الغدير في الكتاب والسنة والأدب الجزء الحادي عشر ::: 101 ـ 110
(101)
    39 ـ وجد أبو الفتح يوسف القواس في كتبه جزءا له فيه فضايل معاوية وقد قرضته الفأرة ، فدعا الله تعالى على الفأرة التي قرضته ، فسقطت من السقف ولم تزل تضطرب حتى ماتت ، تاريخ بغداد للخطيب الحافظ 14 : 327.
    هلم واضحك على عقلية هذا الحافظ المعتوه الذي يرى من كرامة معاوية على الله أن أهلك لأجله فأرة قرضت جزءا فيه فضائل معاوية ، وقد أصفق أئمة الحديث كما أسلفناه على إنه لا يصح منها شيء ، وهل الفئران كلفت بولاء ابن آكلة الأكباد ، والفأرة التي أصابته الدعوة قد شذت وخالفت أمتها وعادت معاوية فحقت عليها كلمة العذاب ؟ وهل المسكينة كانت عارفة بما في ذلك الجزء فأنكرته وسخطت عليه وقرضته وهي على بصيرة من أمرها ؟ وهل كانت لأبي الفتح القواس سابقة معرفة بتلك الفأرة فلما سقطت وماتت عرف أنها هي هي ؟ إني أعظك أن تكون من الجاهلين.
    40 ـ قال الكلواذي في قصيدة له :
ولابن هند في الفؤاد محبة معروسة فليرغمن مفندي
    رد عليه العلامة شهاب الدين أحمد الحفظي الشافعي بقوله :
قل لابن كلواذي وخيم المورد أفأنت تطمع يا سخيف العقل ! في والمسلمين الصادقي إيمانهم أو لست أنت القائل البيت الذي [ ولابن هند في الفواد محبة أرأيت ويلك ذا يقين لا يفند أو هل ترى إلا بقلب منافق أو ما علمت بأن من أحببته لعن الوصي وبدل الأحكام وارتكب إن المحب مع الحبيب مقره أوقعت نفسك في الحضيض الأوهد إرغام طه والوصي المهتدي ؟ بالله جل وبالنبي محمد ؟ تصلى به وهج السعير المؤصد مغروسة فليرغمن مفندي ] ما يفوه به لسان الأبعد ؟ غرست محبة عجلك المتمرد ؟ رأس البغاة وخصم كل موحد ؟ الكبائر باللسان وباليد ولسوف تعلم مستقرك في غد


(102)
فعليكما سخط الإله ومقته وعلى الذي بك في العقيدة يقتدي (1)
    توجد جملة ضافية من الآراء والأقوال الساقطة والأحلام الخيالية التافهة في الثناء على ابن هند في تاريخ ابن كثير 8 : 139 ، 140 ، وتطهير الجنان واللسان عن الخطور والتفوه بثلب معاوية بن أبي سفيان لابن حجر الهيتمي (2) وغيرهما وفي المذكور غنى وكفاية.
فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل
لهم مما يكسبون

1 ـ تقوية الإيمان ص 107.
2 ـ طبع في هامش الصواعق المحرقة له.


(103)
الغلو الفاحش
    هاهنا ننهي البحث عن المغالاة في مناقب الخلفاء ، ويهمنا عندئذ أن نوقف القارئ على شرذمة قليلة من الكثير الوافي مما نسجته يد الغلو من قصص الخرافة ، وما لفقته الأهواء والشهوات من فضائل أناس من القوم منذ عهد الصحابة وهلم جرا ، ونلمسك باليد الغلو الفاحش :

