التوحيد ::: 136 ـ 150
(136)
ينشئ السماوات والأرض.
    7 ـ حدثنا الحسن بن أحمد بن إدريس رضي الله عنه ، قال حدثني أبي ، قال :
    حدثنا إبراهيم بن هاشم ، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع ، عن يونس ، عن أبي الحسن (1) عن جابر ، قال : قال أبو جعفر عليه السلام : إن الله تباركت أسماؤه وتعالى في علو كنهه أحد ، توحد بالتوحيد في توحيده ، ثم أجراه على خلقه ، فهو أحد ، صمد ، ملك قدوس ، يعبده كل شيء ويصمد إليه ، فوق الذي عسينا أن نبلغ ربنا ، وسع ربنا كل شيء علما.
    8 ـ حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب ، قال : حدثنا أحمد بن الفضل ابن المغيرة ، قال : حدثنا أبو نصر منصور بن عبد الله بن إبراهيم الإصفهاني ، قال :
    حدثنا علي بن عبد الله ، قال : حدثنا الحسين بن بشار ، عن أبي الحسن علي بن موسى الرضا عليهما السلام ، قال : سألته أيعلم الله الشيء الذي لم يكن أن لو كان كيف كان يكون (2) أو لا يعلم إلا ما يكون ؟ فقال : إن الله تعالى هو العالم بالأشياء قبل كون الأشياء ، قال الله عزوجل : ( إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون ) (3) وقال لأهل النار :
    ( ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون ) (4) فقد علم الله عزوجل أنه لو ردهم لعادوا لما نهوا عنه ، وقال للملائكة لما قالوا : ( أتجعل فيها من يفسد فيها وسيفك
1 ـ هكذا في النسخ التي عندي ، وأظن أن الصحيح : الحسن بن السري كما بينا في الحديث التاسع من الباب الرابع ، وقوله عليه السلام : ( توحد بالتوحيد في توحيده ) الباء للسببية وفي للظرفية كما يقال : فلان واحد بالشجاعة في شجاعته ، أو الباء للظرفية وفي للسببية على العكس ، والثاني أقرب من حيث المعنى فاستبصر.
2 ـ مر نظير هذا الكلام في الحديث الثامن عشر من الباب الثاني ، وفي نسخة ( ط ) و ( ن ) ( أيعلم الله الشيء الذي لم يكن قبل أن لو كان كيف ـ الخ ) فكلمة ( قبل ) متعلق بيعلم و ( كيف ) مع مدخولها بدل اشتمال من الشئ.
3 ـ الجاثية : 29.
4 ـ الأنعام : 28.


(137)
الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم ما لا تعلمون ) (1) فلم يزل الله عزوجل علمه سابقا للأشياء قديما قبل أن يخلقها ، فتبارك ربنا تعالى علوا كبيرا خلق الأشياء وعلمه بها سابق لها كما شاء ، كذلك لم يزل ربنا عليما سميعا بصيرا.
    9 ـ وبهذا الإسناد عن علي بن عبد الله ، قال : حدثنا صفوان بن يحيى ، عن عبد الله ابن مسكان ، قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الله تبارك وتعالى أكان يعلم المكان قبل أن يخلق المكان. أم علمه عندما خلقه وبعد ما خلقه ؟ فقال : تعالى الله ، بل لم يزل عالما بالمكان قبل تكوينه كعلمه به بعد ما كونه ، وكذلك علمه بجميع الأشياء كعلمه بالمكان.
    قال مصنف هذا الكتاب رضي الله عنه : من الدليل على أن الله تبارك وتعالى عالم أن الأفعال المختلفة التقدير ، المتضادة التدبير ، المتفاوتة الصنعة لا تقع على ما ينبغي أن يكون عليه من الحكمة ممن لا يعلمها ، ولا يستمر على منهاج منتظم ممن يجهلها ، ألا ترى أنه لا يصوغ قرطا يحكم صنعته ويضع كلا من دقيقه وجليله موضعه من لا يعرف الصياغة ، ولا أن ينتظم كتابة يتبع كل حرف منها ما قبله من لا يعلم الكتابة ، والعالم ألطف صنعة وأبدع تقريرا مما وصفناه ، فوقوعه من غير عالم بكيفيته قبل وجوده أبعد وأشد استحالة. وتصديق ذلك :
    10 ـ ما حدثنا به عبد الواحد بن محمد بن عبدوس العطار رحمه الله ، قال :
    حدثنا علي بن محمد بن قتيبة النيسابوري ، عن الفضل بن شاذان ، قال : سمعت الرضا علي بن موسى عليهما السلام ، يقول في دعائه : سبحان من خلق الخلق بقدرته ، وأتقن ما خلق بحكمته ، ووضع كل شيء منه موضعه بعلمه ، سبحان من يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور ، وليس كمثله شيء وهو السمع البصير.
