بحوث في الملل والنحل ـ الجزء الرابع ::: 251 ـ 260
(251)
    د ـ واين فرار الناس إلاّ إلى الرسل؟
    هـ ـ إنشاء علىّ بن أبي طالب شعر والده ، وهو يتضمن قوله : « وأبيض يستسقي الغمام بوجهه ».
    روى ابن عساكر عن أبي عرفة قال : قدمت مكة وهم في قحط ، فقالت قريش : يا ابا طالب! أقحط الوادي وأجدب ، فهلم واستسق ، فخرج أبو طالب ومعه غلام كأنه شمس دجى ، فأخذه ابو طالب فألصق ظهره بالكعبة ، ولاذ بأصبعه الغلام وما في السماء قزعة ، فأقبل السحاب من هيهنا وهيهنا وأغدق واغدودق ، انفجر له الوادي ، وأخصب البادي والنادي ، وإلى تلك الحادثة يشير أبوطالب في شعره :
وأبيض يستسقى الغمام بوجهه ثمال اليتامى عصمة للأرامل (1)
    فمماثلة الحادثتين تحكم بأنّ التوسل كان بذات النبي ، كما كان توسل أبي طالب بنفس النبي.
    و ـ قول رجل من كنانة في شعره ، « سقينا بوجه النبي المطر ».
    كل ذلك يعرب عن أنّ التوسل كان من الأعرابي وغيره بنفس النبي.
    نعم إنّ النبي الأكرم قام بالدعاء ، فلا يكون دعاء النبي قرينة على أنّ الأعرابي توسل بدعائه ، إذ لا منافاة بين أن يكون توسله بشخص النبي وكرامته وفضيلته ، وبين أن يقوم النبي بقضاء حاجته ( استنزال المطر ) بطلبه من اللّه سبحانه.
    فمن يريد أن يؤوّل هذه النصوص ويجعلها من قبيل التوسل بالدعاء ، فهو إنما يحاول دعم رأيه المسبق.

نقد ما ذكره الرفاعي
    إنّ الشيخ الرفاعي لكونه قد اتخذ موقفاً مسبقاً خاصاً في التوسل بالأنبياء
1 ـ مر المصدر.

(252)
والصالحين ، تجشّم عناء تأويل نصوص الأحاديث بما يتبناه ، ولما كان الحديث صريحاً في التوسل بنفس النبي صار يعترض على هذه الدلالة قائلا بأنّ الأعرابي جاء إلى النبي لأن يدعوا اللّه لهم بأن يستسقيهم الغيث ، وإلاّ لبقي الأعرابي في منزله ، واكتفى أن يقول وهو في بيته : اللّهمّ اسقنا الغيث بجاه نبيك ، أو بذات نبيك ، ولما تجشّم المجيء من أهله وبيته إلى النبي في المدينة (1).
    يلاحظ عليه : أنَّه لا منافاة بين الأمرين حتّى يكون أحدهما قرينة على الأُخرى ، حتّى يتصرّف في النصوص بتفسيرها الخاص بالتوسل إلى الدعاء ، فالأعرابي توسل بذات النبي ، ولا يهمّه سوى قضاء حاجته من اي طريق كان ، سواء أتحقق بدعاء النبي أم بإعجازه و كرامته ، وأمّا أنه لماذا تجشم عناء المجي من أهله وبيته إلى النبي ولم يكتف بالتوسل نفسه فلأنه كان يرى للمثول أمامه فضيلة وكرامة ، أو أنّ توسله بشخصه إذا انضمّ إليه دعاء النبي يوجب قضاء حاجته ولا يتحقق إلاّ بالحضور لديه ، فلأجل ذلك جاء إلى النبي وتوسل بشخصه وشخصيته ، فصار ذلك سبباً لقيام النبي ، ولا يعني هذا أنه توسل بدعائه ( صلَّى الله عليه وآله وسلم ) إذ لا منافاة بين أن يتوسل الأعرابي بشخصه ، وبين أن يكون هذا داعياً للنبي أن يقوم بالدعاء ، فلا يكون دعاؤه قرينة على كيفية التوسل.
    وأخيراً يؤاخذ الرفاعي بأنه ذكر متن الحديث بصورة مختصرة ، فترك ما ذكرناه من القرائن ، ولم يشر إلى المصادر الكثيرة الّتي نقلت هذا الحديث.

