ولماذا ساوى عمر بين أصحاب الشورى ، ولما قيل له : استخلف.
قال : ما أجد أحدا أحق بهذا الأمر من هؤلاء النفر أو الرهط الذين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راض ، فسمى عليا وعثمان والزبير وطلحة وسعدا وعبد الرحمن ؟! صحيح البخاري 5 : 267.
وأين هذا من قول عبد الرحمن بن عوف لعلي وعثمان : إني قد سألت الناس عنكما فلم أجد أحدا يعدل بكما أحدا.
وقوله : أيها الناس إني سألتكم سرا وجهرا بأمانيكم فلم أجدكم تعدلون بأحد هذين الرجلين إما علي وإما عثمان ؟! (1).
ولماذا بدء عبد الرحمن بن عوف بعلي عليه السلام أولا للبيعة وقدمه على عثمان يوم الشورى غير أنه اشترط عليه صلوات الله عليه القيام بسيرة الشيخين فلم يقبله وقبله عثمان فبايعه على ذلك ؟ (2) وقد مر الكلام حول هذا الشرط في الجزء التاسع ص 88 ، 90 ط 2.
ولماذا قال أبو وائل لعبد الرحمن بن عوف : كيف بايعتم عثمان وتركتم عليا ؟ أخرجه أحمد في مسنده ص 75.
ولماذا قال معاوية : إنما كان هذا الأمر لبني عبد مناف ، لأنهم أهل رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم ولى الناس أبا بكر وعمر من غير معدن الملك والخلافة.
يأتي تمام كلامه في هذا الجزء.
ولماذا قال العباس عم النبي لعلي عليه السلام يوم قبض النبي صلى الله عليه وسلم : أبسط يدك فلنبايعك ؟ (3).
ولماذا قال العباس لأبي بكر : فإن كنت برسول الله طلبت ؟ فحقنا أخذت ، و إن كنت بالمؤمنين طلبت ؟ فنحن منهم ، متقدمون فيهم.
وإن كان هذا الأمر إنما يجب لك بالمؤمنين ؟ فما وجب إذ كنا كارهين ؟ إلى آخر ما مر في ج 5 : 320 ط 1.
ولماذا تقاعد عمار وشتم أبا سرح لما قال : إن أردت أن لا تختلف قريش فبايع
1 ـ تاريخ الطبري 5 : 40 ، تاريخ ابن كثير : 164.
2 ـ مسند أحمد 1 : 75 ، تمهيد الباقلاني ص 209 ، تاريخ الطبري 5 : 40 ، تاريخ الخلفاء للسيوطي ص 104 ، الصواعق ص 63 ، فتح الباري 13. 168.
3 ـ تاريخ ابن عساكر 7 : 245.
(12)
عثمان ؟ وخالف مقداد وجمع آخر من عيون الصحابة عن بيعة عثمان وتمت بالإرهاب والترعيد وقال عمار لعبد الرحمن : إن أردت أن لا يختلف المسلمون فبايع عليا.
فقال المقداد : صدق عمار إن بايعت عليا قلنا سمعنا وأطعنا (1) وقال علي لعبد الرحمن : حبوته حبو دهر ليس هذا أول يوم تظاهرتم فيه علينا ، فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون والله ما وليت عثمان إلا ليرد الأمر إليك ، والله كل يوم هو في شأن ؟! ( تاريخ الطبري 5 : 37 ).
ولماذا قال سعد بن أبي وقاص لعبد الرحمن بن عوف : إن كنت تدعوني والأمر لك وقد فارقك عثمان على مبايعتك ؟ كنت معك ، وإن كنت إنما تريد الأمر لعثمان ؟ فعلي أحق بالأمر وأحب إلي من عثمان ، بايع لنفسك وأرحنا وارفع رؤسنا ؟!.
أنساب البلاذري 5 : 20 ، تاريخ الطبري 5 : 36 ، الكامل لابن الأثير 3 : 29 ، فتح الباري 13 : 168.
ولماذا قال الزبير : لو مات عمر لبايعت طلحة فوالله ما كان بيعة أبي بكر إلا فلتة فتمت ؟! (2).
