الغدير في الكتاب والسنة والأدب ـ الجزء الثامن ::: 61 ـ 70
(61)
    وكان دهرا يبيع الخيط والقرظة بالبقيع (1) أنا لا أدري في أي من أيامه هذه حصل على جدارة لما يخبرنا به ابن الجوزي في سيرة عمر ص 6 : من إنه كانت السفارة ـ في الجاهلية ـ إلى عمر بن الخطاب إن وقعت حرب بين قريش وغيرهم بعثوه سفيرا.
    وزاد عليه أبو عمر في الاستيعاب قوله : وإن نافرهم منافر أو فاخرهم مفاخر رضوا به وبعثوه منافرا ومفاخرا (2).
    أو كانت قريش كلهم من هذه الطبقة الواطئة ؟ فكانوا يبعثون للسفارة والمفاخرة غلاما هذا شأنه ؟ وفيهم الصناديد والعظماء والرؤساء وذوو عارضة ورجال الكلام.
    أم كانوا لا يبالون بمن يرسلونه ؟ ( والرسول دليل عقل المرسل ) لم يكن هذا ولا ذاك ولكن الحب يعمي ويصم ، وإنك تجد من نظاير هذه شيئا كثيرا ، وإليك جملة منه مضافا على ما مر في الجزء الخامس مما وضعته يد الغلو في فضائله.

ـ 1 ـ
كلمات في علم عمر
    ورد في علمه عن ابن مسعود : لو وضع علم أحياء العرب في كفة الميزان ووضع علم عمر في كفة لرجح علم عمر ، ولقد كانوا يرون إنه ذهب بتسعة أعشار العلم.
    وفي لفظ المحب الطبري : لو وضع علم عمر في كفة وعلم أهل الأرض في كفة لرجح علم عمر.
    مستدرك الحاكم 3 : 86 الاستيعاب 2 : 430 ، الرياض النضرة 2 : 8 ، أعلام الموقعين لابن القيم ص 6 ، تاريخ الخميس 2 : 268 ، عمدة القاري 5 : 410.
    2 ـ وقال حذيفة : كان علم الناس كلهم قد درس في حجر عمر مع علم عمر.
    الاستيعاب 2 : 430 ، أعلام الموقعين ص 6.
    3 ـ وقال مسروق : شاممت أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فوجدت علمهم ينتهي إلى ستة إلى علي. وعبد الله. وعمر. وزيد بن ثابت. وأبي الدرداء. وأبي. ثم شاممت الستة فوجدت علمهم انتهى إلى علي وعبد الله. أعلام الموقعين ص 6.
1 ـ راجع ما أسلفناه في الجزء السادس ص 303 ط 2.
2 ـ وذكر ابن عساكر ما رواه أبو عمر وابن الجوزي في تاريخه 6 : 432.


(62)
    4 ـ وقال الشعبي : إذا اختلف الناس في شيء فخذوا بما قال عمر. أعلام الموقعين ص 6.
    5 ـ وقال ابن المسيب : ما أعلم أحدا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلم من عمر بن الخطاب. أعلام الموقعين ص 7.
    6 ـ وقال بعض التابعين : دفعت إلى عمر فإذا الفقهاء عنده مثل الصبيان قد استعلى عليهم في فقهه وعلمه. أعلام الموقعين ص 7.
    7 ـ وقال خلد الأسدي : صحبت عمر فما رأيت أحدا أفقه في دين الله ولا أعلم بكتاب الله ولا أحسن مدارسة منه. الرياض النظرة 2 : 8.
    هاهنا لا نطيل القول وإنما نحيلك إلى الجزء السادس من هذا الكتاب من صفحة 83 ـ 325 ط 2 فإن هنالك ما يغني الباحث عن الاسهاب في المقام ، وأنت أيها المخبت إلى هذه الأقاويل هل علمت شيئا مما قدمناه ؟ ودريت فذلكة ذلك البحث الضافي أو لا ؟
فإن كنت لا تدري فتلك مصيبة وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم
    وأنت جد عليم بأن هذه التقولات لا تلائم مع ما حفظه التاريخ من نوادر الأثر في علم عمر ، والحري هو الأخذ بما مر من أقواله نفسه في علمه ج 6 ص 328 ط 2 وبها تتضح جلية الحال ، والانسان على نفسه بصيرة.

