فـتـح الابــواب ::: 181 ـ 195
(181)
    هذا ماكان يبلغه أمل العبد من رحمة الله جلّ جلاله ، ( زاد على فضله ) (1) وكرمه وإفضاله أنّ العقل المبهوت كيف بلغ (2) إلى هذا المقام مع تقصيره في أعماله ، وهذا فضلٌ من اللهّ جلّ جلاله زاد على فضله سبحانه بإجابة الدعوات ، لأنّ الداعي إذا دعا ما يعلم الجواب في الحال كما يعلمه في الاستخارات ، ولو (3) رأى الداعي حصول الحاجة التي دعا في قضائها على التعجيل والتأجيل ، ما علم قطعاً ويقيناً أنّ هذا جواب دعائه على التحقيق والتفصيل ، فإنّه يجوز أن يكون الله جلّ جلاله قد أذن في قضاء حاجة الداعي على سبيل التفضّل قبل دعائه وسؤاله ، فصادف قضاؤها حصول تضرّعه وابتهاله ، وأمّا الاستخارة فهي جواب على التصريح بلفظ ( افعل ) أو ( لا تفعل ) وخيرة أو لا خيرة ، وصافٍ أو فيه أمور مكدّرة.
    سبحان من أمن أهل مشاورته من ذنوبهم الخطرة ، وشرّفهم بإلاذن في محادثتهم في الاستخارة (4) ، وكشف لهم بها عن الغيوب ، وعرفهم تفصيل المكروه والمحبوب.
فصل :
    أخبرني شيخي العالم الفقيه محمد بن نما والشيخ أسعد بن عبدالقاهر الأصفهانيّ معاً ، عن الشيخ أبي الفرج علي بن السعيد أبي الحسين الراوندي ، عن والده ، عن الشيخ أبي جعفر محمد بن علي بن المحسن الحلبيّ ، عن السعيد أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي ، عن المفيد محمد بن محمد بن النعمان ، عن الشيخ أبي القاسم جعفربن قولويه القمي ،
1 ـ ليس في « د » و « ش ».
2 ـ في « د » : يبلغ.
3 ـ في « د » : وإذا.
4 ـ في « د » : بالاستخارة.


(182)
عن الشيخ محمد بن يعقوب الكليني ، فيما رواه في كتاب الكافي الذي اجتهد في تحقيقه وتصديقه ، وصنّفه في عشرين سنة ، وكان محمد بن يعقوب الكلينيّ في زمن وكلاء مولانا المهدي ( عليه السلام ) ، وقد كشفنا ذلك في كتاب غياث سلطان الورى لسكّان الثرى.
    وقال جدّي أبو جعفر الطوسيّ في كتاب فهرست المصنفين : محمّد بن يعقوب الكليني يكنى أبا جعفر ، ثقة عارف بالأخبار (1).
    وقال الشيخ الجليل أبو الحسن أحمد بن عليّ بن أحمد بن العباس النجاشي في كتابه الكبير فهرست أسماء مصنّفي الشيعة : محمد بن يعقوب الكليني كان شيخ أصحابنا في وقته بالري ووجههم ، وكان أوثق الناس في الحديث وأثبتهم ، وصنّف الكتاب المعروف بالكُلَيْنيّ يسمّى الكافي في عشرين سنة (2).
    أقول (3) : قال هذا الشيخ ـ محمد بن يعقوب الكليني الثقة العارف بالأخبار ، الذي هو أوثق الناس في الحديث وأثبتهم ، الممدوح بهذه المدائح ، الذي كان في زمن الوكلاء عن خاتم الأطهارـ ما هذا لفظه :
    غير واحد ، عن سهل بن زياد ، عن أحمد بن محمد البصريّ ، عن القاسم بن عبدالرحمن الهاشمي ، عن هارون بن خارجة ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال : « إذا أردتَ أمراً فخذْ ست رِقاع ، فاكتبْ في ثلاثٍ منها : بسم الله الرحمن الرحيم ، خيرة من اللهِ العزيزالحكيم لفلان بن فلانة ( لاتفعلْ ، وفي ثلاثٍ منها مثل ذلكَ إفعلْ ) (4) ثَم ضعها تحت مصلاكَ ، ـ ثمَّ صل ركعتين ، فإذا
1 ـ فهرست الشيخ : 326/ 709.
2 ـ رجال النجاشي : 377/ 1026.
3 ـ في « ش » : أقول أنا.
4 ـ في الكافي وبحار الانوار : إفعل ، وفي ثلاث منها : بسم الله الرحمن الرحيم خيرة من الله العزيز الحكيم لفلان بن فلانة لا تفعل.


