عِند قَدَمَي الإمام المهدي ( عليه السلام ) ::: 16 ـ 30
(16)
ورأيت الثناء قد كثر ، ورأيت الرجل ينفق المال في غير طاعة الله فلا ينهي ولا يؤخذ على يديه ، ورأيت الناظر يتعوَّذ بالله ممّا يرى المؤمن فيه من الاجتهاد ، ورأيت الجار يؤذي جاره وليس له مانع.
    ورأيت الكافر فرحاً لما يرى في المؤمن ، مرحاً لما يرى في الأرض من الفساد ، ورأيت الخمور تشرب علانية ويجتمع عليها من لا يخاف الله عزَّوجلَّ ، ورأيت الآمر بالمعروف ذليلاً ، ورأيت الفاسق فيما لا يحبُّ الله قويّاً محموداً ، ورأيت أصحاب الآيات يحقَّرون ويحتقر من يحبّهم ، ورأيت سبيل الخير منقطعاً وسبيل الشرّ مسلوكاً ، ورأيت بيت الله قد عُطّل ويؤمر بتركه ، ورأيت الرجل يقول ما لا يفعله.
    ورأيت الرجال يتسمّنون للرجال والنساء للنساء ، ورأيت الرجل معيشته من دبره ومعيشة المرأة من فرجها ، ورأيت النساء يتّخذن المجالس كما يتّخذها الرجال.
    ورأيت التأنيث في ولد العباس قد ظهر ، وأظهروا الخضاب ، وامتشطوا كما تمتشط المرأة لزوجها ، وأعطوا الرجال الأموال على فروجهم ، وتنوفس في الرجل وتغاير عليه الرجال ، وكان صاحب المال أعزّ من المؤمن وكان الربا ظاهراً لا يعيّر ، وكان الزنا تمتدح به النساء.
    ورأيت المرأة تصانع زوجها على نكاح الرجال ، ورأيت أكثر الناس وخير بيت من يساعد النساء على فسقهنّ ، ورأيت المؤمن محزوناً محتقراً ذليلاً ، ورأيت البدع والزنا قد ظهر ، ورأيت الناس يعتدُّون بشاهد الزُّور ، ورأيت الحرام يحلّل ، ورأيت الحلال يحرَّم ، ورأيت الدين بالرأي ، وعُطّل الكتاب وأحكامه ، ورأيت الليل لا يستخفي به من الجرءة على الله.
    ورأيت المؤمن لا يستطيع أن ينكر إلاّ بقلبه ، ورأيت العظيم من المال


(17)
ينفق في سخط الله عزَّوجلَّ.
    ورأيت الولاة يقرِّبون أهل الكفر ويباعدون أهل الخير ، ورأيت الولاة يرتشون في الحكم ، ورأيت الولاية قبالة لمن زاد.
    ورأيت ذوات الأرحام ينكحن ويكتفي بهنَّ ، ورأيت الرجل يقتل على [ التهمة وعلى ] الظنّة ، ويتغاير على الرجل الذكر فيبذل له نفسه وماله ، ورأيت الرجل يعيّر على إتيان النساء ، ورأيت الرجل يأكل من كسب امرأته من الفجور ، يعلم ذلك ويقيم عليه ، ورأيت المرأة تقهر زوجها وتعمل ما لا يشتهي وتنفق على زوجها.
    ورأيت الرجل يكري امرأته وجاريته ، ويرضى بالدنىّ من الطعام والشراب ، ورأيت الايمان بالله عزَّوجلَّ كثيرة على الزور ، ورأيت القمار قد ظهر ، ورأيت الشراب تباع ظاهراً ليس عليه مانع ، ورأيت النساء يبذلن أنفسهنَّ لأهل الكفر ، ورأيت الملاهي قد ظهرت يمرُّ بها لا يمنعها أحد أحداً ولا يجتريء أحد على منعها ، ورأيت الشريف يستذلّه الذي يخاف سُلطانه.
    ورأيت أقرب الناس من الولاة من يمتدح بشتمنا أهل البيت ، ورأيت من يحبّنا يزوَّر ولا يقبل شهادته ، ورأيت الزور من القول يتنافس فيه.
    ورأيت القرآن قد ثقل على الناس استماعه ، وخفَّ على الناس استماع الباطل ، ورأيت الجار يكرم الجار خوفاً من لسانه ، ورأيت الحدود قد عطّلت وعُمل فيها بالأهواء ، ورأيت المساجد قد زخرفت ، ورأيت أصدق الناس عند الناس المفترى الكذب ، ورأيت الشرَّ قد ظهر والسعي بالنميمة ، ورأيت البغي قد فشا ، ورأيت الغيبة تُستملح ويبشّر بها الناس بعضهم بعضاً.


