دراساتٌ موجزةٌ في الخيارات والشروط ::: 196 ـ 198
(196)
    4. التلف في زمان خيار التأخير ، فإنّه يوجب الانفساخ فلا يبقى موضوع للخيار.
    إذا عرفت ذلك : فالأقوى هو الضابطة المعروفة بين الفقهاء ، أعني :
    1. إنّ كلّ خيار متعلّق بالعقد ، فلا يبطل بتلف العين.
    2. كلّ خيار متعلّق بردّ العين أو ترادّ العينين ، كما هو الحال في المعاطاة على القول بعدم إفادتها اللزوم ، فيبطل به.
    أمّا بقاء الخيار المتعلّق بالعقد ، فلأنّ الخيار عبارة عن ملك فسخ العقد ، والعقد بعد التلف بعد باق ، ولذا تجوز الإقالة حينئذ اتّفاقاً فلا مزيل لهذا الملك ( ملك فسخ العقد ) بعد التلف ولا مقيّد له بصورة البقاء.
    وأمّا انتفاؤه في الخيار المشتمل بردّ العين أو العينين فلأجل عدم بقاء موضوع الخيار ، أعني : العين.
    فإذا كان الخيار قائماً بالعقد وتلفت العين وفسخ ذو الخيار ، يأخذ الثمن وينتقل ضمان العين إلى المثل إن كان مثليّاً أو القيمة إذا كان قيميّاً.


(197)
    خاتمة المطاف
في الإقالة
    وحقيقتها إزالة العقد وفسخه من الطرفين ، وتقع بكلّ لفظ أفاد المعنى المقصود عند أهل المحاورة ، كأن يقولا : تقايلنا ، أو تفاسخنا أو يقول أحدهما : أقلتك ، ويقبل الآخر بقوله : قبلت ، ولا تعتبر العربية في كل العقود ، إلا النكاح والطلاق.
    وبما انّ الناس مسلّطون على أموالهم فللمتعاملين إقالة جميع ما وقع عليه العقد أو بعضهِ وعندئذ يُقسّط الثمن عليها بالنسبة كما أنّه إذا تعدّد البائع ، فللمشتري إقالة سهم أحدهما إذا رضي دون الآخر.
    بقي هنا أمران :
    الأوّل : كما أنّ التلف غير مانع عن الفسخ ، فهكذا غير مانع عن الإقالة ، فلو تقايلا رجع كلّ عوض إلى مالكه فإن كان موجوداً أخذه وإن كان تالفاً ـ كما هو المفروض ـ يرجع إلى المثل في المثلي ، وإلى القيمة في القيمي.
    الثاني : إنّ الإقالة إزالة العقد وليس بيعاً ، وبعبارة أُخرى : هدم للعقد السابق وجعله كأنْ لم يكن ، لا تأسيس عقد جديد ، فلا تجوز الإقالة بزيادة على الثمن المسمّى ولا نقصان منه ، فلو أقال المشتري بزيادة أو البائع بوضيعة بطلت


(198)
الإقالة وبقي العوضان على ملك صاحبهما ، لأنّ معنى الإقالة رجوع كلّ عوض إلى مالكه ، فإذا شرط فيها ما يخالف مقتضاها فسد الشرط وفسدت الإقالة بفساده ، لما عرفت من أنّ اشتراط ما يخالف مقتضى العقد ، يوجب فساده وإن لم نقل بأنّ الشرط الفاسد مفسد.
تمّ الكلام في أحكام الخيار ولاح بدر تمامه
عشية يوم الأحد سابع شهر جمادى الآخرة
من شهور عام 1422 من الهجرة النبوية
كتبه الراجي لرحمة ربّه وغفرانه ، جعفر السبحاني
رزقه اللّه حسن العاقبة
دراساتٌ موجزةٌ في الخيارات والشروط ::: فهرس