(183)
فرغتَ فاسجد سجدةً وقلْ فيها مائة مرّة : « أستخيرُ اللهّ برحمتهِ خِيرةً في عافيةٍ » ، ثمَّ اسْتَوِ جالساً وقلْ : « اللهم خرْ لي واخْتَرْ لي في جميعِ أموريِ ، في يُسْرٍ منكَ وعافيةٍ » ثم اضْرِبْ بيدكَ إلى الرَقاع فشَوِشْهَا ، واخْرِجْ واحدةَ ، فإنْ خرج ثلاث متوالياتٍ ( إفْعَلْ ) فافْعل الأمرَ الَذي تريده ، وإنْ خرج ثلاث متواليات ( لا تَفْعَلْ ) فلا تَفْعَله ، وإنْ خرجتْ واحدة ( إفْعَلْ ) والأخرى ( لا تَفْعَل ) فأخْرِجْ مِن الرقاع إلى خمس فانْظُرْ أكْثرها فاعْمَلْ به (1).
    أقول : وقد اعتبرتُ كلما قدرت عليه من كتب أصحابنا المصنّفين من المتقدّمين والمتأخّرين فما وجدت وما سمعت أنَ أحداً أبطل هذه ولا ما يجري
1 ـ رواه الكليني في الكافي 3 : 470/ 3 ، والمفيد في المقنعة : 36 ، والطوسي في التهذيب 3 : 181/ 6 ، والشهيد في الذكرى : 252 ، والكفعمي في المصباح : 390 والبلد الأمين : 159 ، ونقله الحر العاملي في وسائل الشيعة5 : 208 / 1 ، والمجلسي في بحار الأنوار 91 : 230 / 5 ، والرواية متحدة مع ما بعدها.
    وقال الشيخ المجلسي في بيانه على هذه الرواية : هذا أشهر طرق هذه الاستخارة وأوثقها وعليه عمل أصحابنا ، وليس فيه ذكر الغسل ، وذكره بعض الاصحاب لوروده في سائر أنواع الاستخارة ، ولا بأس به ، وأيضاً ليس فيه تعيين سورة في الصلاة ، وذكر بعضهم سورتي الحشر والرحمن ، لورودهما في الاستخارة المطلقة ، فلو قرأهما أو الإخلاص في كل ركعة كما مر أو ما سيأتي في رواية الكراجكي رحمه الله لم أستبعد حسنه.
    ثم اعلم أنْ اخراج الخَمس قد لا يحتاج اليه ، كما اذا خرج أولاً ( لا تفعل ) ثم ثلاتاً ( إفعل ) وبالعكس فان قلت : هذا داخل في القسمين المذكورين ، قلت : إن سلمنا ذلك لان كان بعيداً فيمكن أن يخرج ( إفعل ) ثم ( لا تفعل ) ثم مرتين ( إفعل ) وبالعكس ، ولا يحتاج فيهما إلى اخراج الخامسة ، فالظاهر أن المذكور في الخبر أقصى الاحتمالات ، مع أنه يحتمل لزوم إخراج الخامسة تعبداً ، لان كان بعبداً.
    ثم إنه لا يظهرمع كثرة احداهما تفاوت في مراتب الحسن وضدّه ، وبعض الأصحاب جعلوا لهما مراتب بسرعة خروج ( إفعل ) أو ( لا تفعل ) ، أو توالي أحدهما بان يكون الخروج في الأربع أولى في الفعل والترك من الخروج في الخمس ، أويكون خروج مرتين ( إفعل ) ثم ( لا تفعل ) ثم ( افعل ) أحسن من الابتداء بلا تفعل ثم ( افعل ) ثلاثاً ، وكذا العكس إلى غير ذلك من الاعتبارات التي تظهر بالمقايسة بما ذكر وليس ببعيد.


(184)
مجراها من العمل بالرقاع ، لانّما اوجدت واحداً من علماء أصحابنا المتقدّمين جعل بعض روايات الاستخارة بالرقاع على سبيل الرخصة (1) ، ومعنى الرخصة عند العلماء المعروفين أنّها الأمر المشروع الجائز غير المؤكّد فيه ، وهذا اعترف منه بجواز العمل بها عند من عرف قول هذا القائل ، وكشف عن معانيه.
    ووجدت واحداً من أصحابنا المتاخرين قد جعل العمل على غير هذه الرواية أولى (2) ، ومن قال أولى فقد حكم بالجواز ، وسأذكر كلام هذين الشيخين معاً جميعاً ، فيما يأتي من باب « ما لعله يكون سبباً لإنكار قوم العمل بالاستخارة » (3) وأجيب عنه جواباً شافياً في المعنى والعبارة إن شاء الله تعالى وهوحسبي ونعم الوكيل.
    يقول علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن محمد بن الطاووس : وقد رويت هذه الرواية بطريق غير هذه ، وفيها روايات.
    حدّث أبو نصر محمد بن أحمد بن حمدون الواسطيّ عن أحمد بن أحمدبن علي بن سعيد الكوفي (4) قال : حدثنا محمد بن يعقوب الكلينيُّ
1 ـ أراد به الشيخ المفيد ، حيث قال في المقنعة : 36 ، بعد نقله الرواية المذكورة : هذه الرواية شاذة أوردناها للرخصة دون تحقق العمل بها.
2 ـ هو الشيخ أبو عبدالله محمد بن ادريس العجلي الحلي ، حيث قال في السرائر 690 ـ بعد ذكره للاستخارة بمائة مرة ـ ما لفظه : والروايات في هذا الباب كثيرة ، والأمر فيها واسع ، والأولى ما ذ كرناه.
3 ـ يأتي في الباب 23.
4 ـ أثبتناه من البحار ، ولعله : أحمد بن أحمد الكوفي ، أبوالحسين الكاتب ، من تلامذة الكليني ، كما في رجال النجاشي في ترجمة محمد بن يعقوب ص 377 / 1026 ، فقد قال النجاشي : « كنت أتردد إلى المسجد المعروف بمسجد اللؤلؤي ومسجد نفطويه النحوي ، أقرأ القرآن على صاحب المسجد ، وجماعة من أصحابنا يقرأون كتاب الكافي على أبي الحسين أحمد بن أحمد


