الاِيقاظ مِنَ الهجْعَةِ بالبرهان على الرجعة ::: 391 ـ 405
(391)
البلاد إنّما يكون في أيام القائم منّا ، فيرتفع الخوف عنّا وعن شيعتنا ويستمر إلى يوم القيامة (1).
    أقول : فهذه جملة من الأحاديث التي حضرتني في هذا الوقت مع ضيق المجال عن التتبّع التام ، وقلّة وجود الكتب التي يحتاج إليها في هذا المرام ، ولا ريب في تجاوزها حدّ التواتر المعنوي ، فقد تقدّم في غير هذا الباب ما يدلّ على ذلك ، ويأتي ما يدلّ عليه ، والعقل يجزم باستحالة اتّفاق (2) جميع هؤلاء (3) الرواة على الكذب والإفتراء ، ووضع هذه الأحاديث الكثيرة جدّاً (4) ، ولعلّ ما لم يصل إلينا في هذا المعنى أكثر ممّا وصل إلينا (5).
    وليت شعري أيّ عاقل يجوّز الكذب على جميع هؤلاء الرواة الذين رووا هذا المعنى ، ويردّ شهادة المشايخ المؤلّفين للكتب المعتبرة حيث شهدوا بصحّة أحاديثها ، أو يتعرّض لتأويلها مع صراحتها جدّاً ، حتّى أنّها أكثر من أحاديث النصوص على كلّ واحد من الأئمّة ( عليهم السلام ) (6) ، وأوضح دلالة وتصريحاً ، ولا يكاد يوجد في شيء من مسائل الأصول والفروع أكثر ممّا وُجد في هذه المسألة من الأدلّة والآيات والروايات والله الهادي.
1 ـ لم نعثر عليه في التبيان ، ولعلّه في كتاب الإمامة حيث قال الشيخ في التبيان 7 : 457 : وقد استوفينا ما يتعلّق بالآية في كتاب الإمامة.
2 ـ ( اتفاق ) لم يرد في « ط ».
3 ـ ( هؤلاء ) لم يرد في « ح ».
4 ـ من قوله : ( فقد تقدّم ) إلى هنا لم يرد في « ك ».
5 ـ قوله : ( في هذا المعنى أكثر ممّا وصل إلينا ) لم يرد في « ط ».
6 ـ قوله : ( على كلّ واحد من الأئمة ( عليهم السلام ) ) لم يرد في « ك ».


(392)

(393)
    1 ـ روى الشيخ الأجلّ أبو جعفر الكليني ـ في باب تسمية من رآه ( عليه السلام ) ـ باسناده الصحيح : عن عبدالله بن جعفر الحميري أنّه سأل العمري (1) ( رحمه الله ) فقال له : إنّي اُريد أن أسألك عن شيء وما أنا بشاكّ فيما اُريد أن أسألك عنه ، فإنّ اعتقادي وديني أنّ الأرض لا تخلو من حجّة ، إلا إذا كان قبل القيامة بأربعين يوماً ، فإذا كان ذلك رفعت الحجّة ، واُغلق باب التوبة ، فلم يك ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً ، فاُولئك شرار من خلق الله ، وهم الذين تقوم
1 ـ العمري : هو عثمان بن سعيد العمري ، وهو أوّل السفراء الأربعة للحجّة المنتظر عجّل الله فرجه ، يكنّى بأبي عمرو السمّـان ، وقيل : الزيّات ، عدّه الشيخ من أصحاب الإمام الهادي والعسكري ( عليهما السلام ) ، جليل القدر ، ثقة ، خدم الإمام الهادي ( عليه السلام ) وله من العمر إحدى عشرة سنة ، وقد مدحه ( عليه السلام ) بقوله : « هذا أبو عمرو الثقة الأمين ، ما قاله لكم فعنّي قوله ، وما أدّاه إليكم فعنّي يؤدّيه ».