المناقشة في سند الحديث
    جاء الرفاعي يناقش في سند هذا الحديث بأنّ في سنده ( مسلم الملائي ) ، ونقل عن علماء الرجال أنه متروك ، وقال أحمد : لا يكتب حديثه. وقال يحيى : ليس بثقة ، وقال البخاري : يتكلمون فيه ، وقال يحيى أيضاً : زعموا أنه اختلط ، وقال النسائي وغيره : متروك ، وقال الذهبي : إنّه روى
1 ـ التوصل إلى حقيقة التوسل ص 291 وقد أخذه من شيخه ابن تيمية. لاحظ مجموعة الرسائل والمسائل ج 1 ص 13.

(253)
حديث الطير الّذي أهدته أُم أيمن لرسول اللّه ، وحديث الطائر موضوع عند أهل الحديث.
    أقول : إنّ ذيل العبارة يكشف عن الدافع الّذي دفع هؤلاء إلى تضعيف الرجل ، وهو ليس إلاّ كونه ناقلا لفضيلة ساطعة للإمام علىّ بن أبي طالب ( عليه السَّلام ) .
    روى أحمد بن حنبل بسنده عن سفينة مولى رسول اللّه قال : أهدت امرأة من الأنصار إلى رسول اللّه طيرين بين رغيفين ، فقدمت إليه الطيرين ، فقال رسول اللّه ( صلَّى الله عليه وآله وسلم ) : أللّهمّ ائتني بأحب خلقك إليك وإلى رسولك ، فجاء علىّ ( عليه السَّلام ) فرفع صوته ، فقال رسول اللّه ( صلَّى الله عليه وآله وسلم ) : من هذا؟ قلت : علىّ ، قال : فافتح له ، ففتحت له فأكل من الطير مع النبي حتّى فنيا (1).
    وعلى ضوء هذا لا تقام لهذا التضعيف قيمة.

5 ـ توسل المنصور بالنبي بتعليم مالك
    إنّ المنصور الدوانيقي سأل مالك بن أنس ، إمام المالكية ، عن كيفية زيارة رسول اللّه ( صلَّى الله عليه وآله وسلم ) والتوسل به ، فقال لمالك :
    يا أبا عبداللّه ، أستقبل القبلة وأدعو. أَم أَستقبل رسول اللّه؟
    فقال مالك في جوابه :
    لم تصرف وجهك عنه وهو وسيلتك ووسيلة أبيك آدم إلى اللّه يوم القيامة؟ بل استقبله واستشفع به فيشفعه اللّه ، قال اللّه تعالى : ( ولَو أنَّهُمْ إذْ ظَلَمُوا أنفُسَهُم جاءُوكَ فَاستَغْفَروا اللّهَ واستغفرَ لَهُم الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللّهَ تَوّاباً رَحِيماً ) (2).
1 ـ فضائل الصحابة لأحمد بن حنبل ج 2 ص 560 ورواه غيره لاحظ العمدة لابن البطريق ص 242 ـ 253.
2 ـ وفاء الوفاء ج 2 ص 253 ، النساء : 64.


(254)
    وقد نقل ابن حجر الهيثمي عن الإمام الشافعي هذين البيتين :
آل النبي ذريعتي أرجو بهم أُعطى غداً وهمُ إليه وسيلتي بيدي اليمين صحيفتي (1)
    هذه النقول و النصوص من أئمة الأمة و مشاهير تكشف عن أمرين :
    1 ـ إنّ التوسل بالصالحين ـ وفي الطليعة الأنبياء العظام ـ كان أمراً رائجاً بين المسلمين ، ولم يخطر ببال أحد أنّه شرك ، كما لم يخطر ببالهم التفريق بين التوسل باشخاصهم وذواتهم ، ولم يصنع هذا التفريق سوى الوهابيين الذين يسعون في الحط من منزلة الصالحين ومكانتهم ، ويجعلون التوسل بدعائهم كالتوسل بدعاء الأخ المؤمن ، وإنّه لا فرق بين هذا وذاك ، وهم وإن كانوا لا يصرحون بهذه التسوية ، لكنهم يكنون ذلك ويضمرونه.
    2 ـ إنّ هذه النصوص تفسّر لنا قوله تعالى : ( يَا أيُّها الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللّهَ وَابْتَغُوا إلَيْهِ الوَسيلَةَ وَجَاهِدوا في سَبيلِهِ لَعِلَّكُم تُفْلِحُونَ ) (2).
    فإنّ الوسيلة سواء أفسّرت بمعنى القرابة والمنزلة والدرجة ، كما عليه أكثر المفسرين مأخوذاً من قولهم توسلت إليه ، أي تقرّبت.
    قال عنترة بن شداد :
إن الرجال لهم إليك وسيلة أن يأخذوك تلجلجي وتحصني
    ويقال : وسل إليه ، أي : تقرّب. قال لبيد :
    بلى كل ذي رأي إلى اللّه واسل.
    وعليه فمعنى الوسيلة : الوصلة والقربة.
    أم فسرت بما يتقرب به إلى الغير ويجمع على الوسائل والوسل ، كما عليه أهل اللغة ، قال الجوهري في صحاحه : الوسيلة ما يتقرب به إلى الغير ، والجمع الوسل والوسائل ، وتوسل إليه بوسيلة أي : تقرُّب إليه بعمل.
    وفي القاموس : الوسيلة والواسلة : المنزلة عند الملك والدرجة والقربة.
1 ـ الصواعق المحرقة ص 178.
2 ـ سورة المائدة : الآية 35.


