التوحيد ::: 271 ـ 285
(271)
للحق والإسلام مع ذلك (1) وكانت معه امرأة تخدمه ، طال مكثها معه ، وكان يسر إليها ضعف النصرانية وضعف حجتها ، قال : فعرفت ذلك منه ، فضرب بريهة الأمر ظهرا لبطن وأقبل يسأل فرق المسلمين والمختلفين في الإسلام من أعلمكم ؟ وأقبل يسأل عن أئمة المسلمين وعن صلحائهم وعلمائهم ، وأهل الحجى منهم ، وكان يستقرئ فرقة فرقة لا يجد عند القوم شيئا ، وقال : لو كانت أئمتكم أئمة على الحق لكان عندكم بعض الحق ، فوصفت له الشيعة ، ووصف له هشام بن الحكم.
    فقال يونس بن عبد الرحمن : فقال لي هشام : بينما أنا على دكاني على باب الكرخ جالس وعندي قوم يقرؤون علي القرآن فإذا أنا بفوج النصارى معه ما بين القسيسين إلى غيرهم نحو من مائة رجل عليهم السواد والبرانس ، والجاثليق الأكبر فيهم بريهة حتى نزلوا حول دكاني (2) وجعل لبريهة كرسي يجلس عليه فقامت الأساقفة والرهابنة على عصيهم ، وعلى رؤوسهم برانسهم ، فقال بريهة : ما بقي من المسلمين أحد ممن يذكر بالعلم بالكلام إلا وقد ناظرته في النصرانية فما عندهم شيء وقد جئت أناظرك في الإسلام ، قال : فضحك هشام فقال : يا بريهة إن كنت تريد مني آيات كآيات المسيح فليس أنا بالمسيح ولا مثله ولا أدانيه ، ذاك روح طيبة خميصة (3) مرتفعة ، آياته ظاهرة ، وعلاماته قائمة ، قال بريهة : فأعجبني الكلام والوصف.
    قال هشام : إن أردت الحجاج فههنا ، قال بريهة : نعم فإني أسألك ما نسبة نبيكم هذا من المسيح نسبة الأبدان ؟ قال هشام : ابن عم جده ( لأمه ) لأنه من ولد إسحاق ومحمد من ولد إسماعيل ، قال بريهة ، وكيف تنسبه إلى أبيه ؟ (4) قال هشام : إن
1 ـ في نسخة ( ج ) و ( ط ) ( وكان طالبا للحقوق الإسلام مع ذلك ).
2 ـ في نسخة ( و ) و ( د ) ( حتى بركوا حول دكاني ).
3 ـ أي خالية منزهة من الرذائل النفسية والكدورات المادية.
4 ـ أي كيف تنسبه إلى إسحاق فسؤال استعباد ، أو كيف تنسبه إلى الله الذي هو أبوه عندنا فسؤال جدال ، والثاني أظهر.


(272)
أردت نسبه عندكم أخبرتك ، وإن أردت نسبه عندنا أخبرتك ، قال بريهة : أريد نسبه عندنا ، وظننت أنه إذا نسبه نسبتنا أغلبه ، قلت : فانسبه بالنسبة التي ننسبه بها ، قال هشام : نعم ، تقولون : إنه قديم من قديم (1) فأيهما الأب وأيهما الابن قال بريهة : الذي نزل إلى الأرض الابن ، قال هشام : الذي نزل إلى الأرض الأب قال بريهة : الابن رسول الأب ، قال هشام : إن الأب أحكم من الابن لأن الخلق خلق الأب ، قال بريهة : إن الخلق خلق الأب وخلق الابن ، قال هشام : ما منعهما أن ينزلا جميعا كما خلقا إذا اشتركا ؟! قال بريهة : كيف يشتركان وهما شيء واحد إنما يفترقان بالاسم ، قال هشام : إنما يجتمعان بالاسم ، قال بريهة : جهل هذا الكلام ، قال هشام : عرف هذا الكلام ، قال بريهة : إن الابن متصل بالأب ، قال هشام : إن الابن منفصل من الأب ، قال بريهة : هذا خلاف ما يعقله الناس ، قال هشام : إن كان ما يعقله الناس شاهدا لنا وعلينا فقد غلبتك لأن الأب كان ولم يكن الابن فتقول : هكذا يا بريهة ؟ قال : ما أقول : هكذا ، قال : فلم استشهدت قوما لا تقبل شهادتهم لنفسك ، قال بريهة : إن الأب اسم والابن اسم يقدر به القديم (2) قال هشام : الاسمان قديمان كقدم الأب والابن ؟ قال بريهة : لا ولكن الأسماء محدثة قال : فقد جعلت الأب ابنا والابن أبا ، إن كان الابن أحدث هذه الأسماء دون الأب فهو الأب ، وإن كان الأب أحدث هذه الأسماء دون الابن فهو الأب والابن أب وليس ههنا ابن (3) قال بريهة : إن الابن اسم للروح حين نزلت إلى الأرض ،
1 ـ هذا مذهب جمهور المسيحيين إلا آريوس كبير فرقة منهم فإنه يقول : إن المسيح كلمة الله وابنه على طريق الاتخاذ وهو حادث مخلوق قبل خلق العالم.
2 ـ أي يقدر القديم الذي هو الأب بسببه على الخلق ، أو من التقدير أي يقدر الخلق بسببه ، وفي نسخة ( ج ) ( والابن اسم يقدره القديم ) ، وفي نسخة ( و ) ( والاسم ابن بقدرة القديم ).
3 ـ في البحار باب احتجاج الكاظم عليه السلام وفي النسخ الخطية عندي : ( وإن كان الأب أحدث هذه الأسماء فهو الابن والابن أب وليس ههنا ابن ).