(18)
    ورأيت طلب الحجّ والجهاد لغير الله ، ورأيت السلطان يُذلّ للكافر والمؤمن ، ورأيت الخراب قد اُديل من العمران ، ورأيت الرجل معيشته من بخس المكيال والميزان ، ورأيت سفك الدماء يستخفُّ بها.
    ورأيت الرجل يطلب الرئاسة لعرض الدُّنيا ، ويشهّر نفسه بخبث اللسان ليتّقي وتسند إليه الأُمور ، ورأيت الصلاة قد استخفَّ بها ، ورأيت الرجل عنده المال الكثير لم يزكّه منذ ملكه ، ورأيت الميت ينشر من قبره ويؤذى وتباع أكفانه ، ورأيت الهرج قد كثر.
    ورأيت الرجل يمسي نشوان ويصبح سكران لا يهتمّ بما [ يقول ] الناس فيه ، ورأيت البهائم تنكح ، ورأيت البهائم تفرس بعضها بعضاً ، ورأيت الرجل يخرج إلى مصلاّه ويرجع وليس عليه شيء من ثيابه ، ورأيت قلوب الناس قد قست وجمدت أعينهم ، وثقل الذّكر عليهم ، ورأيت السحت قد ظهر يتنافس فيه ، ورأيت المصلى إنّما يصلّي ليراه الناس ، ورأيت الفقيه يتفقّه لغير الدين يطلب الدنيا والرئاسة.
    ورأيت الناس مع من غلب ، ورأيت طالب الحلال يُذمُّ ويعيّر ، وطالب الحرام يمدح ويعظّم ، ورأيت الحرمين يعمل فيهما بما لا يحبُّ الله ، لا يمنعهم مانع ، ولا يحول بينهم وبين العمل القبيح أحد ، ورأيت المعازف ظاهرة في الحرمين.
    ورأيت الرجل يتكلّم بشيء من الحق ويأمر بالمعروف وينهي عن المنكر ، فيقوم إليه من ينصحه في نفسه فيقول : هذا عنك موضوع ، ورأيت الناس ينظر بعضهم إلى بعض ، يقتدون بأهل الشرور ، ورأيت مسلك الخير وطريقه خالياً لا يسلكه أحد ، ورأيت الميت يهزَّ [ ء ] به فلا يفزع له أحد.
    ورأيت كلّ عام يحدث فيه من البدعة والشرّ أكثر ممّا كان ، ورأيت الخلق


(19)
والمجالس لا يتابعون إلاّ الأغنياء ، ورأيت المحتاج يعطى على الضحك به ، ويرحم لغير وجه الله ، ورأيت الآيات في السماء لا يفزع لها أحد ، ورأيت الناس يتسافدون كما تسافد البهائم ( أي علانية ) ، لا ينكر أحد منكراً تخوُّفاً من الناس ، ورأيت الرجل ينفق الكثير في غير طاعة الله ، ويمنع اليسير في طاعة الله.
    ورأيت النساء قد غلبن على الملك ، وغلبن على كلّ أمر ، لا يؤتى إلاّ مالهنّ فيه هوى ، و رأيت ابن الرجل يفتري على أبيه ، ويدعو على والديه ، ويفرح بموتهما ، ورأيت الرجل إذا مرّ به يوم ولم يكسب فيه الذنب العظيم ، من فجور أو بخس مكيال أو ميزان أو غشيان حرام أو شرب مسكر ، كئيباً حزيناً يحسب أنّ ذلك اليوم عليه وضيعة من عمره.
    ورأيت السلطان يحتكر الطعام ، ورأيت أموال ذوي القربى تقسم في الزُّور ويتقامر بها ويشرب بها الخمور ، ورأيت الخمر يتداوى بها وتوصف للمريض ويستشفى بها ، ورأيت الناس قد استووا في ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وترك التديّن به ، ورأيت رياح المنافقين وأهل النفاق دائمة ، ورياح أهل الحقّ لا تحرك.
    ورأيت الأذان بالأجر والصلاة بالأجر ، ورأيت المساجد محتشيةً ممّن لا يخاف الله ، مجتمعون فيها للغيبة وأكل لحوم أهل الحقّ ، ويتواصفون فيها شراب المسكر ، ورأيت السكران يصلّي بالناس فهو لا يعقل ، ولا يشان بالسكر ، وإذا سكر اُكرم واتّقي وخيف وترك لا يعاقب ويعذَّر بسكره.
    ورأيت من أكل أموال اليتامى يحدَّث بصلاحه ، ورأيت القضاة يقضون بخلاف ما أمر الله ، ورأيت الولاة يأتمنون الخونة للطمع ، ورأيت الميراث


(20)
قد وضعته الولاة لأهل الفسوق والجرءة على الله ، يأخذون منهم ويخلّونهم وما يشتهون ورأيت المنابر يؤمر عليها بالتقوى ، ولا يعمل القائل بما يأمر.
    ورأيت الصلاة قد استخفَّ بأوقاتها ، ورأيت الصدقة بالشفاعة لا يراد بها وجه الله وتعطى لطلب الناس ، ورأيت الناس همّهم بطونهم وفروجهم ، لا يبالون بما أكلوا وبما نكحوا ، ورأيت الدنيا مقبلة عليهم ، ورأيت أعلام الحق قد درست.
    فكن على حذر ، واطلب من الله عزَّوجلَّ النجاة ، واعلم أنَّ الناس في سخط الله عزَّوجلَّ [ وإنّما يمهلهم لأمر يراد بهم. فكن مترقّباً ! واجتهد ليراك الله عزَّوجلَّ ] في خلاف ما هم عليه.
    فان نزل بهم العذاب وكنت فيهم ، عجّلت إلى رحمة الله ، وإن أُخّرت ابتلوا وكنت قد خرجت ممّا هم فيه من الجرءة على الله عزَّوجلَّ.
    واعلم أنَّ الله لا يضيع أجر المحسنين ، وأنَّ رحمة الله قريبٌ من المحسنين » (1).