    وتوكّل للإمام العسكري ( عليه السلام ) فقال في حقّه : « ثقة الماضي ، وثقتي في المحيا والممات ».
    وذكره الشيخ في كتابه « الغيبة » في السفراء الممدوحين قائلاً : وهو الشيخ الموثوق به.
    اُنظر رجال الشيخ : 420 / 36 و 434 / 22 ، الغيبة للطوسي : 243 / 209 و 353 ، رجال العلاّمة : 220 / 729.


(394)
عليهم القيامة ، ولكنّي أحببت أن أزداد يقيناً (1) الحديث.
    أقول : وقد روى هذا المعنى الشيخ وابن بابويه وغيرهما بطرق كثيرة.
    2 ـ وروى الشيخ (2) في كتاب « الغيبة » ـ في جملة الأحاديث التي رواها من طرق العامّة ، في النصّ على الأئمّة ( عليهم السلام ) ـ قال : أخبرنا جماعة عن أبي عبدالله الحسين بن علي بن سفيان البزوفري ، عن علي بن سنان الموصلي العدل ، عن علي بن الحسين ، عن أحمد بن محمّد بن الخليل ، عن جعفر بن أحمد البصري (3) ، عن عمّه الحسن بن علي ، عن أبيه ، عن أبي عبدالله جعفر بن محمّد الصادق ( عليه السلام ) ، عن أبيه ، عن آبائه ، عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أنّه قال ـ في الليلة التي كان فيها وفاته ـ : « يا أبا الحسن ، أحضر دواة وصحيفة ـ فأملى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وصيّته حتّى انتهى إلى هذا الموضع فقال ـ :
    يا أبا الحسن ، إنّه يكون بعدي اثني عشر إماماً ، ومن بعدهم اثني عشر مهديّاً ، فأنت يا علي أوّل الاثني عشر إماماً ـ وذكر النصّ عليهم بأسمائهم إلى أن انتهى إلى الحسن العسكري ( عليه السلام ) ـ فقال : إذا حضرته الوفاة فليسلّمها إلى ابنه محمّد المستحفظ من آل محمّد ( عليهم السلام ) ، فذلك اثنى عشر إماماً ، ثمّ يكون من بعده اثنى عشر مهديّاً ، فإذا حضرته الوفاة فليسلّمها إلى ابنه أوّل المقرّبين له ثلاثة أسامي ، اسم (4) كاسمي ، واسم كاسم أبي وهو عبدالله وأحمد ، والثالث المهدي هو أوّل
1 ـ الكافي 1 : 329 / 1.
2 ـ من قوله : ( هذا المعنى ) إلى هنا لم يرد في « ك ». فيكون ما في « ك » : وقد روي في كتاب الغيبة.
3 ـ في المصدر : المصري وكذلك البحار ، وفي مختصر البصائر : جعفر بن محمد المصري. وقد ذكر النمازي في المستدركات 2 : 143/2533 : جعفر بن أحمد المصري. لم يذكروه ، روى عن عمّه.
4 ـ في « ك » : اسمه.


(395)
المؤمنين » (1).
    3 ـ وروى الشيخ في كتاب « الغيبة » في آخره : عن محمّد بن عبدالله الحميري ، عن أبيه ، عن محمّد بن عبد الحميد ومحمّد بن عيسى ، عن محمّد بن الفضيل ، عن أبي حمزة ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) في حديث طويل قال : « يا أبا حمزة ، إنّ منّا بعد القائم ( عليه السلام ) اثني عشر مهديّاً من ولد الحسين ( عليه السلام ) » (2).
