ابن تيميّة وإمامة علي ( عليه السلام ) ::: 16 ـ 30
(16)
    وحول حديث أقضاكم علي ، يقول :
    فهذا الحديث لم يثبت ، وليس له إسناد تقوم به الحجّة ... لم يروه أحد في السنن المشهورة ، ولا المساند المعروفة ، لا بإسناد صحيح ولا ضعيف ، وإنّما يروى من طريق من هو معروف بالكذب (1).
    هذا الحديث موجود في : صحيح البخاري في كتاب التفسير باب قوله تعالى : ( مَا نَنْسَخ مِنْ آيَة أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْر مِنْهَا ) (2) كذا في الدرّ المنثور ، وعن النسائي أيضاً ، وابن الانباري ، ودلائل النبوّة للبيهقي ، وهو في الطبقات لابن سعد ، وفي المسند لاحمد بن حنبل ، وبترجمته ( عليه السلام ) من سنن ابن ماجة ، وفي المستدرك على الصحيحين وقد صحّحه ، وفي الاستيعاب ، وأُسد الغابة ، وحلية الاولياء ، وفي الرياض النضرة ، وغيرها من الكتب (3).
    يقول :
1 ـ منهاج السنّة 7 / 512.
2 ـ البقرة : 106.
3 ـ الطبقات الكبرى ج 2 ق 2 ص 102.


(17)
    وقوله : ابن عباس تلميذ عليّ كلام باطل (1).
    ويقول المنّاوي في فيض القدير بشرح حديث « علي مع القرآن والقرآن مع علي » ، يقول : ولذا كان أعلم الناس بتفسيره ....
    إلى أن قال : حتّى قال ابن عباس : ما أخذت من تفسيره فعن علي (2).
    ويقول أيضاً :
    وأما قوله : قال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : « أقضاكم علي » والقضاء يستلزم العلم والدين ، فهذا الحديث لم يثبت ، وليس له إسناد تقوم به الحجة ، وقوله : « أعلمكم بالحلال والحرام معاذ بن جبل » أقوى اسناداً منه ، والعلم بالحلال والحرام ينتظم القضاء أعظم مما ينتظم للحلال والحرام (3).
    يقول :
    والمعروف أنّ عليّاً أخذ العلم عن أبي
1 ـ منهاج السنّة 7 / 536.
2 ـ فيض القدير في شرح الجامع الصغير 4/357.
3 ـ منهاج السنّة 7 / 512 ـ 513.


(18)
بكر (1).
    يقول :
    له ـ أي لامير المؤمنين ـ فتاوى كثيرة تخالف النصوص (2).
    كانت العبارة هناك سبعة عشر موضعاً ، وعبارة ابن تيميّة هنا : له فتاوى كثيرة تخالف النصوص من الكتاب والسنّة.
    يقول :
    وقد جمع الشافعي ومحمد بن نصر المروزي كتاباً كبيراً فيما لم يأخذ به المسلمون من قول عليّ ، لكون قول غيره من الصحابة اتبع للكتاب ) والسنة (3).
    والحال أنّ هذا الكتاب الذي ألّفه المروزي هو في المسائل التي خالف فيها أبو حنيفة علي بن أبي طالب في فتاواه ، فموضوع هذاالكتاب ـ كتاب المروزي ـ الفتاوى التي خالف فيها أبو حنيفة علي بن أبي طالب وعبدالله بن مسعود.
1 ـ منهاج السنّة 5 / 513.
2 ـ منهاج السنّة 7 / 502.
3 ـ منهاج السنة 8 / 281.