ـ 2 ـ
عمر أقرأ الصحابة وأفقههم
    عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : أمرت أن أقرأ القرآن على عمر. ذكره الحكيم الترمذي في نوادر الأصول 58.
    وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال : كان عمر أتقانا للرب ، وأقرأنا لكتاب الله. أخرجه الحاكم في المستدرك ج 3 ص 86.
    وذكر المحب الطبري نقلا عن علي بن حرب الطائي من طريق ابن مسعود إنه قال لزيد بن وهب : إقرأ بما أقرأكه عمر ، إن عمر أعلمنا بكتاب الله وأفقهنا في دين الله (1).
    هذه مراسيل مقطوعة عن الاسناد ، وانصف الحاكم إذ سكت عن إسناد ما أخرجه أو إنه لم يقف عليه فيصححه ، وسكت عنه الذهبي للعلة نفسها ، وأحسب إن بطلان هذه
1 ـ الرياض النضرة 2 : 8.

(63)
    الروايات في غنى عن إبطال إسنادها ، فإن العناية الإلهية لو شملت الخليفة بحيث أمر نبيه صلى الله عليه وآله بقراءة القرآن عليه ، لا بد وأن تشمله بالتمكن من تلقيه وضبطه و حفظه وفقهه والوقوف على مغازيه والعمل به ، وأن يكون أقرأ كما في رواية الحاكم ، أو أعلم وأفقه كما في رواية الطائي ، إذن فما تلكم الجهود المتعبة في تعلم سورة البقرة فحسب طيلة اثنتي عشر سنة ؟ كما مر في الجزء السادس ص 196 ط 2.
    وهاتيك الأحكام الشاذة عن موارد من القرآن الكريم ؟ كحكمه للجنب الفاقد للماء بترك الصلاة ذهلا عن قوله تعالى في سورة النساء : 43 ، وفي سورة المائدة : 6.
    2 ـ وحكمه على امرأة ولدت لستة أشهر بالرجم ، ونصب عينه الآية الكريمة : حمله وفصاله ثلاثون شهرا.
    وقوله تعالى : والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين.
    3 ـ ونهيه عن المغالاة في مهور النساء ، وبين يديه قوله تعالى : وآتيتم إحداهن قنطارا.
    4 ـ وجهله بمعنى الأب وهو يتلو : متاعا لكم ولأنعامكم.
    5 وحسبانه إن الحجر الأسعد لا يضر ولا ينفع جهلا بمغزى قوله تعالى : و إذا أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم. الآية.
    6 ـ ونهيه عن الطيبات في الحياة الدنيا تمسكا بقوله تعالى : أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا ذاهلا عما قبله ، غير ملتفت إلى الآية الأخرى : قل من حرم زينة الله التي أخرجت للناس. الآية.
    7 ـ وجهله بمعاريض الكلم المتخذة من الكتاب.
    8 ـ وأمره برجم الزانية المضطرة ، وفي الذكر الحكيم : فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه.
    9 ـ وتجسسه عن صوت ارتاب به فتسلق الحائط ودخل البيت ولم يسلم غير مكترث لآيات ثلاث : لا تجسسوا. وأتوا البيوت من أبوابها. فإذا دخلتم بيوتا فسلموا.
    10 ـ وجهله بالكلالة وبمسمع منه آية الصيف.
    11 ـ وقوله بتعذيب الميت ببكاء الحي كأنه لم يقرأ قوله تعالى : ولا تزر وازرة وزر أخرى.


(64)
    12 ـ وقوله الشاذ في الطلاق قصورا منه عن فهم قوله تعالى : الطلاق مرتان.
    13 ـ ونهيه عن متعة الحج وهو يتلو قوله تعالى : وأتموا الحج والعمرة لله. الآية.
    14 ـ وتحريمه متعة النساء ذهولا منه عن قوله تعالى : فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن. الآية.
    تجد تفاصيل هذه الجمل في نوادر الأثر من الجزء السادس من كتابنا هذا ، وهناك موارد كثيرة من القرآن ، لم يهتد إليها ، وتجد جملة منها في طيات أجزاء كتابنا هذا.
    فهل من السائغ في شريعة الحجى أن يكون الأقرأ والأعلم والأفقه بهذه المثابة من الابتعاد عن الآي الشريفة ، ومراميها الكريمة ، ولو كان كما زعموه فما قوله في خطبته الصحيحة الثابتة له بإسناد صحيح رجاله كلهم ثقات : ( من أراد أن يسأل عن القرآن فليأت أبي بن كعب ، ومن أراد أن يسأل عن الحلال والحرام فليأت معاذ بن جبل ، و من أراد أن يسأل عن الفرائض فليأت زيد بن ثابت ).
    راجع ج 6 : 191 ط 2.