    4 ـ وروى الشيخ أيضاً في « المصباح الكبير » حيث أورد دعاءً ذكر أنّه مرويّ عن صاحب الزمان ( عليه السلام ) خرج إلى أبي الحسن الضرّاب الأصفهاني بمكّة ، بإسناد لم نذكره اختصاراً ، ثمّ أورد الدعاء بطوله إلى أن قال : « اللهمّ صلِّ على محمّد المصطفى وعليّ المرتضى وفاطمة الزهراء والحسن الرضا والحسين المصفّى وجميع الأوصياء مصابيح الدجى ـ إلى أن قال ـ : وصلِّ على وليّك وولاة أمرك والأئمّة من ولده ، ومدّ في أعمارهم ، وزد في آجالهم ، وبلّغهم أقصى آمالهم ديناً ودنياً وآخرة ، إنّك على كلّ شيء قدير » (3).
    5 ـ وروى أيضاً في « المصباح » بعده بغير فصل دعاءً مرويّاً عن الرضا ( عليه السلام ) فقال : روي عن يونس بن عبد الرحمن ، عن الرضا ( عليه السلام ) أنّه كان يأمر بالدعاء لصاحب الأمر ( عليه السلام ) بهذا الدعاء : « اللهمّ ادفع عن وليك وخليفتك ـ إلى أن قال ـ : اللهمّ وصلِّ على ولاة عهده والأئمّة من بعده ، وزد في آجالهم ، وبلّغهم آمالهم » (4) الدعاء.
1 ـ الغيبة للطوسي : 150 / 111 ، وعنه في البحار 36 : 260 / 81.
2 ـ الغيبة للطوسي : 478 / 504 ، وعنه في البحار 53 : 154 / 2.
3 ـ مصباح المتهجّد : 406 ـ 409.
4 ـ نفس المصدر : 409 ـ 411.


(396)
    وهو يشتمل على أوصاف وألقاب (1) لا تكاد تستعمل في غير المهدي ( عليه السلام ).
    6 ـ وروى ابن بابويه في كتاب « الخصال » ـ في باب الاثني عشر ـ : عن عبدالله بن محمّد ، عن محمّد بن سعيد ، عن الحسن بن علي (2) ، عن أبي اُسامة ، عن ابن مبارك ، عن معمّر ، عمّن سمع وهب بن منبّه يقول (3) : « يكون بعدي اثنا عشر خليفة ثمّ يكون الهرج ، ثمّ يكون كذا وكذا » (4).
    7 ـ وبالإسناد : عن الحسن بن علي ، عن وليد بن مسلم ، عن صفوان بن عمرو ، عن شريح بن عبيد ، عن عمرو البكائي ، عن كعب الأحبار قال في الخلفاء : هم اثنا عشر ، فإذا كان عند انقضائهم وأتى طائفة صالحة ، مدّ الله لهم في العمر ، كذلك وعد الله هذه الاُمّة ، ثمّ قرأ : ( وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ) (5) وكذلك فعل الله ببني إسرائيل ، وليس بعزيز أن يجمع الله هذه الاُمّة يوماً أو نصف يوم ( وَإِنَّ يَوْماً عِندَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَة مِمَّا تَعُدُّونَ ) (6) (7).
    8 ـ وفي باب اتّصال الوصية من لدن آدم من كتاب « كمال الدين » لابن بابويه :
1 ـ في نسخة « ش » : من الألقاب.
2 ـ في الخصال زيادة : عن إسماعيل الطيّان.
3 ـ في « ح » زيادة : سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يقول.
    وأمّا وهب فهو وهب بن منبّه بن كامل ، العلاّمة الاخباري القصصي ، أبو عبد الله الأبناوي اليماني الذماري الصنعاني ، ولد في زمن عثمان بن عثمان سنة أربع وثلاثين ، قال العجلي : تابعي ثقة كان على قضاء صنعاء. انظر سير اعلام النبلاء 4 : 544/219.
4 ـ الخصال : 474 / 34 ، وعنه في البحار 36 : 240/42.
5 ـ سورة النور 24 : 55.
6 ـ سورة الحج 22 : 47.
7 ـ الخصال : 474 / 35.


