بحوث في الملل والنحل ـ جلد الخامس ::: 191 ـ 200
(191)
    هذا هو نافع بن الأزرق ، وهذا غلو منهجه وتطرّفه الفكري ، حيث يجوّز استعراض الناس والتفتيش عن عقائدهم وقتل الأطفال إلى غير ذلك.
    وأمّا خروجه فقد بسط الكلام فيه المؤرّخون (1) على وجه لايسعنا نقله وإنّما نكتفي بما لخّصه البغدادي.
    قال البغدادي : ثمّ الأزارقة بعد اجتماعها على البدع التي حكيناها عنهم بايعوا نافع بن الأزرق و سمّوه أمير المؤمنين ، وانضمّ إليهم خوارج عمان واليمامة فصاروا أكثر من عشرين ألفاً ، واستولوا على الأهواز وما وراءها من أرض فارس و كرمان وجبوا خراجها.

رسالة نافع إلى محكّمة البصرة (2) :
    وكتب إلى من بالبصرة من المحكِّمة : أمّا بعد فإنّ الله اصطفى لكم الدين فلاتموتنّ إلاّ وانتم مسلمون ، إنّكم لتعلمون أنّ الشريعة واحدة ، والدين واحد ، ففيم المقام بين أظهر الكفّار ، ترون الظلم ليلا ونهاراً ، وقد ندبكم الله عزّوجلّ إلى الجهاد ، فقال : ( وَقاتِلُوا المُشرِكينَ كافَّة ) (3) ولم يجعل لكم في التخلّف عذراً في حال من الأحوال فقال : ( انْفِرُوا خِفافاً وَ ثِقالا ) (4) وإنّما عذر الضعفاء والمرضى ، والذين لا يجدون ما ينفقون ، ومن كانت اقامته لعلّة ، ثم فضّل عليهم مع ذلك المجاهدين فقال : ( لا يَسْتَوِى القَاعِدُونَ مِنَ المُمؤْمِنِينَ غَيْرُ اُولِى الضَّرَرِ وَ الُمجاهِدُونَ فِى سَبِيلِ الله ) (5) ، فلا تغتّروا وتطمئنوا إلى الدنيا ، فإنّها غرّارة
    1 ـ ذكر ابن أبي الحديد مفصّل حروب الأزارقة في شرحه ، لاحظ 4/136 ـ 278.
    2 ـ المبرّد : الكامل 2/213.
    3 ـ التوبة : 36.
    4 ـ التوبة : 41.
    5 ـ النساء : 95.


(192)
مكّارة ، لذّتها نافذة ، ونعيمها بائد ، حُفَّتْ بالشهوات اغتراراً ، وأظهرت حَبْرةً (1) وأضمرت عبرة ، فليس آكلُ منها أكلةً تَسرّه ، ولا شاربُ منها شربةً تونقه (2) إلاّ دنابها درجةً إلى أجله ، وتباعد بها مسافة من أمله ، وإنّما جعلها الله دار المتزوّد منها ، إلى النعيم المقيم ، والعيش السليم ، فليس يرضى بها حازم داراً ولا حليم قراراً ، فاتّقوا الله وتزوّدوا ، فإنّ خير الزاد التقوى ، والسلام على من اتّبع الهدى.
    قال المبرّد : لمّا ورد كتابه عليهم وفي القوم يومئذ أبوبيهس هيصم بن جابر الضبعّي ، وعبدالله بن اباض المري ، فأقبل أبوبيهس على ابن أباض فقال : إنّ نافعاً غلا فكفر ، وانّك قصّرت فكفرت تزعم أنّ من خالفنا ليس بمشرك ، وانّما كفّار النعم ، لتمسّكهم بالكتاب ، وإقرارهم بالرسول ، تزعم أنّ مناكحهم ومواريثهم والاقامة فيهم حلّ طلق ، ثم أدلى أبوبيهس برأيه وسيوافيك في محلِّه.
    ويظهر من هذا الكتاب والكتاب الذي كتبه إلى عبدالله بن الزبير (3) : إنّ نافع بن الأزرق كان من المتطرّفين بين الخوارج ، ولم نجد في تاريخ الخوارج أشدّ تطرّفاً منه.
    ثمّ إنّ عامل البصرة يومئذ عبدالله بن الحارث الخزاعي من قبل عبدالله بن الزبير ، فأخرج عبدالله بن الحارث جيشاً مع مسلم بن عبس بن كريز بن حبيب بن عبد شمس لحرب الأزارقة ، فاقتتل الفريقان بدولاب الأهواز ، فقتل مسلم بن عبس وأكثر أصحابه ، فخرج إلى حربهم من البصرة عمربن عبيدالله بن معمر التميمي في ألفي فارس ، فهزمته الأزارقة ، فخرج إليهم حارثة بن بدر الغداني
    1 ـ الحبرة : النعمة.
    2 ـ تونقه : تعجبه.
    3 ـ المبرّد : الكامل 2/212.