(185)

الكوفي الكاتب ، حدثكم محمد بن يعقوب الكليني ».
وعنونه تبعاً لما في رجال النجاشي كل من : الوحيد في التعليقة وأبوعلي في منتهى المقال ، واقا بزرك الطهراني في نوابغ الرواة.والغريب أن الشيخ المامقاني « قدس سره » قال في تنقيح المقال 1 : 49 ، بعد أن عنون الرجل : « لم أقف فيه إلآ على عنوان الوحيد له بذلك ، وقوله : إنه سيجيء في أحمد بن محمد بن يعقوب الكليني ما يشير إلى حسن حاله في الجملة انتهى ، وتبعه في المنتهى فعنون الرجل كذلك ، وعقبه بما ذكره الوحيد ( ره ) ، وظني أن ذلك اشتباه من قلم الوحيد ، وتبعه أبو علي من غير فحص وأن الصحيح أحمد بن اسماعيل الكاتب الاتي ضرورة أني لم أجد بعد فضل التتبع لأحمد بن أحمد الكاتب ذكراً في كتب الأخبار ولا الرجال ، والعلم عند الله ».
ولا يخفى أن قوله « قدس سره » بعدم وجود الشخص المذكور في كتب الأخبار والرجال بعد التتبع ، مدفوع بما ورد في رجال النجاشي ، وكذا بقية كلامه الشريف ، والظاهر أن مورد الشبهة الحاصلة عند الشيخ المامقاني « قدس سره » ـ حسب ما أظن ـ هو السهو الوارد في النسخة المطبوعة على الحجر من تعليقة الوحيد ص 31 ، حيث أحال إلى ( أحمد بن محمد بن يعقوب الكليني ) والصواب كما نقله أبوعلي في رجاله ص 30 عن التعليقة هو ( محمد بن يعقوب ) ، فلو كان الشيخ قدس سره قد رجع إلى ترجمة ( محمد بن يعقوب الكليني ) لارتفع الاشكال أساساً.
ويحتمل أن يكون المراد مما في المتن هو : أبو إلحسين أحمد بن علي بن سعيد الكوفي ، من مشايخ المرتضى ، والرواة عن الكليني كما في ترجمة الكليني في فهرست الطوسي.أو أبو الحسين أحمد بن محمد بن علي الكوفي كما في رجال الطوسي : 450/ 70 حيث قال : « أحمد بن محمد بن علي الكوفي ، يكنى أبا الحسين روى عن الكليني ، أخبرنا عنه علي بن الحسين الموسوي المرتضى ( رض ) ».
والظاهر اتحاد الأخيرين على أن الشيخ الطهراني قد أفرد كل واحد منهما على حدة في كتابه نوابغ الرواة ص 34 و51.
وصرح الشيخ الطهراني في نوابغ الرواة ، بتغاير أحمد بن أحمد الكوفي مع الأخيرين ، حيث قال ـ بعد أن نقل كلام النجاشي ـ : « فيظهر أن النجاشي في عهد صغره واختلافه الى الكتاب أي حدود 380 رأى المترجم وسمع منه ما ذكره للأصحاب ، وألنجاشي لا يروي عن أبي المفضْل الشيباني محمد بن عبدالله المتوفى 387 ، على أنه سمع منه كثيراً ، وكان له يومئذ خمس عشرة سنة ، فكيف يروي عمن أدرك صحبته في صغره وله سبع سنين تقريباً ، فصاحب الترجمة غيرأبي الحسين أحمد بن علي بن سعيد الكوفي من مشايخ المرتضى كما في ترجمة الكليني من فهرست الطوسي عند روايته عن الكليني ، أو أبي الحسين أحمد بن محمد بن علي الكوفي الراوي عن الكليني كما في رجال الطوسي ».


