الاِيقاظ مِنَ الهجْعَةِ بالبرهان على الرجعة ::: 61 ـ 75
(61)
    أقول : والأحاديث في ذلك أيضاً كثيرة جدّاً ، ويفهم من حديث آخر (1) أنّ المراد عرض الحديث على الواضحات من القرآن ، أو على الآيات التي ورد تفسيرها عنهم ( عليهم السلام ).
    إذا عرفت ذلك فنقول : أحاديث الرجعة كلّها من هذا القبيل الذي يوافق القرآن ، فيجب الأخذ بها لما (2) يأتي إن شاء الله تعالى.

    التاسعة : في وجوب ترجيح الحديث الموافق لإجماع الشيعة بل الموافق للمشهور بينهم.
    27 ـ روى الكليني ـ في باب اختلاف الحديث ـ : بالإسناد السابق عن عمربن حنظلة ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) في حديث قال : « اُنظر إلى ما كان من روايتهم عنّا في ذلك الذي حكما به المجمع عليه بين أصحابك ، فيؤخذ به من حكمنا ، ويترك الشاذّ النادر الذي ليس بمشهور عند أصحابك ، فإنّ المجمع عليه لا ريب فيه » (3) الحديث.
    أقول : والنصوص في ذلك كثيرة ، إذا تقرّر هذا فاعلم أنّ أحاديث الرجعة موافقة لإجماع الشيعة كما يأتي إن شاء الله تعالى ، فتعيّن العمل بها.

    العاشرة : في الإشارة إلى جملة من وجوه الترجيح المنصوص (4) في محال (5) التعارض.
    إعلم أنّ الأحاديث في هذا المعنى كثيرة جدّاً وتؤيّدها أدلّة عقليّة متعدّدة ،
1 ـ في « ح ، ك ، ش » : أحاديث اُخر.
2 ـ في « ح ، ك ، ش » : كما.
3 ـ الكافي 1 : 68 / ضمن حديث 10 ، وأورده الطبرسي في الاحتجاج 2 : 261/ 232.
4 ـ في « ك ، ش ، ح » : المنصوصة.
5 ـ في « ح ، ش » : محل.


(62)
وأنا (1) اُشير إلى الوجوه المذكورة اختصاراً وهي اثنا عشر :
    الأوّل : عدم موافقة أحد الخبرين للعامّة ، وموافقة الآخر لهم.

    الثاني : مخالفة أشهر مذاهب العامّة ، وموافقة المعارض له.
    الثالث : كون راوي أحدهما عدلاً دون الآخر.
    الرابع : كون (2) أحد الراويين أعدل من الآخر (3).
    الخامس : كون أحدهما أورع من الآخر.
    السادس : موافقة أحدهما للإجماع دون معارضه.
    السابع : موافقة أحدهما للمشهور بين الشيعة دون معارضه.
    الثامن : كون أحد الراويين فقيهاً أو أفقه من الآخر.
    التاسع : موافقة أحدهما للقرآن دون الآخر.
    العاشر : موافقة أحدهما للسنّة الثابتة دون الآخر.
    الحادي عشر : كثرة رواة أحدهما بالنسبة إلى الآخر.
    الثاني عشر : موافقة الاحتياط.
    فهذه وجوه الترجيح المشهورة في الأحاديث وأقواها الأوّل عند التحقيق ، ولها أحكام مفصّلة في محلّ آخر ، وأكثرها متلازمة كما يعرفه المتتبّع الماهر ، وإذا تأمّلت علمت أنّ أكثرها أو كلّها موجودة في أحاديث الرجعة على تقدير وجود معارض صريح لها.
    الحادية عشرة : في وجوب الرجوع إلى الكتب الأربعة وأمثالها من الكتب المعتمدة.
1 ـ في « ح » : وإنّما.
2 ـ في « ح » : أن يكون.
3 ـ في نسخة « ش » : كون إحدى الروايتين أعدل من الاُخرى.