(255)
    وفي المصباح : وسلت إلى اللّه بالعمل : رغبت وتقربت ، ومنه اشتقاق الوسيلة ، وهي ما يتقرب به إلى اللّه ، والجمع الوسائل ، وعلى أي تقدير :
    فالتوسل بالصالحين بما لهم من مكانة ومنزلة عند اللّه ، إمّا أنّه بذاته تقرب إلى اللّه تعالى ، لأنّ إظهار المودة لمن يحبه اللّه محبوب وعمل صالح ، أو وسيلة يتقرب به الإنسان إلى اللّه سبحانه ، فهذه النقول تعرب عن مصداق للوسيلة في عرض سائر المصاديق من الأعمال الصالحة والعبادات ، خصوصاً الجهاد ضد العدو الداخلي والخارجي الّذي جاء في ذيل الآية ، فتخصيص الوسيلة بالعبادات والاستغفار تخصيص بلا جهة.
    إلى هنا تم الكلام حول التوسل بالصالحين أنفسهم وذواتهم ، وبقي الكلام في التوسل بمنزلتهم وكرامتهم وحقهم ، وإليك البيان :
     ( وَرَبُّكَ يَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُم وَمَا يُعْلِنُونَ ) (1).
1 ـ سورة القصص : الآية 69.

(256)
أقسام التوسل :
(2)
التوسل إلى اللّه بحق النبي وحرمته ومنزلته
    إنّ من التوسلات الرائجة بين المسلمين منذ وقعوا في إطار التعليم الإسلامي ، التوسل بمنازل الصالحين وحقوقهم على اللّه.
    وليس معنى ذلك أنّ للعباد أو لبعضهم على اللّه سبحانه حقّاً ذاتياً يلزم عليه سبحانه [عدم] الخروج عنه ، بل للّه سبحانه الحق كلّه ، فله على الناس حقّ العبادة والطاعة إلى غير ذلك ، بل المراد المقام والمنزلة الّتي منحها سبحانه عباده تكريماً لهم ، وليس لأحد على اللّه حقّ إلاّ ما جعله اللّه سبحانه حقّاً على ذمّته لهم تفضّلا وتكريماً ، قال سبحانه : ( وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنا نَصْرُ المُؤمِنِينَ ) (1).
    وسيوافيك تفصيل ذلك عند البحث عن أحلاف اللّه سبحانه بحق المخلوق ، فانتظر.
    إنّ هذا النوع من التوسل لا يفترق عن التوسل بذات النبىّ وشخصه ، فإنّ المنزلة والمقام مرآة لشخصه وذاته ، فإنّ حرمة الشخص وكرامته ومنزلته نابعة من كرامة ذاته وفضيلتها ، فلو صحّ التوسل بالأوّل كما تعرفت عليه من الأحاديث ، يصحّ الثاني من دون إشكال أو إبهام.
    ويدلّ عليه من الأحاديث ما نذكره :
1 ـ سورة الروم : الآية 47.

