|
|||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
(136)
شبيه ، ولقد بكت السماوات السبع لقتله ـ إلى أن قال : ـ
يا بن شبيب ، انّ سرّك أن تكون معنا في الدرجات العلى ، فاحزن لحزننا ، وافرح لفرحنا ، وعليك بولايتنا ... وقال عليه السلام : من ترك السعي في حوائجه يوم عاشوراء قضى الله له حوائج الدنيا والآخرة ، ومن كان يوم عاشوراء يوم مصيبته وحزنه وبكائه ، جعل الله عز وجل يوم القيامة يوم فرحه وسروره ، وقرّت بنا في الجنان عينه ... وعن الباقر عليه السلام قال : كان أبي يقول : أيما مؤمن دمعت عيناه لقتل الحسين عليه السلام دمعة حتى تسيل على خدّه ، صرف الله عن وجهه الأذى ، وآمنه يوم القيامة من سخطه والنار ... وقال الصادق عليه السلام لفضيل بن يسار : أتجلسون وتتحدّثون ؟ قال : نعم ، جعلت فداك. قال عليه السلام : إن تلك المجالس أحبّها ، فأحيوا أمرنا ، فرحم الله من أحيا أمرنا. يا فضيل ، من ذَكرنا أو ذُكرنا عنده فخرج من عينه مثل جناح الذباب غفر الله له ذنوبه ... وعن أبي عمارة المنشد قال : ما ذكر الحسين عليه السلام عند أبي عبد الله الصادق عليه السلام في يوم قط فرؤى فيه مبتسماً إلى الليل. قال : وكان أبو عبد الله عليه السلام يقول : الحسين عبرة كل مؤمن ... وعن الصادق عليه السلام قال : قال الحسين عليه السلام : أنا قتيل العبرة ، (137)
لا يذكرني مؤمن الا استعبر (1) ... جعلت فداك.
1 ـ قال رحمه الله : إلى غير ذلك من صحاح الأخبار المتواترة بمعناها عن الائمّة الأبرار ، وناهيك بها حجّة على رجحان المآتم الحسينيّة ، واستحبابها شرعاً ، فإنّ أقوال أئمّة الثقلين وأفعالم وتقريرهم ، حجّة لوجوب عصمتهم بحكم العقل والنقل ، كما هو مقرّر في مظانه من كتب المتكلّمين من أصحابنا. وكنّا فصّلنا القول فيه في كتابنا الكبير « سبيل المؤمنين » ، على انّ الاقتداء بهم لا يتوقّف ـ عند الخصم ـ على عصمتهم ، بل كيفينا فيه ما اتّفقت عليه الكلمة من إمامتهم في الفتوى ، وانّهم في أنفسم لا يقصرون عن الفقهاء الأربعة وأضرابهم كالثوري ، والأوزاعي علماً ولا عملاً. وأنت تعلم انّ هذه المآتم لو ثبتت عن أبي حنيفة ، أو صاحبيه أبي يوسف والشيباني ، لاستبق الخصم إليها ، وعكف أيّام حياته عليها ، فلِمَ ينكرها علينا ، ويندّد بها بعد ثبوتها عن أئمّة أهل البيت يا منصفون ؟! 2 ـ وهي للشيخ عبد الحسين الأعسم ، وهو ابن الشيخ محمد علي بن الحسين بن محمد الأعسم الزبيدي النجفي ، وفد في حدود 1177 وتوفي سنة 1247 هـ بالطاعون العام في النجف ، كان فقيهاً عالماً محقّقاً أديباً وشاعراً. انظر أدب الطف للسيد المجاهد جواد شبر 6 : 289. (138)
لا ريب في جواز رثاء موتى المؤمنين ، لأصالة الإباحة ، وعدم الدليل على خلافها (1) وقد رثي آدم ولده هابيل ، واستمرت على ذلك ذرّيّته إلى يومنا هذا بلا
(139)
نكير.