ـ 3 ـ
الشيطان يخاف ويفر من عمر
    1 ـ عن بريدة : جرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض مغازيه ، لما انصرف جاءت جارية سوداء فقالت : يا رسول الله ! إني كنت نذرت إن ردك الله صالحا أن أضرب بين يديك بالدف وأتغنى ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن كنت نذرت فاضربي وإلا فلا.
    فجعلت تضرب فدخل أبو بكر وهي تضرب ، ثم دخل علي وهي تضرب ، ثم دخل عثمان وهي تضرب ، ثم دخل عمر فألقت الدف تحت إستها ثم قعدت عليها ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الشيطان ليخاف منك يا عمر ! إني كنت جالسا وهي تضرب ، ثم دخل علي وهي تضرب ، ثم دخل عثمان وهي تضرب ، فلما دخلت أنت يا عمر ! ألقت الدف.
    وفي لفظ أحمد : إن الشيطان ليفر منك يا عمر !.
    وعن جابر قال : دخل أبو بكر رضي الله عنه على رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان يضرب بالدف عنده ، فقعد ولم يزجر لما رأى من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فجاء عمر رضي الله عنه فلما سمع رسول الله صوته كف عن ذلك ، فلما خرجا قالت عائشة رضي الله عنها : يا رسول الله !


(65)
كان حلالا فلما دخل عمر صار حراما ؟ فقال عليه السلام : يا عائشة ! ليس كل الناس مرخا عليه.
    أخرج أحمد في مسنده 5 : 353 ، والترمذي في جامعه 2 : 203 فقال هذا حديث حسن صحيح غريب ، والحكيم الترمذي في نوادر الأصول ص 58 من طريق بريدة وص 138 من حديث جابر ، فقال في الموضع الأول : فلا يظن ذو عقل إن عمر في هذا أفضل من أبي بكر ، وأبو بكر شبيه رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك ، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد جمع الأمرين والدرجتين ، فله درجة النبوة لا يلحقه أحد ، وأبو بكر له درجة الرحمة ، وعمر له درجة الحق.
    ورواه البيهقي في سننه 10 : 77 ، والخطيب التبريزي في مشكاة المصابيح ص 550 ، وابن الأثير في أسد الغابة 4 : 64 ، والشوكاني في نيل الأوطار 8 : 271.
    2 ـ عن عائشة قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا فسمعنا لغطا وصوت صبيان ، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا حبشية تزفن ـ أي ترقص ـ والصبيان حولها فقال : يا عائشة ! تعالي فانظري.
    فجئت فوضعت لحيي على منكب رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعلت أنظر إليها ما بين المنكب إلى رأسه ، فقال لي : أما شبعت ؟ أما شبعت فجعلت أقول : لا.
    لأنظر منزلتي عنده ، إذ طلع العمر فأرفض الناس عنها ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إني لأنظر شياطين الجن والإنس قد فروا من عمر ، قالت : فرجعت.
    أخرجه الترمذي في صحيحه 2 ص 294 فقال : هذا حديث حسن صحيح غريب ، والبغوي في مصباح السند 2 : 271 ، والخطيب العمري التبريزي في مشكاة المصابيح ص 550 ، والمحب الطبري في الرياض 2 : 208.
    3 ـ أخرج أحمد في مسنده 2 : 208.
    من حديث أبي هريرة قال : بينا الحبشة يلعبون عند رسول الله صلى الله عليه وسلم بحرابهم ، دخل عمر فأهوى إلى الحصباء يحصبهم بها فقال له النبي صلى الله عليه وسلم دعهم يا عمر !.
    وأخرج أبو داود الطيالسي في مسنده 204 من حديث عائشة قالت : كانت الحبشة يدخلون المسجد ، فجعلوا يلعبون ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يسترني وأنا أنظر إليهم جارية حديثة السن ، فجاء عمر فنهاهن ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : دعهن يا عمر !.
    ثم قال : هن بنات أرفدة.