(397)
حدّثنا أبي ، قال : حدّثنا سعد بن عبدالله وعبدالله بن جعفر ، عن أيّوب بن نوح ، عن الربيع بن محمّد (1) ، عن عبدالله بن سليمان العامري ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) ، قال : « ما زالت الأرض إلا ولله تعالى فيها حجّة ، يعرّف الحلال من الحرام ، ويدعو إلى سبيل الله ، ولا تنقطع الحجّة من الأرض إلا أربعين يوماً قبل القيامة ، وإذا رفعت الحجّة اُغلق باب التوبة فـ ( لاَ يَنْفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْراً ) (2) أولئك شرار خلق الله وهم الذين تقوم عليهم القيامة » (3).
    ورواه البرقي في « المحاسن » : عن علي بن الحكم ، عن الربيع بن محمّد (4) مثله (5).
    9 ـ وقال الطبرسي في كتاب « إعلام الورى » ـ في آخر الباب الرابع ـ : قد جاءت الرواية الصحيحة أنّه ليس بعد دولة المهدي ( عليه السلام ) دولة ، إلا ما ورد من قيام ولده مقامه إن شاء الله ذلك (6) ولم ترد على القطع والبت ، وأكثر الروايات أنّه لن يمضي ( عليه السلام ) من الدنيا إلا قبل القيامة بأربعين يوماً ، يكون فيها الهرج ، وعلامة خروج الأموات ، وقيام الساعة ، والله أعلم (7) « انتهى ».
    10 ـ وقال المفيد في « الإرشاد » : ليس بعد دولة القائم لأحد دولة (8). ثمّ ذكر مثل كلام الطبرسي (9).
1 ـ في « ك » زيادة : المكي.
2 ـ سورة الأنعام 6 : 158.
3 ـ كمال الدين : 229 / 34.
4 ـ ( عن الربيع بن محمد ) لم يرد في « ك ».
5 ـ المحاسن 1 : 368 / 802.
6 ـ في « ش ، ك » : إلا ما شاء الله. وفي « ط » : إلى ما شاء الله. بدل من : إن شاء الله ذلك.
7 ـ إعلام الورى 2 : 295.
8 ـ إرشاد المفيد 2 : 387.
9 ـ هذه الفقرة العاشرة لم ترد في « ك ».


(398)
    11 ـ وقال صاحب كتاب « الصراط المستقيم » وهو الشيخ زين الدين علي بن يونس العاملي : ليس بعد المهدي ( عليه السلام ) دولة واردة إلا في رواية شاذّة من قيام أولاده من بعده ، وهي ما روي عن ابن عبّاس من قول النبيّ ( صلى الله عليه وآله ) : « لن تهلك اُمّة أنا أوّلها وعيسى بن مريم آخرها ، والمهدي في وسطها » ومثله روي عن أنس (1).
    وهاتان تدلاّن على دولة بعد دولته ( عليه السلام ) ، وأكثر الروايات أنّه لا يمضي إلا قبل (2) القيامة بأربعين يوماً ، وهو زمان الهرج ، وعلامة خروج الأموات للحساب (3) « انتهى ».
    أقول : أمّا حديث (4) وفاة المهدي ( عليه السلام ) قبل القيامة بأربعين يوماً ، فقد ورد من طرق متعدّدة لا تحضرني الآن ، والأحاديث في « أنّ الأرض لا تخلو من حجّة » كثيرة ، والأدلّة العقلية على ذلك قائمة ، وأحاديث حصر الأئمّة ( عليهم السلام ) في الإثني عشر أيضاً كثيرة جدّاً ، وتحتمل هنا وجوه :
    أحدها : أن يكون خلوّ الأرض من إمام على ظاهره في مدّة الأربعين ، ويكون موت الناس وجميع المكلّفين قبل الإمام ، وتكون الأرض في تلك المدّة اليسيرة خالية من المكلّفين ومن الإمام ، ولا ينافي ذلك ما روي من خروج المهدي ( عليه السلام ) من الدنيا شهيداً ، لإمكان أن يسقيه أحد السمّ ، أو يضربه بالسيف ونحوه ، ثمّ يموت القاتل وسائر المكلّفين قبل الإمام ، وتكون الرجعة بعد المدّة المذكورة أو قبلها ، ولا يبعد كون أهل الرجعة غير مكلّفين.
