دراساتٌ موجزةٌ في الخيارات والشروط ::: 181 ـ 195
(181)
    المقصد السادس
أحكام الخيار
    قد مرّ معنى الخيار وأقسامه العامّة والخاصّة ، فحان البحث في أحكامه ، ونقتصر في بيان الأحكام ، على الأُمور التالية :
    الأوّل : إرث الخيار.
    الثاني : تصرّف ذي الخيار فيما انتقل عنه فسخ.
    الثالث : تملّك المبيع بالعقد لا به وبانقضاء الخيار.
    الرابع : التلف في زمن الخيار ممّن لا خيار له.
    الخامس : عدم بطلان الخيار بتلف العين.
    هذه بعض أحكام الخيار المذكورة في الكتب الفقهية ، ونحن نأخذ بالبحث واحداً تلو الآخر ضمن فصول على وجه يناسب كتابنا هذا ، وأمّا التفصيل فيطلب من الموسوعات الفقهيّة :


(182)

(183)
    الفصل الأوّل
إرث الخيار
    إرث الخيار يتوقّف على ثبوت أمرين :
    1. كونه حقّاً لا حكماً شرعيّاً.
    2. كونه حقّاً قابلاً للانتقال.
    و لولا ثبوت هذين الأمرين لا تنفع العمومات الواردة في الكتاب والسنّة من أنّ « ما تركه الميّت فلوارثه » ، لأنّ الضابطة ناظرة إلى ما يقبل الانتقال. وأمّا ما هو قابل للانتقال وما ليس بقابل له ، فلابدّ من ثبوته بدليل آخر غير هذه الضابطة لأنّ الكبرى لاتُثبِتُ صغراها وإنّما تثبت بدليل آخر.

    الضابطة في تمييز الحقّ عن الحكم
    إنّ من المباحث البديعة في الفقه الإسلامي ، تقسيمَ ما خُوِّل إلى الإنسان إلى الحقّ والحكم ، والفارق بينهما هو أخذ السلطة وإعمال القدرة في مفهوم الأوّل ، ومجرّد جواز الفعل والترك في مفهوم الثاني. فترى الفرق الواضح بين حقّ القصاص وجواز شرب الماء وأكل اللحم ; فيتضمّن الأوّل ، السلطةَ وإعمالَ القدرة ، قال سبحانه : ( وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَليِّهِ سُلْطاناً فَلا يُسْرِفْ فِى الْقَتْلِ إِنَّهُ كانَ


(184)
مَنْصُوراً ) (1) ، وفي الوقت نفسه يقول : ( وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا ). (2)
    هذه هي الضابطة الكلّيّة في التعرّف الإجمالي على الحقّ والحكم. ويستعان في تمييز أحدهما عن الآخر بلسان الدليل تارة ، والارتكاز العرفي ثانياً ، والإجماع ثالثاً ، وآثاره الشرعية رابعاً ; فإنّ الحكم لا يقبل الإسقاط ولا النقل ولا الانتقال القهري ، لأنّ كلّ واحد منها ، تدخّل في التشريع مع أنّه بيد اللّه سبحانه ، وهذا بخلاف الحقّ فهو يقبل غالباً واحداً أو أكثر هذه الأُمور.
    إذا وقفت على هذه المقدّمة ، فلنرجع إلى الأمرين اللّذين أشرنا إليهما في صدر البحث.

    الأوّل : إنّ الخيار حقّ
    لا شكّ أنّ الخيار حقّ لصاحبه وليس حكماً شرعياً محضاً ، ويدلّ على ذلك ـ مضافاً إلى الارتكاز العرفي حيث إنّ أحد الطرفين يرى نفسه حاكماً والآخر محكوماً عليه ـ ما دلّ على سقوط الخيار بالتصرّف الكاشف عن الرضا ، (3) والحكم الشرعي لا يسقط.

