الغدير في الكتاب والسنة والأدب الجزء الحادي عشر ::: 71 ـ 80
(71)
نظرة في مناقب ابن هند
    لعلك إلى هاهنا عرفت معاوية ، وأنه أي رجل هو ، وأنه كيف كانت نفسياته وملكاته ، وأن رجلا كمثله لا يتبوأ مقعده إلا حيث تنيخ شية العار ، وفي مستوى السوءة والبوائق ، وأن أي فضيلة تلصقه به رواة السوء وتخط عنه الأقلام المستأجرة فهو حديث إفك نمقته الأهواء والشهوات ، ولا يقام له في سوق الاعتبار وزن ، ولا في مبوأ الحق مقيل ، فظن خيرا ولا تسأل عن الخبر.
    أليس معاوية هو صاحب تلكم الموبقات والجرءة على الله وعلى الاسلام ونبيه و كتابه وسنته.
    سنة الله التي لا تبديل لها ؟! أليس هو الهاتك حرمات الله والمصغر قدر أوليائه ، والمريق دمائهم الزكية ، و الدؤوب على الظلم والجور بإزهاق النفوس البريئة من غير جرم ؟ ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما (1).
    أليس هو من آذى الله ورسوله في الصالحين من رجالات الأمة وعدول الصحابة الأولين والتابعين لهم بإحسان ، المحرمة دماؤهم وأقدارهم وحرماتهم بزجهم إلى أعماق السجون ، وإبعادهم عن عقر دورهم وإخافتهم ؟ إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذابا مهينا ، والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا (2).
    أليس هو من آذى رسول الله في أهل بيته بإثارة الحرب على صنوه ونفسه وخليفته حقا ؟ وكان من واجبه أن يخضع له ويتحرى مرضاته ، والذين يؤذون رسول الله لهم عذاب أليم (3).
1 ـ سورة النساء : 93.
2 ـ سورة الأحزاب : 57 ، 58.
3 ـ سورة التوبة : 61.


(72)
    أليس هو الذي لم يراقب حرمة الرسول الأعظم في ذوي قرباه وصغرها بسب أبي ولده ، وأمر الملأ الديني بتلك الجريمة الموبقة ، واتخذها سنة متبعة ، وقذف من طهره الجليل بالأفائك والمفتريات ؟ أليس هو السباق الأول في المآثم الجمة المخزية ؟ أول من باع الخمر وشربها من الخلفاء ؟ والخمر وشاربها وبايعها ومشتريها ملعون ملعون.
    أول من أشاع الفاحشة في الملأ الاسلامي ؟ إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون. ( سور النور : 19 )
    أول من أحل الربا وأكله ؟ وأحل الله البيع وحرم الربا ، والذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس ، وآكل الربا وموكله ملعون بلسان النبي صلى الله عليه وآله أول من أتم الصلاة في السفر تقديسا لأحدوثة ابن عمه ؟!.
    أول من أحدث الأذان في صلاة العيدين ؟!.
    أول من رأى الجمع بين الأختين إحياء لما ذهب إليه عثمان ؟! أول من غير السنة في الديات وأدخل فيها ما ليس منها ؟!.
    أول من ترك التكبير في الصلوات عند كل هوي وانتصاب وهي سنة ثابتة ؟! أول من ترك التلبية وأمر به خلافا لعلي أمير المؤمنين عليه السلام العامل بسنة الله و رسوله ؟! أول من قدم الخطبة على الصلاة في العيد لإسماع الناس سب علي عليه السلام ؟ وقد صح عن نبي الاسلام : من سب عليا فقد سبه ، ومن سبه فقد سب الله.
    أول من عصى ربه بترك حدوده وإقامة سنته ؟ ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارا خالدا فيها وله عذاب مهين ( سورة النساء : 14 ).
    أول من نقض حكم العاهر ، وأحيى طقوس الجاهلية ، وخالف دين محمد صلى الله عليه وآله والولد للفراش وللعاهر الحجر ؟!.
    أول من تختم باليسار ؟ فأخذ المراونة بذلك إلى أن نقله السفاح إلى اليمين


(73)
فبقي إلى أيام الرشيد فنقله إلى اليسار (1).
    أول من سن سب علي عليه السلام وقنت به وجعله سنة جارية في خلفه الذين أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات ، وشوه خطب المنابر بذلك الحادث المخزي ؟!.
