الغدير ـ الجزء العاشر ::: 181 ـ 190
(181)
    فقال له معاوية : ذهب والله خير قليل ، وبقي شر كثير ، فما لنا عندك ؟ قال : إن أحسنت لم أحمدك ، وإن أسأت لمتك ، قال : والله ما أنصفتني ، قال : ومتى أنصفك ؟ فوالله لقد شججت أخاك حنظلة فما أعطيتك عقلا ولا قودا وأنا الذي أقول :
أصخر بن حرب لا نعدك سيدا فسد غيرنا إذ كنت لست بسيد
    وأنت الذي تقول :
شربـت الخمر حـتى صرت كلاً وحتى ما أوسد من وساد على الأدنى وما لي من صديق إذا أنسوا سوى الترب السحيق
    ثم وثب على معاوية يخبطه بيده ومعاوية ينحاز ويضحك.
    رواها ابن عساكر في تاريخه 7 : 346 ، وقال ابن حجر في الإصابة 2 : 291 : روى الكوكبي من طريق عبسة بن عمر وقال : وفد عبد الله بن الحارث على معاوية فقال له معاوية : ما بقي منك ؟ قال : ذهب والله خيري وشري ، فذكر قصة. [ يعني هذه ].
    5 ـ أخرج ابن عساكر في تاريخه ، وابن سفيان في مسنده ، وابن قانع وابن مندة من طريق محمد بن كعب القرظي قال : غزا عبد الرحمن بن سهل الأنصاري في زمن عثمان ، ومعاوية أمير على الشام فمرت به روايا خمر ـ لمعاوية ـ فقام إليها برمحه فبقر كل راوية منها فناوشه الغلمان حتى بلغ شأنه معاوية فقال : دعوه فإنه شيخ قد ذهب عقله.
    فقال : كلا والله ما ذهب عقلي ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهانا أن ندخل بطوننا وأسقيتنا خمرا ، و أحلف بالله لئن بقيت حتى أرى في معاوية ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبقرن بطنه أو لأموتن دونه.
    وذكره ابن حجر في الإصابة 2 : 401 ، ولخصه في تهذيب التهذيب 6 : 192 ، وأخرجه ملخصا أبو عمر في الاستيعاب 2 : 401 ، وذكره ابن الأثير في أسد الغابة 3 : 299 باللفظ المذكور إلى ( وأسقيتنا ) فقال : أخرجه الثلاثة ( يعني ابن مندة وأبو نعيم وأبو عمر ).
    قال الأميني : لعل في الناس من يحسب أن سلسلة الاستهتار بمعاقرة الخمور كانت مبدوة بيزيد بن معاوية ، وإن لم يحكم الضمير الحر بإنتاج أبوين صالحين في دار طنبت بالصلاح والدين تخلو عن الخمور والفجور ولدا مستهترا مثل يزيد الطاغية المتخصص


(182)
    في فنون العيث والفساد ، لكن هذه الأنباء تعلمنا أن هاتيك الخزاية كانت موروثة له من أبيه الماجن المشيع للفحشاء في الذين آمنوا بحمل الخمور إلى حاضرته على القطار تارة ، وعلى حماره أخرى ، بملأ من الاشهاد ، ونصب أعين المسلمين ، وتوزيعها في الملأ الديني ، وهو يحاول مع ذلك أن لا ينقده أحد ، ولا ينقم عليه ناقم ، وكم لهذه المحاولة من نظائر ينبو عنها العدد ولا تقف على حد ، فهو وما ولد سواسية في الخمر والفحشاء ، والمجون وهذه هي التي أسقطته عند صلحاء الأمة ، وحطته عن أعينهم ، فلا يرون له حرمة ولا كرامة ، ولا يقيمون له وزنا ، حتى إنه لما استخلف قام على المنبر فخطب الناس فذكر أبا بكر وعمر وعثمان ثم قال : وليت فأخذت حتى خالط لحمي ودمي ، فهو خير مني ، و أنا خير ممن بعدي.
