الغدير ـ الجزء العاشر ::: 21 ـ 30
(21)
    سليط بن النعمان.
الامتاع للمقريزي ص 112.
    سهيل بن بيضاء.
منسد أحمد 3 : 227 ، سنن البيهقي 8 : 290 ، الغدير 7 : 99.
    ضرار بن الأزور.
تاريخ ابن عساكر 7 : 31 ، 133.
    ضرار بن الخطاب.
تاريخ ابن عساكر 7 : 133.
    عبد الرحمن بن عمر.
المعارف لابن قتيبة ص 80 ، الغدير 6 : 296 ـ 300 ط 1.
    عبد الرحمن بن عوف.
أحكام القرآن للجصاص 2 : 245 ، مستدرك الحاكم 4 : 142 : وكثير من التفاسير ، وفي الحديث تحريف أشار إليه الحاكم في المستدرك 2 : 307 ، راجع الغدير 6 : 236 ط 1 ، و 252 ط 2.
    عبد الله بن أبي سرح أخي عثمان من الرضاعة.
كتاب صفين ص 180.
    عتبان بن مالك.
تفسير الخازن 1 : 152.
    عمرو بن العاص.
الغدير 2 : 136 ط 2.
    قيس بن عاصم المنقري.
تفسير القرطبي 3 : 56.
    كنانة بن أبي الحقيق.
الامتاع للمقريزي ص 112.
    معاذ بن جبل.
شرح صحيح مسلم للنووي 8 : 232 هامش إرشاد الساري ، الغدير 7 : 99.


(22)
    نعيم بن مسعود الأشجعي.
الامتاع للمقريزي ص 112.
    نعيمان بن عمرو بن رفاعة الأنصاري.
الاستيعاب 1 : 308 ، أسد الغابة 5 : 36 ، تاريخ ابن كثير 8 : 70.
    وليد بن عقبة أخي عثمان لأمه.
الغدير 8 : 123 ـ 128 ط 1.


(23)
بيعة ابن عمر
تارة وتقاعسه عنها أخرى
    هذه عقلية ابن عمر النابية عن إدراك الحقايق ، وهي التي أرجأته عن بيعة مولانا أمير المؤمنين عليه السلام وحدته إلى بيعة عثمان ولم يتسلل عنه حتى يوم مقتله بعد ما نقم عليه الصحابة أجمع خلا شذاذا منهم ، بل كان هو الذي أغرى عثمان بنفسه حتى قتل كما جاء في أنساب البلاذري 5 : 76 عن نافع قال : حدثني عبد الله بن عمر قال قال عثمان وهو محصور : ما تقول فيما أشار به علي المغيرة بن الأخنس ؟ قال : قلت : وما هو ؟ قال : قال : إن هؤلاء القوم يريدون خلعك فإن فعلت وإلا قتلوك فدع أمرهم إليهم.
    قال : فقلت : أرأيت إن لم تخلع هل يزيدون على قتلك ؟ قال : لا.
    قال : فقلت : فلا أرى أن تسن هذه السنة في الاسلام فكلما سخط قوم أميرهم خلعوه لا تخلع قميصا قمصكه الله.
    وفي إثر هذا جاء في الأثر : إن عثمان لما أشرف على الناس فسمع بعضهم يقول : لا نقتله ولكن نعزله قال : أما عزلي فلا وأما قتلي فعسى.
    وهذا من أتفه ما ارتآه ابن عمر فإن أمره عثمان أن لا يخلع نفسه خيفة أن يطرد ذلك جار في صورة عدم الخلع المنتهي إلى القتل الذي هو أفظع من الخلع ، وفي كل منهما سقوط هيبة السلطان وزوال أبهة الخلافة ، غير أن البقاء مخلوعا أخف وطأة وأبعد عن مثار الفتن ، ومن المشاهد الفتن الثائرة بعد قتل عثمان من قاتليه والحاضين عليه والمتخاذلين عنه فمن قائلة : اقتلوا نعثلا. قتل الله نعثلا. تطلب ثاره. ومألبين عليه أخذا بضبعي الهودج يحثان على الهتاف بثارات عثمان ، وموها عليها نبح كلاب الحوأب ، ومتقاعد عنه بالشام حتى إذا أودي به كتب الكتائب وخرج إلى صفين وأزلف إليه من كان يقول لما بلغه أنه محصور : أنا أبو عبد الله قد يضرط العير والمكواة في النار.
