 |
الغدير في الكتاب والسنة والأدب ـ الجزء السابع ::: 301 ـ 310 |
 |
وروى أبو الفتح محمد بن علي النطنزي
المولود 480 في كتابه : الخصايص عن ابن عباس أنه قال : لما خلق الله آدم ونفخ
فيه من روحه عطس فقال : الحمد لله فقال له ربه : يرحمك ربك.
فلما أسجد له الملائكة فقال : يا
رب خلقت خلقا هو أحب إليك مني ؟ قال : نعم ولولاهم ما خلقتك قال : يا رب
فأرنيهم فأوحى الله إلى ملائكة الحجب : أن ارفعوا الحجب.
فلما رفعت إذا آدم بخمسة أشباح
قدام العراش قال : يا رب من هؤلاء ؟ قال : يا آدم هذا محمد نبيي ، وهذا علي أمير
المؤمنين ابن عم نبيي ووصيه وهذه فاطمة بنت نبيي ، وهذان الحسن والحسين ابنا
علي وولدا نبيي ، ثم قال : يا آدم هم ولدك.
ففرح بذلك فلما اقترف الخطيئة
قال : يا رب أسألك بمحمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين لما غفرت
لي.
فغفر الله له ، فهذا الذي قال
الله تعالى : فتلقى : آدم من ربه كلمات.
إن الكلمات التي تلقاها آدم من
ربه : أللهم بحق محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين إلا تبت علي. فتاب الله عليه.
وهذا الرجل يروى له بسند صحيح
توسل عمر ـ أحد الأشباح المزعومة ـ بالعباس عم النبي صلى الله عليه وآله في
الاستسقاء خرج يستسقي به وقد أجدب الناس فقال : أللهم إنا نستشفع إليك بعم
نبيك أن تذهب عنا المحل ، وأن تسقينا الغيث.
فقال العباس : أللهم إنه لم
ينزل بلاء من السماء إلا بذنب ، ولا يكشف إلا بتوبة ، وقد توجه بي القوم إليك
لمكاني من نبيك ، وهذه أيدينا إليك بالذنوب ، ونواصينا بالتوبة ، وأنت الراعي لا
تهمل الضالة ، ولا تدع الكسير بدار مضيعة ، فقد ضرع الصغير ، ورق الكبير ،
وارتفعت الشكوى ، وأنت تعلم السر وأخفى ، أللهم فأغثهم بغياثك قبل أن يقنطوا
فيهلكوا ، فإنه لا ييأس من رحمتك إلا القوم الكافرون.
فما تم كلامه حتى أرخت السماء
مثل الحبال ، فنشأت السحاب ، وهطت السماء ، فطفق الناس بالعباس يمسحون أركانه
ويقولون : هنيئا لك ساقي الحرمين. فقال حسان بن ثابت :
سأل الإمام وقد
تتابع جدبنا
عـم النبي
وصنـو والده الذي
أحيا الإله به
البلاد فأصبحت
| |
فسقى الغمام بغرة العباس
ورث النبي بذاك دون الناس
مخضرة الأجناب بعد الياس
|
(302)
وقال ابن عفيف النصري :
ما زال عباس بن
شيبة غاية
رجل تفتحت
السماء لصوته
فتحت له
أبوابها لما دعا
عم النبي
فلا كمن هو عمه
عـرفت قريش يوم
قام مقامه
| |
للناس عند تنكر الأيام
لما دعا بدعاوة الاسلام
فيها بجند معلمين كرام
ولد ولا كالعم في الأقوام
فبه له فضل على الأقوام
|
وقال شاعر بني هاشم :
رسول الله
والشهداء منا
| |
وعباس الذي بعج الغماما
|
وقال العباس بن عتبة بن أبي لهب :
بعمي سقى الله
الحجاز وأهله
توجه
بالعـباس في الجدب دائما
ومنا
رسول الله فينا تراثه
| |
عشية يستسقي بشيبته عمر
إليه فما إن دام حتى أتى
المطر
فهل فوق هذا للمفاخر