ولماذا أجابه الزبير يوم قال عمر : أكلكم يطمع في الخلافة بعدي بقوله ما الذي يبعدنا منها ؟ وليتها أنت فقمت بها ولسنا دونك في قريش ولا في السابقة ولا في القرابة ( شرح ابن أبي الحديد 1 : 62 ) وأين يقع قول علي أمير المؤمنين عليه السلام على صهوة المنبر : أما والله لقد تقمصها ابن أبي قحافة وإنه ليعلم أن محلي منها محل القطب من الرحى ؟! ( إلى آخر الخطبة الشقشقية ) ، إلى كلمات أخرى له تضاد هذه المفاضلة.
ولماذا كان أبو عبيدة أحب إلى رسول الله بعد الشيخين من أصحابه كما في صحيحة جاء بها ابن ماجة في سننه 1 ص 51 ، والترمذي في صحيحه 13 : 126 عن ابن شقيق قال : قلت لعايشة رضي الله عنها : أي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قالت : أبو بكر.
قلت : ثم من ؟ قالت : عمر.
قلت : ثم من ؟ قالت : أبو عبيدة ابن الجراح قلت : ثم من ؟ فسكتت ؟
1 ـ تاريخ ابن جرير الطبري 5 ـ 37 ، الكامل لابن الأثير 3 : 28.
2 ـ أصل الحديث في صحيح البخاري ، راجع شرح بهجة المحافل 1 : 58.
(13)
وأخرجها أحمد في مسنده 6 : 218 ، وابن عساكر في تاريخه 7 : 161.
وشتان بين اختيار ابن عمر وبين ما جاء عن ابن أبي مليكة قال : قيل لعائشة : من كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مستخلفا لو استخلف ؟ قالت : أبو بكر. قيل لها : ثم من ؟ قالت ، عمر. فقيل لها : ثم من ؟ قالت : أبو عبيدة. وانتهت إلى هذه ؟! (1).
وأين كان ابن عمر عن أناس كانوا يفضلون بلال الحبشي على أبي بكر حتى قال : كيف تفضلوني عليه وإنما أنا حسنة من حسناته ؟ (2).
وأنى اختيار ابن عمر من قول كعب بن زهير :
صهر النبي وخير الناس كلهمصلى الصلاة مع الأمي أولهم
وكل من رامه بالفخر مفخورقبل العباد ورب الناس مكفور ؟!
ومن قول ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب :
ما كنت أحسب أن الأمر منتقلأليس أول من صلى لقبلتهموآخر الناس عهدا بالنبي ومنمن فيه ما فيهم ما تمترون بهماذا الذي ردكم عنه ؟ فنعلمه
عن هاشم ثم منها عن أبي حسنوأعلم الناس بالآيات والسنن ؟جبريل عون له في الغسل والكفن ؟وليس في القوم ما فيه من الحسنها إن بيعتكم من أول الفتن
ومن قول الفضل بن أبي لهب :
ألا إن خير الناس بعد محمدوخيرته في خيبر ورسولهوأول من صلى وصنو نبيهفذاك علي الخير من ذا يفوقه ؟
مهيمنه التاليه في العرف والنكربنبذ عهود الشرك فوق أبي بكروأول من أردى الغواة لدى بدرأبو حسن حلف القرابة والصهر
ومن قول عبد الله بن أبي سفيان بن الحارث :
وكان ولي الأمر بعد محمدوصي رسول الله حقا وجاره
علي وفي كل المواطن صاحبهوأول من صلى ومن لان جانبه
1 ـ صحيح مسلم 7 : 110. تاريخ ابن عساكر 7 : 161.
2 ـ تاريخ ابن عساكر 3 : 314.