(66)
    4 ـ روى أبو نصر الطوسي في اللمع ص 274 : إن النبي صلى الله عليه وسلم دخل بيت عائشة رضي الله عنها ، فوجد فيه جاريتين تغنيان وتضربان بالدف فلم ينههما عن ذلك وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين غضب : أمزمار الشيطان في بيت رسول الله ؟ فقال صلى الله عليه وسلم : دعهما يا عمر ! فإن لكل قوم عيد.
    قال الأميني : لا حاجة لنا إلى البحث عن إسناد هذه الروايات فإن في متونها من الخزاية ما فيه غنى عن ذلك.
    فدع الترمذي يستحسن إسناد ما رواه ويصححه ، ودع الحفاظ يملأون عياب علمهم بعيوب مثلها ، ودع شاعر النيل يتبع من لا خلاق له من الحفاظ ويعد ها من فضائل عمر ، ويقول تحت عنوان ( مثال من هيبته ) :
في الجاهلية والاسلام هيبته في طي شدته أسرار مرحمة وبين جنبيه في أوفى صرامته أغـنت عن الصارم المصقول درته كانت لـه كعصا موسى لصاحبها أخاف حتى الذراري في ملاعبها أريت تلك التي لله قد نذرت قالت : نذرت لئن عاد النبي لنا ويممت حضرة الهادي وقد ملأت واستأذنت ومشت بالدف واندفعت والمصطفى وأبو بكر بجانبه حتى إذا لاح عن بعد لها عـمر وخبأت دفها في ثوبها فرقا قد كان علم رسول الله يؤنسها فقال مهبط وحي الله مبتسما تثني الخـطوب فلا تعدو عواديها للعالمين ولكن ليـس يفشيها فؤاد والدة ترعى ذراريها فكم أخافت غوي النفس عاتيها ؟ لا ينزل البطل مجتازا بواديها وراع حتى الغواني في ملاهيها أنشودة لرسول الله تهديها من غزوة لعلى دفي أغنيها أنوار طلعـته أرجاء واديها تشجي بألحانها ما شاء مشجيها (1) لا ينكران عليها ما أغانيها خارت قواها وكاد الخوف يرديها منه وودت لو أن الأرض تطويها فجـاء بطش أبي حفص يخشيها وفي ابتسامته معنى يواسيها

1 ـ تشجى : تثير الشعور وتشوق.

(67)
: قد فر شيطانها لما رأى عمرا إن الشياطين تخشى بأس مخزيها (1)
    لقد عزب عن المساكين إن ما تحروه من إثبات فضيلة للخليفة الثاني يجلب الفضائح إلى ساحة النبوة ( تقدست عنها ) فأي نبي هذا ؟ يروقه النظر إلى الراقصات والاستماع لأهازيجهن وشهود المعازف ، ولا يقنعه ذلك كله حتى يطلع عليها حليلته عائشة ، والناس ينظرون إليها من كثب ، وهو يقول لها : شبعت ؟ شبعت ؟ وهي تقول : لا لعرفان منزلتها عنده ولا تزعه أبهة النبوة عن أن يقف مع الصبيان للتتلع على مشاهد اللهو شأن الذنابا والأوباش وأهل الخلاعة والمجون ، وقد جاءت شريعته المقدسة بتحريم كل ذلك بالكتاب والسنة الشريفة ، هذا قوله تعالى : ( ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوا أولئك لهم عذاب مهين ). سورة لقمان آية 6.
    وقد جاء عنه صلى الله عليه وآله ، من حديث أبي أمامة : لا تبيعوا القينات ، ولا تشتروهن ولا تعلموهن ولا خير في تجارة فيهن ، وثمنهن حرام ، في مثل هذا أنزلت هذه الآية : ( ومن الناس من يشتري ) الآية.
    وفي لفظ الطبري والبغوي : لا يحل تعليم المغنيات ولا بيعهن ، وأثمانهن حرام وفي مثل ذلك نزلت هذه الآية.
    أخرجه سعيد بن منصور. أحمد. الترمذي. ابن ماجة. ابن جرير. ابن المنذر. ابن حاتم. ابن أبي شيبة. ابن ردويه. الطبراني. البيهقي ، ابن أبي الدنيا. وغيرهم. راجع تفسير الطبري 21 : 39 ، تفسير القرطبي 14 : 51 ، نقد العلم والعلماء لابن الجوزي ص 347 ، تفسير ابن كثير 3 : 442 ، تفسير الخازن 3 : 36 ، إرشاد الساري 9 : 163 ، الدر المنثور 5 : 159 ، تفسير الشوكاني 4 : 228 ، نيل الأوطار 8 : 263 ، تفسير الآلوسي 21 : 68 وأخرج ابن أبي الدنيا وابن مردويه من طريق عائشة مرفوعا : إن الله تعالى حرم القينة وبيعها وثمنها وتعليمها والاستماع إليها ، ثم قرأ : ومن الناس من يشتري لهو الحديث.
    الدر المنثور 5 : 159 ، تفسير الشوكاني 4 : 228 ، تفسير الآلوسي 21 : 68.
1 ـ هذه الأبيات من العمرية الشهيرة لشاعر النيل محمد حافظ إبراهيم ، وقد مر الايعاز إليها في الجزء السابع ص 86 ، 87 ط 2.

