الغدير في الكتاب والسنة والأدب ـ الجزء الثامن ::: 31 ـ 40
(31)
    وقول ابن المبارك بسند صحيح : إنه وهاه ، وقوله لرجل : إن كنت صليت خلف أبي يوسف صلوات تحفظها فأعدها وقوله : لإن أخر من السماء إلى الأرض فتخطفني الطير أو تهوى بي الريح في مكان سحيق أحب إلي من أن أروي عن ذلك.
    وقال رجل لابن المبارك : أيهما أصدق ؟ أبو يوسف أو محمد ؟ قال : لا تقل أيهما أصدق.
    قل : أيهما أكذب.
    وقول عبد الله بن إدريس : كان أبو يوسف فاسقا من الفاسقين.
    وقول وكيع لرجل قال : أبو يوسف يقول كذا وكذا : أما تتقي الله بأبي يوسف تحتج عند الله عزوجل ؟.
    وقول أبي نعيم الفضل بن دكين : سمعت أبا حنيفة يقول لأبي يوسف : ويحكم كم تكذبون علي في هذه الكتب ما لم أقل ؟.
    وقول يحيى ين معين : لا يكتب حديثه.
    وقوله : كان ثقة إلا إنه كان ربما غلط.
    وقول يزيد بن هارون : لا تحل الرواية عنه كان يعطي أموال اليتامى مضاربة و يجعل الربح لنفسه.
    وقول ابن أبي كثير مولى بني الحارث أو النظام لما دفن أبو يوسف :
سقى جدثا به يعقوب أمسى تلطف في القياس لنا فأضحت ولولا أن مدته تقضت لاعمل في القياس الفكر حتى من الوسمي منبجس ركام حلالا بعد حرمتها المدام وعاجله بميتته الحمام تحل لنا الخريدة والغلام (1)
    وأما طريق أحمد ففيه سعيد بن أبي سعيد المدني وقد اختلطه قبل موته بأربع سنين كما في تهذيب التهذيب 4 : 39 ، 40 ، ومتن الرواية يشهد على صدورها منه في أيام اختلاطه.
    ومما لا ريب فيه إساءة الأدب من كلا المتسابين بحضرة رسول الله صلى الله عليه وآله ورفع أصواتهما بطبع من حال المتشاتم فإنه لا يؤتي به همسا والله يقول : يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول. الآية وقد نزلت في
1 ـ تاريخ الخطيب البغدادي 14 : 257 ، ميزان الاعتدال ، لسان الميزان 6 : 300.

(32)
أبي بكر وعمر تماريا عند رسول الله صلى الله عليه وآله كما مر حديثه في الجزء السابع ص 223.
    وماذا على أبي بكر لو بقي متحلما مراعيا لأدب حضرة النبي إلى آخر مجلسه ؟ كما فعله أولا لذلك أوان ما فعله أولا كان منه رمية من غير رام ؟ فلا ينقلب إلى الإساءة وإزعاج رسول الله صلى الله عليه وآله حتى قام عنه.
    وماذا عليه لو قام معه فيقطع مادة البغضاء ؟ وماذا عليه لو سكت عن النبي صلى الله عليه وآله ولم يسئ الأدب بالاعتراض والنقد على قيامه ؟.
    وماذا عليه لو أبقى الملك وهو يحسبه مظلوما فيسب الرجل ردا عليه ؟ لكنه رآه مكافئ الظالم فتركه.
    وعجبي مما في لفظ أحمد من قول النبي لأبي بكر : فلما رددت عليه بعض قوله وقع الشيطان .. الخ.
    كيف كان ذلك المحفل خلوا من الشيطان إلى أن رد عليه أبو بكر والرجل كان يشتم أبا بكر ويكثر ، ولما رد عليه وقع الشيطان ؟ فكأن رد أبي بكر كان من همزات الشيطان دون سب الرجل إياه ، وكأن النبي الأعظم لم تكن له مندوحة عن سماع شتم الرجل أبا بكر ، أو لم تكن فيه مغضبة دون رد أبي بكر إياه ؟ إن هذا لشئ عجاب.
    ثم هل في عالم الملكوت من يقابل البذاءة بمثلها ؟ أو إن هناك عالم القداسة لا يطرقه الفحش والسباب المقذع لقبحهما الذاتي ؟ وهل لله سبحانه ملائكة قيضهم لذلك العمل القبيح ؟ وهل هذا التقييض مخصوص بأبي بكر فحسب ؟ أو إنه يكون لكل متسابين من المؤمنين إذا سكت أحدهما ؟ وهل قيضت الملائكة للرد على من هجا رسول الله من المشركين ؟ أنا لم أقف على أثر في هذه كلها ، وليست المسألة عقلية فتعضدها البرهنة ، مع قطع النظر عن استهجان العقل السليم لذلك ، والمتيقن : إن جزاء الشاتم إن كان ظالما مرجئ إلى يوم الجزاء ، وأما رده بقول لا يسمعه الظالم فيتأدب ويرتدع ، ولا المظلوم فيشفي غليله ، ولا أي أحد فيكون فضيحة لمرتكب القبيح فعساه يترك شنعته ، فمن التافهات ، نعم : أخرج الخطيب في تاريخه 5 : 280 من طريق سهل بن صقين عن أبي هريرة مرفوعا : أن لله تعالى في السماء سبعين ألف ملك يلعنون من شتم أبا بكر وعمر.


