الاِيقاظ مِنَ الهجْعَةِ بالبرهان على الرجعة ::: 46 ـ 60
(46)

(47)
    التي لابدّ منها قبل الشروع في المقصود ، ليكون الطالب لتحقيق هذه المسألة على بصيرة في طلبه ، ونذكرها على وجه الاختصار إذ يكفي التنبيه عليها والإشارة إليها وهي اثنتا عشرة :

    الاُولى : في وجوب التسليم لما ورد عنهم ( عليهم السلام ).
    والأحاديث في ذلك كثيرة جدّاً ولا بأس بإيراد شيء منها :
    1 ـ روى الشيخ الجليل ثقة الإسلام محمّد بن يعقوب الكليني ـ في باب التسليم : عن عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد البرقي ، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر ، عن حمّاد بن عثمان ، عن عبدالله بن يحيى الكاهلي (1) ، قال : قال أبو عبدالله ( عليه السلام ) : « لو أنّ قوماً عبدوا الله وحده لا شريك له ، وأقاموا الصلاة ، وآتوا الزكاة ، وحجّوا البيت ، وصاموا شهر رمضان ، ثمّ قالوا لشيء صنعه الله أو صنعه (2)
1 ـ هو أبو محمّد عربي أخو إسحاق ، رويا عن أبي عبدالله وأبي الحسن ( عليهما السلام ) ، وكان وجهاً عند أبي الحسن ( عليه السلام ) ، عدّه البرقي من أصحاب الإمام الصادق ( عليه السلام ) ، وعدّه الشيخ من أصحاب الإمام الكاظم ( عليه السلام ).
    اُنظر رجال النجاشي : 221 / 580 ، رجال البرقي : 22 ، رجال الطوسي : 357 / 51.
2 ـ في « ط » : وصنعه. بدل من : أو صنعه.


(48)
رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : ألاّ صنع خلاف الذي صنع ؟ كانوا (1) بذلك مشركين ، ثمّ تلا هذه الآية ( فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيَما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً ) (2) ثمّ قال : عليكم بالتسليم » (3).
    2 ـ وعن علي بن محمّد ، عن بعض أصحابنا ، عن الخشّاب ، عن العبّاس بن عامر ، عن ربيع المسلي (4) ، عن يحيى بن زكريا الأنصاري (5) ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال : « من سرّه أن يستكمل الإيمان كلّه (6) فليقل (7) : القول منّي في جميع الأشياء قول آل محمّد ، فيما أسرّوا وما أعلنوا ، وفيما بلغني عنهم وما لم يبلغني » (8).
    3 ـ وفي باب معرفة الإمام والردّ إليه : عن الحسين بن محمّد (9) ، عن الحسن بن علي ، عن أحمد بن عائذ ، عن أبيه (10) ، عن ابن اُذينة ، عن غير واحد ، عن أحدهما ( عليهما السلام ) قال : « لا يكون العبد مؤمناً حتّى يعرف الله ورسوله والأئمّة كلّهم وإمام زمانه (11) ، ويردّ إليه ويسلّم له » (12).
1 ـ في المصدر والمحاسن زيادة : أو وجدوا ذلك في قلوبهم لكانوا.
2 ـ سورة النساء 4 : 65.
3 ـ الكافي 1 : 390 / 2 و 2 : 398 / 6 ، واللفظ للثاني ، وأورده البرقي في المحاسن 1 : 422/969.
4 ـ في « ح » : المسلمي.
5 ـ عدّه الشيخ الطوسي من أصحاب الإمام الصادق ( عليه السلام ). رجال الطوسي : 333/10.
6 ـ ( كلّه ) لم يرد في « ك ».
7 ـ في « ح ، ك » : فليقبل.
8 ـ الكافي 1 : 391 / 6 ، وأورده الحلّي في مختصر البصائر : 266/260.
9 ـ في المصدر زيادة : عن معلّى.
10 ـ ( عن أبيه ) لم يرد في « ك ».
11 ـ ( وإمام زمانه ) لم يرد في « ط ».
12 ـ الكافي 1 : 180 / 2 ، وفيه زيادة : ثمّ قال : كيف يعرف الآخر وهو يجهل الأوّل ؟!.


