اللآلئ العبقرية في شرح العينيّة الحميرية ::: 316 ـ 330
(316)
للمقام إنّما هو غير الآخرين.
    « خطب » يخطب ، كنصر ينصر ، خُطبة ـ بالضم ـ أتى بالخطبة ؛ وهي الكلام المؤلّف المتضمّن وعظاً وإبلاغاً ، وكذلك خطابه ـ بالفتح ـ وقيل بالكسر.
    وفي الصحاح : خُطب ـ بالضم ـ خطابة ـ بالفتح ـ صار خطيباً.
    « الواو » للحال.
    « الكف » : من رؤوس الأصابع إلى الكوع ، قيل : سمّي بها لكفّها البدن عمّا يؤذيه. وربّما أُريد جملة اليد ، وهو مؤنث لازم التأنيث كما نصّ عليه الحاجبي والمالكي وغيرهما.
    « عليّ » اسم أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه وهو اسم شقّه اللّه تعالى من اسمه.
    روى الصدوق أبو جعفر ابن بابويه رضوان اللّه عليه في كتاب « معاني الأخبار » بسنده عن عبد اللّه بن الفضل الهاشمي ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جدّه صلوات اللّه عليهم قال : كان رسول اللّه ( صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ) ذات يوم جالساً وعنده عليّ وفاطمة والحسن والحسين صلوات اللّه عليهم فقال : والّذي بَعَثني بالحقّ بَشيراً ما على وجه الأرض خلقٌ أحبّ إلى اللّه عزّ و جلّ ولا أكرم عليه منّا ؛ إنّ اللّه تبارك وتعالى شقَّ لي اسماً من أسمائه فهو محمود وأنا محمّد ؛ و شقّ لك يا عليّ اسماً من أسمائه ، فهو العليّ الأعلى وأنت عليّ ؛ وشقّ لك يا حسن اسماً من أسمائه ، فهو المحسن وأنت حسن ؛ وشقَّ لك يا حسين اسماً من أسمائه ، فهو ذو الإحسان وأنت حسين ؛ وشقَّ لكِ يا فاطمة اسماً من أسمائه ، فهو الفاطر وأنتِ فاطمة ، ثمّ قال ( صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ) : الّلهمّ إنّي أُشهدك أنّي سلمٌ لمن سالمهم ، وحرب لمن حاربهم ، ومحبٌّ لمن أحبّهم ، ومبغضٌ لمن أبغضهم ، وعدوٌّ لمن عاداهم ، و وليٌّ لمن والاهم لأنّهم منّي


(317)
وأنا منهم. (1)
    وروى أيضاً فيه وفي « علل الشرائع » بإسناده عن أبي ذر رضي اللّه عنه ، عن رسول اللّه ( صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ) ـ في حديث طويل ـ : وجعل فيَّ النبوّة والبركة ، وجعل في عليّ الفصاحة والفروسيّة ؛ وشقّ لنا اسمين من أسمائه فذو العرش محمود وأنا محمّد ؛ واللّه الأعلى وهذا عليّ. (2)
    وروى أيضاً فيهما بإسناده عن ابن مسعود قال : قال رسول اللّه ( صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ) لعلي بن أبي طالب ( عليه السَّلام ) : لمّا خلق اللّه ـ عزّ و جلّ ذكره ـ آدم ونفخ فيه من روحه ؛ وأسْجَدَ له ملائكته ؛ وأسكنه جنّته ؛ وزوّجه حوّاء أمته فرفع طرفه نحو العرش ، فإذا هو بخمسة سطور مكتوبات ، قال آدم : يا ربّ مَن هؤلاء ؟ قال اللّه عزّ وجلّ له : هؤلاء الذين إذا شُفّع بهم إلى خلقي شفّعتهم. فقال آدم : يا ربّ بقدرهم عندك ما اسمهم ؟ قال : أمّا الأوّل فأنا المحمود وهو محمّد ؛ والثاني : فأنا العالي وهو عليّ ؛ والثالث : فأنا الفاطر وهي فاطمة ؛ والرّابع : فأنا المحسن وهو الحسن ؛ والخامس : فأنا ذو الإحسان وهذا الحسين ، كلّ محمد اللّه عزّوجلّ. (3)
    إلى غير ذلك من الأخبار الناطقة بهذا ، الاشتقاق وهي من الكثرة بمكان.
