الغدير ـ الجزء العاشر ::: 81 ـ 90
(81)
أخيك قد سبت آلهتنا ، وعاب ديننا ، وسفه أحلامنا ، وضلل آباءنا ، فإما أن تكفه عنا ، وإما أن تخلي بيننا وبينه إلخ. (1)
    وكأنه ليس أحد المجتمعين بدار الندوة الذين تفرقوا على رأي أبي جهل من أن يؤخذ من كل قبيلة شاب فتى جليد نسيب وسط ثم يعطى كل منهم سيفا صارما فيعمدوا إلى رسول الله فيضربوه بها ضربة رجل واحد فيقتلوه (2).
    وكأنه غير من أنفق على المشركين يوم أحد أربعين أوقية وكل أوقية اثنان و أربعون مثقالا.
    وكأنه غير من استأجر ألفين من الأحابيش من بني كنانة ليقاتل بهم رسول الله صلى الله عليه وآله سوى من استجاش من العرب (3).
    وكأنه غير من لعنه رسول الله صلى الله عليه وآله يوم أحد في صلاة الصبح بعد الركعة الثانية.
    بقوله : اللهم العن أبا سفيان. وصفوان بن أمية. والحارث بن هشام (4).
    وكأنه غير من لعنه رسول الله في سبعة مواطن لا يتأتى لأي أحد ردها أولها : يوم لقي رسول الله صلى الله عليه وآله خارجا من مكة إلى الطائف يدعو ثقيفا إلى الدين فوقع به و سبه وشتمه وكذبه وتوعده وهم أن يبطش به فلعنه الله ورسوله وصرف عنه.
    الثانية : يوم العير إذ عرض لها رسول الله صلى الله عليه وآله وهي جائية من الشام فطردها أبو سفيان وساحل بها فلم يطف المسلمون بها ولعنه رسول الله ودعا عليه ، فكانت وقعة بدر لأجلها.
    الثالثة : يوم أحد حيث وقف تحت الجبل ورسول الله صلى الله عليه وآله في أعلاه وهو ينادي : أعل هبل.
    مرارا ، فلعنه رسول الله صلى الله عليه وآله عشر مرات ولعنه المسلمون.
    الرابعة : يوم جاء بالأحزاب وغطفان واليهود فلعنه رسول الله وابتهل.
1 ـ سيرة ابن هشام 1 : 277 ، ج 2 : 26.
2 ـ سيرة ابن هشام 2 : 94 ، نصب الراية للزيلعي 2 : 129 ، وأخرجه البخاري في المغازي 2 : 582 ، وفي التفسير بلفظ فلانا وفلانا ولم يسم أحدا تحفظا على كرامة أبي سفيان وشاكلته.
3 ـ تفسير الطبري 9 : 159 ، 160 ، الكشاف 2 : 13 ، تفسير الرازي 4 : 397 ، تفسير الخازن 2 : 192 ، تفسير الآلوسي 9 : 204.
4 ـ تفسير الطبري 4 : 58 ، وأخرجه الترمذي في جامعه كما في نيل الأوطار للشوكاني 2 : 398.


(82)
    الخامسة : يوم جاء أبو سفيان في قريش فصدوا رسول الله صلى الله عليه وآله عن المسجد الحرام والهدي معكوفا أن يبلغ محله ، ذلك يوم الحديبية فلعن رسول الله صلى الله عليه وآله أبا سفيان و لعن القادة والأتباع وقال : ملعونون كلهم ، وليس فيهم من يؤمن ، فقيل : يا رسول الله ؟ أفما يرجى الاسلام لأحد منهم فكيف باللعنة ؟ فقال لا تصيب اللعنة أحدا من الأتباع و أما القادة فلا يفلح منهم أحد. السادسة يوم الجمل الأحمر.