(193)
في ثلاثة آلاف من جند البصرة ، فهزمتهم الأزارقة ، فكتب عبدالله بن الزبير من مكّة إلى المهلّب بن أبي صفرة (1) و هو يومئذ بخراسان يأمره بحرب الأزارقة وولاّه ذلك ، فرجع المهلّب إلى البصرة ، وانتخب من جندها عشرة آلاف ، وانضمّ إليه قومه من الأزد فصار في عشرين ألفاً ، وخرج وقاتل الأزارقة وهزمهم عن دولاب الأهواز إلى الأهواز ، ومات نافع ابن الأزرق في تلك الهزيمة وبايعت الأزارقة بعده عبيدالله بن مأمون التميمي ، وقاتلهم المهلَّب بعد ذلك بالأهواز فقتل عبدالله بن مأمون في تلك الواقعة ، وقتل أيضاً أخوه عثمان بن مأمون مع ثلاثمائة من أشدّ الأزارقة ، وانهزم الباقون منهم إلى أيدج وبايعوا قطريّ بن الفجاءة (2) وسمّوه أمير المؤمنين ، وقاتلهم المهلّب بعد ذلك حروباً سجالا (3) ، وانهزمت الأزارقة في آخرها إلى سابور من أرض فارس ، وجعلوها دار هجرتهم ، وثبت المهلَّب وبنوه وأتباعهم على قتالهم تسع عشرة سنة ، بعضها في أيام عبدالله بن الزبير ، وباقيها في زمان خلافة عبدالملك بن مروان وولاية الحجّاج على العراق ، وقرّر الحجّاج المهلَّب على حرب الأزارقة ، فدامت
    1 ـ هو أبوسعيد : المهلب بن أبي صفرة ـ واسم أبي صفرة ظالم بن سراق ، الأزدي ، من أزد العتيك. كان المهلّب من أشجع الناس. وهو الذي حمى البصرة من الخوارج حتى سمّاها الناس بصرة المهلّب. ولاّه عبدالله بن الزبير خراسان في سنة 65 ، فحارب الأزارقة وأفنى منهم عدداً كثيراً ، ثمّ ولّي قتالهم في عهد عبدالملك ابن مروان ، وفي شهر ذي الحجة من سنة 82 مات (المعارف 399 ، العبر : 1/72 ـ 75 ـ 77 ـ 88 ـ 92 ـ 95).
    2 ـ هو أبو نعامة : قطري بن الفجاءة ، أحد بني حرقوص بن مازن بن مالك ابن عمرو بن تميم ، خرج في أيام عبدالله بن الزبير وبقي عشرين سنة يسلّم عليه بالخلافة ، وفي أيام عبدالملك بن مروان وجّه إليه الحجاج جيشاً بعد جيش ، وكان آخرها بقيادة سفيان بن الأبرد الكلبي ، فقتله ـ ويقال : عثرت به فرسه فمات ـ وأتى الحجاج برأسه ، وذلك في سنة 79 (المعارف 411 ، العبر : 1/90).
    3 ـ تقول « كانت الحرب بين الفريقين سجالا » تعني أنّ النصر يكون لهذا الفريق مرّة ولذلك مرّة اُخرى ، وأصل السجال جمع سجل و هو الدلو.


