ابن تيميّة وإمامة علي ( عليه السلام ) ::: 1 ـ 15

مركز الأبحاث العقائدية ـ سلسلة الندوات العقائدية ( 31 )
ابن تيميّة
وإمامة علي ( عليه السلام )
تأليف
السيّد علي الحسيني الميلاني
سلسلة الكتب المؤلفة في رد الشبهات ( 30 )
إعداد
مركز الأبحاث العقائدية


(5)
بسم الله الرحمن الرحيم
    مقدّمة المركز
    لا يخفى أنّنا لازلنا بحاجة إلى تكريس الجهود ومضاعفتها نحو الفهم الصحيح والافهام المناسب لعقائدنا الحقّة ومفاهيمنا الرفيعة ، ممّا يستدعي الالتزام الجادّ بالبرامج والمناهج العلمية التي توجد حالة من المفاعلة الدائمة بين الاُمّة وقيمها الحقّة ، بشكل يتناسب مع لغة العصر والتطوّر التقني الحديث.
    وانطلاقاً من ذلك ، فقد بادر مركز الابحاث العقائدية التابع لمكتب سماحة آية الله العظمى السيد السيستاني ـ مدّ ظلّه ـ إلى اتّخاذ منهج ينتظم على عدّة محاور بهدف طرح الفكر الاسلامي الشيعي على أوسع نطاق ممكن.
    ومن هذه المحاور : عقد الندوات العقائديّة المختصّة ، باستضافة نخبة من أساتذة الحوزة العلمية ومفكّريها المرموقين ، التي تقوم نوعاً على الموضوعات الهامّة ، حيث يجري تناولها بالعرض والنقد


(6)
والتحليل وطرح الرأي الشيعي المختار فيها ، ثم يخضع ذلك الموضوع ـ بطبيعة الحال ـ للحوار المفتوح والمناقشات الحرّة لغرض الحصول على أفضل النتائج.
    ولاجل تعميم الفائدة فقد أخذت هذه الندوات طريقها إلى شبكة الانترنت العالمية صوتاً وكتابةً.
    كما يجري تكثيرها عبر التسجيل الصوتي والمرئي وتوزيعها على المراكز والمؤسسات العلمية والشخصيات الثقافية في شتى أرجاء العالم.
    وأخيراً ، فإنّ الخطوة الثالثة تكمن في طبعها ونشرها على شكل كراريس تحت عنوان « سلسلة الندوات العقائدية » بعد إجراء مجموعة من الخطوات التحقيقية والفنيّة اللازمة عليها.
    وهذا الكرّاس الماثل بين يدي القارئ الكريم واحدٌ من السلسلة المشار إليها.
    سائلينه سبحانه وتعالى أن يناله بأحسن قبوله.
مركز الابحاث العقائدية
فارس الحسّون


(7)
بسم الله الرحمن الرحيم
    تمهيد
    الحمد لله ربّ العالمين ، والصلاة والسلام على سيّدنا محمّد وآله الطيبين الطاهرين ، ولعنة الله على أعدائهم أجمعين من الاوّلين والاخرين.
    بحثنا حول عقائد ابن تيميّة ومواقفه من الشيعة الاماميّة وأئمّتهم وعقائدهم.
    حول ابن تيميّة وعقائده وأفكاره كتب ألّفها علماء وكتّاب من الشيعة والسنّة ، منذ قديم الايّام ، وإذا أردنا أن نتكلّم عمّا في كتبه وعمّا في كتب القوم حول هذا الرجل ، فلابدّ وأن يكون بحثنا في ثلاثة فصول :
    الفصل الاوّل : في عقائده.
    الفصل الثاني : في علمه وحدود معلوماته.
    والفصل الثالث : في عدالة هذا الرجل.
    ولابدّ في كلّ شخصيّة يراد الاستفادة منها ، ويراد الاقتداء بها ،