ـ 1 ـ
زيد بن خارجة يتكلم بعد الموت
    أخرج البيهقي بإسناده عن سعيد بن المسيب : إن زيد بن خارجة الأنصاري توفي زمن عثمان بن عفان فسجي بثوبه ، ثم إنهم سمعوا جلجلة في صدره ثم تكلم ثم قال : أحمد أحمد في الكتاب الأول ، صدق صدق أبو بكر الصديق ، الضعيف في نفسه ، القوي في أمر الله في الكتاب الأول ، صدق صدق عمر بن الخطاب القوي الأمين في الكتاب الأول ، صدق صدق عثمان بن عفان على منهاجهم مضت أربع وبقيت ثنتان أتت بالفتن وأكل الشديد الضعيف ، وقامت الساعة ، وسيأتيكم عن جيشكم خبر بئر أريس ، وما بئر أريس ؟.
    وفي لفظ آخر من طريق النعمان بن بشير قال : الأوسط أجلد الثلاثة الذي كان لا يبالي في الله لومة لائم ، كان يأمر الناس أن يأكل قويهم ضعيفهم ، عبد الله أمير المؤمنين صدق صدق كان ذلك في الكتاب الأول.
    ثم قال : عثمان أمير المؤمنين وهو يعافي الناس من ذنوب كثيرة ، خلت اثنتان وبقي أربع ، ثم اختلف الناس وأكل بعضهم بعضا ، فلا نظام وانتجت الأكما ، ثم ارعوى المؤمنين وقال : كتاب الله وقدره ، أيها الناس : أقبلوا على أميركم واسمعوا وأطيعوا ، فمن تولى فلا يعهدن دما وكان أمر الله قدرا مقدورا ، الله أكبر هذه الجنة وهذه النار ، ويقول النبيون والصديقون : سلام عليكم ، يا عبد الله ابن رواحة ! هل أحسست لي خارجة لأبيه وسعدا اللذين قتلا يوم أحد ؟ كلا إنها


(104)
لظى نزاعة للشوى تدعو من أدبر وتولى وجمع فأوعى. ثم خفت صوته. فسألت الرهط عما سبقني من كلامه فقالوا : سمعناه يقول : أنصتوا أنصتوا. هذا أحمد رسول الله ، سلام عليك يا رسول الله ! ورحمة الله وبركاته.
    أبو بكر الصديق الأمين ، خليفة رسول الله كان ضعيفا في جسمه قويا في أمر الله صدق صدق ، وكان في الكتاب الأول إلخ وفي لفظ القاضي في الشفا : قال : انصتوا انصتوا.
    محمد رسول الله النبي الأمي و خاتم النبيين كان ذلك في الكتاب الأول.. الخ.
    راجع الاستيعاب 1 : 192 ، تاريخ ابن كثير 6 : 156 ، الشفا للقاضي عياض ، الروض الأنف 2 : 370 ، الإصابة 1 : 565 ، ج 2 ، 24 ، تهذيب التهذيب 3 : 410 ، الخصائص الكبرى 2 : 85 ، شرح الشفا للخفاجي 3 : 108 فقال : هذا مما روته الطبراني وأبو نعيم وابن مندة و رواه ابن أبي الدنيا عن أنس.
    وحكاه ص 105 عن ابن عبد البر وابن سيد الناس وابن الأثير والذهبي وابن الجوزي وابن أبي الدنيا.
    قال الأميني : نعمت الدعاية إلى مبادئ اعتنقها القوم ولم يقتنعوا بابتداعها حتى دعموها بأمثال هذه ، وللمنقب أن يسهب في القول هاهنا لكنا نحيله إلى روية القارئ ولنا أن نسائل صاحب هذا المهزأة : هل القيامة قد قامت يوم مات فيه ابن خارجة فكلم الله فيه الموتى ؟ أو كان ذلك جوابا عن مسائلة البرزخ قد سمعه الملأ الحضور ؟ أو أن عقيدة الإمامية في مسألة الرجعة قد تحققت فرجع ابن خارجة ـ ولم يكن رجوعه في الحسبان ـ لتحقيق الحقايق ، غير أن تحقيقه إياها لم يعد التافهات ؟ وهل كان ابن خارجة متأثرا من عدم إشادته بأمر خلافة الخلفاء إبان حياته وكان ذلك حسرة في قلبه حتى تداركه بعد الموت ، وكان من كرامته على الله سبحانه أن منحه بما دار في خلده وهو ميت ؟ أو أن الله تعالى كلمه لإقامة الحجة على الأمة وأراه من الكتاب الأول ما لم يره نبيه الرسول الأمين ، وأرجأ هذا البلاغ لابن خارجة ومنحه ما لم يمنحه صاحب الرسالة الخاتمة ؟ وليت شعري لو كان ابن خارجة كشفت له عن الحقايق الراهنة الثابتة في الكتاب الأول ، وأذن له ربه أن يبلغ أمة محمد صلى الله عليه وآله ما فيه نجاحها ونجاتها ، فلما ذا أخفى عليها اسم رابع الخلفاء الراشدين ـ أو الخليفة الحق ـ ولم يذكره ؟! أو من الذي أنساه إياه فجاء بلاغا مبتورا ؟ أفتراه لم يأت ذكره في الكتاب الأول وما صدق وما