    ثمّ إنّ الصدوق روى في الكتابين عن جابر بن يزيد الجعفي رحمه اللّه أنّه قال : اختلف النّاس من أهل المعرفة لِمَ سُمِّي عليّ علياً ، فقالت طائفة : لَم يُسمّ أحد من ولد آدم قبله بهذا الاسم في العرب ولا في العجم إلاّ أن يكون الرجل من العرب يقول ابني هذا ، عليّ يريد من العلو لا أنّه اسمه و إنّما سمّى به الناس بعده
1 ـ معاني الأخبار : 55 ، ح 17 ، انتشارات اسلامي : 1361 هـ ش.
2 ـ علل الشرائع : 1 / 134 ، ح 1. ( باب العلّة التي من أجلها سمي الاكرمون على اللّه تعالى محمداً وعليّاً ... ). ( المكتبة الحيدرية ، 1385 هـ ـ 1966 م.
3 ـ المصدر نفسه : 1 / 135 ، ح 2.


(318)
وفي وقته.
    وقالت طائفة : سمّي عليّ عليّاً لعلوّه على كلّ من بارزه.
    وقالت طائفة : سمّي عليٌّ عليّاً ؛ لأنّ داره في الجنان تعلو حتى تحاذي منازل الأنبياء ، ( وليس نبي تعلو منزلته منزلة غيره ) (1).
    وقالت طائفة : سمّي عليّ عليّاً ؛ لأنّه علا ظهر رسول اللّه ( صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ) بقدميه طاعة للّه عزّ وجلّ ولم يَعْل أحد على ظهر نبيّ غيره عند حطّ الأصنام من سطح (2) مكة.
    وقالت طائفة : إنّما سمّي عليّ علياً ؛ لأنّه زُوّج في أعلى السّموات ولم يُزَوَّج أحد من خلق اللّه في ذلك الموضع غيره.
    وقال طائفة : إنّما سمّي علي عليّاً ؛ لأنّه كان أعلى الناس علماً بعد رسول اللّه ( صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ). (3)
    قال الراغب : ظهر الشيء ، أصله أن يحصل شيء على ظهر الأرض فلا يخفى ، وبطن إذا حصل في بطنان الأرض فيخفى ثمّ صار مستعملاً في كلّ بارز للبصر والبصيرة ، وتقول : ظهرت على الرجل وبه إذا غلبته ، وظهرت البيت وعلى البيت إذا علوت عليه. وأصلها أيضاً أن تعلو على ظهر الرجل أو البيت وظهر فلان إذا أعلنت به.
    « لمع » البرق كمنع ، لمعاً ولمعاناً ـ محرّكة ـ : أضاء كالتمع ، ولمع بيده : أشار ، ولمع فلان الباب : برز منه.
    « رفع » الشيء : أعلاء عن مقرّه ، خلاف وضعه إمّا حقيقة وذلك في الأجسام
1 ـ ما بين القوسين ليس في المصدر.
2 ـ « وسط » : المصدر.
3 ـ علل الشرائع : 1 / 136 ـ 137.


(319)
أو مجازاً وذلك في الذكر ، أو المنزلة كقوله تعالى : ( وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ ) (1) وقوله تعالى : ( نَرْفَعُ دَرَجات مَنْ نَشاءُ ) (2).