    السابعة يوم وقفوا لرسول الله صلى الله عليه وآله في العقبة ليستنفروا ناقته وكانوا اثنى عشر رجلا منهم أبو سفيان (1) هذه المواطن السبعة عدها الإمام الحسن السبط سلام الله عليه. وكأنه غير من عدا على دور المهاجرين من بني جحش بن رئاب بعد ما هاجروا. وباعها من عمرو بن علقمة وقيل فيه :
أبلغ أبا سفيان عن دار ابن عمك بعتها وحليفكم بالله رب إذهب بها اذهـب بها أمر عواقبه ندامه تقضي بها عنك الغرامه الناس مجتهد القسامه طوقتها طوق الحمامه (2)
    وكأنه غير صاحب البائية يوم أحد يقول فيها :
أقاتلهم وادعي يال غالب فبكي ولا ترعى مقالة عادل أباك وإخوانا له قد تتابعوا وسلي الذي قد كان في النفس إنني ومن هاشم قرما كريما ومصعبا (3) ولو أنني لم أشف نفسي منهم وأدفعهم عني بركن صليب ولا تسأمي من عبرة ونحيب وحق لهم من عبرة بنصيب قتلت من النجار كل نجيب وكان لدى الهيجاء غير هيوب لكانت شجا في القلب ذات ندوب

1 ـ شرح ابن أبي الحديد 2 ، 102 ، 103.
2 ـ سيرة ابن هشام 2 ، 117.
3 ـ عني به سيدنا حمزة بن عبد المطلب.


(83)
فآبوا وقد أودى الجلابيب (1) منهم أصابهم من لم يكن لدمائهم بهم خدب من معبط وكئيب كفاء ولا في خطة بضريب (2)
    وكأنه غير من كان يضرب في شدق حمزة بن عبد المطلب بزج الرمح قائلا : ذق عقق (3) سيرة ابن هشام 3 : 44.
    وكأنه غير من داس قبر حمزة برجله وقال : يا أبا عمارة إن الأمر الذي اجتلدنا عليه بالسيف أمسى في يد غلماننا اليوم يتلعبون به. شرح ابن أبي الحديد 4 : 51.
    وكأنه غير من قال لما رأى الناس يطؤن عقب رسول الله صلى الله عليه وآله وحسده : لو عاودت الجمع لهذا الرجل. فضرب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في صدره ثم قال : إذا يخزيك الله. الإصابة 2 : 179.
    وكأنه غير من قال لعثمان يوم تسنم عرش الخلافة : صارت إليك بعد تيم وعدي فادرها كالكرة ، واجعل أوتادها بني أمية ، فإنما هو الملك ، ولا أدري ما جنة ولا نار. راجع ج 8 : 285.
    وكأنه غير من دخل على عثمان بعد ما عمى وقال : هاهنا أحد ؟ فقالوا : لا.
    فقال : اللهم اجعل الأمر أمر جاهلية ، والملك ملك غاصبية ، واجعل أوتاد الأرض لبني أمية [ تاريخ ابن عساكر 6 : 407 ].
    وكأنه غير من عرفه أمير المؤمنين عليه السلام في كتاب له إلى معاوية بقوله : منا النبي ، ومنكم المكذب ، قال ابن أبي الحديد في شرحه 3 : 452 : يعني أبا سفيان بن حرب كان عدو رسول الله ، والمكذب له ، والمجلب عليه.
    وكأنه غير من جاء فيه قول أمير المؤمنين عليه السلام في كتاب له إلى محمد بن أبي بكر : قد قرأت كتاب الفاجر ابن الفاجر معاوية.
    وكأنه غير من ذكره أمير المؤمنين بقوله في كتاب له إلى ابنه معاوية : يا بن صخر يا ابن اللعين.
    والإمام الطاهر عليه السلام في لعنه الرجل اقتفى أثر النبي الأعظم ، وقد سمع
1 ـ الجلابيب جمع جلباب : الإزار الخشن. كان الكفار من أهل مكة يسمون من أسلم مع النبي صلى الله عليه وآله والجلابيب.
2 ـ الخطة : الخصلة الرفيعة الضريب : الشبيه. راجع سيرة ابن هشام 3 : 22.
3 ـ عقق ، أي يا عقق ، يريد يا عاق.


(84)
منه صلى الله عليه وآله وسلم وهو يلعنه في مواطن شتى.