    11 ـ أبي رحمه الله قال : حدثنا سعد بن عبد الله ، عن إبراهيم بن هاشم ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن الحكم ، عن منصور الصيقل ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : إن الله علم لا جهل فيه ، حياة لا موت فيه ، نور لا ظلمة فيه.
1 ـ البقرة : 30.

(138)
    12 ـ حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رحمه الله ، قال : حدثنا محمد بن الحسن الصفار ، عن محمد بن عيسى بن عبيد ، عن يونس بن عبد الرحمن ، قال : قلت لأبي الحسن الرضا عليه السلام : روينا أن الله علم لا جهل فيه ، حياة لا موت فيه ، نور لا ظلمة فيه ، قال : كذلك هو.
    13 ـ حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رحمه الله. قال : حدثنا محمد بن الحسن الصفار ، عن محمد بن عيسى ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن الحكم ، عن عيسى ابن أبي منصور ، عن جابر الجعفي ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : سمعته يقول : إن الله نور لا ظلمة فيه ، وعلم لا جهل فيه ، وحياة لا موت فيه.
    14 ـ حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل رحمه الله ، قال : حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري : عن أحمد بن محمد ، عن الحسن بن محبوب ، عن ابن سنان ، عن جعفر ابن محمد ، عن أبيه عليهما السلام ، قال : إن الله تعالى علما خاصا ، وعلما عاما ، فأما العلم الخاص فالعلم الذي لم يطلع عليه ملائكته المقربين وأنبياءه المرسلين ، وأما علمه العام فإنه علمه الذي أطلع عليه ملائكته المقربين وأنبياءه المرسلين ، وقد وقع إلينا من رسول الله صلى الله عليه وآله.
    15 ـ حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق رحمه الله ، قال : حدثنا محمد بن جعفر الأسدي ، عن موسى بن عمران ، عن الحسين بن يزيد ، عن زيد بن المعدل النميري وعبد الله بن سنان ، عن جابر ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : إن الله لعلما لا يعلمه غيره ، وعلما يعلمه ملائكته المقربون وأنبياؤه المرسلون ، ونحن نعلمه.
    16 ـ وبهذا الإسناد عن الحسين بن يزيد ، عن يحيى بن أبي يحيى ، عن عبد الله ابن الصامت ، عن عبد الأعلى ، عن العبد الصالح موسى بن جعفر عليهما السلام ، قال : علم الله لا يوصف منه بأين ، ولا يوصف العلم من الله بكيف ، ولا يفرد العلم من الله ، ولا يبان الله منه ، وليس بين الله وبين علمه حد (1).
1 ـ هذا كله بيان لكون علمه تعالى عين ذاته.

(139)
    1 ـ حدثنا محمد بن علي ماجيلويه رحمه الله ، قال : حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم ، عن محمد بن خالد الطيالسي الخزاز الكوفي ، عن صفوان بن يحيى ، عن ابن مسكان ، عن أبي بصير قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول : لم يزل الله عزوجل ربنا والعلم ذاته ولا معلوم ، والسمع ذاته ولا مسموع ، والبصر ذاته ولا مبصر ، و القدرة ذاته ولا مقدور ، فلما أحدث الأشياء وكان المعلوم وقع العلم منه على المعلوم (1) والسمع على المسموع ، والبصر على المبصر ، والقدرة على المقدور ، قال : قلت :
    فلم يزل الله متكلما ؟ قال : إن الكلام صفة محدثة ليست بأزلية ، كان الله عزوجل ولا متكلم (2).
    2 ـ حدثنا أبي رضي الله عنه ، قال : حدثنا سعد بن عبد الله ، قال : حدثنا محمد بن عيسى ، عن إسماعيل بن سهل ، عن حماد بن عيسى ، قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام فقلت : لم يزل الله يعلم ؟ قال : أنى يكون يعلم ولا معلوم ، قال : قلت : فلم يزل الله يسمع ؟ قال : أنى يكون ذلك ولا مسموع ، قال : قلت : فلم يزل يبصر ؟
    قال : أنى يكون ذلك ولا مبصر ، قال : ثم قال : لم يزل الله عليما سميعا بصيرا ، ذات علامة سميعة بصيرة.
    3 ـ حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق رحمه الله ، قال : حدثنا
1 ـ أي فلما وجد الذي كان معلوما له تعالى في الأزل انطبق علمه على معلومه في ظرف الوجود الخارجي لكون علمه حقا لا جهل فيه ، وليس معنى الوقوع التعلق لأنه قبل وجوده فكان قبل وجوده في الخارج معلوما ، ويعبر عن هذا الانطباق بالعلم الفعلي في قبال الذاتي ، ومن هذا يظهر أن العلم المنفي قبل وجود المعلوم في الحديث الثاني هو الفعلي أي أنى يقع علمه على المعلوم ولا معلوم في الخارج ، وكذا غير العلم ، وبعبارة أخرى لا يصح أن يقال : الله يعلم بالشيء في الأزل ، بل يصح أن يقال : إنه عالم بالشيء في الأزل لأن صيغة المضارع تدل على النسبة التلبسية وهذه النسبة تقتضي وجود الطرفين في ظرف واحد.