    ويكون إغلاق باب التوبة لانقطاع التكليف وموت المكلّفين ، فلا ينفع نفساً
1 ـ في « ح ، ط » : أنس بن مالك.
2 ـ في « ش ، ك » زيادة : يوم.
3 ـ الصراط المستقيم 2 : 254.
4 ـ في « ح » : أمّا أحاديث.


(399)
إيمانها ؛ لانتقال النفوس من الدنيا التي هي دار التكليف إلى البرزخ أو القيامة ، ويكون المشار إليه باُولئك هم الذين لم يؤمنوا ولم يكسبوا في إيمانهم خيراً ، وذلك غير بعيد لقرب (1) المشار إليهم (2) في الذكر ، ويكون قيام القيامة عليهم إشارة إلى أنّها عليهم لا لهم ، بخلاف غيرهم (3) فإنّها لهم أو عليهم ولهم (4) ، ونحوه ( لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ ) (5) والحاصل أنّه لا يلزم حمله على بقاء المحجوج بعد فناء الحجّة.
    وثانيها : أن يكون إشارة إلى قوم لا يموتون عند موت صاحب الزمان ، بل يصيرون في حكم الأموات وبمنزلة المعدومين لارتفاع التكليف عنهم لفقدهم العقل أو غير ذلك ، كاقتضاء الحكمة الإلهية إنقضاء مدّة التكليف وقيام الساعة ، ولعلّ هؤلاء الجماعة المشار إليهم بقوله تعالى ( وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي السَّماوَاتِ وَمَن فِي الأرْضِ إِلاَّ مَن شَاءَ الله ) (6).
    وحينئذ تخصيص الأحاديث المعارضة المشار إليها بزمان التكليف ، أو يحمل (7) الحجّة فيها على ما هو أعمّ من الإمام والعقل (8) ، لما (9) رواه الكليني وغيره عنهم ( عليهم السلام ) : « إنّ لله على الناس حجّتين : ظاهرة وباطنة ، فالظاهرة : الأنبياء
1 ـ في « ش » : لقول.
2 ـ في « ح » : إليه.
3 ـ في « ك » : غيرها.
4 ـ في المطبوع و « ط » : أو لهم.
5 ـ سورة البقرة 2 : 286.
6 ـ سورة الزمر 39 : 68.
7 ـ في « ح » : أو يحتمل.
8 ـ في « ح » : وهو العقل.
9 ـ في المطبوع و « ط » : ممّا.


(400)
والأئمّة ( عليهم السلام ) (1) ، والباطنة : العقل » (2).
    وثالثها : أن يكون المراد بالأربعين يوماً مدّة الرجعة ، ويكون ذلك إشارة إلى قلّتها ، بالنسبة إلى زمان النشأة الاُولى والخلود (3) في الجنّة أو النار (4) ، فإنّه يعبّر بالسبعين عن الكثرة (5) ، وبما دونها عن القلّة ، أو إشارة إلى ما مرّ في هذه الأحاديث من قوله في هذا المقام ( وَإِنَّ يَوْماً عِندَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَة مِمَّا تَعُدُّونَ ) (6) ويكون وفاة جميع المكلّفين قبل المهدي ( عليه السلام ) ، ويكون أهل الرجعة غير مكلّفين.
    ويأتي إن شاء الله تمام الكلام.
    ورابعها : أن تكون القيامة التي أخبر بوقوعها بعد الأربعين يوماً هي قيام الأموات ، وحياتهم بعد الموت ، ويكون المراد الرجعة التي هي القيامة الصغرى ، ثمّ القيامة الكبرى ، ولا ريب في جواز استعمال القيامة فيما يشمل القيامة الصغرى والكبرى (7) ، بل قد تقدّم إطلاق الآخرة في القرآن على الرجعة ، وورد الحديث بذلك.