    « الكرم » ضدّ اللّؤم ، وقد كرم ـ بالضمّ ـ فهو كريم ، وقوم كرام وكرماء ونسوة كرايم ، ويقال رجلٌ كَرَمٌ أيضاً وامرأة كرم ونسوة كرم. وحقيقته كون الشخص جميل الأخلاق حميد الأفعال ، قال بعض العلماء : الكرم كالحرّية إلاّ أنّ الحرّية قد تقال في المحاسن الصغيرة والكبيرة ، والكرم لا يقال إلاّ في المحاسن الكبيرة كما ينفق مالاً في تجهيز جيش في سبيل اللّه ، وتحمل حمالة ترتو به دماء قوم.
    ومعنى جملة أكرم بما في حيّزه التعجّب من كرم الكفّين لبلوغه حداً تعجب منه.
    ومعنى « الباء » في « بكفّ » يُعلم في قسم الإعراب إن شاء اللّه.
    « الواو » في « والأملاك » للحال أو الاعتراض و « الألف واللاّم » للجنس ، أي للعهد الذهني كما في الخيل. والأملاك جمع ملك ، وهم عند أكثر الأُمّة نحو أجسام نورانيّة الهيئة سعيدة قادرة على التصرّفات الشريفة والأفعال الشاقّة ، ذوات عقول وأفهام ؛ وهم أنواع كثيرة ومراتب شتّى بعضهم أقرب عند اللّه من بعض كما قال تعالى حكاية عنهم : ( وَما مِنّا إلاّ لَهُ مَقامٌ مَعْلُومٌ ). (3)
    وقد حصر بعضهم مراتبهم في تسعة :
    فالأُولى : المقرّبون.
    والثانية : الحاملون للعرش.
    والثالثة : الحافّون حول العرش.
1 ـ الشرح : 4.
2 ـ الأنعام : 83.
3 ـ الصافات : 164.


(320)
    والرابعة : ملائكة الكرسي والسماوات.
    والخامسة : ملائكة العناصر.
    والسادسة : الموكّلون بالمركبات.
    والسابعة : الحفظة الكرام الكاتبون.
    والثامنة : خزنة الجنّة
    والتاسعة : ملائكة النار.
    واختلف في لفظ « ملك » ، فعن الكسائي أنّ أصله « مَأْلَكْ » بتقديم الهمزة من ألك ألوكاً ألوكة ومألكاً ، ومألكة ، بضم اللاّم ، وقد يفتح وهي الرسالة ، ويقال للرسول : ألوك ، ويقال امتالك مالكته ، إذا حمل رسالته ، قيل : وإنّما سميت الرسالة ، ألوكاً لأنّها تولك في الفم ، أي تمضغ ، قلبت فقدّمت اللام على الهمزة ثمّ تركت همزته لكثرة الاستعمال.
    وأنشد أبو عبيدة لجاهلي من عبد القيس.
فَلَست لإنْسي ولكن لَملأَك تَنَزَّلَ من جَوِّ السّماءِ يَصُوبُ (1)
    وعلى هذا فإمّا اسم مكان بمعنى موضع الرّسالة ، أو مصدر ميميّ ، وإنّما سمّوا بذلك لأنّهم وسائط بين اللّه وخلقه ، فمنهم رسله إليهم ، ومنهم كالرّسل.
    وذهب أبو عبيدة إلى أنّه من لاك بمعنى أرسل ملأكاً ، وملأكة ، وحينئذ فلا قلب.
    وقيل : بل الملك هو الأصل وملاك فرع له زيدت فيه الهمزة كشمال ؛ وهو من ملكت العجين إذا شددت عجنه.
1 ـ وذكره في الصحاح : « مالك » وفيه أن السيرافي نسبه إلى أبي وَجْزَةَ يمدح به عبدالّله بن الزبير ، وتفسير القرطبي : 1 / 263.

(321)
    وبالجملة فهو بمعنى الشدّة والقوّة سمّوا بذلك لقوّتهم وقدرتهم على الأفعال الشّاقّة.