2 ـ كذا.


(140)
محمد بن أبي عبد الله الكوفي ، عن محمد بن إسماعيل البرمكي ، قال : حدثنا الفضل بن سليمان الكوفي ، عن الحسين بن الخالد ، قال : سمعت الرضا علي بن موسى عليهما السلام ، يقول : لم يزل الله تبارك وتعالى عليما قادرا حيا قديما سميعا بصيرا ، فقلت له : يا ابن رسول الله إن قوما يقولون : إنه عزوجل لم يزل عالما بعلم ، وقادرا بقدرة ، وحيا بحياة ، وقديما بقدم ، وسميعا بسمع ، وبصيرا ببصر (1) فقال عليه السلام : من قال ذلك ودان به فقد اتخذ مع الله آلهة أخرى ، وليس من ولايتنا على شيء ، ثم قال عليه السلام :
    لم يزل الله عزوجل عليما قادر حيا قديما سميعا بصيرا لذاته ، تعالى عما يقول المشركون والمشبهون علوا كبيرا.
    4 ـ حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضي الله عنه ، قال : حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن محمد بن أبي عمير ، عن هارون بن عبد الملك ، قال : سئل أبو عبد الله عليه السلام عن التوحيد ، فقال : هو عزوجل مثبت موجود ، لا مبطل ولا معدود ، ولا في شيء من صفة المخلوقين ، وله عزوجل نعوت وصفات ، فالصفات له ، وأسماؤها جارية على المخلوقين (2) مثل السميع والبصير والرؤوف والرحيم وأشباه ذلك ، والنعوت نعوت الذات لا تليق إلا بالله تبارك وتعالى ، والله نور لا ظلام فيه ، وحي لا موت له ، وعالم لا جهل فيه ، وصمد لا مدخل فيه ، ربنا نوري الذات حي الذات ، عالم الذات ، صمدي الذات.
    5 ـ حدثنا محمد بن علي ماجيلويه رحمه الله ، قال : حدثني عمي محمد بن أبي القاسم ، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي ، عن أبيه ، عن أحمد بن النضر الخزاز ، عن عمرو بن شمر ،
1 ـ هذه مقالة الأشاعرة في صفاته ، تعالى عن ذلك علوا كبيرا.
2 ـ أي فحقيقة صفاته ثابتة له تعالى من دون اشتراك لأحد فيها ، وأسماؤها أي مفاهيم تلك الصفات جارية على المخلوقين يشتركون فيها معه تعالى كما صرح به في الحديث الرابع عشر من هذا الباب ، أو المراد إجراء حقيقتها على الخلق على سبيل الظلية كإجراء التوحيد عليه على ما ذكر في الحديث السابع من الباب العاشر والحديث التاسع من الباب الرابع.


(141)
عن جابر ، عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : إن الله تبارك وتعالى كان ولا شيء غيره ، نورا لا ظلام فيه (1) وصادقا لا كذب فيه (2) وعالما لا جهل فيه ، وحيا لا موت فيه ، وكذلك هو اليوم ، وكذلك لا يزال أبدا.
    6 ـ حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رحمه الله ، قال : حدثنا محمد بن يحيى العطار ، قال : حدثنا الحسين بن الحسن بن أبان ، عن محمد بن أورمة ، قال :
    حدثنا يحيى بن يحيى (3) عن عبد الله بن الصامت ، عن عبد الأعلى ، عن العبد الصالح موسى بن جعفر عليهما السلام ، قال : إن الله ـ لا إله إلا هو ـ كان حيا بلا كيف ولا أين ، ولا كان في شيء ، ولا كان على شيء ، ولا ابتدع لمكانه مكانا (4) ولا قوي بعد ما كون الأشياء ، ولا يشبهه شيء يكون ، ولا كان خلوا من القدرة على الملك قبل إنشائه ، ولا يكون خلوا من القدرة بعد ذهابه ، كان عزوجل إلها حيا بلا حياة حادثة ، ملكا قبل أن ينشئ شيئا ومالكا بعد إنشائه ، وليس لله حد ، ولا يعرف بشيء يشبهه ، ولا يهرم
1 ـ قوله : ( نورا ) خبر كان ، وقوله : ( ولا شيء غيره ) جملة معترضة بينهما ، كذا قيل وليس بصحيح لأن الواو لغو حينئذ ، بل الصحيح أن كان تامة ، والجملة معطوفة عليها و ( نورا ) مع ما بعده من المنصوبات أحوال لفاعل كان ، وعلى هذا فمعنى قوله : ( وكذلك هو اليوم ) أنه اليوم كان ولا شيء غيره ، أي بحقيقة الشيئية التي هي كونه نورا لا ظلام فيه ـ الخ.