(194)
الحرب في تلك السنين بين المهلّب وبين الأزارقة وفرّوافيما بين فارس والأهواز ، إلى أن وقع الخلاف بين الأزارقة ففارق عبد ربّه الكبير قطرياً وصار إلى واد بجيرفت كرمان في سبعة آلاف رجل ، وفارقه عبد ربّه الصغير في اربعة آلاف ، وصار إلى ناحية اُخرى من كرمان ، وبقي قطري في بضعة عشر ألف رجل بأرض فارس ، وقاتله المهلّب بها ، وهزمه إلى أرض كرمان و تبعه وقاتله بأرض كرمان وهزمه منها إلى الري ، ثم قاتل عبد ربّه الكبير فقتله ، وبعث بابنه يزيدبن المهلّب إلى عبد ربّه الصغير فأتى عليه و على أصحابه ، وبعث الحجّاج سفيان ابن الأبرد الكلبي في جيش كثيف إلى قطري بعد أن انحاز من الري إلى طبرستان فقتلوه بها ، وأنفذوا برأسه إلى الحجّاج وكان عبيدة بن هلال اليشكري (1) قد فارق قطريّاً وانحاز إلى قومس ، فتبعه سفيان بن الأبرد وحاصره في حصن قومس إلى أن قتله وقتل أتباعه ، وطهّر الله بذلك الأرض من الأزارقة ، والحمدلله على ذلك (2) .
    وفي الختام نقول : يظهر من كتبه ورسائله أنّ الرجل كان حافظاً للقرآن ، ومقرئاً له ، ويؤيّد ذلك ما نقله السيوطي أنّ نافع بن الأزرق لمّا رأى عبدالله بن عباس جالساً بفناء الكعبة ، وقد اكتنفه الناس ويسألونه عن تفسير القرآن ، فقال لنجدة بن عويمر الحروري : قم بنا إلى هذا الذي يجتري على تفسير القرآن بما لا علم له به ، فقاما إليه فقالا : إنا نريد أن نسألك عن أشياء من كتاب الله ، فتفسّرها لنا وتأتينا بمصادقه من كلام العرب ، فإنّ الله تعالى أنزل القرآن بكتاب عربي مبين ، فقال ابن عباس : سلاني عمّا بدالكم ، فقال نافع : أخبرني عن قول
    1 ـ عبيدة بن هلال : أحد بني يشكر بن بكر بن وائل.
    2 ـ الطبري : التاريخ 4/476. والجزري : الكامل 3/349. ابن عبد ربه : العقد الفريد 1/95 ـ 121.


(195)
الله تعالى : ( عن الَيمينِ وَ عَنِ الشّمالِ عِزِين ) (1) .
    قال : العزون حلق الرقاق ، فقال : هل تعرف العرب ذلك؟ قال : نعم ، أما سمعت عبيد بن الأبرص وهو يقول :
فجاءوا يهرعون إليه حتى يكونوا حول منبره عزينا
    ثم سألاه عن أشياء كثيرة عن لغات القرآن الغريبة ، ففسّرها مستشهداً بالشعر الجاهلي ، وربّما تبلغ الأسئلة والأجوبة إلى مائتين ، ولو صحّت تلك الرواية لدلّت على صلة السائلين بالقرآن صلة وثيقة ، كما تدلّ على نبوغ ابن عباس في الأدب العربي وإلمامه بشعر العرب الجاهلي حيث استشهد على كل لغة فسّرها بشعر عنهم ، فجاءت الأسئلة والأجوبة في غاية الاتقان (2) .
    إنّ ابن الأرزق كان يتعلّم من ابن عباس ما يجهله من مفاهيم القرآن ، نقل عكرمة عن ابن عباس انّه بينما كان يحدّث الناس إذ قام إليه نافع بن الأزرق ، فقال له : يا ابن عباس تفتي الناس في النملة و القملة؟ صف لي إلهك الذي تعبد ، فأطرق ابن عباس إعظاماً لقوله ، وكان الحسين بن عليّ جالساً ناحية فقال : إليّ يا ابن الأزرق ، قال ابن الأزرق : لست إيّاك أسأل ، قال ابن عباس : يا ابن الأزرق ، إنّه من أهل بيت النبوّة وهم ورثة العلم ، فأقبل نافع نحو الحسين ، فقال له الحسين : يا نافع إنّ من وضع دينه على القياس لم يزل الدهر في الالتباس ، سائلا ناكباً عن المنهاج ، ظاعناً بالاعوجاج ، ضالاّ عن السبيل ، قائلا غير الجميل.
    يا ابن الأزرق أصف إلهي بما وصف به نفسه و اُعرّفه بما عرّف به نفسه : لا يدرك بالحواس ، ولا يقاس بالناس ، قريب غير ملتصق ، وبعيد غير منقص ،
    1 ـ المعارج : 27.
    2 ـ السيوطي الاتقان 1/382 ـ 416 ط دار ابن كثير دمشق بيروت ، تحقيق الدكتور مصطفى.