    الثاني : الخيار قابل للانتقال
    هذا هو المهمّ في المقام ولا يحكم عليه بالانتقال حتّى نقف على الضابطة التي يعرف بها الحقّ غير القابل للانتقال ، عن القابل له ، فنقول :
    إنّ عدم الانتقال رهن أحد أمرين :
1. الإسراء : 33.
2. الأعراف : 31.
3. الوسائل : 12 ، الباب 4 من أبواب الخيار ، الحديث 1 و3.


(185)
    أ : إذا أحرز كون الشيء حقّاً وثبت أنّ المتعلّق مقوِّم للحقّ لا مورد ، فهذا لا يقبل الانتقال ، كما في الولاية العامّة للفقيه ، والخاصّة للوالد ، والشفعة للشريكين ، والمضاجعة للزوجين ، فبما أنّ من قام به الحقّ يعدّ مقوِّماً للحقّ لا ينتقل إلى غيره.
    ب : إذا ورد النهي الشرعي عن الانتقال بعد كونه قابلاً للانتقال عرفاً ، كحقّ القصاص بالنسبة إلى الوارث الكافر مع وجود الوارث المسلم ، فيُتبع النص ولا يحكم بالانتقال لما عرفت.
    وأمّا في غير هذين الموردين ، فالحق يكون قابلاً للانتقال ، ومن حسن الحظّ أنّ المتعلّق في الخيار ليس مقوّماً أوّلاً ولم يرد في الشرع نهي عن الانتقال ثانياً فيحكم بالانتقال الشرعي.
    على أنّ هناك طريقاً آخر إلى إثبات كونه قابلاً للانتقال شرعاً وهو ارتكاز العرف ومتلقّاه ، فهو طريق إلى كونه كذلك عند الشرع كما هو الحال في سائر الموارد ، فإذا حكم العرف بأنّه قابل للانتقال ، كشف ذلك عن كونه كذلك شرعاً.
    وليس الاستكشاف ( استكشاف حكم الشرع عن طريق حكم العرف ) منحصراً بهذا المقام ، بل يمكن استكشاف العقد الصحيح عن العقد الفاسد من هذا الطريق ، فإذا كان العقد صحيحاً عند العرف نستكشف كونه كذلك عند الشرع ، إلا إذا نهى الشارع عنه ، وهذا هو الطريق الذي سلكه الشيخ في أوّل كتاب البيع لتمييز البيع الصحيح عن الفاسد. (1)
    بقي هنا كلام وهو كيفية إرث الخيار مع تعدّد الورثة.

    كيفية إرث الخيار مع تعدّد الورثة
    إذا ثبت أنّ الخيار حقّ موروث ، يقع الكلام في كيفية إرث الحقّ الواحد مع
1. المتاجر ، عند البحث عن تعريف البيع ، ص 80 ـ 81.