(63)
    28 ـ روى الكليني ـ في باب رواية الكتب والحديث وفضل الكتابة (1) والتمسّك بالكتب (2) ـ : عن محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن الحسن بن علي بن فضّال ، عن ابن بكير ، عن عبيد بن زرارة (3) ، قال : قال أبو عبدالله ( عليه السلام ) : « احتفظوا بكتبكم ، فإنّكم سوف تحتاجون إليها » (4).
    29 ـ وعن عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد بن خالد ، عن بعض أصحابه (5) ، عن أبي سعيد الخيبري (6) ، عن المفضّل بن عمر : قال : قال لي أبو عبدالله ( عليه السلام ) : « اكتب وبثّ علمك في إخوانك ، فإذا متّ فأورث كتبك بنيك ، فإنّه يأتي على الناس زمان هرج لا يأنسون فيه إلا بكتبهم » (7).
    30 ـ وعن محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ومحمّد بن الحسين ، عن الحسن بن محبوب ، عن عبدالله بن سنان ، قال : قلت لأبي عبدالله ( عليه السلام ) : يجيئني القوم فيسمعون منّي حديثكم فأضجر ولا أقوى ، قال : « فاقرأ عليهم من أوّله حديثاً ، ومن وسطه حديثاً ، ومن آخره حديثاً » (8).
    31 ـ وعنه ، عن أحمد بن عمر الحلاّل ، قال : قلت لأبي الحسن الرضا ( عليه السلام ) :
1 ـ في « ك » : الكتاب.
2 ـ في « ط » : بالحديث.
3 ـ هو ابن أعين الشيباني ، مولى ، كوفي ، روى عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) ، ثقة ثقة ، عين ، لا لبس فيه ولا شكّ ، عدّه البرقي والشيخ من أصحاب الإمام الصادق ( عليه السلام ).
    اُنظر رجال النجاشي : 233 / 618 ، رجال البرقي : 23 ، رجال الطوسي : 240 / 266.
4 ـ الكافي 1 : 52 / 10.
5 ـ في « ك ، ش ، ح » : أصحابنا.
6 ـ في « ط » : الخدري.
7 ـ الكافي 1 : 52 / 11.
8 ـ الكافي 1 : 51 / 5.


(64)
الرجل من أصحابنا يعطيني الكتاب ولا يقول أروه عنّي ، يجوز لي أن أرويه عنه ؟ قال : « إذا علمت أنّ الكتاب له فاروه عنه » (1).
    32 ـ وعن (2) علي بن محمّد ، عن أحمد بن محمّد (3) ، عن أبي أيّوب المدني ، عن ابن أبي عمير ، عن حسين الأحمسي (4) ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) ، قال : « القلب يتّكل على الكتابة » (5).
    33 ـ وعن الحسين بن محمّد ، عن معلّى بن محمّد ، عن الوشّاء ، عن عاصم بن حميد ، عن أبي بصير (6) ، قال : سمعت أبا عبدالله ( عليه السلام ) يقول : « اكتبوا فإنّكم لا تحفظون حتّى تكتبوا » (7).
    34 ـ وعن محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن ابن أبي نصر ، عن جميل بن درّاج ، قال : قال أبو عبدالله ( عليه السلام ) : « أعربوا حديثنا فإنّا قوم فصحاء » (8).
    35 ـ وعن عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد ، عن محمّد بن الحسن (9) بن أبي خالد شينولة (10) ، قال : قلت لأبي جعفر الثاني ( عليه السلام ) : إنّ مشايخنا رووا عن أبي
1 ـ الكافي 1 : 52 / 6.
2 ـ في « ح » : وعنه ، عن.
3 ـ ( عن أحمد بن محمّد ) لم يرد في « ح ».
4 ـ هو الحسين بن عثمان الأحمسي البجلي ، كوفي ، ثقة ، ذكره أبو العبّاس في رجال أبي عبدالله ( عليه السلام ) ، وعدّه الشيخ من أصحاب الإمام الصادق ( عليه السلام ).
    اُنظر رجال النجاشي : 54 / 122 ، رجال الطوسي : 183 / 305.
5 ـ الكافي 1 : 52 / 8.
6 ـ ( عن أبي بصير ) لم يرد في « ط ».
7 ـ الكافي 1 : 52 / 9.
8 ـ الكافي 1 : 52 / 13.
9 ـ في « ك » : الحسين.
10 ـ ( شينولة ) لم يرد في « ح ».