    القسم الثاني : العلائم القريبة
    وهي علامات كثيرة أيضاً تحدث قريباً من الظهور. ذكرتها الاحاديث الشريفة التي جمعها شيخ الشيعة المفيد ( قدس سره ) في باب ذكر علامات قيام الامام المهدي ( عليه السلام ) ولخّص ( قدس سره ) تلك العلامات في أول الباب ، وعدّ منها :
    ( كُسُوفُ الشَّمْسِ فِي النِّصْفِ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ ، وَخُسُوفُ الْقَمَرِ فِي آخِرِهِ عَلَى
1 ـ روضة الكافي ، ج 8 ، ص 36 ـ 42 ؛ البحار ، ج 52 ، ص 256 ، باب 25 ، حديث 147.

(21)
خِلاَفِ الْعَادَاتِ ، وَخَسْفٌ بِالْبَيْدَاءِ ، وَخَسْفٌ بِالْمَغْرِبِ ، وَخَسْفٌ بِالْمَشْرِقِ ، وَرُكُودُ الشَّمْسِ مِنْ عِنْدِ الزَّوَالِ إِلَى أَوْسَطِ أَوْقَاتِ الْعَصْرِ ، وَطُلُوعُهَا مِنَ الْمَغْرِبِ ، وَقَتْلُ نَفْس زَكِيَّة بِظَهْرِ الْكُوفَةِ فِي سَبْعِينَ مِنَ الصَّالِحِينَ ، وَذَبْحُ رَجُل هَاشِمِيّ بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْمَقَامِ ، وَهَدْمُ حَائِطِ مَسْجِدِ الْكُوفَةِ ، وَإِقْبَالُ رَايَات سُود مِنْ قِبَلِ خُرَاسَان.
    وَظُهُورُ الْمَغْرِبِيِّ بِمِصْرَ وَتَمَلُّكُهُ الشَّامَاتِ ، وَنُزُولُ التُّرْكِ الْجَزِيرَةَ ، وَنُزُولُ الرُّومِ الرَّمْلَةَ ، وَطُلُوعُ نَجْم بِالْمَشْرِقِ يُضِيءُ كَمَا يُضِيءُ الْقَمَرُ ثُمَّ يَنْعَطِفُ حَتَّى يَكَادَ يَلْتَقِي طَرَفَاهُ ، وَحُمْرَةٌ يَظْهَرُ فِي السَّمَاءِ وَيُنْشَرُ فِي آفَاقِهَا ، وَنَارٌ تَظْهَرُ بِالْمَشْرِقِ طَوِيلاً وَ تَبْقَى فِي الْجَوِّ ثَلاَثَةَ أَيَّام أَوْ سَبْعَةَ أَيَّام ، وَخَلْعُ الْعَرَبِ أَعِنَّتَهَا وَ تَمَلُّكُهَا الْبِلاَدَ وَ خُرُوجُهَا عَنْ سُلْطَانِ الْعَجَمِ.
    وَ قَتْلُ أَهْلِ مِصْرَ أَمِيرَهُمْ ، وَخَرَابُ الشَّامِ ، وَاخْتِلاَفُ ثَلاَثِ رَايَات فِيهِ ، وَدُخُولُ رَايَاتِ قَيْس وَالْعَرَبِ إِلَى مِصْرَ وَرَايَاتُ كِنْدَةَ إِلَى خُرَاسَانَ ، وَوُرُودُ خَيْل مِنْ قِبَلِ الْعَرَبِ حَتَّى تُرْبَطَ بِفِنَاءِ الْحِيرَةِ ، وَإِقْبَالُ رَايَات سُود مِنَ الْمَشْرِقِ نَحْوَهَا.
    وَبَثْقٌ فِي الْفُرَاتِ حَتَّى يَدْخُلَ الْمَاءُ أَزِقَّةَ الْكُوفَةِ ، وَخُرُوجُ سِتِّينَ كَذَّاباً كُلُّهُمْ يَدَّعِي النُّبُوَّةَ ، وَخُرُوجُ اثْنَا اثْنَيْ عَشَرَ مِنْ آلِ أَبِي طَالِب كُلُّهُمْ يَدَّعِي الاِْمَامَةَ لِنَفْسِهِ ، وَإِحْرَاقُ رَجُل عَظِيمِ الْقَدْرِ مِنْ شِيعَةِ بَنِي الْعَبَّاسِ بَيْنَ جَلُولاءَ وَخَانِقِينَ ، وَ عَقْدُ الْجِسْرِ مِمَّا يَلِي الْكَرْخَ بِمَدِينَةِ السَّلاَمِ ، وَارْتِفَاعُ رِيح سَوْدَاءَ بِهَا فِي أَوَّلِ النَّهَارِ ، وَزَلْزَلَةٌ حَتَّى يَنْخَسِفَ كَثِيرٌ مِنْهَا.
    وَخَوْفٌ يَشْمَلُ أَهْلَ الْعِرَاقِ وَبَغْدَادَ ، وَمَوْتٌ ذَرِيعٌ فِيهِ ، وَنَقْصٌ مِنَ الاَْمْوَالِ وَ الاَْنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ ، وَجَرَادٌ يَظْهَرُ فِي أَوَانِهِ وَفِي غَيْرِ أَوَانِهِ حَتَّى يَأْتِيَ عَلَى الزَّرْعِ وَالْغَلاّت ، وَقِلَّةُ رَيْع لِمَا يَزْرَعُهُ النَّاسُ ، وَاخْتِلاَفُ صِنْفَيْنِ مِنَ الْعَجَمِ ، وَسَفْكُ دِمَاء كَثِيرَة فِيمَا بَيْنَهُمْ ، وَخُرُوجُ الْعَبِيدِ عَنْ طَاعَاتِ سَادَاتِهِمْ وَ قَتْلُهُمْ مَوَالِيَهُمْ.
    [ وَمَسْخٌ لِقَوْم ] مِنْ أَهْلِ الْبِدَعِ حَتَّى يَصِيرُوا قِرَدَةً وَخَنَازِيرَ ، وَغَلَبَةُ الْعَبِيدِ عَلَى بِلاَدِ