(49)
    4 ـ وعن عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد بن خالد ، عن أبيه ، عمّن ذكره ، عن محمّد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن أبيه ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال : « لا تكونون صالحين حتّى تعرفوا ، ولن تعرفوا حتّى تصدّقوا ، ولن تصدّقوا حتّى تسلموا أبواباً أربعة ، لا يصلح آخرها إلا بأوّلها (1) ، ضلّ أصحاب الثلاثة وتاهوا تيهاً بعيداً » (2).
    أقول : والأدلّة العقلية والنقلية (3) على ذلك كثيرة.

    الثانية : في أنّ حديثهم ( عليهم السلام ) صعب مستصعب وأنّه لا يجوز إنكاره.
    5 ـ روى الكليني ـ في باب أنّ حديثهم صعب مستصعب : عن محمّد بن يحيى ، عن محمّد بن الحسين ، عن محمّد بن سنان ، عن عمّار بن مروان ، عن المنخّل (4) ، عن جابر (5) قال : قال أبو جعفر ( عليه السلام ) : « قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : إنّ حديث آل محمّد صعب مستصعب ، لا يحتمله (6) إلا ملك مقرّب أو نبيّ مرسل (7) ، أو عبدٌ امتحن الله قلبه للإيمان ، فما ورد عليكم من حديث آل محمّد فلانت له قلوبكم وعرفتموه فاقبلوه ، وما اشمأزّت منه قلوبكم وأنكرتموه فردُّوه إلى الله وإلى الرسول وإلى العالم من آل محمّد ، وإنّما الهلاك (8) أن يحدّث أحدكم بحديث (9) لا يحتمله ،
1 ـ في المصدر : لا يصلح أوّلها إلا بآخرها.
2 ـ الكافي 2 : 47 / صدر حديث 3.
3 ـ ( والنقلية ) لم ترد في « ط ».
4 ـ ( عن المنخّل ) أثبتناه من « ح » وهو الموافق للمصادر إلا الكافي. انظر معجم رجال الحديث 13 : 272/8654 و 19 : 356/12667 ، الخرائج والجرائح 2 : 792/1.
5 ـ في « ح » : حازم. وفي حاشيتها في نسخة : جابر.
6 ـ في المصدر : لا يؤمن به ، وفي « ك » : لا يحمله.
7 ـ ( أو نبيّ مرسل ) لم يرد في « ط ».
8 ـ في المصدر : الهالك.
9 ـ في المصدر : بشيء منه.


(50)
فيقول : والله ما كان هذا. والإنكار هو الكفر » (1).
    ورواه الصفّار في « بصائر الدرجات » : عن محمّد بن الحسين ببقيّة السند (2).
    6 ـ وعن أحمد بن إدريس ، عن عمران بن موسى ، عن هارون بن مسلم ، عن مسعدة بن صدقة (3) ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال : « ذكرت التقيّة عند علي بن الحسين ( عليه السلام ) فقال : والله لو علم أبو ذرّ ما في قلب سلمان لقتله ، ولقد آخى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بينهما فما ظنّكم بسائر الخلق ؟ إنّ علم العلماء صعب مستصعب ، لا يحتمله إلا نبي مرسل ، أو ملكٌ مقرّب ، أو عبدٌ مؤمن امتحن الله قلبه للإيمان ، قال : وإنّما صار سلمان من العلماء لأنّه امرؤ منّا أهل البيت فلذلك نسبته إلى العلماء » (4).
    ورواه الصفّار عن عمران بن موسى (5).
    أقول : قوله : « لقتله » يحتمل وجوهاً ذكرها السيِّد المرتضى في « الدرر والغرر » وغيره وأقربها (6) أنّ الضمير المرفوع عائد إلى العلم الذي في قلب سلمان ، والضمير المنصوب عائد إلى أبي ذرّ ، والمعنى : إنّ أبا ذرّ لا يحتمل كلّ
1 ـ الكافي 1 : 401 / 1.
2 ـ بصائر الدرجات : 40 / 1 ـ باب 11 ، باختلاف يسير.
3 ـ هو العبدي يكنّى أبا محمّد ، روى عن أبي عبدالله وأبي الحسن ( عليهما السلام ) ، عدّه البرقي من أصحاب الإمام الصادق ( عليه السلام ) ، وعدّه الشيخ تارةً من أصحاب الإمام الباقر ( عليه السلام ) قائلاً : عامّي ، واُخرى من أصحاب الإمام الصادق ( عليه السلام ) قائلاً : العبدي البصري أبو محمّد.
    اُنظر : رجال النجاشي : 415 / 1108 ، رجال البرقي : 38 ، رجال الشيخ : 137 / 40 و 314 / 545.
4 ـ الكافي 1 : 401 / 2 ، وأورده الصفّار في بصائره : 45 / 21.
5 ـ ( ورواه الصفار عن عمران بن موسى ) أثبتناه من « ح وك ». بصائر الدرجات : 45/21 ـ باب 11.
6 ـ في « ك » : وأقولها.


