|
|||
(61)
إليها قبل تعلق الطلب بها ، كالطهور ، والاستقبال ، والستر ، وغير ذلك من الانقسامات السابقة. وأخرى : تكون باعتبار الشرائط التي لا يمكن لحاظها في مرحلة تعيين المسمى ، بل هي من الانقسامات اللاحقة عن مرحلة تعلق الطلب بها ، كقصد القربة وما يستتبعها من قصد الوجه ووجه الوجه ، على القول باعتباره.
لا ينبغي الاشكال في خروج الصحة بالاعتبار الثاني عن حريم النزاع في المقام ، بداهة تأخر اتصاف الشيء بالصحة بهذا المعنى عن تعيين المسمى بمرتبتين : مرتبة تعيين المسمى ، ومرتبة تعلق الطلب به ، وما يكون متأخرا عن المسمى لا يعقل اخذه في المسمى ، بل لا يعقل اخذه في متعلق الطلب ، فضلا عن اخذه في المسمى ، فلا يمكن القول بان لفظ الصلاة موضوعة للصحيح الواجد لشرط قصد القربة ، أو للأعم من الواجد لها والفاقد ، كما لا يمكن القول بوضعها للأعم من تعلق النهى بها وعدم تعلقه ، أو للأعم من وجود المزاحم لها وعدم المزاحم. فالفساد اللاحق لها من ناحية النهى في العبادات ، أو من ناحية اجتماع الأمر والنهي ، بناء على الجواز مع تغليب جانب النهى في مقام المزاحمة عند عدم المندوحة على ما سيأتي بيانه ، خارج عن حريم النزاع أيضا ، كخروج الصحة اللاحقة لها من باب عدم النهى ، أو من باب عدم المزاحم. والسر في ذلك كله ، هو تأخر رتبة الاتصاف بالصحة أو الفساد بذلك عن مرتبة تعيين المسمى. فالذي ينبغي ان يكون محل النزاع ، هو خصوص الاجزاء والشرائط الملحوظة عند مرحلة الجعل وتعيين المسمى التي يجمعها ـ ما يمكن فرض الانقسام إليها قبل تعيين المسمى ـ فتأمل جيدا. ( الرابعة ) لا اشكال في أن لكل من العبادات افراد عرضية وطولية تختلف باختلاف حالات المكلفين ، كالصلاة مثلا حيث إن لها افرادا لا تحصى من حيث اختلاف حالات المكلفين من السفر والحضر والصحة والمرض والقدرة والعجز و الخوف والامن وغير ذلك. ولا ينبغي توهم ان لفظة الصلاة موضوعة بالاشتراك اللفظي لكل من هذه الافراد ، بحيث يكون لكل فرد وضع يخصه ، فان ذلك بعيد غايته. وكذلك لا ينبغي الاشكال في أنها ليست من قبيل الوضع العام والموضوع له (62)
الخاص ، وذلك لأنه.
أولا : يحتاج في الوضع العام والموضوع له الخاص إلى الوضع التعييني ، بان يكون هناك واضع مخصوص يتصور جامعا ، ويضع اللفظ بإزاء افراده ، ولا يمكن تحقق الوضع العام والموضوع له الخاص بالوضع التعيني كما لا يخفى ، ومن المعلوم : ان لفظة الصلاة لم توضع كذلك إذ غايته حصول التعيني لها ، سواء قلنا بالحقيقة الشرعية أو لم نقل ، لان غاية ما يمكن ان يقال ، هو ان الشارع استعمل لفظ الصلاة في هذه المهية مجازا ، ثم كثر استعمالها في ذلك في لسانه ولسان تابعيه ، حتى صارت حقيقة ، فمن يدعى الحقيقة الشرعية يريد بها هذا المعنى. واما دعوى ان الشارع من أول الامر عين لفظ الصلاة لهذه المهية على وجه النقل ، فمما لا يمكن المساعدة عليها ، إذ لو كان ذلك لبان ونقل مع توفر الدواعي لنقله. وبالجملة من المقطوع : انه صلى الله عليه وآله لم يرق المنبر وقال : أيها الناس انى وضعت لفظة الصلاة بإزاء هذه المهية. وثانيا : ان ذلك بالآخرة يرجع إلى الاشتراك اللفظي ، إذ لو كان الموضوع له هو خصوص الافراد المتباينة لكان لكل فرد وضع يخصه ، فلا تكون لفظة الصلاة موضوعة بإزاء الجامع ، إذ المسمى يكون هي الافراد حينئذ والافراد متباينة. وثالثا : ان الوضع العام والموضوع له الخاص ، انما يتصور بالنسبة إلى الافراد العرضية ، وهذا لا يمكن بالنسبة إلى الصلاة ، بداهة ان فردية صلاة الجالس للصلاة انما تكون بعد ثبوت الامر بها ، وان الصلاة لا تسقط بحال ، وما يكون فرديته متوقفة على الامر به لا يعقل اخذه في المسمى ، فتأمل ، فان هذا يمكن دفعه. فيدور الامر ، بين ان نقول بالاشتراك المعنوي ، وبين ان نقول بان لفظة الصلاة موضوعة بإزاء قسم خاص من اقسام الصلاة ، وهو الجامع لجميع الاجزاء والشرائط عدا قصد القربة وأمثالها مما تكون مرتبة اعتبارها متأخرة عن مرتبة تعيين المسمى حسب ما تقدم تفصيله ، ويكون اطلاق الصلاة حينئذ على سائر الأقسام بنحو العناية ، بتنزيل الفاقد لبعض الاجزاء والشرائط منزلة الواجد ادعاء ، على ما ذهب إليه السكاكي في الحقيقة الادعائية. (63)
وهذا الوجه ، هو الذي قربه شيخنا الأستاذ مد ظله ، ومال إلى أن الموضوع له للفظة الصلاة ، هو خصوص الصلاة الواجدة لجميع الاجزاء والشرائط ، وهو الصحيح التام ، ويكون اطلاقها على الفاقد لها بالعناية والتنزيل. وحيث إن هذا المعنى باطلاقه لا يستقيم ، بداهة ان التنزيل والادعاء يحتاج إلى مصحح ، إذ لا يمكن تنزيل كل شيء منزل كل شيء ، بل لابد ان يكون هناك مصحح للادعاء ، ولو باعتبار الصورة والشكل ، ومن العلوم : ان صلاة الغرقى التي يكتفى فيها بالايماء القلبي مما لا يمكن تنزيلها منزله الصلاة التامة الواجدة لجميع الاجزاء والشرائط ، ولا يصح ادعاء انها هي ، التزم مد ظله بان اطلاق الصلاة على مثل هذا انما يكون شرعيا ، بحيث لولا اطلاق الشارع الصلاة على مثل صلاة الغرقى لما كان هناك مصحح للاطلاق ، ثم بعد اطلاق الشارع الصلاة على صلاة الغرقى وأمثالها مما لا يمكن ادعاء انها تلك الصلاة التامة ، يصح اطلاق الصلاة على الفاسد من تلك الحقيقة بالتنزيل والادعاء.
وحاصل الكلام : ان لفظة الصلاة موضوعة بإزاء الصلاة التامة ، ويكون اطلاقها على الفاسد أو الصحيح الفاقد لبعض الاجزاء والشرائط بحسب اختلاف حال المكلف بالعناية والتنزيل وادعاء انها هي إذا كان هناك مصحح للادعاء ، بان لا تكون فاقدة لمعظم الاجزاء والشرائط ، وان لم يكن هناك مصحح الادعاء ، فيدور اطلاق الصلاة عليه مدار اطلاق الشارع ، وبعد الاطلاق الشرعي يمكن التنزيل والادعاء بالنسبة إلى ما يكون فاقدا للبعض وما هو فاسد من تلك الحقيقة التي أطلق عليها الشارع الصلاة ، وح لا يلزم هناك مجاز ولا سبك من مجاز ، بل يكون الاطلاق على نحو الحقيقة ، غايته انه لا حقيقة بل ادعاء. هذا حاصل ما افاده في المقام ، موافقا لما افاده الشيخ ( قده ) على ما في تقرير (1) بعض الأجلة. ولازم ذلك ، هو انه لا يمكن التمسك 1 ـ مطارح الأنظار ـ ص 6 ـ عند البحث عن تصوير الجامع عند الأعمى من قوله : « وهناك وجه آخر في تصوير مذهب القائل بالأعم .. » وعبر عنه بان ذلك مما لا ينبغي ان يستبعد عند الملاحظ المتأمل في طريقة المحاورات العرفية. (64)
باطلاق قوله لا صلاة الا بفاتحة الكتاب مثلا ، على اعتبار الفاتحة في صلاة الجالس ، للشك في أن المراد من الصلاة في قوله لا صلاة الخ ، هل هي الصلاة التامة التي تكون موضوعا لها لفظ الصلاة ؟ أو الأعم من ذلك ومن الصلاة التي تكون صلاة بالتنزيل و الادعاء ؟ هذا ولكن مع ذلك ربما لا يخلو عن بعض المناقشات ، كما لا تخفى على المتأمل.
