الغدير في الكتاب والسنة والأدب ـ الجزء السابع ::: 331 ـ 340
(331)
فلله ذا فاتحا للهدى وما ضر مجد أبي طالب كما لا يضر إياب الصبا ولله ذا للمعالـي ختاما جهول لغـا أو بصير تعامى ح من ظن ضوء النهار الظلاما (1)
    وهناك طرق لا يمكن التوسل إلى الاذعان بنفسيات أي أحد إلا بها ألا وهي :
    1 ـ استنباطها مما يلفظ به من قول.
    2 ـ أو مما ينوء به من عمل.
    3 ـ أو مما يروي عنه آله وذووه ، فإن أهل البيت أدرى بما فيه.
    4 ـ أو مما أسنده إليه من لاث به وبخع له.
ـ 1 ـ
    أما أقوال أبي طالب سلام الله عليه فإليك عقودا عسجدية من شعره الرائق مثبتة في السير والتواريخ وكتب الحديث. أخرج الحاكم في المستدرك 2 : 623 بإسناده عن ابن إسحاق قال : قال أبو طالب أبياتا للنجاشي يحضهم على حسن جوارهم والدفع عنهم ـ يعني عن المهاجرين إلى الحبشة من المسلمين ـ :
ليعلم خيار الناس أن محمدا أتانا بهدي مثل ما أتيا به وإنكم تتلونه في كتابكم وإنك ما تأتيك منها عصابة وزير لموسى والمسيح ابن مريم فكل بأمر الله يهدي ويعصم بصدق حديث لا حديث المبرجم بفضلك إلا ارجعوا بالتكرم
    وقال سلام الله عليه من قصيدة :
فبلغ عن الشحناء أفناء غالب لأنا سيوف الله والمجد كله ألم تعلموا أن القطيعة مأثـم وأن سبيل الرشد يعلم في غد فلا تسفهن أحلامكم في محمد لويا وتيما عند نصر الكرائم إذا كان صوت القوم وجي الغمائم وأمر بلاء قاتم غير حازم ؟ وأن نعيم الدهر ليس بدائم ولا تتبعوا أمر الغواة الأشائم

1 ـ ذكرها ابن أبي الحديد لنفسه في شرحه 3 : 317.

(332)
تمنيتم أن تقتلوه وإنما وإنكم والله لا تقتلونه ولم تبصروا الأحياء منكم ملاحما وتدعـو بأرحام أواصر بيننا زعـمتم بأنا مسلمون محمدا من القوم مفضال أبي على العدى أمين حبيب في العباد مسوم يـرى الناس برهانا عليه وهيبة نبي أتاه الوحي من عند ربه تطيـف به جرثومة هاشمية أمانيكم هذي كأحلام نائم ولما تروا قطف اللحا والغلاصم (1) تحـوم عليها الطير بعد ملاحم فـقد قـطع الأرحام وقع الصوارم ولما نقاذف دونه ونزاحم تمكن في الفرعين من آل هاشم بخـاتم رب قاهـر في الخواتم وما جـاهل في قومه مثل عالم ومن قال : لا يقرع بها سن نادم تذبب عنه كل عادت وظالم
    ديوان أبي طالب ص 32 ، شرح ابن أبي الحديد 3 : 313 : ومن شعره في أمر الصحيفة التي سنوقفك على قصتها قوله :
ألا أبلغا عني على ذات بينها ألم تعلموا أنا وجدنا محمدا وأن عليه في العباد محبة وأن الذي رقشتم في كتابكم أفيقوا أفيقوا قبل أن تحفر الزبى (3) ولا تتبعوا أمر الغواة وتقطعوا وتستجلبوا حربا عوانا (4) وربما فلسنا وبيت الله نسلم أحمدا لويا وخصا من لوي بني كعب رسولا كموسى خط في أول الكتب ؟ ولا حيف فيمن خصه الله بالحب يكون لكم يوما كراغية السقب (2) ويصبح من لم يجن ذنبا كذي ذنب أواصرنا بعد المودة والقرب أمر على من ذاقه حلب الحرب لعزاء من عض الزمان ولا كرب (5)

