فـتـح الابــواب ::: 241 ـ 255
(241)
والقربات (1).
    وقال جدي أبو جعفرمحمد بن الحسن الطوسي في كتاب المبسوط في الجزء الأول ، ما هذا لفظه : وإذا أراد أمراً من الأمور لدينه أو دنياه يستحبّ له أن يصلي ركعتين. يقرأ فيهما ما يشاء ، ويقنت في الثانية ، فإذا سلم دعا بما أراد ، ويسجد ، ويستخير الله في سجوده مائة مرة ، يقول : أستخير الله في جميع أموري ثم يمضي في حاجته (2).
    وقال أبو جعفر الطوسي في النهاية ما هذا لفظه : وإذا أراد الإنسان أمراً من الأمور لدينه أو دنياه ، يُستحب له أن يُصلي ركعتين ، فيقرأ فيهما ما شاء (3) ، ويقنت في الثانية ، فإذا سلم دعا بما أراد ، ثمّ ليسجد ويستخير الله في سجوده مائة مرة فيقول : أستخير الله في جميع أموري. ثم يمضي في حاجته (4).
فصل :
    وقال جدي أبو جعفر الطوسي أيضاً في كتاب الاقتصاد (5) ماهذا لفظه : وإذا أراد أمراً من الأمور لدينه أو دنياه ، فينبغي له أن يستخير الله تعالى فيغتسل ويصلي ركعتين ، يقرأ فيهما ما شاء ، فإذا فرغ دعا الله ، وسأله أن يخر له فيما يريده ، ويسجد ، ويقول في سجوده مائة مرة : أستخير الله في جميع أموري ، خيرة في عافية. ثم يفعل ما يقع في قلبه (6).
1 ـ تقدم في ص 176.
2 ـ المبسوط 1 : 133 ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار 91 : 279.
3 ـ في المصدرزيادة : من السور.
4 ـ النهاية في مجرد الفقه والفتوى : 142.
5 ـ في جميع النسخ : الانتصار ، وهوتصحيف ، صوابه ما أثبتناه ، كما ذكره المجلسي في بحار الأنوار 91 : 280.
6 ـ الاقتصاد الهادي الى طريق الرشاد : 274.


(242)
    وقال أيضاً جدي أبو جعفر الطوسي في هداية المسترشد ما هذا لفظه : وإذا أراد أمراً من الأمور لدينه أو دنياه ، فينبغي أن يستخير الله تعالى ، فيقوم فيصلي ركعتين ، يقرأ فيهما ما شاء ، فإذا فرغ دعا الله وسأله أن يخير له فيما يريد فعله ، ويسجد ، فيقول في سجوده مائة مرة : أستخير الله تعالى في جميع أموري كلها ، خيرة في عافية ، ثم يفعل ما يقع في قلبه.
    وقال الشيخ محمد بن إدريس في كتابه ما هذا لفظه : واذا أراد الإنسان أمراً من الأمور لدينه أو دنياه ، يُستحب له أن يصلَي ركعتين يقرأ فيهما ما شاء (1) ، فإذا سلّم دعا بما أراد ، ثم يسجد ، ويستخير الله في سجوده مائة مرة ، يقول : أستخير الله في جميع أموري ، خيرة في عافية. ثم يفعل ما يقع في قلبه (2).
    وسنذكر تمام كلامه في حديث الاستخارة بالرقاع ، في باب ما لعله يكون مانعاً من الاستخارة ، ونستوفي القول فيه مع حفظ جانب الله جلَ جلاله واتبّاع مراضيه (3).
    يقول علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن محمد بن الطاووس : وربما ينبهك على أن حديث الاستخارة قد كان مشهوراً معروفاً مأثوراً بين الشيعة (4) ، ما رويناه بإسنادنا المقدَم في طرقنا الى ما رواه جدي أبو جعفر الطوسي رضوان الله عليه ، عن أبي العباس عبد الله بن جعفر الحميري.
    وقال : حدثني أبو جعفر الطوسي في كتاب الفهرست : عبد الله بن
1 ـ في السرائر زيادة : ويقنت في الثانية.
2 ـ السرائر : 69.
3 ـ يأتي في ص 290.
4 ـ في البحار : وبين الشيعة مألوفاً.