وأقرّ رسول الله صلى الله عليه وآله عليه اصحابه مع اكثارهم من تهيج الحـزن به ، وتفنّنهم في ذلك بذكر مدائح الموتى في أخلاقهم وأفعالهم (1). ولمّا توفّي رسول الله صلى الله عليه وآله تنافست فضلاء الصحابة في رثائه. فرثته بضعته الزهراء سيدة نساء العالمين عليها السلام بأبيات تهيج الأحزان ، ذكر القسطلاني منها هذين البيتين :
1 ـ قال رحمه الله : تلك مراثيهم في كتب الأخبار ، فراجع « الاستيعاب » ان أردت بعضها أحوال سيد الشهداء حمزة ، وعثمان بن مظعون ، وسعد بن معاذ ، وشمّاس بن عثمان بن الشريد ، والوليد بن الوليد بن المغيرة ، وأبي خرّاش الهذلي ، واياس بن بكير الليثي ، وعاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل وغيرهم. ولاحظ من « الاصابة » أحوال ذي الجناحين جعفر بن أبي طالب ، وأبي زيد الطائي ، وأبي سنان بن حريث المخزومي ، والأشهب بن رميلة الدارمي ، وزينب بنت العوّام ، وعبد الله بن عبد المدان الحارثي ، وجماعة آخرين لا يحضرني أسمائهم ، ودونك كتاب ( الدرّة في التعازي والمراثي ) وهو في أوّل الجزء الثاني من العقد الفريد تجد فيه مراثي الصحابة ومن بعده شيئاً كثيراً. وإذا تتبّعت كتاب « اُسد الغابة » تجد الكثير من مراثي الصحابة ، وليس شيء ممّا أشرنا إليه الا وقد اشتمل على ما يهيج الحزن ، ويجدّد اللوعة بمدح الميّت بالحقّ ، وذكر محاسنه بالصدق. أقول : وقد فصّلنا الكلام في كلّ ما ذكره المصنّف رحمه الله في مقدّمة الكتاب ، فيمكنك مراجعة ذلك للاطّلاع على تلك المراثي وغيرها. (140)
ورثته أيضا بأبيات تثير الأشجان ، ذكر ابن عبد ربّه منها هذين البيتين :
ومن استوعب الاستيعاب ، وتتبّع طبقات ابن سعد واُسد الغابة والاصابة يجد من مراثي الصحابة شيئاً كثيراً. (1) وقد أكثرت الخنساء ـ وهي صحابية ذات شأن ـ من رثاء أخويها صخر ومعاوية ـ وهما كافران ـ وابدعت في مدائح صخر ، وأهاجت عليه لواعج الأحزان ، على انّها كانت من الصالحات ، وقد بذلت أولادها الأربعة في نشر الدعوة الإسلامية ، وسرّها قتلهم في هذا السبيل ، وما برحت ترثي أخويها حتى ماتت ، فما أنكر عليها في ذلك أحد. وأكثر أيضاً متمّم بن نويرة من تهيج الحزن على أخيه مالك في مراثيه السائرة حتى وقف مرّة في المسجد وهو غاص بالصحابة ، واتكأ على سيّة قوسه أمام أبي بكر بعد صلاة الصبح فأنشد :
1 ـ وللاطّلاع أكثر على هذه المراثي ، انظر : المقدّمة الزاهرة لهذا الكتاب. (141)
فقال أبو بكر : والله ما دعوته ، ولا غدرته ، ثمّ قال متمّم :
قالوا : فما زال يبكي حتى دمعت عينه العوراء ، فما أنكر عليه في بكائه ، ولا في رثائه منكر ، مع ما في بكائه ورثائه من المغازي السياسية ، بل قال له عمر : لوددت انّك رثيت زيداً أخي بمثل ما رثيت به مالكاً أخاك ، فرثي متمّم بعدها زيداً فما أجاد. فعاتبه عمر بقوله : لِمَ لَم ترث أخي كما رثيت اخاك ؟ فقال : إنّه والله ليحرّكني لأخي ما لا يحرّكني لأخيك. واستحسن الصحابة والتابعين ومن بعدهم مراثيه في مالك ، فكانوا يتمثّلون بها إذا اقتضى الأمر ذلك ، كما فعلته عائشة إذ وقفت على قبر أخيها عبد الرحمن فبكت عليه وتمثّلت بقول متمّم :
وحسبنا دليلاً على استحبابه في مآتمنا ما رواه أصحابنا عن زيد الشحّام قال : كنّا عند أبي عبد الله الصادق عليه السلام نحن وجماعة من الكوفيين ، فدخل جعفر بن عفّان فقرّبه الإمام وأدناه ، ثم قال : يا جعفر بلغني انّك تقول الشعر في الحسين وتجيد. (142)
قال : نعم جعلت فداك.
