التوحيد ::: 376 ـ 390
(376)
اليقين والرضا ، وجعل الهم والحزن في الشك والسخط ، إنه لا فقر أشد من الجهل (1) ولا مال أعود من العقل ، ولا وحدة أوحش من العجب ، ولا مظاهرة أوثق من المشاورة ، ولا عقل كالتدبير ، ولا ورع كالكف عن المحارم ، ولا حسب كسن الخلق ، ولا عبادة كالتفكر ، وآفة الحديث الكذب ، وآفة العلم النسيان وآفة العبادة الفترة ، وآفة الظرف الصلف ، وآفة الشجاعة البغي ، وآفة السماحة المن ، وآفة الجمال الخيلاء ، وآفة الحسب والفجر.
    21 ـ حدثنا الحسين بن أحمد بن إدريس رحمه الله ، قال : حدثنا أبي ، قال :
    حدثنا محمد بن أبي الصهبان ، قال : حدثنا أبو أحمد محمد بن زياد الأزدي ، قال :
    حدثني أبان الأحمر ، عن الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام ، أنه جاء إليه رجل فقال له :
    بأبي أنت وأمي عظني موعظة ، فقال عليه السلام ، إن كان الله تبارك وتعالى قد تكفل بالرزق فاهتمامك لماذا ، وإن كان الرزق مقسوما فالحرص لماذا ، وإن كان الحساب حقا فالجمع لماذا ، وإن كان الخلف من الله عزوجل حقا فالبخل لماذا (2) وإن كانت العقوبة من الله عزوجل النار فالمعصية لماذا ، وإن كان الموت حقا فالفرح لماذا وإن كان العرض على الله عزوجل حقا فالمكر لماذا ، وإن كان الشيطان عدوا فالغفلة لماذا ، وإن كان الممر على الصراط حقا فالعجب لماذا ، وإن كان كل شيء بقضاء وقدر فالحزن لماذا ، وإن كانت الدنيا فانية فالطمأنينة إليها لماذا ؟!.
    22 ـ حدثنا أبو منصور أحمد بن إبراهيم بن بكر الخوري بنيسابور ، قال :
    حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن هارون الخوري ، قال : حدثنا جعفر بن محمد بن زياد الفقيه الخوري ، قال : حدثنا أحمد بن عبد الله الجويباري الشيباني ، عن علي بن موسى الرضا ، عن أبيه ، عن آبائه ، عن علي عليهم السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : إن الله عزوجل قدر المقادير ودبر التدابير قبل أن يخلق آدم بألفي
1 ـ في نسخة ( ج ) و ( ط ) و ( ن ) ( فإنه لا فقر ـ الخ ).
2 ـ المعنى أنه تعالى إن كان يخلف على العبد ما أنفقه ويعوضه أضعاف ما صرفه في سبيله فالبخل لماذا ؟.


(377)
عام (1).
    23 ـ حدثنا أبو عبد الله الحسين بن محمد الأشناني الرازي العدل ببلخ ، قال : حدثنا علي بن مهرويه القزويني (2) قال : حدثنا علي بن موسى الرضا ، عن أبيه ، عن آبائه ، عن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام ، قال : إن يهوديا سأل علي بن أبي طالب عليه السلام فقال : أخبرني عما ليس لله وعما ليس عند الله وعما لا يعلمه الله ، فقال عليه السلام : أما ما لا يعلمه الله عزوجل فذلك قولكم يا معشر اليهود :
    إن عزيرا ابن الله والله لا يعلم له ولدا ، وأما قولك ما ليس لله فليس لله شريك ، و قولك : ما ليس عند الله فليس عند الله ظلم للعباد ، فقال اليهودي : أنا أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله.
    24 ـ حدثنا محمد بن إبراهيم بن أحمد بن يونس الليثي ، قال : حدثنا أحمد ابن محمد بن سعيد الهمداني مولى بني هاشم ، قال : أخبرني الحارث بن أبي أسامة قراءة ، عن المدائني ، عن عوانة بن الحكم ، وعبد الله بن العباس بن سهل الساعدي ،
1 ـ قد مضى في الحديث السابع تقدير المقادير قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة ، والاختلاف يدل على تعدد التقدير للكل ، أو أن التقدير لبعض الأشياء قبل بعضها ، وفي حاشية نسخة ( ط ) و ( ن ) ( قبل أن يخلق العالم ـ الخ ).
2 ـ في نسخة ( و ) و ( ه‍ ) ( حدثنا علي بن مهرويه القزويني قال : حدثنا داود بن سليمان الغزاء ( بالغين المعجمة والزاي المعجمة مبالغة الغازي ) قال : حدثنا علي بن موسى الرضا ـ الخ ) وهذا هو الصحيح ، وهذا الرجل هو أبو أحمد الغازي المذكور في الحديث التاسع ، ولا يبعد أن يكون ملقبا بالغزاء والغازي معا ، ولا يخفى أن الرجل مذكور في الحديث الرابع والعشرين من الباب الثاني ، والحديث السابع عشر من الباب الثامن والعشرين بلقب الفراء بالفاء والراء المهملة ، ولا شبهة أنه تصحيف الغزاء ، ونحن أبقيناه عليه لاتفاق النسخ عليه ، وقال في قاموس الرجال : داود بن سليمان بن وهب الغازي روى عن الرضا عليه السلام حديث الإيمان كما يظهر من لئالي السيوطي وروى الخصال عنه حديث رواية أربعين حديثا إلا أن النساخ صحفوا الغازي فيه بالفراء ، أقول : الأقرب أن صحفوا الغزاء به كما قلنا.