(65)
جعفر وأبي عبدالله ( عليهما السلام ) وكانت التقيّة شديدة ، فكتموا كتبهم فلم ترو عنهم ، فلمّا ماتوا صارت الكتب إلينا (1) ، فقال : « حدّثوا بها فإنّها حقّ » (2).
    أقول : والأحاديث في ذلك كثيرة جدّاً قد تجاوزت حدّ التواتر ، وقد نقل جماعة من عظماء العلماء الإجماع على ذلك ، ويستفاد بالتتبّع والإستقراء أنّهم كانوا يكتبون ما يسمعونه من أهل العصمة ( عليهم السلام ) بأمرهم ، ويعرضون كلّ ما يشكّون في صحّته من حديث أو كتاب عليهم ، وأنّهم جمعوا أربعمائة كتاب سمّوها اُصولاً ، وأجمعوا على صحّتها ، فكانوا لا يعملون إلا بها ، ولا يرجعون إلا إليها ، وذلك بأمر الأئمّة ( عليهم السلام ).
    وإنّ الكتب الأربعة وأمثالها مأخوذة من تلك الاُصول ، فكلّ حديث منها مجمع على ثبوته عن المعصوم ، وكلّ كتاب منها متواتر عن مؤلّفه ، وتحقيق هذه المقدّمات يظهر لمن طالع كتاب « الفوائد المدنيّة » وأمثاله.
    وإذا عرفت ذلك ظهر لك أنّ أحاديث الرجعة ثابتة عن أهل العصمة ( عليهم السلام ) ، لوجودها في الكتب الأربعة وغيرها من الكتب المعتمدة ، وكثرة القرائن القطعية الدالّة على صحّتها ، وثبوت رواتها (3) ، وتحقيق ذلك في محلّ آخر ، على أنّها لا تحتاج إلى شيء من القرائن ؛ لكونها قد بلغت حدّ التواتر ، بل تجاوزت ذلك الحدّ ، وكلّ حديث منها يفيد العلم مع القرائن المشار إليها ، فكيف يبقى شكّ مع اجتماع الجميع ؟!

    الثانية عشرة : في ذكر الكتب المعتمدة التي قد نقلت منها أدلّة الرجعة وأحاديثها ومقدّماتها ، ولم تحضرني جميع الكتب التي تشتمل على الأحاديث
1 ـ قوله : « فلمّا ماتوا صارت الكتب إلينا ) لم يرد في « ح ، ش ، ط ، ك ».
2 ـ الكافي 1 : 53 / 15.
3 ـ في « ح ، ك » : روايتها.


(66)
في هذا المعنى ، وفيما حضر لي فيها (1) بل في بعضها ، بل في كتاب واحد منها ، بل في حديث واحد كفاية لأهل التحقيق والتسليم ، ولم أستوف جميع ما حضرني من الكتب ، ولا نقلت جميع ما فيها ، وإنّما نظرت في مظانّ تلك الأحاديث ، وكثيراً ما توجد أحاديث في غير مظانّها ، ومن تتبّع أمكنه الزيادة على ما نقلت من تلك الكتب ، وأنا أذكر أسمائها هنا (2) تيمّناً وتبرّكاً بها وهي :
    كتاب الله القرآن الكريم.
    الصحيفة الكاملة.
    كتاب الكافي للكليني.
    كتاب التهذيب للشيخ الطوسي.
    كتاب من لا يحضره الفقيه للشيخ الصدوق ابن بابويه.
    كتاب عيون الأخبار له.
    كتاب معاني الأخبار له.
    كتاب الخصال له.
    كتاب كمال الدين وتمام النعمة له.
    كتاب الإعتقادات (3) له.
    كتاب ثواب الأعمال وعقاب الأعمال له.
    كتاب علل الشرائع والأحكام له.
    كتاب الأمالي له.
    كتاب التوحيد له.
1 ـ في « ح ، ك » : حضر منها ، وفي « ط » : حضر فيها.
2 ـ ( هنا ) لم ترد في « ح ».
3 ـ في « ح » : الاعتقاد.