(243)
عفر الحميري ، يكنى أبا العباس القمي ، ثقة (1).
     وقال النجاشي في كتاب الفهرست : عبد الله بن جعفر بن الحسين بن مالك بن جامع الحميري ، أبو العباس شيخ القمَيين ووجههم (2).
    قال هذا عبد الله بن جعفر الحميري فيما رواه في كتاب الدلائل : عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن محمد بن سهل بن اليسع (3) ، قال : كنت مجاوراً بمكة فصرت الى المدينة ، فدخلت على أبي جعفر عليه السلام وأردت أن أسأله عن كسوة يكسونيها ، فلم يتفق (4) لي أن أسأله ، حتى ودعته وأردت الخروج ، فقلت : أكتب إليه وأسأله.
    قال : وكتبت الكتاب وصرت الى مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله على أن أُصلي ركعتين وأستخير الله مائة مرة ، فإنْ وقع في قلبي أن أبعث إليه بالكتاب (5) ، وإلا خرقته.
    قال : فوقع في قلبي أن لا أبعث إليه (6) ، فخرقت الكتاب وخرجت من المدينة ، فبينا أنا كذلك إذا رأيت رسولاً معه ثياب في منديل يتخلل الطرقات ، ويسأل عن محمد بن سهل القمي ، حتى انتهى إلي ، فقال :
1 ـ الفهرست : 102 / 429.
2 ـ فهرست أسماء مصنفي الشيعة : 219/ 573.
3 ـ محمد بن سهل بن اليسع بن عبد الله بن سعد بن مالك بن الأحوص الأشعري القمي ، روى عن الإمامين الرضا وأبي جعفر عليهما السلام ، له كتاب يرويه جماعة ، وذكر السيد الخوئي طريق الصدوق والشيخ إليه.
    انظر « رجال النجاشي : 367/ 996 ، رجال الشيخ : 388/ 25 ، معجم رجال الحديث 16 : 170/ 10928 ».
4 ـ في البحار : فلم يقض.
5 ـ في البحارزيادة : بعثته.
6 ـ في « ش » : به.


(244)
مولاك بعث إليك بهذا ، وإذا ملاءتان (1).
    قال أحمدبن محمد بن عيسى : فقضى أني غسّلته حين مات وكفنته بهما (2).
    يقول علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن محمد بن الطاووس : أما ترى صريح ما نقلناه من أن الاستخارة لأمور الدنيا والدين بصريح المقالات ، وأما كونهم ما ذكروا الاستخارة بالرقاع في هذه المنقولات ، فقد تقدم ما أردنا ذكره في باب ترجيح العمل بالاستخارة بالرقاع (3) ، وأوضحنا أن الاستخارة بغيرها لا يحصل منه كمال الإنتفاع.
    أقول : مع أن هذه الأقوال المتضمنة أن يستخير مائة مرة ويمضي في حاجته ، أو يستخيرمائة مرة ويعمل ما يقع في قلبه ، فلا شبهة أن ما قالوه (4) من طريق روايات ، وجميع هذه الاستخارة بمائة مرة في المنقولات يحتمل أن تكون الاستخارة بالرقاع مخصّصة ومبينة منها على وجه من وجوه التأويلات ، وما لا يحتمل التخصيص والبيان فلعل ذلك يكون للتخيير في الروايات ، أو عند أعذار تمنع الإنسان من العمل بالرقاع في الاستخارات ، فإنه إذا لم يتمكن من كشف ما يستخير فيه بالرقاع ومن تمام الانتفاع ، فليرجع الى باب التفويض الى الله جلّ جلاله والتوكّل عليه ويمضي في حاجته ، أو يعمل ما يقع في قلبه كما ذكرناه ، ولكنّ التفويض والتوكل يحتاج الى الصدق فيهما وقوة اليقين ، وأنْ يكون المفوّض والمتوكل واثقاً بالله جلَ جلاله وثوقاً أرجح
1 ـ الملاءة : كل ثوب لين رقيق ، وفي النهاية : الملاء ، بالضم والمد : جمع ملاءة ، وهي الإزار والريطة. « النهاية ـ ملأ ـ 4 : 352 ، مجمع البحرين 1 : 398 ».
2 ـ نقله المجلسي في بحار الأنوار 91 : 279.
3 ـ تقدم في الباب التاسع ص 209.
4 ـ في « م » و « ش » : أن هنا قالوه.


