الملل والنحل جلد الثاني ::: 371 ـ 376
(371)
    80. أبو الفتح محمد بن الفضل بن محمد بن المعتمد الإسفرائيني.
    81. أبو الفتح نصر الله بن محمد بن عبد القوي المصيصي.
    هؤلاء هم الذين ذكر ابن عساكر أسماءهم وشيئاً من حياتهم ، وقد أدرك هو نفسه عدة من الطبقة الخامسة ، بعضها بالمعاصرة وبعضها بالرؤية والمجالسة.
    ثمّ إنّ تاج الدين أبا نصر عبد الوهاب بن علي السبكي قد استدرك على ابن عساكر الطبقات الأُخرى التي لم يدركها ابن عساكر ، وقد ذكر ابن عساكر خمس طبقات لأصحابه فاستدرك عليه الطبقتين التاليتين وقال :

ومن السادسة
    82. الإمام فخر الدين الرازي. (1)
    83. سيف الدين الآمدي. (2)
    84. شيخ الإسلامي عز الدين بن عبد السلام.
    85. الشيخ أبو عمرو بن الحاجب المالكي.
    86. شيخ الإسلام عز الدين الحصيري الحنفي ، وصاحب « التحصيل والحاصل »
    87. الخسرو شاهي. (3)
ومن السابعة
    88. شيخ الإسلام تقي الدين ابن دقيق العيد.
    89. الشيخ علاء الدين الباجي.
    90. الشيخ الإمام الوالد تقي الدين السبكي.
    91. الشيخ صفي الدين الهندي.
    92. الشيخ صدر الدين بن المرحل.
1 ـ وقد تعرفت على ترجمتهما.
2 ـ وقد تعرفت على ترجمتهما.
3 ـ نسبة إلى خسروشاه وهي قرية من قرى « مرو » وهي غير الواقعة في آذربيجان.


(372)
    93. ابن أخيه الشيخ زين الدين.
    94. الشيخ صدر الدين سليمان عبد الحكم المالكي.
    95. الشيخ شمس الدين الحريري الخطيب.
    96. الشيخ جمال الدين الزملكاني.
    97. الشيخ جمال الدين بن جملة.
    98. الشيخ جمال الدين ابن جميل
    99. قاضي القضاة شمس الدين السروجي الحنفي.
    100. القاضي شمس الدين بن الحريري الحنفي.
    101. القاضي عضد الدين الإيجي الشيرازي. (1)
    وهاهنا نجعجع بالقلم عن الإفاضة ، ونترك أسماء الباقين من الأشاعرة إلى كتب التراجم ، وقد وقفت على ترجمة أعيانهم ومشاهيرهم الذين استثمروا المنهج ونضجوه ، ودافعوا عنه بحماس.
    إلى هنا وقفت على حياة الإمام الأشعري ومنهجه الكلامي وترجمة الشخصيات البارزة الذين أرسوا ما شيّده ، ونضجوا منهجه ، ولكن الذين جاءُوا بعدهم في أقطار الشرق والغرب ما راموا إلاّ تحرير ما ورثوه من مشايخهم وأساتذتهم ، ولم يضيفوا عليها شيئاً قابلاً للذكر.
    تمّ الجزء الثاني من الكتاب ويليه الجزء الثالث في تبيين عقائد الماتريدية والمعتزلة إن شاء الله تعالى .
والحمد لله ربّ العالمين

1 ـ السبكي ، طبقات الشافعية الكبرى : 3/372 ـ 373.

(373)
فتوى شاذة عن الكتاب والسنّة
    بعد أن خرجت الملازم من الطبع وانتهينا إلى هذا المقام وقفنا على فتوى لعبد العزيز بن عبد الله بن باز المؤرخ 8/3/1407 المرقم 717/2 جواباً على سؤال عبدالله عبد الرحمن يتعلّق بجواز الاقتداء والائتمام بمن لا يعتقد بمسألة الرؤية يوم القيامة ، فأفتى بأنّ من ينكر رؤية الله سبحانه وتعالى في الآخرة لا يصلّى خلفه ، وهو كافر عند أهل السنّة والجماعة ، وأضاف أنّه قد بحث هذا الموضوع مع مفتي الأباضية في عمان : الشيخ أحمد الخليلي فاعترف بأنّه لا يؤمن برؤية الله في الآخرة ، ويعتقد أنّ القرآن مخلوق ، واستدلّ لذلك بما ذكره ابن القيم في كتابه « حادي الأرواح » : ذكر الطبري وغيره أنّه قيل لمالك : إنّ قوماً يزعمون أنّ الله لا يُرى يوم القيامة فقال مالك : السيف السيف.
    وقال أبو حاتم الرازي : قال أبو صالح كاتب الليث : أملي على عبد العزيز ابن سلمة الماجشون رسالة عما جحدت الجهمية فقال : لم يزل يملي لهم الشيطان حتى جحدوا قول الله تعالى : وُجُوهٌ يَومَئِذ ناضِرَة *إلى ربّها ناظرة.
    وذكر ابن أبي حاتم عن الأوزاعي أنّه قال : إني لأرجو أن يحجب الله عزّوجلّ جهماً وأصحابه عن أفضل ثوابه ، الذي وعده أولياءه حين يقول : وُجُوهٌ يَومَئِذ ناضِرَة* إلى ربّها ناظرة .
    إلى أن نقل عن أحمد بن حنبل و قيل له في رجل يحدّث بحديث عن رجل