    أول من بغى على إمام وقته وحاربه وقاتله وقتل أمة كبيرة من صلحاء الصحابة البدريين وأهل بيعة الشجرة الذين رضي الله عنهم ورضوا عنه ؟!.
    أول من أعطى المال لوضع الحديث وتحريف كتاب الله وكلمته الطيبة عن مواضعها ؟! أول من اشترط البرائة عن علي عليه السلام على من بايعه في خلافته الغاشمة أو في ملكه العضوض ؟! أول من حمل إليه رأس الصحابي العادل عمرو بن الحمق وأدير به في البلاد ؟! أول من قتل عدول الصحابة الأولين والتابعين لهم بإحسان من عيون الأمة و عبادها ونساكها لمحض ولائهم سيد العترة ، وقد جعله الله أجر رسالة نبيه الخاتم صلى الله عليه وآله ؟! أول من قتل نساء كل من والى أهل بيت النبي صلى الله عليه وآله وذبح صبيانهم ، ونهب أموالهم ، ومثل قتلاهم وشتت شملهم ، وفرق جمعهم ، واستأصل شأفتهم ، ونفاهم عن عقر دورهم ، وأبادهم تحت كل حجر ومدر ؟! أول من عبثت به رعيته ، وسن العمل بالشهادات المزورة ، وسلط رجال الشر والغي والجور على صلحاء أمة محمد صلى الله عليه وآله ؟! أول من هم بنقل منبر رسول الله صلى الله عليه وآله عن المدينة المشرفة إلى الشام ؟! ولما حرك المنبر خسفت الشمس فترك (2).
    أول من بدل الخلافة الإسلامية إلى شر ملك وسلطة سوء ؟! أول من ملك وتجبر في الاسلام بلبس الحرير والديباج ، وشرب في آنية الذهب والفضة ، وركب السروج المحلاة بهما ؟!
1 ـ ربيع الأبرار للزمخشري باب 75.
2 ـ تاريخ ابن كثير 8 : 45.


(74)
    أول من سمع الغناء وطرب عليه وأعطى ووصل إليه وهو يرى نفسه أمير المؤمنين ؟! أول من هتك دين الله باستخلاف جروه الفاجر المستهتر التارك للصلاة ؟! أول من أشن الغارة على مدينة الرسول صلى الله عليه وآله حرم أمن الله ، وأخاف أهليها ، وما رعى حرمة ذلك الجوار المقدس ؟! إلى جرائم وبوائق تجد الرجل فيها هو السابق الأول إليها ؟! (1) أصحيح أن مثل هذا الطاغية تصدر فيه كلمة إطراء من مصدر النبوة ؟ أو يأتي عن نبي العدل والحق والصدق ما يوهم الثناء عليه ؟ لا. لا يمكن ذلك.
    بل نبي العظمة أكبر من يبغض هذا الانسان وجرائمه ، والرجل أشد أعداؤه صلى الله عليه وآله في جاهليته و إسلامه ، ولو كان صلى الله عليه وآله ينطق بشيء من ذلك ـ وحاشاه ـ لكان أكبر ترويج للباطل و أهله ، وأوضح ترخيص في المعصية ، وأبين استهانة بالحق.
    قال عبد الله بن أحمد بن حنبل : سألت أبي عن علي ومعاوية ؟ فقال : إعلم أن عليا كان كثير الأعداء ففتش له أعداؤه عيبا فلم يجدوا فجاؤوا إلى رجل قد حاربه وقاتله فأطروه كيدا منهم لعلي (2) وقال الحاكم : سمعت أبا العباس محمد بن يعقوب بن يوسف يقول : سمعت أبي يقول : سمعت إسحاق بن إبراهيم الحنظلي يقول : لا يصح في فضل معاوية حديث (3) ولما لم يجد البخاري حديثا يصح من مناقب معاوية فقال عند عد مناقب الصحابة من صحيحه : باب ذكر معاوية رضي الله عنه.
    فقال ابن حجر في فتح الباري 7 : 83 : أشار بهذا إلى ما اختلقوه لمعاوية من الفضائل مما لا أصل له ، وقد ورد في فضائل معاوية أحاديث كثيرة لكن ليس فيها ما يصح من طريق الاسناد ، وبذلك جزم إسحاق بن راهويه والنسائي وغيرهما.
    وأما مسلم وابن ماجة فلما لم يريا حديثا يعبأ به في فضائل معاوية ضربا عن اسمه في الصحيح والسنن صفحا عند عد مناقب الصحابة.