(33)
    غير أن الخطيب نفسه أردفه بقوله : سهل يضع. راجع ما أسلفناه في الجزء الخامس صفحة 280 ط 2.

ـ 30 ـ
خطبة النبي صلى الله عليه وآله في فضل الخليفة
    أخرج البخاري في المناقب باب قول النبي : سدوا الأبواب إلا باب أبي بكر ج 5 : 242 وباب الهجرة ج 6 : 44 من طريق أبي سعيد الخدري قال : خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس وقال : إن الله خير عبدا بين الدنيا وبين ما عنده فاختار ذلك العبد ما عند الله قال : فبكى أبو بكر فعجبنا لبكائه أن يخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عبد خير فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو المخير ، وكان أبو بكر أعلمنا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن أمن الناس علي في صحبته وماله أبو بكر ، ولو كنت متخذا خليلا غير ربي لاتخذت أبا بكر ، ولكن إخوة الاسلام ومودته ، لا يبقين في المسجد باب إلا سد إلا باب أبي بكر وزاد في لفظ ابن عساكر : فعلمنا أنه مستخلفه.
    وفي لفظ الرازي في تفسيره 2 : 347 : ما من الناس أحد أمن علينا في صحبته ولا ذات يده من ابن أبي قحافة.
    قال الأميني : راجع الجزء الثالث من كتابنا هذا صفحة 176 ـ 187 ط 2 تزدد وثوقا بما تضمنته هذه الرواية من أكذوبة حديث الأبواب وسدها ، وما لابن تيمية هنالك من مكاء وتصدية.
    وأما بقية الحديث فمما فيه قول أبي سعيد : وكان أبو بكر أعلمنا.
    لم يخص هذا العلم بأبي بكر وإنما تحمله كل من سمعه صلى الله عليه وآله ووعى أقواله في حجة الوداع الذي كان يقول فيها : يوشك أن أدعى فأجيب.
    إلى ما يقارب ذلك مما هو مذكور في الجزء الأول.
    وهب أن العلم بذلك كان مقصورا على الخليفة لكنه أي علم هذا يباهى به ؟ أهو حل عويصة من الفقه ؟ أو بيان مشكلة من الفلسفة ؟ أو شرح غوامض من علوم الدين ؟ أو كشف مخبأ من أسرار الكون ؟ لم يكن في هذا العلم شيء من ذلك كله وإنما هو على فرض الصحة تنبه منه إلى أنه صلى الله عليه وآله يريد نفسه ، ولعله سمعه قبل ذلك فتذكره عندئذ ، وقد أسلفناه في الجزء السابع عند البحث عن أعلمية الرجل بما لا مزيد عليه. فراجع.