(196)
يوحّد ولا يتبعّض ، معروف بالآيات ، موصوف بالعلامات ، لا إله إلاّ هو الكبير المتعال.
    فبكى ابن الأزرق ، وقال : يا حسين ما أحسن كلامك؟ قال له الحسين : بلغني أنّك تشهد على أبي وعلى أخي بالكفر وعليّ؟ قال ابن الأزرق : أما والله يا حسين لئن كان ذلك لقد كنتم منارالإسلام ونجوم الأحكام. فقال له الحسين : إنّي سائلك عن مسألة. قال : اسأل ، فسأله عن هذه الآية : ( وَ أمّا الْجِدارَ فَكانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِى الْمَدِينَةِ ) (1) .
    يا ابن الأزرق من حفظ في الغلامين؟ قال ابن الأزرق : أبوهما. قال الحسين : فأبوهما خير أم رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلم ) ؟ قال ابن الأزرق : قد أنبأنا الله تعالى أنّكم قوم خصمون (2) .

آراء الأزارقة وعقائدهم :
    إنّ للأزارقة أهواء متطرّفة وبدعاً فظيعة وقد تشترك في بعضها مع سائر الفرق :
    1 ـ قولهم : إنّ مخالفيهم من هذه الاُمّة مشركون ، وكانت المحكّمة الاُولى يقولون : إنّهم كفرة لامشركون.
    2 ـ قولهم : إنّ القعدة ـ ممّن كان على رأيهم ـ عن الهجرة إليهم مشركون.
    3 ـ اوجبوا امتحان من قصد عسكرهم إذا ادّعى أنّه منهم : أن يدفع إليه أسيراً من مخالفيهم ويأمره بقتله ، فإن قتله صدَّقوه في دعواه أنّه منهم ، وإن لم
    1 ـ الكهف : 82.
    2 ـ ابن عساكر : تاريخ مدينة دمشق. قسم حياة الإمام الحسين : 158. بتحقيق محمد باقر المحمودي ، والمجلسي : بحار الأنوار 4/297 (ذيل الحديث يحتاج إلى توضيح).


(197)
يقتله قالوا : هذا منافق مشرك ، وقتلوه.
    4 ـ اباحة قتل أطفال المخالفين ونسائهم ، والمقصود : المسلمون ، وزعموا أنّ الأطفال مشركون ، وقطعوا بأنّ أطفال مخالفيهم مخلّدون في النار مع آبائهم.
    5 ـ اسقاط الرجم عن الزاني ، إذ ليس في القرآن ذكره ، واسقاط حدّ القذف عمّن قذف المحصنين من الرجال (1) مع وجوب الحدّ على قاذف المحصنات من النساء.
    6 ـ إنّ التقيّة غير جائزة في قول ولا عمل.
    7 ـ تجويزهم أن يبعث الله نبيّاً يعلم أنّه يكفر بعد نبوّته ، أو كان كافراً قبل البعثة.
    8 ـ اجتمعت الأزارقة على أنّ من ارتكب الكبيرة كفر كفر ملّة ، خرج به عن الاسلام جملة ، ويكون مخلّداً في النار مع سائر الكفّار ، واستدلّوا بكفر ابليس وقالوا : ما ارتكب إلاّ كبيرة ، حيث اُمر بالسجود لآدم ( عليه السَّلام ) فامتنع ، وإلاّ فهو عارف بوحدانيّة الله تعالى (2) .
    9 ـ إنّ دار مخالفيهم دار كفر ، وقالوا : إنّ مخالفيهم مشركون فلا يلزمنا اداء أماناتهم إليهم ، وسيوافيك تحليل عقائدهم في فصل خاص.
    1 ـ بحجّة أنّه سبحانه قال : ( والّذين يَرْمُونَ الُمحَصَنات ) (النور : 4) ولم يقل : والذين يرمون المحصنين.
    2 ـ البغدادي : الفَرق بين الفرِق : 83 ، الشهرستاني : الملل والنحل 1/121 ـ 123.