    والترمذي لم يذكر له إلا حديث :
1 ـ راجع أوائل السيوطي ، وتاريخ الخلفاء له ، ومحاضرة الأوائل للسكتواري.
2 ـ تاريخ الخلفاء للسيوطي ص 133 ، فتح الباري 7 : 83 ، الصواعق ص 76.
3 ـ اللئالي للسيوطي 1 ص 220 ، فتح الباري 7 : 83.


(75)
أللهم اجعله هاديا مهديا واهد به. فقال : حسن غريب. ونحن أوقفناك على بطلانه في الجزء العاشر ص 373.
    وذكر حديث : اللهم اهد به وزيفه هو بنفسه لمكان عمرو بن واقد ، وعمرو أحد الكذابين ذكرناه في الجزء الخامس ص 249 ط 2 فالصحاح والسنن خالية عما لفقتها رواة السوء في فضل الرجل.
    ودخل الحافظ النسائي صاحب السنن إلى دمشق فسأله أهلها أن يحدثهم بشيء من فضائل معاوية فقال : أما يكفي معاوية أن يذهب رأسا برأس حتى يروى له فضائل ؟ فقاموا إليه فجعلوا يطعنون في خصيتيه حتى أخرج من المسجد الجامع فقال : أخرجوني إلى مكة فأخرجوه وهو عليل فتوفي بمكة مقتولا شهيدا (1) وقال ابن تيمية في منهاجه 2 : 207 : طائفة وضعوا لمعاوية فضائل ورووا أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك كلها كذب.
    وقال الفيروز آبادي في خاتمة كتابه ( سفر السعادة ) والعجلوني في كشف الخفاء ص 420 : باب فضائل معاوية ليس فيه حديث صحيح.
    وقال العيني في عمدة القاري : فإن قلت : قد ورد في فضله يعني معاوية أحاديث كثيرة.
    قلت : نعم ، ولكن ليس فيها حديث صحيح يصح من طرق الاسناد ، نص عليه إسحاق بن راهويه والنسائي وغيرهما ، فلذلك قال يعني البخاري : ( باب ذكر معاوية ) ولم يقل : فضيلة ولا منقبة.
    وقال الشوكاني في ( الفوائد المجموعة ) : اتفق الحفاظ على إنه لم يصح في فضل معاوية حديث.
    نعم : إن الغلو في حب الرجل خلق له فضائل مفتراة تبعد جدا عن ساحة النبي الأقدس صلى الله عليه وآله أن يبوح بشيء منها ، وإنما يد الافتعال نسجت له على نول ما نسجته لبقية الخلفاء مناقب تندى منها جبهة الانسانية ، وألف محمد بن عبد الواحد أبو عمر غلام ثعلب جزءا في فضائل هذا الانسان المحشو رداؤه بالرذائل.
    قال ابن حجر في لسان الميزان 1 : 374 : إسحاق بن محمد السوسي ذاك الجاهل الذي أتى بالموضوعات السمجة في فضائل معاوية رواها عبيد الله السقطي عنه فهو المتهم بها أو شيخه.
1 ـ تاريخ ابن كثير 11 : ، 124 ، سيوافيك تفصيل قصة النسائي.

(76)
    فنحن نجمع هاهنا شتات جملة من تلكم الأكاذيب التي خلقتها أو اختلقتها يد الوضع الأثيمة في مناقب الرجل مما مر الايعاز إليه ، وما لم نذكره بعد ، ونجعلها بين يدي القارئ النابه الحر ، وله القضاء بالحق ، والله المستعان ، ألا وهي :
    1 ـ عن أنس مرفوعا : لا أفتقد أحدا من أصحابي غير معاوية بن أبي سفيان لا أراه ثمانين عاما ، فإذا كان بعد ثمانين عاما يقبل إلي على ناقة من المسك الأذفر حشوها من رحمة الله ، قوائمها من الزبرجد فأقول : معاوية ؟ فيقول : لبيك يا محمد ! فأقول : أين كنت من ثمانين عاما ؟ فيقول : كنت في روضة تحت عرش ربي يناجيني وأناجيه. ويحييني وأحييه ويقول : هذا عوض مما كنت تشتم في دار الدنيا. راجع الجزء الخامس ص 254 ط 1 ، 298 ط 2.
