الغدير في الكتاب والسنة والأدب ـ الجزء الثامن ::: 21 ـ 30
(21)
    والقول الفصل : إن حبر الأمة لم يلهج بتلكم الخزاية ، وإن لهج بشئ من أمر ذلك المشهد عن أحد فأولى له أن يقول ما قاله أبوه من إنه سمع أبا طالب يشهد بالشهادتين عند وفاته (1).
    أو يفوه بما أسلفناه عن ابن عمه الأقدس رسول الله صلى الله عليه وآله (2) أو يروي ما جاء عن ابن عمه الطاهر أمير المؤمنين (3) أليس ابن عباس راوي ما ثبت عنه من قول أبي طالب لرسول الله صلى الله عليه وآله كما مر في ج 7 : ص 355 ط 2 : قم يا سيدي فتكلم بما تحب وبلغ رسالة ربك فإنك الصادق المصدق.
    ومنها : ما أخرجه أبو سهل السري الكذاب المذكور من طريق عبد القدوس الكذاب أيضا عن نافع عن ابن عمر قال : إنك لا تهدي من أحببت. الآية.
    نزلت في أبي طالب عند موته ، والنبي صلى الله عليه وسلم عند رأسه وهو يقول : يا عم ! قل لا إله إلا الله أشفع لك بها يوم القيامة.
    قال أبو طالب : لا تعيرني نساء قريش بعدي إني جزعت عند موتي فأنزل الله تعالى : إنك لا تهدي من أحببت.
    الحديث (4) لعل ابن عمر لا يدعي في روايته الحضور في ذلك المحضر.
    وليس له أن يدعي ذلك لأنه كان وقتئذ ابن سبع سنين تقريبا فإن مولده كان بعد البعثة بثلاث (5) ومن طبع الحال إن من بهذا السن لا يطلق صراحه إلى ذلك المنتدى الرهيب ، والمسجى فيه سيد الأباطح ويلي أمره نبي العظمة ، ويحضره مشيخة قريش ، فلا بد من أنه سمع من يقول ذلك ممن حضر واطلع ، ولا يخلو أن يكون ذلك إما ولد المتوفى وهو مولانا أمير المؤمنين والثابت عنه ما مر في الجزء السابع ، أو عن بقية أولاده من طالب وجعفر وعقيل ولم ينبسوا في هذا الأمر ببنت شفة ، أو عن أخيه العباس وقد صح عنه ما أسلفناه في الجزء السابع ، أو عن ابن أخيه الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله فقد عرفت قوله فيه فيما مر ، فممن أخذ ابن عمر ؟ ولماذا حذف اسمه ؟ ولما شرك أبا جهل مع أبي طالب في إحدى روايتيه ، ولم يقل به أحد غيره ؟ وهل في الرواة من تقول عليه
1 ـ راجع ما أسلفناه في صفحة 370 من الجزء السابع.
2 ـ راجع ما مر في صحيفة 373 من ج 7 ط 2.
3 ـ راجع ما سبق في صفحة 379 ج 7.
4 ـ الدر المنثور 5 : 133.
5 ـ الإصابة 2 : 347.


(22)
كل ذلك ؟ فظن خيرا ولا تسأل عن الخبر.
    واعطف على هذه ما عزوه إلى مجاهد وقتادة في شأن نزول الآية (1) فإن مستند أقوالهما أما هذه الروايات ؟ أو إنهما سمعاها من أناس مجهولين ؟ فمراسيل كهذه لا يحتج بها على أمر خطير مثل تكفير أبي طالب بعد ثبوت إيمانه بما صدح به الصادع الكريم وتفانيه دونه والذب عنه بالبرهنة القاطعة.
    ومن التفسير بالرأي والدعوى المجردة ما عن قتادة ومن يشاكله مرسلا من تبعيض الآية بين أبي طالب والعباس فجعل صدرها لأبي طالب وذيلها للعباس (2) الذي أسلم بعد نزول الآية بعدة سنين كما هو المتسالم عليه عنه الجمهور.
    وأنت تعرف بعد هذه كلها قيمة قول الزجاج : أجمع المسلمون على أنها نزلت في أبي طالب.
    وما عقبه به القرطبي من قوله : والصواب أن يقال : أجمع جل المفسرين على إنها نزلت في شأن أبي طالب (3) أنظر كيف يفترون على الله الكذب وكفى به إثما مبينا ( النساء : 50 )
1 ـ تاريخ ابن كثير 3 : 124.
2 ـ تفسير القرطبي 13 : 299 ، الدر المنثور 5 : 133.
3 ـ تفسير القرطبي 13 : 299.