(22)
السَّادَاتِ ، وَنِدَاءٌ مِنَ السَّمَاءِ حَتَّى يَسْمَعَهُ أَهْلُ الاَْرْضِ كُلُّ أَهْلِ لُغَة بِلُغَتِهِمْ ، وَوَجْهٌ وَ صَدْرٌ يَظْهَرَانِ لِلنَّاسِ فِي عَيْنِ الشَّمْسِ ، وَأَمْوَاتٌ يُنْشَرُونَ مِنَ الْقُبُورِ حَتَّى يَرْجِعُوا إِلَى الدُّنْيَا فَيَتَعَارَفُونَ فِيهَا وَيَتَزَاوَرُونَ ، ثُمَّ يُخْتَمُ ذَلِكَ بِأَرْبَع وَعِشْرِينَ مَطْرَةً يَتَّصِلُ فَتَحْيَا بِهِ الاَْرْضُ بَعْدَ مَوْتِهَا ، وَتُعْرَفُ بَرَكَاتُهَا وَ يَزُولُ بَعْدَ ذَلِكَ كُلُّ عَاهَة عَنْ مُعْتَقِدِي الْحَقِّ مِنْ شِيعَةِ الْمَهْدِيِّ ( عليه السلام ).
    فَيَعْرِفُونَ عِنْدَ ذَلِكَ ظُهُورَهُ بِمَكَّةَ ، فَيَتَوَجَّهُونَ نَحْوَهُ لِنُصْرَتِهِ كَمَا جَاءَتْ بِذَلِكَ الاَْخْبَار (1) ).
    وتفصيل العلامات تلاحظها في خطبة البيان المروية عن مولانا أميرالمؤمنين ( عليه السلام ) (2).

    القسم الثالث : العلائم المقترنة
    وهي علامات خاصة قريبة جداً من الظهور المبارك ؛ تحدث في نفس سنة الظهور أو السنة السابقة عليه.
    وهي كما تقدم على نوعين :
    علائم محتومة.
    وعلائم غير محتومة.
    بالبيان التالي :
1 ـ الارشاد ، ج 2 ، ص 368 ؛ كمال الدين ، ص 330 ، باب 32 ، حديث 16.
2 ـ الزام الناصب ، ج 2 ، ص 178.


(23)
    أمّا العلائم المحتومة
    فهي ما في حديث الامام الصادق ( عليه السلام ) :
    « قبل قيام القائم خمس علامات محتومات : اليماني ، والسفياني ، والصيحة وقتل النفس الزكية ، والخسف بالبيداء » (1).
    فلنشير إلى شيء من بيان العلائم الحتمية الخمسة للظهور المبارك :

    1 ـ الصيحة السماوية
    وهي النداء السماوي الذي ينادي به جبرئيل ( عليه السلام ) في ليلة الجمعة ، ليلة الثالث والعشرين من شهر رمضان المبارك :
    « يا عباد الله ! اسمعوا ما أقول : إنّ هذا مهدي آل محمد خارج من أرض مكة فأجيبوه » ، كما في خطبة البيان (2).
    وهذا من أبرز الآيات وأوضح العلامات على ظهوره الشريف.
    ويكون بصوت مفهوم ومسموع ، يسمعه جميع أهل العالم ، كلّ قوم بلسانهم ؛ كما في حديث زرارة عن الامام الصادق ( عليه السلام ) (3).
    وفي حديث آخر : ينادي مناد من السماء باسم القائم ، فيسمع ما بين المشرق والمغرب فلا يبقى راقد إلاّ قام ، ولا قائم إلاّ قعد ، ولا قاعد إلاّ قام على رجليه من ذلك الصوت ، وهو صوت جبرئيل الروح الأمين ( عليه السلام ) (4).
    وتكون هذه الصيحة أعظم بشرى وسرور للمؤمنين ، حتى تسمعه العذراء في
1 ـ كمال الدين ، ص 650 ، باب 57 ، حديث 7.
2 ـ الزام الناصب ، ج 2 ، ص 200.
3 ـ كمال الدين ، ص 650 ، باب 57 ، حديث 8.
4 ـ البحار ، ج 52 ، ص 290.


