الغدير في الكتاب والسنة والأدب الجزء الحادي عشر ::: 381 ـ 390
(381)
وانتشر الصبح بأنواره فارقني خشية أعداؤه لا أقبل الصبح بأسفاره والليل لو جن به جنتي موسى رأى النار به سابقا وقد أتاها طالبا جذوة نودي بالشاطي غربيها ونار موسى سرها حيدر والأسد المغوار يوم الوغى لو قامت الحرب على ساقها كم قد في صارمه فارسا هو ابن عم المصطفى والذي عيبة علم الله شمس الهدى مهبط وحي لم ينل فضله قد طلق الدنيا ولم يرضها يقطع الليل بتقديسه وفي الندى بحر بلا ساحل إذا رقى يوما ذرى منبر يريك من ألفاظه حكمة فيالها من رتب نالها وانجاب عن أضواء الحندس (1) وقد خلا من جمعنا المعرس (2) لأنه الفضاح والأوكس وجنتي طاب بها المأنس من جانب الطور لها غرنس حتى دنا من قربها يقبس : أنا الإله الخالق الأقدس العالم الخنذيذ والدهرس (3) تفرق من صولته الأشوس (4) قال إليها وهو لا ينكس وصير السيد له ينهس ؟ (5) قد طاب من دوحته المغرس ونوره الزاهر لا يطمس وكنهه في الوهم لا يحدس ما همه المطعم والملبس يزهو به المحراب والمجلس وفي المعالي الأصيد الأرءس وألسن الخلق له خرس يحتار فيها العالم الكيس من دونها كيوان والأطلس ؟

1 ـ الحندس : الظلمة جمع حنادس.
2 ـ المعرس : الموضع الذي يعرس فيه القوم أي نزلوا فيه للاستراحة.
3 ـ الخنذيذ : الخطيب البليغ. العالم بأيام العرب أشعارهم السيد الحليم. الشجاع البهمة الدهرس : الداهية.
4 ـ الأشوس : الجرى على القتال الشديد.
5 ـ السيد : الذئب ، الأسد ، والسيد تخفيف السيد. نهس : أخذ بمقدم أسنانه ونتفه.


(382)
قد شرفت كوفان في قبره إن أنكر الجاحد قولي أقل أما ترى النور به مشرقا والله لولا حيدر لم يكن فليس يحصي فضله ناثر لو كان ما في الأرض أقلامه سمعا أبا السبطين منظومة تختال من مدحك في حلة أرجو بها منك الجزا في غد ولم تكن أعلامها تدرس : يا صاح هذا المشهد الأقدس (1) قرت به الأعين والأنفس في الأرض ديار ولا مكنس أو ناظم في شعره منبس والأبحر السبع له مغمس غراء من غصن النقا أميس لم يحكها في نسجها السندس فإن من والاك لا يبخس
صلى عليك الله ما أشرقت
شمس الضحى وانكشف الحندس
    ومن شعره في تقريظ ( المطول ) للتفتازاني قوله :
إن المطول بحر فاض ساحله فرقان أهل المعاني في بلاغته فلا يحيط به وصفي وانجازي وفي الدلائل منه أي إعجاز

1 ـ هذا مستهل قصيدة السيد علي خان.

(383)
القرن الثاني عشر
ـ 102 ـ
الشيخ إبراهيم البلادي
بدأت محمد من خلق الأناما هو الموجود خالقنا وجوبا لقد خلق الورى إطهار كنز أصول خمسة للدين منها وثاني الخمسة التوحيد فيه وثالثها النبوة وهي لطف ورابعها الإمامة وهي لطف وخامسها المعاد لكل جسم وإن إلهنا في الحكم عدل وإن النار والجنات حق وإن المؤمنين لهم جنان وإن الرسل أولهم أبوهم وأفضلهم أولو العزم الأجلا وهم نوح وإبراهيم موسى محمدهم وأحمدهم تعالا فأشهد مخلصا أن لا إله وإن محمدا للناس منه وأشهد إنه ولى عليا وصيره الخليفة يوم ( خم ) وأشكره على النعما دواما ولم أثبت لموجدنا انعداما تستر فاستفض له الختاما (1) له العدل الذي في الحكم داما ونفي شريكه أبدا دواما عظيم دائم عم الأناما من الباري به الدين استقاما وروح والدليل عليه قاما يخاصم كل من ظلم الأناما على رغم الذي جحد القياما ونار الكافرين علت ضراما وذلك آدم خصوا السلاما ومن عرفوا لربهم المقاما وعيسى والأمين أتى ختاما وأعلاهم وقارا واحتشاما سوا الله الذي خلق الأناما نبي مرسل بالأمر قاما ولي الله للدين اهتماما بأمر الله عهدا والتزاما