مفتخر ؟ (1)
|
فهلا هذا الرجل هو المتوسل به في حديث
الأشباح ـ المختلق ـ الواقع في رديف صاحب الرسالة وسيد الوصيين صلى الله
عليهما وآلهما ، وهو ومن معه أكرم خلق الله جميعا باعتراف ممن خلقهم وفي خلقه
سبحانه الأنبياء وأولوا العزم من الرسل والأوصياء والملائكة والمقربون ؟ فهلا
هذا الرجل دعا الله بنفسه ؟ وما محل توسله بالعباس وهو أكرم عند الله منه ومن
أبيه آدم وولده وهلم جرا ؟ أو أنه وجد استثناء في العباس فحسب فهو أكرم على
الله منه ومن كل من هو أكرم على الله منه ؟ أنا لا أدري ماذا أقول ، ولك
الفسحة والمجال لأن تقول الحق وما يحدوك
1 ـ صحيح البخاري كتاب
الصلاة باب سؤال الناس الإمام الاستسقاء ، صحيح مسلم كتاب الصلاة ، الأغاني 12 :
81 ، أعلام الماوردي 78 ، تاريخ ابن عساكر 7 : 245 ـ 248 ، مستدرك الحاكم 3 :
334 ، تاريخ ابن كثير 7 : 92 ، مرآة الجنان 1 : 72 ، طرح التثريب 1 : 63 ، فتح
الباري 2 : 398 وقال : يستفاد من القصة استحباب الاستسقاء بأهل الخير والصلاح
وأهل بيت النبوة ، عمدة القاري 3 ص 438 ، شذرات الذهب 1 : 29.
إليه ضميرك الحر وتقول : كيف يكون
المذكورون في الحديث ـ غير محمد وصنوه ـ أكرم على الله من جميع خلقه وفيهم من
ذكرنا هم من الأنبياء والرسل والأوصياء والأولياء والملائكة ؟ وكيف يتوسل أبو
البشر النبي المعصوم بمثل أبي بكر وصاحبيه وهم هم ؟ وسيرتهم بين يديك ، وكيف
يكونون رديف النبي الأعظم وصنوه المعصوم بنص الكتاب العزيز ونفسه المطهر
الناطق به القرآن الكريم ؟ وكيف يشاركون معهما في فضيلة الخلقة ، وكرامة
التوسل ؟ ولا أحسب أن أحدا من شيعة القوم يصافق رواة هذه الأفيكة على هذه
المزاعم ، ولعلهم يصافقونهم ويجعلونها على عهدتهم كما فعل ابن حجر إذ غلوهم في
الفضائل غير محدود.
وأما الرجل الثاني الذي أربكه
التفريط وأسف به إلى هوة الجهل فكالقصيمي الذي أنكر ما جاء في الصحيح عن عمر
بن الخطاب رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله لما اقترف آدم
الخطيئة قال : يا رب أسألك بحق محمد لما غفرت لي فقال الله : يا آدم وكيف عرفت
محمدا ولم أخلقه ؟ قال : يا رب لأنك لما خلقتني بيدك ونفخت في من روحك رفعت
رأسي فرأيت على قوائم العرش مكتوبا : لا إله إلا الله ، محمد رسول الله فعلمت
أنك لم تضف إلى اسمك إلا أحب الخلق إليك فقال الله : صدقت يا آدم ! إنه لأحب
الخلق إلي ، ادعني بحقه قد غفرت لك.
ولولا محمد ما خلقتك.
أخرجه البيهقي في دلائل
النبوة (1) والحاكم في المستدرك 2 : 615 وصححه ، والطبراني في المعجم الصغير ،
وأبو نعيم في الدلائل ، وابن عساكر كما في الخصايص ، وأقر صحته السبكي في شفاء
السقام ص 120 ، والقسطلاني في المواهب 1 ص 16 ، والسمهودي في وفاء الوفا 2 :
419 ، والزرقاني في شرح المواهب 1 : 62 ، والعزامي في فرقان القرآن ص 117 ، وذكره
السيوطي في الخصايص الكبرى عن عدة من الحفاظ ج 1 ص 6.