(374)
    عن أبي العواطف أنّ الله لا يُرى في الآخرة فقال : لعن الله من يحدث بهذا الحديث اليوم ، ثمّ قال : أخزى الله هذا.
    و قال أبو بكر المروزي : من زعم أنّ الله لا يرى في الآخرة فقد كفر ، وقال : من لم يؤمن بالرؤية فهو جهمي ، والجهمي كافر.
    وقال إبراهيم بن زياد الصائغ : سمعت أحمد بن حنبل يقول : الرؤية من كذّب بها فهو زنديق.
    وقال : من زعم أنّ الله لا يُرى فقد كفر بالله ، وكذّب بالقرآن ، وردّ على الله أمره ، يستتاب فإن تاب وإلاّ قتل ... .
تحليل لهذه الفتيا
    1. إنّ هذه الفتوى لا تصدر عمّن يجمع بين الرواية والدراية ، وإنّما هي من متفرعات القول بأنّ الله مستقر على عرشه فوق السماوات ، وأنّه ينزل في آخر كلّ ليلة نزول الخطيب عن درجات منبره (1) ، وأنّ العرش تحته سبحانه يئط أطيط الرحل تحت الراكب (2) ويفتخر بتلك العقيدة ابن زفيل في قصيدته النونية ويقول :
    بل عطلوا منه السماوات العلى والعرش أخلوه من الرحمان (3)
    ومثل تلك العقيدة تنتج أنّ الله تعالى يرى كالبدر يوم القيامة ، والرؤية لا تنفك عن الجهة والمكان ، تعالى عن ذلك كلّه.
    2. إنّ النبي الأكرم ( صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ) كان يقبل إسلام من شهد بوحدانيته سبحانه ورسالة النبي ( صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ) ولم ير أنّ النبي الأكرم يأخذ الإقرار بما وراء ذلك ، مثل رؤية الله وما شابهه ، وهذا هو البخاري يروي في صحيحه : أنّ الإسلام بني على خمس وليس فيه شيء من الإقرار بالرؤية ، وهل النبي ترك ما هو مقوم الإيمان والإسلام؟!.
    3. إنّ الرؤية مسألة اجتهادية تضاربت فيها أقوال الباحثين من المتكلّمين والمفسرين ، وكلّ طائفة تمسّكت بلفيف من الآيات ، فتمسّك المثبت بقوله سبحانه : إِلى ربّها ناظرةوتمسّك النافي بقوله سبحانه : لا تُدْرِكُهُ الأَبْصار وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصار وَهُوَ اللَّطيف
1 ـ نقله وسمعه السياح الطائر الصيت ابن بطوطة عن ابن تيمية.
2 ـ السنّة : 80.
3 ـ من قصيدة ابن زفيل النونية ، والمراد منه هو ابن القيم. لاحظ السيف الصيقل للسبكي.


(375)
الخَبير .
    فكيف يكون إنكار النافي رداً للقرآن ، ولا يكون إثبات المثبت رداً له؟!
    فإذا جاز التأويل لطائفة لما يكون مخالفاً لعقيدته ، فكيف لا يسوغ لطائفة أُخرى؟!
    وليست رؤية الله يوم القيامة من الأُمور الضرورية التي يلازم إنكارها إنكار الرسالة ولا إنكار القرآن ، بل كل طائفة تقبل برحابه صدر المصدرين الرئيسيين ، أعني : الكتاب والسنّة ، ولكن يناقش في دلالتهما على ما تدّعيه الطائفة الأُخرى ، أو تناقش سند الرواية وتقول : إنّ القول بالرؤية عقيدة موروثة من اليهودوالنصارى ، أعداء الدين ، وقد دسّوا هذه الروايات بين أحاديث المسلمين ، فلم تزل مسلمة اليهود والنصارى يتحينون الفرص لتفريق كلمة المسلمين ، وتشويه تعاليم هذا الدين ، حتى تذرعوا بعد وفاة النبي بشتى الوسائل إلى بذر بذور الفساد ، فأدخلوا في الدين الحنيف ما نسجته أوهام الأحبار والرهبان.
    4. إنّ الاعتقاد بشيء من الأُمور من الظواهر الروحية لا تنشأ جذوره في النفس إلاّ بعد تحقّق مبادئ ومقدّمات توجد العقيدة ، فما معنى قول من يقول في مقابل المنكر للرؤية : السيف السيف ، بدل أن يقول : الدراسة الدراسة ، الحوار الحوار؟!!
    أليس شعار « السيف السيف » ينم عن طبيعة قاسية ، ونفسية خالية من الرحمة والسماحة؟!
    وأنا أجلّ إمام دار الهجرة عن هذه الكلمة.
    5. إنّ مفتي الديار النجدية لم يعتمد إلاّ على نقول وفتاوى ذكرها ابن القيم في كتابه دون أن يرجع إلى تفسير الآيات واحدة واحدة ، أو يناقش المسألة في ضوء السنّة.


(376)
    فما أرخص مهمة الإفتاء ومؤهّلات المفتي في هذه الديار.
    وفي الختام ، إنّ ما نقله عن ابن القيم يعرب عن جهله المطبق في مسألة الرؤية ، فإنّ نفي الرؤية شعار أئمّة أهل البيت ، وشعار الإمام أمير المؤمنين علي ( عليه السَّلام ) في خطبه ، وكلمه قبل أن يتولد الجهم وأذنابه ، ولأجل ذلك اشتهر : « العدل والتنزيه علويان ، والجبر والتشبيه أمويان ».
    ولأجل ضيق المقام اكتفينا بهذا القدر ، ومن أراد التبسّط في البحث فليرجع إلى الصفحة 191 ـ 239 من هذا الكتاب ، وإلى المطوّلات المدونة في مجال العقائد والكلام.
والحمد لله ربّ العالمين
النمل و النحل جلد الثانى ::: فهرس