(273)
قال هشام : فحين لم تنزل إلى الأرض فاسمها ما هو ؟ قال بريهة : فاسمها ابن نزلت أو لم تنزل : قال هشام : فقبل النزول هذه الروح كلها واحدة واسمها اثنان ، قال بريهة : هي كلها واحدة روح واحدة ، قال : قد رضيت أن تجعل بعضها ابنا وبعضها أبا ، قال بريهة : لا لأن اسم الأب واسم الابن واحد ، قال هشام : فالابن أبو الأب ، والأب أبو الابن ، والابن واحد ، قالت الأساقفة بلسانها لبريهة : ما مر بك مثل ذا قط تقوم ، فتحير بريهة وذهب ليقوم فتعلق به هشام ، قال : ما يمنعك من الإسلام ؟
    أفي قلبك حزازة ؟ فقلها وإلا سألتك عن النصرانية مسألة واحدة تبيت عليها ليلك هذا فتصبح وليس لك همة غيري ، قالت الأساقفة : لا ترد هذه المسألة لعلها تشككك قال بريهة : قلها يا أبا الحكم.
    قال هشام : أفرأيتك الابن يعلم ما عند الأب ؟ قال : نعم ، قال : أفرأيتك الأب يعلم كل ما عند الابن ؟ قال : نعم ، قال : أفرأيتك تخبر عن الابن أيقدر على حمل كل ما يقدر عليه الأب ؟ قال : نعم ، قال : أفرأيتك تخبر عن الأب أيقدر على كل ما يقدر عليه الابن ؟ قال : نعم ، قال هشام : فكيف يكون واحد منهما ابن صاحبه وهما متساويان وكيف يظلم كل واحد منهما صاحبه ؟ قال بريهة : ليس منهما ظلم ، قال هشام : من الحق بينهما أن يكون الابن أب الأب والأب ابن الابن ، بت عليها يا بريهة ، وافترق النصارى وهم يتمنون أن لا يكونوا رأوا هشاما ولا أصحابه.
    قال : فرجع بريهة مغتما مهتما حتى صار إلى منزله فقالت امرأته التي تخدمه :
    ما لي أراك مهتما مغتما. فحكى لها الكلام الذي كان بينه وبين هشام ، فقالت لبريهة : ويحك أتريد أن تكون على حق أو على باطل ؟! فقال بريهة : بل على الحق ، فقالت له : أينما وجدت الحق فمل إليه ، وإياك واللجاجة فإن اللجاجة شك والشك شؤم وأهله في النار ، قال : فصوب قولها وعزم على الغدو على هشام.
    قال : فغدا عليه وليس معه أحد من أصحابه ، فقال : يا هشام ألك من تصدر عن رأيه وترجع إلى قوله وتدين بطاعته ؟ قال هشام : نعم يا بريهة ، قال : وما


