فصل
في اختلاف المذاهب في الفروع

   إعلم ؛ إن أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم كانوا على مذهب واحد في الأحكام الشرعية من عصر النبي صلى الله عليه وآله وسلم الى عصر المنصور العباسي ، لا يختلفون في ذلك لا (1) الشيعة ولا السنة ، بل الجميع كانوا يفتون (2) ويعملون (3) بما رووه عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وكانت الصحابة ترجع الى علي عليه السلام فيما اشتبه عليهم من الأحكام ، ولقد ردّهم عليه السلام عن [ أ ] خطاء كثيرة حتى قال عمر ـ غير مرّة (4) ـ : لولا علي لهلك عمر (5) .
____________
(1) لا توجد في نسخة ( ألف ) والطبعة الحجرية : لا .
(2) في نسخة (ر) : يقولون ، بدلا من : كانوا يفتون ، وصحح عليها نسخة : يفتون . ولا توجد : كانوا ، في نسخة ( ألف ) .
(3) لا توجد كلمة : ويعملون .. في مطبوع الكتاب .. وأخذت من نسخة (ر) .
(4) لا يوجد في الطبعة الحجرية : عمر غير مرة ، كما حذفت من نسخة (ر) كلمة غير مرة .
(5) فرائد السمطين : 1|350 حديث 276 ، ذخائر العقبى : 82 ، الرياض النّضرة : 2|115 ، 224 و 3|160 ـ 166 ، كنز العمال : 5|469 حديث 13643 و 478 حديث 13676 و 665 حديث 14167 ... ، أخرجه عن ابن أبي الدنيا ، وابن المنذر ، وابن

=


( 105 )

   ثم من بعده كانت العلماء يرجعون (1) الى أولاده واحدا بعد واحد الى عصر المنصور العباسي (2) ، ثم أحدث السنّة (3) في عصر المنصور أربعة مذاهب لم تكن (4) في عصر النبي صلى الله عليه وآله وسلم (5) ولا في عصر أحد من الصحابة ، ولا في عصر بني أمية ، وعملوا بها (6) بالرأي والقياس والإستحسان والإجتهاد ، وذهبوا بها (7) الى أشياء قبيحة تخالف المعقول والمنقول ، يأتي ذكر بعضها (8) إن شاء الله تعالى .
   والسبب في اختلاف (9) هذه المذاهب وإحداثها ـ أعني
____________
=
شبروان . سنن أبي داود : 4|140 حديث 4399 و 4400 و 4401 و 4402 ، مسند أحمد : 1|140 و 154 ، سنن الدار القطني : 3|138 حديث 173 و 241 ، فيض القدير : 4|357 ذيل حديث 5594 ، الموطأ : 2|842 حديث 2 ، فتح الباري : 12| 121 ذيل حديث 69 ، المستدرك على الصحيحين : 1|400 و 457 و 4|375 ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 1|18 ، 141 ، و 12|179 ، 205 ، الدر المنثور : 3|144 ديل قوله عز من قائل : ( وإذ أخذ ربك من بني آدم ) ، أسد الغابة : 4|33 ، وقال فيها : ولو ذكرنا ما سأله [ اي عليا عليه السلام ] الصحابة مثل عمر وغيره لأطلنا .
   انظر : دلائل الإمامة : 106 ، وللمزيد راجع فضائل الخمسة من الصحاح الستة : 2|306 ، 344 .
(1) في نسخة (ر) : ترجع .
(2) لا يوجد في نسخة ( ألف ) و (ر) : العباسي .
(3) حذفت كلمة : السنة .. من نسخة (ر) .
(4) في نسخة ( ألف ) والطبعة الحجرية : لم يكن .
(5) في مطبوع الكتاب : الرسول .. بدلا من : النبي صلى الله عليه وآله وسلم .
(6) لا توجد كلمة : بها .. في نسخة (ر) .
(7) لا توجد كلمة : بها .. في نسخة (ر) .
(8) لا توجد كلمة : بعضها ، في الطبعة الحجرية .
(9) في المطبوع من الكتاب ونسخة ( ألف ) : إحداث .. بدلا من : اختلاف .