فقال القصيمي في الصراع 2 : 593
تبعا أثر ابن تيمية في الرد على هذه المأثرة النبوية الصحيحة : والسؤال بحق
النبي أو بحق غيره من الأنبياء والصالحين ليس له من القيمة العملية الدينية
ما يوجب أن يكون عملا صالحا مبرورا فضلا عن أن يكون أداة
1 ـ قال الذهبي في
الثناء عليه : عليك به فكله هدى ونور.
(304)
غفران وعفو تام ، وماذا في قول القائل :
أسألك يا الله بحق فلان أو فلانة من عمل صالح يؤهل قائله لأن يكون من المغفور
لهم ؟ وأنما يغفر للمستغفر.
وقال : وأما الألفاظ المجردة فلا
وزن لها عند الله ولا ينظر إليها فضلا عن أن تكون عملا تحط به الذنوب
والخطايا الثقيلة ، فما في قول القائل : أسألك بحق محمد لما غفرت لي من الشأن
والقيمة ؟ حتى يقال له : وإذ سألتني بحقه فقد غفرت لك.
وأجهل الناس وأرقهم دينا وتقوى
فضيلة وأشدهم بعدا عن الله وعن رضاه يقولون ذلك ، ويلهجون به ، وهم على رغمهم
لا يجدر بهم الغفران ولا التجاوز والعفو والرضا بل وهو خليقون بالانتقام
والطرد والعذاب الأليم الموجع ، ولن تجديهم هذه المقالة ولا هذا التوسل قليلا
ولا كثيرا ، فنحن لا نشك في آدم ما غفر له ذنبه إلا لتوبته ولرجوعه إلى ربه
ولإقلاعه عن ذنبه ، ولاعتذاره واستغفاره الصادرين عن جميع نفسه وقلبه وعقله ،
أما السؤال بالحق فلا قيمة ولا وزن له عند الله البتة.
نحن لا نقابل هذا المغفل
المستهتر البذي إلا بالسلام ، حذا في هذيانه هذا حذو شيخه ابن تيمية ، وقد رد
عليه جمع من أئمة الحديث وحفاظه بكلمات ضافية نقتصر منا بكلام السبكي قال في
شفاء السقام ص 121 ، قال ابن تيمية : أما ما ذكر في قصة آدم من توسله فليس له
أصل ، ولا نقله أحد من النبي صلى الله عليه وسلم بإسناد يصلح للاعتماد عليه
ولا الاعتبار ولا الاستشهاد.
ثم ادعى ابن تيمية إنه كذب
وأطال الكلام في ذلك جدا بما لا حاصل تحته بالوهم والتخرص ، ولو بلغه أن
الحاكم صححه لما قال ذلك ، أو لتعرض للجواب عنه ، وكأني به إن بلغه بعد ذلك
يطعن في عبد الرحمن ابن يزيد راوي الحديث ، ونحن نقول : قد اعتمدنا في تصحيحه
على الحاكم ، وأيضا عبد الرحمن بن يزيد لا يبلغ في الضعف إلى الحديث الذي
ادعاه ، وكيف يحل لمسلم أن يتجاسر على منع هذا الأمر العظيم الذي لا يرده عقل
ولا شرع ؟ وقد ورد فيه هذا الحديث ، وأما ما ورد من تسول نوح وإبراهيم وغيرهما
من الأنبياء فذكره المفسرون واكتفينا عنه بهذا الحديث لجودته وتصحيح الحاكم
له : ولا فرق في هذا المعنى بين أن يعبر عنه بالتوسل أو الاستعانة أو التشفع
أو التجوه.
والداعي بالدعاء المذكور ما في
معناه متوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم لأنه جعله وسيلة لإجابة الله دعاءه أو
مستغيث به ،
(305)
والمعنى أنه استغاث الله به على ما
يقصده الخ ، وقد أسلفنا الكلام حول الموضوع في الجزء الخامس ص 143 ـ 156 راجع.
