التوحيد ::: 451 ـ 461
(451)
فيجعلها حجة ، تكلم يا سليمان ، قال : قد أخبرتك أنها كالسمع والبصر والعلم ، قال الرضا عليه السلام : لا بأس ، أخبرني عن معنى هذه أمعنى واحد أم معان مختلفة ؟!
    قال سليمان : بل معنى واحد ، الرضا عليه السلام : فمعنى الإرادات كلها معنى واحد ؟
    قال سليمان : نعم ، قال الرضا عليه السلام : فإن كان معناها معنى واحدا كانت إرادة القيام وإرادة العقود وإرادة الحياة وإرادة الموت إذا كانت إرادته واحدة (1) لم يتقدم بعضها بعضا ولم يخالف بعضها بعضا ، وكان شيئا واحدا (2) قال سليمان : إن معناها مختلف ، قال عليه السلام : فأخبرني عن المريد أهو الإرادة أو غيرها ؟! قال سليمان :
    بل هو الإرادة ، قال الرضا عليه السلام فالمريد عندكم يختلف إن كان هو الإرادة (3) ؟
    قال : يا سيدي ليس الإرادة المريد ، قال عليه السلام : فالإرادة محدثة ، وإلا فمعه غيره.
    افهم وزد في مسألتك.
    قال سليمان : فإنها اسم من أسمائه ، قال الرضا عليه السلام : هل سمى نفسه بذلك ؟
    قال سليمان : لا ، لم يسم نفسه بذلك ، قال الرضا عليه السلام : فليس لك أن تسميه بما لم يسم به نفسه ، قال : قد وصف نفسه بأنه مريد ، قال الرضا عليه السلام : ليس صفته نفسه أنه مريد إخبار عن أنه إرادة ولا إخبارا عن أن الإرادة اسم من أسمائه ، قال :
    سليمان : لأن إرادته علمه ، قال الرضا عليه السلام : يا جاهل فإذا علم الشيء فقد أراده ؟
    قال سليمان : أجل ، قال عليه السلام : فإذا لم يرده لم يعلمه ، قال سليمان : أجل ، قال عليه السلام : من أين قلت ذاك ، وما الدليل على أن إرادته علمه. وقد يعلم ما لا يريده
1 ـ هذه الجملة تأكيد للشرط بلفظ آخر وقعت بين اسم كانت وخبرها : وفي نسخة ( ط ) و ( ن ) ( إذا كانت إرادة واحدة ) وفي نسخة ( و ) ( إذ كانت إرادته واحدة ) وفي البحار :
    ( فإن كان معناها معنى واحدا كانت إرادة القيام إرادة العقود ، وإرادة الحياة إرادة الموت ، إذ كانت إرادته واحدة لم يتقدم بعضها بعضا ـ الخ ) وهذا أحسن.
2 ـ أي كان المراد شيئا واحدا ، وفي نسخة ( و ) و ( ط ) و ( ن ) ( وكانت شيئا واحدا ).
3 ـ في البحار : ( مختلف إذ كان ـ الخ ) وفي نسخة ( د ) و ( ج ) ( يختلف إذا كان ـ الخ ) وفي نسخة ( ب ) ( يختلف إذ كان ـ الخ ).


(452)
أبدا ، وذلك قوله عزوجل : ( ولئن شئنا لنذهبن بالذي أوحينا إليك ) (1) فهو يعلم كيف يذهب به وهو لا يذهب به أبدا ، قال سليمان : لأنه قد فرغ من الأمر فليس يزيد فيه شيئا (2) قال الرضا عليه السلام : هذا قول اليهود ، فكيف قال عزوجل :
    ( ادعوني أستجب لكم ) (3) قال سليمان : إنما عني بذلك أنه قادر عليه ، قال عليه السلام : أفيعد ما لا يفي به ؟! فكيف قال عزوجل : ( يزيد في الخلق ما يشاء ) (4) و قال عزوجل : ( يمحوا الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب ) (5) وقد فرغ من الأمر ، فلم يحر جوابا.