(274)
صفته ؟ قال هشام : في نسبه أو في دينه ؟ قال : فيهما جميعا صفة نسبه وصفة دينه ، قال هشام : أما النسب خير الأنساب (1) : رأس العرب وصفوة قريش وفاضل بني هاشم كل من نازعه في نسبه وجده أفضل منه لأن قريشا أفضل العرب وبني هاشم أفضل قريش ، وأفضل بني هاشم خاصهم ودينهم وسيدهم ، وكذلك ولد السيد أفضل من ولد غيره وهذا من ولد السيد ، قال : فصف دينه ، قال هشام : شرائعه أو صفة بدنه وطهارته ؟ قال : صفة بدنه وطهارته ، قال هشام : معصوم فلا يعصي ، و سخي فلا يبخل ، شجاع فلا يجبن ، وما استودع من العلم فلا يجهل ، حافظ للدين قائم بما فرض عليه ، من عترة الأنبياء ، وجامع علم الأنبياء ، يحلم عند الغضب ، وينصف عند الظلم ، ويعين عند الرضا ، وينصف من الولي والعدو ، ولا يسأل شططا في عدوه (2) ولا يمنع إفادة وليه ، يعمل بالكتاب ويحدث بالأعجوبات ، من أهل الطهارات ، يحكي قول الأئمة الأصفياء ، لم تنقض له حجة ، ولم يجهل مسألة ، يفتي في كل سنة ، ويجلو كل مدلهمة.
    قال بريهة : وصفت المسيح في صفاته وأثبته بحججه وآياته ، إلا أن الشخص بائن عن شخصه والوصف قائم بوصفه ، فإن يصدق الوصف نؤمن بالشخص ، قال هشام :
    إن تؤمن ترشد وإن تتبع الحق لا تؤنب.
    ثم قال هشام : يا بريهة ما من حجة أقامها الله على أول خلقه إلا أقامها على وسط خلقه وآخر خلقه فلا تبطل الحجج ، ولا تذهب الملل ، ولا تذهب السنن. قال بريهة : ما أشبه هذا بالحق وأقربه من الصدق ، وهذه صفة الحكماء يقيمون من الحجة ما ينفون به الشبهة ، قال هشام : نعم ، فارتحلا حتى أتيا المدينة والمرأة معهما وهما يريدان أبا عبد الله عليه السلام فلقيا موسى بن جعفر عليهما السلام ، فحكى له هشام
1 ـ هكذا في النسخ ، والقاعدة تقتضي الفاء على مدخول ( أما ).
2 ـ قوله : ( ولا يسأل ، على صيغة المعلوم أو المجهول ، وفي النسخ الخطية : ( ولا يسأله شططا في عدوه ) أي لا يسأله أحد أو الولي ، وفي البحار : ( ولا يسألك ـ الخ ) وفي ذيل البحار : ( ولا نسأله ـ الخ ) وفيه أيضا : ( ولا يسلك شططا في عدوه ) والأخير أصح.


(275)
الحكاية ، فلما فرغ قال موسى بن جعفر عليهما السلام ، : يا بريهة كيف علمك بكتابك ؟
    قال : أنا به عالم ، قال : كيف ثقتك بتأويله ؟ قال : ما أوثقني بعلمي فيه (1) قال :
    فابتدأ موسى بن جعفر عليهما السلام ، بقراءة الإنجيل ، قال بريهة : والمسيح لقد كان يقرء هكذا وما قرأ هذه القراءة إلا المسيح ، ثم قال بريهة : إياك كنت أطلب منذ خمسين سنة أو مثلك ، قال : فآمن وحسن إيمانه وآمنت المرأة وحسن إيمانها.
    قال : فدخل هشام وبريهة والمرأة على أبي عبد الله عليه السلام ، وحكى هشام الحكاية والكلام الذي جرى بين موسى عليه السلام وبريهة ، فقال أبو عبد الله عليه السلام :
    ( ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم ) (2) فقال بريهة : جعلت فداك أنى لكم التوراة والإنجيل وكتب الأنبياء ؟ قال : هي عندنا وراثة من عندهم نقرؤها كما قرؤوها ونقولها كما قالوها ، إن الله لا يجعل حجة في أرضه يسأل عن شيء فيقول : لا أدري فلزم بريهة أبا عبد الله عليه السلام حتى مات أبو عبد الله عليه السلام ، ثم لزم موسى بن جعفر عليهما السلام ، حتى مات في زمانه فغسله بيده وكفنه بيده ولحده بيده ، وقال : هذا حواري من حواريي المسيح يعرف حق الله عليه ، قال : فتمنى أكثر أصحابه أن يكونوا مثله.

    1 ـ أبي رحمه الله ، قال : حدثنا سعد بن عبد الله ، قال : حدثنا إبراهيم بن هاشم وغيره ، عن خلف بن حماد ، عن الحسين بن زيد الهاشمي (4) عن أبي عبد الله
1 ـ أي في تأويله ، وفي البحار وفي نسخة ( ج ) ( بعلمي به ).
2 ـ آل عمران : 34.
3 ـ في الأخبار المذكورة في هذا الباب استعارات وكنايات وإشارات إلى حقائق بعيدة عن إدراكنا بألفاظ موضوعة للمعاني المحسوسة لنا ، ولكل منها شرح لا مجال ههنا.
4 ـ في نسخة ( و ) و ( د ) ( عن الحسن بن زيد الهاشمي ) ورواه الكليني في روضة الكافي عن الحسين بن زيد الهاشمي وهو الحسين بن زيد بن علي بن الحسين عليهما السلام.