(51)
ذلك العلم ، فلو علمه لقتله علمه به.
    ويؤيّده الحديثان الآتيان ، ألا ترى أنّ بعضهم جنّ وذهب عقله بسبب حديث واحد ، وبعضهم شاب رأسه ولحيته لأجل ذلك ، ولو لم ينس الحديث لمات وقتله علمه.
    7 ـ وروى الشيخ الجليل قطب الدين سعيد بن هبة الله الراوندي في كتاب « نوادر المعجزات » الذي جعله ملحقاً بكتاب « الخرائج والجرائح » ومضافاً إليه قال : أخبرني جماعة منهم : أبو جعفر محمّد بن علي بن الحسن (1) النيسابوري ومحمّد بن علي بن عبد الصمد ، عن أبيه ، قال : حدّثنا أبو محمّد أحمد بن محمّد المعمّري (2) ، عن محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه ، عن محمّد بن الحسن بن الوليد ، عن محمّد بن الحسن الصفّار ، عن يعقوب بن يزيد ، عن ابن أبي عمير ، عن علي بن الحكم ، عن عبد الرحمن بن كثير ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال : « أتى الحسين بن علي ( عليه السلام ) اُناس من أصحابه (3) فقالوا له : يا أبا عبدالله ( عليه السلام ) حدِّثنا بفضلكم الذي جعله الله لكم ، فقال : إنّكم لا تطيقون ، فقالوا : بلى (4) ، فقال : إن كنتم صادقين فليتنحّ إثنان وأُحدِّث واحداً فإن احتمل حدَّثتكم ، فتنحّى إثنان وحدَّث واحداً ، فقام طائر العقل فخرج على وجهه وذهب ، وكلّمه صاحباه فلم يردّ عليهما وانصرفوا » (5).
    8 ـ وبهذا الإسناد قال : « أتى رجل الحسين ( عليه السلام ) فقال : حدِّثني بفضلكم الذي
1 ـ في نسخة « ش وك وط » : الحسين. وما في المتن هو الموافق للمصدر.
2 ـ في المصدر : أبو محمّد أحمد بن محمّد بن محمّد العمري.
3 ـ « من أصحابه » لم ترد في المصدر.
4 ـ في المصدر زيادة : نتحمّل.
5 ـ الخرائج والجرائح 2 : 795 / 4.


(52)
جعله الله لكم ، قال : إنّك لن تطيق حمله ، قال : بلى حدِّثني يابن رسول الله فإنّي أحتمله ، فحدّثه الحسين بحديث ، فما فرغ الحسين ( عليه السلام ) من حديثه حتّى ابيضَّ رأس الرجل ولحيته واُنسي الحديث ، فقال الحسين ( عليه السلام ) : أدركته رحمة الله حين اُنسي الحديث » (1).
    9 ـ وروى الشيخ الأجلّ رئيس المحدِّثين أبو جعفر بن بابويه في كتاب « الأمالي » ـ في المجلس الأوّل ـ : عن علي بن الحسين بن شقير (2) الهمداني ، عن جعفربن أحمد بن يوسف الأزدي ، عن علي بن بزرج الحنّاط ، عن عمرو بن اليسع ، عن شعيب الحدّاد (3) قال : سمعت أبا عبدالله الصادق ( عليه السلام ) يقول : « إنّ حديثنا صعب مستصعب لا يحتمله إلا ملك مقرّب ، أو نبيّ مرسل ، أو عبد امتحن الله قلبه للإيمان ، أو مدينة حصينة » فسألته عنها ؟ فقال : « هي القلب المجتمع » (4).
    أقول : والأحاديث في هذا المعنى أيضاً (5) كثيرة جدّاً.