    يا أيها الناس ! إنما أنا لكم جنة ، فقام عبادة بن صامت فقال : أرأيت إن احترقت الجنة ؟ قال : إذن تخلص إليك النار ، قال : من ذلك أفر ، فأمر به فأخذ ، فأضرط بمعاوية ، ثم قال : علمت كيف كانت البيعتان حين دعينا إليهما ؟ دعينا على أن نبايع على أن لا نزني ولا نسرق ولا نخاف في الله لومة لائم ، فقلت : أما هذه فاعفني يا رسول الله ، ومضيت أنا عليها ، وبايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولأنت يا معاوية أصغر في عيني من أن أخاف في الله عزوجل (1).
    وذكر معاوية الفرار من الطاعون في خطبته فقال له عبادة : أمك هند أعلم منك (2) وسيوافيك قوله له : لا أساكنك بأرض ، وقوله : لنحدثن بما سمعنا من رسول الله وإن رغم معاوية ، ما أبالي أن لا أصحبه في جنده ليلة سوداء ، وقال أبو الدرداء له : لا أساكنك بأرض أنت بها.
    ومن جراء هذه المكافحة والكشف عن عورات الرجل كتب معاوية إلى عثمان بالمدينة : إن عبادة قد أفسد علي الشام وأهله ، فإما أن تكفه إليك ، وإما أن أخلي بينه وبين الشام.
    فكتب إليه عثمان : أن أرحل عبادة حتى ترجعه إلى داره من المدينة فبعث بعبادة حتى قدم المدينة ، فدخل على عثمان في الدار وليس فيها إلا رجل من السابقين أو من التابعين الذين قد أدركوا القوم متوافرين فلم يفج عثمان به إلا وهو
1 ـ تاريخ الشام لابن عساكر 7 : 213.
2 ـ أخرجه ابن عساكر والطبراني كما في تاريخ الشام 7 : 210.


(183)
قاعد في جانب الدار فالتفت إليه وقال : مالنا ولك يا عبادة ؟ فقام عبادة بين ظهراني الناس فقال : إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا القاسم يقول : إنه سيلي أموركم بعدي رجال يعرفونكم ما تنكرون ، وينكرون عليكم ما تعرفون ، فلا طاعة لمن عصى ، فلا تضلوا بربكم ، فوالذي نفس عبادة بيده إن فلانا ـ يعني معاوية ـ لمن أولئك. فما راجعه عثمان بحرف (1).
    وحذا معاوية في هذه الموبقة حذو أبيه أبي سفيان فإنه كان يشرب الخمر وهو من أظهر آثامه وبوائقه ، وقد جاء في حديث أبي مريم السلولي الخمار بالطائف أنه نزل عنده وشرب وثمل وزنا بسمية أم زياد بن أبيه ، والحديث يأتي في استلحاق معاوية زيادا.
    فبيت معاوية حانوت الخمر ، ودكة الفجور ، ودار الفحشاء والمنكر من أول يومه ، والخمر شعار أهله ، وما أغنتهم النذر إذ جاءت ، وهم بمجنب عن قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ـ لا بل هم أهله ـ لعنت الخمر وشاربها ، وساقيها ، وبائعها ، ومبتاعها ، وحاملها ، والمحمولة إليه ، وعاصرها ، ومعتصرها ، وآكل ثمنها (2). وعن قوله صلى الله عليه وآله : شارب الخمر كعابد وثن.
    وفي لفظ : مدمن خمر كعابد وثن (3).
    وعن قوله صلى الله عليه وآله : ثلاثة حرم الله تبارك وتعالى عليهم الجنة : مدمن الخمر ، والعاق ، والديوث الذي يقر في أهله الخبث (4).
    وعن قوله صلى الله عليه وآله : ثلاثة لا يدخلون الجنة أبدا : الديوث ، والرجلة من النساء ، ومدمن الخمر (5).