(276)
عليه السلام ، قال : جاءت زينب العطارة الحولاء إلى نساء رسول الله صلى الله عليه وآله وبناته وكانت تبيع منهن العطر فدخل رسول الله صلى الله عليه وآله وهي عندهن ، فقال لها : إذا أتيتنا طابت بيوتنا ، فقالت : بيوتك بريحك أطيب يا رسول الله ، قال : إذا بعت فأحسني ولا تغشي فإنه أتقى وأبقى للمال ، فقالت : ما جئت بشيء من بيعي ، وإنما جئتك أسألك عن عظمة الله ، فقال : جل جلال الله ، سأحدثك عن بعض ذلك.
    قال : ثم قال : إن هذه الأرض بمن فيها ومن عليها عند التي تحتها كحلقة في فلاة قي (1) وهاتان ومن فيهما ومن عليهما عند التي تحتها كحلقة في فلاة قي والثالثة حتى انتهى إلى السابعة ، ثم تلا هذه الآية ( خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن ) (2) والسبع ومن فيهن ومن عليهن على ظهر الديك كحلقة في فلاة قي ، والديك له جناحان جناح بالمشرق وجناح بالمغرب ورجلاه في التخوم ، والسبع والديك بمن فيه ومن عليه على الصخرة كحلقة في فلاة قي ، والسبع والديك والصخرة بمن فيها ومن عليها على ظهر الحوت كحلقة في فلاه قي ، والسبع و الديك والصخرة والحوت عند البحر المظلم كحلقة في فلاة قي ، والسبع والديك والصخرة والحوت والبحر المظلم عند الهواء كحلقة في فلاة قي ، والسبع والديك والصخرة والحوت والبحر المظلم والهواء عند الثرى كحلقة في فلاة قي ، ثم تلا هذه الآية ( له ما في السماوات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثرى ) (3) ثم انقطع الخبر (4). والسبع والديك والصخرة والحوت والبحر المظلم والهواء والثرى بمن فيه ومن عليه عند السماء كحلقة في فلاة قي ، وهذا والسماء الدنيا ومن فيها و من عليها عند التي فوقها كحلقة في فلاة قي ، وهذا وهاتان السماءان عند الثالثة كحلقة في فلاة قي ، وهذه الثالثة ومن فيهن ومن عليهن عند الرابعة كحلقة
1 ـ القي ـ بكسر الأول وعينه واو ـ : القفز من الأرض.
2 ـ الطلاق : 12.
3 ـ طه : 6.
4 ـ أي انقطع حديث رسول الله صلى الله عليه وآله لزينب العطارة إلى هنا ، والتتميم من الصادق عليه السلام. أو انقطع خبر ما دون السماء ثم أخذ في خبر السماء.


(277)
في فلاة قي ، حتى انتهى إلى السابعة ، وهذه السبع ومن فيهن ومن عليهن عند البحر المكفوف عن أهل الأرض كحلقة في فلاة قي ، والسبع والبحر المكفوف عند جبال البرد كحلقة في فلاة قي ، ثم تلا هذه الآية ( وينزل من السماء من جبال فيها من برد ) (1) وهذه السبع والبحر المكفوف وجبال البرد عند حجب النور كحلقة في فلاة قي ، وهي سبعون ألف حجاب يذهب نورها بالأبصار ، وهذه السبع والبحر المكفوف وجبال البرد والحجب عند الهواء الذي تحار فيه القلوب كحلقة في فلاة قي ، والسبع والبحر المكفوف وجبال البرد والحجب والهواء في الكرسي كحلقة في فلاة قي ، ثم تلا هذه الآية : ( وسع كرسيه السماوات والأرض ولا يؤده حفظهما وهو العلي العظيم ) (2) وهذه السبع والبحر المكفوف وجبال البرد والحجب والهواء والكرسي عند العرش كحلقة في فلاة قي ، ثم تلا هذه الآية ( الرحمن على العرش استوى ) (3) ما تحمله الأملاك إلا يقول لا إله إلا الله ولا حول ولا قوة إلا بالله.
    2 ـ أبي رحمه الله ، قال : حدثنا سعد بن عبد الله ، قال : حدثنا محمد بن عيسى عن الحسن بن محبوب ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر بن يزيد ، قال : سألت أبا جعفر عليه السلام عن قوله عزوجل : ( أفعيينا بالخلق الأول بل هم في لبس من خلق جديد ) (4) قال : يا جابر تأويل ذلك أن الله عزوجل إذا أفنى هذا الخلق وهذا العالم وسكن أهل الجنة الجنة ، وأهل النار النار جدد الله عالما غير هذا العالم وجدد خلقا من غير فحولة ولا إناث يعبدونه ويوحدونه ، وخلق لهم أرضا غير هذه الأرض تحملهم ، وسماء غير هذه السماء تظلهم ، لعلك ترى أن الله إنما خلق هذا العالم الواحد ، وترى أن الله لم يخلق بشرا غيركم ، بلى والله لقد خلق الله ألف ألف عالم ، وألف ألف آدم أنت في آخر تلك العوالم وأولئك الآدميين.
    3 ـ حدثنا أحمد بن الحسن القطان ، قال : حدثنا أحمد بن يحيى بن زكريا
1 ـ النور : 43.
2 ـ البقرة : 255.
3 ـ طه : 5.
4 ـ ق : 15.