    الثالثة : في عدم جواز التأويل بغير نصّ ودليل (6).
    10 ـ روى الكليني ـ في باب صفة العلم وفضله ـ : عن محمّد بن يحيى ، عن
1 ـ الخرائج والجرائح 2 : 795 / 5.
2 ـ في المعاني والخصال : سفيان ، بدل : شقير.
3 ـ هو شعيب بن أعين الحدّاد ، كوفي ، ثقة ، روى عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) ، عدّه البرقي من أصحاب الإمام الباقر والصادق ( عليهما السلام ) ، وعدّه الشيخ من أصحاب الإمام الصادق ( عليه السلام ) وفي من لم يرو عنهم ( عليهم السلام ).
    اُنظر رجال النجاشي : 195 / 521 ، رجال البرقي : 29 ، رجال الطوسي : 217 / 2 و 476/2.
4 ـ أمالي الصدوق : 52 / 6 ، معاني الأخبار : 189 / 1 ، الخصال : 207 / 27 ، والكلّ بزيادة يسيرة.
5 ـ ( أيضاً ) لم ترد في « ط ».
6 ـ في « ط » : دليل. بدل من : نصّ ودليل.


(53)
أحمد بن محمّد ، عن محمّد بن خالد (1) ، عن أبي البختري ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) ، قال : « إنّ العلماء ورثة الأنبياء ـ إلى أن قال ـ : فانظروا علمكم هذا عمّن تأخذونه ، فإنّ فينا أهل البيت في كلّ خلف عدولاً ينفون عنه تحريف الغالين ، وانتحال المبطلين ، وتأويل الجاهلين » (2).
    11 ـ وروى العامّة والخاصّة بأسانيد متعدّدة أنّ رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قال لعليّ ( عليه السلام ) : « إنّك تقاتل على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله » (3).
    12 ـ وروى جماعة من علمائنا منهم الرضي في « نهج البلاغة » والطبرسي في « الإحتجاج » عن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) أنّه قال في كلام له : « إنّا أصبحنا نقاتل إخواننا في الدين على ما دخل فيه من الزيغ ، والشقاق (4) ، والشبهة ، والتأويل » (5).
    أقول : والأحاديث في ذلك أيضاً كثيرة جدّاً منها ما ورد في تفسير قوله تعالى ( وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ الله وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ ) (6) وردت أحاديث كثيرة أنّ المراد بهم النبيّ ( صلى الله عليه وآله ) والأئمّة ( عليهم السلام ) (7).
1 ـ في المطبوع ونسخة « ط » : أحمد بن خالد ، وما أثبتناه من نسخة « ح وك » والكافي والبصائر ومرآة العقول. وفي نسخة « ش » : محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن خالد.
2 ـ الكافي 1 : 32 / 2 ، بصائر الدرجات : 30 / 1 ، مرآة العقول 1 : 103 / 2.
3 ـ أورده ابن حنبل بلفظين في مسنده3 : 420/ 10896 و 501/11364 ، والهيثمي في مجمع الزوائد 5 : 186 و 6 : 244 ، والمتّقي الهندي في كنز العمّال 11 : 613 / 32967 ، وفيه : إنّ منكم من يقاتل على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله ، قيل : أبو بكر وعمر ؟ قال : لا ، ولكنّه خاصف النعل ـ يعني عليّاً.
    وأورده الشيخ الطوسي في الأمالي ضمن حديث طويل : 351 / 66.
4 ـ في النهج والاحتجاج : والإعوجاج ، بدل : والشقاق.
5 ـ نهج البلاغة 2 : 3 / 118 ، الاحتجاج 1 : 440 / 100.
6 ـ سورة آل عمران 3 : 7.
7 ـ اُنظر تفسير العيّاشي 1 : 162 / من حديث 4 إلى 8 ، وتفسير القمّي 1 : 96 ، وتفسير البرهان 1 : 597/ من حديث 2 إلى 14.