قال : قل ، فأنشدته :
ثم قال عليه السلام : ألا ازيدك ؟ قال : نعم يا سيّدي. قال عليه السلام : ما من أحد قال في الحسين شعراً ، فبكى وأبكى الا أوجب الله له الجنّة وغفر له. وقد نسج جعفر بن عفّان في هذا الرثاء على روي سليمان بن قتّة 1 ـ كذا في الأصل ، وفي المصدر : حماة. (143)
العدوي (1) ، إذ مرّ بكربلاء لثلاث بعد قتل الحسين وأصحابه ، فنظر إلى مصارعهم ومضاربهم ، فأنشأ يقول ويبكي :
1 ـ في القاموس : قتّة : كضبّة ، اسم ( امُ سليمان ) بن حبيب المحاربي ( التابعي ) المشهور يعرف بابن قتّة ، وهو القائل في رثاء الحسين عليه السلام :
وقيل : إن هذه المرثيّة لأبي الرميح ( الزميج ) الخزاعي. انظر : سير أعلام النبلاء 4 : 596 ( وذكر انّ قتّة اسم امّه ) ، الجرح والتعديل 4 : 136 ، المعجم الأوسط 2 : 457 ، طبقات القرّاء 1 : 314 ، تهذيب الكمال 6 : 477. 2 ـ في بعض المصادر : كعهدها ، وقد صحّفت في مصادر اخرى ، فقد وردت في تهذيب الكمال وأنساب الأشراف : « فألفيتها أمثالها ... » وهذا التصحيف متعمّد من أشياع آل أبي سفيان لعنهم الله. 3 ـ قال رحمه الله : أنشد هذه الأبيات أبو تمام في الحماسة ، والمبرد في الكامل لسليمان بن قتّة ، ونسبها ابن الأثير في آخر وقعة الطف من كامله الى التيمي تيم مرّة قال : وكان منقطعاً إلى بني هاشم ، والظاهر أنّه أراد سليمان بن قتّة لأنّه تيمي بالولاء. وقال الخطيب التبريزي في شرح الحماسة : رواها البرقي لأبي زميج الخزاعي ، وأوردها ابن عبد البر في ترجمة الحسين من الاستيعاب ، فنسبها إلى سليمان بن قتّة (144)
ورحم الله الحسين بن الضحاك (1) إذ نسج على هذا الروي والقافية ، فقال :
الخزاعي ، وقيل : انّها لأبي الزميج الخزاعي. 1 ـ هو أبو علي الحسين بن الضحاك بن ياسر الباهلي المعروف بالخليع أو الخالع ، ولد سنة 162 ومات سنة 250 فيكون عمره 88 سنة ؛ وقيل : بل عمّر أكثر من مائة سنة ، وكانت ولادته بالبصرة. انظر : أدب الطف 1 : 310. 2 ـ في أدب الطف : وأوكف. 3 ـ في أدب الطف : بغبطة. 4 ـ الدرّ النضيد : 126. 5 ـ هو محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع ، ولد سنة 150 هـ وتوفي سنة 204 بمصر ، وهو أحد أئمة المذاهب الأربعة السنّية. 6 ـ انظر : ينابيع المودّة 2 ك 356 ، بحار الانوار 45 : 274 ، فرائد السمطين 2 : 266. 7 ـ قال رحمه الله : هذا الرثاء نقله عن الإمام الشافعي جمال الدين الحافظ الزرندي المدني كما في كتاب معارج الأصول ، ونقله الفاضل البلخي في ينابيعه. (145)
وروى الصدوق في أماليه وفي ثواب الأعمال ؛ وابن قولويه في كامله بالإسناد إلى أبي عمارة قال : دخلت على أبي عبد الله الصادق عليه السلام فقال : أنشد في الحسين ، فأنشدته فبكى ، ثمّ أنشدته فبكى ، قال : فوالله ما زلت أنشده وهو يبكي حتى سمعت البكاء من الدار.