(378)
وأبي بكر الخراساني مولى بني هاشم ، عن الحارث بن حصيرة ، عن عبد الرحمن بن جندب ، عن أبيه وغيره أن الناس أتوا الحسن بن علي بعد وفاة علي عليهما السلام ، ليبايعوه فقال : الحمد لله على ما قضى من أمر ، وخص من فضل ، وعم من أمر ، وجلل من عافية (1) حمدا يتمم به علينا نعمه ونستوجب به رضوانه ، إن الدنيا دار بلاء وفتنة وكل ما فيها إلى زوال ، وقد نبأنا الله عنها كيما نعتبر ، فقدم إلينا بالوعيد كي لا يكون لنا حجة بعد الانذار ، فازهدوا فيما يفنى ، وارغبوا فيما يبقى ، وخافوا الله في السر والعلانية ، إن عليا عليه السلام في المحيا والممات والمبعث عاش بقدر و مات بأجل ، وإني أبايعكم على أن تسالموا من سالمت وتحاربوا من حاربت ، فبايعوه على ذلك.
    قال محمد بن علي بن الحسين مصنف هذا الكتاب : أجل موت الإنسان هو وقت موته ، وأجل حياته هو وقت حياته وذلك معنى قول الله عزوجل : ( فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون ) (2) وإن مات الإنسان حتف أنفه على فراشه أو قتل فإن أجل موته هو وقت موته ، وقد يجوز أن يكون المقتول لو لم يقتل لمات من ساعته ، وقد يجوز أن يكون لو لم يقتل لبقي (3) وعلم ذلك مغيب عنا
1 ـ في نسخة ( و ) ( الحمد لله على ما قضى من أمره ـ الخ ) وفي نسخة ( د ) ( الحمد لله على ما قضى من أمر ورخص من فضل وعم من أمر وحلل من غاية ).
2 ـ الأعراف : 34 ، والنحل : 61.
3 ـ يقال الأجل لنفس المدة كقوله تعالى ( أيما الأجلين قضيت ) ولمنتهى المدة كقوله تعالى : ( إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى ) فأجل الإنسان منتهى مدة حياته الذي يقع فيه موته بالقتل أو بحتف الأنف ، وأجل أمة وقت فنائهم ، وقال قوم من المعتزلة : إن أجل المقتول ليس الوقت الذي يقتل فيه بل الوقت الذي لو لم يقتل لبقي إليه هو أجله ، وقد ورد في آيات وأخبار أن الأجل أجلان : المقضى والمسمى ، وتفصيل الكلام في محله ، وقال العلامة رحمه الله في شرح التجريد : اختلف الناس في المقتول لو لم يقتل فقالت المجبرة : إنه كان يموت قطعا وهو قول أبي الهذيل العلاف ، وقال بعض البغداديين : إنه كان يعيش قطعا ، وقال أكثر المحققين : إنه كان يجوز أن يعيش ويجوز له أن يموت.