أبو بكر خير أهل السماوات
والأرض
عن أبي هريرة : إن رسول الله صلى الله
عليه وسلم قال : أبو بكر وعمر خير أهل السماوات و الأرض ، وخير الأولين
والآخرين ، إلا النبيين والمرسلين.
ذكره ابن حجر في الصواعق 45
نقلا عن الحاكم وابن عدي ، وأخرجه الخطيب في تاريخه 5 ص 253 وسكت عما في سنده
من العلل ( على عادته الجارية في مناقب الشيخين ) وفيه : جبرون بن واقد
الأفريقي والراوي عنه محمد بن داود القنطري ، قال الذهبي في الميزان : جبرون
متهم فإنه روى بقلة حياء عن سفيان ، وروى عنه محمد بن داود القنطري ، عن أبي
هريرة مرفوعا : أبو بكر وعمر خير الأولين.
الحديث تفرد به وبالذي قبله
وهما موضوعان.
وزاد ابن حجر في اللسان 2 ص 94
عن ابن عدي أنه قال : لا أعرف له غير هذين الحديثين وأعلم يرويهما عنه غير
محمد بن داود وهما منكران وقال الذهبي في ترجمة محمد بن داود : عن جبرون
الأفريقي بحديثين باطلين ذكرهما ابن عدي في ترجمة جبرون وقال تفرد بهما محمد.
وقال ابن حجر في اللسان 5 : 161 :
أحسب الآفة في الحديث من جبرون وقد ساق المؤلف الحديثين في ترجمته وصرح
بأنهما موضوعان وأشار إلى أن المشتهر بهما جبرون.
قال الأميني : ومن الحري لمثل
هذين المبطلين أن يرويا باطلا كمثل هذا الذي يرتأي مفتعله تفضيل الرجلين على
الملائكة المقربين المعصومين من أهل السماوات وفيهم سيدهم أمين الوحي جبرئيل ،
وعلى من ثبتت زلفتهم وقربهم من أولياء الله وأصفيائه وأوصياء الأنبياء ، أنا
لا أدري بماذا فضلا عليهم أبعلمهما المتدفق ؟ وقد عرفت مبلغهما منه ، أم
بالعصمة عن الخطايا والذنوب ؟ وأنت لا تقول بها ، أو أن ما حفظه التاريخ من
سيرتهما لا يدع أن تقول بها ، لكن عصمة الملائكة ثابتة لا ريب فيها ، وعصمة
الأوصياء واجبة بالبرهنة الصحيحة ، وزلفى المقربين كلقمان والخضر وذي القرنين
(306)
من القضايا التي قياساتها معها ، أم
ببأسهما المرهب في ذات الله وعنائهما في سبيل الدين وجهودهما الجبارة ؟ لا
يخفى على أحد حق القول في ذلك كله ، ضع يدك ها هنا على أي فضيلة فإنك لا تجد
فيهما منها ما يربي بهما على كثير من الصحابة والتابعين هلم جرا فضلا عن من
ذكرناهم ، غير أن الغلو في الفضائل حدى صاحبه إلى أن يقول بذلك ، فدعه يقول فإن
الحقايق الثابتة غير قابلة للزوال والأصول الموضوعة يركن إليها على كل حال.
ثواب النبي صلى الله عليه
وآله وأبي بكر
عن علي بن أبي طالب قال : سمعت رسول
الله صلى الله عليه وسلم يقول لأبي بكر : يا أبا بكر ! إن الله أعطاني ثواب من
آمن به منذ خلق آدم إلى أن بعثني ، وإن الله أعطاك ثواب من آمن بي منذ بعثني
إلى أن تقوم الساعة.
أخرجه الخلعي والملا كما في
الرياض النضرة 1 ص 129 ، والخطيب البغدادي في تاريخه 5 ص 53 من طريق أحمد بن
محمد بن عبيد الله أبي الحسن التمار المقرئ فقال : كان غير ثقة روى أحاديث
باطلة ذاكرت أبا القاسم الأزهري حال هذا الشيخ و قلت : أراه ضعيفا لأن في
حديثه مناكير.