    ولما بلغه مقتله قال : أنا أبو عبد الله قتلته وأنا بوادي السباع (1) قال هذا ثم طفق يثب مع معاوية
1 ـ راجع ما مر في الجزء الثاني ص 139 ، والجزء التاسع ص 137 ـ 140.

(24)
يطلب الثار ، وكان من ولائد وقعة صفين مقتل الخوارج بنهروان ، فمن جراء هذه المعامع كانت مجزرة كبرى لزرافات من الصحابة والتابعين ووجهاء الأمصار ورؤساء القبائل وصلحاء المسلمين ، وهل كانت هذه المفاسد إلا ولائد ذلك الرأي الفطير الذي أسدى به ابن عمر للخليفة المقتول ، ولو كان سالم القوم كما أشار إليه المغيرة بن الأخنس فخلعوه بقي حلس بيته ولا ثائر ولا مشاغب ، وبقيت بيوت المسلمين عامرة ولم تكن تنتشر الفتن في البلاد ، قال ابن حجر في فتح الباري 13 : 10 : انتشرت الفتن في البلاد فالقتال بالجمل وبصفين كان بسبب قتل عثمان ، والقتال بالنهروان بسبب التحكيم بصفين ، وكل قتال وقع في ذلك العصر إنما تولد عن شيء من ذلك أو عن شيء تولد عنه.
    وقال في ص 42 : قوله صلى الله عليه وآله وسلم في حق عثمان : بلاء يصيبنه.
    هو ما وقع له من القتل الذي نشأت عنه الفتن الواقعة بين الصحابة في الجمل ثم في صفين وما بعد ذلك.
    ونحن لا نعرف لابن عمر حجة فيما ارتكبه من البيعة والقعود إلا ما نحته له ابن حجر في فتح الباري 5 : 19 بقوله : لم يذكر ابن عمر خلافة علي لأنه لم يبايعه لوقوع الاختلاف عليه كما هو مشهور في صحيح الأخبار ، وكان رأي ابن عمر أنه لا يبايع لمن لم يجتمع عليه الناس ، ولهذا لم يبايع أيضا لابن الزبير ولا لعبد الملك في حال اختلافهما ، وبايع ليزيد بن معاوية ثم لعبد الملك بن مروان بعد قتل ابن الزبير.
    وقال في الفتح أيضا ج 13 : 165 : كان عبد الله بن عمر في تلك المدة إمتنع أن يبايع لابن الزبير أو لعبد الملك كما كان امتنع أن يبايع لعلي أو معاوية ، ثم بايع لمعاوية لما اصطلح مع الحسن بن علي ، واجتمع عليه الناس ، وبايع لابنه يزيد بعد موت معاوية لاجتماع الناس عليه ، ثم امتنع من المبايعة لأحد حال الاختلاف إلى أن قتل ابن الزبير وانتظم الملك كله لعبد الملك فبايع له حينئذ.
    هذه حجة داحضة موه بها ابن حجر على الحقايق الراهنة لتغرير أمة جاهلة ، و لعله اتخذها مما جاء في الحديث من إنه لما تخلف عبد الله بن عمر عن بيعة علي عليه السلام أمر بإحضاره فأحضر فقال له : بايع.
    قال : لا أبايع حتى تبايع جميع الناس.
    قال له علي عليه السلام فأعطني حميلا (1) أن لا تبرح.
    قال : ولا أعطيك حميلا.
    فقال الأشتر : يا أمير المؤمنين !
1 ـ الحميل كفعيل : الكفيل.

(25)
إن هذا قد أمن سوطك وسيفك ، فدعني أضرب عنقه. قال : لست أريد ذلك منه على كره خلوا سبيله. فلما انصرف قال أمير المؤمنين عليه السلام : لقد كان صغيرا وهو سيء الخلق وهو في كبره أسوأ خلقا.
    وروي أنه أتاه في اليوم الثاني فقال : إني لك ناصح إن بيعتك لم يرض بها الناس كلهم ، فلو نظرت لدينك ورددت الأمر شورى بين المسلمين.
    فقال علي عليه السلام : ويحك وهل ما كان عن طلب مني ؟ ألم يبلغك صنيعهم بي ؟ قم يا أحمق ، ما أنت وهذا الكلام ؟ فخرج ثم أتى عليا عليه السلام آت في اليوم الثالث فقال : إن ابن عمر قد خرج إلى مكة يفسد الناس عليك فأمر بالبعثة في أثره فجاءت أم كلثوم ابنته فسألته وضرعت إليه فيه وقالت : يا أمير المؤمنين ! إنما خرج إلى مكة ليقيم بها ، وإنه ليس بصاحب سلطان ، ولا هو من رجال هذا الشأن ، وطلبت إليه أن يقبل شفاعتها في أمره لأنه ابن بعلها فأجابها وكف البعثة إليه وقال : دعوه وما أراد.