(54)
    الرابعة : في عدم جواز التعمّق والتدقيق المنافي للتسليم.
    13 ـ روى الكليني ـ في باب دعائم الكفر وشعبه ـ : عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حمّاد بن عيسى ، عن إبراهيم بن عمر اليماني (1) ، عن أبان بن أبي عيّاش ، عن سليم بن قيس الهلالي ، عن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) قال : « بُني الكفر على أربع دعائم : على الفسق والغلوّ والشكّ والشبهة ـ إلى أن قال ـ : والغلوُّ على أربع شعب : على التعمّق بالرأي والتنازع فيه ، والزيغ والشقاق ، فمن تعمّق لم ينب إلى الحقّ ، ولم يزدد إلا غرقاً في الغمرات ، ولم تنحسر عنه فتنة إلا غشيته اُخرى ، وانخرق دينه فهو يهوى في أمر مريج ، ومن نازع بالرأي وخاصم شُهر بالفشل (2) من طول اللجاج ، ومن زاغ قبحت عنده الحسنة وحسنت عنده السيّئة ، ومن شاق (3) أوعرت عليه طرقه ، واعترض عليه أمره ، فضاق عليه مخرجه ، إذ لم يتّبع سبيل المؤمنين » (4) الحديث.
1 ـ في نسخة « ط وك » والمطبوع زيادة : عن سليم ، وبدله في الكافي زيادة : عن عمر بن اُذنية. وكذلك الوافي 4 : 225/1857 ، ومرآة العقول 11 : 139/1 ، وبحار الأنوار 72 : 116/15.
    واليماني ، شيخ من أصحابنا ، ثقة ، روى عن أبي جعفر وأبي عبدالله ( عليهما السلام ) ، عدّه البرقي من أصحاب الإمام الباقر والكاظم ( عليهما السلام ) ، وعدّه الشيخ من أصحاب الإمام الباقر والصادق ( عليهما السلام ) قائلاً : له اُصول رواها عنه حمّاد بن عيسى.
    اُنظر رجال النجاشي : 20 / 26 ، رجال البرقي : 11 و 47 ، رجال الطوسي : 103 / 7 و 145/58.
2 ـ في نسخة « ش ، ح ، ك » : بالغلّ : وهو الحقد والحسد ، وفي الكافي : بالعثل : وهو الحمق. اُنظر لسان العرب 11 : 424 ـ عثل و 499 ـ غلل.
3 ـ في « ح » : شاغب ، وشاقّ : من المشاقّة والشقاق : الخلاف والعداوة. القاموس المحيط 3 : 340 ـ شقه.
4 ـ الكافي 2 : 391 / 1.


(55)
    ورواه السيِّد الرضي في « نهج البلاغة » (1).
    14 ـ وفي باب « النسبة » : عن محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن الحسين بن سعيد ، عن النضر بن سويد ، عن عاصم بن حميد (2) ، قال : سُئل علي بن الحسين ( عليهما السلام ) عن التوحيد ، فقال : « إنّ الله عزّوجلّ علم أنّه يكون في آخر الزمان قوم متعمّقون (3) فأنزل الله ( قُلْ هُوَ اللهُ أحَدٌ ) والآيات من سورة الحديد إلى قوله ( عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ) (4) فمن رام وراء ذلك فقد هلك » (5).
    15 ـ وروى الحسن بن سليمان بن خالد القمّي عنهم ( عليهم السلام ) أنّهم قالوا : « نجا المسلّمون وهلك المتكلِّمون » (6). والأحاديث في هذا المعنى أيضاً كثيرة.

    الخامسة : في وجوب الرجوع في جميع الأحكام إلى (7) أهل العصمة ( عليهم السلام ).
    16 ـ روى الكليني ـ في باب الضلال ـ عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن
1 ـ نهج البلاغة 3 : 158 / 31 ، باختلاف.
2 ـ هو الحنّاط الحنفي ، أبو الفضل مولى بني حنيفة ، كوفي ، ثقة ، عين ، صدوق ، روى عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) ، عدّه البرقي والشيخ من أصحاب الإمام الصادق ( عليه السلام ) ، وقال الكشي : إنّه مات بالكوفة.
    اُنظر رجال النجاشي : 301 / 821 ، رجال البرقي : 45 ، رجال الطوسي : 262 / 651 ، رجال الكشي : 367 / 682.
3 ـ في « ح » : يتعمّقون. قال العلاّمة المجلسي : قوله ( عليه السلام ) « متعمّقون » : أي ليتعمّقوا فيه ، أو لا يتعمّقوا كثيراً بأفكارهم بل يقتصروا في معرفته سبحانه على ما بيّن لهم ، أو يكون لهم معياراً يعرضون أفكارهم عليها ، فلا يزلّوا ولا يخطئوا ، والأوسط أظهر. مرآة العقول 1 : 320.
4 ـ سورة الحديد 57 : 6.
5 ـ الكافي 1 : 91 / 3.
6 ـ مختصر البصائر : 221/212 و 222/213 ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) في موردين وفيهما : يهلك أصحاب الكلام وينجو المسلّمون.
7 ـ في « ك » زيادة : كلام.