    قال الرضا عليه السلام : يا سليمان هل يعلم أن إنسانا يكون ولا يريد أن يخلق إنسانا أبدا ، وأن إنسانا يموت اليوم ولا يريد أن يموت اليوم ؟ قال سليمان : نعم قال الرضا عليه السلام : فيعلم أنه يكون ما يريد أن يكون أو يعلم أنه يكون ما لا يريد أن يكون ؟! قال : يعلم أنهما يكونان جميعا ، قال الرضا عليه السلام : إذن يعلم أن إنسانا حي ميت ، قائم قاعد ، أعمى بصير في حال واحدة ، وهذا هو المحال ، قال :
    جعلت فداك فإنه يعلم أنه يكون أحدهما دون الآخر ، قال عليه السلام : لا بأس ، فأيهما يكون ، الذي أراد أن يكون أو الذي لم يرد أن يكون ، قال سليمان : الذي أراد أن يكون ، فضحك الرضا عليه السلام والمأمون وأصحاب المقالات. قال الرضا عليه السلام :
    غلطت وتركت قولك : إنه يعلم أن إنسانا يموت اليوم وهو لا يريد أن يموت اليوم وأنه يخلق خلقا وهو لا يريد أن يخلقهم ، فإذا لم يجز العلم عندكم بما لم يرد أن يكون فإنما يعلم أن يكون ما أراد أن يكون (6).
1 ـ الإسراء : 86.
2 ـ في نسخة ( د ) و ( ب ) ( فليس يريد فيه شيئا ) وفي نسخة ( ط ) ( فليس يريد منه شيئا ).
3 ـ المؤمن : 60.
4 ـ فاطر : 1.
5 ـ الرعد : 39.
6 ـ حاصل الكلام من قوله عليه السلام : يا سليمان هل يعلم أن انسانا يكون إلى هنا أنه هل يتعلق علمه تعالى بنسبة قضية ولا يتعلق إرادته بها ، فأقر سليمان بذلك ، فثبت مطلوبه عليه السلام الذي هو عدم اتحادهما ، لكنه أقر بالحق في غير موضعه من حيث لا يشعر ( كأنه اختبط واختلط من كثرة الحجاج في المجلس ) لأن المثالين مجمعهما ، إذ علمه تعالى بموت إنسان يستلزم إرادته ، وبكون إنسان يستلزم إرادة خلقه ، ومورد التخلف الأمثلة التي ذكرها عليه السلام من قبل ، ثم أراد عليه السلام أن ينبهه على غلطه فقال : فيعلم أنه يكون ما يريد ـ الخ ، والقسمة لعلمه بكون ما يريد وما لا يريد تقتضي صورا أربعا : يعلم أنه يكون ما يريد أن يكون فقط ، يعلم أنه يكون ما لا يريد أن يكون فقط ، يعلمهما جميعا ، لا يعلمهما ، والصورة الثانية هي ما ينطبق عليه المثالان ، والأخيرة محال ، والثالثة محال أيضا لما قال عليه السلام : إذن يعلم أن انسانا حي ميت ـ الخ ، ومنطبقة المثالين أيضا محال لما قلنا ، وسليمان بصرافة فطرته تركها واختار الصورة الأولى حيث قال : ( الذي أراد أن يكون ) بعد أن قال عليه السلام : ( لا بأس فيهما يكون ـ الخ ).