(186)
قال : حدّثث غير واحد ، عن سهل بن زياد ، عن أحمد بن محمد ، عن القاسم بن عبدالرحمن الهاشمي ، عن هارون بن خارجة ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال : « إذا أردتَ أمراً فخذْ ستَّ رقاع ، فاكتبْ في ثلاث منها : بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيمِ ، خيرة من اللهِ العزيزِ الحكيمِ لعبدهِ فلان بن فلانة (1) ( إفْعَلْ ) وفي ثلاثٍ منها : بسم الله الرحمن الرحيم ، خيرة من اللهِ العزيزِ الحكيمِ لعبده فُلان بن فلانة (2) لا تفْعَل ، ثم ضعهَا تحت مُصلآكَ ، ثم صلِّ ركعتينِ ، فإذا فرغتَ فاسْجُدْ سجدةً وقلْ فيها مائة مرّةٍ : « أستخيرُ الله برحمتهِ خيرةَ في عافية » ثمّ استو ِجالساً وقل : « اللّهمَّ خِرْ لي واخْتَرْ لي في جميع أموري في يُسْرٍ منكَ وعافية » ثَم اضْرِبْ بيدكَ في (3) الرقاعِ فشوِّشْهَا ، وأخْرِجْ واحدةً واحدة (4) ، فإنْ خرج ثلاث متواليات ( لا تفعْلَ ) ، فلا تفعلهُ ، وإنْ خرجتْ ثلاث متواليات ( إفْعَلْ ) فافعلْ ، وإنْ خرجتْ واحدةً ( إفْعَلْ ) والأخرى ( لا تَفْعَل ) فاخْرِجْ من الرقاع إلى خمس ، فانْظُرْ أكثرها فاعمَلْ به ، ودعِ السادسةَ لا تحتاج إليها » (5).
    أقول : وقد اختار ـ شيخنا السعيدـ أبو جعفر الطوسيّ في كتاب مصباح المتهجد العمل بالرقاع الست في الاستخارات في جملة ما اختاره من الروايات ، وهو كتاب عملٍ ودراية ، ما هو على سبيل مجرد الرواية ، لأنّ من
أنظر « رجال النجاشي : 377 / 1026 ، رجال الطوسي : 450/ 70 ، فهرست الطوسي : 327/ 709 ، تعليقات الوحيد : 31 و 329 ، منتهى المقال : 30 و 297 ، تنقيح المقال 1 : 490 ، نوابغ الرواة في رابعة المئات : 19 و 34 و 51 ، مقدمة الدكتور حسين علي محفوظ لكتاب الكافي 1 : 18 ».
1 و 2 ـ في « م » : فلان.
3 ـ في « د » والكافي : الى.
4 ـ ليس في « م » والكافي.
5 ـ الكافي 3 : 470/ 3 ، باختلاف يسير ، والبحار 91 : 230/ ذح 5 ، والرواية متحدة مع ما قبلها.


(187)
صنّف كتاب عمل فقد (1) تقلّد العمل بما فيه لمن عمل على معانيه ، أما يعرف أهل العلم أنّه إذا صنَف الإنسان كتاب عملٍ ، ودعا الناس إلى العمل بتلك الأحكام ، فمتى كان فيه ما لا يعتقده مصنفه حقاً وصدقاً فقد أبدع في الإِسلام ، وزاد في الحلال والحرام ، وحُوشي فضل شيخنا أبي جعفر الطوسيّ ـ قدّس الله روحه ـ وغيره من أن يصنف بدعةً يدعو الناس إلى العمل بها ، هذا لا يعتقده فيه ـ فيما أعلم ـ أحدٌ من الإمامية ، بل هو الثقة المأمون عندهم فيما يدعوإلى العمل به من المراسم النبويّة.
    وهذه بعض طرقنا إلى رواية ما تضمّنه كتاب المصباح الكبير :
    رويته عن والدي السعيد موسى بن جعفربن محمد بن محمد بن الطاووس قدس الله روحه ونور ضريحه ، عن السعيد علي بن الحسن بن ابراهيم الحسيني العريضيّ ، عن الشيخ الموفق أبي طالب حمزة بن محمد بن شهريار الخازن ، عن خاله السعيد أبي علي الحسن بن الشيخ السعيد أبي جعفر الطوسي ، عن والده السعيد المذكور.
    ورويت كتاب المتهجّد عن جماعة أيضاً ، منهم : شيخي الفقيه محمد ابن نما ، والشيخ السعيد أسعد بن عبد القاهر الأصفهانيّ ، عن الشيخ أبي الفرج علي بن أبي الحسين الراوندي ، عن والده ، عن أبي جعفر محمد بن علي بن المحسن الحلبي ، عن السعيد أبي جعفر الطوسي ، قال رحمه الله في كتاب مصباح المتهجد ما هذا لفظه :
    روى هارون بنِ خارجة ، عن أبي عبدالله [ عليه السلام ] ، قال : « إذا أردتَ أمراً فخذْ ست رقاعِ فاكتبْ في ثلاثٍ منها : بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيمِ ، خيرة من اللهِ العزيزَ الحكيم لفلانِ بن فلانة افْعَلْهُ (2) ، وفي ثلاثٍ
1 ـ ليس في « ض ».
2 ـ في « د » : افعل.