(67)
    كتاب المصباح الكبير للشيخ الطوسي.
    كتاب المصباح الصغير له.
    كتاب الغيبة له.
    كتاب الأمالي لولده.
    كتاب المصباح للكفعمي.
    كتاب الخلاصة للعلاّمة.
    كتاب النجاشي في الرجال.
    كتاب ابن داود في الرجال.
    كتاب الفهرست للشيخ في الرجال.
    كتاب ميرزا محمّد الاسترابادي في الرجال.
    كتاب الكشّي في الرجال.
    كتاب الاختيار من الكشّي للشيخ في الرجال.
    كتاب تفسير علي بن إبراهيم بن هاشم.
    كتاب المحاسن لأحمد بن أبي عبدالله البرقي.
    كتاب المزار المسمّى بكامل الزيارة للشيخ أبي القاسم جعفر بن محمّد بن قولويه.
    كتاب الكفاية في النصوص على عدد الأئمّة ( عليهم السلام ) لمحمّد بن علي الخزّاز القمّي.
    رسالة المحكم والمتشابه للسيّد المرتضى.
    كتاب قصص الأنبياء للثقة الجليل سعيد بن هبة الله الراوندي (1).
1 ـ اسم الكتاب ومؤلّفه لم يرد في « ك ».

(68)
    كتاب الإرشاد في حجج الله على العباد للشيخ المفيد.
    كتاب كشف الغمّة في معرفة الأئمّة ( عليهم السلام ) للشيخ أبي الحسن علي بن عيسى الأربلي.
    كتاب الخرائج والجرائح للشيخ قطب الدين سعيد بن هبة الله الراوندي.
    كتاب مجمع البيان لعلوم القرآن للشيخ أبي علي الفضل بن الحسن الطبرسي.
    كتاب بصائر الدرجات لمحمّد بن الحسن الصفّار.
    كتاب قرب الإسناد لعبد الله بن جعفر الحميري.
    كتاب مشارق أنوار اليقين في حقائق أسرار أمير المؤمنين ( عليه السلام ) للحافظ رجب البرسي.
    كتاب الإحتجاج على أهل اللجاج للشيخ أبي منصور أحمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي.
    كتاب الصراط المستقيم إلى مستحقّي التقديم للشيخ زين الدين علي بن يونس العاملي.
    كتاب جامع الأخبار للشيخ حسن ابن الشيخ أبي علي الطبرسي.
    كتاب الملهوف (1) على قتلى الطفوف للسيِّد رضي الدين علي بن طاووس.
    كتاب مهج الدعوات له.
    كتاب كشف المحجّة لثمرة المهجة له.
    كتاب إرشاد القلوب إلى الصواب للشيخ أبي محمّد الحسن بن محمّد الديلمي.
    كتاب مسكّن الفؤاد للشيخ زين الدين علي بن أحمد العاملي.
    كتاب إعلام الورى للشيخ أبي علي الطبرسي.
1 ـ في « ح » : اللهوف.

(69)
    كتاب نهج البلاغة للسيّد الرضي محمّد بن الحسين الموسوي.
    كتاب سليم بن قيس الهلالي.
    رسالة للشيخ الجليل الحسن بن سليمان بن خالد القمّي.
    أقول : وهنا كتب اُخرى لم تحضرني وقت جمع هذه الأحاديث ، لكن نقل منها أصحاب الكتب السابقة منها :
    كتاب القائم للفضل بن شاذان.
    كتاب الدلائل لعبدالله بن جعفر الحميري.
    كتاب تفسير العياشي (1).
    كتاب العيون والمحاسن للشيخ المفيد.
    كتاب دلائل النبوّة.
    كتاب بصائر الدرجات لسعد بن عبدالله.
    كتاب تفسير النعماني.
    كتاب الواحدة للحسن بن محمّد بن جمهور (2).
    كتاب التنزيل للسيّاري.
    كتاب الفصول للمفيد (3).
    كتاب مختصر البصائر.
    كتاب كنز الفوائد للشيخ أبي الفتح الكراجكي.
    كتاب المزار للشهيد.
    كتاب المزار للمفيد.
1 ـ العياشي والذي بعده لم يردا في « ط ».
2 ـ ( للحسن بن محمد بن جمهور ) لم يرد في « ك ».
3 ـ من هنا لم يرد في « ك ».