1 ـ في رواية : والجماجم. الغلاصم چ الغلصمة : اللحم بين الرأس والعنق.
2 ـ في رواية : ابن هشام :
وإن الذي ألصقتم من كتابكم لكم كائن نحسا كراغية السقب
رقش : كتب وسطر الراغية من الرغاء : أصوات الإبل. السقب : ولد الناقة.
3 ـ في سيرة ابن هشام : الثرى بدل الزبى.
4 ـ الحرب العوان : التي لو تل فيها مرة بعد أخرى. أشد الحروب.
5 ـ العراء السنة الشديدة عص الزمان : شدته وكلبه.


(333)
ولما تبن منا ومنكم سوالف بمعترك ضنك ترى كسر القنا كأن مجال الخـيل في حجراته أليس أبونا هاشم شد أزره ولسنا نمل الحرب حتى تملنا ولكننا أهل الحفائظ والنهى وأيد أترت (1) بالمهندة الشهب به والضباع العرج تعكف كالشرب (2) ومعمعة الأبطال معـركة الحرب وأوصى بنـيه بالطعان وبالضرب ؟ ولا نشتكي مما ينوب من النكب إذا طار أرواح الكماة من الرعب
    سيرة ابن هشام 1 : 373 ، شرح ابن أبي الحديد 3 : 313 ، بلوغ الإرب 1 : 325 ، خزانة الأدب للبغدادي 1 : 261 ، الروض الأنف 1 : 220 ، تاريخ ابن كثير 3 ، 87 ، أسنى المطالب ص 6 : 13 ، طلبة الطالب ص 10.
    ومن شعره قوله :
ألا ما لهم آخر الليل معتم طواني وقد نامت عيون كثيرة لأحلام أقوام أرادوا محمدا سعوا سفها واقتادهم سوء أمرهم رجاة أمور لـم ينالوا نظامها يرجون منا خطة دون نيلها يرجون أن نسخي بقتل محمد كذبتم وبيت الله حتى تفلقوا وتقطع أرحام وتنسى حليلة وينهض قوم بالحديد إليكم هم الأسد أسد الزأرتين إذا غدت فيا لبني فهـر أفيقوا ولم تقم طواني وأخرى النجم لما تقحم وسامر أخرى قاعد لم ينوم بظلم ومن لا يتقي البغي يظلم على خـائل من أمرهم غير محكم وإن نشدوا في كل بدو وموسم ضراب وطعن بالوشيج المقوم ولم تختضب سمر العوالي من الدم جماجم تلقى بالحميم وزمزم حليلا ويغشى محرم بعد محرم يذبون عن أحسابهم كل مجرم على حنق لم تخش إعلان معلم نوائح قتلى تدعى بالتسدم (3)

1 ـ تبن : تنفصل. السوالف : صفحات الأعناق. اترت : قطعت.
2 ـ ضنك : ضيق. الضباع العرج مر ص 58 الشرب : الجماعة من القوم يشربون. والشطر الثاني في سيرة ابن هشام : به والنسور الطخم يكفن كالشرب.
3 ـ التسدم من السدم : الهم مع الندم. الغيظ مع الحزن.