1 ـ مسند أحمد 5 : 325 ، تاريخ ابن عساكر 7 : 212.
2 ـ سنن أبي داود 2 : 161 ، سنن ابن ماجة 2 : 174 ، جامع الترمذي 1 : 167 ، مستدرك الحاكم 4 : 144 ، 145. وأخرجه أحمد في المسند 2 : 71 ، وابن أبي شيبة ، وابن راهويه والبزار ، وابن حبان ، راجع نصب الراية للزيلعي 2 : 264.
3 ـ أخرجه ابن ماجة وابن حبان والبزار وغيرهم ، راجع الترغيب والترهيب 3 : 102 ، نصب الراية 2 : 298.
4 ـ أخرجه أحمد والنسائي والبزار والحاكم وصححه. راجع الترغيب والترهيب 3 : 104.
5 ـ أخرجه الطبراني ، وابن المنذر في الترغيب والترهيب 3 : 104 وقال : رواته لا أعلم فيهم مجروحا.


(184)
    وعن قوله صلى الله عليه وآله : من شرب الخمر خرج نور الإيمان من جوفه.
    وعن قوله صلى الله عليه وآله : من شرب الخمر سقاه الله من حميم جهنم.
    وعن قوله صلى الله عليه وآله : إن عند الله عهدا لمن يشرب المسكر أن يسقيه من طينة الخبال قالوا : يا رسول الله ! وما طينة الخبال ؟ قال : عرق أهل النار. أو : عصارة أهل النار.
    وعن قوله صلى الله عليه وآله : من شرب حسوة من خمر لم يقبل الله منه ثلاثة أيام صرفا ولا عدلا ، ومن شرب كأسا لم يقبل الله صلاته أربعين صباحا ، ومدمن الخمر حقا على الله أن يسقيه من نهر الخبال قيل : يا رسول الله ! وما نهر الخبال ؟ قال صديد أهل النار (1) إلى أحاديث كثيرة في الترهيب من هذا الرجس الذي كان يشربه معاوية ووالده وولده.

ـ 2 ـ
معاوية يأكل الربا
    1 ـ أخرج مالك والنسائي وغيرهما من طريق عطاء بن يسار : إن معاوية رضي الله عنه باع سقاية من ذهب أو ورق بأكثر من وزنها ، فقال له أبو الدرداء رضي الله عنه : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن مثل هذا إلا مثلا بمثل. فقال معاوية : ما أرى بهذا بأسا.
    فقال له أبو الدرداء رضي الله عنه : من يعذرني من معاوية ؟ أنا أخبره عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يخبرني عن رأيه ، لا أساكنك بأرض أنت بها ، ثم قدم أبو الدرداء رضي الله عنه على عمر بن الخطاب رضي الله عنه فذكر له ذلك فكتب عمر إلى معاوية : أن لا تبع ذلك إلا مثلا بمثل ، وزنا بوزن.
    راجع موطأ مالك 2 : 59 ، اختلاف الحديث للشافعي هامش كتابه الأم 7 : 23 ، سنن النسائي 7 : 279 ، سنن البيهقي 5 : 280.
    2 ـ وأخرج مسلم وغيره من طريق أبي الأشعث قال : غزونا غزاة وعلى الناس معاوية فغنمنا غنايم كثيرة فكان فيما غنمنا آنية من فضة فأمر معاوية رجلا أن يبيعها في أعطيات الناس فتسارع الناس في ذلك فبلغ عبادة بن الصامت فقام فقال : إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن بيع الذهب بالذهب والفضة بالفضة ، والبر بالبر ، والشعير بالشعير والتمر بالتمر ، والملح بالملح ، إلا سواء بسواء عينا بعين فمن زاد أو ازداد فقد أربى ، فرد
1 ـ راجع الترغيب والترهيب 3 : 101 ـ 110.