    2 ـ عن أنس مرفوعا : هبط علي جبريل ومعه قلم من ذهب إبريز فقال : إن العلي الأعلى يقرئك السلام ويقول لك : حبيبي قد أهديت هذا القلم من فوق عرشي إلى معاوية ابن أبي سفيان فأوصله إليه ومره أن يكتب آية الكرسي بخطه بهذا القلم ويشكله و يعجمه ويعرضه عليك ، فإني قد كتبت له من الثواب بعدد كل من قرأ آية الكرسي من ساعة يكتبها إلى يوم القيامة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من يأتيني بأبي عبد الرحمن ؟ فقام أبو بكر الصديق ومضى حتى أخذ بيده وجاءا جميعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسلموا عليه فرد عليهم السلام ثم قال لمعاوية : ادن مني يا أبا عبد الرحمن ! ادن مني يا أبا عبد الرحمن ! فدنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم فدفع إليه القلم ثم قال له : يا معاوية ؟ هذا قلم أهداه إليك ربك من فوق العرش لتكتب به آية الكرسي بخطك وتشكله وتعجمه وتعرضه علي فاحمد الله و اشكره على ما أعطاك ، فإن الله قد كتب لك من الثواب بعدد من قرأ آية الكرسي من ساعة تكتبها إلى يوم القيامة.
    فأخذ القلم من يد النبي صلى الله عليه وسلم فوضعه فوق أذنه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اللهم إنك تعلم أني قد أوصلته إليه. ثلاثا.
    فجثا معاوية بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم ولم يزل يحمد الله على ما أعطاه من الكرامة ويشكره حتى أتى بطرس ومحبرة فأخذ القلم ولم يزل يخط به آية الكرسي أحسن ما يكون من الخط حتى كتبها وشكلها و عرضها على النبي صلى الله عليه وسلم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا معاوية ! إن الله قد كتب لك من الثواب بعدد كل من يقرأ آية الكرسي من كتبتها إلى يوم القيامة.


(77)
    راجع الجزء الخامس ص 259 ط 1 ، 304 ط 2.
    3 ـ عن جابر : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم استشار جبريل في استكتاب معاوية فقال : استكتبه فإنه أمين راجع الجزء الخامس ص 260 ط 1 ، 305 ط 2.
    4 ـ عن عبادة بن الصامت : أوحى الله إلى النبي صلى الله عليه وسلم : استكتب معاوية فإنه أمين مأمون.
    راجع الجزء الخامس ص 261 ط 1 ، 305 ط 2.
    5 عن أنس مرفوعا : الأمناء سبعة : اللوح والقلم وإسرافيل وميكائيل وجبريل ومحمد ومعاوية.
    راجع الجزء الخامس ص 262 ط 1 ، 308 ط 2.
    6 ـ عن أبي هريرة مرفوعا : الأمناء عند الله ثلاثة : أنا وجبريل ومعاوية.
    راجع الجزء الخامس ص 261 ط 1 ، 306 ط 2.
    7 ـ أخبر رجل عن رجل قال : اجتمع عشرة من بني هاشم فغدوا على النبي صلى الله عليه وسلم فلما قضى الصلاة قالوا : يا رسول الله ! غدونا ليك لنذكر لك بعض أمورنا ، إن الله قد تفضل بهذه الرسالة فشرفك ، بها وشرفنا لشرفك وهذا معاوية بن أبي سفيان يكتب الوحي فقد رأينا أن غيره من أهل بيتك أولى به لك منه قال : نعم.
    انظروا في رجل غيره قال : وكان الوحي ينزل في كل أربعة أيام من عند الله إلى محمد فأقام جبريل أربعين يوما لا ينزل ، فلما كان يوم أربعين هبط جبريل بصحيفة فيها مكتوب : يا محمد ! ليس لك أن تغير من اختاره الله لكتابة وحيه فأقره فإنه أمين ، فأقره.
    راجع الجزء الخامس ص 262 ط 1 ، 307 ط 2.
    8 ـ عن واثلة مرفوعا : إن الله ائتمن على وحيه جبريل وأنا ومعاوية ، وكاد أن يبعث معاوية نبيا من كثرة علمه وائتمانه على كلام ربي ، يغفر الله معاوية ذنوبه ، ووقاه حسابه ، وعلمه كتابه ، وجعله هاديا مهديا وهدى به.
    راجع الجزء الخامس ص 262 ط ، 1 308 ط 2.