(14)
ومن قول النجاشي أحد بني الحرب بن كعب من أبيات له :
جعلتم عليا وأشياعهإلى أفضل الناس بعد الرسولوصهر الرسول ومن مثله
نظير ابن هند أما تستحونا ؟وصنو الرسول من العالميناإذا كان يوم يشيب القرونا ؟
ومن قول جرير بن عبد الله البجلي من أبيات له :
فصلى الإله على أحمدوصلى على الطهر من بعدهعليا عنيت وصي النبيله الفضل والسبق والمكرمات
رسول المليك تمام النعمخليفتنا القائم المدعميجالد عنه غواة الأمموبيت النبوة لا يهتضم
ومن قول زجر بن قيس إلى خاله جرير :
جرير بن عبد الله لا تردد الهدىفإن عليا خير من وطئ الحصى
وبايع عليا إنني لك ناصحسوى أحمد والموت غاد ورائح
ومما قيل على لسان الأشعث بن قيس الكندي :
أتانا الرسول رسول الوصيرسول الـوصي وصي النبيوزير النبي وذو صهرهله الفضل والسبق بالصالحات
علي المهذب من هاشموخير البرية من قائموخير البرية في العالملهدي النبي به يأتمي
وأنت ترى من جراء ذلك الاختيار الباطل الذي جاء به ابن عمر أن تدهورت السياسة فصار الانتخاب نصا ، وانقلبت الدمقراطية ـ إن كانت ـ إلى دكتاتورية محضة رضيت الأمة أم غضبت ، ثم عاد الأمر شورى ويا لله وللشورى وسيف عبد الرحمن بن عوف هو العامل الوحيد يوم ذاك ، إلى أن أصبح ملكا عضوضا ، ووصلت النوبة إلى الطلقاء وأبناء الطلقاء ، إلى رجال العبث والفساد ، إلى أبناء الخمور والفجور ، إلى أن تمكن معاوية الخمر والربا من استخلاف يزيد العرة والشره قائلا : من أحق منه بالخلافة في فضله وعقله وموضعه وما أظن قوما ينتهين حتى تصيبهم بوائق تجتث
(15)
أصولهم ، وقد أنذرت إن أغنت النذر (1).
لم يكن لأعيان الأمة ، ووجوه الصحابة ، وصلحاء الملة ، وخيرة الناس في أمر تلكم الأدوار القاتمة حل ولا عقد ، بل كانوا مضطهدين مقهورين مبتزين يرون حكم الله مبدلا ، وكتابه منبوذا ، وفرائضه محرفة عن جهات أشراعه ، وسنن نبيه متروكة.
سبحانك اللهم ما أجرأهم على الرحمن وانتهاك حرمة النبي وكتابه باختيار يضاده نداء القرآن الكريم ، كتاب فصلت آياته قرآنا عربيا لقوم يعلمون ؟ باختيار كذبه ما جاء عن النبي الأقدس صلى الله عليه وآله من النصوص على اختيار الله عليا وإنه أحد الخيرتين ، وإنه خير البشر بعده صلى الله عليه وآله ، وإنه أحب الناس إلى الله وإليه صلى الله عليه وآله ، وإنه منه بمنزلته من ربه ، وإنه منه بمنزلة الرأس من جسده ، وإنه منه بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعده ، وإن لحمه لحمه ودمه دمه والحق معه ، وإن طاعته طاعته ومعصيته معصيته ، وإنه سلم لمن سالمه ، وحرب لمن حاربه (2) وإنه ممسوس في ذات الله (3) إلى نصوص كثيرة تضاد اختيار ابن عمر ومن شاكله في تمني الحديث.
أليست هذه الأحاديث إلى أمثالها المعدودة بالمئات إنكارا من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لقولهم ـ إن كان هناك قول ـ : إذا ذهب أبو بكر وعمر وعثمان استوى الناس ؟ أليست آي المباهلة والتطهير والولاية وأضرابها إلى ثلاثمائة آية النازلة في علي عليه السلام (4) تضاد ذلك القول القارص ؟ هل يستوي الأعمى والبصير ؟ أم هل تستوي الظلمات والنور ؟ (5) هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون ؟ (6) أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا ؟ لا يستوون (7) مثل الفريقين كالأعمى والأصم والبصير والسميع هل يستويان مثلا ؟ (8) أفمن كان على بينة
1 ـ الكامل لابن الأثير 3 : 217.
2 ـ كل هذه الأحاديث مرت في الأجزاء الماضية.
