبادية ، أو مطلق الطاعة ، أو الكتاب والسنة ، بل اللفظ بظاهره عام ، لا معدل عنه.
     فيعم مطلق الوسائل التي أمر الله تعالى باتباعها ، والاعتصام بها ، من الأنبياء الذين هم حبل الله الممدود من السماء في قوله تعالى : ( واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا ) .


(24)
     فإن المراد من الحبل في الآية هي الواسطة بين الله تعالى وبين عبادة شبهت بالحبل الرابط بين الشيئين.
     فقول الوهابية : إن الواسطة ملغاة في الشريعة : يرده الكتاب والسنة الواردة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في أهل بيته واصحابه بطرق صحيحة ، مثل قوله صلى الله عليه وآله وسلم : « أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم » وقوله صلى الله عليه وآله وسلم : « مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح ، من ركبها نجى ، ومن تخلف عنها غرق » وقوله صلى الله عليه وآله وسلم في الحديث المتواتر : « إني تارك فيكم الثقلين : كتاب الله وعترتي ، ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا أبداً ».
     ومعنى التمسك بهما التوسل بهما في الشدائد ، وجعلهما سبباً للنجاة من الهلكة في الدنيا والآخرة.
     ثم إن الجواب عما استدل به الوهابي من قوله تعالى : ( فلا تدعوا مع الله أحداً ) هو أن المنفي بالآية الدعوة مع الله ، دون الدعوة من الله بواسطة الشفيع ، وطلب دعائه أيضاً إلى الله ، حسبما ذكرنا. على أن المراد من النهي الانتهاء من جعل الشريك لله تعالى في العبادة ، بقرينة قوله سبحانه : ( وإن المساجد لله ، ) فالمعنى كما عن المفسرين قاطبة : إن المساجد لله ، فلا تعبدوا مع الله غيره ، كما في قوله تعالى : ( ولا تدعوا مع الله إلهاً آخر ) وهذا يقوله كل مخلص في عبادته ، ولكنه لا دخل بمسألة الاستشفاع فإن الاستشفاع نظير طلبك من المقرب عند الملك أن يشاركك في طلب مسألتك من الملك.
     وأما الجواب عن الآيات الأخر : مثل قوله تعالى : ( لا يملكون الشفاعة إلا من اتخذ عند الرحمن عهداً ) ، وقوله تعالى : ( ولا يشفعون إلا لمن ارتضى ) فنقول :


(25)
المناقشة مع الوهابيين
     إن مقتضى الآية الأولى ثبوت الشفاعة لمن اتخذ عند الرحمن عهداً ، أي إيماناً ، فالمؤمنون يملكون الشفاعة ، كما أن مقتضى الآية الثانية ثبوت الشفاعة بعد الإذن والرضا من الله تعالى ، ونحن نقول به للأنبياء والأولياء ، ولو كان شركا لما جاز الإذن والرضا بالشفاعة ، نعم لا يجوز القول بأنه : يا محمد يا رسول الله اغفرلي ذنبي. وذلك لأنه لا يغفر الذنوب إلا الله ، وجميع المسلمين على ذلك ، وأما القول بأنه : يا محمد اشفع لي عند ربك. فليس من الشرك ، إذ الشرك هو أن تدعوه مع الله في حاجتك ، لا أن تسأله أن يدعو الله في غفران ذنوبك.
    ثم إن ابن عبد الوهاب لما لم يعلم حقيقة العبادة توهم أن طلب الشفاعة من الشافعين يكون من عبادة الصالحين ، وهذه غفلة منه عن أن العبادة عبارة عن وقوف العبد بين يدي معبوده ، وإظهار غاية الخضوع والخشوع ، لا مطلق التعظيم والخضوع ، ولذا لم يذهب أحد من المسلمين بأن تعظيم المؤمنين أو الأنبياء والمرسلين حال حياتهم من عبادة الصالحين ، ومثل هذا الاستشفاع بهم إلى الله حال حياتهم وبعد مماتهم ، فمن يعبد الله ويوحده لا يجد من نفسه حين ما يطلب من النبي صلى الله عليه وآله وسلم الشفاعة أن يعبده في ذلك ، ولعل ابن عبد الوهاب رأى أن رواج مذهبه منوط برمي المسلمين بالشرك دون من ينسب إليه ، فرماهم بما لا يتفوه به إلا جامد أو معاند ، فقال في رسالته « كشف الشبهات » ما حاصله : إن الطلب من الشفيع ينافي الإخلاص في التوحيد الواجب على العباد بقوله تعالى : ( مخلصين له الدين ) ، وقوله سبحانه : ( ادعوا ربكم تضرعا ) .