(186)
كون الوارث متعدّداً ، وجه الإشكال انّه ليس الحقّ كالمال حتى تشترك فيه الأفراد حسب السهام والحصص ، بل هو أمر واحد ، فكيف يتسلّط عليه أفراد ، فلا محيص عن أحد أمرين : إمّا تكثير الواحد ، أو توحيد الكثير ؟ وقد ذهب القوم في حلّ الإشكال إلى مذاهب نشير إليها :
    1. إنّ الحقّ الواحد يتكثّر حسب تكثّر الورثة ، فيستقلّ كلّ بالخيار ، ولأجل ذلك يقدّم الفاسخ على المجيز ، وإن تأخّر الفسخ ونظير ذلك حقّ القصاص ، وحقّ القذف وحقّ الشفعة ، فانّها تتكثر مع تكثّر الورثة.
    2. إنّ الحقّ الواحد يتكثّر حسب السهام والحصص ، لا حسب تكثّر الأفراد ، فكلّ واحد من الورثة يملك خياراً حسب حصّته ، غاية الأمر لو أجاز الباقون ، وفسخ واحد تبعّضت الصفقة على المشتري ، فله الخيار.
    3. إنّ الحقّ الواحد يرثه مجموع الورثة بما هو هو ، فلا يجوز لواحد الاستقلال بالفسخ لا في الكلّ ولا في البعض ، فلو لم تجتمع كلمتهم على الفسخ لا يؤثّر ، لعدم تحقّق الموضوع.
    والظاهر هو الوجه الأخير ، أي ثبوت الحقّ الواحد للمجموع ، وهو أيضاً خيرة الشيخ الأعظم وسيّدنا الأُستاذ ـ قدّس سرّهما ـ والدليل على ذلك أنّ حقّ الخيار لا ينحلّ إلى حقوق ، ضرورة أنّه لم يكن للمورّث إلاّ حقّ واحد متعلّق بالمبيع ولم يكن له إلا فسخ الجميع أو إمضاؤه ، وهو بهذا الوصف ينتقل إلى الورثة فلا تنحلّ إلى حقوق حسب الرؤوس أو السهام. (1)
1. المتاجر ، قسم الخيارات : 5/262 ؛ تحرير الوسيلة : 1/488 ، في أحكام الخيار.

(187)
    الفصل الثاني
تصرّف ذي الخيار فيما انتقل عنه فسخ
    قد اشتهر بينهم أنّ تصرّف ذي الخيار فيما انتقل إليه إجازة وتصرّفه فيما انتقل عنه فسخ ، وقد مرّ الكلام في الشقّ الأوّل ، ونبحث في الشقّ الثاني أي كون التصرّف فيما انتقل عنه فسخ ، والمهمّ تحديد التصرّف الذي يعدّ فسخاً ، فهناك وجهان :
    أ. التصرّف الناشئ عن قصد إنشاء الفسخ.
    ب. مطلق ما يحكي عن كراهة البيع وإن لم يُقصد بالتصرّف إنشاءُ الفسخ.
    والأقوى هو الوجه الأوّل ، وذلك لأنّ الفسخ من الأُمور الإيقاعية كالطلاق والنذر والوقف ، والاعتبار إيقاعياً كان أو عقدياً ، رهن قصد الإنشاء بلا فرق بين القول والفعل ، فإذا صدر التصرّف بقصد إنشاء الفسخ بالفعل ، يتحقّق ذلك المعنى وإلاّفلا.
    نعم ، قد تقدّم منّا في خيار الحيوان أنّ تصرّف المشتري في الحيوان إذا عدّ في العرف مصداقاً لإسقاط الخيار وإجازة للبيع فهو مسقط ، سواء كان التصرّف مقروناً بقصد الإسقاط أو لا ، إلا انّ ذلك الحكم مختص بباب الحيوان كان لأجل


(188)
رواية علي بن رئاب حيث قال : « فإن أحدث المشتري فيما اشترى حدثاً قبل الثلاثة الأيّام فذلك رضا منه فلا شرط ». (1) فيقتصر على مورده ، وأمّا في غير هذا المورد فلا يحكم بالفسخ ما لم يكن التصرّف بنيّة إنشائه.
1. الوسائل : 12 ، الباب 4 من أبواب الخيار ، الحديث 1.