(34)
    وأما قوله : إن أمن الناس علي في صحبته وماله أبو بكر. فأي من لأي أحد في صحبته. صلى الله عليه وآله وسلم وإنفاق ماله في دعوته ؟ ومن عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها (1) ، إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها (2) ، وكانت لرسول الله المنة على البشر عامة بالدعوة والهداية والتهذيب ، وإن صاحبه أحد وناصره فلنفسه نظر ولها نصح ، يمنون عليك أن أسلموا قل لا تمنوا علي إسلامكم بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان إن كنتم صادقين (3) ، لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين (4).
    على أن منة المال لأبي بكر سالبة بانتفاء الموضوع وسنوقفك على جلية الحال ، وقصة الخلة في ذيل الرواية أوقفناك عليها في الجزء الثالث وإنها موضوعة ، ويعارضها موضوع آخر أخرجه الحافظ السكري من طريق أبي بن كعب أنه قال : إن أحدث الناس عهدي بنبيكم صلى الله عليه وسلم قبل وفاته بخمس ليال دخلت عليه وهو يقلب يديه وهو يقول : إنه لم يكن نبي إلا وقد اتخذ من أمته خليلا وأن خليلي من أمتي أبو بكر ابن أبي قحافة ، ألا وإن الله قد اتخذني خليلا كما اتخذ إبراهيم خليلا (5).
    وموضوع آخر أخرجه الطبراني من طريق أبي أمامة إن الله اتخذني خليلا كما اتخذ إبراهيم خليلا وإن خليلي أبو بكر. كنز العمال 6 : 138.
    وموضع آخر أخرجه أبو نعيم من طريق أبي هريرة : لكل نبي خليل في أمته وإن خليلي أبو بكر. كنز العمال : 140.
    هكذا تعارض سلسلة الموضوعات بعضها بعضا لجهل كل من واضعيها بما أتى به الآخر.
    ولكل منته وسعة باعه في نسج الأكاذيب ، وما الله بغافل عما يعملون.
    وقبل هذه كلها ما في رجال سند الرواة من الآفة لمكان إسماعيل بن عبد الله
1 ـ سورة فصلت : 46.
2 ـ سورة الاسراء : 7.
3 ـ سورة الحجرات : 17.
4 ـ سورة آل عمران : 164.
5 ـ الرياض النضرة للمحب الطبري 1 : 83 ، إرشاد الساري للقسطلاني 6 : 83.


(35)
أبي عبد الله بن أبي أويس ابن أخت مالك ونسيبه والراوي عنه.
    قال ابن أبي خيثمة : صدوق ، ضعيف العقل ليس بذاك يعني إنه لا يحسن الحديث ولا يعرف أن يؤديه أو يقرأ من غير كتابه.
    وقال معاوية بن صالح : هو وأبوه ضعيفان.
    وقال ابن معين : هو وأبوه يسرقان الحديث.
    وقال إبراهيم بن الجنيد عن يحيى ابن معين : مخلط يكذب ليس بشيء.
    وقال النسائي : ضعيف.
    وقال في موضع آخر : غير ثقة.
    وقال اللالكائي : بالغ النسائي في الكلام عليه إلى أن يؤدي إلى تركه ، ولعله بان له ما لم يبن لغيره لأن كلام هؤلاء كلهم يؤل إلى أنه ضعيف.
    وقال ابن عدي : روى عن خاله أحاديث غرائب لا يتابعه عليها أحد.
    قال الأميني هذه الرواية التي رواها عن خاله من تلك الغرائب.
    وذكره الدولابي في الضعفاء وقال : سمعت النصر بن سلمة المروزي يقول : ابن أبي أويس كذاب كان يحدث عن مالك بمسائل ابن وهب.
    وقال العقيلي في الضعفاء عن يحيى بن معين أنه قال : ابن أبي أويس لا يسوى فلسين وقال الدارقطني : لا أختاره في الصحيح.
    وذكره الاسماعيلي في المدخل فقال : كان ينسب في الخفة والطيش إلى ما أكره ذكره.
    وقال بعضهم : جانبناه للسنة.
    وقال ابن حزم في المحلى : قال أبو الفتح الأزدي حدثني سيف بن محمد : إن ابن أبي أويس كان يضع الحديث.
    وأخرج النسائي من طريق سلمة بن شبيب أنه قال : سمعت إسماعيل بن أبي أويس يقول : ربما كنت أضع الحديث لأهل المدينة إذا اختلفوا في شيء فيما بينهم (1).
    أليس من الجزاف والقول الزور ، قول النووي في مقدمة شرح صحيح مسلم : إتفق العلماء رحمهم الله على أن أصح الكتب بعد القرآن العزيز الصحيحان : البخاري ومسلم ؟.
1 ـ تهذيب التهذيب 1 : 312.

(36)
    أكتاب هذا حديثه وهذه ترجمة رجال إسناده وهو أخف ما فيه من الطامات يصلح أن يكون أصح الكتب بعد القرآن ؟ كبرت كلمة تخرج من أفواههم ، ولو كان هذا شأن الأصح المتفق عليه فما قيمة غيره في سوق الاعتبار ؟.