ثم لو أغمضنا عن ذلك ، وقلنا بالاشتراك المعنوي من قبيل الوضع العام و الموضوع له العام ، فلا محيص من أن يكون هناك جامع بين تلك الافراد التي لا تحصى حسب اختلاف أصناف المكلفين ، بحيث وضع اللفظ بإزاء نفس ذلك الجامع حتى يكون الموضوع له عاما ، فالجامع مما لا محيص عنه بعد ابطال الاشتراك اللفظي و الاغماض عما ذكرنا في وجه تصحيح الاطلاق ، وحينئذ يقع الاشكال في تصوير الجامع المسمى على كل من القول بالصحيح والأعم. فينبغي ح بيان ما قيل أو يمكن ان يقال في ما يكون جامعا بين الافراد الصحيحة ، أو الأعم منها ومن الفاسدة. وقبل بيان ذلك لابد من تمهيد مقال. وهو انه لابد ان يكون الجامع على وجه يصلح ان يتعلق به التكليف نفسه ، إذ الجامع انما يكون هو المسمى ، ومن المعلوم ان المسمى هو متعلق التكليف ، فهناك ملازمة بين المسمى وبين متعلق التكليف ، فلا يمكن ان يكون المسمى أمرا ومتعلق التكليف أمرا اخر. وأيضا لابد ان يكون ذلك الجامع بسيطا على وجه لا يصلح للزيادة و النقيصة بناء على الصحيحي ، إذ لو كان مركبا فكل مركب يتصف بالصحة و الفساد باعتبار اشتماله على تمام الاجزاء أو بعضها ، وما يكون قابلا للاتصاف بالصحة والفساد لا يصلح ان يكون جامعا بين الافراد الصحيحة. وأيضا لابد ان يكون ذلك الجامع مما لا يتوقف تحققه على الامر ، لما عرفت من سبق رتبة المسمى على متعلق الامر ، فضلا عن نفس الامر ، فمثل عنوان ( المطلوب ) أو ( وظيفة الوقت ) وما شابه ذلك من العناوين لا يصلح ان يكون هو الجامع المسمى بالصلاة مثلا ، لتأخر رتبة هذه العناوين عن رتبة المسمى ، مضافا إلى أن الأسماء و (65)
الألفاظ انما تكون موضوعة بإزاء الحقائق ، لا بإزاء المفاهيم العقلية ، فلا يصح ان يكون لفظ الصلاة موضوعا بإزاء مفهوم المطلوب ، بل بإزاء الواقع والحقيقة ، فيسئل عن تلك الحقيقة التي تسمى بالصلاة ما هي ؟.
وبالجملة : لا بد ان لايكون ذلك الجامع من سنخ المفاهيم التي لا موطن لها الا العقل ، ولا ما يكون مرتبة وجوده متأخرة عن مرتبة الطلب والامر ، ولا مما يمكن اتصافه بالصحة والفساد ، ولا مما لا يمكن ان يتعلق به الطلب ، فهذه القيود الأربعة مما لابد منها في الجامع. إذا عرفت ذلك فنقول : قد قيل إنه يمكن فرض الجامع بين الافراد الصحيحة على وجه يكون هو المسمى ، غايته انه لا يمكن الإشارة إليه تفصيلا بل يشار إليه بوجه ما ، اما من ناحية المعلول ، واما من ناحية العلة ، أي اما من ناحية الأجر والثواب المترتب على افراد الصلاة الصحيحة ، أو من ناحية المصالح والمفاسد التي اقتضت الامر بها. اما الأول : فتفصيله هو انه لا اشكال في أن وحدة الأثر تستدعى وحدة المؤثر ، إذ لا يمكن صدور الشيء عن متعدد ، ولا يمكن توارد علل متعددة على معلول واحد ، فوحدة الأثر بالنسبة إلى افراد الصلاة الصحيحة المختلفة بالصورة المشتملة على تمام الاجزاء والشرائط تارة وعلى بعضها أخرى لا يمكن الا بان يكون هناك جامع بين تلك الافراد المختلفة يقتضى ذلك الجامع ذلك الأثر ، إذ لا يمكن ان تكون تلك الافراد بما انها متباينة تقتضي ذلك ، لاستلزام ذلك صدور الواحد عن متعدد وهو محال ، فلا محيص من ثبوت جامع بين تلك الافراد يكون هو المؤثر ، ويكون ذلك الجامع هو المسمى بالصلاة ، وهو متعلق الطلب هذا. ولكن لا يخفى عليك ما فيه. اما أولا : فلامكان تعدد الأثر ومنع وحدته ، بداهة انه لا طريق لنا إلى اثبات وحدة الأثر ، فمن الممكن جدا ان يكون الأثر المترتب على الصلاة الواحدة لجميع الاجزاء والشرائط غير الأثر المترتب على الصلاة الفاقدة لبعضها. وثانيا : ان الاشتراك في الأثر لا يقتضى وحدة المؤثر بالهوية والحقيقة ولا (66)
دليل على ذلك ، بل الوجدان يقتضى خلافه ، بداهة اشتراك الشمس مع النار في الحرارة مع عدم اتحاد حقيقتهما ، بل هما ممتازان بالهوية. وبالجملة : مجرد اشتراك شيئين في اثر لا يكشف عن اتحاد حقيقتهما ، ولم يقم برهان على ذلك (1) نعم لابد ان يكون بين الشيئين جامع يكون ذلك الجامع هو المؤثر لذلك إذ لا يمكن صدور الواحد عن متعدد ، الا ان مجرد ثبوت الجامع بينهما لا يلازم اتحاد هويتهما وحقيقتهما ، بل من الممكن ان يكونا مختلفي الحقيقة ، ومع ذلك يكون بينهما جامع في بعض المراتب يقتضى ذلك الجامع حصول ذلك الأثر ، فإذا لم يكن ذلك الجامع راجعا إلى وحدة الهوية والحقيقة لم يكن هو المسمى بالصلاة مثلا ، لما عرفت : ان الأسماء انما تكون بإزاء الحقائق ، والمفروض اختلاف حقايق مراتب الصلاة وان كان بينهما جامع بعيد يقتضى اثرا واحدا فتأمل.