(23)
حديث الضحضاح
    إلى هنا انتهى كل ما للقوم من نبل تقله كنانة الأحقاد ، أو ذخيرة في علبة الضغائن رموا بها أبا طالب ، وقد أتينا عليها فجعلناه ها هباء منثورا ، ولم يبق لهم إلا رواية الضحضاح ، وما لأعداء أبي طالب حولها من مكاء وتصدية ، وهي على ما يلي : أخرج البخاري ومسلم من طريق سفيان الثوري عن عبد الملك بن عمير عن عبد الله بن الحارث قال : حدثنا العباس بن عبد المطلب أنه قال : قلت للنبي صلى الله عليه وسلم : ما أغنيت عن عمك فإنه كان يحوطك ويغضب لك ؟ قال : ( هو ) في ضحضاح من نار ، ولولا أنا لكان في الدرك الأسفل.
    وفي لفظ آخر : قلت : يا رسول الله ! إن أبا طالب كان يحفظك وينصرك فهل نفعه ذلك ؟ قال نعم وجدته في غمرات من النار فأخرجته إلى ضحضاح.
    ومن حديث الليث حدثني ابن الهاد عن عبد الله بن خباب عن أبي سعيد إنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم ذكر أبو طالب عنده فقال : لعله تنفعه شفاعتي يوم القيامة ، فيجعل في ضحضاح من النار يبلغ كعبيه يغلي منه دماغه.
    وفي صحيح البخاري من طريق عبد العزيز بن محمد الدارا وردي عن يزيد بن الهاد نحوه غيران فيه تغلي منه أم دماغه.
    راجع صحيح البخاري في أبواب المناقب ( باب قصة أبي طالب ) ج 6 : 33 ، 34 ، وفي كتاب الأدب باب كنية المشرك ج 9 : 92 ، صحيح مسلم كتاب الإيمان ، طبقات ابن سعد 1 : 106 ط مصر ، مسند أحمد 1 : 206 ، 207 ، عيون الأثر 1 : 132 ، تاريخ ابن كثير 3 : 125.
    قال الأميني : نحن لا تروقنا المناقشة في الأسانيد لمكان سفيان الثوري وبما مر فيه ص 4 من إنه كان يدلس عن الضعفاء ويكتب عن الكذابين.
    ولا لمكان عبد الملك بن عمير اللخمي الكوفي الذي طال عمره وساء حفظه ، قال أبو حاتم : ليس بحافظ تغير


(24)
حفظه ، وقال أحمد : ضعيف يغلط ، وقال ابن معين مخلط ، وقال ابن خراش : كان شعبة لا يرضاه ، وذكر الكوسج عن أحمد : إنه ضعفه جدا (1).
    ولا لمكان عبد العزيز الدراوردي ، قال أحمد بن حنبل : إذا حدث من حفظه يهم ليس هو بشيء ، وإذا حدث من كتابه فنعم ، وإذا حدث جاء ببواطيل ، وقال أبو حاتم : لا يحتج به ، وقال أبو زرعة : سيء الحفظ (2).
    كما أنا لا نناقش بتضارب متون الرواية بأن قوله : لعله تنفعه شفاعتي يوم القيامة يعطي أن الضحضاح مأجل له إلى يوم القيامة بنحو من الرجاء المدلول عليه لقوله : لعله.
    وإن قوله : وجدته في غمرات النار فأخرجته إلى ضحضاح.
    هو واضح في تعجيل الضحضاح له وثبوت الشفاعة قبل صدور الكلام.
    لكن لنا هنا هنا كلمة واحدة وهي أن رسول الله صلى الله عليه وآله أناط شفاعته لأبي طالب عند وفاته بالشهادة بكلمة الاخلاص بقوله صلى الله عليه وآله : يا عم ! قل لا إله إلا الله كلمة استحل لك بها الشفاعة يوم القيامة (3) كما إنه صلى الله عليه وآله أناطها بها في مطلق الشفاعة ، وجاء ذلك في أخبار كثيرة جمع جملة منها الحافظ المنذري في الترغيب والترهيب ج 4 ص 150 ـ 158 منها في حديث عن عبد الله بن عمر مرفوعا : قيل لي : سل فإن كل نبي قد سأل فأخرت مسألتي إلى يوم القيامة فهي لكم لمن شهد أن لا إله إلا الله.
    فقال : رواه أحمد بإسناد صحيح.
    ومنها : عن أبي ذر الغفاري مرفوعا في حديث : أعطيت الشفاعة وهي نائلة من أمتي من لا يشرك بالله شيئا.
    فقال : رواه البزار وإسناده جيد إلا أن فيه انقطاعا.
    ومنها : عن عوف بن مالك الأشجعي في حديث : إن شفاعتي لكل مسلم.
    فقال : رواه الطبري بأسانيد أحدها جيد ، وابن حبان في صحيحه وفي لفظه :
1 ـ ميزان الاعتدال 2 : 151.
2 ـ ميزان الاعتدال 2 : 128.
3 ـ مستدرك الحاكم 2 : 336 صححه هو والذهبي في التلخيص ، تاريخ أبي الفدا ج 1 : 120 ، المواهب اللدنية 1 : 71 ، كشف الغمة للشعراني 2 : 144 ، كنز العمال 7 : 128 ، شرح المواهب للزرقاني 1 : 291.