(278)
قال : حدثنا بكر بن عبد الله بن حبيب ، عن تميم بن بهلول ، عن نصر بن مزاحم المنقري ، عن عمرو بن سعد (1) ، عن أبي مخنف لوط بن يحيى ، عن أبي منصور ، عن زيد بن وهب ، قال : سئل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام عن قدرة الله تعالى جلت عظمته ، فقام خطيبا فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : إن لله تبارك وتعالى ملائكة لو أن ملكا منهم هبط إلى الأرض ما وسعته لعظم خلقه وكثرة أجنحته ، ومنهم من لو كلفت الجن والإنس أن يصفوه ما وصفوه لبعد ما بين مفاصله وحسن تركيب صورته ، وكيف يوصف من ملائكته من سبعمائة عام ما بين منكبيه وشحمة أذنيه ، ومنهم من يسد الأفق بجناح من أجنحته دون عظم بدنه ، ومنهم من السماوات إلى حجزته ، ومنهم من قدمه على غير قرار في جو الهواء الأسفل و الأرضون إلى ركبتيه ، ومنهم من لو ألقي في نقرة إبهامه جميع المياه لوسعتها ، و منهم من لو ألقيت السفن في دموع عينيه لجرت دهر الداهرين ، فتبارك الله أحسن الخالقين.
    وسئل عليه السلام عن الحجب ، فقال : أول الحجب سبعة ، غلظ كل حجاب مسيرة خمسمائة عام ، بين كل حجا بين منها مسيرة خمسمائة عام ، والحجاب الثالث (2) سبعون حجابا ، بين كل حجا بين منها مسيرة خمسمائة عام ، وطول خمسمائة عام ، حجبة كل حجاب منها سبعون ألف ملك ، قوة كل ملك منهم قوة الثقلين ، منها ظلمة ، ومنها نور ، ومنها نار ، ومنها دخان ، ومنها سحاب ، ومنها برق ، ومنها مطر ، ومنها رعد ، ومنها ضوء ، ومنها رمل ، ومنها جبل ، ومنها عجاج ، و منها ماء ، ومنها أنهار ، وهي حجب مختلفة ، غلظ كل حجاب مسيرة سبعين ألف عام ثم سرادقات الجلال ، وهي سبعون سرادقا ، في كل سرادق سبعون ألف ملك ، بين كل سرادق وسرادق مسيرة خمسمائة عام ، ثم سرادق العز ، ثم سرادق الكبرياء ثم سرادق العظمة ، ثم سرادق القدس ، ثم سرادق الجبروت ، ثم سرادق الفجر
1 ـ كذا في النسخ ويحتمل كونه تصحيف ( عمرو بن سعيد ) وهو المدائني.
2 ـ هكذا في النسخ إلا في نسخه ( و ) ففيه : ( والحجاب الثاني ـ الخ ).


(279)
ثم النور الأبيض ، ثم سرادق الوحدانية وهو مسيرة سبعين ألف عام في سبعين ألف عام ، ثم الحجاب الأعلى ، وانقضى كلامه عليه السلام وسكت ، فقال له عمر : لا بقيت ليوم لا أراك فيه يا أبا الحسن.
    4 ـ حدثنا أبو الحسن علي بن عبد الله بن أحمد الأسواري ، قال : حدثنا مكي بن أحمد بن سعدويه البرذعي ، قال : أخبرنا عدي بن أحمد بن عبد الباقي أبو ـ عمير بأذنة (1) قال : حدثنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن البراء ، قال : حدثنا عبد المنعم ابن إدريس ، قال : حدثنا أبي ، عن وهب ، عن ابن العباس ، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، إن الله تبارك وتعالى ديكا رجلاه في تخوم الأرض السابعة السفلى ، ورأسه عند العرش ، ثاني عنقه تحت العرش ، وملك من ملائكة الله عزوجل خلقه الله تبارك و تعالى ورجلاه في تخوم الأرض السابعة السفلى مضى مصعدا فيها مد الأرضين حتى خرج منها إلى أفق السماء ، ثم مضى مصعدا حتى انتهى قرنه إلى العرش ، وهو يقول : سبحانك ربي ، وإن لذلك الديك جناحين إذا نشرهما جاوزا المشرق والمغرب ، فإذا كان في آخر الليل نشر جناحيه وخفق بهما وصرخ بالتسبيح يقول :
    سبحان الله الملك القدوس سبحان الكبير المتعال القدوس ، لا إله إلا هو الحي القيوم فإذا فعل ذلك سبحت ديكة الأرض كلها وخففت بأجنحتها وأخذت في الصراخ ، فإذا سكن ذلك الديك في السماء سكنت الديكة في الأرض ، فإذا كان في بعض السحر نشر جناحيه فجاوز المشرق والمغرب وخفق بهما وصرخ بالتسبيح سبحان الله العظيم سبحان الله العزيز القهار سبحان الله ذي العرش المجيد سبحان الله رب العرش
1 ـ أذنة بالألف والذال والنون المفتوحات آخرها الهاء ، أو بكسر الذال ، قال السكوني : بحذاء توز جبل شرقي يقال له الغمر ثم يمضي الماضي فيقع في جبل شرقي أيضا يقال له أذنة ، وقال نصر : أذنة خيال من أخيلة حمى فيد بينه وبين فيد نحو عشرين ميلا ، و أذنة أيضا بلاد من الثغور قرب المصيصة مشهور ، كذا في مراصد الاطلاع ، وتوز وفيد منزلان متدانيان في طريق مكة من الكوفة.