    وكأنه غير من قال فيه عمر بن الخطاب : أبو سفيان عدو الله ، قد أمكن الله منه بغير عهد ولا عقد فدعني يا رسول الله ! أضرب عنقه. تاريخ ابن عساكر 6 : 399.
    وكأنه غير من قال فيه عمر أيضا : إن أبا سفيان لقديم الظلم.
    الإصابة 2 : 180 وكأنه غير من أسلفنا ترجمته في الجزء الثالث ص 221 ـ 224 وفي الثامن ص 284 ـ 286.
    هذا مجمل حال الرجل في العهدين الجاهلي والاسلامي ، أفبمثله أيد الدين قبل إسلامه وبعد إسلامه ؟ أو مثله يتولى سقاية رسول الله صلى الله عليه وآله يوم المحشر إذا أقبل من عند ذي العرش ؟ وهل مستوى العرش معبأ لمثل أبي سفيان هذا ونظرائه ؟ إذا فعلى العرش ومن بفنائه السلام.
    ثم اقرأ المجازفة في حساب عثمان الذي حاز في مزعمة ملفق هذه الرواية ثواب عبادة الملائكة أولهم وآخرهم أولئك الملائكة المعصومين ، وجنة لا يقدر على وصفها رسول الله صلى الله عليه وآله ، وهو من قرأت صحيفة حياته في الجزء التاسع وقبله ، ووقفت على عقائد الصحابة العدول فيه وفي أحداثه ، وإجماعهم على إهدار دمه ، فلماذا ذلك الثواب ولماذا تلكم الجنة ؟ ولماذا هذه العظمة في أبناء الشجرة المنعوتة في القرآن ؟ أعوذ بالله من السرف في القول والغلو في الفضائل.
    12 ـ أخرج ابن عساكر وابن مندة والخلعي والطبراني والعقيلي عن سهل بن يوسف بن سهل بن مالك عن أبيه عن جده قال : لما رجع النبي صلى الله عليه وآله من حجة الوداع إلى المدينة صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : يا أيها الناس ! إن أبا بكر لم يسؤني قط فاعرفوا ذلك له ، يا أيها الناس ! إني راض عن أبي بكر وعمر وعثمان ، وعلي ، وطلحة ، والزبير ، وسعد ، وعبد الرحمن بن عوف ، والمهاجرين الأولين فاعرفوا ذلك لهم.
    أيها الناس إن الله قد غفر لأهل بدر والحديبية.
    أيها الناس ؟ احفظوني في أصحابي وأصهاري وفي أختاني لا يطلبنكم الله بمظلمة أحد منهم فإنها مما لا توهب أيها الناس ! ارفعوا ألسنتكم عن المسلمين ، وإذا مات أحد من المسلمين


(85)
فقولوا فيه خيرا (1).
    قال الأميني : قال ابن عبد البر في الاستيعاب 2 : 573 : حديثه [ يعني حديث سهل بن مالك ] يدور على خالد بن عمرو القرشي الأموي وهو منكر الحديث ، متروك الحديث ، قال بعد ذكر الحديث : حديث منكر موضوع ، يقال فيه : إنه من الأنصار ولا يصح ، وفي إسناد حديثه مجهولون ضعفاء معروفون يدور على سهل بن يوسف بن مالك بن سهل عن أبيه عن جده وكلهم لا يعرف. وقال ابن مندة : غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه. وقال العقيلي : إسناده مجهول لا يتابع عليه.
    والعجب من الحافظين وحكمهما بغرابة الحديث والجهل وقد أخرجاه من طريق خالد بن عمرو ، ومر في الجزء الثامن ص 48 ، 49 عن أئمة الجرح والتعديل أنه كان كذابا وضاعا يتفرد عن الثقات بالموضوعات لا يجوز الاحتجاج بخبره ، أحاديثه موضوعة باطلة. وجزم الدارقطني في الأفراد بأن خالد بن عمرو تفرد بهذا الحديث.