(56)
أبي عمير ، عن عبدالرحمن بن الحجّاج ، عن هاشم صاحب البريد ، قال : قال أبو عبدالله ( عليه السلام ) : « أما والله إنّه شرٌّ عليكم أن تقولوا بشيء ما لم تسمعوه منّا » (1).
    17 ـ وفي « باب من مات وليس له إمام » : عن بعض أصحابنا ، عن عبد العظيم بن عبدالله الحسني ، عن مالك بن عامر ، عن المفضّل بن زائدة ، عن المفضّل بن عمر ، قال : قال أبو عبدالله ( عليه السلام ) : « من دان (2) بغير سماع عن صادق ألزمه الله التيه (3) إلى العناء ، ومن ادّعى سماعاً من غير الباب الذي فتحه الله تعالى فهو مشرك ، وذلك الباب المأمون على سرّ الله المكنون » (4).
    أقول : والأحاديث في ذلك أكثر من أن تحصى ، وأوفر من أن تستقصى ، قد تجاوزت حدّ التواتر بمراتب ، والأدلّة العقليّة والنقليّة على ذلك كثيرة.

    السادسة : في وجوب العمل بما لا يحتمل التقيّة من الأحاديث وترك ما عارضه إذا وافق التقيّة.
    18 ـ روى الكليني ـ في باب اختلاف الحديث ـ : عن محمّد بن يحيى ، عن محمّد بن الحسين ، عن محمّد بن عيسى ، عن صفوان بن يحيى ، عن داود بن الحصين ، عن عمر بن حنظلة (5) ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) في حديث طويل أنّه قال له : فإن كان الخبران مشهورين عنكم (6) ، قد رواهما الثقات عنكم ؟ قال : « ينظر ، فما
1 ـ الكافي 2 : 402 / ذيل حديث 1.
2 ـ في المصدر زيادة : الله. ودان بمعنى أطاع. لسان العرب 13 : 170 ـ دين.
3 ـ في « ح وط » والمصدر : البتّة.
4 ـ الكافي 1 : 377 / 4.
5 ـ هو العجلي البكري الكوفي ، يكنّى أبا صخر ، عدّه البرقي والشيخ من أصحاب الإمام الباقر والصادق ( عليهما السلام ).
    رجال البرقي : 11 و 17 ، رجال الطوسي : 131 / 64 و 251 / 451.
6 ـ في الكافي : عنكما. وفي « ش » : عندكم.


(57)
وافق حكمه حكم الكتاب والسنّة وخالف العامّة فيؤخذ به ، ويترك ما خالف حكمه حكم الكتاب والسنّة ووافق العامّة ».
    قلت : أرأيت إن كان الفقيهان عرفا حكمه من الكتاب والسنّة ، ووجدنا أحد الخبرين موافقاً للعامّة والآخر مخالفاً لهم ؟ قال : « ما خالف (1) العامّة ففيه الرشاد » (2) الحديث.
    19 ـ وروى الشيخ الجليل محمّد بن أبي جمهور الإحسائي في كتاب « غوالي اللئالي » قال : روى العلاّمة مرفوعاً عن زرارة ، قال : سألت أبا جعفر ( عليه السلام ) فقلت : يأتينا عنكم حديثان متعارضان ـ إلى أن قال ـ : « انظر ما وافق منهما العامّة فاتركه ، وخذ بما خالفهم ، فإنّ الحقّ فيما خالفهم » (3) الحديث.
    أقول : والأحاديث في ذلك كثيرة جدّاً ، وقد روي ما يدلّ على جواز الأخذ بالحديث الذي ورد من باب التقيّة ، ولكن ذلك غير صريح في وجود المعارض فيحمل على عدم وجود معارض له ، أو على عدم العلم بكونه من باب التقيّة ؛ لعدم (4) الإطّلاع على اعتقاد العامّة فيه ، فيعمل بالمرجّحات الباقية.
    إذا تقرّر هذا فاعلم أنّ أحاديث الرجعة لا توافق العامّة بوجه فيجب العمل بها ، ولا يظهر لها معارض صريح أصلاً ، وعلى تقدير وجوده يجب حمله على التقيّة قطعاً كما أشار إليه ابن بابويه.