2 ـ الصادق بحسب الذات لا الصادق الذي هو صفة الكلام فإنه من صفات الأفعال ليس بعين الذات.
3 ـ أظن أن هذا الرجل هو المذكور في الحديث الثاني والعشرين من الباب الأول وأظن أيضا أنه يحيى بن أبي يحيى المذكور في سند الحديث السادس عشر من الباب العاشر وإن كانت النسخ متفقة على زيادة لفظ ( أبي ) هناك.
4 ـ أي ولا ابتدع لمكانته وعظمته مكانا إذ لا يحيط به الأماكن ، وفي نسخة ( د ) و ( و ) ( ولا ابتدع لكان مكانا ) أي لا ابتدع لأنه كان قادرا عالما حيا ـ الخ ـ مكانا إذ الصفات عين الذات ، ونظير هذا الحديث الثاني من الباب الثامن والعشرين.


(142)
للبقاء ، ولا يصعق لدعوة شيء (1) ولخوفه تصعق الأشياء كلها ، وكان الله حيا بلا حياة حادثة (2) ولا كون موصوف ، ولا كيف محدود (3) ولا أين موقوف (4) ولا مكان ساكن (5) بل حي لنفسه ، ومالك لم يزل له القدرة ، أنشأ ما شاء حين شاء بمشيته و قدرته ، كان أولا بلا كيف ، ويكون آخرا بلا أين وكل شيء هالك إلا وجهه ، له الخلق والأمر تبارك رب العالمين.
    7 ـ حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل رحمه الله ، قال : حدثنا محمد بن يحيى العطار ، عن الحسين بن الحسن بن أبان ، عن محمد بن أرومة ، عن علي بن الحسن بن محمد ، عن خالد بن يزيد ، عن عبد الأعلى ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : اسم الله غير الله ، وكل شيء وقع عليه اسم شيء فهو مخلوق ما خلا الله ، فأما ما عبرت الألسن عنه أو عملت الأيدي فيه فهو مخلوق (6) والله غاية من غاياه ، والمغيى غير الغاية ، والغاية موصوفة ،
1 ـ الصعق بمعنى الصوت الشديد المفزع ويأتي بمعنى الفزع والغشية من أمر مخوف صوت أو غيره ، أي ليس دعوته بصعق وصوت بل بما يناسب المدعو ، وفي البحار باب جوامع التوحيد : ( ولا يصعق لذعرة شيء ) والذعرة بمعنى الخوف ، أي لا يفزع لخوف شيء وهذا أنسب بالجملة التالية.
2 ـ في نسخة ( ب ) ( وكان عزوجل إلها حيا ـ الخ ).
3 ـ الوصف إيضاحي أتى به للتنبيه على أنه يوجب محدودية المكيف ، ويمكن أن يكون للاحتراز أي ليس له الكيفيات الامكانية بل له كيفية هي نفس ذاته الواجبة كما ورد في بعض الأخبار : ( لا تدرك كيفيته ).
4 ـ الأين هو النسبة إلى المكان ، أي ليس له أين موقف على مكان خاص ، بل نسبته إلى جميع الأماكن على السواء.
5 ـ قال العلامة المجلسي رحمه الله : وتقييد المكان بالساكن مبني على المتعارف الغالب من كون المكان المستقر عليه ساكنا.
6 ـ ما عبرت الألسن هو اللفظ والعبارة ، وما عملت الأيدي هو الكتابة ، وقد مضى بعض البيان لهذا الحديث ذيل الحديث السادس عشر من الباب الثاني.


(143)
وكل موصوف مصنوع ، وصانع الأشياء غير موصوف بحد مسمى ، لم يتكون فتعرف كينونته بصنع غيره ، ولم يتناه إلى غاية إلا كانت غيره ، ولا يذل من فهم هذا الحكم أبدا (1) وهو التوحيد الخالص ، فاعتقدوه وصدقوه وتفهموه بإذن الله عزوجل ومن زعم أنه يعرف الله بحجاب أو بصورة أو بمثال فهو مشرك (2) لأن الحجاب والمثال والصورة غيره (3) وإنما هو واحد موحد ، فكيف يوحد من زعم أنه عرفه بغيره ، إنما عرف الله من عرفه بالله (4) فمن لم يعرفه به فليس يعرفه ، إنما يعرف غيره ، والله خالق الأشياء لا من شيء ، يسمى بأسمائه فهو غير أسمائه والأسماء غيره ، والموصوف غير الواصف (5) فمن زعم أنه يؤمن بما لا يعرف فهو ضال عن المعرفة ، لا يدرك مخلوق شيئا إلا بالله ، ولا تدرك معرفة الله إلا بالله ، والله خلوا من خلقه ، وخلقه خلو منه ، إذا أراد الله شيئا كان كما أراد بأمره من غير نطق ، لا ملجأ لعباده مما قضى ، ولا حجة لهم فيما ارتضى ، لم يقدروا على عمل ولا معالجة مما أحدث في أبدانهم المخلوقة إلا بربهم ، فمن زعم أنه يقوى على عمل لم يرده الله عزوجل فقد زعم أن إرادته تغلب إرادة الله (6) تبارك الله رب العالمين.