وثالثا : الأثر انما يكون مترتبا على الصلاة بعد الاتيان بها وبعد الامر بها ، والامر بها انما يكون بعد التسمية ، فلا يمكن ان يكون ذلك الأثر المتأخر في الوجود عن المسمى بمراتب معرفا وكاشفا عن المسمى ، بداهة انه عند تعيين المسمى لم يكن هناك اثر حتى يكون ذلك الأثر وجها للمسمى لكي يمكن تصور المسمى بوجهه ، لان تصور الشيء بوجهه انما هو فيما إذا كان الوجه سابقا في الوجود عن التصور ، و المفروض ان الأثر انما يكون متأخرا في الوجود من تصور المسمى ، فكيف يمكن جعله معرفا للمسمى فتأمل. ورابعا : لو جعل المسمى هو ما يترتب عليه ذلك الأثر على وجه يكون ذلك الأثر قيدا في المسمى ، لكان اللازم هو القول بالاشتغال عند الشك في الأقل والأكثر الارتباطيين ، بداهة ان المأمور به ح ليس هو نفس أفعال الصلاة ، بل ما يترتب عليها ذلك الأثر ، فمرجع الشك في جزئية شيء للصلاة هو الشك في ترتب ذلك الأثر على الفاقد لذلك الجزء ، ويكون ح من الشك في حصول ما هو قيد للمأمور به ، ومن 1 ـ فان الاشتراك في اثر غير الاشتراك في جميع الآثار ، كما هو المدعى في المقام ، فان الاشتراك في جميع الآثار يلازم وحدة الحقيقة ـ منه. (67)
المعلوم : انه لا مجال للبرائة في ذلك ، لان المقام يكون من صغريات الشك في المحصل الذي لا تجرى فيه البراءة ، هذا كله إذا أردنا ان نستكشف الجامع من ناحية المعلول.
وأما إذا أردنا ان نستكشفه من ناحية العلل وملاكات الاحكام ففساده أوضح ، وذلك لعدم امكان تعلق التكليف بالملاكات ، لا بأنفسها ، ولا بما يكون مقيدا بها ، فلا تكون هي المسميات ، ولا ما هو مقيد بها. وتوضيح ذلك يستدعى بسطا من الكلام في المايز ، بين باب الدواعي ، وبين باب المسببات التوليدية ، حتى يتضح ان الملاكات ، هل هي من قبيل الدواعي ؟ أو من قبيل المسببات التوليدية ؟ ونحن وان استقصينا الكلام في ذلك في الأصول العملية ، بل تكرر منا الكلام في ذلك ، الا انه لا باس بالإشارة الاجمالية إليه في المقام ، لما فيه من المناسبة ونحيل تفصيله إلى تلك المباحث. فنقول : ان المقصود الأصلي والغرض الأولى للفاعل تارة : يكون هو بنفسه فعلا اختياريا للمكلف من دون نظر إلى ما يترتب على ذلك الفعل من الأثر ، بل إن نفس الفعل يكون مقصودا بالأصالة ، كما إذا كان مقصوده القيام أو القعود وأمثال ذلك. وأخرى : يكون المقصود الأصلي والغرض الأولى هو الأثر المترتب على ذلك الفعل الاختياري ، بحيث يكون الفعل لمجرد المقدمية للوصول إلى ذلك الأثر. وهذا أيضا تارة : يكون الفعل الاختياري تمام العلة أو الجزء الأخير منها لحصول ذلك الأثر ، بحيث لا يتوسط بين الفعل وبين ذلك الأثر شيء اخر أصلا ، كالالقاء بالنسبة إلى الاحراق ، حيث إن اثر الاحراق يترتب على الالقاء في النار ترتب المعلول على علته ، من دون ان يتوسط بين الالقاء والاحراق شيء أصلا. وأخرى : يكون الفعل الاختياري مقدمة اعدادية لترتب ذلك الأثر المقصود ، بحيث يتوسط بين الفعل الاختياري وبين الأثر أمور اخر ، كالزرع فان الأثر المترتب على الزرع هو صيرورته سنبلا ، ومن المعلوم : ان الفعل الاختياري : من البذر والسعي و الحرث ، ليس علة تامة لتحقق السنبل ، إذ يحتاج صيرورة الزرع سنبلا إلى مقدمات اخر متوسطة بين ذلك وبين الفعل الاختياري ، كاشراق الشمس ، ونزول الأمطار ، (68)
وغير ذلك. (1) فان كان الأثر المقصود مترتبا على الفعل الاختياري ترتب المعلول على علته ، من دون ان يكون هناك واسطة أصلا ، أمكن تعلق إرادة الفاعل به ، نحو تعلق ارادته بالفعل الاختياري الذي هو السبب لحصول ذلك الأثر ، بداهة ان الأثر يكون مسببا توليديا للفعل ، وما من شانه ذلك يصح تعلق إرادة الفاعل به ، لان قدرته على السبب عين قدرته على المسبب ويكون تعلق الإرادة بكل منهما عين تعلق الإرادة بالآخر (2) ويصح حمل أحدهما على الاخر نحو الحمل الشايع الصناعي فيقال : الالقاء في النار احراق ، إذ لا انفكاك بينهما في الوجود ، وهذا الحمل وان لم يكن حملا شايعا صناعيا بالعناية الأولية ، لان ضابط الحمل الصناعي هو الاتحاد في الوجود ، ولا يمكن اتحاد الوجود بين العلة والمعلول ، الا انه لما لم يمكن الانفكاك بينهما في الوجود وكان المعلول من رشحات وجود العلة صح الحمل بهذه العناية.