(245)
من مشاهدة العين لما تراه ، وأنّه لا يكره ولا يضطرب عند اختيار اللهّ جلّ جلاله في شيء من الإِصداروالإيراد ، فإنّه إذا بلغ الى هذه الغايات ، تولّى الله جلّ جلاله تدبيره في الحركات والسكنات والاستخارات ، كما قال الله تعالى : ( وَمَنْ يَتَوَكلْ عَلَى الله فَهُوَ حَسْبُهُ ) (1) وقال جل جلاله : ( إنَهُ لَيْسَ لَه سُلْطَان عَلَى الَذِينَ آمَنُواْ وَعَلى رَبهم يَتَوَكلُونَ ) (2) وغير ذلك من الأيات في مدح المفوضين والمتوكّلين.
    ولكن قد بقي أن الصدق في التوكّل والتفويض هل يقع ويكون ؟ لأنّني أراه مقاماً عزيزاً شريفاً ، فإنّ ابن آدم كما قال الله تعالى : ( وَخُلِقَ الإنسْاَنُ ضَعِيفاً ) (3) فتراه يفوّض الى وكيله وصديقه وسلطانه العادل وشيخه الفاضل ، ويتوكّل عليهم ويسكن إليهم ، أقوى من تفويضه وتوكّله وسكونه الى ربّه ومولاه ، فكيف يكون مع ذلك مفوّضاً الى الله أو متوكلاَ عليه وغير الله أقوى في توكّله وتفويضه ؟ أين هذا من مقام التفويض والتوكّل على مالك دنياه وأخراه؟
    روي عن مولانا زين العابدين صلوات الله عليه أنّه قال لبعض من ضلّ في طريق : « لو صدق توكّلك ما ضللت » ، وها نحن نورد الحديث بذلك ، فهوحديث مليح ، لتعرف تفصيل ما أشرت إليه.
    ذكر محمد بن أبي عبد الله في أماليه من رواة أصحابنا ، ووجدته في نسخة تاريخ كتابتها سنة تسع وثلثمائة ، قال : حدثني مسلمة بن عبد الملك (4) ، قال : حدثني عيسى بن جعفر ، قال حدثني عباس بن
1 ـ الطلاق 65 : 3.
2 ـ النحل 16 : 99.
3 ـ النساء 4 : 28.
4 ـ في « د » : محمد بن مسلمة بن عبد الملك ، ولم يرد في البحار و المستدرك.


(246)
أيوب ، قال : حدثني أبو بكر الكوفي ، عن حماد بن حبيب الكوفي (1) قال : خرجنا حجّاجاً فرحلنا من زُبالَة (2) ليلاً ، فاستقبلنا ريح سوداء مظلمة ، فتقطعت القافلة ، فتهت في تلك الصحاري والبراري ، فانتهيت الى وادٍ قفر ، فلما أن جنني الليل اويت الى شجرة عادية ، فلما أنْ اختلط الظلام إذا أنا بشاب قد أقبل ، عليه أطمار (3) بيض ، تفوح منه رائحة المسك ، فقلت في نفسي : هذا ولي من أولياء الله تعالى متى ما أحس بحركتي خشيت نفاره ، وأن أمنعه عن كثير مما يريد فعاله ، فاخفيت نفسي ما استطعت ، فدنا إلى الموضع ، فتهيَأ للصلاة ، ثم وثب قائماً هو يقول :
    « يا من أحار (4) كل شيء ملكوتاً ، وقهر كل شيء جبروتاً ، ألج (5) قلبي فرح الإقبال عليك ، وألحقني بميدان المطيعين لك » ، قال : ثم دخل في الصلاة ، فلمَا أن رأيته قد هدأت أعضاؤه ، وسكنت حركاته ، قمت الى الموضع الذي تهياً منه للصلاة ، فإذا بعين تفيض بماء أبيض ، فتهيأت
1 ـ حماد بن حبيب العطار الكوفي ، قال الشيخ المامقاني : لم أقف فيه إلأ على ما رواه في المناقب وكتاب الاستخارات لابن طاووس عن محمد بن أبي عبد الله من رواة أصحابنا في أماليه ـ ثم ذكر الحديث الوارد في المتن ، ثم قال : وفيه دلالة على كونه شيعياً بل من خلص الشيعة وأهل السر منهم ، ضرورة انهم عليهم السلام ما كانوا يبدون مثل ذلك من غرائب الأعمال إلأ لمن كان كذلك ، ، وحينئذ فنستفيد من الخبرحسن حال الرجل ، والعلم عند الله تعالى. « تنقيح المقال 1 : 363 / 3282 ».
2 ـ زُبَالَة : بضم أوله : منزل معروف بطريق مكة من الكوفة ، وهي قرية عامرة بها أسواق بين واقصة والثعلببة ، وقال أبوعبيد السكوني : زبالة بعد القاع من الكوفة وقبل الشقوق ، فيها حصن وجامع لبني غاضرة من بني أسد. ويوم زبالة من أيام العرب ، قالوا : سميت زبالة بزبلها الماء أي بضبطها له وأخذها منه. وقال ابن الكلبي : سميت زُبالة باسم زبالة بنت مسعر امرأة من العمالقة نزلتها. « معجم البلدان 3 : 129 ».
3 ـ الطمر : الثوب الخلق « النهاية ـ.خلق ـ 3 : 138 ».
4 ـ في مناقب ابن شهرآشوب : حاز.
5 ـ في البحار : أولج.