(280)
الرفيع (1) فإذا فعل ذلك سبحت ديكة الأرض ، فإذا هاج هاجت الديكة في الأرض تجاوبه بالتسبيح والتقديس لله عزوجل ، ولذلك الديك ريش أبيض كأشد بياض ما رأيته قط ، وله زغب أخضر تحت ريشه الأبيض كأشد خضرة ما رأيتها قط فما زلت مشتاقا إلى أن أنظر إلى ريش ذلك الديك.
    5 ـ وبهذا الإسناد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، قال : إن لله تبارك وتعالى ملكا من الملائكة نصف جسده الأعلى نار ونصفه الأسفل ثلج ، فلا النار تذيب الثلج ، ولا الثلج يطفئ النار ، وهو قائم ينادي بصوت له رفيع : سبحان الله الذي كف حر هذه النار فلا تذيب هذا الثلج ، وكف برد هذا الثلج فلا يطفئ حر هذه النار ، اللهم يا مؤلفا بين الثلج والنار ألف بين قلوب عبادك المؤمنين على طاعتك.
    6 ـ وبهذا الإسناد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، قال : إن لله تبارك وتعالى ملائكة ليس شيء من أطباق أجسادهم إلا وهو يسبح الله عزوجل ويحمده من ناحية (2) بأصوات مختلفة ، لا يرفعون رؤوسهم إلى السماء ولا يخفضونها إلى أقدامهم من البكاء والخشية لله عزوجل.
    7 ـ حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل رضي الله عنه ، قال : حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي ، عن موسى بن عمران النخعي ، عن عمه الحسين بن يزيد ، عن إسماعيل بن مسلم ، قال : حدثنا أبو نعيم البلخي ، عن مقاتل بن حيان ، عن عبد الرحمن بن أبي ذر ، عن أبي ذر الغفاري رحمة الله عليه ، قال : كنت آخذا بيد النبي صلى الله عليه وآله وسلم ونحن نتماشى جميعا ، فما زلنا ننظر إلى الشمس حتى غابت ، فقلت :
    يا رسول الله أين تغيب ، قال : في السماء ثم ترفع من سماء إلى سماء حتى ترفع إلى السماء السابعة العليا حتى تكون تحت العرش ، فتخر ساجدة فتسجد معها الملائكة الموكلون بها ، ثم تقول : يا رب من أين تأمرني أن أطلع أمن مغربي أم من مطلعي ؟ فذلك قوله تعالى : ( والشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز
1 ـ النسخ في هذه الأذكار مختلفة يسيرا غير ضائر.
2 ـ في نسخة ( ج ) ( من ناحيته ).


(281)
العليم ) (1) يعني بذلك صنع الرب العزيز في ملكه ، العليم بخلقه. قال : فيأتيها جبرئيل بحلة ضوء من نور العرش على مقادير ساعات النهار في طوله في الصيف أو قصره في الشتاء أو ما بين ذلك في الخريف والربيع ، قال : فتلبس تلك الحلة كما يلبس أحدكم ثيابه ، ثم تنطلق بها في جو السماء حتى تطلع من مطلعها ، قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : فكأني بها قد حبست مقدار ثلاث ليال ثم لا تكسى ضوءا وتؤمر أن تطلع من مغربها ، فذلك قوله عزوجل : ( إذا الشمس كورت * وإذا النجوم انكدرت ) (2). والقمر كذلك من مطلعه ومجراه في أفق السماء ومغربه وارتفاعه إلى السماء السابعة ، ويسجد تحت العرش ثم يأتيه جبرئيل بالحلة من نور الكرسي فذلك قوله عزوجل : ( جعل الشمس ضياء * والقمر نورا ) (3) قال أبو ذر رحمه الله : ثم اعتزلت مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فصلينا المغرب.
    8 ـ حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار رحمه الله ، قال : حدثنا أبي ، قال :
    حدثنا الحسين بن الحسن بن أبان ، عن محمد بن أورمة ، عن زياد القندي ، عن درست ، عن رجل ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال : إن لله تبارك وتعالى ملكا بعد ما بين شحمة أذنه إلى عنقه مسيرة خمسمائة عام خفقان الطير.
    9 ـ حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رحمه الله ، قال : حدثنا أحمد بن إدريس ، عن محمد بن أحمد ، عن السياري ، عن عبد الله بن حماد ، عن جميل بن دراج قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام هل في السماء بحار ؟ قال : نعم ، أخبرني أبي ، عن أبيه عن جده عليهم السلام ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : إن في السماوات السبع لبحارا عمق أحدها مسيرة خمسمائة عام ، فيها ملائكة قيام منذ خلقهم الله عزوجل ، والماء إلى ركبهم ، ليس فيهم ملك إلا وله ألف وأربعمائة جناح ، في كل جناح أربعة وجوه ، في كل وجه أربعة ألسن ، ليس فيها جناح ولا وجه ولا لسان ولا فم إلا وهو يسبح الله عزوجل بتسبيح لا يشبه نوع منه صاحبه.
    10 ـ حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رحمه الله ، قال : حدثنا محمد بن
1 ـ يس : 38.
2 ـ التكوير : 2.
3 ـ يونس : 5.