(19)
    لاحظوا ، كم فرق بين أصل القضيّة وما يدّعيه ابن تيميّة !!
    يقول :
    وعثمان جمع القرآن كلّه بلا ريب ، وكان أحياناً يقرؤه في ركعة ، وعلي قد اختلف فيه هل حفظ القرآن كلّه أم لا؟ (1).
    ويقول :
    فإن قال الذابُّ عن علي : هؤلاء الذين قاتلهم علي كانوا بغاة ، فقد ثبت في الصحيح : إنّ النبي ( صلى الله عليه وسلم ) قال لعمّار بن ياسر ( رضي الله عنه ) : « تقتلك الفئة الباغية » ، وهم قتلوا عمّاراً ، فههنا للناس أقوال : منهم من قدح في حديث عمّار ، ومنهم من تأوّله على أنّ الباغي الطالب ، وهو تأويل ضعيف ، وأمّا السلف والائمّة فيقول أكثرهم كأبي حنيفة ومالك وأحمد وغيرهم : لم يوجد شرط قتال الطائفة الباغية (2).
    ففي قتال علي مع الناكثين والقاسطين والمارقين يقول : إنّ أبا حنيفة ومالكاً وأحمد وغيرهم كانوا يقولون بأنّ شرط البغاة لم يكن
1 ـ منهاج السنّة 8 / 229.
2 ـ منهاج السنّة 4 / 390.


(20)
حاصلاً في هؤلاء حتّى يحاربهم علي ( عليه السلام ).
    يقول :
    جميع مدائن الاسلام بلغهم العلم عن الرسول من غير علي (1).
    فإذن ، لم يكن لعلي دور في نشر التعاليم الاسلاميّة والاحكام الشرعيّة والحقائق الدينيّة أبداً !!
1 ـ منهاج السنّة 7 / 516.

(21)

(22)
    وأمّا في فضائله ومناقبه في القرآن الكريم ، قوله تعالى : ( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ ) (1) إلى آخر الاية ، يقول :
    وقد وضع بعض الكذّابين حديثاً مفترى أنّ هذه الاية نزلت في علي لمّا تصدّق بخاتمه في الصلاة ، وهذا كذب بإجماع أهل العلم بالنقل ، وكذبه بيّن من وجوه كثيرة (2).
    وهذا الحديث الذي يكذّبه ابن تيميّة ، قد رواه عن ابن عباس :
    1 ـ عبدالرزاق.
    2 ـ عبد بن حميد.
1 ـ المائدة : 55.
2 ـ منهاج السنّة 2 / 30.


(23)
    3 ـ ابن جرير الطبري.
    4 ـ أبو الشيخ.
    5 ـ ابن مردويه.
    ورواه عن سلمة بن كهيل :
    1 ـ ابن أبي حاتم.
    2 ـ أبو الشيخ.
    3 ـ ابن عساكر.
    ومن رواة هذا الخبر :
    1 ـ الطبراني.
    2 ـ الثعلبي.
    3 ـ الواحدي.
    4 ـ الخطيب البغدادي.
    5 ـ ابن الجوزي.
    6 ـ المحب الطبري.
    7 ـ الهيثمي.
    8 ـ المتقي الهندي.
    وأيضاً : تجدون هذاالخبر في تفاسير : الفخر الرازي ، والبغوي ، والنسفي ، والقرطبي ، والبيضاوي ، وأبي السعود


(24)
العمادي ، والشوكاني.
    ويقول الالوسي الحنفي بتفسير الاية : غالب الاخباريين على أنّ هذه الاية نزلت في علي كرّم الله وجهه.
    وأضاف الالوسي : إنّ حسّاناً أنشد في ذلك أبياتاً ، فذكر الالوسي تلك الابيات (1).
    قوله تعالى : ( الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِالَّليْلِ وَالنَّهَارِ سِرّاً وَعَلاَنِيَةً ) (2) ، يقول حول نزولها في علي ( عليه السلام ) :
    إن هذا كذب ليس بثابت (3).
    مع أنّ من رواة نزول هذه الاية في علي :
    1 ـ عبدالرزاق بن همّام الصنعاني.
    2 ـ عبد بن حميد.
    3 ـ ابن جرير.
    4 ـ ابن المنذر.
    5 ـ ابن أبي حاتم.
    6 ـ الطبراني.
1 ـ روح المعاني في تفسير القرآن 6 / 167.
2 ـ البقرة 274.
3 ـ منهاج السنّة 7 / 228.


