المقدمة الحادية عشرة

في نبذ مما جاء في كيفية التلاوة وآدابها

روى في الكافي بإسناده عن اسحاق بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال : قلت له جعلت فداك إني احفظ القرآن عن ظهر قلبي فأقرأه عن ظهر قلبي أفضل أو انظر في المصحف ؟ فقال لي : لا بل اقرأه وانظر في المصحف فهو أفضل أما علمت أن النظر في المصحف عبادة . وبإسناده عن محمد بن عبد الله قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام : أقرأ القرآن في ليلة ؟ قال : لا يعجبني أن تقرأ في أقل من شهر .
وبإسناده عن أبي بصير أنه قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام جعلت فداك أقرأ القرآن في شهر رمضان في ليلة ؟ فقال : لا قال ففي ليلتين قال : لا قال ففي ثلاث ؟ قال : ها واشار بيده . ثم قال : يا أبا محمد إن لرمضان حقا وحرمة ولا يشبهه شيء من الشهور وكان أصحاب محمد صلى الله عليه وآله وسلم يقرأ أحدهم القرآن في شهر أو أقل . إن القرآن لا يقرأ هذرمة ولكن يرتل ترتيلا وإذا مررت بآية فيها ذكر الجنة فقف عندها واسئل الله تعالى الجنة وإذا مررت بآية فيها ذكر النار فقف عندها وتعوذ بالله من النار .
أقول : ها كلمة إجابة يعني بها نعم . ثم علل جواز الختم في ثلاث ليال في شهر رمضان بحق الشهر وحرمته (1) واختصاصه من بين الشهور .
والهذرمة السرعة في القرآن .
____________
(1) أريد به مطلق الاختصاص لا اختصاصه بزيادة القراءة ولذا لم يقل اختصاصه بذلك . منه قدس سره .

( 71 )

وبإسناده عن عبد الله بن سنان قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله تعالى : ورتل القران ترتيلا . قال : قال أمير المؤمنين عليه السلام : بيّنه تبييناً ولا تهذه هذّ الشعر ولا تنثره نثر الرمل ولكن فزّعوا قلوبكم القاسية ولا يكن همّ أحدكم آخر السورة .
أقول : الهذّ السرعة في القرأة أي لا تسرع فيه كما تسرع في قراءة الشعر ولا تفرق كلماته بحيث لا تكاد تجتمع كذرات الرمل ، والمراد به الاقتصاد بين السرعة المفرطة والبطؤ المفرط .
وفي رواية اخرى : أن أمير المؤمنين عليه السلام سئل عن ترتيل القرآن فقال : هو حفظ الوقوف وبيان الحروف ، وفسر الأول بالوقف التام والحسن والثاني بالإتيان بصفاتها المعتبرة من الجهر والهمس والاطباق والاستعلاء وغيرها . وعن أبي عبد الله عليه السلام هو أن تمكث وتحسّن به صوتك .
وبإسناده عنه عليه السلام : قال القرآن نزل بالحزن .
وبإسناده عنه عليه السلام قال : قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : لكل شيء حلية وحلية القرآن الصوت الحسن . وعنه عليه السلام قال كان علي بن الحسين عليهما السلام أحسن الناس صوتا بالقرآن . وكان السقاؤون يمرون فيقفون ببابه يستمعون قرأته . وكان أبو جعفر عليه السلام أحسن الناس صوتا .
وبإسناده عن علي بن محمد النوفلي عن أبي الحسن عليه السلام قال : ذكرت الصوت عنده فقال إن علي بن الحسين عليهما السلام كان يقرأ القرآن فربما مر به المار فصعق من حسن صوته ، وإن الإمام عليه السلام لو أظهر من ذلك شيئا لما احتمله الناس من حسنه . قلت : ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصلي بالناس ويرفع صوته بالقرآن فقال : إن رسول الله « ص » كان يحمل الناس من خلفه (1) ما يطيقون .
____________
(1) يحتمل كلمة من أن تكون إسما موصولا بدلا من الناس ، يعني كان يحمل من كان يصلي خلفه من الناس على ما يطيقون معه إتمام الصلاة من غير أن يخرجوا عن حدود التكليف وذلك لمصالح تقتضيه فإنه عليه السلام كان مأمورا بالإقبال والإدبار جميعا . ويحتمل أن يكون حرفا قيدا للناس أو متعلقا بيحمل فتدبر .