    وخامسها : أن يكون المراد ليس بعد دولة المهدي ( عليه السلام ) دولة مبتدَأة فلا ينافي الرجعة ؛ لأنّها دولة ثانية ، والأربعون يوماً يحتمل كونها فاصلة بين الدولتين.
1 ـ ( والأئمّة ) لم يرد في « ك ».
2 ـ الكافي 1 : 16 ، باختلاف يسير.
3 ـ في « ح ، ك » : أو الخلود.
4 ـ من قوله : ( بالنسبة إلى زمان ) إلى هنا لم يرد في « ط ».
5 ـ في « ح ، ك » : الكثيرة.
6 ـ سورة الحج 22 : 47.
7 ـ من قوله : ( ولا ريب في جواز ) إلى هنا لم يرد في « ك ».


(401)
    وسادسها : أن يكون المراد بموت المهدي ( عليه السلام ) الذي لا تتأخّر القيامة عنه إلا أربعين يوماً ، الموت الثاني بعد رجعته ( عليه السلام ) ، وقد ذكر ذلك بعض المحقّقين من المعاصرين ، وأورد أحاديث متعدّدة دالّة على رجعته ( عليه السلام ) ، وذكر أنّه نقلها من كتب المتقدّمين والله أعلم.
    وأمّا أحاديث الاثني عشر بعد الاثني عشر (1) ، فلا يخفى أنّها غير موجبة للقطع واليقين لندورها وقلّتها ، وكثرة معارضتها (2) كما أشرنا إلى بعضه ، وقد تواترت الأحاديث بأنّ الأئمّة اثني عشر ، وأنّ دولتهم ممتدّة (3) إلى يوم القيامة ، وأنّ الثاني عشر خاتم الأوصياء والأئمّة والخلفاء (4) ، وأنّ الأئمّة من ولد الحسين إلى يوم القيامة ، ونحو ذلك من العبارات ، فلو كان يجب الإقرار علينا (5) بإمامة اثني عشر بعدهم ، لوصل إلينا نصوص متواترة تقاوم تلك النصوص ، لينظر في الجمع بينهما.
    وقد نقل عن السيِّد المرتضى أنّه جوّز ذلك على وجه الإمكان والاحتمال ، وقال : لا يقطع (6) بزوال التكليف عند موت المهدي ( عليه السلام ) ، بل يجوز أن يبقى بعده أئمّة يقومون بحفظ الدين ومصالح أهله ، ولا يخرجنا ذلك عن التسمية بالاثني عشرية ؛ لأنّا كلّفنا أن نعلم إمامتهم ، وقد بيّنّا ذلك بياناً شافياً ، فانفردنا بذلك عن غيرنا (7) « انتهى ».
1 ـ ( بعد الاثني عشر ) لم يرد في المطبوع و « ط ».
2 ـ في « ح ، ش ، ك » : معارضاتها.
3 ـ في المطبوع و « ط » : ممدودة ، وما في المتن من « ش ، ح ، ك ».
4 ـ في المطبوع و « ط » : والخلف ، وما في المتن من « ح ، ش ، ك ».
5 ـ في المطبوع و « ط » : علينا الإقرار ، وما في المتن من « ح ، ش ، ك ».
6 ـ في « ح ، ش ، ك » : لا نقطع.
7 ـ رسائل السيِّد المرتضى 3 : 146.


(402)
    ويؤيّده عدم (1) الدليل العقلي القطعي على النفي ، وقبول الأدلّة النقلية للتقييد والتخصيص ونحوهما لو حصل ما يقاومهما (2) ، ولا يخفى أنّ الحديث المنقول أوّلاً من كتاب « الغيبة » من طرق العامّة ، فلا حجّة فيه في هذا المعنى ، وإنّما هو حجّة في النصّ على الاثني عشر ، لموافقته لروايات الخاصّة ، وقد ذكر الشيخ بعده وبعد عدّة أحاديث أنّه من روايات العامّة ، والباقي ليس بصريح.