(379)
وقد قال الله عزوجل : ( قل لو كنتم في بيوتكم لبرز الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم ) (1) وقال عزوجل : ( قل لن ينفعكم الفرار إن فررتم من الموت أو القتل ) (2) ولو قتل جماعة في وقت لجاز أن يقال : إن جميعهم ماتوا بآجالهم وإنهم لو لم يقتلوا لماتوا من ساعتهم ، كما كان يجوز أن يقع الوبا في جميعهم فيميتهم ، في ساعة واحدة ، وكان لا يجوز أن يقال : إنهم ماتوا بغير آجالهم ، وفي الجملة أن أجل الإنسان هو الوقت الذي علم الله عزوجل أنه يموت فيه أو يقتل ، وقول الحسن عليه السلام في أبيه عليه السلام ( إنه عاش بقدر ومات بأجل ) تصديق لما قلناه في هذا الباب والله الموفق للصواب بمنه.
    25 ـ حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب السجزي بنيسابور ، قال :
    أخبرنا أبو نصر منصور بن عبد الله بن إبراهيم الإصبهاني ، قال : حدثنا علي بن عبد الله ، قال : حدثنا الحسن بن أحمد الحراني ، قال : حدثنا يحيى بن عبد الله بن الضحاك ، عن الأوزاعي ، عن يحيى بن أبي كثير ، قال : قيل لأمير المؤمنين عليه السلام :
    ألا نحرسك ، قال : حرس كل امرء أجله.
    26 ـ حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب قال : حدثنا منصور بن عبد الله ، قال : حدثنا علي بن عبد الله ، قال : حدثنا محمد بن جعفر ، قال : حدثنا إسحاق بن إبراهيم ، قال : حدثنا شريك ، عن أبي إسحاق ، عن سعيد بن وهب ، قال : كنا مع سعيد بن قيس بصفين ليلا والصفان ينظر كل واحد منهما إلى صاحبه حتى جاء أمير المؤمنين عليه السلام فنزلنا على فنائه فقال له سعيد بن قيس : أفي هذه الساعة يا أمير المؤمنين ؟! أما خفت شيئا ، قال : وأي شيء أخاف ؟! إنه ليس من أحد إلا و معه ملكان موكلان به أن يقع في بئر أو تضربه دابة أو يتردى من جبل حتى يأتيه القدر ، فإذا أتى القدر خلوا بينه وبينه.
    27 ـ حدثنا أبو نصر محمد بن أحمد بن إبراهيم بن تميم السرخسي بسرخس قال : حدثنا أبو لبيد محمد بن إدريس الشامي ، قال : حدثنا إبراهيم بن سعيد
1 ـ آل عمران : 154.
2 ـ الأحزاب : 16.


(380)
الجوهري ، قال : حدثنا أبو ضمرة أنس بن عياض ، عن أبي حازم ، عن عمر وبن شعيب (1) عن أبيه ، عن جده ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : لا يؤمن أحدكم حتى يؤمن بالقدر خيره وشره وحلوه ومره.
    28 ـ حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق رضي الله عنه ، قال :
    حدثنا محمد بن الحسن الطائي ، قال : حدثنا أبو سعيد سهل بن زياد الآدمي ، الرازي عن علي بن جعفر الكوفي ، قال : سمعت سيدي علي بن محمد يقول : حدثني أبي محمد بن علي ، عن أبيه الرضا علي بن موسى ، عن أبيه موسى بن جعفر ، عن أبيه جعفر بن محمد ، عن أبيه محمد بن علي ، عن أبيه علي بن الحسين ، عن أبيه الحسين ابن علي عليهم السلام ، وحدثنا محمد بن عمر الحافظ البغدادي ، قال : حدثني أبو القاسم إسحاق بن جعفر العلوي ، قال : حدثني أبي جعفر بن محمد بن علي ، عن سليمان ابن محمد القرشي ، عن إسماعيل بن أبي زياد السكوني ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه محمد بن علي ، عن أبيه ، عن جده ، عن علي عليهم السلام ـ واللفظ لعلي بن أحمد بن محمد ابن عمران الدقاق ـ قال : دخل رجل من أهل العراق على أمير المؤمنين عليه السلام فقال : أخبرنا عن خروجنا إلى أهل الشام أبقضاء من الله وقدر ؟ فقال له أمير المؤمنين عليه السلام : أجل يا شيخ ، فوالله ما علوتم تلعة ولا هبطتم بطن واد إلا بقضاء من الله وقدر فقال الشيخ : عند الله أحتسب عنائي (2) يا أمير المؤمنين ، فقال : مهلا يا شيخ ، لعلك تظن قضاء حتما وقدرا لازما (3) لو كان كذلك لبطل الثواب والعقاب والأمر والنهي والزجر ، ولسقط معنى الوعيد والوعد ، ولم يكن على مسيئ لائمة ولا لمحسن محمدة ، ولكان المحسن أولى باللائمة من المذنب والمذنب أولى بالاحسان من
1 ـ في نسخة ( ج ) ( عن أبي دجانة عن عمر بن شعيب ) ، وفي نسخة ( ط ) ( عن أبي دجانة عن عمرو بن سعيد ).
2 ـ أي إن كان خروجنا وجهادنا بقضائه تعالى وقدره لم نستحق أجرا فرجائي أن يكون عنائي عند الله محسوبا في عداد أعمال من يتفضل عليهم بفضله يوم القيامة.
3 ـ بالمعنى الذي زعمته الجبرية.