( 106 )

المذاهب (1) الأربعة ـ أن الصادق عليه السلام إجتمع عليه في عصر المنصور أربعة آلاف راو يأخذون عنه العلم (2) ـ من جملتهم : أبو حنيفة نعمان بن ثابت (3) ، ومالك بن أنس (4) ـ فلمّا رأى المنصور إجتماع الناس على الصادق عليه السلام (5) خاف ميل الناس إليه وأخذ الملك منه ، فأمر أبا حنيفة ومالكا باعتزالهما عن (6)
____________
(1) قوله : وإحداثهما أعني المذاهب .. لا توجد في الطبعة الحجرية .
(2) لاحظ : المناقب لابن شهر آشوب : 2|324 ( طبعة قم ) ، إعلام الورى : 276 ( طبعة الإسلامية ) ، الإرشاد للشيخ المفيد : 254 [ 2|179 تحقيق موسسة آل البيت عليهم السلام ] ، مقباس الهداية : 3|21 ـ 22 عن عدة مصادر ، الامام الصادق والمذاهب الأربعة : 1|134 وغيرها .
(3) هو أبو حينفة النعمان بن ثابت بن زوطي بن ماه الكوفي ، جدّه زوطي من أهل كابل ، وقيل من أهل بابل ، أو الأنبار . وأدرك أبو حنيفة أربعة من الصحابة ، وكان ولادته سنة ثمانين للهجرة ، أو إحدى وستين ، وتوفي سنة خمسين ومائة ، أو إحدى وخمسين ، أو ثلاث وخمسين ومائة ، وكانت وفاته ببغداد في السجن .
   راجع المزيد عن حياته الى وفيات الأعيان : 5|405 برقم 765 . ونص على تتلمذه ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة 15|274 ، وابن صباغ المالكي في الفصول المهمة : 222 ، وغيرها .
(4) هو أبو عبدالله مالك بن أنس المدني ، أحد الأئمة الأربعة لأهل السنّة ، أخذ القراءة عرضا عن نافع بن أبي نعيم ، وروى عنه الأوزاعي ، أفتى عند السلطان ، وكانت ولادته في سنة خمس وتسعين للهجرة ، وقيل : ثلاث وتسعين ، وحمل به ثلاث سنين !! وتوفي في شهر ربيع الأول سنة تسع وسبعين ومائة . ومن كلامه عند الإحتضار : ليتني لم أفت بالرأي .
   راجع المزيد عنه إلى : وفيات الإعيان : 4|135 برقم 550 [ 1|439 ] ، تهذيب التهذيب 10|5 ، اللباب 3|86 ، حلية الأولياء 6|316 ، وغيرها ، ومقدمة موطّأ مالك للأستاذ محمد كامل حسين بك .
(5) في نسخة (ر) : عليه .. بدلا من : على الصادق عليه السلام .
(6) في نسخة ( ألف ) والطبعة الحجرية : بإعتزال .. بدلا من : بإعتزالهما عن ..

( 107 )