(247)
للصلاة ، ثم قمت خلفه ، فإذا أنا بمحراب كأنّه مثّل في ذلك الموقف (1) ، فرأيته كلما مرّ بآية فيها ذكر الوعد والوعيد يرددها باشجان الحنين ، فلّما أنْ تقشع (2) الظلام وثب قائماً وهو يقول : « يا من قصده الطالبون فاصابوه مرشداً ، وأمَّهُ (3) الخائفون فوجدوه متفضلاً (4) ، ولجا إليه العابدون فوجدوه نوالا » (5) (6).
    فخفت أن يفوتني شخصه ، وأن يخفى عليّ أثره ، فتعلَقت به ، فقلت له : بالذي أسقط عنك ملال التعب ، ومنحك شدّة شوق لذيذ الرعب (7) ، إلأ ألحقتني منك جناح رحمة ، وكنف رقّة ، فإني ضالٌّ ، وبعيني كلما صَنَعْت ، وباُذني كلما نطقت ، فقال : « لو صدق توكّلك ما كنت ضالاَ ، ولكن اتبعني واقفُ أثري » ، فلمآ أن صار تحت الشجرة أخذ بيدي ، فتخيل إليّ أن الأرض تمدَ من تحت قدمي ، فلما انفجر عمود الصبح قال لي : « أبشر فهذه مكة » ، قال : فسمعت الصيحة (8) ، ورأيت المحجّة ، فقلت : بالذي ترجوه يوم الأزفة ويوم الفاقة ، من أنت ؟ فقال لي : « أمّا إذا أقسمت
1 ـ في « د » والبحار : الوقت.
2 ـ يقال : تقشْع ، السحاب : أي تصدع وأتلع. وقشعت الريح السحاب من باب نفع : أي كشفته ، فانقشع وتقشع. « مجمع البحرين ـ قشع ـ 4 : 379 ».
3 ـ الأم بالفتح : القصد. يقال : اَمة واممَهُ وتأممه ، إذا قصده. « الصحاح ـأمم ـ 1865 : 5 ».
4 ـ في مناقب ابن شهرآشوب : معقلا.
5 ـ في مناقب ابن شهرآشوب : « ولجأ إليه العائذون فوجدوه موئلاَ » ولعله أنسب ، والنَوَال : العطاء « الصحاح 5 : 1386 ».
6 ـ في بحار الأنوار زيادة : متى راحة من نصب لغيرك بدنه ، ومتى فرح من قصد سواك بنيته ، إلهي قد تقشع الظلام ولم أقض من خدمتك وطراً ، ولا من حياض مناجاتك صدراً ، صل على محمد وآله ، وافعل بي أولى الأمرين بك يا ارحم الراحمين.
7 ـ في مناقب ابن شهر آشوب : الرهب.
8 ـ في البحار : الضجْة.