    قال مصنف هذا الكتاب : معنى ذلك أن من زعم أنه يقوى على عمل لم يرده الله أن يقويه عليه فقد زعم أن إرادته تغلب إرادة الله ، تبارك الله رب العالمين.
    8 ـ حدثنا محمد بن علي ماجيلويه رضي الله عنه ، قال : حدثني عمي محمد بن
1 ـ لأن العز كل العز في حقيقة التوحيد.
2 ـ أي زعم أنه يعرف الله بما بينه وبين الله من الأشياء أو بما يتصوره في الذهن ، أو بما حسبه مثلا وشبيها له.
3 ـ والمغاير لا يكون معرفا للمغاير.
4 ـ يأتي لهذا الكلام بيانات في الباب الواحد والأربعين.
5 ـ هذا عبارة أخرى عن قوله في الحديث السادس عشر من الباب الثاني : فالذاكر الله غير الله.
6 ـ لأن لإرادته تعالى في فعل العبد دخلا كما يأتي بيانه في محله إن شاء الله تعالى.


(144)
أبي القاسم ، قال : حدثني محمد بن علي الصيرفي الكوفي ، قال : حدثني محمد بن سنان ، عن أبان بن عثمان الأحمر ، قال : قلت للصادق جعفر بن محمد عليهما السلام : أخبرني عن الله تبارك وتعالى لم يزل سميعا بصيرا عليما قادرا ؟ قال : نعم ، فقلت له : إن رجلا ينتحل موالاتكم أهل البيت يقول : إن الله تبارك وتعالى لم يزل سميعا بسمع وبصيرا ببصر وعليما بعلم وقادرا بقدرة ، فغضب عليه السلام ، ثم قال : من قال ذلك و دان به فهو مشرك وليس من ولايتنا على شيء ، إن الله تبارك وتعالى ذات علامة سميعة بصيرة قادرة.
    9 ـ حدثنا حمزة بن محمد العلوي رحمه الله ، قال : أخبرنا علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى بن عبيد ، عن حماد ، عن حريز ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال : من صفة القديم أنه واحد ، أحد ، صمد ، أحدي المعنى ، وليس بمعان كثيرة مختلفة ، قال : قلت : جعلت فداك يزعم قوم من أهل العراق أنه يسمع بغير الذي يبصر ، ويبصر بغير الذي يسمع ، قال : فقال : كذبوا وألحدوا و شبهوا ، تعالى الله عن ذلك ، إنه سميع بصير ، يسمع بما يبصر ، ويبصر بما يسمع ، قال : قلت : يزعمون أنه بصير على ما يعقلونه ، قال : فقال : تعالى الله إنما يعقل ما كان بصفة المخلوقين ، وليس الله كذلك (1).
    10 ـ حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل رحمه الله ، قال : حدثنا علي بن إبراهيم عن أبيه ، عن العباس بن عمرو ، عن هشام بن الحكم ، قال في حديث الزنديق الذي سأل أبا عبد الله عليه السلام أنه قال له : أتقول : إنه سميع بصير ؟ فقال أبو عبد الله عليه السلام : هو سميع بصير ، سميع بغير جارحة ، وبصير بغير آلة ، بل يسمع بنفسه ويبصر بنفسه ، وليس قولي : إنه يسمع بنفسه أنه شيء والنفس شيء آخر ، ولكني أردت عبارة عن نفسي إذ كنت مسؤولا ، وإفهاما لك إذ كنت سائلا ، فأقول : يسمع بكله ، لا أن كله له بعض ، ولكني أردت إفهامك والتعبير عن
1 ـ أي بصير بالآلة التي يعقلونها في أنفسهم ، فرد عليه السلام ذلك بقياس من الشكل الثاني إن المعقول لنا ما كان بصفة المخلوقين ولا شيء من الله بصفة المخلوق فلا شيء من الله بمعقول لنا.

(145)
نفسي ، وليس مرجعي في ذلك إلا إلى أنه السميع البصير العالم الخبير بلا اختلاف الذات ولا اختلاف المعنى.