الصادق عليه السلام وأحداث مذهب (1) غير مذهبه ، وجعل لهما ولمن (2) تابعهما الوضائف (3) ، ومن قرأ عليهما (4) ووفّر عليه (5) العلوفات والإدرارات (6) ، والناس عبيد الدنيا ، وأمر الحاكم مطاع ..
   فاعتزل أبو حنيفة عن الصادق عليه السلام ، وأحدث مذهبا غير مذهبه ، وعمل فيه بالرأي والقياس والإستحسان والإجتهاد ، فذهب الى أشياء شنيعة .
   ثمّ اعتزل مالك عن (7) الصادق عليه السلام وكان يقرأ عليه (8) وعلى ربيعة الرّأي (9) ـ ، فأحدث مذهبا غير مذهبهما (10) ، وغير مذهب أبي حنيفة ..
   ثم جاء بعدهما الشافعي محمّد بن إدريس (11) فقرأ على مالك ، وعلى محمد بن
____________
(1) في نسخة (ر) : مذاهب .
(2) في نسخة ( ألف ) والمطبوع من الكتاب : ومن .
(3) كذا ، لا توجد : الوضائف .. في الطبعة الحجرية ، ولا نسخة ( ألف ) .
(4) لا يوجد في نسخة (ر) : ومن قرأ عليهما ..
(5) لا يوجد في نسخة ( ألف ) ، والطبعة الحجرية : ووفّر عليه .
(6) الدرّ : اللبن ، يقال في الذم : « لادَرَّدَرّه » اي : لا كثر خيره ، ويقال في المدح : « لله درّه » أي : عمله . الصحاح : 2|655 ، وقد جاء في حاشية الطبعة الحجرية من الكتاب .
(7) في الطبعة الحجرية : من ، بدلا من : عن .
(8) لا يوجد : عليه و .. في المطبوع من الكتاب .
(9) هو أبو عثمان ربيعة بن أبي عبدالرحمن فرّوخ ، المعروف بـ ( ربيعة الرّأي ) ، وعنه أخذ مالك ابن أنس ، وكانت وفاته في سنة ست وثلاثين ومائة .
   انظر : وفيات الأعيان : 2|285 برقم : 231 ، تهذيب التهذيب 30|258 ، ميزان الأعتدال 1|136 ، تاريخ بغداد 8|420 ، وغيرها .
(10) في مطبوع الكتاب : مذهبه .
(11) أبو عبدالله محمد بن إدريس بن العبّاس بن عثمان بن شافع القرشي المطّلبي ، وهو يجتمع

=


( 108 )

الحسن الشيباني صاحب أبي حنيفة (1) ، فأحدث مذهبا غير مذهبهما ..
   ثم جاء من بعده أحمد بن حنبل فقرأ على الشافعي وأحدث مذهبا غير مذاهبهم (2) .
   ثم استقرت مذاهب السنة في الفروع (3) على المذاهب (4) الأربعة (5) الحادثة أيّام المنصور ، وبقيت الشيعة الإمامية على المذهب الذي كان عليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه (6) والتابعون (7) قبل إحداث هذه المذاهب الأربعة .
____________
=
مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في عبد مناف ، أخذ العلم من مالك بن أنس ، وكان يفتي وهو ابن خمس عشرة سنة ! أحد الأربعة عند العامة ، من تلامذته أحمد بن حنبل ، وهو أول من تلكم في أصول الفقه ـ على زعم العامة ـ مولده سنة خمسين ومائة ، ووفاته سنة أربعة ومائتين .
   انظر : وفيات الأعيان : 4|163 برقم 558 ، تذكرة الحفاظ 1|329 ، تهذيب التهذيب 9|25 ، تاريخ بغداد 2|56 ، وغيرها .
(1) هو أبو عبدالله محمد بن الحسن بن فرقد الشيباني بالولاء ، الحنفي ، أصله من قرية باب دمشق في وسط الغوطة ، حضر مجلس أبي حنيفة ، وجرى بينه وبين الشافعي مسائل بحضرة هارون الرشيد ، وقد ولاّه قضاء الرقّة ، ثم عزله عنها ، قدم بغداد وكان ملازما للرشيد حتى خرج الى الرّي ، مولده إحدى وثالثين ومائة ـ على اختلاف فيه ـ ووفاته سنة تسع وثمانين ومائة .
   لاحظ : وفيات الأعيان : 4|184 برقم 568 ، تاريخ بغداد 2|172 ، لسان الميزان 5|121 ، البداية والنهاية 10|202 ، وغيرها .
(2) كذا في الطبعة الحجرية ، وفي سائر النسخ : مذهبه .
(3) لا توجد في نسخة (ر) : في الفروع .
(4) في نسخة ( ألف ) و (ر) : هذه ، بدلا من : المذاهب .
(5) جاءت العبارة في نسخة ( ألف ) هكذا : على هذه الأربعة المذاهب .
(6) في الطبعة الحجرية ونسخة ( ألف ) : والصحابة .
(7) لا توجد : والتابعون ، في نسخة (ر) .