(25)
    7 ـ ابن عساكر.
    8 ـ الواحدي.
    9 ـ أبو نعيم.
    10 ـ الفخر الرازي.
    11 ـ الزمخشري.
    12 ـ محب الدين الطبري.
    13 ـ ابن الاثير.
    14 ـ السيوطي.
    15 ـ ابن حجر المكي.
    مع ذلك يقول : إنّ هذا كذب ليس بثابت ، لكنّ هذه التفاسير الباطلة يقول مثلها كثير من الجهّال.
    قوله تعالى : ( إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْم هَاد ) (1) ، يقول حول نزولها في عليّ ( عليه السلام ) :
    إن هذا كذب موضوع بإتفاق أهل العلم بالحديث (2).
    مع أنّ من رواة نزول الاية في علي :
1 ـ الرعد : 7.
2 ـ منهاج السنّة 7 / 139.


(26)
    1 ـ عبدالله بن أحمد بن حنبل.
    2 ـ الطبري.
    3 ـ الحاكم.
    4 ـ إبن أبي حاتم.
    5 ـ الضياء المقدسي.
    6 ـ الطبراني.
    7 ـ ابن مردوية.
    8 ـ أبو نعيم.
    9 ـ ابن عساكر.
    10 ـ ابن النجّار.
    11 ـ الديلمي.
    12 ـ الهيثمي.
    13 ـ السيوطي.
    14 ـ المتقي الهندي.
    ويقول الحاكم : هذا حديث صحيح الاسناد.
    ويقول الهيثمي في مجمع الزوائد بعد أن يروي هذا الحديث يقول : رجال السند ثقات.
    والضياء المقدسي أخرج هذا الحديث في كتابه المختارة


(27)
الملتزم فيه بالصحة (1).
    وحول حديث : « علي مع الحق والحق مع علي » ، يقول :
    من أعظم الكلام كذباً وجهلاً ، فإنّ هذا الحديث لم يروه أحد عن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) ، لا بإسناد صحيح ولا ضعيف ، فكيف يقال : إنّهم جميعاً رووا هذا الحديث ؟ وهل يكون أكذب ممّن يروي عن الصحابة والعلماء أنّهم رووا حديثاً ، والحديث لا يعرف عن واحد منهم أصلاً ، بل هذا من أظهر الكذب (2).
    والحال أنّ من رواة هذا الحديث من الصحابة :
    أولاً : أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، أخرج الحديث عنه الترمذي في صحيحه ، والحاكم في المستدرك.
    ثانياً : سيّدتنا أُمّ سلمة ، أخرج الحديث عنها الطبراني ، وأبو بشر الدولابي ، والخطيب البغدادي ، وابن عساكر.
    ثالثاً : سعد بن أبي وقّاص ، أخرج الحديث عنه البزّار ، وقد قال الهيثمي بعد أن روى الحديث هذا : فيه سعد بن شعيب ولم
1 ـ الاية في سورة الرعد ، فراجع الطبري والدر المنثور وغيرهما بتفسيرها ، والمستدرك 3 / 129 ، ومجمع الزوائد 7 / 41.
2 ـ منهاج السنّة 4 / 238.