( 72 )

وبإسناده عن أبي بصير قال : قلت لأبي جعفر عليه السلام إذا قرأت القرآن فرفعت به صوتي جائني الشيطان . فقال : إنما ترائي بهذا أهلك والناس . قال : يا أبا محمد اقرأ قراءة بين القراءتين تسمع أهلك ورجَّع بالقرآن صوتك فان الله تعالى يحب الصوت الحسن يرجّع به ترجيعا .
وبإسناده عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم اقرؤا القرآن بألحان العرب وأصواتها وإياكم ولحون أهل الفسق وأهل الكبائر فانه سيجيء بعدي أقوام يرجعون القرآن بترجيع الغناء والنوح والرهبانية لا يجوز تراقيهم وقلوبهم مقلوبة وقلوب من يعجبه شأنهم . وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم زينوا القرآن بأصواتكم . وعنه عليه السلام : إن القرآن نزل بالحزن فإذا قرأتموه فابكوا فان لم تبكوا فتباكوا وتغنوا به فمن لم يتغن بالقرآن فليس منا ، قال في مجمع البيان تأول بعضهم تغنوا به بمعنى استغنوا به وأكثر العلما على أنه تزيين الصوت وتحزينه .
أقول : المستفاد من هذه الأخبار جواز التغني بالقرآن والترجيع به بل استحبابهما فما ورد من النهي عن الغناء كما يأتي في محله إنشاء الله ينبغي حمله على لحون أهل الفسق والكبائر وعلى ما كان معهودا في زمانهم عليهم السلام في فساق الناس وسلاطين بني أمية وبني العباس من تغني المغنيات بين الرجال وتكلمهن بالأباطيل ولعبهن بالملاهي من العيدان والقضيب ونحوها .
قال في الفقيه : سأل رجل علي بن الحسين عليهما السلام عن شراء جارية لها صوت ؟ فقال : ما عليك لو اشتريتها فذكرتك الجنة . قال : يعني بقراءة القرآن والزهد والفضائل التي ليست بغناء فأما الغناء فمحظور .
وفي الكافي والتهذيب : عن أبي عبد الله عليه السلام قال : أجر المغنية التي تزف العرائس ليس به بأس ليست بالتي تدخل عليها الرجال .
وفي معناه أخبار أُخر وكلام الفقيه يعطي أن بناء الحل والحرمة على ما يتغنى به .

( 73 )

والحديث الأخير يعطي أن لسماع صوت الأجنبية مدخلا في الحرمة فليتأمل .
وفي مصباح الشريعة عن الصادق عليه السلام أنه قال : من قرأ القرآن ولم يخضع له ولم يرق عليه ولم ينشيء حزنا ووجلا في سره فقد استهان بعظم شأن الله وخسر خسرانا مبينا فقارئ القرآن يحتاج إلى ثلاثة أشياء قلب خاشع ، وبدن فارغ ، وموضع خال . فإذا خشع لله قلبه فر منه الشيطان الرجيم وإذا تفرغ نفسه من الأسباب تجرد قلبه للقراءة فلا يعترضه عارض فيحرمه نور القرآن وفوائده وإذا اتخذ مجلسا خاليا واعتزل من الخلق بعد أن أتى بالخصلتين الأوليين استأنس روحه وسره بالله ووجد حلاوة مخاطبات الله عباده الصالحين وعلم لطفه بهم ومقام اختصاصه لهم بقبول كراماته وبدائع إشاراته فإذا شرب كأسا من هذا المشرب فحينئذ لا يختار على ذلك الحال حالا ولا على ذلك الوقت وقتا بل يؤثره على كل طاعة وعبادة لأن فيه المناجاة مع الرب بلا واسطة فانظر كيف تقرأ كتاب ربك ومنشور ولايتك وكيف تجيب أوامره ونواهيه وكيف تمتثل حدوده فانه كتاب عزيز لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد فرتله ترتيلا ، وقف عند وعده ووعيده وتفكر في أمثاله ومواعظه واحذر أن تقع من إقامتك حروفه في إضاعة حدوده .
وروي عنه عليه السلام أنه قال : والله لقد تجلى الله لخلقه في كلامه ولكن لا يبصرون .
قال : أيضا وقد سألوه عن حالة لحقته في الصلاة حتى خر مغشيا عليه فلما سرى ( سوى خ ل ) عنه قيل له في ذلك فقال : ما زلت اردد الآية على قلبي وعلى سمعي حتى سمعتها من المتكلم بها فلم يثبت جسمي لمعاينة قدرته .
أقول : وللتلاوة آداب أُخر منها ظاهرة كالطهارة والاستعاذة وتعظيم المصحف والدعاء أولا وآخرا وغير ذلك ومنها باطنة كحضور القلب والتدبر والتفهم والتخلي عن موانع الفهم وتخصيص نفسه بكل خطاب وتأثر قلبه بآثار مختلفة والترقي بقلبه إلى أن يسمع الكلام من الله لا من نفسه والتبري من حوله وقوته ومن الالتفات إلى نفسه بعين

( 74 )

الرضا واحضار عظمة الكلام والمتكلم بقلبه إلى غير ذلك كما مرت الإشارة إلى بعضها وقد أوردناها جميعا وبيناها في كتابنا المسمى بالمحجة البيضاء من أرادها فليراجع إليه .