(381)
المحسن (1) تلك مقالة عبدة الأوثان وخصماء الرحمن وقدرية هذه الأمة ومجوسها يا شيخ إن الله عزوجل كلف تخييرا ، ونهى تحذيرا ، وأعطى على القليل كثيرا ، ولم يعص مغلوبا ، ولم يطع مكرها ، ولم يخلق السماوات والأرض وما بينهما باطلا ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار (2).
    قال : فنهض الشيخ وهو يقول :
( أنت الإمام الذي نرجو بطاعته ( أوضحت من ديننا ما كان ملتبسا ( فليس معذرة في فعل فاحشة (4) ( لا لا ولا قائلا ناهيه أوقعه ( ولا أحب ولا شاء الفسوق ولا ( أني يحب وقد صحت عزيمته يوم النجاة من الرحمن غفرانا ) (3) جزاك ربك عنا فيه إحسانا ) قد كنت راكبها فسقا وعصيانا ) فيها عبدت إذا يا قوم شيطانا ) قتل الولي له ظلما وعدوانا ) ذو العرش أعلن ذاك الله إعلانا )
    قال مصنف هذا الكتاب : لم يذكر محمد بن عمر الحافظ في آخر هذا الحديث إلا بيتين من هذا الشعر من أوله.
    وحدثنا بهذا الحديث أبو الحسين محمد بن إبراهيم بن إسحاق الفارسي العزائمي ، قال : حدثنا أبو سعيد أحمد بن محمد بن رميح النسوي بجرجان ، قال :
    حدثنا عبد العزيز بن إسحاق بن جعفر ببغداد ، قال : حدثني عبد الوهاب بن عيسى المروزي ، قال : حدثنا الحسن بن علي بن محمد البلوي ، قال : حدثنا محمد
1 ـ لأنهما في أصل الفعل سيان ، إذ ليس بقدرتهما وإرادتهما مع أن المحسن يمدحه الناس وهو يرى ذلك حقا له وليس كذلك فليستحق اللائمة دون المذنب ، والمذنب يذمه الناس وهو يرى ذلك حقا عليه وليس كذلك فليستحق الاحسان كي ينجبر تحمله لأذى ذم الناس دون المحسن.
2 ـ كما في سورة ص : 27.
3 ـ في حاشية نسخة ( ه‍ ) ( يوم المعاد من الرحمن غفرانا ).
4 ـ في نسخة ( ط ) و ( و ) ( فليس معذرة في كل فاحشة ).


(382)
ابن عبد الله بن نجيح ، عن أبيه ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جده عليهم السلام.
    وحدثنا بهذا الحديث أيضا أحمد بن الحسن القطان ، قال : حدثنا الحسن ابن علي السكري ، قال : حدثنا محمد بن زكريا الجوهري ، قال : حدثنا العباس ابن بكار الضبي ، قال : حدثنا أبو بكر الهذلي ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : لما انصرف أمير المؤمنين عليه السلام من صفين قام إليه شيخ ممن شهد معه الواقعة فقال : يا أمير المؤمنين أخبرنا عن مسيرنا هذا أبقضاء من الله وقدر ؟ وذكر الحديث مثله سواء ، إلا أنه زاد فيه : فقال الشيخ : يا أمير المؤمنين فما القضاء والقدر اللذان ساقانا وما هبطنا واديا ولا علونا تلعة إلا بهما ؟ فقال أمير المؤمنين عليه السلام : الأمر من الله والحكم (1) ثم تلا هذه الآية : ( وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا ) (2) أي أمر ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا.
    29 ـ حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق رحمه الله ، قال : حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي ، قال : حدثنا موسى بن عمران النخعي ، عن عمه الحسين ابن يزيد النوفلي ، عن علي بن سالم ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال : سألته عن الرقي (3) أتدفع من القدر شيئا ؟ فقال : هي من القدر ، وقال عليه السلام : إن القدرية مجوس هذه الأمة وهم الذين أرادوا أن يصفوا الله بعدله فأخرجوه من سلطانه ، وفيهم نزلت هذه الآية : ( يوم يسحبون في النار على وجوههم ذوقوا مس سقر * إنا كل شيء خلقناه بقدر ). (4)
    30 ـ حدثنا أبو الحسين محمد بن إبراهيم بن إسحاق الفارسي العزائمي ، قال : حدثني أبو سعيد أحمد بن محمد بن رميح النسوي ، قال : حدثنا عبد العزيز بن يحيى التميمي بالبصرة ، وأحمد بن إبراهيم بن معلى بن أسد العمي ، قالا : حدثنا
1 ـ أي قضاء وقدرا تشريعيين.
2 ـ الإسراء : 23.
3 ـ جمع رقية كغرفة ، هي ما يعوذ به الصبيان وأصحاب الآفات كالحمى والصرع وغيرهما.
4 ـ القمر : 49.