    وقال الراغب : وقال بعض المحقّقين : هو من الملك قال : والمتولى من الملائكة شيئاً من السياسات يقال له : ملك ـ بالفتح ـ ومن البشر يقال له : ملِك ـ الكسر ـ قال : فكلّ ملك ملائكة وليس كلّ ملائكة ملكاً ، بل الملك هو هم المشار إليه بقوله تعالى ( فَالمدبّرات ) و ( المقسمات ) ( والنّازعات ) ونحو ذلك.
    ومنه ملك الموت ، قال عزّ وجلّ : ( وَالملك على أرجائها ) (1) وقال : ( وَما أُنْزِلَ عَلى المَلَكَيْنِ ببابِلَ ) (2) وقال : ( قُلْ يَتَوفّاكُمْ مَلَكُ المَوتِ الّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ) (3). انتهى كلام الراغب بألفاظه. (4)
    فقد ظهر أنّ فيه مذاهب أربعة.
    وأنّه على أوّلها على وزن معل ، وأصله على وزن مفعل ، والملائك على مفاعل ويكون جمعه على املاك مخالفاً للقياس ، فإنّ القياس أن يرد اللفظ في الجمع إلى أصله ولم يفعل فيه ، فقد نزل الفرع لكثرة استعماله بمنزلة الأصل كقنابر في جمع قنبراء التي أصلها قنبراء.
    وعلى الثاني على وزن مفل وأصله على مفعل من غير قلب ، والملائك على مفاعل ، وأملاك على غير قياس أيضاً ، وعلى الأخيرين على وزن فعل وجمعه على أملاك هو القياس.
1 ـ الحاقة : 17.
2 ـ البقرة : 102.
3 ـ السجدة : 11.
4 ـ مفردات غريب القرآن : 473.


(322)
    إلاّ أنّه على الثالث قد يقال فيه ملاك ويجمع على ملائك.
    وعلى الرابع : ملك أصل ، وجمعه أملاك وملاك أصل آخر وجمعه ملايك ، وعلى الأوّل ملاك على فعأل وملايك على فعايل دون الأخير.
    ويحتمل بعيداً أن يكون الأملاك في البيت جمعاً لملِك ـ بالكسر ـ بمعنى ذي الملك وبمعناه الملك ـ بالسكون ـ والمليك.
    فيكون المراد أنّ الرؤساء والملوك من العرب والعجم من حوله ، وربّما تأيّد هذا المعنى بما روي عنه من قوله :
يا بائع الدِّين بدنياه من أين أبغضت علي الرضا من الّذي أحمد من بينهم أقامه من بين أصحابه هذا علي بن أبي طالب فوال من والاه يا ذا العلى ليس بهذا أمر اللّه وأحمد قد كان يرضاه يوم غدير الخم ناداه وهم حواليه فسمّاه مولى لمن قد كنت مولاه وعاد من قد كان عاداه (1)
    « من » إمّا للابتداء ، أو زائدة ، أو بمعنى « في » كما في قوله تعالى : ( إِذا نُودِيَ للصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَة ) (2) على ما قيل ، أو بمعنى « عند » كما في قوله تعالى : ( لَنْ تُغْنيَ عَنْهُمْ أَمْوالُهُمْ وَلا أَولادُهُمْ مِنَ اللّهِ شَيْئاً ) (3) أو للتبعيض إن حمل حوله على من حوله تسمّيه للحال باسم المحل ، فكأنّه قال ممّن حوله.
1 ـ كشف الغُمّة : 1 / 305.
2 ـ الجمعة : 9.
3 ـ آل عمران : 10.


(323)
    « حول » الشيء : جانبه الذي يحول إليه إذا أراد ، وبمعناه حوليه وحواليه وحواله وأحواله.
    « الواو » للحال ، أو الاعتراض ، أو العطف.
    « في » للظرفية ، أو المصاحبة ، أو الاستعلاء.
    قال الراغب : الشهود والشهادة : الحضور مع المشاهدة إمّا بالبصر ، أو بالبصيرة ، وقد يقال للحضور مفرداً ، قال تعالى : ( عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ ) (1) إلاّ أنّ الشهود بالحضور المجرّد أولى ، والشهادة مع المشاهدة أولى (2).