(257)
أ ـ التوسل بحق السائلين
    روى عطية بن العوفي عن أبي سعيد الخدري أنّ رسول اللّه ( صلَّى الله عليه وآله وسلم ) قال : « من خرج من بيته إلى الصلاة فقال : اللّهمّ إنّي أسألك بحقّ السائلين عليك ، وأسألك بحقّ ممشاي هذا ، فإنّي لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا رياء ولا سمعة ، خرجت اتّقاء سخطك وابتغاء مرضاتك ، أن تعيذني من النار وأن تغفر ذنوبي إنّه لايغفر الذنوب إلاّ أنت. إلاّ اقبل اللّه عليه بوجهه ، واستغفر له سبعون ألف ملك » (1).
    فالحديث واضح مضموناً ، ويدل على أن للإنسان أن يتوسل إلى اللّه بحرمة أوليائه الصالحين ومنزلتهم وجاههم ، فيجعلها وسيلة لقضاء حاجته.
    إنّ الكاتب الوهابي الرفاعي ، حيث لم يجد ضعفاً في الدلالة ، أخذ يضعف سند الحديث ، قائلا بأنّ « في سنده عطية العوفي وهو ضعيف » (2).
    أقول : إنّ الدافع الوحيد لتضعيف عطية ، ذلك التابعي الشهير ، كما وصفه به الذهبي في ميزان الاعتدال هو تشيّعه وولاؤه لعلي وآله ( عليهم السَّلام ) ، ولأجل ذلك نرى أنّ الذهبي ينقل عن سالم المرادي : « كان عطية يتشيّع » ، وإنّ التشيّع أحد وجوه التضعيف لدى القوم ، ومع ذلك قال أبو حاتم : يكتب حديثه ، ضعيف ، وقال ابن معين : صالح.
    وقال ابن حجر في تقريب التهذيب : « عطية بن سعد بن جناده العوفي الجدلي الكوفي أبوالحسن صدوق يخطئ كثيراً ، كان شيعياً مدلساً » (3)
    وقال في تهذيب التهذيب : قال ابن عدي : قد روى عن جماعة من الثقات ، ولعطية عن أبي سعيد أحاديث عدة ، وعن غير أبي سعيد ، وهو مع ضعفه يكتب حديثه ، وكان يعدّ من شيعة أهل الكوفة. قال الحضرمي : توفي سنة إحدى عشرة ومائة.
1 ـ سنن ابن ماجة ، ج 1 ص 256 ، الحديث برقم 778 ومسند الإمام أحمد ، ج 3 ، ص 21.
2 ـ التوصل إلى حقيقة التوسل ، ص 212.
3 ـ تقريب التهذيب ، ج 2 ص 24 ، برقم 216.


(258)
    وقال ابن سعد : خرج عطية مع ابن الأشعث فكتب الحجاج إلى محمد بن القاسم أن يعرض عليه سبّ علىّ ـ إلى أن قال ـ وكان ثقة إن شاء اللّه ، وله أحاديث صالحة. كان أبو بكر البزار يعده في التشيع ، روى عن جلّة الناس. وقال الساجي : ليس بحجة ، وكان يقدّم عليّاً على الكل (1).
    وهذه النصوص تعرب عن تضارب الأقوال في حقه ، كما تكشف عن أنّ الدافع المهم لتضعيفه ، تشيّعه وحبّه وولاؤه وتقديمه علياً ، وهل هذا ذنب؟.
    إنّ لوضع الحديث دوافع خاصة يوجد أكثرها في أبواب المناقب والمثالب وخصائص البلدان والقبائل ، أو فيما يرجع إلى مجال العقائد ، كالبدع الموروثة من اليهود والنصارى في أبواب التجسيم والجهة والجنة والنار ، وأمّا مثل هذا الحديث الّذي يعرب بوضوح عن أنه كلام إنسان خائف من اللّه سبحانه ، ترتعد فرائصه من سماع عذابه ، فبعيد عن الوضع والجعل.

ب ـ توسل النبي بحقه و حق من سبقه من الأنبياء
    روى الطبراني بسنده عن أنس بن مالك رضي اللّه عنه ، أنه لمّا ماتت فاطمة بنت أسد أُم علي ـ رضي اللّه عنهما ـ دخل عليها رسول اللّه ( صلَّى الله عليه وآله وسلم ) فجلس عند رأسها ، فقال : رحمك اللّه يا أُمي. كنت أُمي بعد أُمي ، تجوعين وتشبعينني ، وتعرين وتكسينني ، وتمنعين نفساً طيباً وتطعمينني ، تريدين بذلك وجه اللّه والدار الآخرة ، ثم أمر أن تغسل ثلاثاً ثلاثاً ، فلما بلغ الماء الّذي فيه الكافور ، سكبه رسول اللّه بيده ، ثم خلع رسول اللّه قميصه فألبسها إياه ، وكفّنها ببرد فوقها ، ثم دعا رسول اللّه أُسامة بن زيد وأبا أيوب الأنصاري ، وعمر بن الخطاب وغلاماً أسود يحفرون ، فحفروا قبرها ، فلمّا بلغوا اللحد ، حفره رسول اللّه بيده ، وأخرج ترابه بيده ، فلمّا فرغ دخل رسول اللّه فاضطجع فيه وقال : « اللّه الّذي يحيي ويميت وهو حىّ لا يموت ، اغفر لأُمي فاطمة بنت أسد ، ولقّنها حجتها ، ووسّع عليها مدخلها بحق نبيك
1 ـ تهذيب التهذيب ، ج 7 ص 227 ، برقم 413.