(185)
الناس ما أخذوا ، فبلغ ذلك معاوية فقام خطيبا فقال : ألا ما بال رجال يتحدثون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أحاديث قد كنا نشهده ونصحبه فلم نسمعها منه ؟ فقام عبادة بن الصامت فأعاد القصة ثم قال : لنحدثن بما سمعنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن كره معاوية ، أو قال : وإن رغم ، ما أبالي أن لا أصحبه في جنده ليلة سوداء. راجع صحيح مسلم 5 : 43 ، سنن البيهقي 5 : 277 ، تفسير القرطبي 3 : 349.
    3 ـ وأخرج البيهقي وغيره من طريق حكيم بن جابر عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه : قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : الذهب الكفة بالكفة ، والفضة الكفة بالكفة حتى خص أن الملح بالملح فقال معاوية : إن هذا لا يقول شيئا.
    فقال عبادة رضي الله عنه : أشهد أني سمعت رسول صلى الله عليه وسلم يقول ذلك.
    وزاد النسائي : قال عبادة : إني والله ما أبالي أن لا أكون بأرض يكون بها معاوية ، وفي لفظ ابن عساكر : إني والله ما أبالي أن أكون بأرضكم هذه.
    راجع مسند أحمد 5 : 319 ، سنن النسائي 7 : 277 ، سنن البيهقي 5 : 278 ، تاريخ ابن عساكر 7 : 206.
    4 ـ وأخرج ابن عساكر في تاريخه 7 : 212 : من طريق الحسن قال : كان عبادة بن الصامت بالشام فرأى آنية من فضة ، يباع الإناء بمثلي ما فيه ، أو نحو ذلك فمشى إليهم عبادة فقال : أيها الناس من عرفني فقد عرفني ، ومن لم يعرفني فأنا عبادة ابن الصامت ، ألا وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم في مجلس من مجالس الأنصار ليلة الخميس في رمضان ولم يصم رمضان بعده يقول : الذهب بالذهب ، مثلا بمثل ، سواء بسواء ، وزنا بوزن ، يدا بيد ، فما زاد فهو ربا ، والحنطة بالحنطة ، قفيز بقفيز ، يد بيد ، فما زاد فهو ربا ، والتمر بالتمر قفيز بقفيز ، يد بيد ، فما زاد فهو ربا. قال : فتفرق الناس عنه.
    فأتي معاوية فأخبر بذلك فأرسل إلى عبادة فأتاه فقال له معاوية : لئن كنت صحبت النبي صلى الله عليه وسلم وسمعت منه لقد صحبناه وسمعنا منه فقال له عبادة : لقد صحبته وسمعت منه ، فقال له معاوية : فما هذا الحديث الذي تذكره ؟ فأخبره به ، فقال له معاوية : اسكت عن هذا الحديث ولا تذكره فقال له : بلى ، وإن رغم أنف معاوية ، ثم قام فقال له معاوية : ما نجد شيئا أبلغ فيما بيني وبين أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم من الصفح عنهم.


(186)
    5 ـ عن قبيصة بن ذؤيب : إن عبادة أنكر على معاوية شيئا فقال : لا أساكنك بأرض ، فرحل إلى المدينة فقال له عمر : ما أقدمك ؟ فأخبره فقال له عمر : ارحل إلى مكانك فقبح الله أرضا لست فيها وأمثالك ، فلا إمرة له عليك.
    تاريخ ابن عساكر كما في كنز العمال 7 : 78 ، والاستيعاب 2 : 412 ، أسد الغابة 3 : 106.
    قال الأميني ! إن من ضروريات الدين الحنيف الثابتة كتابا وسنة وإجماعا حرمة الربا ، وإنه من أكبر الكبائر قال الله تعالى : الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس ذلك بأنهم قالوا : إنما البيع مثل الربا وأحل الله البيع وحرم الربا (1).
    وقال عزوجل : يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين ، فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله (2).