( 75 )

المقدمة الثانية عشرة

في بيان ما اصطلحنا عليه في التفسير

فنقول كلما يحتاج من الآيات إلى بيان وتفسير لفهم المقصود من معانيه أو إلى تأويل لمكان تشابه فيه أو إلى معرفة سبب نزوله المتوقف عليه فهمه وتعاطيه أو إلى تعرّف نسخ أو تخصيص أو صفة أخرى فيه .
وبالجملة ما يزيد على شرح اللفظ والمفهوم مما يفتقر إلى السماع من المعصوم فان وجدنا شاهدا من محكمات القرآن يدل عليه أتينا به فان القرآن يفسر بعضه بعضا وقد أُمرنا من جهة أئمة الحق عليهم السلام أن نرد متشابهات القرآن إلى محكماته وإلا فان ظفرنا فيه بحديث معتبر عن أهل البيت عليهم السلام في الكتب المعتبرة من طرق أصحابنا رضوان الله عليهم أوردناه ، وإلا أوردنا ما روينا عنهم عليهم السلام من طرق العامة لنسبته إلى المعصوم وعدم ما يخالفه ، نظيره في الاحكام ما روي عن الصادق عليه السلام : إذا نزلت بكم حادثة لا تجدون حكمها فيما يروى عنا فانظروا إلى ما رووه عن علي عليه السلام فعملوا به . رواه الشيخ الطوسي رضوان الله عليه في العدة وما لم نظفر فيه بحديث عنهم عليهم السلام أوردنا ما وصل إلينا من غيرهم من علماء التفسير إذا وافق القرآن وفحواه وأشبه أحاديثهم في معناه فان لم نعتمد عليه من جهة الاستناد اعتمدنا عليه من جهة الموافقة والشبه والسداد . قال رسول الله « ص » إن على كل حق حقيقة وعلى كل صواب نورا فما وافق كتاب الله فخذوا به وما خالف كتاب الله فدعوه . وقال الصادق عليه السلام : ما جاءك في رواية من برّ أو فاجر يوافق القرآن فخذ به وما جاءك في رواية من برّ او فاجر يخالف القرآن فلا تأخذ .

( 76 )

وقال الكاظم عليه السلام إذا جاءك الحديثان المختلفان فقسهما على كتاب الله وعلى أحاديثنا فإن أشبههما فهو حق وإن لم يشبههما فهو باطل وما ورد فيه أخبار كثيرة فان لم يكن فيها كثير اختلاف اقتصرنا منها على ما اشتمل على مجامعها وتركنا سائرها مما في معناه روما للاختصار وصونا من الإكثار .
وربما أشرنا إلى تعددها وتكثرها إذا أهممنا ( اهمّنا خ ل ) الاعتماد وإن كانت مختلفة نقلنا أصحها وأحسنها وأعمها فائدة ثم أشرنا إلى مواضع الاختلاف ما استطعنا وما لا يحتاج إلى شرح اللفظ والمفهوم والنكات المتعلقة بعلوم الرسوم مما لا يفتقر إلى السماع من المعصوم أوردنا فيه ما ذكره المفسرون الظاهريون من كان تفسيره أحسن وبيانه أوجز وأتقن كائنا من كان الا أوائل السورة التي يذكر فيها البقرة فان تفسير أكثرها وأكثر تفسيرها مأخوذ من التفسير المنسوب إلى مولانا الزكي أبي محمد العسكري الذي منه ما هو من كلامه ومنه ما يرويه عن آبائه عليهم السلام .
منه ما أوردناه بألفاظه ومتونه . ومنه ما أوردناه بمعانيه ومضمونه .
ومنه ما لفقناه من غير موضع منه ثم منه ما نسبناه إليه ومنه ما لم ننسبه إليه وما لم ننسبه إليه ولا إلى غيره فهو منه إلا نادرا من شرح لفظه لا يجري فيه اختلاف وإنما النسبة للفصل من كلام الغير فإن ( فإذا خ ل ) فصل بالقرآن فلا نسبة وذلك إلى حيث ما وجد منه من تفسير هذه السورة وهو قوله عز وجل ( ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله ) ثم من قوله تعالى : ( الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى ) إلى قوله سبحانه ( كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت ) فإن وجد منه تفسير آية اخرى في ضمن تفسير هذه الايات أو على حدة نسبناه إليه في محله إنشاء الله وهو تفسير حسن لا سيما ما يتعلق منه بألفاظ القرآن ومعناه مما له مدخل في فهم القرآن وإن لم يقع موقع القبول عند جماعة من أصحابنا طاعنين في إسناده فإذا أردنا أن نأتي بمزيد بيان لآية أو حديث من لدنا أو من قول بعض أهل العلم والمعرفة أو أردنا أن نجمع ونوفق بين ما يوهم التناقض أو نحو ذلك صدرنا كلامنا بقولنا ( أقول أو قيل ) ليفصل من كلام المعصوم عليه السلام إلا إذا كانت هناك قرينة تدل على ذلك

( 77 )