    السابعة : في وجوب الرجوع في جميع الأحكام إلى رواة الحديث فيما رووه عنهم ( عليهم السلام ).
1 ـ في « ح » : خذ ما خالف.
2 ـ الكافي 1 : 68 / ذيل حديث 10.
3 ـ غوالي اللئالي 4 : 133 / 229.
4 ـ في « ك » : وعدم.


(58)
    20 ـ روى رئيس المحدِّثين ابن بابويه في كتاب « كمال الدين وتمام النعمة » ورئيس الطائفة الشيخ الطوسي في كتاب « الغيبة » وأمين الدين أبو منصور الطبرسي في كتاب « الاحتجاج » بأسانيدهم الصحيحة عن مولانا صاحب الزمان ( عليه السلام ) أنّه كتب في جواب مسائل إسحاق بن يعقوب : « وأمّا الحوادث الواقعة فارجعوا فيها (1) إلى رواة حديثنا فإنّهم حجّتي عليكم وأنا حجّة الله » (2).
    أقول : والأحاديث الدالّة على وجوب الرجوع إلى رواة أحاديثهم ( عليهم السلام ) عموماً وخصوصاً كثيرة جدّاً لا تحصى ، ويكفي الإشارة إليها. ومن جملتها :
    21 ـ ما رواه الكليني ـ في باب اختلاف الحديث ـ : بالإسناد السابق عن عمربن حنظلة قال : سألت أبا عبدالله ( عليه السلام ) عن رجلين من أصحابنا بينهما منازعة في دَين أو ميراث ، فتحاكما إلى السلطان أو إلى القضاة أيحلّ ذلك ؟ فقال : « من تحاكم إليهم في حقّ أو باطل فإنّما تحاكم إلى الطاغوت ، وما يحكم له فإنّما يأخذ سحتاً ، وإن كان حقّاً ثابتاً ـ إلى أن قال ـ : ينظران إلى من كان منكم ممّن (3) قد روى حديثنا ، ونظر في حلالنا وحرامنا ، وعرف أحكامنا ، فليرضوا به حكماً ، فإنّي قد جعلته عليكم حاكماً ، فإذا حكم بحكمنا فلم يقبل منه فإنّما استخفّ بحكم الله وعلينا ردّ ، والرادّ علينا رادّ على الله ، وهو على حدّ الشرك بالله » (4).
    22 ـ وروى ابن بابويه في « الأمالي » ـ في المجلس الرابع والثلاثين ـ : عن الحسين بن أحمد بن إدريس ، عن أبيه ، عن محمّد بن أحمد بن يحيى بن عمران الأشعري ، عن محمّد بن علي ، عن عيسى بن عبدالله العلوي العمري ، عن أبيه ، عن
1 ـ ( فيها ) أثبتناها من « ح ، ط ، ك » والمصدر.
2 ـ كمال الدين : 484 / ضمن حديث 4 ، الغيبة للطوسي : 291 / ضمن حديث 247 ، الاحتجاج 2 : 543/ ضمن حديث 344.
3 ـ ( ممّن ) لم يرد في « ح ، ط ، ش ، ك ».
4 ـ الكافي 1 : 67 / 10.