(24)
خدرها ، فتحرّض أباها وأخاها على الخروج لنصرة الامام المهدي ( عليه السلام ).
    في حين هي أكبر تهديد وانذار للظالمين والمتكبرين ، حيث يأخذهم الفزع والخوف ، كما قد يستفاد من حديث الامام الباقر ( عليه السلام ) (1).

    2 ـ خروج السفياني
    وهو رجل سفّاك للدماء ، أمويّ النسب ، حقود على أهل البيت ( عليهم السلام ) ، اسمه عثمان بن عنبسة من وُلد أبي سفيان.
    وهو وحش الوجه ، ضخم الهامة ، بوجهه أثر الجدري ، يخرج من الوادي اليابس بالشام ، كما في حديث أميرالمؤمنين ( عليه السلام ) (2).
    وله محنة كبرى وبلاءٌ عظيم وقتل ذريع وهتك للحرمات ، يفعلها هو وجيشه الذي يكون في الشام ويبعثه إلى العراق وإلى المدينة ، كما يستفاد من خطبة البيان (3).
    ويكون خروجه في رجب ، ورايته حمراء ، كما في حديث البحار (4).
    أما جيشه إلى العراق فيرجع الى الشام بعد إفساد كثير ، وأما جيشه إلى المدينة فيُخسف بهم في البيداء ، كما يأتي في العلامة الثالثة.
    ونهاية أمره هو الخسران المبين ، كما تلاحظ مفصل بيانه في كتاب الامام المهدي (5) وحاصله :
    توجه الامام المهدي ( عليه السلام ) بعد الكوفة إلى الشام وقضاءه على السفياني وأصحابه وجيشه الراجع الى الشام ، ويريح الله العباد من شرّه.
1 ـ الغيبة للشيخ النعماني ، ص 254 ، باب 14 ، حديث 13.
2 ـ كمال الدين ، ص 651 ، باب 57 ، حديث 188.
3 ـ الزام الناصب ، ج 2 ، ص 188.
4 ـ البحار ، ج 53 ، ص 248 ، حديث 131 وص 273 ، حديث 167.
5 ـ الامام المهدي من المهد إلى الظهور ، ص 433.


(25)
    3 ـ خسف البيداء
    البيداء اسم للمفازة التي لا شيء فيها ، وهي اسم أرض خاصة بين مكة والمدينة ، على ميل ـ أي 1860 متراً ـ من ذي الحليفة نحو مكة ، وكأنها مأخوذة من الإبادة أي الاهلاك.
    وفي الحديث نُهي عن الصلاة فيها ، وعلل بأنها من الأماكن المغضوب عليها ، كما في مجمع البحرين (1).
    ومن العلامات الحتميّة انخساف هذه الأرض بجيش السفياني وابتلاعها لهم ، فان السفياني يبعث جيشه إلى المدينة ـ كما عرفت ـ فيبغي فيها الظلم والفساد.
    ويخرج الامام المهدي ( عليه السلام ) من المدينة إلى مكة على سُنّة موسى بن عمران ، فيبلغ قائد جيش السفياني ان الامام المهدي ( عليه السلام ) قد خرج إلى مكة ، فيبعث جيشه على أثره ليهدم الكعبة.
    وينزل الجيش البيداء ، فتبيدهم الأرض ، كما يشير إليه حديث الامام الباقر ( عليه السلام ) (2).
    وينجو من هذا الخسف رجلان ، أحدهما يبشر الامام المهدي بهلاك الظالمين ، والآخر ينذر السفياني بهلاك جيشه ، كما في حديث المفضل حيث جاء فيه :
    ثُمَّ يُقْبِلُ عَلَى الْقَائِمِ ( عليه السلام ) رَجُلٌ وَجْهُهُ إِلَى قَفَاهُ وَ قَفَاهُ إِلَى صَدْرِهِ وَ يَقِفُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَيَقُولُ : يَا سَيِّدِي أَنَا بَشِيرٌ ، أَمَرَنِي مَلَكٌ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ أَنْ أَلْحَقَ بِكَ ، وَأُبَشِّرَكَ بِهَلاَكِ جَيْشِ السُّفْيَانِيِّ بِالْبَيْدَاءِ.
    فَيَقُولُ لَهُ الْقَائِمُ ( عليه السلام ) بَيِّنْ قِصَّتَكَ وَ قِصَّةَ أَخِيكَ.
1 ـ مجمع البحرين ، ص 198.
2 ـ البحار ، ج 52 ، ص 238 ، باب 25 ، حديث 105.