( 109 )

فصل (1)
في وصف مذاهب الإسلام

   قال الرجل الكتابي (2) الذي هداه الله (3) الى الإسلام : إني لما نظرت في (4) مذاهب المسلمين وجدت أحقها واصدقها ، وأسلم من شوائب الباطل ، وأعظمها تنزيها لله ورسوله (5) وأوصيائه عليهم السلام ، وأحسنها (6) في المسائل الأصولية والفروعية مذهب الشيعة الإثني عشرية ، ولابدّ (7) من إشارة الى وصف المذاهب بحيث يميز (8) المنصف العاقل ويفرق (9) بين الحق والباطل .
____________
(1) في نسخة ( ألف ) ومطبوع الكتاب : باب ، بدلا من : فضل .
(2) لا يوجد في نسخة (ر) : الرجل الكتابي .
(3) لا يوجد لفظ الجلالة في الطبعة الحجرية .
(4) في نسخة ( ألف ) : الى .. بدلا من : في .
(5) في نسخة ( ألف ) : لرسوله ، وفي الطبعة الحجرية : وأعظمها سنن بها لله ولرسوله.. ، وعليه نسخة بدل : وأسن بها .
(6) في الطبعة الحجرية ونسخة ( ألف ) : وأحسن .
(7) في نسخة (ر) : فلابدّ .
(8) لا توجد : ويفرق ، في نسخة ( ألف ) والطبعة الحجرية .

( 110 )

فصل
في وصف مذهب (1) الشيعة الإثني عشريّة

   اعلم ؛ إن مذهبهم (2) في الأصول : أن الباري تعالى هو المخصوص بالأزلية والقِدَمْ ، لأنه واحد ، وان (3) كلّ ما سواه حادث ، وأنه ليس بجسم ، ولا في مكان ؛ وإلاّ لكان محدثا ، ونزّهوه عن مشابهة المخلوقات ، وأنه قادر على جمع (4) المقدورات ، وأنه عدل حكيم لا يظلم ولا يجور ، ولا يفعل القبيح ؛ وإلاّ لزم عليه (5) الجهل (6) والحاجة .. تعالى الله عنهما ، وأن أفعال العباد مستندة إليهم ، حسنها وقبيحها ؛ وإلاّ لا نتفى الثواب والعقاب ، وأنه يثيب (7) المطيع ؛ وإلاّ لزم الظلم ، والعاصي إن شاء عذّبه وإن شاء عفى عنه ، وأن أفعاله تعالى محكمة

____________
(1) في الطبعة الحجرية : مذاهب .
(2) في نسخة (ر) : مذاهبهم .
(3) في نسخة ( ألف ) : لأن .
(4) كذا ، والظاهر : جميع .
(5) لا يوجد في الطبعة الحجرية : عليه : وكذا في نسخة ( ألف ) و (ر) .
(6) في نسخة ( ألف ) : أو .. بدلا من الواو .
(7) في مطبوع الكتاب : مثيب .

( 111 )

متقنة (1) واقعة لغرض ؛ وإلاّ لكان عابثا ، قال الله (2) تعالى : ( وما خلقنا السّماء والاَرض و ما بينهما لاعبين ) (3) .
   وأنه تعالى أرسل الأنبياء لإرشاد العالم ، وأنه تعالى غير مرئيّ ولا مدرك بالحواس ، لقوله تعالى : ( لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللّطيف الخبير ) (4) . وأنه ليس في جهة ؛ وإلاّ لكان محتاجا إليها ، تعالى الله عن الحاجة ، وأن أمره ونهيه وإخباره حادثة (5) ؛ لاستحالة إخبار المعدوم (6) أمره ونهيه .
   وأن الأنبياء معصومون عن (7) الخطأ والسهو والمعصية صغيرها وكبيرها من أول العمر الى آخره ، وإلاّ لارتفع (8) الوثوق عن إخباراتهم (9) ؛ فانتفت (10) فائدة بعثتهم (11) ، ولزم التنفر (12) عنهم .
____________
(1) لا يوجد : محكمة متقنة .. في المطبوع من الكتاب على الحجر ، كما لا يوجد في نسخة ( ألف ) : متقنة .
(2) لا يوجد لفظ الجلالة في نسخة (ر) .
(3) سورة الأنبياء (21) : 16 .
(4) سورة الأنعام (6) : 103 . وجاء صدر الآية في بعض النسخ .
(5) في الطبعة الحجرية : حادث .
(6) وردت في جميع النسخ ـ عدا نسخة ( ألف ) ـ واو هنا .
(7) في نسخة ( ألف ) : من ، بدلا من : عن .
(8) في نسخة (ر) : ارتفع .
(9) في الطبعة الحجرية : من إخبارهم ، وفي نسخة ( ألف ) : من إخباراتهم .
(10) في نسخة ( ألف ) : وانتفت .
(11) لا يوجد قوله : فانتفت فائدة بعثتهم .. في نسخة (ر) .
(12) في نسخة ( ألف ) و (ر) : التنفير .