    وقال غيره : الشّهود هو الحضور ، والشّهادة إخبار بما علم قطعاً ، وأصلها الإخبار بما شوهد أي عُويِن ، ثمّ نزل ما علم قطعاً منزلة ما عوين فاستعمل فيه الشهادة. ثمّ الشاهد ربّما يطلق على من تحمّل الشهادة و إن لم يقمها. وشاهد في البيت يحتمل أن يكون بمعنى حاضر وأن يكون بمعنى متحمل للشهادة. وأن يكون بمعنى عالم.
    « من » موصولة أو موصوفة.
    « المولى » له معان :
    منها : الأولى ، وهو أصل المعاني و عمادها ، وجعله بمعناه أبو عبيدة في قوله تعالى : ( فَالْيَومَ لا يُؤخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ وَلا مِنَ الّذِينَ كَفَروا مَأْواكُمُ النّارُ هِيَ مَولاكُمْ ) (3).
    واستشهد بقول لبيد :
1 ـ الأنعام : 73.
2 ـ مفردات غريب القرآن : 267.
3 ـ الحديد : 15.


(324)
فَعَدَتْ كلا الفَرجَيْن تَحسبُ أنّه مَولَى المَخافةِ خَلفها وأمامها (1)
    وقول الأخطل في عبد الملك بن مروان :
فأصْبَحْتَ مَولاها مِنَ النّاسِ بَعْدهُ وأحرى قُريش أنْ يُهابَ و يُحْمدا (2)
    وكذلك ابن قتيبة والفرّاء وغيرهما.
    ومنها : مالك الرق.
    ومنها : المعتق.
    ومنها : ابن العم ، كما في قوله تعالى حكاية : ( وَإِنّي خِفْتُ المَوالِيَ مِنْ وَرائِي ) (3).
    وقوله :
مهلاً بَني عَمِّنا مَهلاً مَوالينا لا تنبشوا بيننا ما كان مدفونا (4)
    ومنها : الناصر ، كما في قوله تعالى : ( فَإِنَّ اللّهَ هُوَ مَولاهُ وَجِبْرِيل وَصالِحُ الْمُؤْمِنينَ ) (5).
    ومنها : ضامن الجريرة.
    ومنها : الحليف.
1 ـ المعلّقات العشر : معلّقة لبيد بن ربيعة ، والتي مطلعها :
عفت الديار محلُّها فمُقامها بِمنىً تأبَّد غَوْلُها فَرِجامُها
2 ـ ديوان الأخطل : 28.
3 ـ مريم : 5.
4 ـ البيت للفضل بن العباس بن عتبة ، من شعراء بني هاشم في عهد بني اُميّة تفسير القرطبي : 11 / 79 ، التبيان : 3 / 187.
5 ـ التحريم : 4.


(325)
    كما قال : « موالي حلف لا موالي قرابة » (1).
    ومنها : الجار ، كقوله : « مولى اليمين ومولى الجار والنسب » (2).
    ومنها : الإمام السيّد المطاع.
    ومنها : العاقبة ، وعليه حمل بعضهم قوله تعالى : ( مَأْواكُمُ النّارُ هِي مَولاكُمْ ) (3).
    ومنها : العبد.
    ومنها : الصاحب.
    ومنها : القريب.
    ومنها : الابن.
    ومنها : العم.
    ومنها : النزيل.
    ومنها : الشّريك.
    ومنها : ابن الأُخت.
    ومنها : الربّ.
    ومنها : المنعم.
    ومنها : المنعم عليه.
1 ـ قاله الجعدي ، والبيت بكامله :
موالي حلف لا موالي قرابة ولكن قطينا يسألون الاتاويا
( تاج العروس : 10 / 7 ).
2 ـ وقائله : عتبة بن شتير بن خالد ، والبيت بكامله :
أنبئت حيّاً على سقمان أسلمهم مولي اليمين و موليالجار والنسب
    البكري الاندلسي : معجم ما استعجم : 3 / 742.