(68)
    وعن ابن مسعود : إنه سأل عن قوله : ومن الناس من يشتري لهو الحديث.
    قال : هو والله الغناء. وفي لفظ : هو الغناء والله الذي لا إله إلا هو ، يرددها ثلاث مرات. وعن جابر في الآية قال : هو الغناء والاستماع له. ومعنى يشتري يستبدل كما في قوله تعالى : أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى ، أي استبدلوه منه واختاروه عليه ، وقال مطرف : شراء لهو الحديث استحبابه.
    وقال قتادة : سماعه شراؤه.
    وبالغناء فسر لهو الحديث في الآية الشريفة وإنها نزلت فيه : ابن عباس ، وعبد الله ابن عمر ، وعكرمة ، وسعيد بن جبير ، ومجاهد ، ومكحول ، وعمرو بن شعيب ، وميمون ابن مهران ، وقتادة ، والنخعي ، وعطاء ، وعلي بن بذيمة ، والحسن ، كما أخرجه : ابن أبي شيبة ، ابن أبي الدنيا ، ابن جرير ، ابن المنذر ، الحاكم ، البيهقي في شعب الإيمان ، ابن أبي حاتم ، ابن مردويه ، الفريابي ، ابن عساكر.
    راجع تفسير الطبري 21 : 39 ، 40 ، سنن البيهقي 10 : 221 ، 223 ، 225 ، مستدرك الحاكم 2 : 411 ، تفسير القرطبي 14 : 51 ، 52 ، 53 ، نقد العلم والعلماء لابن الجوزي ص 246 ، تفسير ابن كثير 3 : 441 ، 442 ، إرشاد الساري للقسطلاني 9 : 163 ، تفسير الخازن 3 : 46 ، تفسير النسفي هامش الخازن 3 : 460 ، تفسير الدر المنثور 5 : 159 ، 160 ، تفسير الشوكاني 4 : 228 ، تفسير الآلوسي 21 : 67 ، نيل الأوطار 8 : 263.
    2 ـ ينذر الله تعالى أمة محمد صلى الله عليه وآله في الكتاب العزيز بقوله : وأنتم سامدون.
     ( سورة النجم : 61 ) قال عكرمة عن ابن عباس أنه قال : هو الغناء بلغة حمير. يقال : سمّد لنا. أي غن لنا. ويقال للقينة : أسمدينا. أي : ألهينا بالغناء.
    أخرجه سعيد بن منصور ، عبد بن حميد ، ابن جرير ، عبد الرزاق ، الفريا بي ، أبو عبيد ، ابن أبي الدنيا ، البزار ، ابن المنذر ، ابن أبي حاتم ، البيهقي.
    راجع تفسير الطبري 28 : 48 ، تفسير القرطبي 17 : 122 ، نقد العلم والعلماء لابن الجوزي ص 246 ، نهاية ابن الأثير 2 : 195 ، الفائق للزمخشري 1 : 305 ، تفسير ابن كثير 4 : 260 ، تفسير الخازن 4 : 212 ، الدر المنثور 6 : 132 ، تاج العروس 2 : 381 ، تفسير الشوكاني 5 : 115 ، تفسير الآلوسي 27 : 72 ، نيل الأوطار 8 : 263.


(69)
    3 ـ وفي خطاب الله العزيز قوله تعالى لإبليس : واستفزز من استطعت منهم بصوتك. ( سورة الاسراء : 64 )
    قال ابن عباس ومجاهد : إنه الغناء والمزامير واللهو.
    كما في تفسير الطبري 15 : 81 ، تفسير القرطبي 10 : 288 ، نقد العلم والعالم لابن الجوزي ص 247 ، تفسير ابن كثير 3 : 49 ، تفسير الخازن 3 : 178 ، تفسير النسفي 3 ص 178 ، تفسير ابن جزي الكلبي 2 : 175 ، تفسير الشوكاني 3 : 233 ، تفسير الآلوسي 15 : 111.