(188)
مِنْها : بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيمِ ، خيرة من اللهِ العزيزِ الحكيمِ لفلانِ بن فلانة لا تفْعَلْهُ (1) ، ثمَّ ضعها تحت مصلآك ، ثمَّ صل ركعتينِ فإذا فرغت فاسْجُدْ سجدةً ، وقلْ فيها مائة مرةٍ : أسْتخيرُ الله برحمتهِ خيرةً في عافيةٍ ، ثمَّ اسْتوِ جالساً ، وقلْ : اللّهَمِ خِرْ لي في جميع أموِري في يُسْرٍ منكَ وعافيةٍ ، ثُمَّ اضْرِبْ بيدكَ إلى الرّقاع فشوِّشْها ، وَاخْرِجْ واحدةَ واحدة (2) ، فإنْ خرج ثلاث متواليات ( إفْعَلْ ) فافْعَل الأمرَ الذي تريده ، وإنْ خرج ثلاث متواليات ( لا تفْعَلْ ) فلا تَفْعَل ، وانْ خرجتْ واحدةً ( إفْعَلْ ) والأخْرى ( لا تَفْعَلْ ) فاخْرِجْ من الرِّقاعِ إلى خمسٍ فانْظُرْ أكثرها فاعْمَلْ به ، ودعِ السادسة لا تحتاج إليها » (3).
    أقول : ولمّا اختصر جدّي أبو جعفر الطوسيّ المصباح الكبير واختار صفوه ، كانت هذه الرواية في الاستخارة بالرقاع الست من جملة ما اختاره واصطفاه في مختصر المصباح بالفاظ روايته في المصباح الكبير كما قدّمناه ، وهذا مختصر المصباح الكبير أرويه عن والدي موسى بن جعفر بن محمد بن طاووس قدّس الله روحه ونوّر ضريحه ، عن شيخه الفقيه حسين بن رطبة ، عن شيخه أبي علي بن محمد بن الحسن الطوسيّ مُصنّف مختصرالمصباح.
    وأروي أيضاً المختصر المذكور عن شيخي الفقيه محمد بن نما والشيخ أسعد بن عبدالقاهر الأصفهانيّ بإسنادهما الذي ذكرناه إلى المصباح الكبير (4).
    وهذا ينبه على جلالة هذه الاستخارة عند هذا الشيخ المُجْمَع على.
1 ـ في « د » والمصباح : لاتفعل.
2 ـ ليس في « ش ».
3 ـ مصباح المتهجد : 480 ، والرواية متحدة مع ما قبلها.
4 ـ تقدم في ص 187.


(189)
علمه وورعه ومعرفته بالأخبار ، وأنه انتهت رئاسة الشيعة في وقته إليه رضوان الله عليه.
    ووجدت رواية أخرى بالرقاع ، ذكر من نقلتها من كتابه أنّها منقولة عن الكراجكيّ ، وهذا لفظ ما وقفت عليه منها :
    هارون بن حماد ، عن أبي عبداللهّ الصادق ( عليه السلام ) قال : « إذا أردتَ أمراً فخذْ ست رِقاعٍ ، فاكْتُبْ في ثلاثٍ منهنّ (1) : بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيمِ ، خيرة من اللهِ العزيزِ الحكيمِ ـ وُيرْوَى العلي الكريم ـ لفلانِ بن فلانٍ ( إفْعَلْ ) كذا إن شاء الله ، واذْكُرْ اسمكَ وما تريد فِعْلَهُ ، وفي ثلاثٍ منهنَّ (2) بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيمِ ، خيرة من اللهِ العزيزِ الحكيمِ لفلانِ بنٍ فلان لا تفْعَلْ كذا ، وتصلي أرْبع ركعاتٍ ، تقْرأ في كُلِّ ركعةٍ (3) خمسينَ مرّة قلْ هو الله أحد ، وثلاث مرّاتٍ إنَا أنْزَلْنَاهُ في لَيْلَةِ الْقَدْرِ ، وتدع الرّقاع تحت سجادتكَ وتقول ( بعد ذلك : « اللهَم إنكَ ) (4) تعلم ولا أعْلَمُ ، وتَقْدِرُ ولا أقْدِر ، وأنْتَ علام الغيوبِ ، اللهم آمنتُ (5) بك فلا شيء أعظمُ (6) منكَ ، صل على آدم صفوتكَ ، ومحمدٍ خيرتكَ ، وأهل بيتهِ الطاهرينَ ، ومَنْ بينهم مِنْ نبيٍ وصدّيقٍ وشهيدٍ وعبْدٍ صالحٍ ووليّ مُخْلِصٍ وملائكتكَ أجمعين ، إنْ كان ما عَزَمْتُ عليه من الدخول في سفري إلى بلد كذا وكذا خيرةً لي في البَدْوِ والعاقبةِ ، وَرِزْق تيسّرَ لي مِنْهُ فسهَلْهُ ولا تُعَسرْهُ ، وَخِرْ لي فيه ، وإن كان
1 ـ في « د » والبحار : منها.
2 ـ في « د » : منها.
3 ـ في « د » : واحدة.
4 ـ في « ش » والبحار : بقدرتك.
5 ـ ليس في « ش » و « د » والبحار.
6 ـ في البحار : أعلم.