    11 ـ حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار رحمه الله ، عن أبيه ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن القاسم بن محمد ، عن عبد الصمد بن بشير ، عن فضيل ابن سكرة ، قال : قلت لأبي جعفر عليه السلام : جعلت فداك إن رأيت أن تعلمني هل كان الله جل ذكره يعلم قبل أن يخلق الخلق أنه وحده ؟ (1) فقد اختلف مواليك ، فقال بعضهم : قد كان يعلم تبارك وتعالى أنه وحده قبل أن يخلق شيئا من خلقه ، و قال بعضهم ، إنما معنى يعلم يفعل ، فهو اليوم يعلم أنه لا غيره قبل فعل الأشياء ، وقالوا : إن أثبتنا أنه لم يزل عالما بأنه لا غيره فقد أثبتنا معه غيره في أزليته ، فإن رأيت يا سيدي أن تعلمني ما لا أعدوه إلى غيره ، فكتب عليه السلام (2) : ما زال الله تعالى عالما تبارك وتعالى ذكره.
    12 ـ أبي رحمه الله قال : حدثنا محمد بن يحيى العطار ، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي ـ جعفر عليه السلام ، قال : سمعته يقول : كان الله ولا شيء غيره ، ولم يزل عالما بما كون.
    فعلمه به قبل كونه كعلمه به بعد ما كونه.
    13 ـ حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار رضي الله عنه ، قال : حدثنا سعد ابن عبد الله ، عن أيوب بن نوح أنه كتب إلى أبي الحسن عليه السلام يسأله عن الله عزوجل أكان يعلم الأشياء قبل أن خلق الأشياء وكونها ، أو لم يعلم ذلك حتى خلقها وأراد خلقها وتكوينها ، فعلم ما خلق عندما خلق وما كون عندما كون ؟
    فوقع عليه السلام بخطه : لم يزل الله عالما بالأشياء قبل أن يخلق الأشياء كعلمه بالأشياء
1 ـ توضيح كلام السائل أنه تعالى هل كان عالما في الأزل بغيره فيعلم أن غيره معدوم فيعلم أنه وحده لا شيء غيره لأن العلم بأنه وحده لا شيء غيره يستلزم العلم بأن غيره معدوم ، والعلم بأن غيره معدوم يستلزم العلم بالغير ، أم علم الغير حين خلقه فعلم بعدمه قبل خلقه فعلم أنه وحده لا شيء كان معه في الأزل الذي لم يكن فيه خلق.
2 ـ كذا.


(146)
بعد ما خلق الأشياء.
    14 ـ حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رحمه الله ، قال : حدثنا محمد بن الحسن الصفار ، وسعد بن عبد الله جميعا ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن أبيه ، والحسين ابن سعيد ، ومحمد بن خالد البرقي ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، قال :
    دخلت على أبي عبد الله عليه السلام فقال لي : أتنعت الله ؟ فقلت : نعم ، قال : هات ، فقلت :
    هو السميع البصير ، قال : هذه صفة يشترك فيها المخلوقون (1) قلت : فكيف تنعته ؟
    فقال : هو نور لا ظلمة فيه ، وحياة لا موت فيه ، وعلم لا جهل فيه ، وحق لا باطل فيه.
    فخرجت من عنده وأنا أعلم الناس بالتوحيد.
    15 ـ حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه ، قال : حدثنا الحسين بن أبان ، عن الحسين بن سعيد ، عن النضر بن سويد ، عن عاصم بن حميد عن أبي عبد الله عليه السلام قال : قلت له : لم يزل الله مريدا ؟ فقال : إن المريد لا يكون إلا لمراد معه : بل لم يزل عالما قادرا ثم أراد (2).
    16 ـ حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق رحمه الله قال : حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي ، عن محمد بن إسماعيل البرمكي ، عن الحسين بن الحسن ، عن بكر بن صالح ، عن علي بن أسباط ، عن الحسن بن الجهم ، عن بكير بن أعين ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام : علم الله ومشيته هما مختلفان أم متفقان ؟
    فقال : العلم ليس هو المشية ، ألا ترى أنك تقول : سأفعل كذا إن شاء الله ، ولا تقول سأفعل كذا إن علم الله ، فقولك إن شاء الله دليل على أنه لم يشأ ، فإذا شاء كان الذي شاء كما شاء ، وعلم الله سابق للمشية.
1 ـ أي من حيث المفهوم. وأما من حيث الحقيقة فذاته ذات الصفة بعينها بخلاف الممكنات.
2 ـ إن مذهب أهل البيت عليهم السلام على ما يظهر من أخبار كثيرة في هذا الكتاب وغيره أن الإرادة من صفات الأفعال وأنها غير العلم وأنه سابق لها وأنها نفس الفعل والايجاد وقد أوردنا البحث فيها مستوفي في التعليقة على التجريد.