وما لا يحتاج إلى مزيد كشف وبيان إما لوضوحه وإحكام معناه أو لما عرف مما سلف قريبا من تفسير ما يجري مجراه طوينا تفسيره أو أحلنا على ما أسلفناه ، وقلما نتعرض لانحاء النحو وصروف الصرف وشقوق الاشتقاق واختلاف القراءة فيما لا يختلف به أصل المعنى لأن نظر أولى الألباب إلى المعاني أكثر منه إلى المباني .
وربما يحوجنا تمام الكشف عن المقصود إلى ذكر شيء من الأسرار فمن لم يكن من أهله فلا يبادر بالإنكار وليتركه لأهله فان لكل أهلا وذاك أيضا من مخزون علمهم الذي استفدناه من عباراتهم ومكنون سرهم الذي استنبطناه من إشاراتهم باخلاص الولاء والحب وبمصاص المخ واللب ولله الحمد وما نقلناه من كتب الأصحاب نسبناه إليها باقتصار في أسمائها كالاكتفاء بالمضاف عما اضيف إليه كالمجمع والجوامع للشيخ أبي علي الطبرسي ، وكالتوحيد والعيون والعلل والاكمال والمعاني والمجالس والاعتقادات من تصنيف ( تصانيف خ ل ) الصدوق أبي جعفر بن بابويه رحمه الله وكالمناقب لمحمد بن شهر اشوب المازندراني ، وكالتهذيب والغيبة والأمالي للشيخ أبي جعفر الطوسي أطاب الله ثراهم ، وكنينا عن كتاب من لا يحضره الفقيه بالفقيه واكتفينا عن ذكر تفسيري علي بن إبراهيم القمي ومحمد بن مسعود العياشي واسميهما بالقمي والعياشي ، وعبرنا عن تفسير الإمام أبي محمد العسكري عليه السلام بتفسير الإمام واقتصرنا في التعبير عن المعصوم على ذكر لقبه تعظيما بعدم التسمية وحذرا عن الاشتباه بذكر الكنى لاشتراك بعضها وطلبا للاختصار وكلما أضمرنا عن المعصوم بقولنا عنه عليه السلام فمرجع الضمير الإمام الذي سبق ذكره وكلما لم نسم الكتاب فالمروي عنه ( منه خ ل ) الكتاب الذي مضى اسمه أو اسم مصنفه إلا ما صدّر بروي والقمي قد يسند إلى المعصوم عليه السلام وقد لا يسند وربما يقول : قال والظاهر أنه أراد به الصادق عليه السلام فان ( كما ان خ ل ) الشيخ أبا علي الطبرسي قد يروي عنه ما أضمره ويسنده إلى الصادق عليه السلام ونحن نروي ما أضمره على إضماره وحذفنا الأسانيد في الكل لقلة جدوى المعرفة بها في هذا العصر البعيد العهد عنها مع الاختلاف فيها والاشتباه على أنا إنما نصحح الأخبار بنحو آخر غير الأسانيد إلا قليلا ونستعين في ذلك كله بالله وحده ولا نتخذ إلى غيره

( 78 )

سبيلا فيا إخواني خذوا ما آتينكم بقوة فقد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات الى النور .

( 79 )

تفسير الاستعاذة

في تفسير الإمام عليه السلام عن أمير المؤمنين عليه السلام : أعوذ امتنع بالله السميع لمقال الأخيار والأشرار ولكل المسموعات من الاعلان والأسرار العليم بأفعال الأبرار والفجار وبكل شي مما كان وما يكون وما لا يكون أن لو كان كيف يكون من الشيطان البعيد من كل خير الرجيم المرجوم باللعن المطرود من بقاع الخير ، وفي المعاني عن الزكي صلى الله عليه وآله وسلم معنى الرجيم أنه مرجوم باللعن مطرود من الخير لا يذكره مؤمن الا لعنه وإن في علم الله السابق إذا خرج القائم عليه السلام لا يبقى مؤمن إلا رجمه بالحجارة كما كان قبل ذلك مرجوما باللعن ، وفي تفسير الامام عليه السلام والاستعاذة هي : ما قد أمر الله بها عباده عند قراءتهم القرآن فقال : فإذا ( إذا خ ل ) قرأت القران فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم إنه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون إنما سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به مشركون .
أقول : الاستعاذة تطهير اللسان عما جرى عليه من غير ذكر الله ليستعد لذكر الله والتلاوة والتنظيف للقلب من تلوث الوسوسة ، ليتهيأ للحضور لدى المذكور ويجد الحلاوة .

( 80 )

سورة الفاتحة

مكية ، وقيل مدنية ، وقيل انزلت مرتين مرة بمكة ومرة بالمدينة وهي سبع آيات
بسم الله الرحمن الرحيم (1)