(26)
فَيَقُولُ الرَّجُلُ : كُنْتُ وَأَخِي فِي جَيْشِ السُّفْيَانِيِّ وَخَرَّبْنَا الدُّنْيَا مِنْ دِمَشْقَ إِلَى الزَّوْرَاءِ وَتَرَكْنَاهَا جَمَّاءَ وَ خَرَّبْنَا الْكُوفَةَ وَخَرَّبْنَا الْمَدِينَةَ ...
    وَخَرَجْنَا مِنْهَا ، وَعَدَدُنَا ثَلاَثُمِائَةِ أَلْفِ رَجُل نُرِيدُ إِخْرَابَ الْبَيْتِ وَ قَتْلَ أَهْلِهِ ، فَلَمَّا صِرْنَا فِي الْبَيْدَاءِ عَرَّسْنَا فِيهَا ، فَصَاحَ بِنَا صَائِحٌ : يَا بَيْدَاءُ أَبِيدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ.
    فَانْفَجَرَتِ الاَْرْضُ وَابْتَلَعَتْ كُلَّ الْجَيْشِ ، فَوَ اللهِ مَا بَقِيَ عَلَى وَجْهِ الاَْرْضِ عِقَالُ نَاقَة فَمَا سِوَاهُ غَيْرِي وَ غَيْرُ أَخِي.
    فَإِذَا نَحْنُ بِمَلَك قَدْ ضَرَبَ وُجُوهَنَا فَصَارَتْ إِلَى وَرَائِنَا كَمَا تَرَى فَقَالَ لاَِخِي :
    وَيْلَكَ يَا نَذِيرُ ! امْضِ إِلَى الْمَلْعُونِ السُّفْيَانِيِّ بِدِمَشْقَ فَأَنْذِرْهُ بِظُهُورِ الْمَهْدِيِّ مِنْ آلِ مُحَمَّد ( عليه السلام ) وَعَرِّفْهُ أَنَّ اللهَ قَدْ أَهْلَكَ جَيْشَهُ بِالْبَيْدَاءِ.
    وَقَالَ لِي : يَا بَشِيرُ الْحَقْ ، بِالْمَهْدِيِّ بِمَكَّةَ وَبَشِّرْهُ بِهَلاَكِ الظَّالِمِينَ ، وَتُبْ عَلَى يَدِهِ فَإِنَّهُ يَقْبَلُ تَوْبَتَكَ.
    فَيُمِرُّ الْقَائِمُ ( عليه السلام ) يَدَهُ عَلَى وَجْهِهِ فَيَرُدُّهُ سَوِيّاً كَمَا كَانَ ، وَ يُبَايِعُهُ وَ يَكُونُ مَعَهُ » (1).

    4 ـ خروج اليماني
    من العلائم المحتومة خروج اليماني الذي يدعو إلى الحق وإلى الطريق المستقيم ، كما صرّحت به الأحاديث مثل :
    حديث الامام الباقر ( عليه السلام ) :
    « وَ لَيْسَ فِي الرَّايَاتِ أَهْدَى مِنْ رَايَةِ الْيَمَانِيِّ ، هِيَ رَايَةُ هُدًى ، لاَِنَّهُ يَدْعُو إِلَى صَاحِبِكُمْ ، فَإِذَا خَرَجَ الْيَمَانِيُّ حَرَّمَ بَيْعَ السِّلاَحِ عَلَى [ النَّاسِ وَ ] كُلِّ مُسْلِم.
    وَ إِذَا خَرَجَ الْيَمَانِيُّ فَانْهَضْ إِلَيْهِ فَإِنَّ رَايَتَهُ رَايَةُ هُدًى ، وَ لا يَحِلُّ لِمُسْلِم أَنْ
1 ـ البحار ، ج 53 ، ص 10 ، باب 25 ، حديث 1.

(27)
يَلْتَوِيَ عَلَيْهِ ، فَمَنْ فَعَلَ فَهُوَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ ، لاَِنَّهُ يَدْعُو إِلَى الْحَقِّ وَ إِلى طَرِيق مُسْتَقِيم » (1).
    واستفيد من بعض الأخبار الشريفة أن خروجه من صنعاء اليمن (2).
    كما جاء في بعض الأحاديث انه من ذريّة زيد الشهيد ( عليه السلام ) (3).