(26)
     وإن الوقوف على قبر محمد صلى الله عليه وآله والاستشفاع منه من جعل الآلهة ، فهم يصيحون كما صاح إخوانهم : أجعل الآلهة إلهاً واحداً إن هذا لشئ عجاب !! !
     فيا للعجب من هذا التقحم والتهاجم على المسلمين الموحدين ، وقد عرفت دفعه والجواب عنه بما حاصله : إن دعوة الشفيع بعد ثبوت الإذن والرضا من الله تعالى لا تنافي دعوة الله تعالى. ولا تنفك عنها ، كما أن إطاعة الرسول لا تنفك عن إطاعة الله تعالى في قوله تعالى : ( ومن يطع الرسول فقد أطاع الله ) فمن ادعي المنافاة فقد أبطل جعل الشفيع من الله ، وهذا إنكار على الله ، ولا نقول بأنه يصيح كما صاح إخوانه : إنا كفرنا بالذي أرسلتم به ، وإنا به لكافرون بل نقول : سيعلمون غداً من اصحاب الصراط السوي ومن اهتدى. استدرك في الشفاعة (1)
     وهو أن الشيخ سليمان بن سحمان ذكر كلاما طويلا في كتاب « الهدية السنية » صحيفة 64 إلى أواخر 68 ، وعنوانه : « لا الشفاعة الشرعية أو الشفاعة الشركية والشفاعة الحق »... ثم أورد جملة من الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة الدالة على وقوع الشفاعة التي من جملتها قوله تعالى : ( من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه ) ، : ( يومئذ لا تنفع الشفاعة إلا من أذن له الرحمن ورضى له قولا ) ، ( وكم من ملك في السموات لا تغني شفاعتهم شيئاً إلا من بعد أن يأذن الله لمن يشاء ويرضى ) .
(1) استدرك المؤلف هذا الموضوع في آخر الكتاب مما يظهر أنه كتبه بعد انتهائه في تأليفه وحيث أعدقا طباعة الكتاب الثالثة رأينا إلحاقه بموضوعه أليق. الناشر




(27)
ومنها حديث الصحيحين ، وفيه : إن الله يقول لرسوله أربع مرات : يا محمد ارفع رأسك وقل يسمع واشفع تشفع.
     ورواية البخاري عنه صلى الله عليه وآله وسلم : أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة من قال : ( لا إله إلا الله ) خالصاً من قلبه.
     ورواية الترمذي وابن ماجة عنه صلى الله عليه وآله وسلم : أتا بى آت من عند ربي فخيرني بين أن يدخل نصف أمتي الجنة وبين الشفاعة فاخترت الشفاعة ، وهي لمن مات لا يشرك بالله شيئاً.
     أقول : وقد مر عليك حديث استسقاء عمر بالعباس ، وحديث توسل الأعمى إلى الله بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم وحديث توسل آدم عليه السلام حيث قال يارب أسألك بحق محمد ألا غفرت لي. فقال الله : كيف عرفت محمداً ولم أخلقه بعد ؟ قال : رأيت على قوائم العرش مكتوبا : ( لا إله إلا محمد رسول الله ) فقال الله : وإذا سألتني يحقه فقد غفرت لك.
     وقد صح في الحديث : إن في هذه الأمة المرحومة شفعاء إلى الله ، وإن منهم من يشفع لأكثر من ربيعة ومضر ، وللفتام والقبيلة.
     واذا عرفت أدلة شفاعة النبي والأئمة البالغة حد التواتر ، وأمعنت النظر فيها ، علمت أن الاستشفاع الذي عليه المسلمون خلفاً عن سلف إنما هو على قسمين :
     ( أحدهما ) أن يقدموا النبي أو الولي الوجيه عند الله أمام طلب الحاجة بأن يقسم على الله به وبحقه في الفضل والإيمان والطاعة لله ، كما جاء في حديث ابن عمر في توسل آدم وما روي : من أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم علم الضرير التوجه إلى الله به