(190)
غيره فاصْرِفْهُ عني ، وبَدِّلْني منه ما هو خير (1) منه ، برحمتك يا أرحم الراحمين ».
    ثمَّ تقول سبعين مرة : « خيرة من اللهِ العلي الكريم » فإذا فرغْتَ من ذلِكَ عفَرْتَ خدّك ودعَوْتَ الله وسألْتَه ما تُريد » (2).
    قال : وفي رواية أخرى ، ثمّ ذكر في أخذ الرقاع ما تقدّم في الروايتين الأوليين.
    يقول علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن محمد بن الطاووس : أمّا هارون بن خارجة لعله الصيرفي الكوفي ، راوي الحديث بصلاة الاستخارة ، فقد ذكر الشيخ الجليل أبو الحسين أحمد بن علي بن العباس النجاشي في كتابه فهرست المصنّفين عن هارون بن خارجة ما هذا لفظه : « هارون بن خارجة كوفيّ ثقة وأخوه مراد ، روى عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) » (3).
    وأمّا الحديث الثاني في الاستخارة بالرقاع المتضمّن للزيادة فيحتمل أن يكون من هارون بن خارجة الأنصاري ، أيضاً كوفي ، ويكونان حديثين عن اثنين ، وكلّ منهما من أصحاب مولانا الصادق ( عليه السلام ) (4).
1 ـ في « د » و « ض » زيادة : لي.
2 ـ نقله المجلسي في بحارالأنوار 91 : 231/ 6 ، والنوري في مستدرك الوسائل 1 : 450/ 1.
3 ـ رجال النجاشى : 437/ 1176.
4 ـ على فرض كون راوي الحديث الثاني هو : هارون بن خارجة الأنصاري ، فانْ تغايره مع هارون بن خارجة الصيرفي ، أمر غير مسلم به ، بل الاحتمال الأقوى اتحادهما ، فقد ذكر السيد الخوئي ـ بعد أن عنون للأنصاري ـ في معجم رجال الحديث 19 : 225/ 13226 ، ما لفظه : « أقول : ظاهر عد الشيخ إياه من أصحاب الصادق ( عليه السلام ) بفصل رجل واحد من هارون بن خارجة الصيرفي ، التغاير والتعدد. ولكن الاتحاد مما لا ينبغي الريب فيه لوجهين :
    الأول : إنْ هارون بن خارجة الصيرفي أخوه مراد ، على ما صرح به الشيخ وغيره ، وقد مر في مراد بن خارجة توصيفه بالأنصاري ، ويلزمه أن هارون بن خارجة الصيرفي أيضاً أنصاري.


(191)
    وأما الحديث في الاستخارة بالرقاع عن هارون بن حماد فما وجدت في رجال مولانا الصادق ( عليه السلام ) هارون بن حماد ولعله هارون بن زياد فقد يقع الاشتباه في الكتابة بين لفظ زياد وحماد في بعض الخطوط.
    أقول : فهذه أحاديث قد اعتمد على نقلها وروايتها مَن يُعتمد على نقله وأمانته ، فإذا كنت (1) علاماً باخبار مثلها في الفروع الشرعية والأحكام الدينية فيلزمك العمل بها ، والانقياد لها ، وإلاّ فالحجة لله جل جلاله ولرسوله ( صلى الله عليه وآله ) ولمن شارعه في ذلك لازمة عليك ، ونحن نحاكمك إلى عقلك (2) وإنصافك في مجلس حكم الله جل جلاله المُطلعِ عليك.
فصل :
    وهذا يحتاج إليه من لم يعرف فوائد الاستخارة والمشاورة لله جل جلاله بالرقاعٍ المكتوبة عن الله عزَ وجل إلى عبده ، وأما من عرف فوائد ذلك وجداناً وعياناً لا يقدر على حصرهِ من أخبار الله عز وجل (3) في الاستخارات بالرقاع بالغايات ، وتعريفه ما بين يديه من المحبوب أو المكروه في الحركات والسكنات ، وقد عرف ذلك على اليقين والمشاهدات ، فبعد (4) هذا ما يحتاج إلى تكرار الروايات ولا الإكثار من المنقولات ، بل الاستخارة بالرقاع عنده قد دل الله جل جلاله بها عليها ، وجعلها كالتعريف منه بالأيات والمعجزات والبراهين التي لا يبلغ وصفه إليها ، ويكون كما قال الصادق ( عليه السلام )
الثاني : إنْ النجاشي والشيخ في الفهرست ، والبرقي والصدوق في المشيخة ، ذكروا هارون بن خارجة ولم يصفوه بوصف ، فلوكان المسمى بهذا الاسم اثنين لزمهم التعيين لازالة الشبهة ، والله العالم ».
1 ـ في « د » : كتب.
2 ـ في « د » : نفسك.
3 ـ في « م » : لا يقدر على حضرة من اختار الله.
4 ـ في « م » : فعند.


(192)
لبعض الشيعة ـ وقد ذكر له أنّ قوماً يعيّرونهم بنسبَتهم إليه ، فقال ما معناه ـ : « أرأيت لو أنَّ في يدك جوهرة ، وأجمع الخلق على أنّها غير جوهرة ، أكان يؤثرذلك في علمك شيئاً ؟ ».
    فقال : لا.
    قال : « فهكذا إذا عابوكم على صحّة الاعتقاد ، فلا يؤثر قولهم ، ولو ساعدهم على ذلك سائر من خالفكم من العباد » (1).
فصل :
     ولقد وجدت من دعوات النبي ( صلّى الله عليه واله ) والأئمة ( عليهم السلام ) في الاستخارات ما يُفهم منه قوة العناية منه ( عليه السلام ) ومنهم ( صلوات الله عليهم ) بها ، وتعظيمهم لها ، حتى لقد وجدت أنّها من جملة أسرار الله عزّ وجلّ التي أسرّها إلى النبي ( عليه السلام ) لما أسري به إلى السماء ، وأنّها من أهمّ المهام ، ووجدت أنّ آخر مرسوم خرج عن مولانا المهدي ( عليه السلام ) وعلى ابائه الطاهرين دعاء الاستخارة ، وهذا حجةٌ بالغة عند العارفين ، وها أنا أذكر من دعواتهم المبرورة للاستخارة المذكورة ما تهيّأ ذكره في الحال ، فإن ذكر جميعه أخاف على الناظر فيه من الضجر والملال.
    فمن ذلك ما أخبر به أبو علي الحسن بن أحمد بن إبراهيم ابن شاذان (2) ، قال حدّثنا أبو جعفر بن يعقوب بن يوسف
1 ـ روى نحوه ابن شعبة في تحف العقول : 305 ، عن الامام الكاظم ( عليه السلام ) يوصي هاشم بن الحكم.
2 ـ أبو علي الحسن بن أبي بكر أحمد بن ابراهيم بن الحسن بن محمد بن شاذان ، البغدادي البزاز الأصولي.ولد في ربيع الأول سنة 339 هـ ، بنهر به والده إلى الغابة ، فاسمعه وله خمس سنين أو نحرها من كثرين ، طال عمره وصار « مُسندُ العراق » قال الخطيب : كان صدوقاً حسن السماع ،