(453)
    قال سليمان : فإنما قولي : إن الإرادة ليست هو ولا غيره ، قال الرضا عليه السلام :
    يا جاهل إذا قلت : ليست هو فقد جعلتها غيره ، وإذا قلت : ليست هي غيره فقد جعلتها هو ، قال سليمان : فهو يعلم كيف يصنع الشيء ؟ قال عليه السلام : نعم ، قال سليمان :
    فإن ذلك إثبات للشئ (1) قال الرضا عليه السلام : أحلت لأن الرجل قد يحسن البناء وإن لم يبن ويحسن الخياطة وإن لم يخط ويحسن صنعة الشيء وإن لم يصنعه أبدا ثم قال له : يا سليمان هل يعلم أنه واحد لا شيء معه ؟! قال : نعم ، قال : أفيكون ذلك إثباتا للشيء ؟! قال سليمان : ليس يعلم أنه واحد لا شيء معه. قال الرضا عليه السلام : أفتعلم أنت ذلك ؟! (2) قال : نعم ، قال : فأنت يا سليمان أعلم منه إذا ، قال سليمان :
    المسألة محال ، قال : محال عندك أنه واحد لا شيء معه وأنه سميع بصير حكيم عليم
1 ـ المعنى : فإن ذلك إثبات للشئ معه في الأزل ، وذلك ظنا منه أن العلم بالمصنوع يستلزم وجوده ، فأجاب عليه السلام بالفرق بين العلم والإرادة بالأمثلة ، فإن العلم لا يستلزم المعلوم بخلاف الإرادة فإنها تستلزم المراد ، وقوله : ( يحسن ) في المواضع الثلاثة من الاحسان بمعنى العلم.
2 ـ في نسخة ( ه‍ ) و ( و ) ( أفأنت تعلم بذلك ).


(454)
قادر ؟! قال : نعم ، قال عليه السلام : فكيف أخبر الله عزوجل أنه واحد حي سميع بصير عليم خبير وهو لا يعلم ذلك ؟! وهذا رد ما قال وتكذيبه ، تعالى الله عن ذلك ، ثم قال الرضا عليه السلام : فكيف يريد صنع ما لا يدري صنعه ولا ما هو ؟! وإذا كان الصانع لا يدري كيف يصنع الشيء قبل أن يصنعه فإنما هو متحير ، تعالى الله عن ذلك.
    قال سليمان : فإن الإرادة القدرة ، قال الرضا عليه السلام : وهو عزوجل يقدر على ما لا يريده أبدا ، ولا بد من ذلك لأنه قال تبارك وتعالى : ( ولئن شئنا لنذهبن بالذي أوحينا إليك ) (1) فلو كانت الإرادة هي القدرة كان قد أراد أن يذهب به لقدرته ، فانقطع سليمان ، قال المأمون عند ذلك : يا سليمان هذا أعلم هاشمي. ثم تفرق القوم.
    قال مصنف هذا الكتاب : كان المأمون يجلب على الرضا عليه السلام من متكلمي الفرق والأهواء المضلة كل من سمع به حرصا على انقطاع الرضا عليه السلام عن الحجة مع واحد منهم ، وذلك حسدا منه له ولمنزلة من العلم ، فكان عليه السلام لا يكلم أحدا إلا أقر له بالفضل والتزم الحجة له عليه لأن الله تعالى ذكره أبى إلا أن يعلي كلمته ويتم نوره وينصر حجته ، وهكذا وعد تبارك وتعالى في كتابه فقال : ( إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ) (2) يعني بالذين آمنوا : ( الأئمة الهداة عليهم السلام وأتباعهم والعارفين بهم والآخذين عنهم ، ينصرهم بالحجة على مخالفيهم ما داموا في الدنيا ، وكذلك يفعل بهم في الآخرة ، وإن الله لا يخلف وعده.

    1 ـ أبي رحمه الله قال : حدثنا سعد بن عبد الله ، قال : حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن أبي بصير ، قال : قال أبو ـ جعفر عليه السلام : تكلموا في خلق الله ولا تكلموا في الله فإن الكلام في الله لا يزيد إلا تحيرا.
1 ـ الإسراء : 86.
2 ـ المؤمن : 51.