(59)
آبائه ، عن عليّ ( عليه السلام ) قال : « قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : اللّهم ارحم خلفائي ـ ثلاثاً ـ قيل : يا رسول الله ومَنْ خلفاؤك ؟ قال : الذين يأتون بعدي ، يبلِّغون حديثي وسنّتي ثمّ يعلِّمونها (1) اُمّتي » (2).
    ورواه أيضاً في آخر كتاب « من لا يحضره الفقيه » مرسلاً (3).
    23 ـ وقد روى الخاصّة والعامّة عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أنّه قال : « علماء اُمّتي كأنبياء بني إسرائيل » (4).
    24 ـ وروى الثقة الجليل محمّد بن الحسن الصفّار في « بصائر الدرجات » ـ في باب ما يلقى إلى الأئمّة ( عليهم السلام ) في ليلة القدر ـ : عن عبدالله بن محمّد ومحمّدبن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن محمّد بن عبدالله ، عن يونس ، عن عمر بن يزيد ، قال : قلت لأبي عبدالله ( عليه السلام ) : أرأيت من لم يقرّ بما يأتكم (5) في ليلة القدر كما ذكرت ولم يجحده ؟ قال : « أمّا إذا قامت عليه الحجّة ممّن يثق به في علمنا فلم يثق به فهو كافر ، وأمّا من لم يسمع ذلك فهو في عذر حتّى يسمع ».
    ثمّ قال أبو عبدالله ( عليه السلام ) : « يؤمن بالله ويؤمن للمؤمنين » (6).
    أقول : والأحاديث في ذلك كثيرة جدّاً قد تجاوزت حدّ التواتر ، وقد جمعت
1 ـ في « ط ، ك » : ويعلّمونها. بدل من : ثمّ يعلّمونها.
2 ـ أمالي الصدوق : 247 / 4 ، وأورده في عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) 2 : 37 / 94 ، وبدون ذيل الحديث في المواعظ : 133.
3 ـ من لا يحضره الفقيه 4 : 420 / 5919.
4 ـ غوالي اللئالي 4 : 77 / 67 ، ومن العامّة العجلوني في كشف الخفاء 2 : 83/ 1744 ، وملاّ علي القاري في الأسرار المرفوعة : 247/ 298 ، والشوكاني في الفوائد المجموعة : 286/47.
5 ـ في المطبوع ونسخة « ش وح وك وط » : بأنـّكم ، وما أثبتناه من المصدر هو الأنسب للسياق.
6 ـ بصائر الدرجات : 244 / 15.


(60)
جملة منها في موضع آخر ، وهي كما ترى ليس فيها تعرّض لاشتراط الملكة التي ذكرها بعض المتأخِّرين ، ولا فيها رخصة للمذكورين في أن يعملوا بظنّهم ، أو يقولوا شيئاً لم يثبت عندهم عن الأئمّة ( عليهم السلام ).
    إذا عرفت (1) ذلك ظهر لك صحّة الرجعة ، فإنّها مذهب جميع رواة الحديث ، وقد نقلوها عن الأئمّة ( عليهم السلام ) كما ستعرفه إن شاء الله تعالى (2).

    الثامنة : في وجوب عرض الحديث المشكوك فيه ، والحديثين المختلفين على القرآن وقبول ما وافقه خاصّة.
    25 ـ روى الكليني ـ في باب الأخذ بالسنّة وشواهد الكتاب ـ : عن عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد بن خالد ، عن أبيه ، عن النضر بن سويد ، عن يحيى الحلبي ، عن أيّوب بن الحرّ (3) ، قال : سمعت أبا عبدالله ( عليه السلام ) يقول : « كلّ شيء مردود إلى الكتاب والسنّة ، وكلّ حديث لم يوافق كتاب الله فهو زخرف » (4).
    26 ـ وعن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) ، قال : « إنّ على كلّ حقّ حقيقة ، وعلى كلّ صواب نوراً ، فما وافق كتاب الله فخذوه ، وما خالف كتاب الله فدعوه » (5).
1 ـ في نسخة « ش وح » : علمت.
2 ـ من ( أقول ) إلى هنا لم يرد في « ك ».
3 ـ هو الجعفي الكوفي ، مولى ، ثقة ، روى عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) ، يعرف بأخي اُديم ، عدّه البرقي من أصحاب الإمام الصادق ( عليه السلام ) ، وزاد الشيخ عليه الإمام الكاظم ( عليه السلام ).
    اُنظر رجال النجاشي : 103 / 256 ، رجال البرقي : 29 ، رجال الطوسي : 150 / 161 و 343/14.
4 ـ الكافي 1 : 69 / 3 ، وأورده البرقي في المحاسن 1 : 347 / 127 ، والعياشي في تفسيره1 : 9/4.
5 ـ الكافي 1 : 69 / 1.
الاِيقاظ مِنَ الهجْعَةِ بالبرهان على الرجعة ::: فهرس