(25)
    الشفاعة لمن مات لا يشرك بالله شيئا ومنها : عن أنس في حديث : أوحى الله إلى جبريل عليه السلام أن اذهب إلى محمد فقل له : ارفع رأسك سل تعط واشفع تشفع ( إلى قوله ) : أدخل من أمتك من خلق الله من شهد أن لا إله إلا الله يوما واحدا مخلصا ومات على ذلك.
    فقال المنذري : رواه أحمد ورواته محتج بهم في الصحيح.
    ومنها : عن أبي هريرة مرفوعا في حديث : شفاعتي لمن شهد أن لا إله إلا الله مخلصا ، وأن محمدا رسول الله ، يصدق لسانه قلبه وقلبه لسانه.
    رواه أحمد وابن حبان في صحيحه.
    ومنها : ما مر في ص 13 من طريق أبي هريرة وابن عباس من أنه صلى الله عليه وآله دعا ربه واستأذنه أن يستغفر لأمه ويأذن له في شفاعتها يوم القيامة فأبى أن يأذن.
    وقال السهيلي في الروض الأنف 1 : 113 : وفي الصحيح أنه صلى الله عليه وآله قال : استأذنت ربي في زيارة قبر أمي فأذن لي ، واستأذنته أن أستغفر لها فلم يأذن لي.
    وفي مسند البزار من حديث بريدة إنه صلى الله عليه وسلم حين أراد أن يستغفر لأمه ضرب جبريل عليه السلام في صدره و قال له : لا تستغفر لمن كان مشركا فرجع وهو حزين (1) فالمنفي في صورة انتفاء الشهادة جنس الشفاعة بمعنى عدمها كلية لعدم أهلية الكافر لها حتى في بعض مراتب العذاب ، فالشفاعة للتخفيف في العذاب من مراتبها المنفية كما إنها نفيت كذلك في كتاب الله العزيز بقوله تعالى : والذين كفروا لهم نار جهنم لا يقضى عليهم فيموتوا ولا يخفف عنهم من عذابها كذلك نجزي كل كفور. فاطر 36.
    وبقوله تعالى : وإذا رأى الذين ظلموا العذاب فلا يخفف عنهم ولاهم ينظرون. النحل 85.
    وبقوله تعالى : خالدين فيها لا يخفف عنهم العذاب ولاهم ينظرون. البقرة 162 ، آل عمران 88.
1 ـ نحن لا نقيم لمثل هذه الرواية وزنا ولا كرامة ، غير أن خضوع القوم لها يلجأنا إلى الحجاج بها.