(70)
    كتبا المزار لابن طاووس.
    رسالة لسعد بن عبدالله في أنواع آيات القرآن.
    كتاب تأويل ما نزل من القرآن في محمّد وآله ( عليهم السلام ) ، لمحمّد بن العبّاس بن مروان الثقة.
    كتاب الغيبة للنعماني.
    كتاب زوائد الفوائد.
    كتاب الخطب.
    كتاب المناقب.
    كتاب المشيخة (1).
    وغير ذلك من الكتب التي تأتي إن شاء الله تعالى.
1 ـ إلى هنا لم يرد في « ك ».

(71)
    إعلم أنّ الرجعة هنا هي الحياة بعد الموت قبل القيامة ، وهو الذي يتبادر من معناها ، وصرّح به العلماء هنا كما يأتي ، ويفهم من مواقع استعمالها ، ووقع التصريح به في أحاديثها ، كما تطّلع عليه فيما بعد ، وقد صرّح بذلك أيضاً علماء اللغة ، قال الجوهري في « الصحاح » : وفلان يؤمن بالرجعة أي بالرجوع إلى الدنيا بعد الموت (1).
    وقال أيضاً : الكرّ : الرجوع ، يقال : كرّه وكرّ بنفسه يتعدّى ولا يتعدّى (2). انتهى.
    وقال صاحب « القاموس » أيضاً : ويؤمن (3) بالرجعة أي بالرجوع إلى الدنيا بعد الموت (4) ، انتهى.
    فعلم أنّ هذا معناها الحقيقي (5) ، فلا يجوز العدول عنه في موضع لا قرينة فيه ، والذي يدلّ على صحّتها وجوه اثنا عشر :

    الأوّل : الدليل الذي استدلّوا به على صحّة المعاد بأنّه ممكن وقد أخبر الصادق
1 ـ الصحاح 3 : 1216 ـ رجع.
2 ـ الصحاح 2 : 805 ـ كرر.
3 ـ ( ويؤمن ) لم يرد في « ح ، ك ».
4 ـ القاموس المحيط 3 : 36 ـ رجع.
5 ـ في « ك » : التحقيقي.


(72)
به ، فيكون حقّاً.
    أمّا الاُولى فظاهرة ، فإنّ ذلك قد وقع مراراً كثيرة ، والوقوع دليل الإمكان.
    وأمّا الثانية فمتواترة ، ويأتي تحقيق الوقوع والإخبار المشار إليه (1) إن شاء الله تعالى ، وإنّه قد حصلت الحياة بعد الموت لجماعة من الرعية ومن الأنبياء (2) والأوصياء أيضاً ، بل استقامة هذا الدليل في إثبات الرجعة أوضح من استقامته في إثبات المعاد; لأنّ أمر المعاد أعظم ، وأحواله أعجب وأغرب ، ولم يقع مثله قطّ ، بخلاف الرجعة ، وفي الكتاب والسنّة إشارات إلى هذا الدليل (3) ، وردّ عظيم على من ينكر إحياء الموتى ، واعلم أنّ هذا الدليل شامل للأدلّة الآتية أو أكثرها ، فهو كالإجمال وما بعده كالتفصيل.

    الثاني : الآيات الكثيرة القرآنية الدالّة على ذلك إمّا نصّاً صريحاً ، أو بمعونة الأحاديث المعتمدة (4) الواردة في تفسيرها ، ويأتي جملة منها إن شاء الله تعالى.