(383)
محمد بن زكريا الغلابي (1) قال : حدثنا أحمد بن عيسى بن زيد (2) قال : حدثنا عبد الله بن موسى بن عبد الله بن حسن ، عن أبيه ، عن آبائه ، عن الحسن بن علي ابن أبي طالب عليهما السلام ، أنه سئل عن قول الله عزوجل : ( إنا كل شيء خلقناه بقدر ) ، فقال : يقول عزوجل : إنا كل شيء خلقناه لأهل النار بقدر أعمالهم (3).
    31 ـ حدثنا أبي رحمه الله قال : حدثنا علي بن الحسن الكوفي ، عن أبيه الحسن بن علي بن عبد الله الكوفي ، عن جده عبد الله بن المغيرة عن إسماعيل بن مسلم أنه سئل الصادق عليه السلام عن الصلاة خلف من يكذب بقدر الله عزوجل ، قال :
    فليعد كل صلاة صلاها خلفه.
    32 ـ حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل رحمه الله ، قال : حدثنا علي بن الحسين السعدآبادي ، قال : حدثنا أحمد بن أبي عبد الله البرقي ، عن أبيه ، عن محمد بن سنان ، عن زياد بن المنذر ، عن سعد بن طريف ، عن الأصبغ بن نباته ، قال :
    قال أمير المؤمنين عليه السلام في القدر : ألا إن القدر سر من سر الله ، وستر من ستر الله ، وحرز من حرز الله ، مرفوع في حجاب الله ، مطوي عن خلق الله ، مختوم بخاتم الله ، سابق في علم الله ، وضع الله العباد عن علمه (4) ورفعه فوق شهاداتهم ومبلغ عقولهم لأنهم لا ينالونه بحقيقة الربانية ولا بقدرة الصمدانية ولا بعظمة النورانية ولا بعزة الوحدانية ، لأنه بحر زاخر خالص لله تعالى ، عمقه ما بين السماء و
1 ـ أبو عبد الله محمد بن زكريا بن دينار الغلابي أحد الرواة للسير والأحداث و المغازي وغير ذلك وكان ثقة صادقة ، كذا قال ابن النديم ، والغلاب بالغين المعجمة و اللام المخففة والباء الموحدة أبو قبيلة بالبصرة.
2 ـ في نسخة ( ب ) و ( د ) ( أحمد بن عيسى بن يزيد ).
3 ـ وأما أهل الجنة فإن لهم من الله فضلا كبيرا غير ما أعدلهم أجرا كريما.
4 ـ هكذا في النسخ إلا نسخة ( ج ) ففيها : ( ومنع الله العباد عن علمه ) وفي البحار باب القضاء والقدر عن إعتقادات الصدوق : ( وضع الله عن العباد علمه ) مع أن ما في الاعتقادات موافق لما هنا.


(384)
الأرض ، عرضه ما بين المشرق والمغرب ، أسود كالليل الدامس ، كثير الحيات و الحيتان ، يعلو مرة ويسفل أخرى ، في قعره شمس تضيئ ، لا ينبغي أن يطلع إليها إلا الله الواحد الفرد ، فمن تطلع إليها فقد ضاد الله عزوجل في حكمه ونازعه في سلطانه ، وكشف عن ستره وسره ، وباء بغضب من الله ومأواه جهنم وبئس المصير.
    قال المصنف هذا الكتاب نقول : إن الله تبارك وتعالى قد قضى جميع أعمال العباد وقدرها وجميع ما يكون في العالم من خير وشر ، والقضاء قد يكون بمعنى الأعلام كما قال الله عزوجل : ( وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب ) (1) يريد أعلمناهم ، وكما قال الله عزوجل : ( وقضينا إليه ذلك الأمر أن دابر هؤلاء مقطوع مصبحين ) (2) يريد أخبرناه وأعلمناه ، فلا ينكر أن يكون الله عزوجل يقضي أعمال العباد و سائر ما يكون من خير وشر على هذا المعنى لأن الله عزوجل عالم بها أجمع. ويصح أن يعلمها عباده ويخبرهم عنها ، وقد يكون القدر أيضا في معنى الكتاب والإخبار كما قال الله عزوجل : ( إلا امرأته قدرنا إنها لمن الغابرين ) (3) يعني كتبنا وأخبرنا ، وقال العجاج :
واعلم بأن ذا الجلال قد قدر في الصحف الأولى التي كان سطر
    و ( قدر ) معناه كتب.
    وقد يكون القضاء بمعنى الحكم والالزام ، قال الله عزوجل ( وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا ) (4) يريد حكم بذلك وألزمه خلقه ، فقد يجوز أن يقال : إن الله عزوجل قد قضى من أعمال العباد على هذا المعنى ما قد ألزمه عباده وحكم به عليهم وهي الفرائض دون غيرها ، وقد يجوز أيضا أن يقدر الله أعمال العباد بأن يبين مقاديرها وأحوالها من حسن وقبح وفرض و نافلة وغير ذلك ، ويفعل من الأدلة على ذلك ما يعرف به هذه الأحوال لهذه الأفعال فيكون عزوجل مقدرا لها في الحقيقة ، وليس يقدرها ليعرف مقدارها ،
1 ـ الإسراء : 4.
2 ـ الحجر : 66.
3 ـ الحجر : 60.
4 ـ الإسراء : 23.