وبالجملة : كلما كان نسبة الأثر إلى الفعل الاختياري نسبة المعلول إلى العلة التامة أو الجزء الأخير من العلة يصح تعلق إرادة الفاعل به نحو تعلقها بالفعل الاختياري ، وان كان الفعل الاختياري من المقدمات الاعدادية للأثر المقصود ، فلا يمكن تعلق إرادة الفاعل به ، لخروجه عن تحت قدرته واختياره ، ولا يمكن تعلق الإرادة بغير المقدور ، بل الإرادة الفاعلية مقصورة التعلق بالفعل الاختياري ، واما ذلك الأثر فلا يصلح الا ان يكون داعيا للفعل الاختياري ، فمثل صيرورة الزرع سنبلا انما يكون داعيا إلى الحرث والسقى ، فظهر الفرق بين باب الدواعي وبين باب المسببات التوليدية. وحاصل الفرق ، هو امكان تعلق الإرادة الفاعلية بالمسببات التوليدية ، دون الدواعي ، لتوسط أمور خارجة عن تحت القدرة بين الفعل الاختياري وبين 1 ـ أفاد ذلك الشاعر بقوله :
(69)
الأثر المقصود ، فلا يمكن تعلق إرادة الفاعل به. والضابط الكلي بين باب الدواعي و بين باب المسببات التوليدية ، هو ما ذكرنا من أنه ان كان الفعل الاختياري تمام العلة أو الجزء الأخير منها لحصول الأثر فهذا يكون من المسببات التوليدية ، وان لم يكن كذلك بل كان أول المقدمات أو وسط المقدمات وكان حصول الأثر متوقفا على مقدمات اخر ، فهذا يكون من الدواعي.
وحيث عرفت امكان تعلق إرادة الفاعل بما كان من المسببات التوليدية ، وعدم امكان تعلق الإرادة بما كان من الدواعي ، فنقول : ان هناك ملازمة بين الإرادة الآمرية والإرادة الفاعلية ، وانه كلما صح تعلق إرادة الفاعل به يصح تعلق إرادة الآمر به ، وكلما لا يصح تعلق إرادة الفاعل به لا يصح تعلق إرادة الآمر به ، والسر في ذلك واضح ، لان الإرادة الامرية انما تكون تحريكا للإرادة الفاعلية نحو الشيء المطلوب ، فلابد من أن يكون ذلك الشيء قابلا لتعلق إرادة الفاعل به حتى تتعلق به إرادة الآمر ، فإذا فرض انه لا يمكن تعلق إرادة الفاعل به لكونه غير مقدور له ، فلا يمكن تعلق إرادة الآمر به ، لأنه يكون من طلب المحال. وحيث قد عرفت : انه لو كان نسبة الفعل الاختياري إلى الأثر الحاصل منه نسبة السبب التوليدي إلى مسببه التوليدي ، كان تعلق إرادة الفاعل بذلك المسبب بمكان من الامكان ، فيصح تعلق إرادة الامر بايجاد ذلك المسبب ، بل لا فرق في الحقيقة بين تعلق الامر بالسبب أو بالمسبب ، لان تعلقه بالسبب أيضا لمكان انه يتولد منه المسبب ، ومن هنا قيل : في (1) مقدمة الواجب : ان البحث عن وجوب السبب قليل الجدوى ، إذ تعلق الامر بالمسبب هو عين تعلقه بالسبب وبالعكس ، فلا فرق بين ان يقول أحرق الثوب ، أو الق الثوب في النار ، لان الامر بالالقاء انما هو من حيث ترتب الاحراق عليه ، فيكون الالقاء معنونا بعنوان الاحراق. 1 ـ والقائل هو صاحب المعالم ( قدس سره ) ، فإنه قد صرح في مبحث مقدمة الواجب من المعالم : « .. فالذي أراه ان البحث في السبب قليل الجدوى ، لان تعليق الامر بالمسبب نادر ، واثر الشك في وجوبه هين » ( معالم الأصول. ص 64 ) (70)
وهذا هو المراد لما ذكره الشيخ قده (1) في مبحث الأقل والأكثر الارتباطيين : من أنه لو كان المأمور به عنوانا لفعل المكلف لم تجر فيه البراءة ، إذ العنوانية انما تكون فيما إذا كان المأمور به من المسببات التوليدية لفعل المكلف و يكون فعل المكلف سببا له ، فإنه يكون الفعل معنونا بذلك المسبب ولا تجرى فيه البراءة ، لرجوع الشك فيه إلى الشك في المحصل ، بداهة ان فعل المكلف بما هو لم يكن متعلق التكليف ، بل متعلق التكليف هو ما يستتبع الفعل من السبب ، فلو شك في أن الجزء الفلاني له دخل في ترتب المسبب كان مقتضى الأصل عدم الترتب ويلزمه الاشتغال ، من غير فرق بين ان يتعلق الامر بالمسبب فيقول : أحرق الثوب ، وبين ان يتعلق بالسبب فيقول : الق الثوب في النار ، لما عرفت من أن الامر بالالقاء لا لمطلوبية نفس الالقاء بما هو فعل من أفعال المكلف ، بل بما هو محصل للاحراق ، فعند الشك في حصول الاحراق لاحتمال دخل شيء فيه كان اللازم فيه هو الاحتياط ، ولا مجال للبرائة أصلا ، كما هو الشأن في الشك في باب المحصلات مط.