    9 ـ عن سعد : إن النبي صلى الله عليه وآله قال لمعاوية : إنه يحشر وعليه حلة من نور


(78)
ظاهرها من الرحمة ، وباطنها من الرضا ، يفتخر بها في الجمع. لكتابة الوحي.
    راجع الجزء الخامس ص 276 ط 1 ، 324 ط 2.
    10 ـ عن عبد الله بن عمر : إن جعفر بن أبي طالب أهدى إلى النبي صلى الله عليه وآله سفرجلا فأعطى معاوية ثلاث سفرجلات وقال : تلقاني بهن في الجنة.
    راجع الجزء الخامس ص 281 ط 1 ، 329 ط 2.
    قال ابن حبان : موضوع.
    وقال الخطيب : حديث غير ثابت.
    وقال ابن عساكر : لا أصل له.
    راجع اللئالي المصنوعة 1 : 422 ، 423.
    11 ـ عن عبد الله بن عمر مرفوعا : الآن يطلع عليكم رجل من أهل الجنة ، فطلع معاوية فقال : أنت يا معاوية ! مني وأنا منك ، لتزاحمني على باب الجنة كهاتين وأشار بإصبعيه.
    ذكره الذهبي في الميزان 2 : 133 وقال : خبر باطل.
    12 ـ أخرج البخاري في تاريخه 4 قسم ص 180 عن إسحاق بن يزيد عن محمد بن مبارك الصوري عن صدقة بن خالد عن وحشي بن حرب بن وحشي عن أبيه عن جده قال : كان معاوية ردف النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا معاوية ! ما يليني منك ؟ قال : بطني قال صلى الله عليه وسلم : اللهم املأه علما وحلما.
    وذكره الذهبي في الميزان 3 : 268.
    قال الأميني : لو كان لهذه الرواية اعتبار ولو قليلا عند البخاري لأخرجه في صحيحه ، ولم يجعل باب ذكر معاوية خاليا عن كل فضيلة ومنقبة ، وهو يعلم أن معاوية بكله فارغ عن العلم والحلم فكيف يصدقها من يعرف الرجل بالجهل والغضب المرديين ؟ ولو كان رسول الله صلى الله عليه وآله دعا على رجل بأن يخلو بطنه من العلم والحلم فهل كان هو غير باطن معاوية ؟ أي عمل الرجل في ورده وصدره ينبأ عن الخلتين ؟ وأي فرق فيهما بين جاهليته الممقوتة وبين إسلامه المظلم ؟ فتلك وهذا سواسية ، وهو بينهما رهين جهله المبير وغضبه المهلك ، فإذا سألت عبادة بن الصامت ( الصحابي العظيم ) عن علمه فعلى الخبير سقطت يقول لك : إن أمه هند أعلم منه (1) وإذا سألت شريكا عن حلمه
1 ـ تاريخ ابن عساكر 7 : 210.

(79)
فتسمع منه قوله : ليس بحليم من سفه الحق وقاتل عليا (1) وتقول أم المؤمنين عائشة (2) : أين كان حلمه حين قتل حجرا وأصحابه ؟ ويل له من حجر وأصحابه.
    وقال شريك حين ذكر معاوية عنده بالحلم : هل كان معاوية إلا معدن السفه ؟ والله لقد أتاه قتل أمير المؤمنين وكان متكيا فاستوى جالسا ثم قال : يا جارية غنيني فاليوم قرت عيني فأنشأت تقول :
ألا أبلغ معاوية بن حرب أفي شهر الصيام فجعتمونا قتلتم خير من ركب المطايا فلا قرت عيون الشامتينا بخير الناس طرا أجمعينا وأفضلهم ومن ركب السفينا
    فرفع معاوية عمودا كان بين يديه فضرب رأسها ونثر دماغها ، أين كان حلمه ذلك اليوم ؟ (3) والذي جاء في بطن معاوية من الحديث المتسالم عليه إنما هو إنه صلى الله عليه وآله دعا عليه وقال : لا أشبع الله بطنه.
    وأما غيره فحديث إفك لا يؤبه به.
    13 ـ عن جابر : إن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى معاوية سهما وقال : هاك حتى تلقاني به في الجنة.
    وفي لفظ عن أبي هريرة : حتى توافيني به في الجنة. رواه قاسم بن بهران. قال ابن حبان : لا يجوز الاحتجاج به بحال. وقال ابن عدي : إنه كذاب. وقال الذهبي : موضوع (4).