(455)
    2 ـ وبهذا الإسناد ، عن الحسن بن محبوب ، عن أبي أيوب الخزاز ، عن أبي عبيدة ، عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال : تكلموا في كل شيء ولا تكلموا في الله. (1)
    3 ـ وبهذا الإسناد ، عن الحسن بن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن ضريس الكناسي ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : اذكروا من عظمة الله ما شئتم ولا تذكروا ذاته فإنكم لا تذكرون منه شيئا إلا وهو أعظم منه.
    4 ـ وبهذا الإسناد ، عن الحسن بن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن بريد العجلي ، قال : قال أبو عبد الله عليه السلام : خرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على أصحابه فقال : ما جمعكم ؟ قالوا : اجتمعنا نذكر ربنا ونتفكر في عظمته ، فقال : لن تدركوا التفكر في عظمته.
    5 ـ وبهذا الإسناد ، عن الحسن بن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن فضيل ابن يسار ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول : يا ابن آدم لو أكل قلبك طائر لم يشبعه ، وبصرك لو وضع عليه خرق إبرة لغطاه ، تريد أن تعرف بهما ملكوت السماوات والأرض ، إن كنت صادقا فهذه الشمس خلق من خلق الله فإن قدرت أن تملأ عينيك منها فهو كما تقول.
    6 ـ وبهذا الإسناد ، عن الحسن بن محبوب ، عن العلاء بن رزين ، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله عزوجل : ( ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا ) (2) قال : من لم يدله خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار ودوران الفلك والشمس والقمر والآيات العجيبات على أن وراء ذلك أمرا أعظم منه فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا ، قال : فهو عما لم يعاين أعمى وأضل.
    7 ـ حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رحمه الله قال : حدثنا محمد بن الحسن الصفار ، قال : حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن علي بن فضال عن ثعلبة بن ميمون ، عن الحسن الصيقل ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : تكلموا في ما دون العرش ولا تكلموا في ما فوق العرش فإن قوما تكلموا في الله
1 ـ أي في ذاته تعالى أنه ما هو ؟ وكيف هو ؟.
2 ـ الإسراء : 72.


(456)
عزوجل فتاهو حتى كان الرجل ينادي من بين يديه فيجيب من خلفه وينادي من خلفه فيجيب من بين يديه.
    8 ـ أبي رحمه الله ، قال : حدثنا علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن محمد بن يحيى الخثعمي ، عن عبد الرحيم القصير ، قال : سألت أبا جعفر عليه السلام عن شيء من التوحيد ، فرفع يديه إلى السماء وقال : تعالى الله الجبار (1) إن من تعاطى ما ثم هلك.
    9 ـ وبهذا الإسناد ، عن ابن أبي عمير ، عن عبد الرحمن بن الحجاج ، عن سليمان بن خالد ، عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عزوجل : ( وأن إلى ربك المنتهى ) (2) قال : إذا انتهى الكلام إلى الله عزوجل فأمسكوا.
    10 ـ وبهذا الإسناد ، عن ابن أبي عمير ، عن أبي أيوب الخزاز ، عن محمد بن مسلم ، قال : قال أبو عبد الله عليه السلام : يا محمد إن الناس لا يزال بهم المنطق حتى يتكلموا في الله ، فإذا سمعتم ذلك فقولوا : لا إله إلا الله الواحد الذي ليس كمثله شيء.
    11 ـ وبهذا الإسناد ، عن ابن أبي عمير ، عن محمد بن حمران ، عن أبي عبيدة الحذاء ، قال : قال لي أبو جعفر عليه السلام : يا زياد إياك والخصومات فإنها تورث الشك وتحبط العمل وتردي صاحبها ، وعسى أن تكلم بالشيء فلا يغفر له ، إنه كان فيما مضى قوم وتركوا علم ما وكلوا به وطلبوا علم ما كفوه حتى انتهى كلامهم إلى الله عزوجل فتحيروا ، فإن كان الرجل ليدعى من بين يديه فيجيب من خلفه ويدعى من خلفه فيجيب من بين يديه.