    جواهر الأخبار للصعدي المطبوع في ذيل كتاب البحر الزخار ج 5 : 71.
    هلموا معي يا أمة محمد صلى الله عليه وآله نسائل ابن عمر ، هلا بايع هو أبا بكر ولم يجتمع عليه الناس ، وانعقدت بيعته باثنين أو أربعة أو خمسة كما مر في ج 7 ص 141 ط 1 ؟ والاختلاف هنالك كان قائما على ساق ، وهو الذي فرق صفوف الأمة حتى اليوم ، وكان ابن عمر ينظر إليه من كثب ، ثم لحقتها موافقة الناس بالإرهاب في بعض ، وإطماع في آخرين ، وأمر دبر بليل بين لفيف من زبانية الخلافة ، وتمت بعد وصمات مر الايعاز إليها في الجزء السابع ص 74 ـ 87 ، تمت وصدور أمة صالحة واغرة عليها وعلى من تقمصها ، وهو يعلم أن محل علي عليه السلام منها محل القطب من الرحى ، ينحدر عنه السيل ، ولا يرقى إليه الطير.
    وأما أبوه فلم يثبت أمره إلا بتعيين أبي بكر إياه ، فيا عجبا يستقيلها في حياته إذا عقدها لآخر بعد وفاته ، لشد ما تشطرا ضرعيها ، فصيرها في حوزة خشناء يغلظ كلمها ، ويخشن مسها ، ويكثر العثار فيها والاعتذار منها (1) والناس متذمر على المستخلف كلهم ورم أنفه من ذلك قائلين : ما تقول لربك وقد وليت علينا فظا غليظا ؟ ثم
1 ـ جمل لمولانا أمير المؤمنين من خطبته الشقشقية راجع ج 7 : 81 ط 2.

(26)
ألحقت الناس به العوامل المذكورة.
    وأما حديث الشورى ، وما أدراك ما حديث الشورى ؟ فسل عنه سيف عبد الرحمن بن عوف الذي لم يكن مع أحد يومئذ سيف غيره ، واذكر قوله لعلي : بايع وإلا ضربت عنقك أو قوله له : لا تجعلن على نفسك سبيلا كما ذكره البخاري والطبري وغيرهما (1) وزاد ابن قتيبة : فإنه السيف لا غير.
    أو قول أصحاب الشورى لما خرج علي مغضبا ولحقوه : بايع وإلا جاهدناك (2) أو قول أمير المؤمنين : متى اعترض الريب في مع الأول منهم حتى صرت أقرن إلى هذه النظائر ، لكني أسففت إذا سفوا ، وطرت إذا طاروا ، فصغا رجل منهم لضغنه ، ومال آخر لصهره مع هن وهن.
    الخ (3) لكن ابن عمر ـ على زعم ابن حجر ـ لا يرى كل هذه خلافا في خلافة القوم ، ولا في معاوية من إنجاز الأمر بعد أمير المؤمنين علي عليه السلام بين السيف والمطامع ، وفي القلوب منه ما فيها إلى أن لفظ نفسه الأخير ، هذا سعد بن أبي وقاص أحد العشرة المبشرة ومن رجال الشورى الست تخلف عن بيعته ، دخل على معاوية فقال له : السلام عليك أيها الملك فقال له : فهلا غير ذلك ؟ أنتم المؤمنون وأنا أميركم ، فقال سعد : نعم إن كنا أمرناك وفي لفظ : نحن المؤمنون ولم نؤمرك.
    فقال معاوية : لا يبلغني أن أحدا يقول : إن سعدا ليس من قريش إلا فعلت به وفعلت ، إن سعدا الوسط في قريش. ثابت النسب (4).
    وهذا ابن عباس وهو يجابه معاوية ويدحض حجته ، قال عبيد الله بن عبد الله المديني : حج معاوية فمر بالمدينة فجلس في مجلس فيه سعد وفيه عبد الله بن عمر وعبد الله بن عباس فالتفت إلى عبد الله بن العباس فقال : يا أبا عباس إنك لم تعرف حقنا من باطل غيرنا ، فكنت علينا ولم تكن معنا ، وأنا ابن عم المقتول ظلما يعني عثمان وكنت أحق بهذا الأمر من غيري.