في التوحيد وتفسير الإمام عن أمير المؤمنين عليه السلام : الله هو الذي يتأله إليه كل مخلوق الحوائج والشدائد إذا انقطع الرجاء من كل وجه من ، دونه وتقطع الأسباب من ( عن خ ل ) جميع من سواه تقول بسم الله أي أستعين على أموري كلها بالله الذي لا تحق العبادة الا له المغيث إذا استغيث والمجيب إذا دعي .
أقول : معنى يتأله إليه : يفزع إليه ويلتجأ ويسكن .
وفي رواية اخرى عنه عليه السلام يعني بهذا الاسم اقرأ واعمل هذا العمل .
وفي العيون والمعاني عن الرضا عليه السلام يعني بهذا أسم نفسي بسمة من سمات الله وهي العبادة ، قيل له ما السمة قال العلامة .
وفي التوحيد وتفسير الإمام عليه السلام قال رجل للصادق عليه السلام : يابن رسول الله دلني على الله ما هو فقد أكثر عليّ المجادلون وحيروني فقال يا عبد
____________
(1) قيل الوجه في كتابه البسملة بحذف الألف على خلاف وضع الخط كثرة الاستعمال وتطويل الباء عوض عنها . منه قدس الله سره .
روي أن قريشا كانت تكتب في الجاهلية بسمك اللهم حتى نزلت سورة هود فيها بسم الله مجريها ومرسيها فأمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يكتب بسم الله ثم نزل عليه بعد ذلك : قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيا ما تدعو فله الأسماء الحسنى ، فأمر صلى الله عليه وآله وسلم أن يكتب بسم الله الرحمن فلما نزلت سورة النمل : إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم أمر صلى الله عليه وآله وسلم أن يكتب ذلك في صدور الكتب وأوائل الرسائل . وهي آية من كل سورة وقولنا : بسم الله أي أبتدئ ببسم الله أو ابتدائي ببسم الله فهو خبر مبتدأ محذوف واشتقاق الاسم من السمو وهو العلو والرفعة ومنه سما الزرع أي علا وارتفع . ومنه اشتقاق السماء لارتفاعها وعولها وقيل هو مشتق من السمة التي هي العلامة فكأنه علامة لما وضع له . منه قدس سره .


( 81 )

لله هل ركبت سفينة قط ؟ قال : بلى ، قال : فهل كسرت بك حيث لا سفينة تنجيك ولا سباحة تغنيك ؟ قال : بلى قال : فهل تعلق قلبك هناك أن شيئا من الأشياء قادر على ان يخلصك من ورطتك ؟ قال : بلى . قال الصادق عليه السلام : فذاك الشيء هو الله القادر على الإنجاء حين لا منجي وعلى الإغاثة حين لا مغيث ويأتي في معنى الله حديث آخر في تفسير سورة الاخلاص انشاء الله ، وعن أمير المؤمنين عليه السلام : الله أعظم اسم من اسماء الله عز وجل لا ينبغي أن يتسمى به غيره .
وعنه عليه السلام : الرحمن الذي يرحم ببسط الرزق علينا . وفي رواية العاطف على خلقه بالرزق لا يقطع عنهم مواد رزقه وإن انقطعوا عن طاعته . الرحيم بنا في أدياننا ودنيانا وآخرتنا خفف علينا الدين وجعله سهلا خفيفا ( حنيفا خ ل ) وهو يرحمنا بتمييزنا من اعدائه .
أقول : رزق كل مخلوق ما به قوام وجوده وكماله اللائق به فالرحمة الرحمانية تعم جميع الموجودات وتشتمل كل النعم كما قال الله سبحانه : أحسن كل شيء خلقه ثم هدى . وأما الرحمة الرحيمية بمعنى التوفيق في الدنيا والدين فهي مختصة بالمؤمنين وما ورد من شمولها للكافرين فإنما هي من جهة دعوتهم إلى الإيمان والدين مثل ما في تفسير الامام عليه السلام من قولهم عليهم السلام الرحيم بعباده المؤمنين في تخفيفه عليهم طاعاته وبعباده الكافرين في الرفق في دعائهم إلى موافقته . ومن ثمة قال الصادق عليه السلام : الرحمن اسم خاص لصفة عامة والرحيم اسم عام لصفة خاصة . وقال عيسى بن مريم عليه السلام : الرحمن رحمن الدنيا والرحيم رحيم الآخرة يعني في الامور الأخروية
رواهما في المجمع وفي الكافي والتوحيد والمعاني والعياشي عن الصادق عليه السلام الباء بهاء الله والسين سناء الله والميم مجد الله . وفي رواية ملك الله والله إله كل شيء الرحمن بجميع خلقه ، والرحيم بالمؤمنين خاصة .
والقمي عنه عليه السلام مثله بالرواية الأخيرة فحسب .

( 82 )

وروي في المشكاة وأورده في المجمع عن النبي صلى الله عليه وآله إن لله عز وجل مائة رحمة أنزل منها واحدة إلى الأرض فقسمها بين خلقه فبها يتعاطفون ويتراحمون وأخر تسعا وتسعين لنفسه يرحم بها عباده يوم القيامة .
وروي أن الله قابض هذه إلى تلك فيكملها مائة يرحم بها عباده يوم القيامة .
وفي تفسير الامام معنى ما في الروايتين عن أمير المؤمنين عليه السلام والتسمية في أول كل سورة آية منها وإنما كان يعرف إنقضاء السورة بنزولها إبتداء للأخرى وما أنزل الله كتابا من السماء الا وهي فاتحته كذا عن الصادق عليه السلام رواه العياشي .
وفي الكافي عن الباقر عليه السلام : أول كل كتاب أنزل من السماء بسم الله الرحمن الرحيم فإذا قرأتها فلا تبال أن لا تستعيذ فإذا قرأتها سترتك فيما بين السماء والارض .
وفي العيون عن أمير المؤمنين عليه السلام : أنها من الفاتحة وأن رسول الله صلى الله عليه وآله يقرؤها ويعدها آية منها ويقول فاتحة الكتاب هي السبع المثاني ، وفيه وفي العياشي عن الرضا عليه السلام أنها أقرب إلى اسم الله الأعظم من ناظر العين إلى بياضها .
ورواه في التهذيب عن الصادق عليه السلام .
والقمي عنه أنها أحق ما يجهر به وهي الآية التي قال الله عز وجل : وإذا ذكرت ربك في القرآن وحده ولوا على أدبارهم نفورا .
وفي الخصال عنه عليه السلام : أن الاجهار بها في الصلاة واجب .
والعياشي عنه عليه السلام قال : مالهم قاتلهم الله عمدوا إلى أعظم آية في كتاب الله فزعموا أنها بدعة إذا أظهروها .
أقول : يعني العامة ، عن الباقر عليه السلام سرقوا آية من كتاب الله بسم الله الرحمن الرحيم وينبغي الإتيان بها عند افتتاح كل أمر عظيم أو صغير ليبارك فيه .