3 ـ حلية الأولياء للحافظ أبي نعيم الاصبهاني 1 : 230.
4 ـ تاريخ الخطيب 6 : 221 ، السيرة الحلبية 2 : 230.
5 ـ سورة الرعد : 16.
6 ـ سورة الزمر : 8.
7 ـ سورة السجدة : 18.
8 ـ سورة هود : 24.
(16)
من ربه كمن زين سوء عمله ؟ (1) أفمن يمشي مكبا على وجهه أهدى ؟ أمن يمشي سويا على صراط مستقيم ؟ (2) قل لا يستوي الخبيث والطيب ولو أعجبك كثرة الخبيث (3) لا يستوي القاعدون من الرجال غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله (4) لا يستوي أصحاب النار وأصحاب الجنة (5) ما يستوي الأعمى والبصير والذين آمنوا وعملوا الصالحات (6) أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها ؟! (7).
1 ـ سورة محمد : 14.
2 ـ سورة الملك : 22.
3 ـ سورة المائدة : 100.
4 ـ سورة النساء : 95.
5 ـ سورة الحشر : 20.
6 ـ سورة غافر : 58.
7 ـ سورة محمد : 24.
(17)
ما هذا الاختيار ؟ وكيف يتم ؟ ولم وبم ؟
هل تدري ما الذي دعى ابن عمر إلى رمي القول على عواهنه ؟ إلى رمي الصحابة بعزوه المختلق ، ونسبة هذا الاختيار المبير إليهم وأنهم تركوا المفاضلة بعد الثلاثة وأنهم قالوا : ثم نترك أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لا نفاضل بينهم.
وقالوا : كنا نقول : إذا ذهب أبو بكر وعمر وعثمان استوى الناس فيسمع النبي صلى الله عليه وسلم ذلك فلا ينكره ؟.
أم هل تدري بماذا تتصور المفاضلة والخيرة ؟ وبم تتم ؟ وأنى تصح ؟ بعد ثبوت ما جاء في الصحاح والمسانيد مرفوعا من أن عليا عليه السلام كان أعظمهم حلما ، وأحسنهم خلقا ، وأكثرهم علما ، وأعلمهم بالكتاب والسنة ، وأقدمهم سلما ، وأولهم صلاة من رسول الله ، وأوفاهم بعهد الله ، وأقومهم بأمر الله ، وأخشنهم في ذات الله ، وأقسمهم بالسوية ، وأعدلهم في الرعية ، وأبصرهم بالقضية ، وأعظمهم عند الله مزية ، وأفضلهم في القضاء ، وأو لهم واردا علي الحوض ، وأعظمهم عناء ، وأحبهم إلى الله ورسوله ، وأخصهم عنده منزلة ، وأقربهم قرابة ، وأولاهم بهم من أنفسهم كما كان رسول الله صلى الله عليه وآله ، وأقربهم عهدا به صلى الله عليه وآله (1) وجبريل ينادي لا فتى إلا علي لا سيف إلا ذو الفقار (2) فهل يبقى هنالك موضوع للمفاضلة بعد هذه كلها حتى يخير فيه الصبي ابن عمر أو غيره ، فيختارون على علي غيره ؟ غفرانك اللهم وإليك المصير.
قال الجاحظ : لا يعلم رجل في الأرض متى ذكر السبق في الاسلام والتقدم فيه ، ومتى ذكرت النجدة والذب عن الاسلام ، ومتى ذكر الفقه في الدين ، ومتى ذكر الزهد في الأموال التي تتناصر الناس عليها ، ومتى ذكر الاعطاء في الماعون ، كان مذكورا في هذه الخصال كلها إلا علي رضي الله عنه.
ثمار القلوب للثعالبي ص 67.
لست أدري كيف ترك المخيرون أصحاب محمد بعد الثلاثة لا تفاضل بينهم ؟ وبماذا استوى الناس وفيهم العشرة المبشرة ؟ وفيهم من رآه رسول الله صلى الله عليه وآله شبيه عيسى في أمته هديا وبر أو نسكا وزهدا وصدقا وجدا وخلقا وخلقا (3).