(334)
على ما مضى من بغيكم وعقوقكم وظلم نبي جاء يدعو إلى الهدى فلا تحسبونا مسلمـيه ومثله فهذي معاذير وتقدمة لكم وغشيانكم في أمرنا كل مأثم وأمر أتى من عند ذي العرش قيم (1) إذا كان في قوم فليس بمسلم لكيلا تكون الحرب قبل التقدم
    ديوان أبي طالب ص 29 : شرح ابن أبي الحديد 3 : 312 وله قوله مخاطبا للنبي الأعظم صلى الله عليه وآله :
والله لن يصلوا إليك بجمعهم فاصدع بأمرك ما عليك غضاضة ودعوتني وعلمت أنك ناصحي ولقد علمت بـأن دين محمد حتى أوسد في التراب دفينا وابشر بذاك وقر منك عيونا ولقد دعوت كنت ثم أمينا (2) من خير أديان البرية دينا
    رواها الثعلبي في تفسيره وقال : قد اتفق على صحة نقل هذه الأبيات عن أبي طالب مقاتل ، وعبد الله بن عباس ، والقسم بن محضرة ، وعطاء بن دينار.
    راجع خزانة الأدب للبغدادي 1 : 261 ، تاريخ ابن كثير 3 : 42 ، شرح ابن الحديد 3 : 306 تاريخ أبي الفدا ج 1 ص 120 ، فتح الباري 7 : 153 ، 155 الإصابة 4 : 116 ، المواهب اللدنية 1 : 61 ، السيرة الحلبية 1 : 305 ، ديوان أبي طالب ص 12 ، طلبة الطالب ص 5 بلوغ الأرب 1 : 325 ، السيرة النبوية لزيني دحلان هامش الحلبية 1 : 91 ، 211 ، وذكر البيت الأخير في أسني المطالب ص 6 فقال : عده البرزنجي من كلام أبي طالب المعروف.
    لفت نظر زاد القرطبي وابن كثير في تاريخه على الأبيات :
لولا الملامة أو حذاري سبة لوجدتني سمحا بذاك مبينا
    قال السيد أحمد زيني دحلان المطالب ص 14 : فقيل : إن هذا البيت موضوع أدخلوه في شعر أبي طالب وليس من كلامه.
1 ـ في رواية شيخ الطائفة : مبرم.
2 ـ وفي رواية القسطلاني :
ودعوتني وزعمت أنك ناصحي ولقد صدقت وكنت ثم أمينا

(335)
    قال الأميني : هب أن البيت الأخير من صلب ما نظمه أبو طالب عليه السلام فإن أقصى ما فيه أن العار والسبة الذين كان أبو طالب عليه السلام يحذرهما خيفة ، أن يسقط محله عند قريش فلا تتسنى له نصرة الرسول المبعوث صلى الله عليه وآله إنما منعاه عن الابانة والإظهار لاعتناق الدين ، وإعلان الإيمان بما جاء به النبي الأمين ، وهو صريح قوله : لوجدتني سمحا بذاك مبينا ، أي مظهرا ، وأين هو عن اعتناق الدين في نفسه ، والعمل بمقتضاه من النصرة والدفاع ؟ ولو كان يريد به عدم الخضوع للدين لكان تهافتا بينا بينه وبين أبياته الأولى التي ينص فيها بأن دين محمد صلى الله عليه وآله من خير أديان البرية دينا ، وأنه صلى الله عليه وآله وسلم صادق في دعوته أمين على أمته.
    ومن شعره قوله قد غضب لعثمان بن مظعون حين عذبته قريش ونالت منه :
أمن تذكر دهر غير مأمون أم من تذكر أقوام ذوي سفه ألا ترون أذل الله جمعكم ونمنع الضيم من يبغي مضيمنا ومرهفات كأن الملح خالطها حتى تقر رجـال لا حلوم لها أو تؤمنوا بكتاب منزل عجب أصبحت مكتئبا تبكي كمحزون يغشون بالظلم من يدعو إلى الدين ؟! إنا غضبنا لعثمان بن مظعون ؟ بكل مطرد في الكف مسنون يشفى بها الداء من هام المجانين بعد الصعوبة بالأسماح واللين على نبي كموسى أو كذي النون (1)
    ومن شعره يمدح النبي الأعظم صلى الله عليه وآله قوله :
لقد أكرم الله النبي محمدا وشق له من إسمه ليجله فأكرم خلق الله في الناس أحمد فذو العرش محمود وهذا محمد
    أخرجه البخاري في تاريخه الصغير من طريق علي بن يزيد ، وأبو نعيم في دلائل النبوة 1 ص 6 ، وابن عساكر في تاريخه 1 : 275 ، وذكره له ابن أبي الحديد في شرحه 3 : 315 ، وابن كثير في تاريخه 1 ص 266 ، وابن حجر في الإصابة 4 : 115 ، القسطلاني في المواهب اللدنية 1 : 518 نقلا عن تاريخ البخاري ، والديار بكري في تاريخ الخميس 1 ص 254 فقال : أنشأ أبو طالب في مدح النبي أبياتا منها هذا البيت
1 ـ شرح ابن أبي الحديد 3 : 313.