(199)
الفرقة الثانية :
النجديَّة
    وهم أتباع نجدة بن عامر الحنفي ، ومن الغريب أنّه كان للخوارج إمامان في وقت واحد ، إمام في البصرة وهو نافع بن الأزرق ، وإمام في اليمامة وأطرافها وهو نجدة بن عامر ، وذلك انّه لمّا أظهر نافع آراءه المستهجنة الشاذّة كالبراءة من القعدة حتّى سمّاهم مشركين ، واستحلّ قتل أطفال مخالفيه ونسائهم ، تبرّأ منه عدّة من الخوارج ، منهم أبو فديك ، وعطية الحنفي ، وراشد الطويل ، ومقلاص ، وأيّوب الأزرق ، فذهبوا إلى اليمامة ، فاستقبلهم نجدة بن عامر في جند من الخوارج يريدون اللحوق بعسكر نافع ، فأخبروهم باحداث نافع وردّوهم إلى اليمامة ، وبايعوا بها نجدة بن عامر ، وكفّروا من قال بإكفار القعدة منهم عن الهجرة إليهم ، وأكفروا من قال بإمامة نافع ، وأقاموا على إمامة نجدة إلى أن اختلفوا عليه في اُمور نقموها منه.


(200)
    ثمّ الذين اختلفوا عليه بعد ما اجتمعوا حوله صاروا ثلاث فرق :
    1 ـ فرقة صارت مع عطيّة بن الأسود الحنفي ففارقهم إلى سجستان ، وتبعهم خوارج سجستان ، ولهذا قيل لخوارج سجستان في ذلك الوقت : عطويّة.
    2 ـ فرقة صارت مع أبي فديك وهم الذين قتلو نجدة.
    3 ـ وفرقة عذروا نجدة في ما أحدثه من البدع وأقاموا على إمامته.
    والذين خالفوه نقموا عليه الاُمور التالية :
    الف ـ إنّه بعث جيشاً في غزو البّر وجيشاً في غزو البحر ، ففضّل الذين بعثهم في البّر على الذين بعثهم في البحر في الرزق والعطاء.
    ب ـ بعث جيشاً فأغاروا على مدينة الرسول ( صلّى الله عليه وآله وسلم ) وأصابوا منها جارية من بنات عثمان ، فكتب إليه عبدالملك في شأنها ، فاشتراها نجدة من الذي كانت في يديه ، وردّها إلى عبدالملك بن مروان ، فقالوا له : إنّك رددت جارية لنا على عدوّنا.
    ج ـ عذر أهل الخطأ في الاجتهاد إذا كان سببه الجهل وذلك يعود إلى الحادثة التالية :
    بعث ابنه المضرج مع جند من عسكره إلى القطيف ، فأغاروا عليها ، وسبوا منها النساء والذرّية وقوَّموا النساء على أنفسهم ، فنكحوهنّ قبل اخراج الخمس من الغنيمة ، وقالوا : إن دخلت النساء في قسمنا فهو مرادنا ، وإن زادت قيمتهنّ على نصيبنا من الغنيمة غرمنا الزيادة من أموالنا ، فلمّا رجعوا إلى « نجدة » وسألوه عمّا فعلوا من وطء النساء ، ومن أكل طعام الغنيمة قبل اخراج الخمس منها ، وقبل قسمة أربعة أخماسها بين الغانمين ، قال لهم : لم يكن لكم ذلك ، فقالوا : لم نعلم أنّ ذلك لا يحلّ لنا ، فعذَّرهم بالجهالة. ثم قال : إنّ الدين
بحوث في الملل والنحل ـ جلد الخامس ::: فهرس