(385)
ولكن ليبين لغيره ممن لا يعرف ذلك حال ما قدره بتقديره إياه ، وهذا أظهر من أن يخفى ، وأبين من أن يحتاج إلى الاستشهاد عليه ، ألا ترى أنا قد نرجع إلى أهل المعرفة بالصناعات في تقديرها لنا فلا يمنعهم علمهم بمقاديرها من أن يقدروها لنا ليبينوا لنا مقاديرها ، وإنما أنكرنا أن يكون الله عزوجل حكم بها على عباده ومنعهم من الانصراف عنها ، أو أن يكون فعلها وكونها ، فأما أن يكون الله عزوجل خلقها خلق تقدير فلا ننكره.
    وسمعت بعض أهل العلم يقول : إن القضاء على عشرة أوجه : فأول وجه منها العلم وهو قول الله عزوجل : ( إلا حاجة في نفس يعقوب قضاها ) (1) يعني علمها.
    والثاني الإعلام وهو قوله عزوجل : ( وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب ) وقوله عزوجل : ( وقضينا إليه ذلك الأمر ) أي أعلمناه.
    والثالث الحكم وهو قوله عزوجل. ( والله يقضي بالحق ) (2) أي يحكم بالحق.
    والرابع القول وهو قوله عزوجل : ( والله يقضي بالحق ) (3) أي يقول الحق.
    والخامس الحتم وهو قوله عزوجل : ( فلما قضينا عليه الموت ) (4) يعني حتمنا ، فهو القضاء الحتم.
    والسادس الأمر وهو قوله عزوجل : ( وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه ) يعني أمر ربك.
    والسابع الخلق وهو قوله عزوجل : ( فقضيهن سبع سماوات في يومين ) (5)
1 ـ يوسف : 68.
2 ـ في البحار : ( ويقضي ربك بالحق ) وفي نسخة ( ن ) ( وهو يقضي بالحق ) وفي نسخة ( و ) و ( ج ) ( يقضي بالحق ) فما في النسخ كلها أما غير موجود في القرآن بعينه وأما عين ما ذكر في الوجه الرابع ، فالمناسب للوجه الثالث قوله تعالى في سورة النمل : ( إن ربك يقضي بينهم بحكمه وهو العزيز العليم ).
3 ـ المؤمن : 20.
4 ـ سبأ : 14.
5 ـ فصلت : 12.


(386)
يعني خلقهن.
    والثامن الفعل وهو قوله عزوجل : ( فاقض ما أنت قاض ) (1) أي افعل ما أنت فاعل.
    والتاسع الاتمام وهو قوله عزوجل : ( فلما قضى موسى الأجل ) وقوله عزوجل حكاية عن موسى : ( أيما الأجلين قضيت فلا عدوان علي والله على ما نقول وكيل ) (2) أي أتممت.
    والعاشر الفراغ من الشيء وهو قوله عزوجل : ( قضي الأمر الذي فيه تستفتيان ) (3) يعني فرغ لكما منه ، وقوله القائل : قد قضيت لك حاجتك ، يعني فرغت لك منها ، فيجوز أن يقال : إن الأشياء كلها بقضاء الله وقدره تبارك وتعال بمعنى أن الله عزوجل قد علمها وعلم مقاديرها ، وله عزوجل في جميعها حكم من خير أو شر ، فما كان من خير فقد قضاه بمعنى أنه أمر به وحتمه وجعله حقا وعلم مبلغة ومقداره ، وما كان من شر فلم يأمر به ولم يرضه ولكنه عزوجل قد قضاه وقدره بمعنى أنه علمه بمقداره ومبلغه وحكم فيه بحكمه.
    والفتنة على عشرة أوجه فوجه منها الضلال.
    والثاني الاختبار وهو قول الله عزوجل : ( وفتناك فتونا ) (4) يعني اختبرناك اختبارا ، وقوله عزوجل : ( ألم أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون ) (5) أي لا يختبرون.
    والثالث الحجة وهو قوله عزوجل : ( ثم لم تكن فتنتهم إلا أن قالوا والله ربنا ما كنا مشركين ) (6).
    والرابع الشرك وهو قوله عزوجل : ( والفتنة أشد من القتل ) (7).
1 ـ طه : 72.
2 ـ القصص : 28.
3 ـ يوسف : 41.
4 ـ طه : 40.
5 ـ العنكبوت : 2.
6 ـ الأنعام : 23.
7 ـ البقرة 191.