(336)
وشق له من إسمه ليجله .......
    وحسان بن ثابت ضمن شعره هذا البيت فقال :
ألم تر أن الله أرسل عبده وشق له من إسمه ليجله بآياته والله أعلى وأمجد .......
    والزرقاني في شرح المواهب 3 : 156 وقال : توارد حسان معه أو ضمنه شعره وبه جزم في الخميس ، أسنى المطالب ص 14.
    ومن شعره المشهور كما قاله ابن أبي الحديد في شرحه 3 : 315 :
أنـت النـبي محمد لمسـو ديـن أكـارم نعـم الأرومة أصلها هشم الربيكة في الجفا فجـرت بـذلك سنة ولنا السقاية للحجيـ والمأزمان (1) وما حوت أنى تضـام ولم أمت وبطـاح مكة لا يرى وبنـوا أبيك كأنهم ولقد عهدتك صادقا ما زلت تنطق بالصواب قـرم أغـر مسود طـابوا وطاب المولد عمرو الخضم الأوحد ن وعيش مكة أنكد فيـها الخبيرة تثرد ج بها يمات العنجد عرفـانها والمسجد وأنا الشجاع العربد فيـها نجـيع أسـود أسـد العرين توقدوا في القول لا يتزيد وأنـت طفل أمرد
    جاء أبو جهل بن هشام إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وهو ساجد وبيده حجر يريد أن يرميه به فلما رفع يده لصق الحجر بكفه فلم يستطع ما أراد فقال أبو طالب :
أفيقوا بني غالب ! وانتهوا وإلا فإني إذن خائف تكون لغيركم عبرة عن الغي من بعض ذا المنطق بوائق في داركم تلتقي ورب المغارب والمشرق

1 ـ المأزمان : موضع بمكة بين المشعر الحرام وعرفة وهو شعب بين جبلين.

(337)
كما نال من لان من قبلكم غداة أتاهم بها صرصر فحل عليهم بها سخطه غداة يعض بعرقوبها وأعجب من ذاك في أمركم بكف الذي قام من خبثه فأثبته الله في كفه أحيمق مخزومكم إذ غوى ثمود وعاد وماذا بقي وناقة ذي العرش قد تستقي من الله في ضربة الأزرق حساما من الهند ذا رونق عجائب في الحجر الملصق إلى الصابر الصادق المتقي على رغمه الجائر الأحمق لغي الغواة ولم يصدق
    ديوان أبي طالب ص 13 ، شرح ابن أبي الحديد 3 : 314.
    قال ابن أبي الحديد في شرحه 3 : 314 : قالوا وقد اشتهر عن عبد الله المأمون رحمه الله إنه كان يقول : أسلم أبو طالب والله بقوله :
نصرت الرسول رسول المليك أذب وأحمي رسولا الإله وما إن أدب لأعدائه ولكن أزير لهم ساميا ببيض تلالا كلمع البروق حماية حام عليه شفيق دبيب البكار حذار الفنيق (1) كما زار ليث بغيل مضيق
    وتوجد هذه الأبيات مع بيت زائد في ديوانه ص 24.
    ولسيدنا أبي طالب أبيات كتبها إلى النجاشي بعد ما خرج عمرو بن العاص إلى بلاد الحبشة ليكيد جعفر بن أبي طالب وأصحابه عند النجاشي.
    يحرض النجاشي على إكرام جعفر والاعراض مما يقول عمرو منها :
ألا ليت شعري كيف في الناس جعفر وهل نال إحسان النجاشي جعفرا تعلم أبيت اللعن أنك ماجد ونعلم أن الله زادك بسطة وعمرو وأعداء النبي الأقارب وأصحابه أم عاق عن ذاك شاغب ؟ كريم فلا يشقى إليك المجانب وأسباب خير كلها بك لازب
    تاريخ ابن كثير 3 : 77 ، شرح ابن أبي الحديد 3 : 314.
1 ـ الفنيق : الفحل المكرم لا يؤذى ولا يركب لكرامته ج فنق وأفناق.