    وتواترت السنة الشريفة في المسألة وبلغت حدا لا يسع لأي مسلم ولو كان قرويا أن يدعي الجهل به فضلا عمن يدعي إمرة المؤمنين. ومنها :
    1 ـ جاء من غير طريق إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لعن آكل الربا وموكله وشاهديه وكاتبه (3).
    2 ـ صح عنه صلى الله عليه وآله وسلم اجتنبوا السبع الموبقات.
    قيل : يا رسول الله وما هن ؟ قال : الشرك بالله ، والسحر ، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق ، وأكل مال اليتيم ، وأكل الربا. الحديث (4).
    3 ـ أخرج البزار من طريق أبي هريرة مرفوعا : الكبائر سبع : أولهن الشرك بالله. وقتل النفس بغير حقها ، وأكل الربا.
1 ـ سورة البقرة 275.
2 ـ سورة البقرة : 279.
3 ـ صحيح مسلم 5 : 50 ، سنن أبي داود 2 : 83 ، جامع الترمذي ، المحلى 8 : 468 ، سنن ابن ماجة 2 : 40 ، سنن البيهقي 5 : 275 ، 285 ، الترغيب والترهيب 2 : 247 ، تيسير الوصول 1 : 68.
4 ـ صحيح مسلم 1 : 271 ، وفي ط 5 : 50 ، المحلى لابن حزم 8 : 468 ، الترغيب و الترهيب 2 : 247.


(187)
    4 ـ أخرج البخاري وأبو داود عن أبي جحيفة : لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم : الواشمة والمستوشمة ، وآكل الربا وموكله.
    5 ـ أخرج الحاكم بإسناد صحيح عن أبي هريرة مرفوعا : أربع ، حق على الله أن لا يدخلهم الجنة ولا يذيقهم نعيمها : مدمن الخمر ، وآكل الربا ، وآكل مال اليتيم بغير حق ، والعاق لوالديه.
    6 ـ أخرج الحاكم والبيهقي بإسناد صحيح من طريق ابن مسعود مرفوعا : الربا ثلاث وسبعون بابا أيسرها مثل أن ينكح الرجل أمه.
    7 ـ أخرج البزار بإسناد صحيح مرفوعا : الربا بضع وسبعون بابا والشرك مثل ذلك.
    8 ـ أخرج البيهقي بإسناد لا بأس به من طريق أبي هريرة مرفوعا : الربا سبعون بابا أدناها كالذي يقع على أمه.
    9 ـ أخرج الطبراني في الكبير عن عبد الله بن سلام مرفوعا : الدرهم يصيبه الرجل من الربا أعظم عند الله من ثلاثة وثلاثين زنية يزنيها في الاسلام.
    وعن عبد الله موقوفا : الربا اثنان وسبعون حوبا ، أصغرها حوبا كمن أتى أمه في الاسلام.
    ودرهم من الربا أشد من بضع وثلاثين زنية.
    قال : ويأذن الله بالقيام للبر والفاجر يوم القيامة إلا آكل الربا فإنه لا يقوم إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس.
    10 ـ أخرج أحمد والطبراني في الكبير ورجال أحمد رجال الصحيح من طريق عبد الله بن حنظلة غسيل الملائكة مرفوعا : درهم ربا يأكله الرجل وهو يعلم ، أشد من ستة وثلاثين زنية.
    11 ـ أخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي من طريق أنس بن مالك قال : خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلام فذكر أمر الربا وعظم شأنه وقال : إن الدرهم يصيبه الرجل من الربا أعظم عند الله في الخطيئة من ست وثلاثين زنية يزنيها الرجل.
    12 ـ أخرج الطبراني في الصغير والأوسط من طريق ابن عباس مرفوعا : من أكل درهما من ربا فهو مثل ثلاثة وثلاثين زنية.


(188)
    وفي لفظ البيهقي : إن الربا نيف وسبعون بابا أهونهن بابا مثل من أتى أمه في الاسلام ، ودرهم من ربا أشد من خمس وثلاثين زنية.