فقال : يا أبا عمارة من أنشد في الحسين فأبكى فله الجنّة ، ومن أنشد في الحسين فتباكى فله الجنّة ... وروى الصدوق في ثواب الأعمال ، وابن قولويه في كامله بالإسناد إلى أبي هارون المكفوف قال : دخلت على أبي عبد الله الصادق عليه السلام ، فقال : يا أقول : وأورد هذه الأبيات ابن شهراشوب في مناقب آل أبي طالب :
(146)
أبا هارون ، انشدني في الحسين ، فأنشدته ـ فلم يعجبه الانشاد لخلوّه من الرقّة المشجية وكأنّه تركها حياء من الإمام عليه السلام ـ.
فقال : لا ، ـ يعني لا تنشد بهذه الطريقة ـ ، بل كما تنشدون ، وكما ترثيه عند قبره. قال : فأنشدته (1) حينئذ :
ودخل عبد الله بن غالب على الإمام الصادق عليه السلام فأنشده مرثيّته في الحسين عليه السلام ، فلمّا انتهى إلى قوله : لبلية ... البيت ، صاحت باكية من وراء 1 ـ قال رحمه الله : أنشد أبو هارون هذه الأبيات وهي للسيد إسماعيل الحميري. 2 ـ وطفاء ـ كحمراء ـ : منهمرة ، من قولهم : وطف المطر : انهمر ؛ ويقال : سحابة وطفآء ، أي : مسترخية لكثرة مائها. (147)
الستر : يا أبتاه. (1)
وللإمام الثامن الضامن عليه السلام مع دعبل الخزاعي قضية مشهورة (2) ؛ 1 ـ انظر : كامل الزيارات : 105 ح 3. 2 ـ قال رحمه الله : أشار إليها الفاضل العباسي في أحوال دعبل من معاهد التنصيص في شرح شواهد التلخيص في اوّل ص 373 ، وذكرها الصدوق في عيون أخبار الرضا ، والعلامة الأربلي في كشف الغمّة ، والمجلسي في بحار الأنوار ، وأبو الفرج الأصفهاني في أغانيه ، وغير واحد من المحدّثين والمؤرخين. أقول : وقد ذكرنا القصّة مفصّلة في الهامش أثناء تعليقناعلى ذكرها في المقدّمة الزاهرة. أما أبيات القصيدة التي أنشدها دعبل فمنها :
(148)
وذلك لما وفد عليه بعبقريته التائية تلك القصيدة التاريخية الرنّانة ، التي تجاذبت بها أندية الأدب ، وانتشرت في أقطار العرب ، وقامت بتلاوتها في دار الرضا قيامة الأحزان ، وقرعت ساحته الشريفة بنوح دعبل بها الأشجان ، فبكى الإمام أحرّ بكاء ، وعلا من وراء الستر صراخ النساء ، وكان لأطفاله رنين ومأق ورغاء (1) حتى استولي عليه الاغماء ، واشترك في البكاء معه جنّة الأرض وملائكة السماء.
وقد علم الناس أنّ الإمام زين العابدين عليه السلام قد أمر بشراً (2) برثاء سيد الشهداء حيث قال : يا بشر ، رحم الله أباك لقد كان شاعراً ، فهل تقدر على شيء منه ؟ قال : نعم يا بن رسول الله. قال عليه السلام : ادخل المدينة وأنع أبا عبد الله. قال بشر بن حذلم : فركبت فرسي ، وركضت حتى دخلت المدينة ، فلمّا بلغت مسجد النبي صلى الله عليه وآله رفعت صوتي بالبكاء ، وأنشأت :
1 ـ قال رحمه الله : المأق : ما يأخذ الصبي بعد البكاء من الشهيق الشبيه بالفواق ، ورغاء الصبي : هو أشد ما يكون من بكائه. 2 ـ وهو بشر بن حذلم ؛ وقيل أيضاً : ان اسمه بشير بن جذلم ، وهو من أصحاب الإمام السجاد عليه السلام ، رافق عيال الإمام الحسين عليه السلام عند عودتهم من الشام إلى المدينة. انظر : الملهوف : 226. 3 ـ حياة الإمام الحسين 2 : 423 ، الملهوف : 227. (149)
لا ريب في رجحان تلاوة الأحاديث المشتملة على مناقب الموتى من المؤمنين ومصائبهم ، إذ تكون كذكرى لحياتهم ، تنتفع الامّة بها على قدر مكانتهم في محامد الصفات ، ومكارم الأخلاق ، ومحاسن الأفعال.