(248)
عليّ فانا عليّ بن الحسين بن علي بن أبي طالب صلوات الله عليهم » (1).
    يقول علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن محمد بن الطاووس : أما ترى كما قلناه يقول : « لو صدق توكلك ما كنت ضالاً » فإذا كان صدق التوكل يهدي في الطرقات ، فكذا أن (2) صدق التوكل في الاستخارات ، ولكنّه كما قلناه صعب شديد هائل ، على من عرف شروطه على الوجه الكامل.
    وقد ذكر عبد العزيز بن البراج الاستخارة بمائة مرة في كتاب المهذّب (3) وقد ذكرها أبو الصلاح الحلبي في كتاب مختصر الفرائض الشرعية وغيره ، ولم نقصد استيفاء كلّ ما وقفنا عليه من الروايات ، ولا ما وقفنا عليه من تصانيف أصحابنا الثقات ، فإنّ ذلك يطول ، وفي ما ذكرناه كفاية في المأمول.
1 ـ رواه الراوندي في الخرائج : 238 ، وابن شهر اشوب في مناقب آل أبي طالب 4 : 142 ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار 46 : 77 / 73 ، والشيخ النوري في مستدرك الوسائل 1 : 268.
2 ـ كذا في النسخ ، ولعل الصواب : فكذاك.
3 ـ قال ابن البرّاج في المهذب 1 : 149 : « صلاة الاستخارة ركعتان ، يصليهما من أراد صلاتها كما يصلي غيرهما من النوافل ، فاذا فرغ من القراءة في الركعة الثانية قنت قبل الركوع ثم يركع ويقول في سجوده : أستخير الله. مائة مرة ، فاذا أكل المائة قال : لا إله إلأ الله الحليم الكريم لا إله الأ الله العلي العظيم ، ربي بحق محمد وال محمد ، صل على محمد وآل محمد ، وخر لي في كذا وكذا. ويذكر حاجته التي قصد هذه الصلاة لاجلها ، وقد ورد في صلاة الاستخارة وجوه غير ما ذكرناه ، والوجه الذي ذكرناه ـ ها هنا ـ من أحسنها ».


(249)
    الباب الثالث عشر     أخبرني شيخي الفقيه محمد بن نما والشيخ أسعد بن عبد القاهر الأصفهاني ، بإسنادهما الذي قدّمناه الى جدي أبي جعفر محمد ابن الحسن الطوسي رضوان الله عليه ، فيما ذكره في تهذيب الأحكام عن معاوية بن ميسرة ، ولم يذكر رحمه الله إسناده لهذا الحديث الذي يأتي ذكره الى معاوية بن ميسرة فإذا كان هذا الحديث في كتاب معاوية بن ميسرة المشار إليه ، فهذا اسناد جدي أبي جعفر الطوسي رضوان الله عليه.
    قال في الفهرست : معاوية بن ميسرة ، له كتاب ، أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضل ، عن ابن بطة ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن علي بن الحكم ، عنه (1).
    وذكر الرواية في المصباح الكبير أيضاً ، وهذا لفظه : وروى معاوية بن ميسرة عنه عليه السلام أنه قال : ( ما استخار الله عبد سبعين مرة بهذه الاستخارة ، إلأ رماه الله بالخيرة ، يقول : يا أبصر الناظرين ، ويا أسمع
1 ـ الفهرست : 167/ 731.