    5 ـ قتل النفس الزكيّة
    وهو غلام من آل محمد ( عليهم السلام ) ، اسمه محمد بن الحسن النفس الزكيّة ، يُقتل بين الركن والمقام بدون أيّ ذنب ، كما يستفاد من حديث الامام الباقر ( عليه السلام ) (4).
    يرسله الامام المهدي ( عليه السلام ) إلى أهل مكة ـ قبل وصوله إليها ـ إتماماً للحجة واستنصاراً لمظلومية أهل البيت ( عليهم السلام ) ، كما يستفاد من حديث الامام الباقر ( عليه السلام ) جاء فيه :
    يَقُولُ الْقَائِمُ ( عليه السلام ) لاَِصْحَابِهِ يَا قَوْمِ إِنَّ أَهْلَ مَكَّةَ لا يُرِيدُونَنِي ، وَ لَكِنِّي مُرْسِلٌ إِلَيْهِمْ لاَِحْتَجَّ عَلَيْهِمْ بِمَا يَنْبَغِي لِمِثْلِي أَنْ يَحْتَجَّ عَلَيْهِمْ.
    فَيَدْعُو رَجُلاً مِنْ أَصْحَابِهِ فَيَقُولُ لَهُ امْضِ إِلَى أَهْلِ مَكَّةَ فَقُلْ : يَا أَهْلَ مَكَّةَ ! أَنَا رَسُولُ فُلاَن إِلَيْكُمْ وَ هُوَ يَقُولُ لَكُمْ : إِنَّا أَهْلُ بَيْتِ الرَّحْمَةِ ، وَمَعْدِنُ الرِّسَالَةِ وَالْخِلاَفَةِ ، وَنَحْنُ ذُرِّيَّةُ مُحَمَّد وَسُلاَلَةُ النَّبِيِّينَ ، وَإِنَّا قَدْ ظُلِمْنَا وَاضْطُهِدْنَا وَقُهِرْنَا وَابْتُزَّ مِنَّا حَقُّنَا مُنْذُ قُبِضَ نَبِيُّنَا إِلَى يَوْمِنَا هَذَا ، فَنَحْنُ نَسْتَنْصِرُكُمْ
1 ـ البحار ، ج 52 ، ص 232 ، باب 25 ، حديث 96.
2 ـ مهدى منتظر ، ص 175.
3 ـ بشارة الاسلام ، ص 175.
4 ـ البحار ، ج 52 ، ص 192 ، باب 25 ، حديث 24.


(28)
فَانْصُرُونَا.
    فَإِذَا تَكَلَّمَ هَذَا الْفَتَى بِهَذَا الْكَلاَمِ ، أَتَوْا إِلَيْهِ فَذَبَحُوهُ بَيْنَ الرُّكْنِ وَ الْمَقَامِ ، وَ هِيَ النَّفْسُ الزَّكِيَّةُ.
    فَإِذَا بَلَغَ ذَلِكَ الاِْمَامَ قَالَ لاَِصْحَابِهِ : أَلا أَخْبَرْتُكُمْ أَنَّ أَهْلَ مَكَّةَ لاَ يُرِيدُونَنَا. فَلاَ يَدَعُونَهُ حَتَّى يَخْرُجَ فَيَهْبِطُ مِنْ عَقَبَةِ طُوًى فِي ثَلاَثِمِائَة وَ ثَلاَثَةَ عَشَرَ رَجُلاً ـ عِدَّةِ أَهْلِ بَدْر ـ حَتَّى يَأْتِيَ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ فَيُصَلِّي فِيهِ عِنْدَ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ أَرْبَعَ رَكَعَات ، وَيُسْنِدُ ظَهْرَهُ إِلَى الْحَجَرِ الاَْسْوَدِ ، ثُمَّ يَحْمَدُ اللهَ وَ يُثْنِي عَلَيْهِ وَيَذْكُرُ النَّبِيَّ ( صلى الله عليه وآله ) وَيُصَلِّي عَلَيْهِ وَ يَتَكَلَّمُ بِكَلاَم لَمْ يَتَكَلَّمْ بِهِ أَحَدٌ مِنَ النَّاس. » (1).
    وهذه العلائم الخمسة من علامات الظهور المحتّمات ـ كما تقدم ـ تكون في سنة الظهور ويكون بعده القيام (2)

    أمّا العلائم غير المحتومة
    فهي علامات عديدة منها :
    1 ـ خروج راية السيد الحسني الهاشمي.
    يشير إليه حديث الامام الباقر ( عليه السلام ) :
    يخرج شاب من بني هاشم ، بكفّه اليمنى خال ، ويأتي من خراسان برايات سود. بين يديه شعيب بن صالح ، يقاتل أصحاب السفياني فيهزموهم » (3).
1 ـ البحار ، ج 52 ، ص 307 ، باب 26 ، حديث 81.
2 ـ كمال الدين ، ص 655 ، باب 57 ، حديث 25.
3 ـ الملاحم والفتن للسيد ابن طاووس ، ص 77.


(29)
    وكذلك حديث خطبة البيان التي ورد فيها :
    « فيلحقه ( أي الامام المهدي ( عليه السلام ) ) رجل من أولاد الحسن ، في اثنا عشر ألف فارس ، ويقول : يا ابن العم ، أنا أحق منك بهذا الأمر لأني من ولد الحسن وهو أكبر من الحسين.
    فيقول المهدي : اني أنا المهدي.
    فيقول له : هل عندك آية أو معجزة أو علامة ؟
    فينظر المهدي إلى طير في الهواء فيؤمي إليه فيسقط في كفه ، فينطق بقدره الله تعالى ويشهد له بالامامة. ثم يغرس قضيباً يابساً في بقعة من الأرض ليس فيها ماء ، فيخضر ويورق ، ويأخذ جلموداً كان في الأرض من الصخر ، فيفركه بيده ويعجنه مثل الشمع.
    فيقول الحسني : الأمر لك. فيسلّم وتسلّم جنوده » (1).
    وفي حديث المفضّل :
    ثُمَّ يَخْرُجُ الْحَسَنِيُّ الْفَتَى الْصَبِيحُ الَّذِي نَحْوَ الدَّيْلَمِ ، يَصِيحُ بِصَوْت لَهُ فَصِيح : يَا آلَ أَحْمَدَ ! أَجِيبُوا الْمَلْهُوفَ وَ الْمُنَادِيَ مِنْ حَوْلِ الضَّرِيحِ.
    فَتُجِيبُهُ كُنُوزُ اللهِ بِالطَّالَقَانِ ؛ كُنُوزٌ وَ أَيُّ كُنُوز. لَيْسَتْ مِنْ فِضَّة وَ لاَ ذَهَب ، بَلْ هِيَ رِجَالٌ كَزُبَرِ الْحَدِيدِ ، عَلَى الْبَرَاذِينِ الشُّهْبِ بِأَيْدِيهِمُ الْحِرَابُ ، وَ لَمْ يَزَلْ يَقْتُلُ الظَّلَمَةَ حَتَّى يَرِدَ الْكُوفَةَ وَ قَدْ صَفَا أَكْثَرُ الاَْرْضِ ، فَيَجْعَلُهَا لَهُ مَعْقِلاً.
    فَيَتَّصِلُ بِهِ وَ بِأَصْحَابِهِ خَبَرُ الْمَهْدِيِّ ( عليه السلام ) وَ يَقُولُونَ : يَا ابْنَ رَسُولِ اللهِ ، مَنْ هَذَا الَّذِي قَدْ نَزَلَ بِسَاحَتِنَا ؟
1 ـ الزام الناصب ، ج 2 ، ص 205.