    12 ـ أبي رحمه الله قال : حدثنا سعد بن عبد الله ، قال : حدثنا أحمد بن محمد ابن عيسى ، عن عبد الله بن المغيرة ، عن أبي اليسع ، عن سليمان بن خالد ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : أنه قد كان فيمن كان قبلكم قوم تركوا علم ما وكلوا بعلمه و طلبوا علم ما لم يوكلوا بعلمه ، فلم يبرحوا حتى سألوا عما فوق السماء فتاهت
1 ـ في النسخ الخطية : ( تعالى الجبار ).
2 ـ النجم : 42.


(457)
قلوبهم ، فكان أحدهم يدعى من بين يديه فيجيب من خلفه ويدعى من خلفه فيجيب من بين يديه.
    13 ـ وبهذا الإسناد ، عن أبي اليسع ، عن أبي الجارود ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : دعوا التفكر في الله فإن التفكر في الله لا يزيد إلا تيها لأن الله تبارك وتعالى لا تدركه الأبصار ولا تبلغه الأخبار.
    14 ـ وبهذا الإسناد ، عن أبي اليسع ، عن سليمان بن خالد ، قال : قال أبو عبد الله عليه السلام : إياكم والتفكر في الله فإن التفكر في الله لا يزيد إلا تيها لأن الله عزوجل لا تدركه الأبصار ولا يوصف بمقدار.
    15 ـ أبي رحمه الله ، قال : حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، قال : حدثنا محمد بن خالد ، عن علي بن النعمان وصفوان بن يحيى عن فضيل بن عثمان ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : دخل عليه قوم من هؤلاء الذين يتكلمون في الربوبية ، فقال : اتقوا الله وعظموا الله ولا تقولوا ما لا نقول فإنكم إن قلتم وقلنا متم ومتنا ثم بعثكم الله وبعثنا فكنتم حيث شاء الله وكنا.
    16 ـ حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل رضي الله عنه قال : حدثنا عبد الله بن جعفر ، قال : حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى ، قال : حدثنا الحسن بن محبوب ، عن عمرو بن أبي المقدام ، عن سالم بن أبي حفصة ، عن منذر الثوري ، عن محمد بن الحنفية ، قال :
    إن هذه الأمة لن تهلك حتى تتكلم في ربها.
    17 ـ وبهذا الإسناد ، عن الحسن بن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن ضريس ، الكناسي ، قال : قال أبو عبد الله عليه السلام : إياكم والكلام في الله ، تكلموا في عظمته ولا تكلموا فيه فإن الكلام في الله لا يزداد إلا تيها (1).
    18 ـ حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق رضي الله عنه ، قال :
    حدثنا أبو الحسين محمد بن أبي عبد الله الكوفي ، قال : حدثنا محمد بن سليمان بن الحسن الكوفي ، قال : حدثنا عبد الله بن محمد بن خالد ، عن علي بن حسان الواسطي ، عن
1 ـ في نسخة ( ج ) ( فإن الكلام فيه لا يزداد صاحبه إلا تيها ).

(458)
بعض أصحابنا ، عن زرارة ، قال : قلت لأبي جعفر عليه السلام : إن الناس قبلنا قد أكثروا في الصفة فما تقول ؟ فقال : مكروه ، أما تسمع الله عزوجل يقول : ( وأن إلى ربك المنتهى ) (1) تكلموا فيما دون ذلك.
    19 ـ أبي رحمه الله ، قال : حدثنا في بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن عبد الله بن بكير ، عن زرارة ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : إن ملكا عظيم الشأن كان في مجلس له فتكلم في الرب تبارك وتعالى ففقد فما يدري أين هو.
    20 ـ أبي رحمه الله ، قال : حدثنا سعد بن عبد الله ، قال : حدثنا محمد بن عبد الحميد ، عن العلاء بن رزين ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه السلام قال :
    إياكم والتفكر في الله ، ولكن إذا أردتم أن تنظروا إلى عظمة الله فانظروا إلى عظم خلقه.