فقال : نعم هو مثل أبي سعيد
العدوي.
قال الأميني : أبو سعيد العدوي
هو الحسن بن علي العدوي البصري شيخ قليل الحياء كذاب يضع الحديث ، أسلفنا
ترجمته في سلسلة الكذابين في الجزء الخامس ص 224 ط 2 ، فقول الأزهري في أبي
الحسن التمار ( إنه مثل أبي سعيد ) يومي إلى أنه أيضا كذاب وضاع.
وفي الاسناد أبو معاوية الضرير
وقد اشتهر عنه الغلو غلو التشيع ، وقال يعقوب بن شيبة : ثقة ربما يدلس ( ميزان
الاعتدال 3 ص 382 ) وفيه أبو البختري عن علي قال سلمة بن كهيل : ما كان من
حديث أبي البختري فهو حسن ، وما كان عن فهو ضعيف ( ميزان الاعتدال 3 ص 344 ).
هذا شأن سند الرواية وأما متنه
فضميرك الحر نعم الحكم فيه.
(307)
الحب والشكر الواجبان على
الأمة
عن سهل بن سعد قال : قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم حب أبي بكر وشكره واجب على أمتي.
أخرجه الخطيب البغدادي في
تاريخه 5 ص 453 من طريق عمر بن إبراهيم الكردي وقال : تفرد به عمر ، وهو ذاهب
الحديث. وذكره الذهبي في ميزان الاعتدال 2 : 249 فقال : الحديث منكر جدا.
ورواه الخطيب في تاريخه 5 : 73
من طريق عمر الكردي أيضا بلفظ : إن أمن الناس علي في صحبته وذات يده أبو بكر
الصديق ، فحبه وشكره وحفظه واجب على أمتي.
قال الأميني : هذه الرواية من
موضوعات عمر الكردي قال الدارقطني : كذاب خبيث ، وقال الخطيب : غير ثقة يروي
مناكير من الاثبات.
راجع ما مر في سلسلة الكذابين
في الجزء الخامس ص 246 ط 2.
والعجب من الخطيب في تاريخه أنه
مع قوله المذكور في ترجمة الكردي ترى عقدة في لسانه لما يذكر الرواية فيسكت
عما فيها تارة ولم يتكلم بذأمة تعرب عن وضعها ، ويقتصر أخرى بقوله : تفرد
بروايته عمر وغير عمر أوثق منه.
كما قاله في الموضع الثاني ،
وليست هذه كلها إلا لإغفال القراء عن جلية الحال ، والتمويه على الحقائق
الراهنة ، فمن جرائها يأبى الصفوري بعد حين ويذكر الرواية في نزهة المجالس 2 :
186 مرسلا إياها إرسال المسلم.
أبو بكر في كفة الميزان
أخرج الحكيم الترمذي كما في مرقاة
الوصول ص 112 قال : حدثنا رزق الله بن موسى الباجي البصري قال : حدثنا مؤمل بن
إسماعيل ـ العدوي البصري ـ قال : حدثنا حماد بن سلمة قال : حدثنا سعيد بن
جمهان البصري عن سفينة مولى أم سلمة قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم
إذا صلى الصبح أقبل على أصحابه فقال : أيكم رأي الليل
(308)
رؤيا ؟ قال : فصلى ذات يوم الصبح ثم
أقبل على أصحابه فقال : أيكم رأى الليل رؤيا ؟ فقال رجل : أنا يا رسول الله
رأيت كأن ميزانا أدلي من السماء فوضعت في كفة الميزان ووضع أبو بكر في كفة
أخرى فرجحت بأبي بكر رفعت.