    فقال ابن عباس : اللهم إن كان هكذا فهذا ـ وأومأ إلى ابن عمر ـ أحق بها منك لأن أباه قتل قبل ابن عمك.
    فقال معاوية : ولا سواء إن أباه هذا قتله المشركون ، وابن عمي
1 ـ صحيح البخاري باب كيف يبايع الإمام ج 10 : 208 ، تاريخ الطبري 5 : 37 ، 40 ، الإمامة والسياسة 1 : 25 ، الكامل لابن الأثير 3 : 30 ، الصواعق ص 36 ، فتح الباري 13 : 168 ، تاريخ الخلفاء للسيوطي ص 102.
2 ـ أنساب البلاذري 5 : 22.
3 ـ راجع الجزء السابع ص 81.
4 ـ تاريخ ابن عساكر 5 : 251 و ج 6 : 106.


(27)
قتله المسلمون. فقال ابن عباس : هم والله أبعد لك وأدحض لحجتك. فتركه (1).
    وأنكرت عائشة على معاوية في دعواه الخلافة وبلغه ذلك فقال : عجبا لعائشة تزعم أني في غير ما أنا أهله وأن الذي أصبحت فيه ليس لي بحق ، ما لها ولهذا يغفر الله لها إنما كان ينازعني في هذا الأمر أبو هذا الجالس وقد استأثر الله به.
    فقال الحسن بن علي ( عليهما السلام ) أو عجب ذلك يا معاوية ؟ قال : أي والله قال : أفلا أخبرك بما هو أعجب من هذا ؟ قال : ما هو ؟ قال : جلوسك في صدر المجلس وأنا عند رجليك ( شرح ابن أبي الحديد 4 : 5 ).
    وهكذا كان أكابر الصحابة مناوئين له في المدينة الطيبة فأسمعوه النكير ، وسمعوا إدا من القول.
    ورأوا إمرا من أمره ، وشاهدوا منه أحداثا وبدعا في الدين الحنيف تخلد مع الأبد ، وعاينوا منه جنايات على الأمة الإسلامية وصلحائها وعظمائها من هتك و حبس وشتم وسب مقذع وضرب وتنكيل وعذاب وقتل قط لا تغفر له ـ وحاش لله أن يغفرها له ـ دع عمر بن عبد الغزيز يرى في الطيف أنه مغفور له (2) ـ وتذمرت عليه صلحاء أمة محمد صلى الله عليه وآله لما جاء عنه صلى الله عليه وآله وسلم فيه من لعنه والتخذيل عنه ، وأمره الصحابة بقتاله ، وتوصيفه فئته بالقسط وأنها الفئة الباغية ، وقوله السائر الدائر : إذا رأيتم معاوية على منبري فاقتلوه (3) وقوله صلى الله عليه وآله الخلافة بالمدينة والملك بالشام (4) ليت شعري أين كان ابن عمر من هذه كلها ومن قوله صلى الله عليه وآله الحاسم لمادة النزاع : ستكون خلفاء فتكثر.
    قالوا : فما تأمرنا ؟ قال : فوا ببيعة الأول فالأول (5).
    وقوله صلى الله عليه وآله : إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما (6).
    وقوله صلى الله عليه وآله : ستكون هنات وهنات فمن أراد أن يفرق أمر هذه الأمة وهي
1 ـ تاريخ ابن عساكر 6 : 107.
2 ـ سيوافيك تفصيله إنشاء الله تعالى.
3 ـ كنوز الدقائق للمناوي ص 10. أخرجه ابن عدي عن أبي سعيد والعقيلي عن طريق الحسن وسفيان بن محمد من طريق جابر وغيرهم. وسيوافيك الكلام في إسناده إنشاء الله تعالى.
4 ـ تاريخ ابن كثير 6 : 221.
5 ـ صحيح مسلم 6 : 17 ، سنن ابن ماجة 2 : 204 ، سنن البيهقي 8. 144 عن الشيخين ، تيسير الوصول 2 : 35 عن الشيخين أيضا ، مسند أحمد 2 : 297 ، المحلى 9 : 360.
6 ـ صحيح مسلم 6 : 23 ، مستدرك الحاكم 2 : 156 ، سنن البيهقي 8. 144 ، الفصل لابن حزم 4 : 88 ، المحلى 9 : 360 ، تيسير الوصول 2 : 35.


(28)
    جميع فاضربوه بالسيف كائنا من كان. وفي لفظ : فاقتلوه (1).