(105)
صدق ، وهو نفس النبي الأعظم في الكتاب الثاني ، والمطهر بآية التطهير ، وقد قرنت ولايته بولاية الله وولاية رسوله ؟ إن هذا لشيء عجاب.
    ولعلك لا تعجب من هذه الهضيمة بعد ما علمت أن سلسلة هذه الرواية تنتهي إلى سعيد بن المسيب ونعمان بن بشير وهما هما ، وقد أسلفنا البحث عنهما وأنهما في طليعة مناوئي أمير المؤمنين عليه السلام : وهنا مشكلة أخرى لا تنحل ألا وهي : إن ابن خارجة توفي في عهد عثمان و أيام خلافته ، فهل الصحابة العدول أو عدول الصحابة رأوا هذه المكرمة من كثب و صدقوها وأذعنوا بنبأ ابن خارجة العظيم ، ثم نسوها مع قرب عهدهم بها كما نسوا عهد رسول الله صلى الله عليه وآله يوم غدير خم في مائة ألف أو يزيدون ، وأصفقوا على بكرة أبيهم المهاجر منهم والأنصار على قتل عثمان بعد تلك الحجة البالغة وما شذ منهم محتجا على المتجمهرين عليه بنبأ ابن خارجة ، كأن لم يكن شيئا مذكورا ؟ وأنت تعرف مقدار عقلية أولئك الحفاظ ومكانتهم من العلم والدين والثقة بروايتهم أمثال هذه المخازي وعدهم إياها من الصحاح والمسانيد ، قاتل الله الحب المعمي والمصم.

ـ 2 ـ
أنصاري يتكلم بعد القتل
    أخرج البيهقي في عد من تكلم بعد الموت قال : أنا أبو سعيد بن أبي عمر : ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب : ثنا يحيى بن أبي طالب : أنا علي بن عاصم : أنا حصين بن عبد الرحمن ، عن عبد الله بن عبيد الأنصاري قال : بينما هو يوارون القتلى يوم صفين أو يوم جمل إذ تكلم رجل من الأنصار من القتلى فقال : محمد رسول الله. أبو بكر الصديق عمر الشهيد ، عثمان الرحيم. ثم سكت (1).
    قال الأميني : في الاسناد يحيى بن أبي طالب ، قال موسى بن هارون : أشهد أنه يكذب عني في كلامه (2) وعلي بن عاصم قال خالد الحذاء : كذاب فاحذروه. وعن
1 ـ تاريخ ابن كثير 6 : 158.
2 ـ لسان الميزان 6 : 262.


(106)
شعبة أنه قال : لا تكتبوا عنه. وعن يحيى بن معين : كذاب ليس بشيء : وعنه : ليس بشيء ولا يحتج به ، ليس ممن يكتب حديثه ، وقال يزيد بن هارون : ما زلنا نعرفه بالكذب وقال البخاري : ليس بالقوي عندهم (1).
    والنظر في المتن لدة النظر في سابقه فيأتي هاهنا جميع ما ذكر هنالك فليس القتيل الأنصاري عن ابن خارجة ببعيد.