ـ 31 ـ
ثناء أمير المؤمنين عليه السلام على الخليفة
    أخرج ابن الجوزي في صفة الصفوة 1 : 97 من طريق الحسن قال قال علي عليه السلام : لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم نظرنا في أمرنا فوجدنا النبي صلى الله عليه وسلم قد قدم أبا بكر في الصلاة ، فرضينا لدنيانا من رضي رسول الله صلى الله عليه وسلم لديننا فقد منا أبا بكر.
    وأخرجه مرسلا أيضا المحب الطبري في الرياض النضرة 1 : 150 فقال : وعنه قال : قال علي : قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر يصلي بالناس وقد رأى مكاني وما كنت غائبا ولا مريضا ، ولو أراد أن يقدمني لقدمني فرضينا لدنيانا من رضيه رسول الله صلى الله عليه وسلم لديننا.
    وعن قيس بن عبادة قال قال لي علي بن أبي طالب : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرض ليالي وأياما ينادي بالصلاة فيقول : مروا أبا بكر فليصل بالناس ، فلما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم نظرت فإذا الصلاة علم الاسلام ، وقوام الدين ، فرضينا لدنيانا من رضيه رسول الله صلى الله عليه وسلم لديننا فبايعنا.
    قال الأميني : ما أجرأ الحفاظ على رواية هذه الأكاذيب الفاحشة ، وإغراء بسطاء الأمة المسكينة بالجهل ، والتمويه على الحقائق بأمثال هذه الأفائك ؟ وهم مهرة الفن ولا يغرب عن أي أحد منهم عرفان ما في تلكم المختلقات من الغمز والاعتلال.
    نعم وكم وكم يجد الباحث في طيات أجزاء كتابنا هذا مما يكذب هذه الأفيكة من التاريخ المتسالم عليه ، والحديث الصحيح ، والنصوص الصريحة من كلمات مولانا أمير المؤمنين ، وشتان بينه وبين كلمات الحفاظ والمؤرخين حول تخلف علي عليه السلام عن بيعة أبي بكر ؟ مثل قول القرطبي في المفهم شرح صحيح مسلم في شرح حديث منه.
    قوله : كان لعلي من الناس جهة حياة فاطمة قال : جهة أي جاه واحترام كان الناس يحترمون عليا في حياتها كرامة لها كأنها بضعة من رسول الله وهو مباشر


(37)
لها فلما ماتت وهو لم يبايع أبا بكر. انصرف الناس عن ذلك الاحترام ليدخل فيما دخل فيه الناس ولا يفرق جماعتهم.
    نعم : أكثر الوضاعون في الكذب على سيد العترة أمير المؤمنين وبان ذلك في الملاء حتى قال عامر بن شراحيل : أكثر من كذب عليه من الأمة الإسلامية هو أمير المؤمنين عليه السلام (1) وإليك نماذج مما يعزى إليه وهو سلام الله عليه برئ منه ، أضفها إلى أحاديث الغلو في فضائل أبي بكر.
    34 ـ عن علي : أول من يدخل من الأمة الجنة أبو بكر وعمر وإني لموقوف مع معاوية للحساب.
    33 ـ عن علي مرفوعا : يا علي ! لا تكتب جوازا لمن سب أبا بكر وعمر فإنهما سيدا كهول أهل الجنة بعد النبيين.
    ويأتي بلفظ آخر.
    34 ـ عن علي مرفوعا : الخليفة بعدي أبو بكر وعمر ثم يقع الاختلاف.
    35 ـ عن علي مرفوعا : يا علي ! سألت الله ثلاثا أن يقدمك فأبى علي إلا أن يقدم أبا بكر.
    36 ـ عن علي : لم يمت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أسر إلي : أن أبا بكر سيتولى بعده ثم عمر ثم عثمان ثم أنا.
    37 ـ عن علي : إن الله فتح هذه الخلافة على يدي أبي بكر وثناه عمر وثلثه عثمان وختمها بي بخاتمة نبوة محمد صلى الله عليه وسلم.
    38 ـ عن علي : ما خرج رسول الله صلى الله عليه وآله من الدنيا حتى عهد إلي : إن أبا بكر يلي الأمر بعده ثم عمر ثم عثمان ثم إلي فلا يجتمع علي.
    39 ـ عن علي مرفوعا : أتاني جبرئيل فقلت : من يهاجر معي ؟ قال : أبو بكر ، ويلي أمر أمتك من بعدك وهو أفضل أمتك من بعدك.
    40 ـ عن علي مرفوعا : أعز أصحابي إلي ، وخيرهم عندي ، وأكرمهم على الله ، وأفضلهم في الدنيا والآخرة أبو بكر الصديق. الحديث بطوله.
    41 ـ عن علي إنا نرى أبا بكر أحق الناس بها بعد رسول الله ، إنه لصاحب
1 ـ تذكرة الحفاظ للذهبي 1 : 77.