(147)
    17 ـ حدثنا الحسين بن أحمد بن إدريس رضي الله عنه ، عن أبيه ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن صفوان بن يحيى ، قال : قلت لأبي الحسن عليه السلام : أخبرني عن الإرادة من الله ومن المخلوق ، قال : فقال : الإرادة من المخلوق الضمير وما يبدو له بعد ذلك من الفعل ، وأما من الله عزوجل فإرادته إحداثه لا غير ذلك (1) لأنه لا يروي ، ولا يهم ، ولا يتفكر ، وهذه الصفات منفية عنه ، وهي من صفات الخلق ، فإرادة الله هي الفعل لا غير ذلك يقول له : كن فيكون ، بلا لفظ ولا نطق بلسان ولا همة ولا تفكر ، ولا كيف لذلك كما أنه بلا كيف (2).
    18 ـ أبي رحمه الله قال : حدثنا سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن ابن أذينة ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال :
    المشية محدثة.
    19 ـ أبي رحمه الله ، قال : حدثنا علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي ـ
1 ـ إن الفعل لا يصدر منا إلا أن يتقدمه أمور : تصوره جزئيا ، واعتقاد النفع في ذلك الفعل ، وشوق يعقب ذلك الاعتقاد ، والاقبال نحو الفعل ليرتكبه سمى بالشوق الأكيد و الاجماع. والقول الأصح أن الإرادة هي هذا الأخير ، والمراد بالضمير المذكور في الرواية هو ما يحدث في خلد الإنسان بين تصوره للفعل ووقوع الفعل في الخارج ، وأما الله تعالى فليس بين علمه وفعله هذه الأمور فإرادته هي علمه أو فعله ، فقوم على الأول ، وأخرى على الثاني ، والآية : ( إنما أمره أراد شيئا أن يقول له كن فيكون ) ظاهرة في الثاني و طالب التفصيل يراجع مظانه ، والظاهر أن الواو بعد قوله : ( الضمير ) عاطفة عطفت كلمة ( ما ) عليه ، وعلى هذا فمجموع الضمير وما يبدو له بعد ذلك من الفعل هو إرادة المخلوق فكل منهما جزء الإرادة ، ويمكن أن يقال : إن الضمير شرط الإرادة فإرادة المخلوق فعله مشروطا بما يحدث في نفسه وإرادة الخالق فعله من غير شرط ، ويحتمل أن يكون الواو للاستيناف ، و ( ما ) موصولة مبتدءا ، و ( يبدو له ) صلته و ( بعد ذلك ) متعلقا به ، و ( من الفعل ) خبر المبتدأ ، وعلى هذا فالضمير فقط هو الإرادة وما يبدو له بعد ذلك من الحركة في العضلات هو من الفعل.
2 ـ أي لا كيف لإيجاده كما لا كيف لنفسه لأن كيفية الفعل من قبل كيفية الفاعل.


(148)
عمير ، عن عمر بن أذينة ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : خلق الله المشية بنفسها ، ثم خلق الأشياء بالمشية (1).
    قال محمد بن علي مؤلف هذا الكتاب رضي الله عنه : إذا وصفنا الله تبارك و تعالى بصفات الذات فإنما ننفي عنه بكل صفة منها ضدها ، فمتى قلنا : إنه حي نفينا عنه ضد الحياة وهو الموت ، ومتى قلنا : إنه عليم نفينا عنه ضد العلم وهو الجهل ، ومتى قلنا : إنه سميع نفينا عنه ضد السمع وهو الصمم ، ومتى قلنا :
    بصير نفينا عنه ضد البصر وهو العمى ، ومتى قلنا : عزيز نفينا عنه ضد العزة وهو الذلة ، ومتى قلنا : حكيم نفينا عنه ضد الحكمة وهو الخطأ ، ومتى قلنا : غني نفينا عنه ضد الغنى وهو الفقر ، ومتى قلنا : عدل نفينا عنه الجور والظلم ومتى قلنا : حليم نفينا عنه العجلة ، ومتى قلنا : قادر نفينا عنه العجز ، ولو لم نفعل ذلك أثبتنا معه أشياء لم تزل معه ، ومتى قلنا : لم يزل حيا عليما سميعا بصيرا عزيزا حكيما غينا ملكا حليما عدلا كريما ، فلما جعلنا معنى كل صفة من هذه الصفات التي هي صفات ذاته نفي ضدها أثبتنا أن الله لم يزل واحدا لا شيء معه (2) وليست الإرادة والمشية والرضا والغضب وما يشبه ذلك من صفات الأفعال بمثابة صفات الذات ، لأنه لا يجوز أن يقال : لم يزل الله مريدا شائيا كما يجوز أن يقال : لم يزل الله قادرا عالما.
1 ـ روى هذا الحديث في الباب الرابع والخمسين بسند آخر بعبارة أخرى ، وأظهر التفاسير أن المشيئة هو أول ما تجلى منه تعالى الذي كان واسطه بينه وبين الأشياء ، وقد سمى ذلك في لسان الأخبار بأسماء منها النور المحمدي صلى الله عليه وآله ومنها العقل ومنها الظل ومنها الماء ومنها غير ذلك ، وإطلاق كل منها عليها باعتبار ، وعلى هذا فالمشيئة من الله تعالى غير إرادته كما صرح به في أخبار وبأنها قبل الإرادة ، وإن استعملنا كثيرا في الكتاب والسنة بالترادف كالعرف العام والخاص.