    21 ـ أبي رضي الله عنه ، قال : حدثنا أحمد بن إدريس ، عن محمد بن أحمد ، عن علي بن السندي ، عن حماد بن عيسى ، عن الحسين بن المختار ، عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : سمعته يقول : الخصومة تمحق الدين وتحبط العمل وتورث الشك.
    22 ـ وبهذا الإسناد ، عن أبي بصير ، قال : قال أبو عبد الله عليه السلام : يهلك أصحاب الكلام ، وينجو المسلمون إن المسلمين هم النجباء.
    23 ـ حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه ، قال : حدثنا محمد بن الحسن الصفار ، قال : حدثنا العباس بن معروف ، عن سعدان بن مسلم ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال : سمعته يقول : لا يخاصم إلا رجل ليس له ورع أو رجل شاك.
    24 ـ أبي رحمه الله ، قال : حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري ، قال : حدثنا أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن فضيل ، عن أبي عبيدة ، عن أبي جعفر عليه السلام
1 ـ النجم : 42.

(459)
قال : قال لي : يا أبا عبيدة إياك وأصحاب الخصومات والكذابين علينا فإنهم تركوا ما أمروا بعلمه وتكلفوا علم السماء ، يا أبا عبيدة خالقوا الناس بأخلاقهم وزايلوهم بأعمالهم ، إنا لا نعد الرجل فينا عاقلا (1) حتى يعرف لحن القول ثم قرأ هذه الآية ( ولتعرفنهم في لحن القول ) (2).
    25 ـ أبي رحمه الله ، قال : حدثنا سعد بن عبد الله قال : حدثنا يعقوب بن يزيد عن الغفاري ، عن جعفر بن إبراهيم ، عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : إياكم وجدال كل مفتون فإن كل مفتون ملقن حجته إلى انقضاء مدته (3) فإذا انقضت مدته أحرقته فتنته بالنار. وروي شغلته خطيئته فأحرقته.
    26 ـ أبي رحمه الله ، قال : حدثنا سعد بن عبد الله ، قال : حدثنا محمد بن عيسى قال : قرأت في كتاب علي بن بلال أنه سأل الرجل يعني أبا الحسن عليه السلام : أنه روي عن آبائك عليهم السلام أنهم نهوا عن الكلام في الدين. فتأول مواليك المتكلمون بأنه إنما نهى من لا يحسن أن يتكلم فيه فأما من يحسن أن يتكلم فيه فلم ينه ، فهل ذلك كما تأولوا أولا ؟ فكتب عليه السلام : المحسن وغير المحسن لا يتكلم فيه فإن إثمه أكثر من نفعه.
    27 ـ أبي رحمه الله ، قال : حدثنا أحمد بن إدريس ، قال : حدثنا محمد بن أحمد علي بن إسماعيل ، عن المعلى بن محمد البصري ، عن علي بن أسباط ، عن جعفر بن سماعة ، عن غير واحد ، عن زرارة ، قال : سألت أبا جعفر عليه السلام : ما حجة الله على العباد ؟ قال : أن يقولوا ما يعلمون ويقفوا عندما لا يعلمون.
    28 ـ أبي رحمه الله ، قال : حدثنا محمد بن يحيى العطار ، عن محمد بن الحسين ، ابن أبي الخطاب ، عن ابن فضال ، عن علي بن شجرة ، عن إبراهيم بن أبي رجاء
1 ـ في نسخة ( ن ) و ( ط ) ( لا نعد الرجل فقيها حتى ـ الخ ).
2 ـ محمد صلى الله عليه وآله : 30.
3 ـ في نسخة ( و ) ( ملقف حجته ـ الخ ) ، وفي نسخة ( ه‍ ) ( إياكم وجدال كل مفتون ملقن حجته ـ الخ ).