(250)
السامعين ، ويا أسرع الحاسبين ، ويا أرحم الراحمين ، ويا أحكم الحاكمين ، صلّ على محمد وأهل بيته ، وَخِرْ لي في كذا وكذا ) (1).
     يقول علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن محمد بن الطاووس : أما ما تضمنت هذه الرواية من ذكر الاستخارة بسبعين مرة بهذا الدعاء ـ ولم ُتذكر صلاة إلأ كان لفظ الاستخارة بالرقاع ـ فإن هذا عام ، ويحتمل أن يكون هذا الدعاء سبعين مرة مضافاً الى الاستخارة بالرقاع ، ويكون إذا استخار بالرقاع وقال هذه السبعين مرة كفاه ذلك عن المائة مرة ، وهذا التأويل مما تراه كي لا يسقط شيء مما رويناه ، أو يكون على سبيل التخيير بينها وبين الروايات التي رويناها في الاستخارات.
1 ـ مصباح المتهجد : 481 ، والتهذيب 3 : 182/ 8 ، ورواه الصدوق في الفقيه 1 : 356/ 6 ، والشيخ المفيد في المقنعة : 36 ، والطبرسي في مكارم الاخلاق : 320 بزيادة ، والشهيد الأول في ذكرى الشيعة : 252 ، والكفعمي في المصباح : 391 عنهم عليهم السلام ، والبلد الأمين : 160 ، ونقله كل من المجلسي في بحار الأنوار 91 : 282/ 33 ، والنوري في مستدرك الوسائل 1 : 452/ 3 ، عن فتح الأبواب : نقلاً من كتاب سعد بن عبد الله الثقة ، عن الحسين ، عن محمد بن خالد ، عن أبي الجهم ، عن معاوية بن ميسرة قال : قال أبو عبد الله ... ، ولم يرد النص بهذا السند فيما اعتمدناه من النسخ الخطية ، ولعله سقط منها ، فتأمل.

(251)
    الباب الرابع عشر     أخبرني شيخي الفقيه محمد بن نما والشيخ أسعد بن عبد القاهر الأصفهاني ، بإسنادهما الذي قدمناه الى جدي أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي ، فيما رواه عن الحسن بن محبوب السراد.
    قال جدي أبو جعفر الطوسي : أخبرنا بجميع كتبه ورواياته ، عدَة من أصحابنا ، عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه ، عن أبيه ، عن سعد بن عبد الله ، عن الهيثم بن أبي مسروق ومعاوية بن حكيم وأحمد ابن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن محبوب (1).
    وقال جدي أبو جعفر الطوسي : وأخبرنا ابن أبي جيد ، عن ابن الوليد ، عن الصفَار ، عن أحمد بن محمد ومعاوية بن حكيم والهيثم بن أبي مسروق ، كلهم عن الحسن بن محبوب (2).
1 و 2 ـ فهرست الشيخ : 47.

(252)
    قال الحسن بن محبوب : عن أبيِ أيوب الخزاز ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : « كنا أُمرنا بالخروج الى الشام فقلت : اللهمَ إنْ كان هذا الوجه الذي هممت به خيراً لي في ديني ودنياي وعاقبة أمري ولجميع المسلمين ، فيسره لي وبارك لي فيه ، وإن كان ذلك شراً لي ، فاصرفه عني الى ما هو خير لي منه ، فإنك تعلم ولا أعلم ، وتقدر ولا أقدر ، وأنت علام الغيوب ، أستخير الله ـ ويقول ذلك مائة مرة ـ
    قال : وأخذت حصاة (1) فوضعتها على نعلي حتى أتممتها » فقلت : أليس إنّما يقول هذا الدعاء مرة واحدة ، ويقول : أستخير الله. مائة مرة ؟ قال : هكذا قلت : مائة مرة ، ومرة هذا الدعاء ، قال فصرف ذلك الوجه عني ، وخرجت بذلك الجهاز الى مكة ، ويقولها في الأمر العظيم مائة مرة ومرة ، وفي الأمر الدون عشر مرات (2).
    يقول علي بن موسى بن جعفربن محمد بن محمد بن الطاووس : يحتمل أن تكون الأخبار العامة في الاستخارات مخصوصة بما قدمناه من الاستخارة بالرقاع في كل ما يحتمل هذه التأويلات ، وما يحتمل التخييريمكن أن يكون المراد التخيير لئلا يسقط شيء من الروايات ، وأما ما تضمن هذا الحديث ، وما سيأتي من الأخبار في أن الأمرالجسيم والعظيم على ما سيأتي من الأثار مائة مرّة ومرة فإنه كاشف عن أن أبلغ الاستخارات مائة مرة ومرة ، وما يكون دون الأمر العظيم فبحسب ما يوجد في الروايات وينقل عن الثقات.
1 ـ قال المجلس في بيانه على العبارة في البحار 91 : 283 : لعل وضع الحصاة على النعل لضبط العدد تعليماً للغير ، ويحتمل أن يكون وضع الحصاة الواحدة فقط فيكون جزء للعمل لكنه بعبد.
2 ـ نقله المجلسي في بحار الأنوار 91 : 282/ 34 ، والنوري في المستدرك 1 : 452/ 4 ، وأخرج قطعة منه الحرالعاملي في وسائل الشيعة 5 : 216/ 10.