هذا كله فيما إذا كان الأثر من المسببات التوليدية لفعل المكلف وأما إذا كان الأثر من الدواعي ، وكان الفعل من المقدمات الاعدادية ، فحيث لا يصح تعلق إرادة الفاعل به فلا يصح تعلق إرادة الامر بايجاده ، لما عرفت من الملازمة ، فمتعلق التكليف انما يكون هو الفعل الاختياري لا غير ، ولو شك في اعتبار جزء أو شرط فيه تجرى فيه البراءة ، إذ ليس وراء الفعل شيء تعلق التكليف به ، والمفروض ان الفعل المتعلق به التكليف مردد بن الأقل والأكثر ، فالبرائة العقلية والشرعية أو خصوص 1 ـ ذكر الشيخ قدس سره في المسألة الأولى من صور دوران الامر في الواجب بين الأقل والأكثر بعد الفراغ عن تقريب حكم العقل : « نعم قد يأمر المولى بمركب يعلم أن المقصود منه تحصيل عنوان يشك في حصوله إذا اتى بذلك المركب بدون ذلك الجزء المشكوك كما إذا امر بمعجون وعلم أن المقصود منه اسهال الصفراء بحيث كان هو المأمور به في الحقيقة ، أو علم أنه الغرض من المأمور به ، فان تحصيل العلم باتيان المأمور به لازم كما سيجيء في المسألة الرابعة » . واختار هناك بان الشك فيه كان من قبيل الشك في المحصل الذي يجب فيه الاحتياط. ( فرائد الأصول ص 265 ـ 254 ) (71)
الشرعية تجرى بلا مانع.
فتحصل من جميع ما ذكرنا : ضابط جريان البراءة في الأقل والأكثر و عدم جريانها ، وانه لو كان الأثر المترتب على الفعل الاختياري من المسببات التوليدية فلا تجرى فيه البراءة لرجوع الشك فيه إلى الشك في المحصل ، وان كان الأثر من الدواعي فالبرائة تجرى فيه لان نفس متعلق التكليف مردد بين الأقل و الأكثر. ثم انه ان علم أن الأثر من أي القبيلين فهو ، وان لم يعلم ، فان كان هناك مايز عرفي فهو المتبع ، كما في الطهارة الخبيثة ، حيث إن العرف يفهم من الامر بالغسل ان الامر به انما هو لافراغ المحل عن القذارة والخباثة ، لا بما انه غسل واجراء الماء على المحل ، ففي مثل هذا يكون الغسل معنونا بالطهارة ، وتكون الطهارة بنظر العرف من المسببات التوليدية للغسل ، فلو شك في حصول الطهارة بالغسل الكذائي كمرة في البول ، كان مقتضى الأصل عدم حصول الطهارة ، من غير فرق بين تعلق الامر بالطهارة وبين تعلقه بالغسل ، لان المرتكز العرفي في الامر بالغسل انما هو الغسل المستتبع للطهارة المعنون بذلك ، كالأمر بالالقاء من حيث تعنونه بالاحراق ، و على هذا يترتب فروع كثيرة في باب الطهارة الخبثية. وان لم يكن هناك مايز عرفي ، فلا طريق لنا إلى معرفة كون الأثر من المسببات أو من الدواعي ، الا من ظاهر الامر ، فان تعلق الامر بالأثر ، فمن نفس تعلقه يستكشف انه من المسببات التوليدية ، لاستحالة تعلق الامر بما لايكون فعلا اختياريا ولا مسببا توليديا ، ويلزمه عدم جريان البراءة كما عرفت. وان لم يتعلق التكليف به ، بل تعلق بنفس الفعل الاختياري فيستكشف من ذلك كشفا آنيا ان متعلق التكليف هو نفس الفعل ، وذلك الأثر لايكون من المسببات التوليدية ، إذ لو كان كذلك لوجب على الحكيم التنبيه عليه بعد ما لم يكن مرتكزا عرفيا ، بداهة انه لو كان متعلق التكليف هو الأثر الحاصل من الفعل الاختياري لا نفسه لكان قد أخل بغرضه حيث لم يبينه. ومن هنا قيل : ان القول بعدم اعتبار قصد الوجه في العبادات من حيث خلو الاخبار عن التكليف به ، مع أنه ليس مما يفهمه العرف. (72)
وبالجملة : من نفس تعلق التكليف بالفعل الاختياري يستكشف انه هو المأمور به ، لا الأثر الحاصل منه ، والا لوجب التنبيه عليه ، والا لم يكن الآمر متكلما على طبق غرضه ويكون قد أخل ببيان غرضه ، فتأمل جيدا.