( 112 )

   وأن الأئمة عليهم السلام معصومون كالأنبياء عليهم السلام ؛ لأنهم (1) يقومون مقامهم في الإرشاد ، ووجوب اتّباعهم ، وأنهم منصوص عليهم من الله ورسوله ، لأن العصمة لطف (2) خفيّ لا يعلمها (3) غير الله تعالى ..
   هذا خلاصة مذهب الإمامية (4) الإثني عشرية في الأصول (5) .
   وأما مذهبهم في الفروع ؛ فإنهم أخذوا أحكام الشريعة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعن أئمتهم المعصومين الناقلين عن جدّهم محمد (6) صلى الله عليه وآله وسلم المتلقى (7) عن جبرئيل ، عن الله تعالى ، كما قال بعضهم شعرا (8) :
إذا شئت أن ترضى (9) لنفسك مذهبا
ينجيك يوم البعث من لهب (10) النار

____________
(1) في نسخة (ر) : وأنهم .
(2) في الطبعة الحجرية ونسخة ( ألف ) : أمر .. بدلا من : لطف .
( 3) في نسخة (ر) : لا يعلمه .
(4) في الطبعة الحجرية : الشيعة .. بدلا من : الإمامية .
(5) انظر ـ مثلا ـ تجريد الإعتقاد للمحقق الطوسي : 187 ـ 223 ، وغيره من الكتب الكلامية . ولاحظ : عقائد الإمامية للمظفر ، أصل الشيعة وأصولها لكاشف الغطاء ... وغيرهما .
(6) من قوله : وعن أئمتهم ... الى هنا لا يوجد في نسخة (ر) .
(7) في الطبعة الحجرية : الملتقى .. وهو خلاف الظاهر ، وفي نسخة ( ألف ) : المتقى ، وعلى حاشيتها : المتلقى .
(8) وأورده العلامة المجلسي في بحاره 108|117 في نقله لإجازة الشيخ إبراهيم القطيفي للسيد شريف التستري .
(9) كذا في المطبوع من الكتاب والبحار ونسخة ( ألف ) ، وفي ما عداها : تختار ، والظاهر : تختر .
(10) في بحار الأنوار : ألم ، بدلا من : لهب .

( 113 )

فــدع عـنك قـول الشـافعي ومـالك
وأحمـد والمـروي عن كـعب أحـبار (1)
ووال أنـاســا قــولهم (2) وحــديثهم
روى جدّنا (3) عن جبـرئيل عن الباري (4)
ولاية أهـل البـيت فـرض عـلى الورى
ومـن لم يـؤدّ الفرض عُـذب بـالنار (5)
ولا فــرق بـين الجــاحدين لحـقهم
ومن عبد الأوثـان أو جـحد البـاري (6)