    وأخرجه سيف بن عمر ، وقد أسلفنا في الجزء الثامن ص 86 و 355 أقوال الحفاظ فيه وأنه وضاع ، متروك ، ساقط ، متهم بالزندقة ، عامة أحاديثه منكرة لم يتابع عليها. وفي طرق الحديث مجاهيل منهم : محمد بن يوسف المسمعي. قال الذهبي : لا يدرى من هو. وقال العقيلي : لا يتابع على حديثه. ومنهم : علي بن محمد بن يوسف.
    قال الضياء : لم أجد له ولا لشيخه.
    ومنهم : حبان بن أبي تراب (2) أو : منان بن أبي ثواب (3) أو : قنان ابن أبي أيوب (4) أو : قنار بن أبي أيوب (5) من رجل الغيب لا يعرف اسمه واسم أبيه فضلا عن عرفان شخصيتهما.
    ومن الوهم الغريب للطبراني إخراجه الرواية من طريق علي بن محمد بن يوسف المسمعي عن سهل بن يوسف بن سهل بن مالك ، وتبعه في ذلك الضياء في المختارة ، وقد أخرجها العقيلي من طريق محمد بن يوسف المسمعي والد علي المذكور في إسناد الطبراني
1 ـ تاريخ ابن عساكر 6 : 127 ، الاستيعاب 2 : 572 :
2 ـ كذا في لسان الميزان 5 : 435.
3 ـ كذا في لسان الميزان 3 : 123.
4 ـ كذا في الإصابة 2 : 90.
5 ـ كذا في لسان الميزان 4 : 475.


(86)
عن حبان ، رقبان ، رقنار ، رمنان ، عن خالد بن عمرو الأموي عن سهل ، فطبقة علي تستدعي سقط ثلاثة من رجال إسناد الطبراني.
    راجع ميزان الاعتدال 1 ، 3 ، الإصابة 2 ، 90 ، لسان الميزان 3 : 123 ، ج 4 : 261 ، ج 5 : 435.
    13 ـ عن عبادة بن الصامت قال : خلوت برسول الله صلى الله عليه وآله فقلت : أي أصحابك أحب إليك حتى أحب من تحب كما تحب ؟ فقال : اكتم علي يا عبادة ! حياتي فقلت : نعم ، فقال : أبو بكر ، ثم عمر ، ثم علي.
    ثم سكت ، فقلت : ثم من يا نبي الله ؟ فقال : من عسى أن يكون بعد هؤلاء إلا الزبير وطلحة وسعد وأبو عبيدة ومعاذ وأبو طلحة وأبو أيوب وأنت يا عبادة ! وأبي بن كعب وأبو الدرداء وأبو مسعود وابن عوف وابن عفان ، ثم هؤلاء الرهط من الموالي سلمان وصهيب وبلال وسالم مولى أبي حذيفة ، هؤلاء خاصتي وكل أصحابي علي كريم حبيب إلي وإن كان عبدا حبشيا.
    قال أبو عبد الله الصنابحي : قلت لعبادة : لم يذكر حمزة ولا جعفرا ، فقال عبادة : إنهما كانا أصيبا يوم سألت عن هذا إنما كان هذا بآخرة أو كما قال. تاريخ ابن عساكر 5 : 38 ، و ج 7 : 210.
    قال الأميني : ألا تعجب من نبي العظمة أن يتحاشى عن بيان ما يهم الأمة عرفانه ويعهد إلى السائل بأن يكتمه عليه في حياته وهو في أخرياتها ؟ أليس هو القائل لعائشة فيما أخرجه الخجندي : إن عليا أحب الرجل إلي وأكرمهم علي.
    والقائل : أحب الناس إلي من الرجال علي.
    والقائل : علي أحبهم إلي وأحبهم إلى الله ؟ هلا كانت الصحابة يعرفون أحب الناس إليه صلى الله عليه وآله وسلم بعد تلكم الآيات والنصوص النبوية الواردة في مولانا علي أمير المؤمنين ؟ أما صح عن عائشة قولها : والله ما رأيت أحدا أحب إلى رسول الله من علي ، ولا في الأرض امرأة كانت أحب إليه من امرأته.