(38)
الغار ، وثاني اثنين ، وإنا لنعلم بشرفه وكبره. الحديث.
    41 ـ عن علي مرفوعا : يا علي إن الله أمرني أن اتخذ أبا بكر وزيرا ، وعمر مشيرا وعثمان سندا ، وإياك ظهيرا ، أنتم أربعة فقد أخذ الله ميثاقكم في أم الكتاب ، لا يحبكم إلا مؤمن ولا يبغضكم إلا فاجر ، أنتم خلائف نبوتي ، وعقدة ذمتي ، وحجتي على أمتي ، لا تقاطعوا ، ولا تدابروا ، ولا تعافوا.
    43 ـ قيل لعلي : يا أمير المؤمنين ! من خير الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال أبو بكر. قيل : ثم من ؟ قال عمر. قيل : ثم من ؟ قال : عثمان. قيل : ثم من ؟ قال : أنا.
    44 ـ خطب علي خطبة وقال في آخرها : واعلموا إن خير الناس بعد نبيهم صلى الله عليه وسلم أبو بكر الصديق ، ثم عمر الفاروق ، ثم عثمان ذو النورين ، ثم أنا. وقد رميت بها في رقابكم وراء ظهوركم فلا حجة لكم علي.
    45 ـ سئل علي عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله قالوا : أخبرنا عن أبي بكر ابن أبي قحافة قال : ذاك امرؤ سماه الله الصديق على لسان جبريل عليه السلام وعلى لسان محمد صلى الله عليه وآله كان خليفة رسول الله صلى الله عليه وآله رضيه لديننا فرضينا لدنيانا.
    46 ـ عن علي : إنه كان يحلف بالله إن الله تعالى أنزل اسم أبي بكر من السماء : الصديق.
    47 ـ عن علي : أول من أسلم من الرجال أبو بكر ، وأول من صلى إلى القبلة علي بن أبي طالب.
    48 ـ عن عبد الرحمن (1) بن أبي الزناد عن أبيه قال : أقبل رجل فتخلص الناس حتى وقف على علي بن أبي طالب فقال : يا أمير المؤمنين ! ما بال المهاجرين والأنصار قدموا أبا بكر وأنت أورى منقبة ، وأقدم إسلاما ، وأسبق سابقة ؟ قال : إن كنت قرشيا فأحسبك من عائذة ، قال نعم.
    قال : لولا إن المؤمن عائذ الله لقتلتك.
    ويحك إن أبا بكر سبقني لأربع لم أوتهن ولم اعتض منهن : سبقني إلى الإمامة. أو تقدم الإمامة. و
1 ـ قال ابن معين. ليس ممن يحتج به أصحاب الحديث ، ليس بشيء. وعن ابن المدني : كان عند أصحابنا ضعيفا. وكان عبد الرحمن يخط على حديثه ، وضعفه الساجي وابن شيبة ، وقال النسائي لا يحتج بحديثه.تهذيب التهذيب 6 : 171.