(28)
أعرفه ، وبقيّة رجاله رجال الصحيح.
    رابعاً : أبو سعيد الخدري ، رواه عنه الحافظ أبو يعلى ، وقد روى عنه الهيثمي هذا الحديث في مجمع الزوائد وقال : رواه أبو يعلى ورجاله ثقات.
    خامساً : عائشة ، فإنّها روت هذا الحديث ، والحديث موجود في الامامة والسياسة لابن قتيبة.
    سادساً : صحابي آخر روى هذا الحديث ، أخرجه الطبراني في الكبير.
    قال المتقي : تكون بين الناس فرقة واختلاف فيكون هذا وأصحابه على الحقّ ـ يعني علياً ـ هذا في كنز العمّال (1).
    فهؤلاء الصحابة ، وهؤلاء كبار العلماء والمحدّثين ، الذين يروون هذا الحديث بأسانيدهم عن أُولئك الصحابة.
    وفي حديث المؤاخاة يقول :
    أمّا حديث المؤاخاة فباطل موضوع ... إنّ النبي ( صلى الله عليه وسلم ) لم يؤاخ عليّاً ولا غيره ، وحديث المؤاخاة لعلي ، وحديث مؤاخاة أبي بكر لعمر ، من الاكاذيب ...
1 ـ كنز العمال 11/621 ، الترمذي ، المستدرك3 / 125 ، مجمع الزوائد 9 / 134 ، ترجمة أمير المؤمنين من تاريخ دمشق 3 / 118.

(29)
إنّ النبيّ ( صلى الله عليه وسلم ) لم يؤاخ عليّاً ولا غيره ، بل كلّ ما روي في هذا فهو كذب ...
    إنّ أحاديث المؤاخاة بين المهاجرين بعضهم من بعض والانصار بعضهم من بعض كلّها كذب ، والنبي ( صلى الله عليه وسلم ) لم يؤاخ عليّاً ...
    إنّ أحاديث المؤاخاة لعلي كلّها موضوعة.
    وهذه نصوص في أجزاء متعددة في كتابه ، لاحظوا من الجزء الرابع إلى الجزء السابع في الطبعة الجديدة ذات الاجزاء التسعة ، يكذّب هذا الحديث في مواضع عديدة (1).
    والحال أنّك تجد حديث المؤاخاة في : الترمذي ( 5/595 ) ، الطبقات لابن سعد ( 2/60 ) ، المستدرك ( 3/16 ) ، مصابيح السنّة ( 4/173 ) ، الاستيعاب ( 3/1089 ) ، البداية والنهاية ( 7/371 ) ، الرياض النضرة ( 3/111 ) ، مشكاة المصابيح ( 3/356 ) ، الصواعق المحرقة ( 122 ) ، تاريخ الخلفاء ( 159 ).
    هذه بعض المصادر.
    والرواة من الصحابة لهذا الخبر هم :
    1 ـ علي ( عليه السلام ).
1 ـ منهاج السنّة 4 / 32 ، 5 / 71 ، 7 / 117 ، 279.

(30)
    2 ـ عبدالله بن عباس.
    3 ـ أبو ذر.
    4 ـ جابر.
    5 ـ عمر بن الخطاب.
    6 ـ أنس بن مالك.
    7 ـ عبدالله بن عمر.
    8 ـ زيد بن أرقم.
    وغيرهم.
    وتجدون هذا الحديث أيضاً في : مناقب أحمد ( ح141 ) ، وفي ترجمة أمير المؤمنين من تاريخ دمشق ( برقم 148 ) ، وفي كنز العمال ( 13/106 ).
    وأيضاً تجدون هذا الخبر في كتب السير والتواريخ ، راجعوا : سيرة ابن هشام ( 2/109 ) ، السيرة النبويّة لابن حبّان ( 149 ) ، عيون الاثر لابن سيد الناس ( 1/264 ) ، الحلبيّة ( 2/23 ) ، وفي هامشها سيرة زيني دحلان ( 1/322 ).
    والعجيب أنّ غير واحد من أعلام القوم يردّون على ابن تيميّة في هذه المسألة بالخصوص :
    يقول الحافظ ابن حجر ـ بعد ذكر الخبر عن الواقدي وابن سعد
ابن تيميّة وإمامة علي ( عليه السلام ) ::: فهرس