1 ـ إشارة إلى الحديث القدسي الدائر على الألسن : كنت كنزا مخفيا فأحببت أن أعرف فخلقت الخلق لكي أعرف.

(384)
ونص على الأئمة من بنيه فواخاه النبي وفي البرايا وعظمه ولقبه بوحي وزوجه البتول لها سلام فكان لها الفتى كفوا كريما هناك على المنابر حين قاما بحكم الله صيره إماما أمير المؤمنين فلن يراما من الله الوصول ولا انصراما فأولدها أئمتنا الكراما
[ إلى آخر القصيدة (1) ]

( الشاعر )
    أبو الرياض الشيخ إبراهيم بن الشيخ علي بن الشيخ الحسن بن الشيخ يوسف ابن الشيخ حسن بن الشيخ علي البلادي البحراني أحد أعلام البحرين وفضلائها ، كان موصوفا بالأدب وصياغة الشعر ، من أجداد مؤلف [ أنوار البدرين ] العالية كما ذكره في بعض التراجم ، له منظومة الاقتباس والتضمين من كتاب الله المبين في إثبات عقايد الدين ، استدلاليا ، وجامع الرياض يمدح فيه كلا من المعصومين عليهم السلام بروضة ، ومن هنا يكنى بأبي الرياض ، وديوان شعره يوجد بخط تلميذه الشيخ أبي محمد الشويكي الآتي ذكره ، صححه سنة 1150 ، يحتوي على قصائد على عدد الحروف بترتيبها ، و 132 دو بيتا في أبواب خمسة في التوحيد ، والنبوة ، والإمامة والأئمة ، و العدل ، والمعاد ، وميمية 108 بيتا في الأصول الخمسة.
    ووالد المترجم له الشيخ علي أحد أعلام عصره ذكره صاحب الحدايق في [ لؤلؤة البحرين ] وقال : كان فاضلا ولا سيما في العربية والمعقولات ، مدرسا إماما في الجمعة والجماعة معاصرا للشيخ سليمان بن عبد الله الماحوزي وترجم له صاحب [ رياض الجنة ] في الروضة الرابعة ، وكان الشيخ حسن جد المترجم له أيضا من الفضلاء و كذلك جده الأعلى الشيخ يوسف بن الحسن ، ذكره الشيخ الحر في [ أمل الآمل ] وقال : فاضل متبحر شاعر أديب من المعاصرين.
    وحكى صاحب الحدايق في [ لؤلؤة البحرين ] عن والده العلامة إنه لما توفي الشيخ يوسف بن الحسن البحراني ودفن في
1 ـ أخذناها من ديوانه المخطوط وله فيه شعر آخر في الغدير أيضا.

(385)
مقبرة المشهد مسجد في بحرين ـ إتفق انهدام إحدى منارتيه وسقوطها على قبره فمر الشيخ عيسى (1) بامرأة جالسة عند المنارة تتعجب من سقوطها فقال الشيخ عيسى في ذلك :
مررت بامرأة قاعده وتسترجع الله في ذا المنار فقلت له : يا بنة الأكرمين ثوى تحتها يوسفي الكمال تحولق في هيئة العابده فما بالها في الثرى راقده ؟ رأيت أمورا بلا فائده ؟ فخرت لهيبته ساجده

1 ـ أوحدي من أعلام ( آل عصفور ) أسرة شيخنا الفقيه المتضلع الشيخ يوسف صاحب ( الحدايق ) شاعر مفلق ، وأديب بارع.