    وقوله صلى الله عليه وآله : من أتاكم وأمركم جميع على رجل واحد يريد أن يشق عصاكم أو يفرق جماعتكم فاقتلوه (2).
    وقوله صلى الله عليه وآله : من طريق عبد الله بن عمرو بن العاص : من بايع إماما فأعطاه صفقة يده وثمرة قلبه فليعطه إن استطاع ، فإن جاء آخر ينازعه فاضربوا عنق الآخر.
    قال عبد الرحمن بن عبد رب : فدنوت منه فقلت له : أنشدك الله أنت سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وآله فأهوى إلى أذنيه وقلبه بيديه.
    وقال : سمعته أذناي ووعاه قلبي.
    فقلت له : هذا ابن عمك معاوية يأمرنا أن نأكل أموالنا بيننا بالباطل ونقتل أنفسنا ، والله عزوجل يقول : يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما.
    قال : فسكت ساعة ثم قال : أطعه في طاعة الله واعصه في معصية الله (3).
    قال النووي في شرح مسلم هامش إرشاد الساري 8 : 43 : قوله صلى الله عليه وآله : فإن جاء آخر ينازعه فاضربوا عنق الآخر.
    معناه : ادفعوا الثاني فإنه خارج على الإمام ، فإن لم يندفع إلا بحرب وقتال فقاتلوه ، فإن دعت المقاتلة إلى قتله جاز قتله ولا ضمان فيه لأنه ظالم متعد في قتاله. قال : قوله : فقلت له : هذا ابن عمك معاوية. إلى آخره.
    المقصود بهذا الكلام أن هذا القائل لما سمع كلام عبد الله بن عمرو بن العاص وذكر الحديث في تحريم منازعة الخليفة الأول وأن الثاني يقتل فاعتقد هذا القائل هذا الوصف في معاوية لمنازعته عليا رضي الله عنه وكانت قد سبقت بيعة علي فرأى هذا أن نفقة معاوية على أجناده وأتباعه في حرب علي ومنازعته ومقاتلته إياه من أكل المال بالباطل ، ومن قتل النفس ، لأنه قتال بغير حق فلا يستحق أحد مالا في مقاتلته.
1 ـ صحيح مسلم 6 : 22 ، مستدرك الحاكم 2 : 156 ، سنن البيهقي 8. 168 ، 169.
2 ـ صحيح مسلم 6 : 23 ، سنن البيهقي 8 : 169 ، تيسير الوصول 2 : 35 ، المحلى 9 : 360.
3 ـ صحيح مسلم 6 : 18 ، سنن البيهقي 8 : 169 ، سنن ابن ماجة 2 : 467 ، المحلى 9 : 360.


(29)
    وقال ص 40 في شرح قوله صلى الله عليه وآله : ستكون خلفاء فتكثر.
    الحديث : معنى هذا الحديث : إذا بويع لخليفة بعد خليفة فبيعة الأول صحيحة يجب الوفاء بها ، وبيعة الثاني باطلة يحرم الوفاء بها ، ويحرم عليه طلبها وسواء عقدوا للثاني عالمين بعقد الأول أم جاهلين ، وسواء كانا في بلدين أو بلد ، أو أحدهما في بلد الإمام المنفصل والآخر في غيره ، هذا هو الصواب الذي عليه أصحابنا وجماهير العلماء ، وقيل : تكون لمن عقدت في بلد الإمام. وقيل : يقرع بينهم.
    وهذان فاسدان ، واتفق العلماء على أنه لا يجوز أن يعقد لخليفتين في عصر واحد سواء اتسعت دار الاسلام أم لا ، وقال إمام الحرمين في كتابه ( الارشاد ) (1) : قال أصحابنا لا يجوز عقدها لشخصين ، قال : وعندي إنه لا يجوز عقدها لاثنين في صقع واحد وهذا مجمع عليه ، قال : فإن بعد ما بين الإمامين وتخللت بينهما شسوع فللاحتمال فيه مجال ، وهو خارج عن القواطع.
    وحكى المازري هذا القول عن بعض المتأخرين من أهل الأصول ، وأراد به إمام الحرمين ، وهو قول فاسد مخالف لما عليه السلف والخلف ولظواهر إطلاق الأحاديث والله أعلم.