(26)
    وبقوله تعالى : وقال الذين في النار لخزنة جهنم : ادعوا ربكم يخفف عنا يوما من العذاب ، قالوا : أولم تك تأتيكم رسلكم بالبينات.
    قالوا : بلى.
    قالوا : فادعوا ، و وما دعاء الكافرين إلا في ضلال. غافر 49 ، 50.
    وبقوله تعالى : أولئك الذين اشتروا الحياة الدنيا بالآخرة فلا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينصرون. البقرة 86.
    وبقوله تعالى : وذر الذين اتخذوا دينهم لعبا ولهوا وغرتهم الحياة الدنيا و ذكر به أن تبسل نفس بما كسبت ليس لها من دون الله ولي ولا شفيع وإن تعدل كل عدل لا يؤخذ منها أولئك الذين أبسلوا بما كسبوا لهم شراب من حميم وعذاب أليم بما كانوا يكفرون. الأنعام : 70.
    وبقوله تعالى : كل نفس بما كسبت رهينة إلا أصحاب اليمين في جنات يتساءلون عن المجرمين سا سلككم في سقر ( إلى قوله تعالى ) فما تنفعهم شفاعة الشافعين.
    المدثر 38 ـ 48 وبقوله تعالى : وأنذرهم يوم الأزقة إذ القلوب لدى الحناجر كاظمين ، ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع. غافر 18.
    وبقوله تعالى : ونسوق المجر مين إلى جهنم وردا لا يملكون الشفاعة إلا من اتخذ عند الرحمن عهدا. مريم 87.
    الاستثناء في الآية الشريفة منقطع ، والعهد : شهادة أن لا إله إلا الله والقيام بحقها.
    أي لا يشفع إلا للمؤمن.
    راجع تفسير القرطبي 11 : 154 ، تفسير البيضاوي 2 : 48 ، تفسير ابن كثير 3 : 138 ، تفسير الخازن 3 : 243.
    فرواية الضحضاح على تقدير أن أبا طالب عليه السلام مات مشركا ـ العياذ بالله ـ و ما فيها من الشفاعة لتخفيف العذاب عنه بجعله في الضحضاح منافية لكل ما ذكرناه من الآيات والأحاديث ، فحديث يخالف الكتاب والسنة الثابتة يضرب به عرض الحائط وقد جاء في الصحيح مرفوعا : تكثر لكم الأحاديث من بعدي فإذا روي لكم حديث فأعرضوه على كتاب الله تعالى فما وافق كتاب الله فاقبلوه وما خالفه فردوه (1)
1 ـ أخرجه البخاري في صحيحه.

(27)
    ولا يغرنك إخراج البخاري لها فإن كتابه المعبر عنه بالصحيح هو علبة السفاسف وعيبة السقطات ، وسنوقفك على جلية الحال في البحث عنه إنشاء الله تعالى.
    نختم البحث هاهنا عن إيمان سيدنا أبي طالب سلام الله عليه بقصيدة شيخ الفقه والفلسفة والأخلاق شيخنا الأكبر آية الله الشيخ محمد الحسين الاصبهاني النجفي (1) قال :
نور الهدى في قلب عم المصطفى في سره حقيقة الإيمان إيمانه يمثل الواجب في إيمانه المكنون سام اسمه إيمانه بالغيب غيب ذاته آياته عند أولي الأبصار وهو كفيل خاتم النبوة ناصره الوحيد في زمانه عميد أهله زعيم أسرته حجابه العزيز عن أعدائه فما أجل شرفا وجاها قام بنصرة النبي السامي جاهد عنه أعظم الجهاد حماه عن أذى قريش الكفرة صابر كل محنة وكربة أكرم به من ناصر وحامى كفاه فخرا شرف الكفالة لسانه البليغ في ثنائه له من المنظوم والمنثور ينبئ عن إيمانه بقـلبه في غاية الظهور في عين الخفا سر تعالى شأنه عن شان مقام غيب الذات والكنز الخفي إلا المطهرون لا يمسه له التجلي التام في آياتهأجلى من الشمس ضحى النهار وعنه قد حامى بكل قوة وركنه الشديد في أوانه وكهفه الحصين يوم عسرته وحرزه الحـريز في ضرائه من حرز ياسين وكهف طاها حتى استوت قواعد الاسلام حتى علا أمر النبي الهادي بصولة ذلت لها الجبابرة والشعب من تلك الكروب شعبه وكافل لسيد الأنام لصاحب الدعوة والـرسالة أمضى من السيف على أعدائه ما جعل العـالم ملاء النور وإنه على هدى من ربه

1 ـ أحد شعراء الغدير في القرن الرابع عشر تأتي ترجمته إن شاء الله تعالى.

(28)
وأشرقت أم القرى بنوره وكيف لا ؟ وهو أبو الأنوار مبدأ كل نير وشارق بل هو بـيضاء سماء المجد 25 له السمو كابرا عن كابر أزكى فروع دوحة الخليل بل شـرف الأشراف من عدنان له من السمو ما يسمو على وكيف لا ؟ وهـو كفيل المصطفى 30 ووالد الوصي والطـيار بضوئه أضاءت البطحاء والنير الأعظم في سمائه كيف ؟ ومن غرته تجلى ساد الورى بمكة المكرمه 35 بل هو فخر البلد الحرام وقبلة الآمال والأماني وفي حمى سؤدده وهيبته ما تمت الدعوة للمختار كيف ؟ وظل الله في الأنام 40 وانتشر الاسـلام في حماه رايته علت بعالي همته مفاخر يعلو بها الفخار ذاك أبو طالب المنعوت يجل عن أي مديح قدره وكل نور هو نـور طوره ومطلع الشموس والأقمار وكيف وهو مشرق المشارق ؟ مليك عرشه أبا عن جد فهو تراثه من الأكابر فياله من شرف أصيل ملاذها في نوب الـزمان ذرى الصراح والسماوات العلى أبو الميامين الهـداة الخلفا وهو لعمري منـتهى الفخار لا بل به أضاءت السماء مثل السهى في النور من سيمائه لأهله نور العلي الأعلى فحاز بالسؤدد كل مكرمه بل شرف المشاعر العظام بل مستجار كعبة الإيمان تم لداع الحق أمر دعوته لولاه فهو أصل دين الباري في ظله دعى إلى الاسلام مكرمة ما نالها سواه كفاه هذا في عـلو رتبته مآثر تحلو بها الآثار من قصرت عن شأنه النعوت لكنه يحيي القلوب ذكره
( القصيدة )