(259)
والأنبياء الذين من قبلي ، فإنك أرحم الراحمين » ، وكبّر عليها أربعاً ، وأدخلها اللحد هو والعباس وأبوبكر.
    رواه الحافظ أبو القاسم سليمان بن أحمد الطبراني ( 260 ـ 360 هـ ) .
    والاستدلال به مبني على تمامية الرواية سنداً و مضموناً ، وإليك البحث فيهما معاً :
    1 ـ رواه الطبراني في المعجم الأوسط ، ص 356 ـ 357 ، وقال : لم يروه عن عاصم إلاّ سفيان الثوري ، تفرّد به « روح بن صلاح ».
    2 ـ ورواه أبو نعيم من طريق الطبراني في حلية الأولياء : 3/121.
    3 ـ رواه الحاكم في مستدركه ، ج 3 ، ص 108 ، وهو لا يروي في هذا الكتاب إلاّ الصحيح على شرط الشيخين ( البخاري و مسلم ) .
    4 ـ رواه ابن عبد البر في الإستيعاب. لاحظ هامش الإصابة ، ج 4 ، ص 382.
    5 ـ نقله الذهبي في سير أعلام النبلاء ، ج 2 ، ص 118 ـ برقم 17.
    6 ـ ورواه الحافظ نور الدين الهيثمي المتوفى سنة 708 هـ في مجمع الزوائد ومنبع الفوائد ، ج 9 ص 256 ـ 257.
    وقد جمع فيه زوائد مسند الإمام أحمد ، وأبي يعلى الموصلي أبي بكر البزاز ، ومعاجم الطبراني الثلاثة ، وقال : رواه الطبراني في الكبير والأوسط ، وفيه روح بن صلاح وثقَّه ابن حبان والحاكم ، وفيه ضعف ، وبقية رجاله رجال الصحيح.
    7 ـ رواه المتقي الهندي في كنز العمال ، ج 13 ، ص 636 ، برقم 37608.
    هؤلاء الحفاظ نقلوا الحديث في جوامعهم ، وصرّحوا بأنّ رجال السند رجال الصحيح ، وأنه لو كان هناك ففي روح بن صلاح ، وقد وثَّقهُ العلمان : ابن حبان والحاكم.


(260)
    وقال الذهبي : روح بن صلاح المصري ، يقال له ابن سيابة ، ضعّفه إبن عدي ، يكنّى أبا الحارث ، وقد ذكره ابن حبان في الثقات ، وقال الحاكم : ثقة مأمون (1).
    ولكن الكاتب الوهابي المعاصر يقول في سند الحديث : إنّ هذا الحديث غير صحيح لأنّ في سنده رجلا هو روح بن صلاح وقد ضعّفه الجمهور ، وقد روى أحاديث منكرة ، كما صرح بذلك ابن يونس وابن عدي (2).
    وأنت خبير بأنّه إنما ضعّفه ( ابن عدي ) وأين هذا من قوله : وقد ضعّفه الجمهور ، أليس ابن حبان من أعلام الحديث ورجاله؟ أو ليس الحاكم هو الحافظ الكبير الّذي استدرك على صحيحي الشيخين بما تركاه؟
    إنّ الإنسان إذا اتّخذ موقفاً مسبقاً في الموضوع ، يحاول أن يضعف الصحيح والقوي ، ويقوي ويصحح الضعيف ، وعلى كل تقدير فليس لنا ترك هذا الحديث وعدم العمل به بمجرد تضعيف ابن عدي لتوثيق غيره.
    وأظن ـ وظن الألمعي صواب ـ أنّ الدافع إلى تضعيف نظراء روح بن صلاح هو ولاؤه ومودته لأهل بيت النبوة ، حيث نقل هذه الدرة الباهرة في حق أُم سيد الأوصياء.
    هذا كله حول السند ، وأمّا الدلالة فلا أظن أنّ من يملك شيئاً من الإنصاف يشك في دلالة الحديث على توسل النبي ( صلَّى الله عليه وآله وسلم ) بحقه وحق أنبيائه.

ج ـ توسل آدم بحق النبي
    روى البيهقي عن عمر بن الخطاب قال : قال رسول اللّه ( صلَّى الله عليه وآله وسلم ) : لمّا اقترف آدم الخطيئة قال : ربي أسألك بحق محمد لما غفرت لي ، فقال اللّه عزّوجلّ : يا آدم. كيف عرفت محمداً ولم أخلقه؟ قال : لأنك يا
1 ـ ميزان الاعتدال ، ج 2 ، ص 85 ، رقم 2801.
2 ـ التوصل إلى حقيقة التوسل ، ص 227.
بحوث في الملل والنحل ـ الجزء الرابع ::: فهرس