(387)
    والخامس الكفر وهو قوله عزوجل : ( ألا في الفتنة سقطوا ) (1) يعني في الكفر.
    والسادس الاحراق بالنار وهو قوله عزوجل : ( إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ـ الآية ) (2) يعني أحرقوا.
    والسابع وهو قوله عزوجل : ( يوم هم على النار يفتنون ) (3) يعني يعذبون ، وقوله عزوجل : ( ذوقوا فتنتكم هذا الذي كنتم به تكذبون ) (4) يعني عذابكم ، وقوله عزوجل : ( ومن يرد الله فتنته ) يعني عذابه ( فلن تملك له من الله شيئا ) (5).
    والثامن القتل وهو قوله عزوجل : ( إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا ) (6) يعني إن خفتم أن يقتلوكم ، وقوله عزوجل : ( فما آمن لموسى إلا ذرية من قومه على خوف من فرعون وملأهم أن يفتنهم ) (7) يعني أن يقتلهم.
    والتاسع الصد وهو قوله عزوجل : ( وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك ) (8) يعني ليصدونك.
    والعاشر شدة المحنة وهو قوله عزوجل : ( ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا ) (9) وقوله عزوجل : ( ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين ) (10) أي محنة فيفتنوا بذلك ويقولوا في أنفسهم : لم يقتلهم إلا دينهم الباطل وديننا الحق (11) فيكون ذلك داعيا لهم إلى النار على ما هم عليه من الكفر والظلم (12).
    قد زاد علي بن إبراهيم بن هاشم على هذه الوجوه العشرة وجها آخر فقال :
1 ـ التوبة : 49.
2 ـ البروج : 10.
3 ـ الذاريات : 13.
4 ـ الذاريات : 14. وفي المصحف ( به تستعجلون )
5 ـ المائدة : 41.
6 ـ النساء : 101.
7 ـ يونس : 83.
8 ـ الإسراء : 73.
9 ـ الممتحنة : 5.
10 ـ يونس : 85.
11 ـ في نسخه ( و ) ( لم نقتلهم إلا ودينهم الباطل وديننا الحق ).
12 ـ في نسخة ( ه‍ ) ( داعيا لهم إلى الثبات على ـ الخ ).


(388)
من وجوه الفتنة ما هو المحبة وهو قوله عزوجل : ( أنما أموالكم وأولادكم فتنة ) (1) أي محبة ، والذي عندي في ذلك أن وجوه الفتنة عشرة وأن الفتنة في هذا الموضع أيضا المحنة ـ بالنون ـ لا المحبة ـ بالباء ـ.
    وتصديق ذلك قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم ( الولد مجهلة محنة مبخلة ) (2) وقد أخرجت هذا الحديث مسندا في كتاب مقتل الحسين بن علي صلى الله عليهما.
    33 ـ حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضي الله عنه ، قال : حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن غياث بن إبراهيم ، عن جعفر بن محمد بن ، عن أبيه ، عن جده عليهم السلام ، قال : مر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالمحتكرين فأمر بحكرتهم أن يخرج إلى بطون الأسواق وحيث تنظر الأبصار إليها ، فقيل لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : لو قومت عليهم ، فغضب عليه السلام حتى عرف الغضب في وجهه وقال : أنا أقوم عليهم ؟!
    إنما السعر إلى الله عزوجل (3) يرفعه إذا شاء ويخفضه إذا شاء. وقيل لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : لو أسعرت لنا سعرا فإن الأسعار تزيد وتنقص ، فقال عليه السلام : ما كنت لألقى الله عزوجل ببدعة لم يحدث لي فيها شيئا (4) فدعوا عباد الله يأكل بعضهم من بعض.
    34 ـ حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رحمه الله ، قال : حدثنا محمد بن
1 ـ الأنفال : 28 ، والتغابن : 15.
2 ـ أي يوجب الولد لأبيه الجهل والامتحان والبخل ، وفي البحار باب القضاء و القدر وفي نسخة ( و ) ( مجبنة ) من الجبن مكان محنة ، وقال المجلسي رحمه الله هناك ذيل كلام المصنف : أقول : هذه الوجوه من القضاء والفتنة المذكورة في تفسير النعماني فيما رواه عن أمير المؤمنين عليه السلام وقد أثبتناه بإسناده في كتاب القرآن انتهى.
    ثم اعلم أن هذا الخبر رواه أبو يعلى في مسنده بإسناده عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وآله هكذا ( الولد ثمرة القلب وأنه مجبنة مبخلة محزنة ).
3 ـ في نسخة ( و ) ( إنما السعر على الله عزوجل ).
4 ـ في نسخة ( و ) و ( ج ) و ( ه‍ ) ( لم يحدث إلى فيها شيئا ) ، والبدعة هنا بمعناها اللغوي.