    الثالث : الأحاديث الكثيرة المتواترة عن النبي والأئمّة ( عليهم السلام ) المرويّة في الكتب المعتمدة التي هي صريحة أكثرها لا مجال إلى تأويله بوجه ، فلا معنى لتأويل الباقي ، ولو جاز ذلك لجاز تأويل الأحاديث كلّها ، حتّى النصوص على الأئمّة ( عليهم السلام ) ، فإنّ أكثرها قابل للتأويل ، لكن ذلك لا يجوز للنصّ والإجماع على وجوب الحمل على الحقيقة ، وعدم جواز العدول عن الظاهر ما دام ممكناً.
    وإذا تأمّلت أحاديث الرجعة وجدتها لا تقصر عن أحاديث النصّ على واحد من الأئمّة ( عليهم السلام ) كالرضا ( عليه السلام ) مثلاً ، وإن شئت فقابل بين النصوص الموجودة في
1 ـ في « ط » : إليهما.
2 ـ في « ط » : والأنبياء. بدل من : ومن الأنبياء.
3 ـ في حاشية « ح » في نسخة : التأويل.
4 ـ ( المعتمدة ) لم ترد في « ك ».


(73)
« عيون الأخبار » ، وبين ما جمعناه من أحاديث الرجعة ، وارجع إلى الإنصاف ، مع أنّا لا ندّعي الإحاطة بها ، ولعلّ ما لم نطّلع عليه في هذا الوقت من أحاديث الرجعة أكثر ممّا اطّلعنا عليه.
    وقد رأيت أيضاً أحاديث كثيرة في الرجعة غير ما جمعته في هذه الرسالة ولم أنقلها ، لأنّ مؤلّف ذلك الكتاب غير مشهور ، ولا معلوم الحال ، ورأيت رسائل في الرجعة لبعض المتأخِّرين تشتمل على أحاديث غير ما أوردته ، ولم أنقلها أيضاً (1) لاشتمالها على اُمور مستبعدة ينكرها أكثر الناس في بادئ الأمر ، مع أنّها لا تخرج عن قدرة الله تعالى ، لكنّ الإقرار بها صعب على الناظر فيها ، وتحتمل الحمل على المبالغة إذا ثبت ما يعارضها.
    وفي الأحاديث التي أوردناها بل في بعضها كفاية إن شاء الله تعالى ، وقد قسّمناها أقساماً كلّ قسم منها في باب ، فإذا نظرت إلى مجموعها لا يبقى عندك شكّ ولا ريب وهي نصوص صريحة وأحاديث خاصّة ، فهي مقدّمة على العمومات والظواهر على تقدير معارضتها ، فإنّه يجب تخصيص العام والعمل بالخاصّ قطعاً ، بل ليس هنا تعارض حقيقي كما يأتي بيانه إن شاء الله تعالى.
    ولا ريب في بلوغ الأحاديث المذكورة حدّ التواتر المعنوي بدليل إيجابها لليقين ، لكلّ من خلا قلبه من شبهة أو تقليد ، وبدليل جزم العقل ، وباستحالة (2) تواطؤ جميع رواتها على الكذب ، وبدليل الإستقراء والتتبّع للأخبار التي يذكرون أنّها متواترة معنىً كأخبار كرم (3) حاتم مثلاً ، فإنّا نجزم بأنّ أحاديث الرجعة أكثر منها بكثير ، بل من (4) أخبار النصوص على كلّ واحد من الأئمّة ( عليهم السلام ) كما ذكرنا.
1 ـ ( أيضاً ) لم ترد في « ط ».
2 ـ في « ح » : لاستحالة ، وفي « ك » : باستحالة.
3 ـ في « ح » : جود.
4 ـ في « ك » : ومن. بدل من : بل من.


(74)
    ومن المعلوم من حال السلف عند التتبّع أنّهم كانوا يعتمدون في النصّ على تعيين الإمام على خبر واحد محفوف بقرائن قطعيّة توجب العلم من حال ناقله ، وغير ذلك أو على أخبار (1) يسيرة ، فإنّ حصول اليقين غير منحصر في طريق التواتر.
    وممّا يدلّ على ذلك قصّة زرارة وإرساله ولده ليأتيه بخبر النصّ على الكاظم ( عليه السلام ) ، أو بخبر دعواه الإمامة وإظهاره للمعجز ، وأيّ نسبة لذلك إلى أحاديث الرجعة.