(28)
صلى الله عليه وآله وسلم ، وأن يطلب من الله أن يشفعه فيه ، كما أسنده أحمد عن عثمان بن حنيف ، وكذا ابن ماجة والترمذي وصححه ، وكذا الحاكم في مستدركه والسيوطي في جامعه ، وكما رواه البخاري من استسقاء عمر بالعباس وتوسله إلى الله به.
     ( وثانيهما ) أن من له حاجة الى الله يطلب من النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يسأل الله قضاءها ويرجو منه أن يشاركه في الدعاء إلى الله ومسألة تلك الحاجة منه جل وعلا ، يفعل ذلك السائل اعتماداً على وجاهة الشفيع عند الله وقربه من الله تعالى.
     وإن المسلم الذي يؤدي الشهادتين مخلصاً هو الذي أذن الله نبيه بالشفاعة كما دلت عليه روايات البخاري والترمذي وابن ماجة ، وكذا روايتا الحارث ابن قيس وأبي سعيد عنه صلى الله عليه وآله وسلم.
     هذا هو ما عند المسلمين في التوسل والاستشفاع لا غيره ، وقد جاء به الكتاب والسنة ، ومن نسب غير ذلك إليهم فقد افترى عليهم؛ إما جهلا بما عليه المسلمون في توسلهم واستشفاعهم اعتماداً على الكتاب والسنة ، وإما عناداً لرسول الله وأوليائه في بقاء كرامتهم في الإسلام ولياقتهم للاستشفاع بأحد القسمين المذكورين ، وإما تمويهاً وتلبيساً على بعض العوام للاستعانة بهم على ما حرمه الله من دماء المسلمين وأعراضهم وأموالهم.
     والعجب أن الشيخ سليمان ذكر الآيات الواردة في الاستشفاع بالأوثان والأصنام ، فحاول أن يتشبت بها لنفي الشفاعة ، حتى نسب إلى المسلمين الشرك والكفر ، والحال أنه من آيات الشفاعة بإذن الله وأحاديثها ما بلغ التواتر. ومعلوم أن عمل المسلمين على مقتضى دلالتها،فاللازم على الشيخ شرعا


(29)
الحكم بمقتضاها ، فيجعل بتدبر القرآن والأحاديث ما للمسلمين (1) وما على المشركين على المشركين ، ولا يجاول بقياسه أن يخلط الإيمان بالشرك والمشروع بالمحظور وما أذن فيه لمن يرتضيه بما يسخطه وينفيه ( ما هكذا تورد ياسعد الإبل ).
     فإن المسلمين يقولون : إن الله هو إلهنا ومعبودنا ، وهو الذي أذن لنبيه في الشفاعة لنا ، ومع ذلك ليس لك من الكتاب والسنة حاجز عن قولك في صحيفة 66 : إن الكتاب والسنة دلا على أن من جعل الملائكة والأنبياء أو ابن عباس أو أبا طالب أو المحجوب وسائط بينهم وبين الله ليشفعوا لهم عند الله لأجل قربهم من الله ـ كما يفعل عند الملوك ـ أنه كافر مشرك حلال الدم والمال وإن قال : اشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله وصلى وصام.
     ياشيخ : إن عمر استشفع بالعباس إلى الله في الاستسقاء فماذا تقول ؟؟ وكل أحد يعلم أن استشفاع المسلمين بالانبياء والأولياء إلى الله إنما هو على نهج استشفاع عمر بالعباس ، وماذا تريد يقولك « كما يفعل عند الملوك » فهل تريد بذلك ما زعمته في صحيفة 667 : من أن الشفاعة عند الملوك إنما تكون لأخبارهم بما يجهلونه من حال الرعية ، أو لعجزهم عن تدبير رعيتهم ، أو لخوفهم من الشفيع أو حاجتهم إليه ؟
     فأنا وسائر المسلمين نخبرك أنه ليس في المستشفعين إلا من يعتقد أن الله هو العالم بكل شئ والقادر على كل شئ ، وأنه اذن لأوليائه بالشفاعة للمسلمين
(1) للمسلمين.
(30)
رحمة منه بهم وكرامة للشفيع عنده كما أوضحناه ، وحاشا أن يستشفع المسلمون بالنحو الذي تزعمه في شفاعة السلاطين.
     على أن شفاعة الملوك لا تنحصر بما زعمته ، فإن الملك قد يكون تشفيعه رحمة للرعية وإكراماً للشفيع من دون جهل ولا عجز ولا خوف ولا حاجة.
     يا شيخ : أبيت إلا أن تقول : كافر مشرك حلال الدم والمال وإن شهد الشهاديتن وصام وصلى ، فإن لسانك في فمك وقلمك بيدك وما الله بغافل عما تعملون وهو المستعان على ما تصفون. ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
    
المسألة الثانية في التوسل
كلام الوهابيين في التوسل
     قالت الوهابية : لا يجوز التوسل بالموتى ممن ثبتت مكانته عند الله ورفع الحوائج إليهم. محتجين ـ تارة ـ كما عن ابن عبد الوهاب بأنه خطاب لمعدوم ، وذلك قبيح عقلا ، لعدم قدرة الميت على الإجابة ، و ـ اُخرى ـ كما عن ابن تيمية : بأنه شرك. قال في : 1/11 من منهاج السنة : والذين تدعون من دونه لا يملكون من قطمير ، إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ، ويوم القيامة يكفرون بشرككم ، ولا ينبئك مثل خيبر.
     وقالت الإمامية : يجوز سؤال النبي صلى الله عليه وآله وسلم والأئمة قضاء الحوائج وتفريج الكرب بعد موتهم ، كما يجوز ذلك حال حياتهم ، لعدم كون ذلك من خطاب المعدوم أولا ، ولا كونه شركا ثانياً.
     أما عدم كون نداء الأموات توجيهاً للخطاب نحو المعدوم : فلأن