(389)
الحسن الصفار ، عن أيوب بن نوح ، عن محمد بن أبي عمير ، عن أبي حمزة الثمالي ، عن علي بن الحسين عليهما السلام ، قال : إن الله تبارك وتعالى وكل بالسعر ملكا يدبره بأمره ، وقال أبو حمزة الثمالي : ذكر عند علي بن الحسين عليهما السلام ، غلاء السعر فقال :
    وما علي من غلائه ، إن غلا فهو عليه ، وإن رخص فهو عليه.
    قال مصنف هذا الكتاب رضي الله عنه : الغلاء هو الزيادة في أسعار الأشياء حتى يباع الشيء بأكثر مما كان يباع في ذلك الموضع ، والرخص هو النقصان في ذلك ، فما كان من الرخص والغلاء عن سعة الأشياء وقلتها فإن ذلك من الله عزوجل ويجب الرضا بذلك والتسليم له ، وما كان من الغلاء والرخص بما يؤخذ الناس به لغير قلة الأشياء وكثرتها من غير رضى منهم به أو كان من جهة شراء واحد من الناس جميع طعام بلد فيغلو الطعام لذلك فذلك من المسعر والمتعدي بشرى طعام المصر كله (1) كما فعله حيكم بن حزام ، كان إذا دخل الطعام المدينة اشتراه كله فمر عليه النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال : يا حكيم بن حزام إياك أن تحتكر.
    35 ـ حدثنا بذلك أبي رحمه الله ، قال : حدثنا سعد بن عبد الله ، عن يعقوب بن يزيد عن صفوان بن يحيى ، عن سلمة الحناط ، عن أبي عبد الله عليه السلام متى كان في المصر طعام غير ما يشتريه الواحد من الناس فجائز له أن يلتمس بسلعته الفضل لأنه إذا كان في المصر طعام غيره يسع الناس لم يغل الطعام لأجله ، وإنما يغلو إذا اشترى الواحد من الناس جميع ما يدخل المدينة.
    36 ـ حدثنا أبي رحمه الله قال : حدثنا سعد بن عبد الله ، عن أحمد وعبد الله ابني محمد بن عيسى ، عن محمد بن أبي عمير ، عن حماد بن عثمان ، عن عبد الله بن علي الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه السلام أنه سئل عن الحكرة فقال : إنما الحكرة أن تشتري طعاما
1 ـ هذا قول غير الأشاعرة ، وأما هم فعلى أن الرخص والغلاء ليسا إلا من الله بناء على أصلهم ، وقوله : ( لغير قلة الأشياء ـ الخ ) عطف بيان لقوله : ( بما يؤخذ الناس به ) أي وما كان من الغلاء والرخص بسبب عمل الناس الذي صح مؤاخذتهم عليه وهو غير قلة الأشياء وكثرتها من الله تعالى من دون وجوب الرضى على الناس به أو كان من جهة ـ الخ.

(390)
وليس في المصر غيره فتحتكره ، فإن كان في المصر طعام أو متاع غيره (1) فلا بأس أن تلتمس لسلعتك الفضل. (2) ولو كان الغلاء في هذا الموضع من الله عزوجل لما استحق المشتري لجميع طعام المدينة الذم لأنه الله عزوجل لا يذم العبد على ما يفعله (3) ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ( الجالب مرزوق والمحتكر ملعون ) ولو كان منه عزوجل لوجب الرضى به والتسليم له ، كما يجب إذا كان عن قلة الأشياء أو قلة الريع لأنه من الله عزوجل ، وما كان من الله عزوجل أو من الناس فهو سابق في علم الله تعالى ذكره مثل خلق الخلق (4) وهو بقضائه وقدره على ما بينته من معنى القضاء والقدر.

    1 ـ حدثنا الحسين بن يحيى بن ضريس البجلي (5) قال : حدثنا أبي ، قال : حدثنا أبو جعفر محمد بن عمارة السكري السرياني ، قال : حدثنا إبراهيم بن عاصم بقزوين ، قال : حدثنا عبد الله بن هارون الكرخي ، قال : حدثنا أبو جعفر أحمد بن عبد الله بن يزيد بن سلام بن عبيد الله قال : حدثني أبي عبد الله بن يزيد ، قال حدثني أبي يزيد بن سلام ، عن أبيه سلام بن عبيد الله ، عن عبد الله بن سلام مولى
1 ـ في حاشية نسخة ( ه‍ ) ( طعام أو بياع غيره ).
2 ـ الظاهر أن قوله : ( ولو كان الغلاء في هذا الموضع ـ الخ ) من الصدوق رحمه الله كما يظهر من الفقيه.
3 ـ أي ما يفعله الله ، وفي نسخة ( و ) ( على ما لا يفعله ) أي ما لا يفعله العبد.
4 ـ في نسخة ( و ) و ( ن ) ( قبل خلق الخلق ).
5 ـ في نسخة ( و ) و ( ه‍ ) و ( ب ) و ( د ) ( الحسن بن يحيى ـ الخ ) وفي نسخة ( و ) بزيادة ( رحمه الله ).
التوحيد ::: فهرس