    وقد تقدّم في الحديث السادس والتسعين من الباب السابق ما هو صريح في أنّ المهدي ( عليه السلام ) ليس له عقب ، وهنا (3) احتمالات :
    أوّلها (4) : أن تكون البعدية غير زمانية ، بل هي مثل قوله تعالى ( فَمَن يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ الله ) (5) فيجوز كون المذكورين في زمن المهدي ( عليه السلام ) ، ويكونوا نوّاباً له ، كلّ واحد نائب في جهة ، أو في مدّة.
    وثانيها : إنّ قوله : ( من بعد ) لابدّ فيه من تقدير مضاف ، فيمكن أن يقدّر من بعد ولادته ، أو من بعد غيبته ، ويكون إشارة إلى السفراء والوكلاء على الإنس والجنّ ، أو إلى أعيان علماء شيعته في مدّة غيبته ، ويمكن أن يقدّر من بعد خروجه ، فيكونون نوّاباً له كما مرّ.
    وقد روى الصدوق في كتاب « كمال الدين وتمام النعمة » : عن علي بن أحمد بن موسى الدقّاق (42) ، عن محمّد بن أبي عبدالله الكوفي ، عن موسى بن
1 ـ في « ك » : عموم.
2 ـ في « ش ، ك » : ما يقاومها.
3 ـ في المطبوع : وها هنا ، وما في المتن من « ح ، ش ، ط ، ك ».
4 ـ في « ح ، ش ، ك » : أحدها.
5 ـ سورة الجاثية 45 : 23.
6 ـ في المصدر : علي بن أحمد بن محمّد بن عمران الدقّاق ، وما في المتن مطابق للمختصر والبحار اللذين نقلا الحديث عن الصدوق.


(403)
عمران النخعي ، عن عمّه الحسين بن يزيد النوفلي ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبيه (1) قال : قلت للصادق ( عليه السلام ) : سمعت من أبيك أنّه قال : « يكون من بعد القائم اثنا عشر مهديّاً » فقال : « قد قال : اثنا عشر مهدياً ، ولم يقل اثنا عشر إماماً ، ولكنّهم قوم من شيعتنا يدعون الناس إلى ولايتنا ، ومعرفة فضلنا (2) » (3).
    أقول : فهذا الحديث يناسب الوجوه المذكورة ، ويوافق ما يأتي أيضاً على وجه ، على أنّه يحتمل الحمل على التقية على تقدير أن يراد منه نفي الرجعة (4) ، كما حمله بعض المحقّقين.
    وثالثها : أن يكون ذلك محمولاً على الرجعة ، فقد عرفت جملة من الأحاديث الواردة في الأخبار برجعتهم ( عليهم السلام ) على وجه الخصوص ، وعرفت جملة من الأحاديث الواردة في صحّة الرجعة على وجه العموم ، في كلّ : من محض الإيمان محضاً أو محض الكفر محضاً. وكلّ واحد من القسمين قد تجاوز حدّ التواتر المعنوي بمراتب ، كما رأيت في الأبواب السابقة.
    وعلى هذا فالأئمّة من بعده هم الأئمّة من قبله قد رجعوا بعد موتهم ، فلا ينافي ما ثبت من أنّ الأئمّة اثنا عشر; لأنّ العدد لا يزيد بالرجعة ، وهذا الوجه يحصل به الجمع بين رواية الاثني عشر ورواية الأحد عشر ، فإنّ الاُولى : محمولة (5) على
1 ـ في المصدر : عن أبي بصير ، بدل : عن أبيه ، وفي المختصر والبحار : عن أبيه ، عن أبي بصير.
2 ـ في « ط » : ولايتنا.
3 ـ كمال الدين : 358 / 54 ، وعنه في مختصر البصائر : 493 / 556 ، والبحار 53 : 115/21.