(39)
تقدم الهجرة ، وإلى الغار ، وإفشاء الاسلام. الحديث بطوله وفي آخره : ثم قال : لا أجد أحدا يفضلني على أبي بكر إلا جلدته جلد المفتري.
    49 ـ عن علي : جاء جبريل عليه السلام إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : من يهاجر معي ؟ فقال : أبو بكر ، وهو الصديق.
    مر بلفظ آخر.
    50 ـ جاء أبو بكر وعلي يزوران النبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاته بستة أيام فقال علي لأبي بكر : تقدم يا خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال أبو بكر : ما كنت لأتقدم رجلا سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : علي مني كمنزلتي من ربي.
    فقال علي : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ما منكم من أحد إلا وقد كذبني غير أبي بكر ، وما منكم من أحد يصبح إلا على بابه ( على باب قلبه ) ظلمة إلا باب أبي بكر.
    فقال أبو بكر : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوله ؟ قال : نعم.
    فأخذ أبو بكر بيد علي ودخلا جميعا.
    51 ـ عن علي مرفوعا : ما طلعت شمس ولا غربت على أحد بعد النبيين والمرسلين أفضل من أبي بكر.
    52 ـ عن علي : دخلنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلنا : يا رسول الله ! ألا تستخلف ؟ فقال : إن يعلم الله فيكم خيرا استعمل عليكم خيركم.
    فعلم الله فينا خيرا فأستعمل علينا أبا بكر.
    53 ـ عن علي قال : أفضلنا أبو بكر.
    54 ـ عن علي مرفوعا : ينادي مناد يوم القيامة : أين السابقون الأولون ؟ فيقال من ؟ فيقول : أين أبو بكر الصديق ؟ فيتجلى الله لأبي بكر خاصة وللناس عامة.
    55 ـ عن علي مرفوعا : الخير ثلثمائة وسبعون خصلة إذا أراد الله بعبد خيرا جعل فيه واحدة منهن فدخل بها الجنة قال : فقال أبو بكر : يا رسول الله ! هل في شيء منها ؟ قال : نعم جمع من كل.
    56 ـ عن علي مرفوعا : يا أبا بكر ! إن الله أعطاني ثواب من آمن به منذ خلق آدم إلى أن بعثني ، وإن الله أعطاك ثواب من آمن بي منذ بعثني إلى أن تقوم الساعة.
    57 ـ إلتقى أبو بكر الصديق وعلي بن أبي طالب فتبسم أبو بكر في وجه علي فقال له علي : مالك تبسمت ؟ فقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : لا يجوز أحد الصراط


(40)
إلا من كتب له علي بن أبي طالب الجواز. فضحك علي وقال : ألا أبشرك يا أبا بكر ! قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تكتب الجواز إلا لمن أحب أبا بكر.
    58 ـ عن علي مرفوعا : نازلت ربي فيك ثلاثا فأبى إلا أبا بكر
    59 ـ عن علي : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يعهد إلينا عهدا نأخذ به في الإمارة ، و لكنه شيء رأيناه من قبل أنفسنا ، فإن يكن صوابا فمن الله ، وإن يكن خطأ فمن قبل أنفسنا.
    ثم استخلف أبو بكر فأقام واستقام ، ثم استخلف عمر فأقام واستقام ، حتى ضرب الدين بجرانه.
    60 ـ قال أبو بكر لعلي بن أبي طالب : قد علمت أني كنت في هذا الأمر قبلك ؟ قال : صدقت يا خليفة رسول الله ! فمد يده فبايعه.
    61 ـ قام أبو بكر بعد ما بويع له وبايع له علي وأصحابه فأقام ثلاثا يقول : أيها الناس قد أقتلكم بيعتكم ، هل من كاره ؟ قال : فيقوم علي في أوائل الناس يقول : لا والله لا نقيلك ولا نستقيلك قدمك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فمن ذا الذي يؤخرك ؟.
    وفي لفظ : ولولا إنا رأيناك أهلا ما بايعناك.
    وفي لفظ سويد بن غفلة : لما بايع الناس أبا بكر قام خطيبا فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : أيها الناس أذكر بالله أيما رجل ندم على بيعتي لما قام على رجليه ، قال : فقام إليه علي بن أبي طالب ومعه السيف فدنا منه حتى وضع رجلا على عتبة المنبر والأخرى على الحصى وقال : والله لا نقيلك. الحديث.
    62 ـ عن علي مرفوعا : خير أمتي بعدي أبو بكر وعمر.
    63 ـ عن علي إنه دخل على أبي بكر وهو مسجى فقال : ما أحد لقي الله بصحيفة أحب إلي من هذا المسجى.
    64 ـ عن علي : ما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى عرفنا أن أفضلنا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر ، وما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى عرفنا إن أفضلنا بعد أبي بكر عمر رضي الله تعالى عنهما.
    65 ـ عن علي : مرفوعا : يا علي ! هذان سيدا كهول أهل الجنة من الأولين و الآخرين إلا النبيين والمرسلين ، لا تخبرهما يا علي. قال : فما أخبرتهما حتى ماتا.
الغدير في الكتاب والسنة والأدب ـ الجزء الثامن ::: فهرس