    وهلا صحح الحفاظ قول بريدة وأبي بن كعب : أحب الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وآله من الناس فاطمة ومن الرجال علي (1).
    ثم ما الذي أنسى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أعاظم صحابته الذين نزل فيهم القرآن وأثنى صلى الله عليه وآله عليهم بما لا يزيد عليه كعمه العباس وأبي ذر وعمار والمقداد وابن مسعود إلى
1 ـ راجع ما أسلفناه في الجزء الثالث ص 21 ـ 24 طبع 2.

(87)
آخرين من أمثالهم ؟ وما الذي بخس حظهم من حب نبيهم الأقدس إياهم مع تلكم الفضائل والفواضل الجمة ولا يدانيهم فيها غيرهم حتى جل المذكورين إن لم نقل كلهم غير سيد العترة ؟ أفي وسع الباحث أن يرى أبا عبيدة حفار القبور مثلا أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وآله من أبي ذر الصديق شبيه عيسى في أمة محمد صلى الله عليه وآله هديا وبرا ونسكا وزهدا وصدقا وجدا وخلقا وخلقا ؟ من أبي ذر الذي كان صلى الله عليه وآله يدنيه دون أصحابه إذا حضر ويتفقده إذا غاب (1).
    أو من عمار جلدة ما بين عيني رسول الله صلى الله عليه وآله وأنفه.
    الطيب المطيب الذي ملئ إيمانا إلى مشاشه ، الذي خلط الإيمان ما بين قرنه إلى قدمه ، خلط الإيمان بلحمه ودمه ، الذي كان مع الحق والحق معه يدور مع الحق أينما دار (2).
    أعوذ بالله من التقول والتحدث بالزعمات بلا تعقل.
    14 ـ أخرج ابن عساكر في تاريخه 6 : 173 من طريق سعيد بن مسلمة بن أمية ابن هشام بن عبد الملك بن مروان الأموي عن ابن عمر قال : خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم أو دخل المسجد وهو آخذ بيد أبي بكر وعمر ، أحدهما عن يمينه والآخر عن يساره ، ثم قال : هكذا نبعث يوم القيامة. ورواه الترمذي.
    قال الأميني : حذف بدران مهذب تاريخ ابن عساكر إسناد هذه الرواية سترا على ما فيه من العلل ذاهلا عن أن في ذكر سعيد بن مسلمة غنى وكفاية ، وإسناده كما في ( الميزان ) عن سعيد عن إسماعيل بن أمية عن نافع عن ابن عمر.
    قال البخاري في تاريخه : سعيد بن مسلمة عن إسماعيل بن أمية فيه نظر ، يروي عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده مناكير. وقال أيضا : منكر الحديث. وقال مرة : ضعيف. وقال يحيى ابن معين : ليس بشيء. وقال أبو حاتم : ضعيف الحديث منكره. وقال الدارقطني : هو ضعيف الحديث يعتبر به. وقال ابن حبان : فاحش الخطأ ، منكر الحديث جدا (3).
1 ـ راجع الجزء الثامن ص 315 ـ 326 ط 1 ، و 308 ـ 319 ط 2.
2 ـ راجع الجزء التاسع ص 20 ـ 27 ط 1 ، 2.
3 ـ تاريخ ابن عساكر 6 : 174 ، ميزان الاعتدال 1 : 391 ، تهذيب التهذيب 4 : 83.


(88)
    وأخرجه الدارقطني من طريق الحارث بن عبد الله المديني مولى بني سليم عن إسحاق بن محمد الفروي الأموي مولى عثمان عن مالك عن نافع عن ابن عمر. فقال : لا يصح والحارث هذا ضعيف.
    أقول : وإسحاق الأموي وهاه أبو داود جدا وقال : لو جاء بذلك الحديث عن مالك يحيي بن سعيد لم يحتمل له.
    وقال النسائي : متروك وقال أيضا : ليس بثقة. وقال الدارقطني : ضعيف وقد روى عنه البخاري ويوبخونه في هذا. وقال الدارقطني أيضا : لا يترك. وقال الساجي : فيه لين. روى عن مالك أحاديث تفرد بها. وقال العقيلي : جاء عن مالك بأحاديث كثيرة لا يتابع عليها. وقال الحاكم : عيب على محمد ـ يعني البخاري ـ إخراج حديثه وقد غمزوه (1).