(189)
    الفصل الثالث
في تملّك المبيع بالعقد لا به وبانقضاء الخيار
    هل المبيع يتملّك بالعقد أو به وبانقضاء الخيار معاً ؟ فيه أقوال ثلاثة :
    1. العقد هو السبب التام للانتقال من دون توقّف على انقضاء الخيار.
    2. توقّف الملكية على انقضاء الخيار.
    3. التفصيل بين خيار المشتري وحده وغيره فيخرج عن ملك البائع في الأوّل دون غيره.
    الحقّ هو القول الأوّل ويدلّ عليه وجوه :
    1. سيرة العقلاء في كلّ عصر ومصر إلى أن ينتهي إلى عصر المعصومين ( عليهم السَّلام ) حيث إنّ المشتري يرى نفسه مالكاً للمثمن والبائع مثله يرى نفسه مالكاً للثمن فيتصرّف كلّ فيما انتقل إليه ; وأمّا أثر الخيار فهو تزلزل الملك بعد حصوله.
    نعم ، لو دلّ الدليل على اشتراط شرط آخر في حصول الملك يؤخذ به ، كما دلّ على توقّف الملك في الصرف والسلم على القبض والإقباض في مجلس المعاملة ، ولكنّه مختصّ بالصرف والسلم لا بعقد آخر ، وبنفس القبض لا بشرط آخر ، ولم يرد مثله في انقضاء الخيار ؛ والسيرة العقلائية حجّة شرعية إذا لم يرد ردع عنها والمفروض عدمه.


(190)
    2. دلالة العمومات والإطلاقات على حصول الملك بالعقد بداهة ظهورها في أنّ العقد علّة تامّة لجواز التصرّف الذي هو من لوازم الملك.
    3. الروايات الظاهرة في مذهب المشهور ، ونذكر من الكثير ، القليلَ.
    أ : « البيّعان بالخيار حتّى يفترقا » (1) فانّ صدق البيّع فرع تحقّق البيع بمفهومه ، وتحقّقه يلازم حصول الملكية قبل الافتراق.
    ب : ما يدلّ من الروايات على سقوط خيار المشتري بالتصرّف في المبيع بلمس الأمة ، وتقبيلها أو النظر إلى ما يحرم عليه قبل الشراء ، أو أخذ الحافر ونعل الدابّة ، فإنّ ظاهر هذه الروايات ، أنّ هذه التصرّفات ـ التي هي من شؤون المالك ـ جائزة للمشتري ومباحة قبل التصرّف وبه يسقط خياره.
    ففي صحيحة علي بن رئاب ، عن أبي عبد اللّه ( عليه السَّلام ) : ... قيل له : وما الحدث ؟ قال : « إن لامس أو قبّل أو نظر منها إلى ما كان يحرم عليه قبل الشراء ». (2)
    و في رواية أُخرى عنه : قلت له : أرأيت إن قبّلها المشتري أو لامس ؟ قال : فقال : « إذا قبّل أو لامس أو نظر منها إلى ما يحرم على غيره ، فقد انقضى الشرط ولزمته ». (3)
    و ظاهر الرواية ثبوت الحلية للمشتري قبل التصرّف ، وأمّا التصرّف فلا دور له إلا في إيجاب العقد وإضفاء اللزوم عليه ، لا أنّ التصرّف بإسقاطه الخيار يحدث الملكية والحلّية معاً.
    ج : خبر بشار بن يسار ، قال : سألت أبا عبد اللّه ( عليه السَّلام ) عن الرجل يبيع المتاع بنساء فيشتريه من صاحبه الذي يبيعه منه ؟ قال : « نعم ، لا بأس به » ، فقلت له :
1. الوسائل : 12 ، الباب 1 من أبواب الخيار ، الحديث 1.
2. الوسائل : 12 ، الباب 4 من أبواب الخيار ، الحديث 1 و3.
3. الوسائل : 12 ، الباب 4 من أبواب الخيار ، الحديث 1 و3.


(191)
أشتري متاعي ؟ فقال : « ليس هو متاعك ولا بقرك ولا غنمك ». (1)
    والدلالة واضحة ، فانّه يشتري المتاع من المشتري في المجلس الذي لم يتفرقا عنه ، فلمّا تعجّب الراوي من صحّة الاشتراء أزال الإمام تعجّبه بقوله : « انّه ليس هو متاعك ولا بقرك ولا غنمك » حتّى يكون من قبيل اشتراء الرجل مال نفسه ، بل اشتراء لمال الغير.