ـ 3 ـ
شيبان يحيي حماره
    عن الشعبي قال : خرج رجل من النخع يقال له : شيبان في جيش على حمار له في زمن عمر ، فوقع الحمار ميتا ، فدعاه أصحابه ليحملوه ومتاعه فامتنع ، فقام فتوضأ ثم قام عند رأسه فقال : اللهم إني أسلمت لك طائعا ، وهاجرت مختارا في سبيلك ابتغاء مرضاتك ، وإن حماري كان يعينني ويكفيني عن الناس ، فقوني به ، وأحيه لي ، ولا تجعل لأحد علي منة غيرك.
    فنفض الحمار رأسه وقام فشد عليه ولحق بأصحابه.
    وذكر ابن أبي الدنيا من طريق مسلم بن عبد الله النخعي قصة مثل هذه وسمى صاحب الحمار نباتة بن يزيد.
    وأخرج الحسن بن عروة قصة حمار عن أبي سبرة النخعي وقال : أقبل رجل من اليمن.. الخ.
    تاريخ ابن كثير 6 : 153 ، 292 ، الإصابة 2 : 169.
    قال الأميني : ليس عزيز على الله أن يخلق في مجاهيل أمة محمد صلى الله عليه وآله في عسكر عمر من يضاهي روح الله عيسى بن مريم يحيي الموتى بإذنه ولو كان المحيى حمارا ، غير إن هذه وأمثالها تخص برجال زمان أبي بكر وعمر وعثمان ومن بعدهم بمن يحبهم و يعتنق ولائهم ، وإن جاء حديث في كرامة غيرهم فمن الصعب المستصعب قبوله ، والعقل والشرع والمنطق والبرهنة تأباه ، وهنالك يحق كل جبلة ولغط ، ويجري كل ما يتصور من المناقشة في الحساب لماذا هي كلها ؟ أنا لا أدري وإن كان المحاسب يدري.
    وللقوم قصة حمار عدوها من دلائل النبوة ذكرها ابن كثير بالإسناد المتصل في تاريخه 6 : 150 ونحن نذكرها محذوف السند ونحيل البحث عنها إلى أولي الألباب
1 ـ تهذيب التهذيب 7 : 345 ـ 348.

(107)
من الأمة المسلمة.
    عن أبي منظور قال : لما فتح الله على نبيه صلى الله عليه وسلم خيبر أصابه من سهمه أربعة أزواج بغال ، وأربعة أزواج خفاف ، وعشر أواق ذهب وفضة ، وحمار أسود ومكتل ، قال : فكلم النبي صلى الله عليه وسلم الحمار ، فكلمه الحمار فقال له : ما اسمك ؟ قال : يزيد بن شهاب ، أخرج الله من نسل جدي ستين حمارا كلهم لم يركبهم إلا نبي ، لم يبق من نسل جدي غيري ، ولا من الأنبياء غيرك ، وقد كنت أتوقعك أن تركبني ، قد كنت قبلك لرجل يهودي ، وكنت أعثر به عمدا ، وكان يجيع بطني ويضرب ظهري ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : سميتك يعفور ، يا يعفور ! قال : لبيك. قال : تشتهي الإناث ؟ قال : لا.
    فكان النبي صلى الله عليه وسلم يركبه لحاجته فإذا نزل عنه بعث به إلى باب الرجل فيأتي الباب فيقرعه برأسه فإذا خرج إليه صاحب الدار أومأ إليه أن أجب رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما قبض النبي صلى الله عليه وسلم جاء إلى بئر كان لأبي الهيثم بن التيهان فتردى فيها فصارت قبره جزعا منه على رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ـ 4 ـ
عصا أسيد وعباد
    عن أنس : كان أسيد بن حضير ، وعباد بن بشر عند النبي صلى الله عليه وسلم في ليلة ظلماء حندس ، فلما خرجا أضاءت عصا أحدهما فمشيا في ضوئها ، فلما افترقت بهما الطريق أضاءت عصا الآخر.
    صحيح البخاري 6 : 3 ، إرشاد الساري 6 : 154 ، طرح التثريب 1 : 35 ، أسد الغابة 3 : 101 ، تاريخ ابن كثير 6 : 152.
    قال الأميني : أتصدق إن أحدا لم يكن من علية الصحابة كانت له هذه الكرامة الباهرة في أوليات الاسلام على عهد الصادع الكريم ، وتخفى على كل الناس وينحصر علمها بأنس ولم يروها غيره ، ولم تشتهر عنه في الملأ الديني ؟! ؟! أتصدق أن يكون الرجلان لهذه المكانة الرابية من الفضيلة وهما من متأخري المسلمين أسلما بالمدينة ، ولم يذكرهما نبي العظمة بتلك الكرامة ولو همسا ، ولم