3 ـ الحديد : 15.


(326)
    ومنها : المحبّ
    ومنها : التابع.
    ومنها : الصهر.
    ومنها : ما يلي الشيء مثل : خلفه و قدّامه ، و عليه حمله بعضهم في شعر لبيد ، وسيتّضح لك المراد هنا من معانيه إن شاء اللّه عند ذكره.
    « الفاء » هي التي يؤتى بها في جزاء الشرط ، وإنّما أُتي بها هنا لتضمن المبتدئ معنى الشرط.
    « ها » على وجهين : اسم ، وحرف.
    والاسم منه على وجهين : اسم فعل بمعنى « خذ » و « يمد » ويلحق بهما كاف الخطاب ، وضمير للمؤنّث الغائب.
    والحرف منه ؛ موضوع للتنبيه ، وهي في الأكثر لا تدخل إلاّ في أحد مواضع أربعة :
    أحدها اسم الإشارة إذا لم يكن مختصّاً بالبعيد نحو : هذا وهؤلاء وهاهنا بتخفيف النون ، بخلاف هنا بتشديد النون و « ثم » و « ذلك ».
    والثاني : مضمر منفصل وقع مبتدأ خبره اسم إشارة ، نحو : ها أنتم أُولاء.
    والثالث : بعد أي في نداء المعرف وهو فيه لازم ، فتارة يكون مع اسم الإشارة نحو : يا أهذا الرجل ، وقد يكون لا معها نحو : يا أيّها الرجل ، وفي الارتشاف ولا يحفظ يا أيهذان الرجلان ، ولا يا أيّها ولاء الرجال ، والقياس يقتضي جوازه.
    والرابع : قبل لفظ « اللّه » إذا كان مقسماً به وحرف القسم محذوف نحو : ها اللّه لأفعلن ، بقطع همزة « اللّه » ووصلها ، وكلاهما مع إثبات ألفها وحذفها.
    وذهب الخليل إلى أنّ « ها » الداخلة على اسم الإشارة يفصل بينها وبينه


(327)
كثيراً إمّا بضمير المرفوع المنفصل نحو : ها أنتم أُولاء ، وإمّا بالقسم نحو : ها اللّه ذا. وقوله :
وتَعَلَّمَنْ ها ، لَعَمْرُ اللّهِ ذا قَسماً فاقدِر بذَرْعِكَ وانظرْ أيْنَ تَنْسلِكُ (1)
    وقليلاً ، بغيرهما ، كقول النابغة الذبياني :
ها إن تاعذرة إن لم تكن قبلت فإنّ صاحبها قد تاه في البلد (2)
    وقول الآخر : فقلت لهم هذا لها ، ها ، وذا ليا (3).
    فالأصل عنده في هذه الأمثلة أنتم هؤلاء ، واللّه هذا ، ولعمر اللّه هذا ، وإنّ هاتا وهذا ليا.
    قال نجم الأئمة ( رضوان اللّه عليه ) : والدّليل على أنّه فصل حرف التنبيه عن اسم الإشارة ما حكى أبو الخطّاب (4) عمّن يوثق به : هذا أنا أفعل ، و : أنا هذا أفعل في موضع : ها أنا ذا أفعل.
1 ـ البيت لزهير بن أبي سلمى من أبيات قالها ـ كما قال الأعرابي ـ بعد أن أغار الحارث بن ورقاء الصيداوي من بني أسد ، على بني عبداللّه بن غطفان فغنم فاستاق إبل زهير وراعيه يساراً. ديوانه : 47.