إذا عرفت ذلك كله ، فنقول : ان باب الملاكات وعلل التشريع لا تكون من المسببات التوليدية لافعال العباد ، بل ليست العبادات بالنسبة إلى الملاكات الا كنسبة المقدمات الاعدادية ، و الذي يدل على ذلك عدم وقوع التكليف بها في شيء من الموارد ، من أول كتاب الطهارة إلى اخر كتاب الديات. فالملاكات انما تكون من باب الدواعي ، لا المسببات التوليدية ، وليست الصلاة بنفسها علة تامة لمعراج المؤمن والنهى عن الفحشاء ، ولا الصوم بنفسه علة تامة لكونه جنة من النار ، ولا الزكاة بنفسها علة تامة لنمو المال ، بل تحتاج هذه المقدمات إلى مقدمات اخر ، من تصفية الملائكة و غيرها حتى تتحقق تلك الآثار ، كما يدل على ذلك بعض الاخبار. فإذا لم تكن الملاكات من المسببات التوليدية ، فلا يصح تعلق التكليف بها ، لا بنفسها ، و لا باخذها قيدا لمتعلق التكليف ، فكما لا يصح التكليف بايجاد معراج المؤمن مثلا. لا يصح التكليف بالصلاة المقيدة بكونها معراج المؤمن ، إذ يعتبر في التكليف ان يكون بتمام قيوده مقدورا عليه ، فإذا لم يصح التكليف بوجه من الوجوه بالملاكات لم يصح ان تكون هي الجامع بين الافراد الصحيحة للصلاة ، ولا اخذها معرفا وكاشفا عن الجامع ، بداهة انه يعتبر في المعرف ان يكون ملازما للمعرف بوجه ، وبعد ما لم تكن الملاكات من المسببات التوليدية لا يصح اخذ الجامع من ناحية الملاكات. والحاصل : انه قد عرفت ان هناك ملازمة بين الجامع المسمى وبين كونه متعلق التكليف ، فإذا لم يمكن تعلق التكليف بالملاكات بوجه من الوجوه لا يصح استكشاف الجامع من ناحية الملاكات بوجه من الوجوه ، لا على أن تكون هي المسمى ، ولا قيدا في المسمى ، ولا كاشفا عن المسمى ، بداهة انه بعد ما كانت الملاكات من باب الدواعي وكان تخلف الدواعي عن الأفعال الاختيارية بمكان (73)
من الامكان ، فكيف يصح اخذها معرفا أو قيدا للمسمى ، فتأمل (1) جيدا.
ثم على فرض تسليم كون الملاكات من المسببات التوليدية واخذ الجامع من ناحيتها بأي وجه كان ، فلا محيص عن القول بالاشتغال وسد باب اجراء البراءة في العبادات بالمرة ، لما عرفت : من أن الأثر المقصود لو كان مسببا توليديا للفعل الاختياري ، كان تعلق التكليف بالسبب أو بالمسبب موجبا لرجوع الشك في اعتبار شيء إلى الشك في المحصل ، ولا مجال فيه لاجراء البراءة. وما يقال : من أن المسبب التوليدي إذا كان مغايرا في الوجود للسبب كان الامر كما ذكر من القول بالاشتغال ، وأما إذا كان متحدا معه في الوجود فنفس متعلق التكليف يكون مرددا بين الأقل والأكثر ولا مانع من الرجوع إلى البراءة حينئذ ، فليس بشيء ، إذ لا نعقل ان يكون هناك مسبب توليدي يكون متحدا في الوجود مع السبب على وجه يرجع الشك في حصوله إلى الشك في نفس متعلق التكليف فتأمل. فتحصل : ان تصوير الجامع بناء على الصحيح في غاية الاشكال ، بل مما لا يمكن. نعم يمكن ان يقال في خصوص الصلاة ، ان المسمى هو الهيئة الاتصالية القائمة بالاجزاء المستكشفة من أدلة القواطع ، وهذه الهيئة المعبر عنها بالجزء الصوري محفوظة في جميع افراد الصلاة ، لعموم أدلة القواطع بالنسبة إلى جميع افراد الصلاة على حسب اختلاف حالات المكلفين ، وهذه الهيئة امر واحد مستمر يوجد بأول الصلاة وينتهي باخرها ، وبهذا الاعتبار يجرى فيه الاستصحاب عند الشك في عروض القاطع ، هذا. 1 ـ وكذا لا يمكن جعل الملاكات من قبيل الصور النوعية والاجزاء من قبيل المواد على وجه لا يضر تبادلها ببقاء الصورة ، فتكون الصلاة موضوعة بإزاء تلك الصورة القائمة بتلك المواد المتبادلة ، حسب اختلاف حالات المكلفين. ونقل ان شيخنا الأستاذ مد ظله كان يميل إلى هذا الوجه في الدورة السابقة ، ولكن أشكل عليه في هذه الدورة بعين ما أشكل على الوجه الأول : من أن تلك الصورة لا يمكن ان تكون متعلق التكليف ، مع أنه يلزم القول بالاشتغال ، فتأمل ـ منه. (74)
ولكن الانصاف : ان ذلك أيضا لا يخلو عن اشكال ، لمنع ان يكون هناك امر وجودي قائم باجزاء الصلاة ، وأدلة القواطع لا يستفاد منها أزيد من اعتبار عدم تخلل القواطع. من الالتفات والوثبة وغير ذلك في أثناء الصلاة ، مع أنه لو سلم ان هناك امر وجودي قائم بالاجزاء ، فكونه هو المسمى ومتعلق التكليف محل منع. هذا كله بناء على الصحيح.