    15 ـ أخرج ابن عساكر من طريق سليمان بن بلال بن أبي الدرداء عزيز (2) بن زيد الأنصاري عن أبيه أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر عن يمينه وعمر عن يساره فقال : هكذا نكون ، ثم هكذا نموت ، ثم هكذا نبعث ، ثم هكذا ندخل الجنة. تاريخ ابن عساكر 6 : 246.
    قال الأميني : هذا الاسناد فيه وهم واختلاط من ناحية سليمان أولا فإن بلال بن أبي الدرداء لم يذكر له ولد يروي عنه ، ولا يوجد له قط اسم في المعاجم ، والصحيح : سليمان عن بلال عن أبيه ، وفي تلك الطبقة غير واحد كلهم يسمون سليمان بين كذاب وضاع ، وبين ضعيف ساقط متروك ، وبين مجهول منكر لا يعرف.
    وفي الاسناد وهم من ناحية بلال ثانيا فإنه لم يدرك النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولم يرو عنه قال أبو زرعة : في الطبقة التي تلي الصحابة بلال بن أبي الدرداء توفي سنة 92 ـ 93 وكان قاضيا على دمشق في ولاية يزيد وبعده حتى عزله عبد الملك.
    ولعلك تهتدي بذلك إلى مبلغه من الثقة والدين.
    وبقية رجال السند المحذوفة أسمائهم لا نعرف أحدا منهم حتى نعطي النظر حقه ، وبمثلها من رواية لا يثبت حق ، ولا تعتبر فضيلة.
    16 ـ أخرج ابن عساكر في تاريخه 4 : 224 من طريق الحسن بن محمد بن الحسن
1 ـ ميزان الاعتدال 1 : 93 ، تهذيب التهذيب 1 : 248 ، لسان الميزان 2 : 154.
2 ـ كذا في النسخ والصحيح المتسالم عليه : عويمر. هو أبو الدرداء المعروف.


(89)
أبي علي الأبهري المالكي نزيل دمشق إلى شداد بن أوس مرفوعا : أبو بكر أرأف أمتي وأرحمها.
    وعمر بن الخطاب خير أمتي وأعدلها. وعثمان أحيا امتي وأكرمها وأصدقها. وأبو الدرداء أعبد أمتي وأتقاها.
    ومعاوية أحكم أمتي وأجودها.
    وفي لفظ العقيلي من طريق بشير بن زاذان عن عمر بن صبح عن ركن عن شداد بن أوس مرفوعا : أبو بكر أوزن أمتي ، و ( عمر ) حير أمتي ، وعثمان أحيى أمتي ، و معاوية أحكم أمتي.
    ( لسان الميزان 2 : 37 ) وفي لفظ السيوطي نقلا عن العقيلي أيضا : أبو بكر أوزن أمتي وأرحمها.
    وعمر خير أمتي وأكملها ، وعثمان أحيى أمتي وأعدلها ، وعلي أوفى أمتي وأوسمها ، وعبد الله بن مسعود أمين أمتي وأوصلها ، وأبو ذر أزهد أمتي وأرقها ، وأبو الدرداء أعدل أمتي وأرحمها ، ومعاوية أحلم أمتي وأجودها.
    ( اللئالي 1 : 428 ) قال الأميني : قال الحافظ ابن عساكر : هذا الحديث ضعيف.
    ونحن على يقين من أن الباحث بعد ما أوقفناه على ترجمة رجال الاسناد يحكم بالوضع لا بالضعف كما حكم به الحافظ وإليك الرجال : 1 ـ بشير بن زاذان.
    ضعفه الدارقطني وغيره ، واتهمه ابن الجوزي ، وقال ابن معين : ليس بشيء ، وذكره الساجي وابن الجارود والعقيلي في الضعفاء ، وقال ابن عدي : أحاديثه ليس لها نور ، وهو ضعيف غير ثقة ، يحدث عن جماعة ضعفاء وهو بين الضعف.