وانّ امّته تهتم بتاريخ عظمائها الممتازين في دينهم ودنياهم ، لتعد حافظة مجدها ، ناصحة لمن بعدها ، وقد جرت سيرة الخلف والسلف على ذكر مناقب الموتى ومصائبهم ، كتابة وخطابة ، نظماً ونثراً. والعقل والنقل يحكمان بحسن ذلك ، وقواعد المدنية تقتضيه ، واصول الترقّي في المعارف والفضائل توجبه ، إذ به تحفظ الآثار النافعة ، وتخلّد الأرواح الشريفة ، وبالتنافس فيه تعرج أبطال المنابر إلى أوج البلاغة ، وتستوي رجال المحابر ببراعتها على عرش البراعة. وما أحوج الامّة إلى ذكرى ما أصاب سلفها من النوائب أيّام بؤسهم ، وما اكتسبوه من المآثر والمناقب أيّام عزّهم « إنّ في ذلك لذكرى لأولي الألباب » (1). وهذا كتاب الله عز وجل وسنّة رسوله صلى الله عليه وآله يمثّلان مناقب الأنبياء ومصائبهم بأجلى مظاهر التمثيل ، ويصوّران مثالب أعداء الله وأعداء أنبيائه بأوضح التصوير ، ولولا الكتاب والسنّة ، ما عرفنا فضائل أنبياء الله ، ولا رذائل أعدائه ، وأنّى لنا ـ لولا الكتاب والسنّة ـ بالوقوف على نصح الأنبياء لله تعالى ولعباده ، والصبر على الأذى الذي نالهم في سبيل الحق من النماردة 1 ـ سورة الزمر : 21. (150)
والفراعنة والعمالقة ، وأصحاب الرسّ والأخدود وغيرهم.
فالقول بتحريم تلاوة مناقب أهل المناقب من الموتى ومصائبهم يستلزم تحريم تلاوة الكتاب والسنّة ، وقراءة التاريخ وعلم الرجال ، ومن يرضى لنفسه هذا الحمق ! ويختار لبصيرته هذا العمي ! نعوذ بالله من سفه الجاهلين. وقف أمير المؤمنين عليه السلام على قبر خباب بن الأرت في ظهر الكوفة ، وهو أوّل من دفن هناك فقال عليه السلام ـ في تأبينه ـ : رحم الله خباباً ، لقد أسلم راغباً ، وهاجر طائعاً ، وعاش مجاهداً ، وابتلي في جسمه أحوالاً ، ولن يضيع الله أجر من أحسن عملاً. ووقف الإمام زين العابدين على قبر جدّه أمير المؤمنين عليهما السلام فقال : أشهد انّك جاهدت في الله حقّ جهاده ، وعملت بكتابه ، واتّبعت سنن نبيّه صلى الله عليه وآله ، حتى دعاك الله إلى جواره ، فقبضك إليه باختياره ، لك كريم ثوابه ، وألزم أعداءك الحجّة في ظلمهم ايّاك مع ما لك من الحجج البالغة. ووقف الإمام الصادق عليه السلام على قبر جدّه الإمام الحسين عليه السلام فقال : أشهد أنّك قد أقمت الصلاة ، وآتيت الزكاة ، وأمرت بالمعروف ، ونهيت عن المنكر ، وأطعت الله ورسوله ، وعبدته مخلصاً ، وجاهدت في سبيله صابراً محتسباً حتى أتاك اليقين ، فلعن الله امّة قتلتك ، ولعن الله امّة ظلمتك ، ولعن الله امّة سمعت بذلك فرضيت به. (1) 1 ـ العقد الفريد 2 : 147. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|