(193)
الأصفهاني (1) في جمادى الأولى من سنة تسعٍ وأربعين وثلثمائة قال : حدثنا أبوجعفر أحمد بن علي الأصفهاني (2) ، صاحب الشاذكوني (3) ، قال : حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن سعيد الثقفي (4) ، قال : حدّثنا أحمد بن محمد بن
يفهم الكلام على مذهب الاشعري ، توفي في سلْخ عام 425 هـ ، ودفن في أول يوم من سنة 426 هـ.
أنظر « تاريخ بغداد 7 : 279 ، العبر 2 : 252 ، تذكرة الحفاظ 3 : 1075 ، مرآة الجنان 3 : 44 ، سيرأعلام النبلاء 17 : 415/ 273 ، شذرات الذهب 3 : 228 ».
1 ـ أحمد بن يعقوب بن يوسف الاصفهاني ، أبو جعفر النحوي المحدث ، المعروف ببَزْرويه ، غلام نفطويه ، أخذ عنه وعن محمد بن العباس اليزيدي وجماعة ، وعنه أبو علي بن شاذان ، تصدر لإقرار النحو والعربية إلى أن مات في رجب سنة 354 هـ ،
    أنظر « تاريخ بغداد 5 : 226 ، معجم الأدباء 5 : 152 ، انباه الرواة 1 : 187/ 89 ، القاموس المحيط : مادة ( بزر ) ، بغية الوعاة 1 : 400 « المشتبه للذهبي 1 : 63 ، تاج العروس 3 : 41 ، نزهة الألباء : 253 ، الوافي بالوفيات 8 : 275 ،.
2 ـ عنونه الشيخ الطهراني في نوابغ الرواة كما ورد في سند فتح الأبواب وقال : « ولعل المترجم أدرك أوائل هذا القرن ». أقول : لعله هو أحمد بن علويه الأصفهاني ، أبو جعفر الكرماني ، الشهير بابي الأسود ، أحد مؤلفي الامامية وشعرائهم ، صاحب القصيدة المشهورة بالمحبرة ، وكان صاحب لغة يتعاطى التأديب ويقول الشعر الجيد ، روى عنه احمد بن يعقوب الاصفهاني كما في تهذيب الشيخ ، وروى عن ابراهيم بن محمد بن سعيد الثقفي كتبه كلها كما في رجال الشيخ ، ولد سنة 212 هـ ، وتوفي سنة 320 ونيف.
    أنظر « رجال الشيخ : 447/ 56 ، تهذيب الأحكام 1 : 141 ، بغية الوعاة 1 : 336/ 640 ، رجال النجاشي : 88/ 214 ، معجم الأدباء 4 : 72 ، رجال ابن داود : 40/ 103 ، تنقيح المقال 1 : 68/ 408 ، أعيان الشيعة 3 : 22 ، نوابغ الرواة : 32 و 36 ، الغدير 3 : 348 ، معجم رجال الحديث 2 : 151 و 154 ».
3 ـ في « د » : السامري ، والشاذكوني : بفتح الشين المعجمة ، والذال المعجمة ، بينها الألف وضمن.الكاف ، وفي آخرها النون ، هذه النسبة إلى « شاذكوني ».قال أبو بكر بن مردويه الحافظ الأصبهاني في تاريخه : إنما قيل له « الشاذكوني » لأن أباه كان يتجر إلى اليمن ، وكان يبيع هذا المضربات الكبار ، وتسمى « شاذكونة » فنسب إليها. « الأنساب للسمعاني 7 : 238 ».
4 ـ ابراهيم بن محمد بن سعيد بن هلال بن عاصم بن سعد بن مسعود ، أبو اسحاق الثقفي ، أصله كوفي ، ثم انتقل إلى أصفهان وأقام بها ، قال النجاشي : « كان زيدياً ثم انتقل إلينا » ، له تصانيف