(460)
عن أخي طربال (1) قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول : كف الأذى وقلة الصخب يزيدان في الرزق.
    29 ـ حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل رضي الله عنه ، قال : حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري ، قال : حدثنا محمد بن الحسين ، عن الحسن بن محبوب ، عن نجية القواس ، عن علي بن يقطين ، قال : قال أبو الحسن عليه السلام : مر أصحابك أن يكفوا من ألسنتهم ويدعوا الخصومة في الدين ويجتهدوا في عبادة الله عزوجل.
    30 ـ حدثنا الحسين بن أحمد بن إدريس رضي الله عنه ، عن أبيه ، عن محمد بن أحمد ، عن موسى بن عمر ، عن العباس بن عامر ، عن مثنى ، عن أبي بصير ، عن أبي ـ عبد الله ، قال : قال : لا يخاصم إلا شاك أو من لا ورع له.
    31 ـ وبهذا الإسناد ، عن محمد بن أحمد ، عن أحمد بن الحسن ، عن أبي حفص عمر بن عبد العزيز (2) عن رجل ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال : قال : متكلموا هذه العصابة من شر من هم منه من كل صنف (3).
    32 ـ أبي رحمه الله ، قال : حدثنا سعد بن عبد الله ، قال : حدثنا محمد بن الحسين عن محمد بن إسماعيل ، عن الحضرمي ، عن المفضل بن عمر ، قال : قال أبو عبد الله عليه السلام :
    يا مفضل من فكر في الله كيف كان هلك ، ومن طلب الرئاسة هلك.
    33 ـ أبي رحمه الله ، قال : حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري ، عن هارون بن مسلم ، عن مسعدة بن صدقة ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهما السلام ، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم
1 ـ في نسخة ( ب ) ( عن إبراهيم بن أبي رجاء أخي طربال ) واسم أخي طربال إبراهيم.
2 ـ في نسخة ( ط ) و ( ن ) ( عن أبي حفص بن عمر بن عبد العزيز ).
3 ـ الظاهر أن المراد بالعصابة علماء العامة ، أي المتكلمون من علماء العامة من شر الذين هذه العصابة منهم ، ومفاد الموصول جماعة العامة ، وإفراد الضمير باعتبار لفظ الموصول ، وقوله : ( من كل صنف ) تصريح بالتعميم وبيان لقوله : ( منه ) ، وفي نسخة ( د ) ( منهم ) مكان ( منه ).


(461)
قال : لعن الله الذين اتخذوا دينهم شحا (1) يعني الجدال ليدحضوا الحق بالباطل.
    34 ـ حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه ، قال : حدثنا محمد بن الحسن الصفار ، عن الفضل بن عامر ، عن موسى بن القاسم البجلي ، عن محمد بن سعيد ، عن إسماعيل بن أبي زياد ، عن جعفر بن محمد ، عن آبائه عليهم السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : أنا زعيم بيت في أعلى الجنة وبيت في وسط الجنة وبيت في رياض الجنة (2) لمن ترك المراء وإن كان محقا.
    35 ـ أبي رحمه الله ، قال : حدثنا أحمد بن إدريس ، عن محمد بن أحمد ، عن عبد الله بن محمد ، عن محمد بن إسماعيل النيسابوري ، عن عبد الرحمن بن أبي هاشم ، عن كليب بن معاوية ، قال : قال أبو عبد الله عليه السلام : لا يخاصم إلا من قد ضاق بما في صدره.
1 ـ في نسخة ( ن ) ( متح ) وفي نسخة ( ه‍ ) و ( ج ) و ( و ) ( شيحا ).
2 ـ كذا في النسخ بالياء جمع الروضة ، وأظن أنه رياض بالباء الموحدة كما في أخبار أخر ، والربض ما حول المدينة من بيوت ومساكن ، يقال : نزلوا في ربض المدينة.
التوحيد ::: فهرس