    ا ه‍ فكان من واجب ابن عمر نظرا إلى هذه النصوص أن يبايع عليا ولا يتقاعد عن بيعته وقد بايعه المهاجرون والأنصار والبدريون وأصحاب الشجرة على بكرة أبيهم ، قال ابن حجر في فتح الباري 7 : 586 : كانت بيعة علي بالخلافة عقب قتل عثمان في أوائل ذي الحجة سنة 35 فبايعه المهاجرون والأنصار وكل من حضر وكتب بيعته إلى الآفاق فأذعنوا كلهم إلا معاوية في أهل الشام فكان بينهم بعد ما كان.
    ه‍ وكان من واجب الرجل قتال معاوية الخارج على الإمام الطاهر إن كان هو عضادة الدين آخذا بطقوسه ، تابعا سننه اللاحب ، مؤمنا بما جاء به نبيه الأقدس صلى الله عليه وآله بل الأمر كما قال عبد الله بن هاشم المرقال في كلمة له : فلو لم يكن ثواب ولا عقاب ، ولا جنة ولا نار ، لكان القتال مع علي أفضل من القتال مع معاوية بن أكالة الأكباد. كتاب صفين ص 405.
    متى اختلف في بيعة علي أمير المؤمنين اثنان من رجال الحل والعقد من صلحاء الأمة ؟ ومتى تمت كلمة الأمة في بيعة خليفة منذ اسس الانتخاب الدستوري مثل
1 ـ راجع الارشاد ص 525 طبع مكتبة الخانجي.

(30)
ما تمت لعلي عليه السلام ؟ ولم يكن متقاعس عن بيعته سلام الله عليه إلا شرذمة المعتزلة العثمانيين وهم سبعة وثامنهم ابن عمر كما مر في الجزء السابع ص 142 ، فما الذي جعل بيعة أناس معدودين لم تبلغ عدتهم عشرة إجماعا واتفاقا في بيعة أبي بكر ، وأوجب على ابن عمر اتباعهم ، وحرم عليه التزحزح عنهم ؟ وجعل إجماع الأمة من المهاجرين والأنصار ورجال الأمصار على بيعة علي أمير المؤمنين وتخلف عدة تعد بالأنامل عنها خلافا وتفرقا ؟.
    وليت ابن عمر إن كان لم يأخذ بحكم الكتاب والسنة في الاستخلاف كان يأخذ برأي أبيه فيه وقد سمعه يقول : هذا الأمر في أهل بدر ما بقي منهم أحد ثم في أهل أحد ثم في كذا وكذا ، وليس فيها لطليق ولا لولد طليق ولا لمسلمة الفتح شيء (1).
    وقال في كلام له : لا تختلفوا فإنكم إن اختلفتم جاءكم معاوية من الشام وعبد الله ابن أبي ربيعة من اليمن فلا يريان لكم فضلا لسابقتكم ، وإن هذا الأمر لا يصلح للطلقاء ولا لأبناء الطلقاء (2).
    ولعل هذا الرأي كان من المتسالم عليه عند السلف وبذلك احتج مولانا أمير المؤمنين على معاوية في كتاب له كتب إليه بقول : واعلم أنك من الطلقاء الذين لا تحل لهم الخلافة ، ولا تعقد معهم الإمامة ، ولا يدخلون في الشورى (3).
    وكتب ابن عباس إلى معاوية : ما أنت وذكر الخلافة ؟ وإنما أنت طليق بن طليق والخلافة للمهاجرين الأولين ، وليس الطلقاء منها في شيء (4) وفي لفظ : إن الخلافة لا تصلح إلا لمن كان في الشورى فما أنت والخلافة ؟ وأنت طليق الاسلام ، وابن رأس الأحزاب ، وابن آكلة الأكباد من قتلى بدر.
    ومن كلام لابن عباس يخاطب أبا موسى الأشعري : ليس في معاوية خلة يستحق بها الخلافة وأعلم يا أبا موسى ؟ إن معاوية طليق الاسلام ، وأن أباه رأس الأحزاب ،
1 ـ طبقات ابن سعد ط ليدن 3 : 248 ، فتح الباري 13 : 176 ، أسد الغابة 4 : 387.
2 ـ الإصابة 2 : 305.
3 ـ الإمامة والسياسة 71 وفي ط 81 ، العقد الفريد 2 : 233 وفي ط 284 ، نهج البلاغة 2 : 5 ، شرح ابن أبي الحديد 1 : 248 ، و ج 3 : 300.
4 ـ الإمامة والسياسة 1 : 85 ، وفي ط 97 ، شرح ابن أبي الحديد 2 : 289.
الغدير ـ الجزء العاشر ::: فهرس