(8)
وأخذ معالم الدين ومعارف الشريعة من تلك الشخصية ، لابدّ وأن تتوفّر فيها هذه الجهات الثلاث :
    أن لا يكون منحرفاً في عقائده.
    وأن يكون عالماً حقّاً.
    وأن يكون عادلاً في سلوكه ، أي في أقواله وأفعاله وكتاباته وأحكامه وإلى آخره.
    فالمنحرف فكرياً لا يصلح لان يكون هادياً.
    والجاهل لا يصلح لان يكون إماماً.
    والفاسق لا يصلح لان يقبل كلامه ويرتّب الاثر على أقواله.
    والبحث حول هذه الشخصيّة من هذه الجهات كلّها ، يستغرق وقتاً كثيراً ، وقد خصّصت ليلة واحدة فقط للبحث عن ابن تيميّة ، فرأيت من الانسب والارجح أن أتعرّض لما في كتابه منهاج السنّة من التعريض بأمير المؤمنين ( عليه السلام ) وأكتفي بهذا المقدار ، لانّ كتابه منهاج السنّة مشحون بالتعريض والتعرّض لامير المؤمنين ، وللزهراء البتول ، وللائمّة الاطهار ، وللمهدي عجّل الله فرجه ، ولشيعتهم وأنصارهم ، بصورة مفصّلة ، وحتّى أنّه في كتاب منهاج السنّة يدافع بكثرة وبشدّة عن بني أُميّة ، وعن أعداء أمير المؤمنين بصورة عامّة ، وحتّى أنّه يدافع عن ابن ملجم المرادي أشقى الاخرين ، ويسبّ شيعة أهل البيت سبّاً فظيعاً.


(9)
    وأبدأ بحثي بكلمة لابن حجر العسقلاني الحافظ بترجمته من كتاب الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة ، حيث يذكر قضايا مفصلة بترجمة ابن تيميّة وحوادث كلّها قابلة للذكر ، إلاّ أنّي أكتفي بنقل مايلي :
    يقول الحافظ : وقال ابن تيميّة في حقّ علي : أخطأ في سبعة عشر شيئاً ، ثمّ خالف فيها نصّ الكتاب ....
    ويقول الحافظ ابن حجر : وافترق الناس فيه ـ أي في ابن تيميّة ـ شيعاً ، فمنهم من نسبه إلى التجسيم ، لما ذكر في العقيدة الحمويّة والواسطيّة وغيرهما من ذلك كقوله : إنّ اليد والقدم والساق والوجه صفات حقيقيّة لله ، وأنّه مستو على العرش بذاته ....
    إلى أن يقول : ومنهم من ينسبه إلى الزندقة ، لقوله : النبيّ ( صلى الله عليه وسلم ) لا يستغاث به ، وأنّ في ذلك تنقيصاً ومنعاً من تعظيم النبي ( صلى الله عليه وسلم ) ....


(10)
إلى أن يقول : ومنهم من ينسبه إلى النفاق ، لقوله في علي ما تقدّم ـ أي قضيّة أنّه أخطأ في سبعة عشر شيئاً ـ ولقوله : إنّه ـ أي علي ـ كان مخذولاً حيثما توجّه ، وأنّه حاول الخلافة مراراً فلم ينلها ، وإنّما قاتل للرئاسة لا للديانة ، ولقوله : إنّه كان يحبّ الرئاسة ، ولقوله : أسلم أبوبكر شيخاً يدري ما يقول ، وعلي أسلم صبيّاً ، والصبي لا يصحّ إسلامه ، وبكلامه في قصّة خطبة بنت أبي جهل ، وأنّ عليّاً مات وما نسيها.
    فإنّه شنّع في ذلك ، فألزموه بالنفاق ، لقوله صلّى الله عليه وسلّم : ولا يبغضك إلاّ منافق.
    إلى هنا القدر الذي نحتاج إليه من عبارة الحافظ ابن حجر بترجمة ابن تيميّة في الدرر الكامنة (1).
    والان أذكر لكم الشواهد التفصيليّة لما نسب ابن تيميّة إليه من النفاق.
    إنّه يناقش في إسلام أمير المؤمنين ، وفي جهاده بين يدي رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، إلى أن يقول في موضع من كلامه ، أقرأ لكم هذا المقطع وأنتقل إلى بحث آخر ، يقول :
1 ـ الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة 1/154 ـ 155.