1 ـ مرت هذه الأحاديث كلها بمصادرها في طيات الأجزاء الماضية.
2 ـ راجع الجزء الثاني ص 54 ـ 56 ط 1 ، و 59 ـ 61 ط 2.
3 ـ هو سيدنا أبو ذر راجع الجزء الثامن.
(18)
وفيهم من كان صلى الله عليه وآله يراه جلدة ما بين عينيه وأنفه ، طيبا مطيبا ، قد ملئ إيمانا إلى مشاشه ، يدور مع الحق أينما دار (1).
وفيهم من رآه صلى الله عليه وآله أثقل في الميزان من أحد ، ويراه رجال الصحابة : أشبه الناس هديا ودلا وسمتا بمحمد صلى الله عليه وآله (2) وفيهم من قربه صلى الله عليه وآله وأدناه وعلمه علم ما كان وما يكون (3) وفيهم من جاء فيه عن النبي صلى الله عليه وآله قوله : من أراد أن ينظر إلى رجل نور قلبه فلينظر إلى سلمان.
وقوله : إن الله عزوجل يحب من أصحابي أربعة أخبرني أنه يحبهم ، وأمرني أن أحبهم : علي ، أبو ذر ، سلمان ، المقداد ، وصح فيه قوله : سلمان منا أهل البيت.
وقال علي أمير المؤمنين : سلمان رجل منا أهل البيت ، أدرك علم الأولين والآخرين ، ما لكم بلقمان الحكيم كان بحرا لا ينزف (4) وفيهم العباس عم النبي صلى الله عليه وآله الذي كان صلى الله عليه وآله وسلم يجله إجلال الولد والده ، خاصة خص الله العباس بها من بين الناس ، وله قال صلى الله عليه وآله : يا أبا الفضل ! لك من الله حتى ترضى.
وخطب صلى الله عليه وآله في قضية فقال : من أكرم الناس على الله ؟ قالوا : أنت يا رسول الله قال : فإن العباس مني وأنا منه. ( مستدرك الحاكم 3 : 325 ).
وجاء في حديث استسقاء عمر بالعباس عام الرمادة (5) إن عمر خطب الناس فقال : يا أيها الناس إن رسول الله صلى الله عليه وآله كان يرى للعباس ما يرى الولد لوالده يعظمه ويفخمه ويبر قسمه ، فاقتدوا أيها الناس برسول الله في عمه العباس ، واتخذوه وسيلة إلى الله عزوجل فيما نزل بكم (6) وفيهم معاذ بن جبل وقد صح فيه عند القوم قول رسول الله صلى الله عليه وآله : إنه أعلم الأولين والآخرين بعد النبيين والمرسلين ، وإن الله يباهي به الملائكة (7).
1 ـ هو سيدنا عمار بن ياسر راجع من الجزء التاسع صحيفة 24 ـ 28.
2 ـ هو سيدنا ابن مسعود راجع من الجزء التاسع صحيفة 7 ـ 11.
3 ـ هو سيدنا حذيفة اليماني راجع ج 5 : 53 ط 1 ، و 60 ط 2.
4 ـ تاريخ ابن عساكر 6 : 198 ـ 203.
5 ـ راجع ما مر في الجزء السابع : 300 ، 301.
6 ـ مستدرك الحاكم 3 : 324 ، 325 ، 329 ، 334.
7 ـ مستدرك الحاكم 3 : 271.
(19)
وفيهم أبي بن كعب وقد صحح الحاكم فيه قول أبي مسهر : إن رسول الله صلى الله عليه وآله سماه سيد الأنصار فلم يمت حتى قالوا : سيد المسلمين. (1) وفيهم أسامة بن زيد حب رسول الله صلى الله عليه وآله وقد جاء فيه عن ابن عمر نفسه في الصحيحين قوله صلى الله عليه وآله لما طعن بعض الناس في أمارته وقد أمره على جيش كان فيهم أبو بكر وعمر : فقد كنتم تطعنون في إمارة أبيه من قبل ، وأيم الله إن كان لخليقا للإمارة ، وإن كان لمن أحب الناس إلي ، وإن هذا لمن أحب الناس إلي بعده (2).