(338)
    قال ابن أبي الحديد في شرحه 3 : 315 : ومن شعره المشهور أيضا قوله يخاطب محمدا ، ويسكن جأشه ، ويأمره بإظهار الدعوة :
لا يمنعنك من حق تقـوم به فإن كفك كـفى إن مليت بهم أيد تصول ولا سلق بأصوات ودون نفسك نفسي في الملمات
    قال ابن هشام : ولما خشي أبو طالب دهماء العرب أن يركبوه مع قومه قال قصيدته التي تعوذ فيها بحرم مكة وبمكانه منها ، وتودد فيها أشراف قومه وهو على ذلك يخبرهم وغيرهم في ذلك من شعره أنه غير مسلم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا تاركه لشئ أبدا ، حتى يهلك دونه فقال أبو طالب :
خليلي ما أذني لأول عاذل ولما رأيت القوم لا ود فيهم وقد صارحونا بالعداوة والأذى وقد حالفوا قوما علينا أظنة (1) صبرت لهم نفسي بسمراء سمحة أعوذ برب الناس من كل طاعن ومن كاشح يسعى لنا بمعيبة وثور ومن أرسى ثبيرا مكانه وبالبيت حق البيت من بطن مكة وبالحجر المسـود إذ يمسحونه كذبتم وبيت الله نترك مكة كذبتم وبيت الله نبزي محمدا ونسلمه حتى نصرع حوله بصغواء في حق ولا عند باطل وقد قطعوا كل العرى والوسائل وقد طاوعوا أمر العدو المزايل يعضون غيظا خلفنا بالأنامل وأييض عضب من تراث المقاول (2) علينا بسوء أو ملح بباطل ومن ملحق في الدين ما لم نحاول وراق ليرقي في حراء ونازل (3) وبالله إن الله ليس بغافل إذا اكتنفوه بالضحى والأصائل ونضعن إلا أمركم في بلابل ولما نطاعن دونه ونناضل ونذهل عن أبنائنا والحلائل

1 ـ اظنة جمع ظنين : المتهم.
2 ـ سمراء سمحة : أراد بها قناة لينة تسمح بالانعطاف عند هزها. العضب : القاطع ، المقاول أراد بها السادات.
3 ـ ثور وثبير وحراء جبال في مكة.


(339)
وينهض قوم بالحديد إليكم وحتى نرى ذا الضغن يركب ردعه وإنا لعمر الله إن جد ما أرى بكفي فتى مثل الشهاب سميدع شهورا وأياما وحولا مجرما (3) وما ترك قوم ـ لا أبا لك ـ سيدا وأبيض يستسقى الغمام بوجهه يلوذ به الهلاك من آل هاشم بميزان قسط لا يخيس شعيرة لقد سفهت أحلام قوم تبدلوا ونحن الصميم من ذؤابة هاشم وسهم ومخزوم تمالوا وألبوا فعبد مناف أنتم خير قومكم ألم تعلموا أن ابننا لا مكذب أشم من الشم البهاليل ينتمي نهوض الروايا تحت ذات الصلاصل (1) من الطعن فعل الأنكب المتحامل (2) لنلتبسن أسيافنا بالأماثل أخي ثقة حامي الحقيقة باسل علينا وتأتي حجة بعد قابل يحوط الـذمار غير ذرب مـواكل (4) ثمال اليتامى عصمة للأرامل فهم عنده في رحمة وفواضل له شـاهد من نفسه غير عائل (5) بني خلف قيضا بنا والغياطل (6) وآل قصي في الخطوب الأوائل علينا العدا من كل طمل وخامل (7) فلا تشركوا في أمركم كل واغل (8) لدينا ولا نعبأ بقول الأباطل ؟ إلى حسب في حومة المجد فاضل