2 ـ البيت للنابغة الذبياني ، وفي ديوانه : 37 البيت هكذا :
ها إنّ ذي عِذرة إلاّ تكنْ نَفَعَتْ فإنّ صاحبها مُشاركُ النكدِ
وهو آخر بيت من قصيدة يمدح بها النعمان ويعتذر إليه ومطلعها :
يا دارَ مَيَّةَ بالعلياءِ فالسنَدِ أقْوَت وطالَ عليها سالفُ الأبدِ
3 ـ شطر من بيت نسبه الكثيرون إلى لبيد بن أبي ربيعة ، ومنهم الأعلم الشنتمري شارح شواهد سيبويه ، قال البغدادي : لم أره في ديوان لبيد ، والبيت في سيبويه 1 / 379. ( شرح الرضي : 2 / 483 ).
4 ـ وهو الأخفش الأكبر شيخ سيبويه : عبدالحميد بن عبدالمجيد ، أبوالخطّاب من أئمّة اللغة والنحو ، وله ألفاظ لغوية انفرد بها ينقلها عنه العرب ، ولم تعرف سنة وفاته.
( ترجمه في طبقات الزبيدي : 35 ، ونزهة الألباء : 53 ، وبغية الوعاة : 296 ).


(328)
    وحدّث يونس : هذا أنت تقول كذا (1).
    واستدلّ من خالف الخليل فذهب إلى أنّ حرف التنبيه في موضعه غير مفصول بينه وبين ما يتّصل به بنحو قوله تعالى ( ها أَنْتُمْ هؤلاء ) (2) فإنّ « ها » الأُولى لو كانت هي الداخلة على اسم الإشارة لم تعد بعد أنتم.
    قال نجم الأئمة : ويجوز أن يعتذر للخليل بأنّ تلك الإعادة للبعد بينهما ، كما أعيد ( فَلا تَحسبنَّهم ) (3) ، لبعد قوله : ( وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُون ). (4)
    ـ قال : ـ وأيضاً قوله تعالى : ( ثُمَّ أَنْتُمْ هؤلاءِ تَقْتُلُونَ ) (5) دليل على أنّ المقصود في ( ها أنتم أولاء ) ، هو الذي كان مع اسم الإشارة ، ولو كان في صدر الجملة من الأصل لجاز من غير اسم الإشارة نحو : ها أنت زيد ، وما حكى الزمخشريّ من قولهم : ها انّ زيداً منطلق ، وها أفعل كذا (6) ، ممّا لم أعثر له على شاهد ، فالأولى أن نقول : إنّ « هاء التنبيه » مختصّ باسم الإشارة ، وقد يفصل منه كما مرّ ، ولم يثبت دخولها في غيره من الجمل والمفردات (7). انتهى بألفاظه.
    وفي كتاب : « ألف با » لابن الشيخ : أنّها للتنبيه في قولك : ها زيد إذا ناديته ، وأُختها الهمزة لأنّك تقول في النداء : أزيد ، وكثيراً ما تفعل العرب هذا يقولون : أرقت الماء وهرقت ، وأم واللّه ، وهم واللّه. حولوا الهمزة هاءً لقرب المخرج قال : والمراد بالهاء التي للتنبيه إيقاظ الغافل وتنبيهه لسماع الكلام الوكيد.
    « اللام » للاستحقاق ، أو شبه الملك.
1 ـ شرح الرضي : 4 / 422.
2 ـ آل عمران : 66 ، النساء : 109 ومحمد : 38.
3 ـ آل عمران : 188.
4 ـ آل عمران : 180.
5 ـ البقرة : 85.
6 ـ انظر عبارته في شرح ابن يعيش : 8 / 113.
7 ـ شرح الرضي : 4 / 423.


(329)
    « الفاء » للعطف.
    « رضي » عن فلان وعليه وبفعله : يرضى رضى ورضواناً بكسر أوّلهما وقد يضمّ ومرضاة : ضدّ سخط ، والاسم الرضاء ، وأرضيته عنّي أو رضيته ـ بالتشديد ـ فرضي وترضيته أرضيته بعد جهد.
    « قنع » يقنع كفرح : قناعة اجتزأ (1) باليسير ، وكمنع قنوعاً : سأل وتذلّل ورضي باليسير ، قال تعالى : ( وَأَطْعِمُوا القانِعَ وَالمُعْتَرَّ ) (2) أي السائل.