4 ـ قوله : ( على تقدير أن يراد منه نفي الرجعة ) لم يرد في « ك ».
5 ـ في المطبوع و « ط » : محمول. وما في المتن من « ح ، ش ، ك ».


(404)
دخول المهدي أو النبي ( عليهما السلام ) ، والثانية : لم يلاحظ فيها دخول أحد منهما لحكمة اُخرى ، ومثل هذا في المحاورات كثير ، والتخصيص بالذكر لا يدلّ على التخصيص بالحكم ، وليس بصريح في الحصر ، وما تضمّنه الحديث المروي في كتاب « الغيبة » أولا على (1) تقدير تسليمه في خصوص الاثني عشر بعد المهدي ( عليه السلام ) لا ينافي هذا الوجه ؛ لاحتمال أن يكون لفظ ابنه تصحيفاً ، وأصله أبيه بالياء آخر الحروف ، ويراد به الحسين ( عليه السلام ) لما روي سابقاً في أحاديث كثيرة من رجعة الحسين ( عليه السلام ) عند وفاة المهدي ( عليه السلام ) ليغسّله ، ولا ينافي ذلك الأسماء الثلاثة لاحتمال تعدّد الأسماء والألقاب لكلّ واحد منهم ( عليهم السلام ) ، وإن ظهر بعضها ولم يظهر الباقي ، ولاحتمال تجدّد وضع الأسماء في ذلك الزمان له ( عليه السلام ) ، لأجل اقتضاء الحكمة الإلهية.
    وقوله ( عليه السلام ) في حديث أبي حمزة : « إثنا عشر مهديّاً من ولد الحسين ( عليه السلام ) » لايبعد تقدير شيء له يتمّ به الكلام بأن يقال : أكثرهم من ولد الحسين ( عليه السلام ) ، ولا يخفى أنّه قد يبني المتكلِّم كلامه على الأكثر الأغلب عند ظهور الأمر ، أو إرادة (2) الإجمال ، وممّا يقرّب ذلك ويزيل استبعاده (3) ما ورد في أحاديث النصّ على الأئمّة الاثني عشر ( عليهم السلام ) : « إنّهم من ولد عليّ وفاطمة » والحديث موجود في اُصول الكليني.
    ولابدّ من حمله على ما قلناه لخروج أمير المؤمنين ( عليه السلام ) من (4) هذا الحكم ، ودخوله في الاثني عشر ( عليهم السلام ) ، والضمائر في الدعاءين يحتمل عودها إلى
1 ـ في المطبوع و « ط » : أو على وما في المتن من « ح ، ش ، ك ».
2 ـ في « ح » : وإرادة.
3 ـ في المطبوع و « ط » : استبعاد. وما في المتن من « ح ، ش ، ك ».
4 ـ ( من ) أثبتناها من « ح ، ش ، ك » ، وفي « ط » : عن.


(405)
الرسول ( صلى الله عليه وآله ) وإلى الحسين ( عليه السلام ) ، ويحتمل الحمل على الرجعة كما مرّ ، لكن في الدعاء الثاني لا في الأوّل ؛ لوجود (1) لفظ ولده فيه ، وحديث كعب ووهب يحتملان بعض (2) ما مرّ وهما إلى الرجعة أقرب على (3) أنّ قولهما ليس بحجّة ، لكنّ الظاهر أنّهما راويان لهذا المعنى عن بعض أهل العصمة ( عليهم السلام ) ويأتي زيادة تحقيق لبعض مضمون هذا الفصل (4) إن شاء الله تعالى.
1 ـ في المطبوع و « ط ، ك » : بوجود.
2 ـ في « ط » : وحديث كعب وهو يحتمل أنّ بعض.
3 ـ في « ح » : إلاّ . بدل من : على.
4 ـ في « ك » : الباب.
الاِيقاظ مِنَ الهجْعَةِ بالبرهان على الرجعة ::: فهرس