وترك أبو بكر فجئ بعمر فوضع في
الكفة الأخرى فوزن بأبي بكر فرجح أبو بكر بعمر ، ورفع أبو بكر وترك عمر مكانه
فجئ بعثمان فورع في الكفة الأخرى فرجح عمر بعثمان ، ورفع عمر وترك عثمان مكانه
فجئ بعلي فوضع في الكفة الأخرى فرجح عثمان بعلي ورفع الميزان.
فتغير وجه رسول الله صلى الله
عليه وسلم ثم قال : خلافة نبوة ثلاثين عاما ثم تكون ملكا.
( رجال إسناده )
1 ـ رزق الله البصري المتوفى 256 / 60
قال الأندلسي : روى أحاديث منكرة وهو صالح لا بأس به ( تهذيب التهذيب 3 : 273 )
، 2 ـ مؤمل العدوي البصري المتوفى 206 قال أبو حاتم : صدوق شديد في السنة كثير
الخطأ. وقال البخاري : منكر الحديث.
وقال يعقوب بن سفيان : شيخ جليل
سني سمعت سليمان بن حرب يحسن الثناء ـ عليه ـ كان مشيختنا يوصون به إلا أن
حديثه لا يشبه حديث أصحابه ، وقد يجب على أهل العلم أن يقفوا عن حديثه ، فإنه
يروي المناكير عن ثقات شيوخه ، وهذا أشد فلو كانت هذه المناكير عن الضعفاء
كلنا نجعل له عذرا ، وقال الساجي : صدوق كثير الخطأ ، وله أوهام يطول ذكرها ،
وقال ابن سعد والدارقطني : كثير الخطأ.
وقال المروزي : إذا انفرد بحديث
وجب أن يتوقف ويتثبت فيه ، لأنه كان سيئ الحفظ كثير الغلط.
( ميزان الاعتدال 2 ص 221 ،
تهذيب التهذيب 10 ص 381 ) 3 ـ سعيد بن جمهان البصري المتوفى
136.
قال أبو حاتم : يكتب حديثه ولا
يحتج به.
وقال الساجي : لا يتابع على
حديثه. ( ميزان الاعتدال 1 : 377 تهذيب التهذيب 4 : 14 ).
قال الأميني : ويل للمطففين ،
الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون ، وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون ، ألا يظن
أولئك أنهم مبعوثون ليوم عظيم ، يوم يقوم الناس لرب العالمين.
(309)
هذه الميزان التي جاء بها البصريون
وأدليت من سماء البصرة في منجمها عين.
وفي إحدى كفتيها شول ، وفي
لسانها عوج.
قل هل يستوي الذين يعلمون
والذين لا يعلمون ؟ قل هل يستوي الأعمى والبصير ؟ أم هل تستوي الظلمات والنور
؟ كيف يوزن في ميزان العدل والنصفة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو هو
مع ابن أبي قحافة الذي ليس إلا أبو بكر ، أي خلايق كريمة : أي نفسيات طاهرة ؟
أي ملكات فاضلة ؟ أي حكم علمية أو عملية ؟ أي عوارف ومعارف راقية : أي بصيرة
نافذة ؟ أي أي ؟ جعلت في كفة جعل فيها أبو بكر.
هل هذه الموازنة يقبلها
الواجدان والمنطق حتى يقال بالرجحان في إحدى كفتي الميزان ؟ فما لهؤلاء القوم
لا يكادون يفقهون حديثا.
ثم كيف رجح أبو بكر بعمرو إنهما
كانا عكمي بعير في الفضائل كلها أيام حياتهما غير أن فتوحات عمر وأياديه في
سبط الاسلام في أرجاء العالم لا تنسى ، ولم تزل تذكر في صفحات التاريخ ، فله
فضيلة الرجحان على أبي بكر إن وزنا بميزان غير معيبة.
وكيف فصل بين النبي الأعظم وبين
أمير المؤمنين في الميزان ؟ وهو نفسه بنص القرآن الكريم ، وله العصمة بحكم
الكتاب العزيز ، وهو وارث علمه ، وباب حكمته ، وهو عدل القرآن وخليفة نبي
الاسلام بقوله صلى الله عليه وآله : إني مخلف فيكم اثنين : كتاب الله وعترتي
أهل بيتي.