(194)
عمربن يونس اليماني ، قال : حدثنا محمد بن ابراهيم بن نوح الأصبحيّ وأبو الحصيب سليمان بن عمرو بن نوح الأصبحيّ ، قالا حدثنا محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ( عليهم السلام ) عن علي بن الحسين قال : قال علي ( عليه السلام ) : أنّه كان لرسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) سرٌّ قلّ [ ما ] (1) عثر عليه ، وكان يقول ، وأنا أقول : لعنة الله وملائكته وأنبيائه ورسله وصالحي خلقه [ على ] (2) مفشي سر رسول الله ( صلّى الله عليه واله ) إلى غير ثقة ، فاكتموا سرّ رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) ، سمعته يقول : يا عليّ بن أبي طالب إنّي والله ما أحدثك إلآ ما سَمِعَتْهُ أذناي ، ووعاه قلبي ونظره بصري ، إن لم يكن من الله فمن رسوله ـ يعني جبرئيل ( عليه السلام ) ـ فإياك يا عليّ أن تضيع سرّي ، فإنّي قد دعوت الله أن يذيق من أضاع سري هذا حر جهنم ، ثم قال : يا علي إن كثيراً من الناس ـ وإن قلّ تعبدهم ـ إذا علموا ما أقول كانوا في أشدّ العبادة (3) وأفضل الاجتهاد ، ولولا طغاة هذه الأمّة لبينت هذا السر ، ولكنّي عَلِمْتُ أنَ الدّين إذاً يضيع ، فأحببت أن لا ينتهي ذلك إلآ إلى ثقة (4).
    إني لمّا أسري بي إلى السماء السابعة ، فُتحَ لي بصري إلى فرجة في آلعرش تفور كما يفور القدر ، فلمّا أردت الانصراف ، اُقعدت عند تلك الفرجة ، ثَم نُوديت يا محمد إنّ ربّك يقرأ عليك السلام ويقول لك : إنّك أكرم خلقه عليه ، وعنده علمٌ قد زواه ـ يعني خَزَنَهُ ـ عن جميع الأنبياء ،
كثيرة ، توفي سنة 283 هـ.
أنظر « رجال الشيخ : 451/ 73 ، فهرست الشيخ : 16/ 26 ، رجال النجاشي : 16/ 19 ، ذكر أخبار أصبهان 1 : 187/ 20 ، الأنساب 3 : 137 ، لسان الميزان 1 : 102/ 300 ».
1 و 2 ـ أثبتنأه من البحار.
3 ـ في النسخ : الغناء ، وفي البحار : العناء ، وما أثبتناه من أدعية السر للراوندي والبلد الأمين.
4 ـ في « د » : ثقاتي.


(195)
وجميع أممهم (1) غيرك وغيرأمّتك ، لمن ارتضيت [ لله ] (2) منهم أن ينشروه لمن بعدهم لمن ارتضى الله منهم أنّه لا يصيبهم ـ بعد ما يقولونه (3) ـ ذنب كان قبله ، ولا مخافة ما يأتي من بعده ، ولذلك أمرك بكتمانه ، كيلا يقول العاملون حسبنا هذا من الطاعة.
    يقول عليّ بن موسى بن جعفربن محمد بن محمد بن طاووس : ثمّ ذكر في جملة أسرار هذا الدعاء ما هذا لفظه : يا محمد ومن هم بأمرين ، فأحبَّ أن أختار له أرضاهما لي فالزمه إياه فليقل حين يريد ذلك : « اللهَم اختر لي بعلمك ، ووفّقني بعلمك لرضاك ومحبّتك ، اللهَم اختر لي بقدرتك ، وجنّبني بقدرتك مقتك وسخطك ، اللهم اختر لي لم فيما أريد من هذين الأمرين ، ـ وتُسمّيهما ـ أسرّهما إليّ ، وأحبَهما إليك ، وأقربهما منك ، وأرضاهما لك ، اللهمَّ إني أسألك بالقدرة التي زَويتَ بها علم الأشياء كلّها عن جميع خلقك ، فإنّكَ عالمٌ بهواي وسريرتي وعلانيتي ، فصلَ على محمد وآله ، واسْفَعْ بناصيتي (4) إلى ما تراه لك رضاً فيما استخرتك فيه ، حتى يلزمني ذلك (5) أمراً أرضى فيه بحكمك ، وأتكلُ فيهِ على قضائك ، وأكتفي فيه بقدرتك ، ولا تقْلبني وهواي لهواك مخالفاً ، ولا بما أريد لما تريد مُجانباً ، اغلب بقدرتك التي تقضي بها ما أحببتَ على من أحببتُ ، بهواكَ هواي (6) ، ويَسرني لليسرى التي ترضى بها عن صاحبها ، ولا تخذلني بعد
1 ـ في « د » : الأمم.
2 ـ أثبتناه من البحار وأدعية السر والبلد الأمين.
3 ـ في أدعية السروالبلد الأمين : بعد ما أقول لك.
4 ـ قوله تعالى : ( لَنسْفعاً بالنَاصِيَةِ ) أي لنأخذن بناصيته إلى النار ، يقال : سَفَعْتُ بالشيء إذا أخذته وجذبته جذباً شديداً ، والناصية : شعر مقدم الرأس ، والجمع النواصي. « مجمع البحرين ـ سفع ـ 4 : 345 ».
5 ـ في البحار : تلزمني من ذلك.
6 ـ قال المجلسي في بيانه على النص : قال الكفعمي : أي بارادتك إرادتي ، والمعنى طلب رضاه.
فـتـح الابــواب ::: فهرس