   ولم يقولوا بالرأي ولا بالإجتهاد (7) ، وحرّموا القول بالقياس والإستحسان (8) ـ الذي أحدثه أهل (9) المذاهب الاربعة (10) ـ ، ولم يغيّروا مذهب الإسلام ـ الذي
____________
(1) جاء العجز في البحار هكذا : وأحمد والنعمان أو كعب أحبار .
(2) في نسخة (ر) : نقلهم .. بدلا من : قولهم .
(3) في نسخة ( ألف ) : جدّهم .
(4) الصراط المستقيم : 3|20 ، باختلاف يسير .. والى هنا جاء في بحار الأنوار .
(5) جاء هذا البيت في نسخة ( ألف ) خاصة دون غيرها من النسخ .
(6) هذا البيت لم يرد في الطبعة الحجرية للكتاب ، وجاء في نسخة (ر) خاصة .
   وفي نسخة ( ألف ) جاء هكذا :
ومن لا يوالي حيدرا فهو كافر * كمن عبد الأصنام أو جحد الباري
(7) في نسخة (ر) : بالإستحسان .. وهو أولى لولا تكرّره بعد ذلك .
(8) لا توجد : والإستحسان ، في نسخة (ر) .
(9) في مطبوع الكتاب ونسخة ( ألف ) : أحد ، بدلا من : أهل .
(10) وتابعه غيره . لاحظ : اصول الفقه المقارن للسيد محمد تقي الحكيم ، والنص والإجتهاد للسيد عبد الحسين شرف الدين ، والموسوعة الرائعة الغدير للعلامة الأميني .. وغيرها ..

( 114 )

كان عليه الرسول عليه وآله السلام والصحابة وأتباعهم الى أيام المنصور ـ كما غيّره أهل (1) المذاهب الأربعة رغبة في الدنيا ، واختيارا للعاجل على الآجل .

*  *  *
____________
(1) لا توجد في الطبعة الحجرية كلمة : أهل .
( 115 )

فصل
في وصف مذاهب (1) السنّة

   و (2) نجعل الإشارة [ له ] في فصل واحد اختصارا (3) .
   أما الاشاعرة (4) : ـ الذين هم (5) أكثر السنّة في هذا العصر ـ فخلاصة مذهبهم ؛ أن القدماء كثيرون مع الله تعالى ـ وهي المعاني التي أثبتوها موجودة (6) في الخارج كالقدرة ، والعلم .. وغير ذلك ـ فجعلوه تعالى مفتقرا في علمه الى ثبوت معنىً هو العلم ، و (7) في كونه قادرا الى ثبوت معناً هو القدرة .. وغير ذلك (8) ، ولم يجعلوه قادرا لذاته ، ولا عالما لذاته ، ولا حيا لذاته ، ولا
____________
(1) في الطبعة الحجرية : مذهب .
(2) لا توجد الواو في نسخة (ر) .
(3) لا توجد كلمة : إختصارا في المطبوع من الكتاب ولا نسخة ( ألف ) .
(4) لاحظ عنهم وعن المجبرة أو الجبرية : كشاف اصطلاحات الفنون 1|283 ، وشرح المواقف 2|491 ، ومجمع البحرين 3|241 ، دائرة المعارف الإسلامية 2|218 ، موسوعة الفرق الإسلامية : 109 ـ 113 ، وهوامش كتاب مقباس الهداية 2|383 ، وما بعدها عن مصادر جمّة .
(5) في نسخة ( ألف ) والطبعة الحجرية : فهم ، بدلا من : الذين هم .
(6) كلمة : موجودة ، من زيادات نسخة (ر) ، وفي نسخة ( ألف ) : ووجوده .
(7) في نسخة ( ألف ) : أو ، بدلا من الواو .
(8) لا يوجد من قوله : فجعلوه تعالى .. الى هنا في نسخة (ر) .

( 116 )