(282)
يحيى العطار ، عن الحسين بن الحسن بن أبان ، عن محمد بن أورمة ، عن أحمد بن الحسن الميثمي (1) عن أبي الحسن الشعيري (2) عن سعد بن طريف عن الأصبغ بن نباتة ، قال : جاء ابن الكواء إلى أمير المؤمنين عليه السلام فقال : يا أمير المؤمنين والله إن في كتاب الله عزوجل لآية قد أفسدت علي قلبي وشككتني في ديني ، فقال له علي عليه السلام : ثكلتك أمك وعدمتك وما تلك الآية ؟ قال : قول الله تعالى : ( والطير صافات كل قد علم صلاته وتسبيحه ) (3) فقال له أمير المؤمنين عليه السلام : يا ابن الكواء إن الله تبارك وتعالى خلق الملائكة في صور شتى إلا أن لله تبارك وتعالى ملكا في صورة ديك أبح أشهب ، براثنه في الأرض السابعة السلفي وعرفه مثنى تحت العرش له جناحان جناح في المشرق وجناح في المغرب واحد من نار وآخر من ثلج ، فإذا حضر وقت الصلاة قام على براثنه ثم رفع عنقه من تحت العرش ، ثم بجناحيه كما تصفق الديوك في منازلكم ، فلا الذي من النار يذيب الثلج ولا الذي من الثلج يطفئ النار ، فينادي أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا سيد النبيين وأن وصيه سيد الوصيين وأن الله سبوح قدوس رب الملائكة والروح ، قال : فتخفق الديكة بأجنحتها في منازلكم فتجيبه عن قوله وهو قوله تعالى ( والطير صافات كل قد علم صلاته وتسبيحه ) من الديكة في الأرض.
    11 ـ حدثنا أبي رحمه الله قال : حدثنا سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن علي ، عن يونس بن يعقوب ، عن عمرو بن مروان ، عن أبي ـ عبد الله عليه السلام قال : إن لله تبارك وتعالى ملائكة أنصافهم من برد وأنصافهم من نار يقولون : يا مؤلفا بين البرد والنار ثبت قلوبنا على طاعتك.
    وسأخرج الأخبار التي رويتها في ذكر عظمة الله تبارك وتعالى في كتاب العظمة إن شاء الله.
1 ـ كذا في نسخة ( ج ) وفي غيرها ( أحمد بن المحسن الميثمي ) وفي نسخه ( ط ) و حاشية نسخة ( ب ) ( الميثى ) مكان الميثمي.
2 ـ في نسخة ( ط ) ( الأشعري ).
3 ـ النور : 41.


(283)
    1 ـ حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رحمه الله ، قال : حدثنا محمد بن الحسن الصفار ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن أبيه ، عن سعيد بن جناح ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال : ما خلق الله خلقا أصغر من البعوض ، والجرجس أصغر من البعوض ، والذي تسمونه الولغ أصغر من الجرجس (1) وما في الفيل شيء إلا وفيه مثله ، وفضل على الفيل بالجناحين (2).

    1 ـ حدثنا محمد بن علي ماجيلويه رحمه الله ، قال : حدثنا علي بن إبراهيم ابن هاشم ، عن مختار بن محمد بن مختار الهمداني ، عن الفتح بن يزيد الجرجاني عن أبي الحسن عليه السلام ، قال : سألته عن أدنى المعرفة ، فقال : الاقرار بأنه لا إله غيره ولا شبه له ولا نظير وأنه قديم مثبت موجود غير فقيد وأنه ليس كمثله شيء.
    2 ـ حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه ، قال : حدثنا سعد ابن عبد الله ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن النضر بن سويد ، عن عاصم بن حميد رفعه ، قال : سئل علي بن الحسين عليهما السلام عن التوحيد فقال : إن الله عزوجل علم أنه يكون في آخر الزمان أقوام متعمقون فأنزل الله عزوجل ( قل
1 ـ الولغ في النسخ بالغين المعجمة ، وفي الكافي ومجع البحرين بالعين المهملة.
2 ـ إن الله لطيف في الخلق أي في الصنع كما هنا وفي بعض الروايات في الباب الثاني و التاسع والعشرين ، ولطيف بالخلق أي بار بهم كما قال تعالى : ( الله لطيف بعباده ) ، ولطيف للخلق وهذا ما بحث عنه المتكلمون ، ولطيف بذاته بمعنيين : بمعنى النفاذ في الأشياء والدخول فيها بلا كيفية كما في الحديث الثاني من الباب التاسع والعشرين وفي كثير من كلمات أمير المؤمنين عليه السلام ، وقد يفسر الآية : ( ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير ) بهذا المعنى ، والمعنى الثاني أنه لا يدرك ذاته كما في الحديث المذكور.