    وجوب التسليم في زمان الخيار
    ويترتّب على ما ذكرنا من حصول الملكية بالعقد بلا توقّف على انقضاء الخيار ، أنّه يجب على كلّ واحد من المتعاملين تسليم ما لديه للآخر عند الطلب ، وكون الخيار غير مانع عن وجوبه ، نعم انفرد العلاّمة في المقام بفتوى خاصّة وهو أنّه لا يجب على البائع تسليم المبيع ولا على المشتري تسليم الثمن في زمان الخيار ، ولو تبرّع أحدهما بالتسليم لم يبطل خياره ، ولا يجبر الآخر على تسليم ما عنده ، وله استرداد المدفوع قضيّة للخيار ، ثمّ نقل عن بعض الشافعية ، انّه ليس له استرداده ، وله أخذ ما عند صاحبه بلا رضاه ، كما لو كان التسليم بعد لزوم البيع. (2)
    ومع ذلك فقد أفتى في موضع آخربأنّ الملك ينتقل بالعقد ويلزم بانقضائه. (3)
التحقيق
    اذكر ما يدلّ من الروايات على مذهب المشهور ( لاحظ : الوسائل : 12 ، الباب 1 من أبواب الخيار ، الحديث 4 و5 ) و( الباب 8 من أبواب الخيار ، الحديث 10 ) وبيّن كيفية دلالتها على القول المشهور.
1. الوسائل : 12 ، الباب 5 من أبواب أحكام العقود ، الحديث 3.
2. التذكرة : 11/181.
3. التذكرة : 11/155.


(192)
    الفصل الرابع
التلف في زمن الخيار ممن لا خيار له
    قد اشتهر بين الفقهاء : « إنّ التلف في زمن الخيار ممّن لا خيار له » و « إنّ المبيع في زمن الخيار في ضمان من لا خيار له » أو « أنّ كلّ مبيع قد تلف في زمن الخيار ففي ضمان من لا خيار له » أو « إنّ كلّ مبيع قد تلف في زمن الخيار فهو ممّن لاخيار له » إلى غير ذلك من التعابير المختلفة المعبِّرة عن معنى واحد.
    ثمّ إنّ للقاعدة صوراً ، بعضها على وفق القاعدة وبعضها على خلافها :
    أ : إذا تلف المبيع في يد المشتري ، وكان الخيار مختصّاً بالبائع ، فكون التلف ممّن لا خيار له ، أي المشتري على وفاق القاعدة ، لأنّه تلف تحت يده.
    ب : إذا تلف الثمن في يد البائع وكان الخيار للمشتري ، فكون التلف ممّن لا خيار له ، أي البائع على وفق القاعدة ، لأنّه تلف تحت يده.
    ج : إذا كان الخيار للمشتري وتلف في يده ، فالحكم بضمان البائع بحجّة أنّه لا خيار له ، وأنّ المعاملة تامّة من جانبه دون الجانب الآخر على خلاف القاعدة ، لأنّ ضمان الأجنبي مال الغير بلا مباشرة ولا تسبيب في التلف يحتاج إلى دليل قاطع.