(108)
يعرفهما أمته ولو ركزا ، ولم يعرفهما رجال الدين تبلكم المكرمة طيلة حياة رسول الله صلى الله عليه وآله ؟ لعلك لا يعزب عنك لماذا استحق أسيد هذه المنقبة ، وإنها إنما اختلقت بعد رسول الله للرجل لتقدمه على المهاجرين والأنصار يوم السقيفة ببيعة أبي بكر ، وهو أول رجل من الأنصار بايع يوم ذاك وشق عصا المسلمين ، قال ابن الأثير (1) له في بيعة أبي بكر أثر عظيم.
    وقال : كان أبو بكر الصديق يكرمه ولا يقدم عليه أحدا.
    فهو حري بتلك البيعة أن يشرف بوسام من محبذي ذلك الانتخاب الدستوري الذي لم يكن عن جدارة ، كما استحق بها أبو عبيدة الجراح ـ حفار القبور ـ أن يقبل رجله عمر بن الخطاب (2) ومن هنا تجد عائشة تثني على أسيد بقولها : كان من أفاضل الناس وقولها : ثلاثة من الأنصار لم يكن أحد يعتد عليهم فضلا بعد رسول الله : سعد بن معاذ ، وأسيد بن حضير ، وعباد بن بشر (3) ، تقوله أم المؤمنين وهي تعلم أن من الأنصار بعد رسول الله صلى الله عليه وآله بقية صالحة بدريون عقمت أم الدهور أن تأتي بمثلها كأبي أيوب الأنصاري ، وخزيمة ذي الشهادتين ، وجابر بن عبد الله ، وقيس بن سعد ، إلى أناس آخرين.
    نعم : هؤلاء لا يروق أم المؤمنين ذكرهم لأنهم علويون في ولائهم ، وأما أسيد فهو جدير بهذه المدحة البالغة من أم المؤمنين لنقضه عهد المصطفى في أخيه علم الهدى ، وتسرعه إلى بيعة أبيها وتدعيمه خلافته ، فهو تيمي المبدأ والمنتهى.
    وعباد بن بشر لا تقصر خطواته في تلك الخلافة عن أسيد ، وقد قتل تحت راية أبي بكر يوم اليمامة ، ولعائشة ثناء جميل عليه.

ـ 5 ـ
خمر صارت عسلا بدعاء خالد
    عن الأعمش عن خيثمة قال : أتى خالد بن وليد برجل معه زق خمر فقال له خالد : ما هذا ؟ فقال : عسل. فقال : اللهم اجعله خلا فلما رجع إلى أصحابه قال : جئتكم
1 ـ أسد الغاية : 1 : 92.
2 ـ تاريخ ابن كثير 7 : 55.
3 ـ أسد الغابة 3 : 100 ، مجمع الزوايد 9 : 310.


(109)
بخمر لم يشرب خمر مثله. ثم فتحه فإذا هو خل. فقال : أصابته والله دعوة خالد رضي الله عنه. وفي لفظ : اللهم اجعله عسلا فصار عسلا. تاريخ ابن كثير 7 : 114 ، الإصابة 1 : 414.
    قال الأميني : إقرأ صحيفة حياة خالد السوداء مما مر في الجزء السابع ص 156 ـ 168 ط 1 وسل عنه بني جذيمة ومالك بن نويرة وامرأته ، وسل عنه عمر الخليفة ، حتى تعرفه بعجره وبجره ، ثم احكم بما تجد الرجل أهلا له.