(30)
فَيَقُولُ : اخْرُجُوا بِنَا إِلَيْهِ حَتَّى نَنْظُرَ مَنْ هُوَ وَ مَا يُرِيدُ ؟ وَ هُوَ وَ اللهِ يَعْلَمُ أَنَّهُ الْمَهْدِيُّ ، وَإِنَّهُ لَيَعْرِفُهُ وَلَمْ يُرِدْ بِذَلِكَ الاَْمْرِ إِلاَّ لِيُعَرِّفَ أَصْحَابَهُ مَنْ هُوَ.
    فَيَخْرُجُ الْحَسَنِيُّ فَيَقُولُ : إِنْ كُنْتَ مَهْدِيَّ آلِ مُحَمَّد فَأَيْنَ هِرَاوَةُ جَدِّكَ رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وآله ) وَخَاتَمُهُ ، وَبُرْدَتُهُ ، وَدِرْعُهُ الْفَاضِلُ ، وَعِمَامَتُهُ السَّحَابُ ، وَفَرَسُهُ الْيَرْبُوعُ ، وَنَاقَتُهُ الْعَضْبَاءُ ، وَبَغْلَتُهُ الدُّلْدُلُ ، وَحِمَارُهُ الْيَعْفُورُ ، وَنَجِيبُهُ الْبُرَاقُ ، وَمُصْحَفُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ( عليه السلام ) ؟
    فَيُخْرُجُ لَهُ ذَلِكَ ، ثُمَّ يَأْخُذُ الْهِرَاوَةَ فَيَغْرِسُهَا فِي الْحَجَرِ الصَّلْدِ وَتُورِقُ ، وَلَمْ يُرِدْ ذَلِكَ إِلاَّ أَنْ يُرِيَ أَصْحَابَهُ فَضْلَ الْمَهْدِيِّ ( عليه السلام ) حَتَّى يُبَايِعُوهُ.
    فَيَقُولُ الْحَسَنِيُّ : اللهُ أَكْبَرُ ! مُدَّ يَدَكَ يَا ابْنَ رَسُولِ اللهِ حَتَّى نُبَايِعَكَ.
    فَيَمُدُّ يَدَهُ فَيُبَايِعُهُ وَ يُبَايِعُهُ سَائِرُ الْعَسْكَرِ الَّذِي مَعَ الْحَسَنِيِّ إِلاَّ أَرْبَعِينَ أَلْفاً ، أَصْحَابُ الْمَصَاحِفِ الْمَعْرُوفُونَ بِالزِّيدِيَّةِ ، فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ : مَا هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ عَظِيمٌ ؟
    فَيَخْتَلِطُ الْعَسْكَرَانِ ، فَيُقْبِلُ الْمَهْدِيُّ ( عليه السلام ) عَلَى الطَّائِفَةِ الْمُنْحَرِفَةِ ، فَيَعِظُهُمْ وَيَدْعُوهُمْ ثَلاثَةَ أَيَّام ، فَلاَ يَزْدَادُونَ إِلاَّ طُغْيَاناً وَكُفْراً ، فَيَأْمُرُ بِقَتْلِهِمْ فَيُقْتَلُونَ جَمِيعاً » (1).
    2 ـ خسوف القمر لخمس بقين ، وكسوف الشمس لخمس عشرة مضين من شهر رمضان.
    وهذه ظاهرة كونية خارقة للنظام الفلكي ، يشير اليها حديث الامام الباقر ( عليه السلام ) :
    « آيتان ( اثنان ) بين يدي هذا الأمر : خسوف القمر لخمس وكسوف الشمس عشرة ، [ و ] لم يكن ذلك منذ هبط آدم ( عليه السلام ) الى الأرض ، وعند ذلك
1 ـ البحار ، ج 53 ، ص 15.
عِند قَدَمَي الإمام المهدي ( عليه السلام ) ::: فهرس