    الرابع : إجماع جميع (2) الشيعة الإمامية ، وإطباق الطائفة الإثنى عشريّة على اعتقاد صحّة الرجعة ، فلا يظهر منهم مخالف يعتدّ به من العلماء السابقين ولا اللاّحقين ، وقد علم دخول المعصوم في هذا الإجماع بورود الأحاديث المتواترة عن النبي والأئمّة ( عليهم السلام ) ، الدالّة على اعتقادهم بصحّة الرجعة ، حتّى أنّه قد ورد ذلك عن صاحب الزمان محمّد (3) بن الحسن المهدي ( عليه السلام ) في التوقيعات الواردة عنه وغيرها ، مع قلّة ما ورد عنه في مثل ذلك بالنسبة إلى ما ورد عن آبائه ( عليهم السلام ).
    وممّن صرّح بثبوت الإجماع هنا ونقله الشيخ الجليل أمين الدين أبو علي الفضل بن الحسن الطبرسي في كتاب « مجمع البيان لعلوم القرآن » في تفسير قوله تعالى ( وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِن كُلِّ أُمَّة فَوْجاً ) (4) حيث قال (5) : استدلّ بهذه الآية على
1 ـ في « ك » زيادة : جماعة.
2 ـ ( جميع ) لم يرد في « ط ».
3 ـ في « ك » : الحجّة. بدل من : محمّد.
4 ـ سورة النمل 27 : 83.
5 ـ ( حيث قال ) لم يرد في « ط ».


(75)
صحّة الرجعة من ذهب إلى ذلك من الإماميّة بأن قال : دخول (1) « من » في الكلام يفيد التبعيض ، فدلّ على أنّ المشار إليه في الآية يوم يُحشر فيه قوم دون قوم ، وليس ذلك صفة القيامة الذي يقول الله فيه ( وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً ) (2).
    وقد تظاهرت الأخبار (3) عن أئمّة الهدى من آل محمّد ( عليهم السلام ) ، أنّ الله سيعيد عند قيام المهدي ( عليه السلام ) قوماً ممّن تقدّم موتهم من أوليائه وشيعته ; ليفوزوا بثواب نصرته ومعونته ، ويبتهجوا بظهور دولته ، ويعيد أيضاً قوماً من أعدائه ; لينتقم منهم وينالوا ما يستحقّونه من العقاب في الدنيا ، من القتل على أيدي شيعته ، أو الذلّ والخزي بما يرون من علوّ كلمته (4) ، ولا يشكّ عاقل أنّ هذا مقدور لله تعالى غير مستحيل في نفسه ، وقد فعل الله ذلك في الاُمم الخالية ، ونطق القرآن بذلك في عدّة مواضع ، مثل قصّة عُزير وغيره على ما فسّرناه في موضعه.
    وصحّ عن النبيّ ( صلى الله عليه وآله ) أنّه قال : « سيكون في اُمّتي كلّ ما كان في الاُمم السابقة (5) حذو النعل بالنعل ، والقذّة بالقذّة حتّى لو أنّ أحدهم دخل في جحر ضبّ لدخلتموه » على (6) أنّ جماعة من الإمامية تأوّلوا ما ورد من الأخبار في الرجعة على رجوع الدولة والأمر والنهي ، دون رجوع الأشخاص وإحياء الأموات ، وأوّلوا الأحاديث الواردة في ذلك ، لما (7) ظنّوا أنّ الرجعة تنافي التكليف ، وليس
1 ـ في المطبوع و « ط » : بأنّ دخول ، وما في المتن أثبتناه من « ش ، ح ، ك ».
2 ـ سورة الكهف 18 : 47.
3 ـ ( وقد تظاهرت الأخبار ) لم يرد في « ط ».
4 ـ في « ط » : كلمتهم.
5 ـ في المصدر : في بني إسرائيل.
6 ـ في المطبوع : إلى. وما في المتن أثبتناه من « ح ، ط ، ش ، ك ».
7 ـ في « ك » : ممّا.
الاِيقاظ مِنَ الهجْعَةِ بالبرهان على الرجعة ::: فهرس