(193)
    دليل القاعدة
    قد دلّ غير واحد من الروايات على مضمون القاعدة ومورد الجميع هو بيع الحيوان ، وإليك بعضها :
    1. صحيحة عبد اللّه بن سنان ، قال : سألت أبا عبد اللّه ( عليه السَّلام ) عن الرجل يشتري الدابّة أو العبد ، ويشترط إلى يوم أو يومين فيموت العبد والدابّة أو يحدث فيه حدث ، على من ضمان ذلك ؟ فقال : « على البائع حتّى ينقضي الشرط ثلاثة أيّام ويصير المبيع للمشتري ». (1)
    2. عن الحسن بن علي ، عن علي بن رباط ، عمّن رواه ، عن أبي عبد اللّه ( عليه السَّلام ) ، قال : « إن حدث بالحيوان قبل ثلاثة أيّام فهو من مال البائع ». (2)
    3. عن عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه قال : سألت أبا عبد اللّه ( عليه السَّلام ) عن رجل اشترى أمة بشرط من رجل يوماً أو يومين فماتت عنده وقد قطع الثمن ، على من يكون الضمان ؟ فقال : « ليس على الذي اشترى ضمان حتّى يمضي شرطه ». (3)
    4. خبر عبد اللّه بن الحسن ، عن أبيه ، عن جعفر بن محمد ، قال : « قال رسول اللّه ( صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ) في رجل اشترى عبداً بشرط ثلاثة أيّام فمات العبد في الشرط ، قال : يستحلف باللّه ما رضيه ثمّ هو بريء من الضمان ». (4)
    و هل القاعدة تعمّ الخيارات عامة أو تختصّ بخيار الحيوان ؟
1. الوسائل : 12 ، الباب 5 من أبواب الخيارات ، الحديث 2 ، 5.
2. الوسائل : 12 ، الباب 5 من أبواب الخيارات ، الحديث 2 ، 5.
3. الوسائل : 12 ، الباب 5 من أبواب الخيارات ، الحديث 1 ، 4.
4. الوسائل : 12 ، الباب 5 من أبواب الخيارات ، الحديث 1 ، 4.


(194)
    الحكم مختصّ بالحيوان
    الإمعان في الروايات يعرب عن أنّ الهدف توسيع دائرة ضمان البائع قبل القبض ، حيث إنّ البائع ضامن للمبيع قبل قبضه في عامّة الموارد ، وقد اشتهر بينهم « كلّ مبيع تلف قبل قبضه فهو من مال بائعه » لكن هذه الروايات توسّع ضمان البائع في خصوص الحيوان حتّى بعد القبض إلى انقضاء الخيار ، ومعنى كون التلف ممّن لا خيار له ، هو انفساخ العقد ، ورجوع الثمن إلى مالكه السابق ، وضمان المبيع على البائع وتلفه من ماله.
    و لعلّ حكمه بضمان البائع لأجل صيانة حقّ المشتري ، لأنّ هلاك الحيوان في الأيّام الثلاثة أو حدوث حدث فيه ، ربّما يكون مسبوقاً بوجود مادّة المرض في جسم الحيوان وكمونها فيه على نحو يكون المرض بروزاً للمادّة المكنونة ، وفي مثل هذا المورد حكم الشارع أنّ التلف من كيس البائع إذا كان المشتري ذا خيار ، وأمّا في غير هذا المورد فبما انّ الحكم بالضمان على خلاف القاعدة كان اللازم الاقتصار على مورد النص.


(195)
    الفصل الخامس
عدم بطلان الخيار بتلف العين
    إذا تلفت العين هل يبطل الخيار أو لا ؟ وقبل الخوض في المقصود لابدّ من تحرير محلّ النزاع.
    لا شكّ في سقوط الخيار في موارد :
    1. إذا كان إعمال الخيار مشروطاً بوجود العين وردّها ، فيسقط الخيار ، فليس للمشتري الخيار ، إذا امتنع الردّ الخارجي.
    2. إذا دلّ الدليل الشرعي على سقوطه مع تلف العين أو حدوث حدث فيها ، كما هو الحال في خيار العيب لما مرّ من مرسلة جميل ، عن بعض أصحابنا ، عن أحدهماعليمها السَّلام : « إن كان الشيء قائماً بعينه ردّه على صاحبه وأخذ الثمن ، وإن كان الثوب قد قطع أو خيط أو صبغ يرجع بنقصان العيب ». (1)
    3. إذا كان التلف موجباً للانفساخ ، كما هو الحال في التلف قبل القبض أو في التلف في زمان الخيار كما مرّ.
1. الوسائل : ج12 ، الباب 16 من أبواب الخيار ، الحديث 3.
دراساتٌ موجزةٌ في الخيارات والشروط ::: فهرس