(386)
القرن الثاني عشر
ـ 103 ـ
الشيخ أبو محمد الشويكي
ـ 1 ـ
زار حبي فانجلت سود الليالي وتبدت لمع من وجهه حين أبدا منه ثغرا كاللئالي فحكى في لمعه لمع الهلال
    إلى أن قال :
حيدر الكرار مقدام الورى عالم الغيب فلا عيب به هاشمي نبوي جوده أحمدي الخلق والخلق فتى صايم الصيف وقوام الدجا معدن العلم الذي سؤاله ثابت النص من الله ومن والد السبطين من ست النسا من له المختار واخى في الورى وهو في القرآن نصا نفسه فله الشأن علي كاسمه حجة الله بنص ثابت وأمير المؤمنين المرتضى في فراش المصطفى بات ولم شامخ القدر علي ذي المعالي طاهر الجيب فتى زاكي الخصال يخجل الغيث لدى سكب النوال عنتري الحرب في يوم النزال مكرم الضيف بمال من حلال تبلغ الآمال من قبل السؤال أحمد المختار محمود الفعال بنت خير الأنبياء ذات الحجال مرغما أعدائه أهل الضلال خير من باهل بعد الابتهال صاحب الاحسان غوثي في مالي يوم ( خم ) فهو من والاه والي من إله العرش ربي ذي الجلال يخش من أعدائه أهل النكال
    أخذناها من مختصر ديوانه الذي كتبه إلى شيخه بخطه وهي قصيدة طويلة قالها سنة 1149 يمدح بها أمير المؤمنين عليه السلام.


(387)
ـ 2 ـ
    وله قصيدة أنشدها سنة 1149 وجدناها بخطه يذكر بها العقايد الدينية مستهلها :
إسمع هداك الله حسن العقايد له الحمد ربي كم حبانا بنعمة وخذ من معاني الفكر در الفوايد تقاصر عن إدراكها حمد حامد ؟
    إلى أن قال :
وألطاف ربي في البرية جمة وأعظم ألطاف الإله نبينا حبانا بخير المرسلين محمد لها الغيث عذب في جميع الموارد وعترته أزكى كرام أماجد نبي هدى لله أكرم عابد
    ويقول فيها :
ومعجزة القرآن لا زال باقيا وقد نسخت كل الشرايع في الورا فصلى وزكا ثم صام نبينا له الله قد صفا من العيب فاغتدا وكان له المولى الجليل وحسبه فكان له كفا قويا وساعدا فواخاه عن أمر الإله وخصه وصيره عن أمر خالقه له وقال له فوق الحدائج خاطبا ونص عليه بالإمامة مجهرا له بثبات الأمر أعظم شاهد شريعته الغرا على رغم مارد وحج وكان الطهر أي مجاهد نبيا صفيا صادقا في المواعد علي على الأعداء أي مساعد وسيفا لهام القوم أعظم حاصد بفاطمة أم الهداة الفراقد إماما بخم مرغما أنف حاسد وأضحى له أمر الورى أي عاقد وأبنائه يا خير ولد لوالد ؟
[ القصيدة ]
ـ 3 ـ
    وله من قصيدته الغديرية الطويلة :
يوم الغدير به كمال الدين لله من يوم عظيم عيده يوم به رضي الإله لخلقه ومتم نعمة خالقي ومعيني للمؤمنين بدين خير أمين الاسلام بالتأييد والتمكين


(388)
يوم شريف عظمت بركاته يوم به نصب المهيمن حيدرا فهو الغدير وفضله متظاهر وله الرواية يا فتى تروي الظما روت الرواة عن النبي محمد فأتاه جبريل الأمين مبلغا فالآن بلغ عنه نصبك حيدرا قم ناصبا للطهر حيدرة التقى قال النبي الطهر سمعا للذي ودعا بخم وهو أوعر منزل ومن الحدائج قد ترقا منبرا وإليه شال فبان من إبطيهما ولصحبه قد قال : يا قوم اسمعوا هل كنت يا أصحاب أولى منكم من كنت مولاه فمولاه أخي من قبل كون الكون في التكوين علما إماما للورى بيقين كالشمس لم يحتج إلى التبيين فكأنها من عذب خير معين خير الورى بالنص والتعيين عن ربه التسليم بالتبيين فوجوب طاعته وجوب عيني قبل افتراق مصاحب وقرين قد قال من هو للورى يكفيني : يا قوم حطوا الرحل في ذا الحين ودعا عليا والد السبطين ذاك البياض ففاق للقمرين مني مقالة ناصح وأمين بنفوسكم ؟ قالوا : نعم بيقين ووصي بعدي كفه بيميني
[ إلى آخر القصيدة ]
ـ 4 ـ
    وله من قصيدة طويلة تسمى بالغزالة يمدح بها النبي الأعظم صلى الله عليه وآله أولها :
أقبلت تقنص الأسود الغزاله وانثنت تسلب العقول وثنت ذات نور يفوق نور الغزاله غلة في الحشا بلبس الغلاله
    إلى أن يقول :
فولاء النبي للعبد درع وولائي من بعده لعلي وارتضاه الإمام في يوم خم عن نبال الردى وللنصر آله حيث أن قبل موته أوصى له فهو للخصم قاطع أوصاله
    ويوجد ذكرى الغدير في ساير قصايده اقتصرنا منها على ما ذكرناه.