مدركا لذاته .. ، بل لمعان قديمة يفتقر في هذه الصفات أليها ، فجعلوه محتاجا ناقصا في ذاته كاملا بغيره .. !! تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا (1) .
   وأعترض عليهم (2) إمامهم فخر الدين الرازي (3) : بأن (4) النصارى كفروا بأن قالوا القدماء (5) ثلاثة (6) ، والأشاعرة أثبتوا قدماء تسعة .
   وقالوا : إن جميع أنواع القبائح ، والكفر ، والمعاصي كلها واقعة بقضاء الله تعالى (7) وقدره ، وأن العبد لا تأثير له في ذلك .
   وقالوا : إن الله (8) تعالى لا يفعل لغرض ، مع أنه سبحانه (9) قال : ( وما خلقتُ الجنّ والإنس إلاّ ليعبدون ) (10) ، وقال تعال (11) : ( وما خلقنا السّماء والأرض و
____________
(1) الملل والنحل : 94 ـ 98 .
(2) في نسخة (ر) : وقد قال .. بدلا من : واعترض عليهم ..
(3) هو ابو عبدالله محمد بن عمر بن الحسن بن الحسين بن علي التيميّ البكريّ الطبرستانيّ الأصل ، الرازيّ المولد ، الملقّب بـ : فخر الدين المعروف بـ : ابن الخطيب الشافعي أو ابن خطيب الري ، كان مبدأ اشتغاله على والده الى أن مات ، ثم قصد الكمال السمناني ، ثم اشتغل على المجد الجيليّ ، واتصل بالسلطان محمد بن تكش المعروف بـ : خوارزمشاه ، ونال اسنى المراتب ، وكانت ولادته سنة 543 هجري ، ومات سنة 606 هجري بمدينة هرات .
   انظر : وفيات الأعيان : 4|248 برقم 600 ، لسان الميزان 4|426 ، البداية والنهاية 13|55 ، وغيرها .
(4) في نسخة (ر) : أن . وفي نسخة ( ألف ) : قال النصارى .
(5) في الطبعة الحجرية : بقدماء .
(6) تفسير الرازي : 1|130 ـ 134 نقلا بالمعنى .
(7) لا يوجد لفظ : تعالى في نسخة ( ألف ) و (ر) .
(8) في نسخة ( ألف ) والطبعة الحجرية : وإنه ، بدلا من : وقالوا أن الله ..
(9) في مطبوع الكتاب ونسخة ( ألف ) : تعالى ، بدلا من : سبحانه .
(10) سورة الذاريات (51) : 56 .
(11) لا يوجد قوله : وقال تعالى ، في نسخة ( ألف ) ، والطبعة الحجرية .

( 117 )

ما بينهما لاعبين ) (1) ، فكذبوه بما قال (2) تعالى ، وقالوا : بل خلقهم لا لغرض (3) .. !
   قال الرجل الكتابي (4) الذي هداه الله الى الإسلام : لما وقفت على هذه (5) المذاهب الاربعة (6) ، ورأيت ما نسبوه الى الله تعالى من القبائح ، وتكذيبهم له تعالى في الآيات الدالة على نسبة أفعال العباد إليهم (7) ، كقوله تعالى : ( فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا فويل لهم مما كسبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون ) (8) ( .. فطوعت له نفسه قتل أخيه فقتله .. ) (9) .. وغير ذلك من الآيات (10) الدالة على كونهم فاعلين ، فكذّبوه في ذلك (11) وقالوا : بل أنت (12) فاعل الخير والشر ، فجعلوه أظلم الظلمة ،
____________
(1) سورة الأنبياء (21) : 16 .
(2) في مطبوع الكتاب : فكذّبوا بما قاله .
(3) في نسخة ( ألف ) والطبعة الحجرية : بل ما خلقهم لغرض .
(4) لا يوجد في نسخة (ر) : الرجل الكتابي .
(5) لا توجد : هذه في نسخة (ر) .
(6) حذفت كلمة : الأربعة ، من الطبعة الحجرية ، وفي نسخة ( ألف ) : هذا المذهب .
(7) في نسخة ( ألف ) : إليه .
(8) سورة البقرة (2) : 79 ، وقد حذف ذيلها في الأصل .
(9) سورة المائدة (5) : 30 .
(10) لاحظ مثلا : سورة البقرة (2) : 95 ـ 97 ، سورة النساء (4) : 62 ، سورة الشورى (42) : 30 ، سورة الحجّ (22) : 10 ، سورة النّيا (78) : 40 .
(11) في نسخة ( ألف ) والطبعة الحجرية : وكذّبوه .
(12) في مطبوع الكتاب : هو ، بدلا من : أنت .