2 ـ قوله : ( فلما جعلنا ) عطف على قوله : ( ومتى قلنا ) ، وقوله : ( نفي ضدها ) على صيغة المصدر مفعول ثان لجعلنا ، وقوله : ( أثبتنا أن الله ـ الخ ) جواب ( لمتى قلنا ).


(149)
    1 ـ أبي رحمه الله ، قال : حدثنا سعد بن عبد الله : قال : حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى ، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع ، عن منصور بن يونس ، عن جليس لأبي حمزة ، عن أبي حمزة ، قال : قلت لأبي جعفر عليه السلام : قول الله عزوجل ( كل شيء هالك إلا وجهه ) ؟ (1) قال : فيهلك كل شيء ويبقي الوجه ، إن الله عزوجل أعظم من أن يوصف بالوجه ، ولكن معناه كل شيء هالك إلا دينه والوجه الذي يؤتى منه (2).
    2 ـ حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه ، قال : حدثنا محمد بن الحسن الصفار ، عن يعقوب بن يزيد ، عن صفوان بن يحيى ، عن أبي سعيد المكاري ، عن أبي بصير ، عن الحارث بن المغيرة النصري (3) قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عزوجل : ( كل شيء هالك إلا وجهه ) قال : كل شيء هالك إلا من أخذ طريق الحق.
    3 ـ حدثنا محمد بن علي ماجيلويه رحمه الله ، عن محمد بن يحيى العطار ، عن سهل ابن زياد ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن صفوان الجمال ، عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عزوجل : ( كل شيء هالك إلا وجهه ) قال : من أتى الله بما أمر به من طاعة محمد والأئمة من بعده صلوات الله عليهم فهو الوجه الذي لا يهلك ، ثم قرأ : ( من يطع الرسول فقد أطاع الله ) (4).
1 ـ القصص : 88.
2 ـ في نسخة ( ب ) ( والوجه الذي يؤتى الله منه ).
3 ـ من بني نصر بن معاوية. ثقة ثقة.
4 ـ النساء : 80.


(150)
    4 ـ وبهذا الإسناد قال : قال أبو عبد الله عليه السلام : نحن وجه الله الذي لا يهلك (1).
    5 ـ حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل رضي الله عنه قال : حدثنا علي بن الحسين السعدآبادي ، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي ، عن أبيه ، عن ربيع الوراق ، عن صالح بن سهل ، عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عزوجل : كل شيء هالك إلا وجهه قال : نحن.
    6 ـ حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار رحمه الله ، عن أبيه ، عن سهل بن زياد ، عن يعقوب بن يزيد ، عن محمد بن سنان ، عن أبي سلام ، عن بعض أصحابنا عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : نحن المثاني التي أعطاها الله نبينا صلى الله عليه وآله (2) ونحن وجه الله نتقلب في الأرض بين أظهركم ، عرفنا من عرفنا ، ومن جهلنا فأمامه اليقين (3).
1 ـ الوجه من كل شيء هو أول ما يظهر منه ويتوجه إليه منه ، وجميع الأخبار الواردة في هذا الباب في هذا الكتاب وغيره عن أئمتنا صلوات الله عليهم فسر الوجه فيه بهم وبما يتعلق بهم من الأمور الإلهية.
2 ـ إشارة إلى قوله تعالى : ( ولد آتينا سبعا من المثاني والقرآن العظيم ) و ( من ) في الآية بيانية ، والمثاني جمع المثنى ، وقد فسر في أخبار بهم كما هنا ، ومن المحتمل في ذلك أنهم عليهم السلام سبع بحسب أسمائهم وإن كرر بعضها : علي ، فاطمة ، حسن ، حسين ، محمد ، جعفر ، موسى ، عليهم السلام ، وما ذكره المصنف حق لكنه بعيد من ظاهر اللفظ ، وقد قيل في تفسيرها وجوه أخر.
3 ـ أي يتيقن بعد الموت الذي أمامه أنا وجه الله الذي لا بد لعباده أن يتوجهوا إليه به ، وفي السفينة عن سابع البحار : ( عرفنا من عرفنا وجهلنا من جهلنا ، من عرفنا فأمامه اليقين ومن جهلنا فأمامه السعير ) أي يتيقن عين اليقين بما وعده الله على ولايتنا ومعرفتنا ، وفي باب النوادر من توحيد الكافي : ( عرفنا من عرفنا وجهلنا من جهلنا وإمامة المتقين ) وهي بالنصب عطف على ضمير المتكلم في جهلنا الثاني أي جهلنا وجهل بجهله إيانا إمامة المتقين فلم يكن منهم.
التوحيد ::: فهرس