(284)
هو الله أحد * الله الصمد ) والآيات من سورة الحديد ـ إلى قوله : ( وهو عليم بذات الصدور ) (1) فمن رام ما وراء هنالك هلك.
    3 ـ حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق رحمه الله ، قال : حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي ، قال : حدثنا محمد بن إسماعيل البرمكي. قال : حدثني الحسين بن الحسن ، قال : حدثني بكر بن زياد ، عن عبد العزيز بن المهتدي ، قال سألت الرضا عليه السلام عن التوحيد ، فقال : كل من قرأ قل هو الله أحد وآمن بها فقد عرف التوحيد ، قلت : كيف يقرؤها ؟ قال : كما يقرء الناس ، وزاد فيه ( كذلك الله ربي ، كذلك الله ربي ، كذلك الله ربي ).
    4 ـ أبي ومحمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رحمهما الله قالا : حدثنا محمد بن يحيى العطار ، وأحمد بن إدريس جميعا ، عن محمد بن أحمد ، عن بعض أصحابنا ، عن محمد بن علي الطاحي (2) عن طاهر بن حاتم بن ما هوية قال : كتبت إلى الطيب ـ يعني أبا الحسن موسى ـ عليه السلام : ما الذي لا تجزئ معرفة الخالق بدونه (3) فكتب : ليس كمثله شيء ولم يزل سميعا وعليما وبصيرا ، وهو الفعال لما يريد.
    5 ـ حدثنا محمد بن علي ماجيلويه رضي الله عنه ، عن عمه محمد بن أبي القاسم ، عن محمد بن علي القريشي ، قال : حدثنا محمد بن سنان ، عن محمد بن يعلى الكوفي ، عن جويبر (4) عن الضحاك ، عن ابن عباس ، قال : جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وآله فقال : يا رسول الله علمني من غرائب العلم ، قال : ما صنعت في رأس العلم حتى تسأل
1 ـ وغيرهما من الآيات ليتعمقوا ويتفكروا فيها ويعرفوا ربهم ويستغنوا عن وصف الواصفين وأقاويل المتكلمين المتكلفين وكلمات المتفلسفين.
2 ـ المظنون أنه أبو سمينة محمد بن علي الكوفي الصيرفي المذكور كثيرا في إسناد الكتاب ، وفي البحار في الباب العاشر من الجزء الثالث المطبوع حديثا وفي نسخة ( ن ) ( الطاحن ) والظاهر أنه خطأ.
3 ـ في نسخة ( و ) و ( ب ) ( ما الذي لا يجتزء ـ الخ ).
4 ـ هذا غير جويبر الصحابي المعروف ، وفي نسخة ( ط ) ( جوير ).


(285)
عن غرائبه ؟! قال الرجل : ما رأس العلم يا رسول الله ؟ قال : معرفة الله حق معرفته ، قال الأعرابي : وما معرفة الله حق معرفته ؟ قال : تعرفه بلا مثل ولا شبه ولا ند وأنه واحد أحد ظاهر باطن أول آخر لا كفو له ولا نظير فذلك حق معرفته.

    1 ـ حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق رحمه الله ، قال : حدثنا محمد بن يعقوب الكليني ، قال : حدثنا محمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان ، عن صفوان بن يحيى ، عن منصور بن حازم ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام : إني ناظرت قومك فقلت لهم ، إن الله أجل وأكرم من أن يعرف بخلقه ، بل العباد يعرفون بالله (1) فقال : رحمك الله.
    2 ـ حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رحمه الله ، قال : حدثنا محمد بن الحسن الصفار ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن بعض أصحابنا ، عن علي بن عقبة بن قيس ابن سمعان بن أبي ربيحة مولى رسول الله صلى الله عليه وآله رفعه ، قال : سئل أمير المؤمنين عليه السلام بم عرفت ربك ؟ فقال : بما عرفني نفسه ، قيل : وكيف عرفك نفسه ؟ فقال :
    لا تشبهه صورة ، ولا يحس بالحواس ، ولا يقاس بالناس ، قريب في بعده ، بعيد في قربه ، فوق كل شيء ولا يقال : شيء فوقه ، أمام كل شيء ولا يقال : له أمام ، داخل في الأشياء لا كشئ في شيء داخل ، وخارج من الأشياء لا كشئ من شيء خارج ، سبحان من هو هكذا ولا هكذا غيره ، ولكل شيء ومبتدء.
    3 ـ حدثني أبي رحمه الله ، قال : حدثنا سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن محمد بن أبي عمير ، عن محمد بن حمران (2) عن الفضل بن السكن ، عن أبي ـ
1 ـ على صيغة المجهول كما هو الظاهر نظير ما في الحديث الرابع ، ويحتمل معلوما كما في الحديث الثالث.
2 ـ في نسخة ( ب ) و ( ج ) و ( د ) ( محمد بن عمران ).
التوحيد ::: فهرس