( 83 )

ففي الكافي عن الصادق عليه السلام قال : لا تدعها ولو كان بعده شعر .
وفي التوحيد وتفسير الامام عنه عليه السلام من تركها من شعيتنا امتحنه الله بمكروه لينبهه على الشكر والثناء ويمحق عنه وصمة تقصيره عند تركه ، وعن أمير المؤمنين عليه السلام أن رسول الله صلى الله عليه وآله حدثني عن الله عز وجل أنه قال كل أمر ذي بال لم يذكر فيه بسم الله الرحمن الرحيم فهو أبتر .
(1) الحمد لله : يعني على ما أنعم الله به علينا ، في العيون وتفسير الامام عليه السلام عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه سئل عن تفسيرها فقال : هو أن الله عرف عباده بعض نعمه عليهم جملا إذ لا يقدرون على معرفة جميعها بالتفصيل لأنها أكثر من أن تحصى أو تعرف فقال قولوا الحمد لله على ما أنعم به علينا .
وفي الكافي عن الصادق عليه السلام : ما أنعم الله على عبد بنعمة صغرت أو كبرت فقال : الحمد لله الا أدى شكرها .
رب العلمين : في العيون وتفسير الامام عليه السلام عن أمير المؤمنين عليه السلام يعني مالك الجماعات من كل مخلوق وخالقهم وسائق أرزاقهم إليهم من حيث يعلمون ومن حيث لا يعلمون يقلب الحيوانات في قدرته ويغذوها من رزقه ويحوطها بكنفه ويدبر كلا منها بمصلحته ويمسك الجمادات بقدرته ويمسك ما اتصل منا عن التهافت والمتهافت عن التلاصق والسماء أن تقع على الأرض إلا باذنه والأرض أن تنخسف الا بأمره .
(2) الرحمن الرحيم : قيل لعل تكريرهما للتنبيه بهما في جملة الصفات المذكورة على استحقاقه للحمد .
(3) مالك يوم الدين : في تفسير الامام عليه السلام يعني القادر على إقامته والقاضي فيه بالحق والدين والحساب .
وقرئ ملك يوم الدين روى العياشي أنه قرأه الصادق عليه السلام ما لا يحصى .

( 84 )

وفي تفسير الامام عليه السلام عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال : أكيس الكيسين من حاسب نفسه وعمل لما بعد الموت وإن أحمق الحمقاء من اتبع نفسه هواه وتمنى على الله تعالى الأماني ، وفي حديث آخر : حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا وزنوها قبل أن توزنوا .
أقول : وفيهما دلالة على أن لكل انسان أن يفرغ من حسابه ووزن عمله في دار الدنيا بحيث لا يحتاج إليهما في الآخرة وهو كذلك عند اولي الألباب .
(4) إياك نعبد في تفسير الإمام عليه السلام قال الله تعالى : قولوا يا أيها الخلق المنعم عليهم إياك نعبد أيها المنعم علينا نطيعك مخلصين موحدين مع التذلل والخضوع بلا رياء ولا سمعة .
وفي رواية عامية عن الصادق عليه السلام : يعني لا نريد منك غيرك لا نعبدك بالعوض والبدل كما يعبدك الجاهلون بك المغيبون عنك .
أقول : إنما انتقل العبد من الغيبة إلى الخطاب لأنه كان بتمجيده ( لتمجيده خ ل ) لله سبحانه وتعالى يتقرب إليه متدرجا إلى أن يبلغ في القرب مقاما كأن العلم صار له عيانا والخبر شهودا والغيبة حضورا .
وإياك نستعين (1) : على طاعتك وعبادتك وعلى دفع شرور أعدائك ورد مكائدهم والمقام على ما أمرت ، كذا في تفسير الامام عليه السلام . قيل : المستتر في نعبد ونستعين للقاري ومن معه من الحفظة وحاضري صلاة الجماعة أوله ولسائر الموحدين أدرج عبادته في تضاعيف عبادتهم وخلط حاجته بحاجتهم لعلها تقبل ببركتها وتجاب إليها ولهذا شرعت الجماعة وقدم اياك للتعظيم له والاهتمام به وللدلالة على الحصر .
(5) إهدنا الصراط المستقيم : في المعاني وتفسير الامام عن الصادق عليه
____________
(1) قيل : إنما قدمت العبادة على الإستعانة لتوافق رؤوس الآي ويعلم منه أن تقديم الوسيلة على طلب الحاجة ادعى إلى الإجابة . . ولما نسب المتكلم العبادة إلى نفسه أوهم ذلك تبجحا أو اعتدادا منه بما يصدر عنه تعقبه بقوله وإياك نستعين ليدل على أن العبادة ايضا مما لا يتم الا بمعونة منه وتوفيق منه ، منه قدس سره .