    13 ـ أخرج الطبراني في الأوسط من طريق البراء بن عازب مرفوعا : الربا اثنان وسبعون بابا أدناها مثل إتيان الرجل أمه.
    14 ـ أخرج ابن ماجة والبيهقي وابن أبي الدنيا من طريق أبي هريرة مرفوعا : الربا سبعون حوبا أيسرها أن ينكح الرجل أمه.
    15 ـ أخرج الحاكم بإسناد صحيح عن ابن عباس مرفوعا : إذا ظهر الزنا والربا في قرية فقد أحلوا بأنفسهم عذاب الله.
    وفي لفظ أبي يعلى بإسناد جيد من طريق ابن مسعود : ما ظهر في قوم الزنا و الربا إلا أحلوا بأنفسهم عذاب الله.
    16 ـ أخرج أحمد من طريق عمرو بن العاصي مرفوعا : ما من قوم يظهر فيهم الربا إلا أخذوا بالسنة (1).
    17 ـ أخرج أحمد وابن ماجة مختحرا والاصبهاني من طريق أبي هريرة مرفوعا : رأيت ليلة أسري بي لما انتهينا السماء السابعة فنظرت فوقي فإذا أنا بزعد وبروق وصواعق فأتيت على قوم بطونهم كالحيات ترى من خارج بطونهم قلت : يا جبريل : من هؤلاء ؟ قال : هؤلاء أكلة الربا.
    وأخرج الاصبهاني من طريق أبي سعيد الخدري بلفظ قريب من هذا.
    18 ـ أخرج الطبراني بإسناد رواته رواة الصحيح عن ابن مسعود مرفوعا : بين يدي الساعة يظهر الربا والزنا والخمر.
    19 ـ أخرج الطبراني والأصبهاني من طريق عوف بن مالك مرفوعا : إياك والذنوب التي لا تغفر ، [ إلى أن قال : ] وآكل الربا ، فمن أكل الربا بعث يوم القيامة مجنونا يتخبط ثم قرأ : الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس.
    20 ـ روى عبد الله بن أحمد في زوائده من طريق عبادة بن الصامت مرفوعا : والذي
1 ـ السنة : العام المقحط ،

(189)
نفسي بيدي ليبيتن أناس من أمتي على أشر وبطر ولعب ولهو ، فيصبحوا قردة وخنازير باستحلالهم المحارم واتخاذهم القينات ، وشربهم الخمر ، وبأكلهم الربا.
    هذه جملة من أحاديث الباب جمعها وغيرها الحافظ المنذري في الترغيب والترهيب 2 : 247 ـ 251.
    21 ـ صح عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من خطبة له في حجة الوداع قوله : ألا و إن كل شيء من أمر الجاهلية موضوع تحت قدمي هاتين ، وربا الجاهلية موضوع ، و أول ربا أضعه ربا العباس بن عبد المطلب وإنه موضوع كله (1).
    22 ـ وروى أئمة الحديث واللفظ لمسلم عن أبي سعيد الخدري مرفوعا : الذهب بالذهب ، والفضة بالفضة ، والبر والبر ، والشعير بالشعير ، والتمر بالتمر ، والملح بالملح مثلا بمثل ، يدا بيد ، فمن زاد واستزاد فقد أربى ، والآخذ والمطعي فيه سواء. راجع صحيح مسلم 5 : 44 ، سنن النسائي 7 : 277 ، 278 ، سنن البيهقي 5 : 278.
    23 ـ ومن طريق أبي سعيد مرفوعا : لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلا بمثل ، ولا تشفوا بعضها على بعض.
    ولا تبيعوا الورق بالورق إلا مثلا بمثل. الحديث.
    راجع صحيح مسلم 5 : 42 ، صحيح البخاري 3 : 288 ، كتاب الأم للشافعي 3 : 25 ، سنن النسائي 7 : 278 ، سنن البيهقي 5 : 276 ، 278 ، بداية المجتهد 2 : 194.