وقوله صلى الله عليه وآله وسلم : أسامة أحب إلي ما حاشا فاطمة ولا غيرها ( مسند أحمد 2 : 96 ، 106 ، 110 ).
إلى أناس آخرين يعدون في الرعيل الأول من رجالات الفضائل والفواضل من أمة محمد صلى الله عليه وآله فهل كان ابن عمر يعرف هؤلاء الرجال ومبلغهم من العظمة وما ورد فيهم عن النبي الأقدس من جمل الثناء عليهم ثم يساوي بينهم وبين من عداهم نظراء أبناء هند والنابغة والزرقاء ؟.
فإن كان لا يدري فتلك مصيبة
وإن كان يدري فالمصيبة أعظم
وكيف يتم هذا الاختيار وقد عزى القوم إلى رسول الله صلى الله عليه وآله : ما من نبي إلا وقد أعطي سبعة نجباء رفقاء وأعطيت أنا أربعة عشر : سبعة من قريش : علي والحسن والحسين وحمزة وجعفر وأبو بكر وعمر.
وسبعة من المهاجرين : عبد الله بن مسعود ، وسلمان ، وأبو ذر ، وحذيفة ، وعمار ، والمقداد ، وبلال ؟ (3) نعم لا يرضى ابن عمر أن يكون علي أمير المؤمنين أفضل من أحد من أصحاب محمد صلى الله عليه وآله حتى بعد عثمان وليد بيت أمية ، قتيل الصحابة العدول ومخذولهم ، ولا يروقه أن يحكم بالمفاضلة بينه عليه السلام وبين ابن هند وإن كان عاليا من المسرفين ، يسمع آيات الله تتلى عليه ثم يصر مستكبرا كأن لم يسمعها ، كأن في أذنيه وقرا ، ولا بينه وبين ابن النابغة
1 ـ مستدرك الحاكم 3 : 302.
2 ـ صحيح البخاري 5 : 279 ، صحيح مسلم 7 : 131 ، صحيح الترمذي 13 : 218 ، مسند أحمد 2 : 20.
3 ـ تاريخ ابن عساكر 5 : 21 ، وفي كنز العمال نقلا عن أحمد وتمام وابن عساكر من طريق علي عليه السلام.
(20)
الأبتر ابن الأبتر ، ولا بينه وبين مغيرة بن شعبة أزنى ثقيف ، ولا بينه وبين أبناء أمية أثمار الشجرة الملعونة في القرآن من وزغ طريد إلى لعين مثله إلى فاسق مستهتر إلى فاحش متفحش ، ولا بينه وبين سلسلة الخمارين رجال الخمور والفجور في الجاهلية أو ـ الاسلام نظراء : أبي بكر بن شغوب. راجع الغدير 7 : 99.
أبي طلحة زيد بن سهل الأنصاري. مسند أحمد 3 : 181 ، 227 ، سنن البيهقي 8 : 286 ، الغدير 7 : 99.
أبي عبيدة ابن الجراح. مسند أحمد 3 : 181 ، سنن البيهقي 8 : 286 ، شرح صحيح مسلم للنووي 8 : 23 هامش إرشاد الساري ، مجمع الزوائد 5 : 52.
أبي محجن الثقفي. تفسير القرطبي 3 : 57 ، الإصابة 4 : 175.
أبي بن كعب. مسند أحمد 3 : 181 ، سنن البيهقي 8 : 286.
أنس بن مالك. غير واحد من الصحاح والمسانيد ، راجع الغدير 7 : 97 ، 101.
حسان بن ثابت. تفسير القرطبي 3 : 56 وهو القائل :
ونشر بها فتركنا ملوكا
وأسدا ما ينهنهنا اللقاء
خالد بن عجير. الإصابة 1 : 459.
سعد بن أبي وقاص. سنن البيهقي 8 : 285 ، تفسير ابن كثير 2 : 95 ، تفسير أبي حيان 4 : 12 ، إرشاد الساري 7 : 104 ، تفسير الخازن 1 : 252 ، تفسير الآلوسي 2 : 11 ، تفسير الشوكاني 2 : 71.