( 85 )

السلام يعني أرشدنا للزوم الطريق المؤدي إلى محبتك والمبلغ إلى جنتك والمانع من أن نتبع أهواءنا فنعطب أو أن نأخذ بآرائنا فنهلك .
وعن أمير المؤمنين عليه السلام : يعني أدِمْ لنا توفيقك الذي أطعناك به في ماضي أيامنا حتى نطيعك كذلك في مستقبل أعمارنا .
أقول : لما كان العبد محتاجا إلى الهداية في جميع اموره آناً فآناً ولحظة فلحظة فادامة الهداية هي هداية أخرى بعد الهداية الأولى فتفسير الهداية بادامتها ليس خروجا عن ظاهر اللفظ . وعنه عليه السلام الصراط المستقيم في الدنيا ما قصر عن الغلو وارتفع عن التقصير واستقام وفي الآخرة طريق المؤمنين إلى الجنة .
وفي المعاني عن الصادق عليه السلام : وهي الطريق إلى معرفة الله وهما صراطان صراط في الدنيا وصراط في الآخرة فأما الصراط في الدنيا فهو الامام المفترض الطاعة من عرفه في الدنيا واقتدى بهداه مر على الصراط الذي هو جسر جهنم في الآخرة ومن لم يعرفه في الدنيا زلت قدمه عن الصراط في الآخرة فتردّى في نار جهنم .
وعنه عليه السلام : إن الصراط أمير المؤمنين عليه السلام .
وفي رواية اخرى : ومعرفته .
وفي اخرى : أنه معرفة الامام ، وفي اخرى : نحن الصراط المستقيم .
والقمي عنه عليه السلام : الصراط أدق من الشّعر وأحدّ من السيف فمنهم من يمر عليه مثل البرق ومنهم من يمر عليه مثل عدو الفرس ومنهم من يمر عليه ماشيا ومنهم من يمر عليه حبوا ومنهم من يمر عليه متعلقا فتأخذ النار منه شيئاً وتترك منه شيئاً .
وفي رواية اخرى : أنه مظلم يسعى الناس عليه على قدر أنوارهم .
أقول : ومآل الكل واحد عند العارفين بأسرارهم .

( 86 )

وبيانه على قدر فهمك أن لكل انسان من ابتداء حدوثه إلى منتهى عمره انتقالات جبلية باطنية في الكمال وحركات طبيعية ونفسانية تنشأ من تكرر الأعمال وتنشأ منها المقامات والأحوال فلا يزال ينتقل من صورة الى صورة ومن خلق إلى خلق ومن عقيدة إلى عقيدة ومن حال إلى حال ومن مقام إلى مقام ومن كمال إلى كمال حتى يتصل بالعالم العقلي والمقربين ويلحق بالملأ الأعلى والسابقين إن ساعده التوفيق وكان من الكاملين أو بأصحاب اليمين إن كان من المتوسطين أو يحشر مع الشياطين وأصحاب الشمال إن ولاه الشيطان وقارنه الخذلان في المآل وهذا معنى الصراط المستقيم ، ومنه ما إذا سلكه أوصله إلى الجنة وهو ما يشتمل عليه الشرع كما قال الله عز وجل : ( وإنك لتهدي إلى صرط مستقيم ) صراط الله وهو صراط التوحيد والمعرفة والتوسط بين الأضداد في الأخلاق والتزام صوالح الأعمال .
وبالجملة : صورة الهدى الذي أنشأه المؤمن لنفسه مادام في دار الدنيا مقتديا فيه بهدى إمامه وهو أدق من الشعر وأحد من السيف في المعنى مظلم لا يهتدي إليه إلا من جعل الله له نورا يمشي به في الناس يسعى الناس عليه على قدر أنوارهم .
وروي عن الصادق عليه السلام أن الصورة الانسانية هي الطريق المستقيم إلى كل خير والجسر الممدود بين الجنة والنار .
أقول : فالصراط والمار عليه شيء واحد في كل خطوة يضع قدمه على رأسه أعني يعمل على مقتضى نور معرفته التي هي بمنزلة رأسه بل يضع رأسه على قدمه أي يبني معرفته على نتيجة عمله الذي كان بناؤه على المعرفة السابقة حتى يقطع المنازل إلى الله وإلى الله المصير .
وقد تبين من هذا أن الامام هو الصراط المستقيم وإنه يمشي سويا على الصراط المستقيم وأن معرفته معرفة الصراط المستقيم ومعرفة المشي على الصراط المستقيم وان من عرف الامام ومشى على صراطه سريعا أو بطيئا بقدر نوره ومعرفته