السنة في الغناء والمعازف
    قد جاء في السنة الشريفة عنه صلى الله عليه وآله : ما من رجل يرفع صوته بالغناء إلا بعث الله عليه شيطانين أحدهما على هذ المنكب والآخر على هذا المنكب ، فلا يزالان يضربانه بأرجلهما حتى يكون هو الذي يسكت.
    وفي لفظ ابن أبي الدنيا وابن مردويه : ما رفع أحد صوته بغناء إلا بعث الله تعالى إليه شيطانين يجلسان على منكبيه يضربان بأعقابهما على صدره حتى يمسك.
    راجع تفسير القرطبي 14 : 43 ، تفسير الزمخشري 2 : 411 ، نقد العلم والعلماء لابن الجوزي ص 248 ، تفسير الخازن 3 : 460 ، تفسير النسفي هامش الخازن 3 : 460 ، إرشاد الساري 9 : 164 ، الدر المنثور 5 : 159 ، تفسير الشوكاني 4 : 228 ، تفسير الآلوسي 21 : 68.
    2 ـ عن عبد الرحمن بن عوف : إن رسول الله صلى الله عليه وآله قال : إنما نهيت عن صوتين أحمقين فاجرين : صوت عند نغمة لهو ومزامير الشيطان.
    وصوت عند مصيبة خمش وجوه ، وشق جيوب ، ورنة شيطان.
    وفي لفظ الترمذي وغيره من حديث أنس مرفوعا : صوتان ملعونان فاجران أنهى عنهما : صوت مزمار ورنة شيطان عند نغمة ومرح ، ورنة عند مصيبة ، لطم خدود ، وشق جيوب.
    تفسير القرطبي 14 : 53 ، نقد العلم والعلماء ص 248 ، الدر المنثور 5 : 160 ، كنز العمال 7 : 333 ، تفسير الشوكاني 4 : 229 نيل الأوطار 8 : 268.
    3 ـ عن عمر بن الخطاب مرفوعا : ثمن القينة سحت ، وغناء‌ها حرام ، والنظر


(70)
إليها حرام ، وثمنها من ثمن الكلب وثمن الكلب سحت.
    أخرجه الطبراني كما في إرشاد الساري للقسطلاني 9 : 163 ، ونيل الأوطار للشوكاني 8 : 264.
    4 ـ عن أبي موسى الأشعري مرفوعا : من استمع إلى صوت غناء لم يؤذن له أن يسمع الروحانيين.
    فقيل : ومن الروحانيون يا رسول الله ؟ قال : قراء أهل الجنة.
    أخرجه الحكيم الترمذي في نوادر الأصول ، والقرطبي في تفسيره 14 : 54.
    5 ـ مرفوعا : ليكونن في أمتي قوم يستحلون الخز والخمر والمعازف (1) أخرجه أحمد. وبن ماجة. وأبو نعيم.
    وأبو داود بأسانيدهم صحيحة لا مطعن فيها ، وصححه جماعة آخرون من الأئمة ، كما قاله بعض الحفاظ.
    قاله الآلوسي في تفسيره 21 : 76 ، وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى 10 : 221 فقال : أخرجه البخاري في الصحيح.
    6 ـ عن ابن عباس وأنس وأبي أمامة مرفوعا : ليكونن في هذه الأمة خسف و قذف ومسخ ، وذلك إذا شربوا الخمور ، واتخذوا القينات ، وضربوا بالمعازف. أخرجه ابن أبي الدنيا. وأحمد. والطبراني ، كما في الدر المنثور 2 : 324 ، و تفسير الآلوسي 21 : 76.
    7 ـ عن عبد الله بن عمر ـ عمرو ـ قال : إن قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان. هي في التوراة : إن الله أنزل الحق ليذهب به الباطل ، ويبطل به اللعب والزفن والمزامير والكبارات يعني البرابط والزمارات يعني الدف والطنابير. أخرجه ابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، والبيهقي في سننه 10 : 222 ، وراجع تفسير ابن كثير 2 : 96 ، والدر المنثور 2 : 317.
    8 ـ عن أنس وأبي أمامة مرفوعا : بعثني الله رحمة وهدى للعالمين ، وبعثني بمحق المعازف والمزامير وأمر الجاهلية. كتاب العلم لابن عبد البر 1 : 153 ، الدر
1 ـ في حواشي الدمياطي : المعازف : الدفوف وغيرها مما يضرب به. ويطلق على الغناء عزف وعلى كل لعب. نيل الأوطار 8 : 261.
الغدير في الكتاب والسنة والأدب ـ الجزء الثامن ::: فهرس