    وقال ابن حجر في ترجمته بعد ذكر الحديث : ولا يتابع بشير بن زاذان على هذا ولا يعرف إلا به ولما ذكر له ابن الجوزي حديثا في فضل الصحابة قال : هو المتهم به عندي فإما أن يكون من فعله ، أو من تدليسه من الضعفاء.
    وقال ابن حبان : غلب الوهم على حديثه حتى بطل الاحتجاج (1).
    2 ـ عمر بن صبح أبو نعيم الخراساني ، قال ابن راهويه : أخرجت خراسان ثلاثة لم يكن لهم في الدنيا نظير في البدعة والكذب : جهم بن صفوان. عمر بن صبح. مقاتل بن سليمان.
    وقال البخاري في التاريخ الأوسط : حدثني يحيي اليشكري عن علي بن جرير سمعت عمر بن صبح يقول : أنا وضعت خطبة النبي صلى الله عليه وسلم وقال أبو حاتم وابن
1 ـ ميزان الاعتدال 1 : 152 ، لسان الميزان 2 : 37.

(90)
عدي : منكر الحديث. وقال ابن حبان : يضع الحديث على الثقات لا يحل كتب حديثه إلا على وجه التعجب. وقال الأزدي : كذاب. وقال الدارقطني : متروك. وقال ابن عدي : عامة ما يرويه غير محفوظ لا متنا ولا إسنادا. وقال النسائي : ليس بثقة. وقال ـ العقيلي : ليس حديثه بالقائم وليس بالمعروف بالنقل. وقال أبو نعيم : روى عن قتادة و مقاتل الموضوعات. ميزان الاعتدال 2 : 262 ، تهذيب التهذيب 7 : 463.
    3 ـ ركن الشامي ، وهاه ابن المبارك ، وقال يحيي : ليس بشيء. وقال النسائي والدارقطني : متروك. وقال أبو أحمد الحاكم : يروي عن مكحول أحاديث موضوعة. وقال ابن الجارود : ليس بثقة. وعن ابن حماد : إنه متروك الحديث. وقال عبد الله بن المبارك.
    لإن أقطع الطريق أحب إلي من أن أروي عن عبد القدوس الشامي ، وعبد القدوس خير من مائة مثل ركن.
    تاريخ ابن عساكر 5 : 327 ، تاريخ الخطيب 8 : 436 ، ميزان الاعتدال 1 : 340 ، لسان الميزان 2 : 462.
    هذا شأن إسناد الرواية ونكل النظرة إليها متنا إلى سعة باع الباحث ثقة بوقوفه على ما فصلناه في أجزاء كتابنا هذا مما تعرف به جلية الحال.
    لفظ آخر بإسناد آخر : عن علي بن عبد الله عن علي بن أحمد عن خلف بن عمرو العكبري عن محمد بن إبراهيم عن يزيد الخلال عن أحمد بن القاسم بن مهران عن محمد بن بشير بن زاذان عن عكرمة عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أبو بكر خير أمتي وأتقاها ، وعمر أعزها وأعدلها ، وعثمان أكرمها وأحياها ، وعلي ألبها وأوسمها ، وابن مسعود آمنها وأعدلها ، وأبو ذر أزهدها وأصدقها ، وأبو الدرداء أعبدها ، ومعاوية أحلمها وأجودها.
    قال السيوطي في اللئالي المصنوعة 1 : 428 : في هذا الطريق أيضا مجروحون ، و قد خلط بشير بن زاذان في إسناده.
    ونحن نقول : لو لم يكن في الاسناد من المجروحين إلا يزيد الخلال لكفاه علة ، قال يحيى بن معين : كذاب ، وقال أبو سعيد : قد أدركت يزيد هذا وهو ضعيف قريب مما قال يحيى (1).
    وقال أبو داود : ضعيف ، وقال الدارقطني : ضعيف جدا ، وقال
1 ـ تاريخ الخطيب 14 : 348 : ميزان الاعتدال 3 : 318.
الغدير ـ الجزء العاشر ::: فهرس