واما بناء على الأعم ، فتصوير الجامع فيه أشكل ، والوجوه التي ذكروها في تصويره لا تخلو عن مناقشة. فمنها : ما نسب إلى المحقق القمي (1) من أن المسمى هو خصوص الأركان ، واما الزايد عليها فهي أمور خارجة عن المسمى اعتبرها الشارع في المأمور به. وفيه ما لا يخفى. اما أولا : فلوضوح ان التسمية لا تدور مدار الأركان ، إذ يصح السلب عن الفاقد لما عدا الأركان ، كما لا يصح السلب عن الواجد لما عدا بعض الأركان. و كان منشأ توهم كون المسمى هو الأركان ، هو ما يستفاد من صحيحة (2) لا تعاد ، من صحة الصلاة الفاقدة لما عد الأركان إذا كان ذلك عن نسيان هذا. 1 ـ ومن استظهر ذلك من كلام صاحب القوانين الشيخ قدس سره في التقريرات. قال : « أحدها : ما يظهر من المحقق القمي من كون ألفاظ العبادات اسما للقدر المشترك بين اجزاء معلومة كالأركان الأربعة في الصلاة وبين ما هو أزيد من ذلك وان لم يقع شيء من تلك الأركان أو ما هو زايد عليها صحيحة في الخارج ، فجميع هذه الافراد ، أعني لصحيحة المشتملة على الأركان والزائدة عليها ، والفاسدة المقتصرة عليها والزائدة عليها من حقيقة الصلاة ويطلق على جميعها لفظ الصلاة على وجه الاشتراك المعنوي ، ولعل نظره بعد ما ذهب إليه من القول بالأعم إلى الحكم باجزاء الصلاة المشتملة على الأركان وان لم يشتمل على جزء غيرها إذا وقعت نسيانا ، فجعل الأركان مدار صدق التسمية ، ولازمه انتفاء الصدق بانتفاء أحد الأركان وان اشتملت على بقية الاجزاء والصدق مع وجودها وان لم يشتمل على شيء من الاجزاء والشرائط » . مطارح الأنظار مبحث الصحيح والأعم. الهداية الثانية ( تصوير الجامع على مذهب الأعمى ) ص 5. راجع القوانين ، قانون ، كل ما ورد في كلام الشارع فلابد ان يحمل على ما علم ارادته. بحث الصحيح والأعم. ص 17 ـ 18 2 ـ الوسائل. الجزء 4 ـ كتاب الصلاة. الباب 7 من أبواب التشهد. لحديث 1 ص 995 (75)
ولكن لا يخفى ما فيه ، فإنه مضافا إلى أن ذلك مقصور بصورة النسيان ، دون سائر الاعذار ، لوضوح ان العاجز عن الأركان تصح منه الصلاة الفاقدة للأركان ، ان اجتزاء الشارع بخصوص الأركان في صورة النسيان لا يدل على أن المسمى هو خصوص الأركان.
واما ثانيا : فلان نفس الأركان تختلف بحسب اختلاف حال المكلف ، بداهة ان الواجب في الركوع أولا هو الانحناء إلى أن يبلغ كفاه ركبتيه ، فان عجز عن ذلك يجب عليه الانحناء بمقدار ما تمكن إلى أن يبلغ الايماء ، وكذا الحال في سائر الأركان ، فالقول بان المسمى هو خصوص الأركان ، اما ان يراد به خصوص الأركان التامة في حال الاختيار ، واما ان يراد به الأركان بجميع مراتبها ، فان كان المراد هو الأول يلزمه عدم صدق الصلاة على من لم يتمكن من الأركان التامة ، والالتزام بذلك كما ترى. وان كان المراد هو الثاني يلزمه القول بالوضع للجامع بين مراتب الأركان ، فيقع الكلام في ذلك الجامع وانه ما هو ؟ فيعود المحذور ، كما لا يخفى ذلك على التأمل. واما ثالثا : فلان الاجزاء الاخر غير الأركان ، اما ان يقال : بخروجها عن المسمى عند وجودها ، واما ان يقال : بدخولها ، فان قيل بخروجها يلزم ان يكون اطلاق الصلاة على التامة الاجزاء مجازا من باب اطلاق اللفظ الموضوع للجزء على الكل ، وهو كما ترى. وان قيل بالثاني يلزم ان تكون الاجزاء عند وجودها داخلة في المسمى ، وعند عدمها خارجة عن المسمى فيعود المحذور والاشكال ، إذ مبنى الاشكال ، هو انه كيف يعقل ان يكون الشيء الواحد داخلا وخارجا في الماهية ؟ مع امتناع اختلاف معنى واحد بالزيادة والنقصان. وتوهم انه يمكن ان تكون الصلاة من الماهيات القابلة للتشكيك بناء على امكان التشكيك في الذاتيات فتكون الصلاة حينئذ من الماهيات القابلة للشدة والضعف ، بزيادة بعض الاجزاء ونقصانها مع انحفاظ الماهية في جميع المراتب ، وليس شيء من تلك المراتب خارجا عن الهوية والذات ، كالسواد الضعيف والشديد ، حيث يكون كل من الشدة والضعف من مراتب نفس السواد وليسا |
|||
|