ـ 6 ـ
أبو مسلم لا تحرقه النار
    دعا الأسود العنسي ـ المتنبي ـ أبا مسلم الخولاني عبد الله بن ثوب اليمني التابعي المتوفى 60 / 62 فأجج الأسود نارا عظيمة وألقى فيها أبا مسلم فلم تضره ، وأنجاه الله منها ، فكان يشبه بإبراهيم الخليل ، فوفد على أبي بكر مسلما فقال : الحمد لله الذي لم يمتني حتى أراني من أمة محمد صلى الله عليه وسلم من فعل به ما فعل بإبراهيم خليل الله.
    وفي لفظ ابن كثير : فقدم على الصديق فأجلسه بينه وبين عمر وقال له عمر : الحمد لله الذي لم يمتني حتى أري في أمة محمد من فعل به كما فعل بإبراهيم الخليل وقبله بين عينيه.
    الاستيعاب 2 : 666 ، صفة الصفوة 4 : 181 ، تاريخ ابن عساكر 7 : 318 ، تذكرة الحفاظ للذهبي 1 : 46 ، تاريخ ابن كثير 8 : 146 ، شذرات الذهب 1 : 70 ، تهذيب التهذيب 12 : 236 ، وذكره السيد محمد أمين ابن عابدين في العقود الدرية 2 : 393 عن جده العمادي في رسالته ( الروضة الريا فيمن دفن في داريا ) نقلا عن أبي نعيم وابن عساكر وابن الزملكاني وابن كثير.
ـ 7 ـ
أبو مسلم يقطع دجلة بدعائه
    أتى أبو مسلم الخولاني يوما على دجلة وهي ترمي بالخشب من مدها فوقف عليها ثم حمد الله تبارك وتعالى وأثنى عليه ، وذكر مسير بني إسرائيل في البحر ، ثم نهر دابته فخاضت الماء وتبعه الناس حتى قطعوا.


(110)
    أخرجه ابن عساكر في تاريخه 7 : 317.
ـ 8 ـ
سبحة أبي مسلم تسبّح بيده
    كان أبو مسلم الخولاني بيده سبحة يسبح بها فنام والسبحة بيده فاستدارت والتفت على ذراعه وجعلت تسبح فالتفت إليها وهي تدور في ذراعه وهي تقول : سبحانك يا منبت النبات ، ويا دائم الثبات.
    فقال لزوجته : هلمي يا أم مسلم ! وانظري أعجب الأعاجيب ، فجاءت والسبحة تدور تسبح فلما جلست سكتت أخرجه الحافظ ابن عساكر في تاريخ الشام 7 : 318.
ـ 9 ـ
وفد يسافر بلا زاد ولا مزاد
    كان أبو مسلم الخولاني أتاه جماعة من قومه فقالوا له : أما تشتاق إلى الحج ؟ قال : بلى لو أصبت لي أصحابا فقالوا : نحن أصحابك ، فقال : لستم لي بأصحاب أنا أصحابي قوم لا يريدون الزاد ولا المزاد قالوا : سبحان الله وكيف يسافر قوم بلا زاد و لا مزاد ؟ فقال لهم : ألا ترون إلى الطير تغدو وتروح بلا زاد ولا مزاد والله يرزقها وهي لا تبيع ولا تشتري ولا تحرث ولا تزرع ؟ قالوا : فإنا نسافر معك فقال لهم : تهيأوا على بركة الله.
    فغدوا من غوطة دمشق ليس معهم زاد ولا مزاد ، فلما انتهوا إلى المنزل قالوا : يا أبا مسلم ! طعام لنا وعلف لد وابنا فقال لهم : نعم فتنحى بعيدا فتسنم أحجارا فصلى فيه ركعتين ، ثم جثى على ركبتيه فقال : إلهي قد تعلم ما أخرجني من منزلي ، و إنما خرجت زائرا لك ، وقد رأيت البخيل من أولاد آدم تنزل به العصابة من الناس فيوسعهم قرى وإنا أضيافك وزوارك فأطعمنا واسقنا واعلف دوابنا ، فأتي بسفرة فمدت بين أيديهم ، وجيء بجفنة من ثريد تنجر ، وجيء بقلتين من ماء ، وجيء بالعلف لا يدرون من يأتي به ، فلم تزل هذه حالهم منذ خرجوا من عند أهاليهم حتى رجعوا لا يتكلفون زادا ولا مزادا.
    أخرجه الحافظ ابن عساكر في تاريخ الشام 7 : 318.
    قال الأميني : أنا لم أفض في المقام بذأمة ، وإنما أوجه نظر الباحث شطر كلمة
الغدير في الكتاب والسنة والأدب الجزء الحادي عشر ::: فهرس