(11)
    قبل أنْ يبعث الله محمّداً ( صلى الله عليه وسلم ) لم يكن أحد مؤمناً من قريش [ لاحظوا بدقّة كلمات هذا الرجل ] لا رجل ، ولا صبيّ ، ولا امرأة ، ولا الثلاثة ، ولا علي. وإذا قيل عن الرجال : إنّهم كانوا يعبدون الاصنام ، فالصبيان كذلك : علي وغيره. [ فعلي كان يعبد الصنم في صغره !! ]وإن قيل : كفر الصبي ليس مثل كفر البالغ. قيل : ولا إيمان الصبي مثل إيمان البالغ. فأولئك يثبت لهم حكم الايمان والكفر وهم بالغون ، وعلي يثبت له حكم الكفر والايمان وهو دون البلوغ ، والصبي المولود بين أبوين كافرين يجري عليه حكم الكفر في الدنيا باتّفاق المسلمين (1).
    أكتفي بهذا المقدار من عباراته في هذه المسألة.
    ويقول :
    إنّ الرافضة تعجز عن إثبات إيمان علي وعدالته ... فإنْ احتجّوا بما تواتر من إسلامه وهجرته وجهاده ، فقد تواتر إسلام معاوية ويزيد وخلفاء بني أُميّة وبني العباس ، وصلاتهم وصيامهم
1 ـ منهاج السنّة 8 / 285.

(12)
وجهادهم (1).
    ويقول في موضع آخر :
    لم يعرف أنّ عليّاً كان يبغضه الكفّار والمنافقون (2).
    ويقول :
    كلّ ما جاء في مواقفه في الغزوات كلّ ذلك كذب.
    إلى أن يقول مخاطباً العلاّمة الحلّي ( رحمه الله ) يقول :
    قد ذكر في هذه من الاكاذيب العظام التي لا تنفق إلاّ على من لم يعرف الاسلام ، وكأنّه يخاطب بهذه الخرافات من لا يعرف ما جرى في الغزوات (3).
    بالنسبة إلى علوم أمير المؤمنين ومعارفه ، يناقش في جلّ ما ورد في هذا الباب ، في نزول قوله تعالى : ( وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ ) (4) يقول :
1 ـ منهاج السنّة 2 / 62.
2 ـ منهاج السنّة 7 / 461.
3 ـ منهاج السنّة 8 / 97.
4 ـ الحاقة : 12.


(13)
إنّه حديث موضوع باتّفاق أهل العلم (1).
    مع أنّ هذا الحديث موجود في :
    1 ـ تفسير الطبري.
    2 ـ مسند البزّار.
    3 ـ مسند سعيد بن منصور.
    4 ـ تفسير ابن أبي حاتم.
    5 ـ تفسير ابن المنذر.
    6 ـ تفسير ابن مردويه.
    7 ـ تفسير الفخر الرازي.
    8 ـ تفسير الزمخشري.
    9 ـ تفسير الواحدي.
    10 ـ تفسير السيوطي.
    ورواه من المحدّثين :
    1 ـ أبو نعيم.
    2 ـ الضياء المقدسي.
1 ـ منهاج السنّة 7 / 522.

(14)
    3 ـ ابن عساكر.
    4 ـ الهيثمي ، في مجمع الزوائد.
    أكتفي بهذا المقدار (1).
    حديث : « أنا مدينة العلم وعلي بابها » يقول فيه :
    وحديث « أنا مدينة العلم وعلي بابها » أضعف وأوهى ، ولهذا إنّما يعدّ في الموضوعات (2).
    مع أنّ هذا الحديث من رواته :
    1 ـ يحيى بن معين.
    2 ـ أحمد بن حنبل.
    3 ـ الترمذي.
    4 ـ البزّار.
    5 ـ ابن جرير الطبري.
    6 ـ الطبراني.
    7 ـ أبو الشيخ.
    8 ـ ابن بطّة.
1 ـ الاية في سورة الرعد ، فلاحظ التفاسير ، ومجمع الزوائد 1 / 131 ، وحلية الاولياء 1 / 67.
2 ـ منهاج السنّة 7 / 515.


(15)
    9 ـ الحاكم.
    10 ـ ابن مردويه.
    11 ـ أبو نعيم.
    12 ـ أبو مظفّر السمعاني.
    13 ـ البيهقي.
    14 ـ ابن الاثير.
    15 ـ النووي.
    16 ـ العلائي.
    17 ـ المزّي.
    18 ـ ابن حجر العسقلاني.
    19 ـ السخاوي.
    20 ـ السيوطي.
    21 ـ السمهودي.
    22 ـ ابن حجر المكّي.
    23 ـ القاري.
    24 ـ المنّاوي.
    25 ـ الزرقاني.
    وقد صحّحه غير واحد من هؤلاء الائمّة.
ابن تيميّة وإمامة علي ( عليه السلام ) ::: فهرس