    وقيل : إنّ القانع هو السائل الذي لا يلحّ في السؤال ، ويرضى بما يأتيه عفواً فيرجع إلى الأوّل. قال الشاعر :
لمال المرء يصلحه فيغني مفاقره أعفّ من القنوع (3)
    وقد روى الشيخ الصدوق أبو جعفر ابن بابويه في كتاب « معاني الأخبار » بإسناده عن الإمام أبي عبد اللّه جعفر بن محمد الصادق صلوات اللّه عليه في قول اللّه عزّ وجلّ : ( فَإِذا وَجَبَتْ جُنُوبَها ) (4).
    قال : إذا وقعت على الأرض ( فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا القانِعَ وَالْمُعْتَرَّ ) (5) قال : القانع الذي يرضى بما أعطيته ولا يسخط ولا يكلح ولا يزبد شدقه غضباً ، والمعتر المار بك تطعمه. (6)
    وروى أيضاً بسنده عن سيف التمّار قال : قال لي أبو عبد اللّه ( عليه السَّلام ) : إنّ
1 ـ اجْتَزَأَ : اكتفى وقنع ، من جَزَأ « تَجَزَّأ واجْتَزَأ بالشيء. يقال : « جَزَّأ الماشية بالرطب عن الماء » أي اقنعها بالعشب الأخضر فا كتفت به عن الماء.
2 ـ الحج : 36.
3 ـ ذكرها لطبرسي في تفسير مجمع البيان : 7 / 153 و نسبه إلى الشماخ.
4 و 5 ـ الحج : 36.
6 ـ معاني الأخبار : 208 ، ح 1 ، باب معني القانع والمعترّ.


(330)
سعيد بن عبد الملك قدم حاجا فلقي أبي عليه السلام : إنّي سقت هدياً فكيف أصنع ؟ فقال : أطعم أهلك ثلثاً وأطعم القانع ثلثاً وأطعم المسكين ثلثاً ، قلت : المسكين هو السائل ؟ قال : نعم ، والقانع يقنع بما أرسلت إليه من البضعة فما فوقها ، والمعتر يعتريك لا يسألك (1). ثمّ قال الصدوق رحمه الله : وأصل القنوع الرجل يكون مع الرجل يطلب فضله ويسأله معروفه ، قال : ويقال : من هذا القنوع قنع يقنع قنوعاً.
    وأمّا القانع الراضي بما أعطاه الله عزّ وجلّ فليس من ذلك ، يقال منه قنعت أقنع قناعة ، وهذا بكسر النون وذلك بفتحها ، وذاك من القنوع ، وهذا من القناعة. انتهى لفظه. (2)
    ـ الإعراب :
    جملة البيتين الأوّلين عطف على جملة : فقال لو أعلمتكم ، إلى تمام البيتين ، أو على جملة : أتوا أحمدا ، الى الخمسة الأبيات.
    « أتته » : فعل ومفعول وهو الضمير العائد الى أحمد ، وقد عرفت أنّ الفعل يحتمل التأنيث والتذكير بعد « ذا » مركب إضافي منصوب على الضرفية ولا يخرج بعد عن الضرفيّة إلّا إذا جرّ ، ولا يجرّ إلاّ ب‍ « من » وله حالتان ؛ لأنّه إمّا أن يكون مضافاً أو لا.
    وعلى الأول إمّا أن يكون ما أُضيف إليه مذكوراً أو لا ، فإن لم يكن مضافاً أو كان وقد ذكر المضاف إليه ، كان معرباً منصوباً على الظرفيّة أو مجروراً ب‍ « من ».
1 ـ المصدر نفسه : 208 ، ح 2.
2 ـ المصدر نفسه : 209 ، وغريب الحديث ، للقاسم بن سلام الهروي ، دار الكتاب العربي ، بيروت.
اللآلئ العبقرية في شرح العقينيّة الحميرية ::: فهرس