    24 ـ من طريق ابن عمر : الذهب بالذهب لا فضل بينها ، بهذا عهد صاحبنا إلينا وعهدنا إليكم.
    كتاب الأم للشافعي ، سنن البيهقي 5 : 279.
    25 ـ من طريق أبي هريرة مرفوعا : الذهب بالذهب وزنا بوزن مثلا بمثل ، والفضة بالفضة وزنا بوزن مثلا بمثل ، فمن زاد أو ازداد فقد أربى. صحيح مسلم 5 : 45 ، سنن النسائي 7 : 278 ، سنن ابن ماجة 2 : 34.
    26 ـ من طريق عبادة بن الصامت مرفوعا : الذهب بالذهب تبرها وعينها ، والفضة بالفضة تبرها وعينها ، والبر بالبر مدى بمدى ، والشعير بالشعير مدى بمدى ، والتمر بالتمر مدى بمدى ، والملح بالملح مدى بمدى ، فمن زاد أو ازداد فقد أربى.
    سنن أبي داود 2 : 85 ، وبلفظ قريب من هذا عن عبادة في كتاب الأم للشافعي 3 : 12.
1 ـ صحيح مسلم 4 : 41 ، سنن البيهقي 5 : 274 ، سنن أبي داود 2 : 83.

(190)
    وعلى هذه السنة الثابتة جرت الفتاوى قال القرطبي في تفسيره 5 : 349 : أجمع العلماء على القول بمقتضى هذه السنة وعليها جماعة فقهاء المسلمين إلا في البر والشعير ، فإن مالكا جعلهما صنفا واحدا.
    وقال ابن رشد في بداية المجتهد 2 : 194 : أجمع العلماء على أن بيع الذهب بالذهب والفضة بالفضة لا يجوز إلا مثلا بمثل.
    وفي الفقه على المذاهب الأربعة 2 : 245 : لا خلاف بين أئمة المسلمين في تحريم ربا النسيئة ، فهو كبيرة من الكبائر بلا نزاع ، وقد ثبت ذلك بكتاب الله تعالى وسنة رسوله وإجماع المسلمين.
    الخ وفي ص 247 : أما ربا الفضل وهو أن يبيع أحد الجنسين بمثله بدون تأخير في القبض فهو حرام في المذاهب الأربعة.
    هذا ما عند الله وعند رسوله وعند المسلمين أجمع لكن معاوية بلغت به الرفعة مكانا يقول فيه : قال الله ورسوله وقلت ، هما يحرمان الربا بأشد التحريم ، ويستحله معاوية ، وينهى عن رواية سنة جاءت فيه ، ويشدد النكير عليها وعلى من رواها حتى يغادر الصحابي الصالح من جرائه عقر داره ، فماذا للقائل أن يقول فيمن يحاد الله ورسوله ، ويستحل ما حرماه ، ويتعد حدودهما ؟ أو يقول فيمن يسمع آيات الله تتلى عليه ثم يصر مستكبرا كأن لم يسمعها.
    ولأن صح للجاحظ إكفار معاوية لمحض مخالفته للسنة الثابتة باستلحاق زياد كما سيوافيك شرحه فهو بما ذكرناه هنا وفي غير واحد من موارده ومصادره أكفر كافر.
    ولنا حق النظر إلى ناحية أخرى من هذه القصة وهي بيع آنية الفضة من دون كسرها المحرم في شريعة الاسلام تحريما باتا لا خلاف فيه راجع المحلى لابن حزم 8 : 514 ، نعم : هذا حكم الاسلام ومعاوية لا يبالي به فيبيع ما يشاء كيف يشاء ، وسيرى وبال أمره يوم يقوم الناس لرب العالمين ، يوم لا تملك نفس لنفس شيئا والأمر يومئذ لله.
ـ 3 ـ
معاوية يتم في السفر
    أخرج الطبراني وأحمد بإسناد صحيح من طريق عباد بن عبد الله بن الزبير قال : لما
الغدير ـ الجزء العاشر ::: فهرس