1 ـ الروايا : الإبل التي تحمل الماء ، واحدتها : رواية. الصلاصل ج الصلصلة : الصوت وذات الصلاصل : المزادات التي فيها بقية من الماء يسمع لها صوت حين تسير الإبل.
2 ـ يقال : ركب ردعه ، أي خر صريعا لوجهه ، الأنكب : الذي يمشي على شق.
3 ـ حولا مجرما : أي مكملا يقال : تجرمت السنة إذا كملت وانقضت.
4 ـ الذمار : ما يلزمك أن تحميه. ذوب : فاسد. مواكل : يتكل على غيره.
5 ـ لا يخيس من قولهم : خاس بالعهد إذا نقضه وأفسده ويروى ( لا يخس ) أي لا ينقص عائل : جائر.
6 ـ قيضا بنا : عوضا منا تقول : قاضه بكذا أي عوضه به. الغيطلة : من بني مرة بن عبد مناة إخوة مدلج بن مرة وهي أم الغياطل فقيل لولدها : الغياطل وهم من بني سهم بن عمرو بن هصيص.
7 ـ الطمل : الرجل الفاحش لا يبالي ما صنع اللئيم ، الأحمق. اللص الفاسق.
8 ـ كل واغل ، أراد كل ملصق ليس من صميم ، وأصل الواغل الداخل على القوم وهم يشربون من غير أن يدعى.


(340)
لعمري لقد كلفت وجدا بأحمد فلا زال في الدنيا جمالا لأهلها فأصبح فينا أحمد في أرومة حدبت بنفسي دونه وحميته فأيده رب العباد بنصره وأحببته حب الحبيب المواصل وزينا لمن والاه رب المشاكل تقصر عنه سورة المتـطاول ودافعت عند بالذرا والكلاكل (1) وأظهر دينا حقه غير باطل
    هذه القصيدة ذكر منها ابن هشام في سيرته 1 ص 286 ـ 298 ، أربعة وتسعين بيتا وقال : هذا ما صح لي من هذه القصيدة.
    وذكر ابن كثير من اثنين وتسعين بيتا في تاريخه 3 ص 53 ـ 57 ، وفي رواية ابن هشام ثلاثة أبيات لم توجد في تاريخ ابن كثير وقال : ص 57 قلت : هذه قصيدة عظيمة بليغة جدا لا يستطيع يقولها إلا من نسبت إليه ، وهي أفحل من المعلقات السبع ، وأبلغ في تأدية المعنى فيها جميعا ، وقد أوردها الأموي في مغازيه مطولة بزيادات أخر والله أعلم.
    وذكرها أبو هفان العبدي في ديوان أبي طالب ص 2 ـ 12 في مائة وأحد عشر بيتا ولعلها تمام القصيدة.
    وقال ابن أبي الحديد في شرحه 2 : 315 بعد ذكر جملة من شعر أبي طالب : فكل هذه الأشعار قد جاءت مجئ التواتر لأنه إن لم يكن آحادها متواترة فمجموعها يدل على أمر واحد مشترك وهو تصديق محمد صلى الله عليه وآله ومجموعها متواتر كما أن كل واحدة من قتلات علي عليه السلام الفرسان منقولة آحادا ومجموعها متواتر يفيدنا العلم الضروري بشجاعته ، وكذلك القول فيما روي من سخاء حاتم وحلم الأحنف ومعاوية وذكاء إياس وخلاعة أبي نواس وغير ذلك.
    قالوا : واتركوا هذا كله جانبا ما قولكم في القصيدة اللامية التي شهرتها كشهرة قفا نبك.
    وإن جاز الشك فيها أو في شيء من أبياتها جاز الشك في قفا نبك وفي بعض أبياتها.
    وقال القسطلاني في إرشاد الساري 2 : 227 : قصيدة جليلة بليغة من بحر الطويل وعدة أبياتها مائة وعشرة أبيات قالها لما تمالا قريش على النبي صلى الله عليه وآله وسلم ونفروا عنه من يريد الاسلام ،
1 ـ حديت : عطفت ومنعت * الذرا جمع ذرة : أعلى ظهر البعير. الكلاكل جمع كلكل : معظم الصدر.
الغدير في الكتاب والسنة والأدب ـ الجزء السابع ::: فهرس