( 118 )

كيف يعاقبهم على فعل نفسه .. ؟ ! تعالى الله من (1) ذلك علوّا كبيرا .
   ورأيت شهادة شيخهم فخر الدين عليهم بالكفر ، حيث قال : النصارى كفروا بأن قالوا : القدماء ثلاثة ، والأشاعرة أثبتوا (2) قدماء تسعة (3) .. ـ فدلّ كلامه أنهم أولى بالكفر من النصارى ، وذلك من باب التنبيه بالأدنى على الاعلى ..
   فتعوّذت (4) بالله من هذا المذهب الذي شهد عليهم إمامهم وشيخهم فيه بالكفر ، فحق عليهم قوله تعالى : ( .. وشهدوا على أنفسهم أنهم كانوا كافرين ) (5) .
   هذا خلاصة مذهب الأشاعرة (6) .
   وأما مذهب المعتزلة (7) ؛ فخلاصته أنهم ينزّهون الباري تعالى عن فعل القبيح ، وأن (8) أفعال العباد خيرها وشرّها ، هم فاعلوها (9) باختيارهم غير مجبّرين عليها (10) ، فقد خالفوا الأشاعرة في هذه (11) ، وخالفوا الشيعة الإمامية بأن
____________
(1) كذا ، والظاهر : عن .
(2) في نسخة ( ألف ) : أثبتوها .
(3) الملل والنحل : 1|43 .
(4) في نسخة ( ألف ) والطبعة الحجرية : تعوذت .
(5) سورة الأنعام (6) : 130 .
(6) لا توجد جملة : هذا خلاصة .. الى آخره في نسخة (ر) .
(7) لاحظ في : الملل والنحل : 1|56 [ طبعة مصر 1|84 ـ 86 ] .
(8) لا توجد كلمة : أن .. في مطبوع الكتاب ، وكذا في نسخة ( ألف ) .
(9) لا توجد جملة : خيرها وشرها هم فاعلون .. في نسخة (ر) .
(10) قاله الشهرستاني في : الملل والنحل : 1|54 ، وغيره .
(11) من قوله : غير مجبرين .. الى هنا لا يوجد في نسخة (ر) .

( 119 )

قال بعض المعتزلة : أنه تعالى لا يقدر على مثل مقدور العبد .
   وقال بعضهم : لا يقدر على غير مقدور العبد (1) .
   وبعضهم جعل المعاني التي أثبتها (2) الأشاعرة (3) قديمة أحوالا حادثة (4) لولاها لم يكن قادرا ولا عالما (5) .. الى غير ذلك من الصفات ، والأشاعرة سمّوها : معاني (6) ، والمعتزلة سمّوها : أحوالا (7) ، وهي عند الأشاعرة قديمة ، وعند المعتزلة حادثة (8) ..
   واتفقت الأشاعرة والمعتزلة على وقوع الصغائر من الأنبياء (9) ، واتفقوا على خلافة أبي بكر وصاحبيه ، فق خالفوا الإمامية فيما (10) عدا تنزيه الباري ، وإسناد أفعال العباد إليهم .
   وأمّا خلاصة (11) مذهب المشبهة من السنة : وهم أصحاب (12) أحمد بن حنبل ،
____________
(1) لاحظ : الملل والنحل : 1|56 ( طبعة مصر : 1|84 ـ 86 ) وغيره .
(2) في الطبعة الحجرية : أثبتتها .
(3) في نسخة ( ألف ) : على الأشاعرة .
(4) لا توجد في الطبعة الحجرية كلمة : حادثة .
(5) الملل والنحل : 1|82 .
(6) الملل والنحل : 1|86 ـ 87 . المراد من المعاني العلم والقدرة الزائدة على الذات ، بان يكون الذات شيئا والعلم شيئا آخر القائمة به . انظر : كشف المراد في شرح تجريد الإعتقاد : 321 .
(7) الملل والنحل : 1|49 .
(8) من قوله : وهي عند الأشاعرة .. الى هنا لا توجد في نسخة (ر) .
(9) الملل والنحل : 1|96 .
(10) كذا في نسخة ( ألف ) والطبعة الحجرية ، وفي سائر النسخ : فيهما .
(11) لا توجد في نسخة (ر) : خلاصة .
(12) لا يوجد في مطبوع الكتاب ولا نسخة ( ألف ) : أصحاب .