وأي فضيلة رابية لعثمان جعلت في
كفة الميزان ورجح بها على علي رديف رسول الله صلى الله عليه وآله في فضائله.
أنا لا أدري.
ثم إن كان التعبير الذي عزوه
إلى رسول الله صلى الله عليه وآله حقا فهو لا محالة بتقدير من الله تعالى
ومشيئة منه رعاية للنظام الأصلح ، فلماذا تغير وجهه صلى الله عليه وآله مما
قدره المولى سبحانه وشاءه وأحبه ؟ ولم تكن له غاية إلا الحصول على مرضاته
والدعوة إليها وإيقاف الأمة عليها.
أو ليس هذا مما ينافي عصمته
ويضاد مقامه الأسمى ؟ لكن الغلو في الفضايل قد يصحح أمثال
ذلك.
فإنا لله وإنا إليه راجعون.
ما أسلم أبو مهاجر إلا أبو
بكر
أخرج ابن مندة وابن عساكر عن عائشة
رضي الله عنها قالت : ما أسلم أبو أحد
(310)
من المهاجرين إلا أبو بكر تاريخ
الخلفاء للسيوطي ص 73.
وروى المحب الطبري في رياضه 1 ص
47 عن الواحدي مرسلا بلا إسناد عن علي بن أبي طالب إنه قال في أبي بكر : أسلم
أبواه جميعا ولم يجتمع لأحد من الصحابة المهاجرين أسلم أبواه
غيره.
وذكره القرطبي في تفسيره 16 :
194.
وأخذ غير واحد من المتأخرين
كالشبلنجي ونظراؤه هذين الحديثين فعدوهما من فضائل أبي بكر المتسالم عليها.
قال الأميني : نحن نقدس ساحة علي
وعائشة عن مثل هذا الكذب الفاحش الذي ينادي التاريخ بخلافه ، وتكذبه سيرة
الصحابة المهاجرين ، وإنما الحب الدفين قد أعمى رواة هذه الأفيكة وأصمهم عما
في غضون الكتب ، فأسرفوا في القول وتغالوا في الفضائل غير مكترثين لمغبة
قيلهم ، أهذا مبلغهم من العلم ؟ أم يقولون على الله الكذب وهم يعلمون ؟ هاجر
بنو مظعون من بني جمح.
وبنو جحش بن رثاب حلفاء بني
أمية.
وبنو البكير من بني سعد بن ليث
حلفاء بني عدي بن كعب.
بأهليهم وأموالهم ، وغلقت دورهم
بمكة هجرة ليس فيها ساكن كما في سيرة ابن هشام 2 : 79 ، 117 أكانت نساء تلكم
الأسر الكبيرة أرامل أو عقائم ؟ أو كانت أبنائها أيتاما من الأبوين أيامى ؟
أو كانت آباؤها رجالا بلا أعقاب قاتل الله الحب كيف يعمي ويصم.
وهلم معي نقرأ صحيفة من تراجم
المهاجرين هذا عمار بن ياسر مهاجر عظيم وأبواه في الرعيل الأول من المعذبين
في الاسلام.
قال مسدد كما في تهذيب التهذيب
7 : 408 : لم يكن في المهاجرين من أبواه مسلمان غير عمار بن
ياسر.
فهذا ينفي إسلام والدي أبي بكر
ويكذب ذلك المختلق.
وهذا عبد الله بن جعفر هاجر
أبوه ومعه عبد الله وأخواه محمد وعون ومعهم أمهم أسماء بنت عميس.
وهذا عمرو بن أبان بن سعيد
الأموي ، من المهاجرين وأبوه شهد خيبرا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وأمة
فاطمة بنت صفوان مسلمة.
وهذا خالد بن أبان الأموي أخو
عمرو بن أبان المذكور.
 |
الغدير في الكتاب والسنة والأدب ـ الجزء السابع ::: فهرس |
 |