    14 ـ عن خارجة بن زيد عن أبيه مرفوعا : يا أم حبيبة ! لله أشد حبا لمعاوية منك كأني أراه على رفارف الجنة.
    ميزان الاعتدال 3 : 56 ، قال الذهبي : خبر باطل اتهم بوضعه محمد بن رجاء.
    قال الأميني : وفي الاسناد : عبد الرحمن بن أبي الزناد قال يحيى بن معين : ليس
1 ـ تاريخ ابن كثير 8 : 130.
2 ـ مر حديثه في هذا الجزء.
3 ـ هذه القضية ذكرها الراغب في محاضراته المخطوطة الموجودة ، وهكذا نقلت عنها في تشييد المطاعن في ج 2 : 409 غير إن يد الطبع الأمينة ؟ حرفتها من الكتاب مع أحاديث ترجع إلى معاوية راجع ج 2 : 214 من المحاضرات وقابلها بالمخطوطة منها.
4 ـ راجع ميزان الاعتدال 2 : 38 ، لسان الميزان 4 : 414 ، 459 ، ج 6 : 219.


(80)
ممن يحتج به أصحاب الحديث ، ليس بشيء ، ضعيف. وقال صالح بن أحمد عن أبيه : مضطرب الحديث. وعن ابن المديني : كان عند أصحابنا ضعيفا. وقال النسائي : لا يحتج بحديثه ، وكان يضعف لروايته عن أبيه. تهذيب التهذيب 6 : 170.
    15 ـ قال أبو عمرو الزاهد : أخبرني علي بن محمد ابن الصائغ عن أبيه أنه قال : رأيت الحسين وقد وفد على معاوية زائرا فأتاه في يوم جمعة وهو قائم على المنبر خطيبا فقال له رجل من القوم : يا أمير المؤمنين ! إيذن للحسين يصعد المنبر ، فقال له معاوية : ويلك دعني افتخر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : سألتك بالله يا أبا عبد الله ! أليس أنا ابن بطحاء مكة ؟ فقال : أي والذي بعث جدي بالحق بشيرا ، ثم قال : سألتك بالله يا أبا عبد الله ! أليس أنا خال المؤمنين ؟ فقال : أي والذي بعث جدي نبيا ، ثم قال : سألتك بالله يا أبا عبد الله ! أليس أنا كاتب الوحي ؟ فقال : أي والذي بعث جدي نذيرا.
    ثم نزل معاوية وصعد الحسين بن علي فحمد الله بمحامد لم يحمده الأولون والآخرون بمثلها ثم قال : حدثني أبي عن جدي عن جبريل عن الله تعالى : إن تحت قائمة كرسي العرش ورقة آس خضراء مكتوب عليها : لا إله إلا الله ، محمد رسول الله ، يا شيعة آل محمد ! لا يأتي أحدكم يوم القيامة يقول لا إله إلا الله إلا أدخله الله الجنة فقال له معاوية : سألتك بالله يا أبا عبد الله ! من شيعة آل محمد ؟ فقال : الذين لا يشتمون الشيخين أبا بكر وعمر ، ولا يشتمون عثمان ، ولا يشتمون أبي ، ولا يشتمونك يا معاوية !.
    أخرجه ابن عساكر في تاريخه 4 : ، 312 ، 313 وقال : هذا حديث منكر ولا أرى إسناده متصلا إلى الحسين.
    قال الأميني : ألا تعجب من حافظ يروي مثل هذا الحديث ويراه منكرا غير مسند ؟ أليس في إسناده أبو عمر الزاهد محمد بن عبد الواحد الذي ألف من الأكاذيب جزءا في فضائل معاوية ومنها هذه الأكذوبة الفاحشة ؟ أليس فيه علي بن محمد الصائغ ؟ ي قال الخطيب في تاريخه 3 : 222 : ضعيف جدا ؟ ألا يقول الحافظ ؟ : إن علي بن محمد الصائغ الذي يروي عنه أبو أحمد الجرجاني المتوفى 374 الذي يروي عن مالك المتوفى 179 بواسطة كيف يروي أبوه عن الحسين السبط عليه السلام الشهيد سنة 60 ؟! وكيف يعقل إدراكه معاوية وحضوره في خطبته ؟!
الغدير في الكتاب والسنة والأدب الجزء الحادي عشر ::: فهرس