( 87 )

إياه فاز بدخول الجنة والنجاة من النار ومن لم يعرف الامام لم يدر ما صنع فزل قدمه وتردى في النار .
(6) صراط الذين أنعمت عليهم : (1) في المعاني وتفسير الامام عن أمير المؤمنين عليه السلام : أي قولوا إهدنا صراط الذين أنعمت عليهم بالتوفيق لدينك وطاعتك لا بالمال والصحة فانهم قد يكونون كفارا أو فساقا . وقال : هم الذين قال الله تعالى : ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا .
(7) غير المغضوب عليهم : قال هم اليهود الذين قال الله فيهم من لعنه الله وغضب عليه .
ولا الضالين : قال هم النصارى الذين قال الله فيهم : قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيرا .
وزاد في تفسير الامام عليه السلام ثم قال أمير المؤمنين عليه السلام كل من كفر بالله فهو مغضوب عليه وضال عن سبيل الله .
وفي المعاني عن النبي صلى الله عليه وآله الذين أنعمت عليهم شيعة علي عليه السلام يعني أنعمت عليهم بولاية علي بن أبي طالب عليه السلام لم تغضب عليهم ولم يضلوا .
وعن الصادق عليه السلام يعني محمدا وذريته .
والقمي عنه عليه السلام أن المغضوب عليهم النصاب ، والضالين أهل الشكوك الذين لا يعرفون الامام .
أقول : ويدخل في صراط المنعم عليهم كل وسط واستقامة في اعتقاد أو عمل فهم الذين قالوا : ربنا الله ثم استقموا . وفي صراط المغضوب عليهم كل
____________
(1) وإذا عرفت الصراط فجزها في الدنيا وخذ هذا ممن يمر على الصراط متعلقا قد أخذت منه النار نجاه الله من النار وحشره مع الأبرار والأخيار ، منه قدس سره .

( 88 )

تفريط وتقصير ولا سيما إذا كان عن علم كما فعلت اليهود بموسى وعيسى ومحمد وفي صراط الضالين كل افراط وغلو لا سيما إذا كان عن جهل كما فعلت النصارى بعيسى وذلك لأن الغضب يلزمه البعد والطرد والمقصر هو المدبر المعرض فهو البعيد والضلال هو الغيبة عن المقصود والمفرط هو المقبل المجاوز فهو الذي غاب عنه المطلوب .
والعياشي عن النبي صلى الله عليه وآله أن ام الكتاب أفضل سورة أنزلها الله في كتابه وهي شفاء من كل داء الا السام يعني الموت .
وفي الكافي عن الباقر عليه السلام : من لم يبرأه الحمد لم يبرأه شيء .
وعن الصادق عليه السلام : لو قرأت الحمد على ميت سبعين مرة ثم ردت فيه الروح ما كان عجيبا .
وفي رواية : أنها من كنوز العرش .
وفي العيون وتفسير الامام عن الصادق عليه السلام عن آبائه عن أمير المؤمنين عليهم السلام قال : لقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : قال الله عز وجل : قسمت فاتحة الكتاب بيني وبين عبدي فنصفها لي ونصفها لعبدي ولعبدي ما سأل إذا قال العبد : بسم الله الرحمن الرحيم قال الله جل جلاله : بدأ عبدي باسمي وحق عليّ أن اتمم له أموره وابارك له في أحواله فإذا قال الحمد لله رب العالمين قال جل جلاله : حمدني عبدي وعلم أن النعم التي له من عندي وان البلايا التي اندفعت عنه فبتطولي أشهدكم أني اضيف له إلى نعم الدنيا نعم الآخرة وأدفع عنه بلايا الآخرة كما دفعت عنه بلايا الدنيا ، وإذا قال الرحمن الرحيم قال الله جل جلاله : شهد لي عبدي بأني الرحمن الرحيم اشهدكم لأوفرن من نعمتي حظه ولأجزلن من عطائي نصيبه فإذا قال مالك يوم الدين قال الله تعالى : أشهدكم كما اعترف بأني أنا الملك يوم الدين لأسهلن يوم الحساب حسابه ولأقبلن حسناته ولأجاوزن عن سيئاته فإذا قال العبد : إياك نعبد قال الله عز وجل صدق عبدي إياي يعبد أشهدكم لأثيبنه على عبادته ثوابا يغبطه كل من خالفه في

( 89 )

عبادته لي فإذا قال وإياك نستعين قال الله تعالى : بي استعان وإليّ إلتجأ أشهدكم لأعيننه على أمره ولأغيثنه في شدائده ولآخذن بيده يوم نوائبه فإذا قال إهدنا الصراط المستقيم إلى آخر السورة قال الله جل جلاله هذا لعبدي ولعبدي ما سأل فقد استجبت لعبدي وأعطيته ما أمل وأمنته بما منه وجل .