(389)
( الشاعر )
    أبو محمد عبد الله بن محمد بن الحسين بن محمد الشويكي الخطي ، من تلمذة الشيخ إبراهيم ابن الشيخ علي البلادي الآنف ذكره ، والشيخ ناصر بن الحاج عبد الحسن البحراني ، له في فن الأدب وقرض الشعر والاكثار منه والتفنن فيه أشواط بعيدة ، غير أن شعره من النمط الأوسط ، له كتاب في أحوال المعصومين ، وديوان مدايح النبي وآله يسمى ب‍ [ جواهر النظام ] وديوان مراثيهم الموسوم ب‍ ( مسبل العبرات ورثاء السادات ) استخرج من الديوانين قصايدة كثيرة في أربعة أيام وألفها ديوانا أهداه لشيخه العلامة آقا محمد بن آقا عبد الرحيم النجفي في سنة 1149 وهذا الديوان المنتخب من شعره يحتوي على خمسين قصيدة في أوزان وقواف مختلفة في مدايح النبي وآله صلوات الله عليه و عليهم ورثائهم ، ويرثي العباس بن أمير المؤمنين عليه السلام والقاسم بن الإمام الحسن وعبد الله ابنه ، وعلي بن الإمام السبط الشهيد عليه السلام وولده عبد الله الرضيع ، كلا منهم بقصيدة.


(390)
القرن الثاني عشر
ـ 104 ـ
السيد حسين الرضوي
المتوفى بعد 1156
حي الحيا عهد أحباب بذي سلم وجاد أعلام جمع والعقيق فكم يا صاح عج بي قليلا في معاهدهم وملعب الحي بين البان والعلم فرقن جمع هموم باجتماعهم ؟ تشفي عليل محب ذاب من ألم
    هذه بديعية ذات 143 بيتا يمدح بها النبي الأعظم صلى الله عليه وآله إلى أن يقول فيها :
صنو النبي أمير المؤمنين أبو السبطين في السر والجهر ساواه وكان له وفيه جاء عن المختار منقبة باب العلوم المرتضى الشيم ردءا يصدقه في الحكم والحكم : من كنت مولاه فهو الحق فاعتصم
( الشاعر )
    السيد حسين بن الأمير رشيد بن القاسم الرضوي الهندي النجفي ثم الحائري.
    أوحدي ثنى علمه الفائق بأدبه الرائق ، وعبقري زان حسبه الزكي بفضله الجم وقريضه المزري بعقود الدرر ومنثور الدراري ، فهو عالم بارع ، وأديب ناقد ، لم تشغله فضيلة عن فضيلة ، ولا ثنته مأثرة عن مفخرة.
    جاء به أبوه من الهند إلى النجف الأشرف فاشتغل بها وبعد لاي غادرها إلى جوار الإمام السبط الشهيد [ الحاير المقدس ] وتخرج بها على السيد المدرس الأوحد السيد نصر الله الحائري وله قصائد عدة يمدح بها أستاذه المدرس ، ولاستاده يمدحه قوله :
يا أيها الشهم الذي يا ذا الذي في جوده يا ماجدا طول المدى غيث الندى منه وكف ! قد طال لي باع وكف ! صد الأذى عنا وكف !
الغدير في الكتاب والسنة والأدب الجزء الحادي عشر ::: فهرس