(29)
    ومن قصيدة للعلامة الحجة شيخنا الشيخ عبد الحسين صادق العاملي قدس سره قوله :
لولاه ما شد أزر المسلمين ولا آوى وحامى وساوى قيد طاقته ما كان ذاك الحفاظ المرأطة أر بل للاله كما فاهت روائعه الـ ضاقت بما رحبت أم القرى برسو فانصاع يدعو له بالخير مبتهلا لو لم تكن نفس عم المصطفى طهرت عاما قضى عـمه فيه وزوجته أعظم بإيمان مبكي المصطفى سنة من صلبه ايبثت الأنوار قاطبة عين الحنيفة سالت في مجاريها عن خير حاضرها طرا وباديها حام وضرب عروق فار غاليها عصماء في كل شطر من قوافيها ل الله من بعده واسود ضاحيها بدعوة ليس بالمجبوه داعيها ما فاه فوه بما فيـه ينجيها قضاه بالحزن يبكيه ويبكيها أيامها البيض أدجى من لياليها فالمرتضى بدؤها والذخر تاليها
    هذا أبو طالب شيخ الأباطح وهذه نبذة من آيات إيمانه الخالص ، ما كتبناها عليهم إلا ابتغاء رضوان الله (1) ليستيقن الذين أوتوا الكتاب ويزداد الذين آمنوا إيمانا ولا يرتاب الذين أوتوا الكتاب والمؤمنون (2) والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولاخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم (3).
1 ـ سورة الحديد : 27.
2 ـ سورة المدثر : 31.
3 ـ سورة الحشر : 10.


(30)
عود إلى بدء
أحاديث الغلو في فضائل أبي بكر
ـ 29 ـ
ملك يرد على شاتم الخليفة
    أخرج يوسف بن أبي يوسف في الآثار ص 208 عن أبيه يعقوب بن إبراهيم القاضي عن أبي حنيفة قال : بلغني أن رجلا شتم أبا بكر فحلم أبو بكر رضي الله عنه والنبي صلى الله عليه وسلم قاعد ثم إن أبا بكر رد عليه فقام النبي صلى الله عليه وسلم فقال أبو بكر : شتمني فلم تقم وقمت حين رددت عليه ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : إن ملكا كان يرد عنك فلما رددت أنت ذهب فقمت.
    وأخرجه أحمد في مسنده 2 : 436 من طريق أبي هريرة : إن رجلا شتم أبا بكر والنبي صلى الله عليه وسلم جالس فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يعجب ويتبسم فلما أكثر رد عليه بعض قوله فغضب النبي صلى الله عليه وسلم وقام فلحقه أبو بكر فقال : يا رسول الله ! كان يشتمني وأنت جالس فلما رددت عليه بعض قوله غضبت وقمت ؟ قال : إنه كان معك ملك يرد عنك فلما رددت عليه بعض قوله وقع الشيطان فلم أكن لأقعد مع الشيطان.
    قال الأميني : لم نعرف طريق بلاغ الحديث أبا حنيفة حتى نقف على مبلغه من الصحة ولعل أبا يوسف القاضي بمفرده يكفيه وهنا نظرا إلى بعض ما قيل فيه كقول الفلاس : صدوق كثير الخطاء.
    وقول أبي حفص : صدوق كثير الغلط.
    وقول البخاري : تركوه.
    وقول يحيى بن آدم : شهد أبو يوسف عند شريك فرده وقال : لا أقبل من يزعم أن الصلاة ليست من الإيمان.
    وقول ابن عدي : يروي عن الضعفاء.
الغدير في الكتاب والسنة والأدب ـ الجزء الثامن ::: فهرس