(253)
    الباب الخامس عشر     أخبرني شيخي الفقيه محمد بن نما والشيخ أسعد بن عبد القاهر الأصفهاني بإسنادهما الذي قدمناه ، فيما رويناه عن أبي جعفر محمد بن بابويه القمي ، قال في كتاب من لا يحضره الفقيه وقد ضمن صحّة كل ما رواه فيه وأفتى به وتقلّد العمل بموجبه (1) ، قال ما هذا لفظه :
    عن الصادق عليه السلام أنّه كان إذا أراد شراء العبد أو الدابة أو الحاجة الخفيفة أو الشيء اليسير استخار الله عزّ وجل فيه سبع مرّات ، وإذا كان أمراً جسيماً استخار الله فيه مائة مرة (2).
1 ـ إشارة الى قول الشيخ الصدوق في مقدمة كتابه الفقيه 1 : 3 : « ولم أقصد فيه قصد المصنْفين في ايراد جميع ما رووه بل قصدت الى إيراد ما أفتي به وأحكم بصحته ، وأعتقد فيه أنه حجة فيما بيني وبين ربي تقدس ذكره وتعالت قدرته ، وجميع ما فيه مستخرج من كتب مشهررة ، عليها المعول وإليها المرجع ».
2 ـ من لا يحضره الفقيه 1 : 355 / 5 ، وفيه : وروى حماد بن عيسى ، عن ناجية ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، ورواه الطبرسي في مكارم الأخلاق : 370 ، والشهيد الأول في ذكرى الشيعة : 252 ، والكفعمي في المصباح : 392 ، ونقله العلامة المجلسي في بحار الأنوار 91 : 280 /


(254)
    يقول علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن محمد بن الطاووس : وهذا أيضاً يحتمل أنْ يختص عمومه بالاستخارات كي لا يسقط شيء من روايات أصحابنا الثقات (1).
31 عن المكارم والفقيه ، وقال بعد. : « الفتح : نقلاً من كتاب الدعاء لسعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن العباس بن معروف ، عن حماد بن عيسى ، عن حريز بن عبد الله ، عن ناجية قال : كان أبو عبد الله عليه السلام إذا أراد ، وذكر مثله ». ولم يرد النص المذكور في النسخ التي اعتمدناها ، ولعله سقط منها ، وبقي في نسخة العلامة المجلسي من الكتاب ظاهراً ، فتأمل.
1 ـ قال المولى محمد تقي المجلسي في روضة المتقين 2 : 826 ، في تعليقه على الحديث : الظاهر جواز الاستخارة في الشيء اليسير بالسبع وإن كان المائة والواحدة أفضل ، لعموم الأخبار المتقدمة وإن أمكن تخصيصها بهذا الخبر.


(255)
    الباب السادس عشر     أخبرني شيخي الفقيه محمد بن نما والشيخ أسعد بن عبد القاهر الأصفهاني ، بالإسناد الذي قدمناه الى جدي أبي جعفر الطوسي بإسناده الى الحسن بن محبوب ، عن أبي أيوب الخزاز ، عن ابن مسكان ، عن ابن أبي يعفور ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول في الاستخارة : « تُعظم الله وتمجده وتحمده وتصلي على النبي صلى الله عليه وآله ثم تقول : اللهم إني أسالك بانَك عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم ، وأنت علآم الغيوب (1) ، أستخير الله برحمته ».
    ثم قال أبو عبد الله عليه السلام : « إنْ كان الأمر شديداً تخاف فيه ، قلته مائة مرة ، وإنْ كان غير ذلك قلته ثلاث مرات » (2).
    يقول علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن محمد بن الطاووس : وهذا أيضاً عام محتمل للتخصيص بروايات الاستخارات بالرقاع ، وكي لا (3) يسقط شيء من أخبارأصحابنا الثقات.
1 ـ في « م » والوسائل : وأنت عالم للغيوب.
2 ـ نقله المجلسي في بحار الأنوار 91 : 256 / 1 ، والحر العاملي 5 : 208 / 13.
3 ـ في « ش » : ولئلا.
فـتـح الابــواب ::: فهرس